غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

قال إنّ عليا عليه‌السلام أوّل من آمن بالله عزوجل ورسوله من هذه الامّة هو وخديجة أمّك ، وأوّل من وازرني على ما جئت به ، يا فاطمة إنّ عليا أخي وصفيي وأبو ولدي ، إنّ عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده ، فأحسني عزاك واعلمي أنّ أباك لاحق باللهعزوجل.

قالت : يا أبت قد سررتني وأحزنتني ، قال : كذلك يا بنيّة أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها ، وصفوها كدرها ، أفلا أزيدك يا بنية؟

قالت : بلى يا رسول الله.

قال إنّ الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين ، فجعلني وعليا في خيرها قسما ، وذلك قولهعزوجل (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (١) ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة وذلك قوله عزوجل (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٢) ، ثم جعل القبائل بيوتا ، وجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣) ثم إنّ الله تعالى اختارني من أهل بيتي واختار عليا والحسن والحسين واختارك ، فأنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب وأنت سيدة النساء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ومن ذريتكما المهدي يملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا. (٤)

الثاني : ابن بابويه بإسناده عن ابن عباس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عزوجل قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما ، وذلك قوله تعالى في ذكر أصحاب اليمين وأصحاب الشمال وأنا من أصحاب اليمين ، وأنا خير أصحاب اليمين ثم قسم القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا لقوله عزوجل (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (٥) وأنا من السابقين ، وأنا خير السابقين ، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني من خيرها قبيلة وذلك قوله عزوجل (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٦) فأنا أتقى ولد آدم واكرمهم على الله جل ثناؤه ولا فخر ، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا ، وذلك قوله عزوجل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٧) (٨).

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال : حدّثني محمد بن

__________________

(١) الواقعة : ٢٧.

(٢) الحجرات : ١٣.

(٣) الاحزاب : ٣٣.

(٤) أمالي الطوسي ٦٠٦ / مجلس ٢٨ / ح ٢.

(٥) الواقعة : ٨ ، ٩ ، ١٠.

(٦) الحجرات : ١٣.

(٧) الاحزاب : ٣٣.

(٨) أمالي الصدوق ٧٣٠ / ح ٩٩٩.

١٦١

يحيى الصولي قال : حدّثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال : سمعت أبي يقول : قال رجل للرضا عليه‌السلام : والله ما على وجه الأرض رجل أشرف منك آباء ، فقال : التقوى شرفهم وطاعة الله أحاطتهم ، فقال له آخر : أنت والله خير الناس ، قال : لا تحلف يا هذا ، خير مني من كان أتقى لله وأطوع له ، والله ما نسخت هذه الآية آية (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (١) (٢).

الرابع : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن سعيد بن علوان الكلبي عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن حذيفة ابن اليمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسل إلى بلال فأمر بأن ينادي بالصلاة قبل وقت كل يوم في رجب ، ثم ذكر حديثا في هذه الآية تقدم عن قريب في الباب الثامن والتسعين ، يؤخذ من هناك. (٣)

__________________

(١) الحجرات : ١٣.

(٢) عيون الاخبار ٢ / ٢٣٦.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٣٤٦.

١٦٢

الباب الحادي والمائة

في قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الأول : صاحب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة روى عن القاضي الأمين أبي عبد الله محمد ابن علي بن محمد عن علي بن محمد الجلابي المغازلي قال : حدّثني أبي رحمه‌الله قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الدباس ، عن علي بن محمد بن مخلد عن جعفر بن حفص ، عن سواد بن محمد ، عن عبد الله بن نجيح عن محمد بن مسلم البطائحي ، عن محمد بن يحيى الأنصاري ، عن عمه حارثة عن زيد بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : دخلت يوما على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : يا رسول الله أرني الحقّ حتى أتبعه ، فقال عليه‌السلام : يا بن مسعود لج المخدع فانظر ما ذا ترى؟ قال : فولجت فرأيت أمير المؤمنين عليه‌السلام راكعا وساجدا وهو يقول عقيب صلواته : اللهم بحرمة محمد عبدك ورسولك اغفر للخاطئين من شيعتي.

قال ابن مسعود : فخرجت لأخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فوجدته راكعا وساجدا وهو يقول: اللهم بحرمة عبدك علي اغفر للعاصين من أمتي.

قال ابن مسعود : فأخذني الهلع حتى أغشي عليّ فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رأسي وقال : يا ابن مسعود أكفر بعد إيمان؟ فقلت : معاذ الله ولكني رأيت عليا يسأل الله تعالى بك ، وأنت تسأل الله تعالى به فقال : يا ابن مسعود إنّ الله تعالى خلقني وعليا والحسن والحسين من نور عظمته قبل الخلق بألفي عام حين لا تسبيح ولا تقديس ، وفتق نوري فخلق منه السماوات والأرض ، وأنا أفضل من السماوات والأرض ، وفتق نور علي فخلق منه العرش والكرسي ، وعلي أجلّ من العرش والكرسي ، وفتق نور الحسن فخلق منه اللوح والقلم ، والحسن أجلّ من اللوح والقلم ، وفتق نور الحسين فخلق منه الجنات والحور العين ، والحسين أفضل منهما ، فأظلمت المشارق والمغارب فشكت الملائكة إلى الله عزوجل الظلمة وقالت : بحق هؤلاء الأشباح التي خلقت إلّا ما فرّجت عنّا هذه الظلمة ، فخلق الله عزوجل روحا وقرنها بأخرى فخلق منها نورا ، ثم أضاف النور إلى الروح ، وأقامها مقام العرش فزهرت المشارق والمغارب فهي فاطمة الزهراء ، فمن ذلك سميت الزهراء فأضاء منها المشرق والمغرب.

١٦٣

يا ابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عزوجل لي ولعلي : أدخلا الجنة من شئتما وأدخلا النار من شئتما وذلك قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (١) فالكفّار من جحد نبوّتي والعنيد من عاند عليا وأهل بيته وشيعته (٢).

الثاني : أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الشاذاني من طريق العامة في المناقب المائة لعلي ابن أبي طالب والأئمة وولده قال : الثالث والعشرون عن الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسئل عن قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) يا علي إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش ، فيقول الله تعالى : يا محمد ويا علي ، قوما وألقيا من أبغضكما وخالفكما وكذّبكما في النار. (٣)

الثالث : صاحب الأربعين عن الأربعين وهو الحديث الرابع عشر قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن الخطيب الدينوري بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الزيان بسامراء في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن مسرور الهاشمي الحلبي ، حدّثنا علي بن عبد العادل القطّان بنصيبين ، حدّثنا محمد بن تميم الواسطي ، حدّثنا الحماني عن شريك قال : كنت عند سليمان الأعمش في مرضته التي قبض فيها إذ دخل علينا ابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة ، فأقبل أبو حنيفة على سليمان الأعمش فقال: يا سليمان اتق الله وحده لا شريك له ، واعلم أنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدّنيا ، وقد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث لو سكتّ عنها لكان أفضل.

فقال سليمان الأعمش : لمثلي يقال هذا؟ أقعدوني ، أسندوني ، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال : يا أبا حنيفة حدّثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «إذا كان يوم القيامة يقول الله عزوجل لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما ، والنار من أبغضكما ، وهو قول الله عزوجل (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ). (٤)

قال أبو حنيفة : قوموا بنا لا يأتي بشيء هو أعظم من هذا ، قال الفضل : سألت الحسن بن علي عليه‌السلام فقلت : من الكفّار؟ فقال : الكافر بجدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : ومن العنيد؟ قال : الجاحد حق علي ابن أبي طالب. (٥)

__________________

(١) سورة ق : ٢٢.

(٢) بحار الأنوار ٣٦ / ٤٣ ح ٨١.

(٣) مائة منقبة ٤٧ / المنقبة ٢٣.

(٤) سورة ق : ٢٤.

(٥) بحار الأنوار ٤٣ / ٣٥٨ ح ٦٦.

١٦٤

الباب الثاني والمائة

في قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ).

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

الأول : علي بن إبراهيم قال : حدّثنا أبو القاسم الحسني قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن حسان قال : حدّثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام في قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا جمع الناس في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش ، ثم يقول تبارك وتعالى لي ولك : قوما وألقيا في جهنم من أبغضكما وكذّبكما في النار. (١)

الثاني : الشيخ الطوسي في أماليه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قول الله عزوجل (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) قال : نزلت فيّ وفي علي بن أبي طالب ، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفّعني ربي وشفّعك يا علي ، وكساني وكساك يا علي ، ثم قال لي ولك : يا عليّ ألقيا في جهنم كلّ من أبغضكما ، وأدخلا الجنة كلّ من أحبكما فإنّ ذلك هو المؤمن (٢).

الثالث : الشيخ في أماليه قال أبو محمد الفحام : وفي هذا المعنى حدّثني أبو الطيب محمد بن الفرحان الدوري قال : حدّثنا محمد بن علي بن فرات الدهان قال : حدّثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن الأعمش عن ابن المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما ، وأدخلا النار من أبغضكما وذلك قوله (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (٣) (٤).

الرابع : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا إبراهيم بن حفص عن عمر العسكري بالمصيصة قال : حدّثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب قال : حدّثني الحسن بن سعيد النخعي ابن عم شريك قال : حدّثني شريك بن عبد الله القاضي قال : حضرت الأعمش في علته التي قبض فيها ، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ٣٢٤.

(٢) أمالي الطوسي ٣٦٨ / مجلس ١٣ / ح ٣٣.

(٣) سورة ق : ٢٤.

(٤) أمالي الطوسي ٢٩٠ / مجلس ١١ / ح ١٠.

١٦٥

وأبو حنيفة فسألوه عن حاله فذكر ضعفا شديدا ، وذكر ما يتخوّف من خطيئاته ، وأدركته رنّة فبكى فأقبل عليه أبو حنيفة فقال : يا أبا محمد اتق الله وانظر نفسك فإنّك في آخر يوم من أيام الدّنيا وأول يوم من أيام الآخرة ، وقد كنت تحدّث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو رجعت عنها لكان خيرا لك ، قال الأعمش : مثل ما ذا يا نعمان؟ قال : مثل حديث عباية : أنا قسيم النار ، قال : أو لمثلي تقول يا يهودي؟ أقعدوني وسنّدوني ، حدّثني ـ والذي إليه مصيري ـ موسى بن طريف ، ولم أر أسديا كان خيرا منه. قال : سمعت عباية بن ربعي امام الحي فقال : سمعت عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : أنا قسيم النار أقول وقولي : هذا وليّ دعيه ، وهذا عدوي خذيه ، وحدّثني أبو المتوكل الناجي في إمرة الحجاج وكان يشتم عليا شتما مقذعا يعني الحجاج لعنه الله ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة أمر الله عزوجل ، فأقعد أنا وعلي على الصراط ويقال لنا : أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفر بي وأبغضكما.

قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يتولّ أو قال : لم يحبّ عليا وتلا (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) قال : فجعل أبو حنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا لا يجيبنا أبو محمد بأطمّ من هذا.

قال الحسن بن سعيد قال : لي شريك بن عبد الله : فما أمسى ـ يعني الأعمش ـ حتى فارق الدّنيا. (١)

الخامس : علي بن بابويه القمي أبو عبيد الله في الأحاديث الأربعين عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طالب هموسة الفرزادي المقري قال : حدّثنا أبو الحسين يحيى بن الحسين بن إسماعيل الحسيني الحافظ إملاء ، أنا أبو نصر أحمد بن مروان بن عبد الوهاب المقري المعروف بالخباز بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقري العدل قراءة عليه وأنا أسمع ، حدّثنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن مالك الشيباني ، حدّثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي [حدّثنا يحيى ابن عبد الحميد الحماني ، نا شريك بن عبد الله النخعي] (٢) قال : كنّا عند الأعمش في المرض الذي مات فيه فدخل عليه أبو حنيفة وابن أبي ليلى ، فالتفت أبو حنيفة وكان أكبرهم وقال له : يا محمد اتق الله فإنك في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدّنيا ، وقد كنت تحدّث في علي بن أبي طالب بأحاديث لو سكتّ عنها لكان خيرا لك.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٦٢٨ / مجلس ٣٠ / ح ٧.

(٢) زيادة من المصدر.

١٦٦

قال : فقال الأعمش : لمثلي يقال هذا؟ أسندوني ، حدّثني أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة قال الله عزوجل لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا النار من أبغضكما ، وأدخلا الجنة من أحبكما ، وذلك قوله تعالى (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (١) قال : فقام أبو حنيفة وقال : قوموا لا يأتي بأطمّ من هذا.

قال : فو الله ما جزنا بابه حتى مات الأعمش رحمه‌الله (٢).

السادس : شرف الدين النجفي قال : ذكر الشيخ في أماليه بإسناده عن رجاله عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله عزوجل ألقيا (فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) قال : نزلت فيّ وفي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفّعني ربي وشفّعك يا علي ، وكساني وكساك يا علي ، ثم قال لي ولك يا علي : ألقيا في جهنم كلّ من أبغضكما ، وأدخلا الجنة من أحبكما فإنّ ذلك هو المؤمن. (٣)

السابع : شرف الدين النجفي قال روى بحذف الإسناد عن محمد بن حمران قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) فقال : إذا كان يوم القيامة وقف محمد وعلي صلوات الله عليهما وآلهما على الصراط ، فلا يجوز عليه إلّا من كان معه براءة ، قلت: وما براءة؟

قال : ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم‌السلام ، وينادي مناد : يا محمد ويا علي ألقيا في جهنم كلّ كفار عنيد لعلي بن أبي طالب والأئمة من ولده. (٤)

__________________

(١) سورة ق : ٢٤.

(٢) الأربعون حديثا : ٥٢ ح ٢٣ ط. قم ، وشواهد التنزيل : ٢ / ٢٦١ ح ٨٩٥ بسند مغاير ،.

(٣) تأويل الآيات ٢ / ٦٠٩ ح ٤.

(٤) تأويل الآيات ٢ / ٦١٠ ح ٥.

١٦٧

الباب الثالث والمائة

في قوله تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ

وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). (١)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله [ابن أيوب] المخرمي إملاء من كتابه.

قال : حدّثنا صالح بن مالك قال : حدّثنا عبد الغفور قال : حدّثنا أبو هاشم الرماني عن زاذان قال : رأيت عليا عليه‌السلام يمسك الشسوع بيده ثم يمرّ في الأسواق ، فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الحمولة ويقرأ هذه الآية (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٢) ثم يقول : هذه الآية نزلت في الولاة وذوي القدرة من الناس. (٣)

الباب الرابع والمائة

في قوله تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ

وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عن هشام بن سالم عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال : لا تقولوا هذا رمضان ولا جاء رمضان وذهب رمضان ، فإن رمضان اسم من اسماء الله ، لا يجيء ولا يذهب ، وإنما يجيء ويذهب الزائل ، ولكن قولوا : شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم والاسم اسم الله ، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن ، جعله مثلا في هذا

__________________

(١) القصص : ٨٣.

(٢) القصص : ٨٣.

(٣) فضائل الصحابة لأحمد : ٢ / ٦٢٢ ح ١٠٦٤ ، والعمدة : ٣٠٨ ح ٥١٢.

١٦٨

المكان في الأصل لا يفعل الخروج في شهر رمضان لزيارة الأئمة صلوات الله عليهم وعيدا ، ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله ، ونحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن ، والحصن هو الإمام فيكبّر عند رؤيته ، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع والأرضين السبع وما فيهنّ وما بينهنّ وما تحتهنّ ، قلت : يا أبا جعفر وما الميزان؟ فقال : إنك قد ازددت قوة ونظرا ، يا سعد ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصخرة ونحن الميزان ، وذلك قول اللهعزوجل في الإمام ليقوم الناس بالقسط قال : ومن كبر بين يدي الإمام وقال : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له كتب الله له رضوانه الأكبر ومن كتب له رضوانه الأكبر يجب أن يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد عليهما‌السلام والمرسلين في دار الجلال ، قلت : وما دار الجلال؟ قال : نحن الدار وذلك قول اللهعزوجل (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) نحن العاقبة يا سعد ، وأما مودتنا للمتقين فقول الله عزوجل (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (١) فنحن جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا (٢).

__________________

(١) الرحمن : ٧٨.

(٢) بصائر الدرجات ٣١٢ / ١٢.

١٦٩

الباب الخامس والمائة

في قوله تعالى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (١)

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث

الأول : الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) قال : روى معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى شجرة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه ، تنبت بالحلي والحلل ، وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنة. (٢)

الثاني : الثعلبي قال : قال غندر بن عمير : هي شجرة في جنة عدن أصلها في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي كلّ دار وغرفة غصن منها ، لم يخلق الله لونا ولا زهرة إلّا وفيها منها إلّا السواد ، ولم يخلق الله فاكهة ولا ثمرة إلّا وفيها منها ، ينبع من أصلها عينان : الكافور والسلسبيل ، وبه قال مقاتل ، كل ورقة [منها] تظل أمة ، عليها ملك يسبّح بأنواع التسبيح. (٣)

الثالث : الثعلبي قال : أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد ، حدّثنا محمد بن عثمان ابن الحسن ، حدّثنا محمد بن الحسين بن صالح قال : حدّثنا علي بن محمد الدهان والحسين بن إبراهيم الجصاص قالا : حدّثنا الحسين بن الحكم ، حدّثنا حسن بن حسين عن حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : طوبى لهم ، قال : شجرة أصلها في دار علي عليه‌السلام في الجنة ، وفي كل دار مؤمن منها غصن يقال له طوبى ، وحسن مآب حسن المرجع. (٤)

الرابع : الثعلبي عن أبي صالح ، أخبرنا عبد الله بن سواد ، حدّثنا جندل بن والق النعماني ، حدّثنا إسماعيل بن أمية القرشي عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن أبي جعفر قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قوله (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٥) فقال : شجرة في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة ، فقيل له : يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة أصلها في دار علي وفرعها على أهل الجنة فقال : إنّ داري ودار علي واحدة غدا في مكان واحد. (٦)

الخامس : محمد بن سيرين في قوله تعالى (طُوبى لَهُمْ) قال : هي شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي ، وليس في الجنة حجرة إلّا وفيها غصن من أغصانها. (٧)

__________________

(١) الرعد : ٢٩.

(٢) الدر المنثور ٤ / ٥٩.

(٣) العمدة : ٣٥١ ح ٦٧٤ عن الثعلبي.

(٤) بحار الأنوار ٨ / ٨٨ عن الثعلبي ، والطرائف : ١٠ ح ١٤٣.

(٥) الرعد : ٢٩.

(٦) بحار الأنوار ٨ / ٨٨ عن الثعلبي.

(٧) الدر المنثور ٤ / ٥٩.

١٧٠

الباب السادس والمائة

في قوله تعالى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

الأول : علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله في عليه‌السلام حديث الإسراء بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : فيما رأى ليلة الإسراء قال : فإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها تسعمائة سنة ، وليس في الجنة منزل إلّا وفيه غصن منها ، فقلت : ما هذه يا جبرائيل؟ فقال : هذه شجرة طوبى ، قال الله تعالى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ). (١)

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه محمد بن مسعود العياشي عن جعفر بن أحمد عن العمركي البوفكي عن الحسن بن علي بن فضال عن مروان بن سالم عن أبي بصير قال : قال الصادق عليه‌السلام : طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا ، ولم يزغ قلبه بعد الهداية ، فقلت له : جعلت فداك وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها وذلك قول الله عزوجل (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٢) (٣).

الثالث : محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ لأهل الدين علامات يعرفون بها : صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء العهد وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المراقبة للنساء ، أو قال قلة المواتاة للنساء ، وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الخلق واتباع العلم وما يقرب إلى الله عزوجل زلفى.

(طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن منها ، لا يخطر على قلبه شهوة إلّا أتاه به ذلك ، فلو أن راكبا مجدّا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه ، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما ، ألا ففي هذا فارغبوا ، إنّ المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة ، إذا جنّ عليه الليل افترش وجهه

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ١١.

(٢) الرعد : ٢٩.

(٣) معاني الأخبار ١١٢ / ١.

١٧١

وسجد لله عزوجل بمكارم بدنه ، يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ، ألا فهكذا كونوا. (١)

الرابع : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أبي عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن أبيه عن عبد الله بن القاسم عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن آبائه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، مثل الحديث السابق إلّا أنّ فيه : وقلة مواتاة النساء ، وساق الحديث بتغيير يسير في بعض الألفاظ مما يحضرني من نسخة الكتاب ، وهو في المجلس التاسع والثلاثين. (٢)

الخامس : العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال طوبى هي شجرة في الجنة غرسها ربنا بيده. (٣)

السادس : العياشي بإسناده عن أبي قتيبة تميم بن ثابت عن ابن سيرين في قوله طوبى لهم وحسن مآب قال : طوبى شجرة في الجنة ، أصلها في حجرة علي ، وليس في الجنة حجرة إلّا فيها غصن من أغصانها. (٤)

السابع : العياشي بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ المؤمن إذا لقي أخاه وتصافحا لم تزل الذنوب تتحات عنهما ما داما متصافحين كحتات الورق عن الشجر ، فإذا افترقا قال ملكاهما : جزاكما الله خيرا عن أنفسكما ، فإذا التزم كلّ واحد منهما صاحبه نادى مناد: طوبى لكما وحسن مآب ، وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار أمير المؤمنين وفرعها في منازل أهل الجنة ، فإذا افترقا ناداهما ملكان كريمان : أبشرا يا وليي الله بكرامة الله والجنة من ورائكما. (٥)

الثامن : العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إنّ لأهل التقوى علامات يعرفون بها : صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وقلة العجز والبخل وصلة الأرحام ورحمة الضعفاء وقلة المواتاة للنساء وبذل المعروف وحسن الخلق وسعة الحلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى لهم ، وطوبى لهم وحسن مآب.

وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها ، لا ينوي في قلبه شيئا إلّا أتاه ذلك الغصن ، ولو أنّ راكبا مجدّا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها ، ولو أنّ غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما ، ألا ففي هذا فارغبوا ، إنّ

__________________

(١) الكافي ٢ / ٢٣٩ ح ٣٠.

(٢) أمالي الصدوق ٢٩٠ / مجلس ٣٩ / ح ٧.

(٣) تفسير العياشي ٢ / ٢١٢ ح ٤٧.

(٤) تفسير العياشي ٢ / ٢١٢ ح ٤٨.

(٥) تفسير العياشي ٢ / ٢١٣ ح ٤٩.

١٧٢

للمؤمن في نفسه شغلا ، والناس منه في راحة ، إذا جنّ عليه الليل فرش وجهه وسجد لله بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته ، ألا فهكذا فكونوا. (١)

التاسع : في كتاب صفة الجنة والنار بالاسناد عن عوف عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام عن النبي في قول الله تبارك وتعالى (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (٢) يعني وحسن مرجع ، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة ساقها في دار محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولو أنّ طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم ، على كلّ ورقة منها ملك يذكر الله ، وليس في الجنة دار إلّا وفيها غصن من أغصانها ، وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، يحمل لهم ما يشاءون من حليّها وحللها وثمارها ، لا يؤخذ منها شيء إلّا أعاده الله كما كان بأنهم كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا ، فقد أفلحوا وأنجحوا. (٣)

العاشر : ابن بابويه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر حروف تفسير أبجد إلى آخرها.

فقال : فأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب ، وهي شجرة غرسها الله عزوجل ونفخ فيها من روحه ، وإنّ أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت الحليّ والحلل متدلّية على أفواههم. (٤)

الحادي عشر : ابن الفارسي في روضة الواعظين قال : قال ابن عباس : طوبى لهم وحسن مآب ، طوبى شجرة في الجنة في دار علي ، ما في الجنة دار إلّا وفيها غصن من أغصانها ، ما خلق الله من شيء إلّا وهو تحت طوبى ، وتحتها مجمع أهل الجنة يذكرون نعمة الله عليهم ، لما تحت طوبى من كثبان المسك اكثر مما تحت شجر الدنيا من الرمل. (٥)

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ / ٢١٣ ح ٥٠.

(٢) الرعد : ٢٩.

(٣) الاختصاص / ٣٥٨.

(٤) التوحيد ٢٣٧ / ٢.

(٥) روضة الواعظين : ١٠٥.

١٧٣

الباب السابع والمائة

في قوله تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) (١)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الأول : ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة، أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبيد الله بن شوذب ، أخبرنا محمد بن عثمان قال : حدّثني محمد بن سليمان بن الحارث قال : حدّثنا محمد بن علي بن خلف العطار قال : حدّثنا حسين الأشقر قال: حدّثنا عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا ما تبت عليّ ، فتاب عليه. (٢)

الثاني : النطنزي في الخصائص أنه قال ابن عباس : لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس فقال : الحمد لله ، فقال له ربه : يرحمك ربك ، فلمّا أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال : يا رب خلقت خلقا هو أحبّ إليك مني ، قال : نعم ، ولو لا هم ما خلقتك قال : يا رب فأرنيهم ، فأوحى الله عزوجل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب ، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش قال : يا رب من هؤلاء؟ قال : يا آدم هذا محمد نبيّي ، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عمّ نبيّي ووصيه ، وهذه فاطمة بنت نبيي ، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي.

ثم قال : يا آدم هم ولدك ، ففرح بذلك ، فلمّا اقترف الخطيئة قال : يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لمّا غفرت لي ، فغفر الله له بهذا ، فهذا الذي قال الله تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) (٣) إن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه : اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ ، فتاب الله عليه. (٤)

الثالث : القاضي أبو عمر عثمان بن أحمد أحد شيوخ السنة يرفعه إلى ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا شملت آدم الخطيئة نظر إلى أشباح تضيء حول العرش فقال : يا رب إنّي أرى أشباحا تشبه

__________________

(١) البقرة : ٣٧.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ٥٩ / ح ٨٩.

(٣) البقرة : ٣٧.

(٤) اليقين عن الخصائص : ١٧٤.

١٧٤

خلقي فما هي؟ قال : هذه الأنوار أشباح اثنين من ولدك ، اسم أحدهما محمد أبدأ النبوة بك وأختمها به ، والآخر أخوه وابن أخي أبيه اسمه علي أؤيّد محمدا به وأنصره على يده ، والأنوار التي حولهما أنوار ذرية هذا النبي من أخيه هذا ، يزوّجه ابنته تكون له زوجة ، يتصل بها أول الخلق إيمانا به وتصديقا له ، أجعلها سيدة النسوان وأفطمها وذريتها من النيران ، تنقطع الأسباب والأنساب يوم القيامة إلّا سببه ونسبه ، فسجد آدم شكرا لله أن جعل ذلك في ذريته ، فعوّضه الله عن ذلك السجود أن أسجد له ملائكته. (١)

__________________

(١) لم نجده في المصادر.

١٧٥

الباب الثامن والمائة

في قوله تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ)

من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث

الأول : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم الشعيري عن كثير بن كلثمة عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (١) قال : لا إله إلّا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي ، فاغفر لي وأنت خير الغافرين ، لا إله إلّا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي ، فاغفر لي وأنت أرحم الراحمين ، لا إله إلّا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي ، فتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.

قال الكليني : وفي رواية أخرى في قوله عزوجل (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (٢) قال : سأله بحق محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة صلى الله عليهم (٣).

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثني محمد بن موسى بن المتوكل قال : حدّثني يحيى بن أحمد عن العباس بن معروف عن بكر بن محمد قال : حدّثني أبو سعيد المدائنيّ يرفعه في قول الله عزوجل (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (٤) قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. (٥)

الرابع : العياشي في تفسيره بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذريّته ، فمرّ به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو متّكئ على عليعليه‌السلام ، وفاطمة عليها‌السلام تتلوهما ، والحسن والحسين عليهما‌السلام يتلوان فاطمة ، فقال الله : يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد أهبطك من جواري.

فلمّا أسكنه الله الجنة مثل له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، فنظر إليهم بحسد ، ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها ، فلمّا تاب إلى الله من حسده وأقرّ بالولاية ودعا بحق الخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله

__________________

(١) البقرة : ٣٧.

(٢) البقرة : ٣٧.

(٣) الكافي ٨ / ٣٠٥ ح ٤٧٢.

(٤) البقرة : ٣٧.

(٥) معاني الاخبار ١٢٥ / ١.

١٧٦

عليهم غفر الله له ، وذلك قوله (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (١) الآية (٢).

الخامس : العياشي بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد العلوي عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال : الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال : يا رب أسألك بحق محمد لما تبت عليّ ، قال : وما علمك بمحمد؟ قال : رأيته في سرادقك الأعظم مكتوبا وأنا في الجنة. (٣)

السادس : الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه‌السلام في تفسيره : قال الله تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (٤) يقولها ، فقالها فتاب الله عليه بها إنه هو التوّاب الرحيم ، القابل للتوبات ، الرحيم بالتائبين ، (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) كان أمر في الأول أن يهبط ، وفي الثاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدم أحدكم الآخر ، والهبوط إنما كان هبوط آدم وحواء من الجنة ، وهبوط الحية أيضا منها ، فإنها كانت من أحسن دوابها ، وهبوط إبليس من حواليها ، فإنه كان محرما عليه دخول الجنة (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) يأتيكم واولادكم من بعدكم مني هدى يا آدم ويا إبليس (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٥) لا خوف عليهم حين يخاف المخالفون ، ولا يحزنون إذا يحزنون.

قال : فلمّا زلّت من آدم الخطيّة واعتذر إلى ربه عزوجل قال : يا رب تب عليّ واقبل معذرتي وأعدني إلى مرتبتي وارفع لديك درجتي ، لقد تبيّن نقص الخطيّة وذلّها بأعضائي وسائر بدني.

قال الله تعالى : يا آدم أما تذكر أمري إياك أن لا تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك في النوازل ينهضك.

قال آدم : يا رب بلى ، قال الله عزوجل : فهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصا فادعني أجبك إلى ملتمسك وازدك فوق مرادك ، فقال آدم : يا رب يا إلهي وقد بلغ عندك من محلّهم أنك بالتوسل بهم تقبل ، توبتي وتغفر خطيئتي وأنا الذي أسجدت له ملائكتك ، وأسكنته جنتك ، وزوجته حواء أمتك ، وأخدمته كرام ملائكتك ، قال الله تعالى : يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك بالسجود لك إذ كنت وعاء لهذه الأنوار ، ولو كنت سألتني بهم قبل خطيّتك أن أعصمك منها وأن أفطنك لدواعي عدوك إبليس حتى تحرز منه لكنت قد فعلت ذلك ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي ، فالآن فبهم فادعني لأجيبك ، فعند ذلك قال آدم : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين ، بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من

__________________

(١) البقرة : ٣٧.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٤١ ح ٢٧.

(٣) تفسير العياشي ١ / ٤١ ح ٢٨.

(٤) البقرة : ٣٧.

(٥) البقرة : ٣٨.

١٧٧

آلهم لمّا تفضلت عليّ بقبول توبتي وغفران خطيئتي وإعادتي من كرامتك إلى مرتبتي ، فقال اللهعزوجل: قد قبلت توبتك وأقبلت برضائي عليك ، وصرفت آلائي ونعمائي إليك ، وأعدتك إلى مرتبتك من كرامتي ، ووفّرت نصيبك من رحماتي ، فذلك قوله عزوجل (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١) ثم قال الله عزوجل للذين أهبطهم من آدم وحواء وإبليس والحية (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) مقام ، فيها تعيشون وتحثكم لياليها وأيامها إلى السعي إلى الآخرة ، فطوبى لمن تروضها لدار البقاء (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) لكم في الأرض منفعة إلى حين موتكم لأن الله تعالى يخرج زروعكم وثماركم ، وبها ينزهكم وينعمكم ، وفيها بالبلاء يمتحنكم ، يلذذكم بنعيم الدنيا تارة ليذكّركم نعيم الآخرة الخالص مما ينقص نعيم الدنيا ويبطله ويزهّد فيه ويصغره ويحقره ، ويمتحنكم تارة ببلايا الدنيا التي قد تكون في خلالها الرحمات وفي تضاعيفها النقمات المجحفة ، تدفع عن المبتلى بها مكارهها ليحذركم بذلك عذاب الأبد الذي لا يشوبه عافية ، ولا يقع في تضاعيفه راحة ولا رحمة. (٢)

السابع : الإمام أبو محمد العسكري عليه‌السلام : قال علي بن الحسين : حدّثني أبي عن أبيه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان الله تعالى قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره ، رأى النور ولم يتبين الأشباح فقال : يا رب ما هذه الأنوار؟ قال : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح ، فقال آدم : يا رب لو بيّنتها لي ، فقال الله عزوجل : انظر يا آدم إلى ذروة العرش ، فنظر آدم عليه‌السلام فوقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش ، فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال : ما هذه الأشباح يا رب؟ قال الله تعالى : يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي هذا محمد وأنا المحمود الحميد في أفعالي ، شققت له اسما من اسمي ، وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض ، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليائي عما يعرهم ويسيئهم فشققت لها اسما من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت اسميهما من اسمي.

هؤلاء خيار خلقي ، وكرام بريتي ، بهم آخذ وبهم أعطي ، وبهم أعاقب وبهم أثيب ، فتوسل إليّ بهم يا آدم ، وإذا دهتك داهية فاجعلهم لي شفعاءك فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أخيب بهم

__________________

(١) البقرة : ٣٧.

(٢) تفسير الإمام العسكري ٢٦٦ / ح ١٠٥ ـ ١٠٦.

١٧٨

آملا ، ولا أردّ بهم سائلا ، فذلك حين زلت منه الخطيئة ودعا الله عزوجل فتاب عليه وغفر له. (١)

الثامن : ابن بابويه بإسناده عن معمر بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليه‌السلام يقول : أتى يهودي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام بين يديه وجعل يحد النظر إليه فقال : يا يهودي ما حاجتك؟ فقال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه الله وأنزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر وظلله بالغمام؟ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكني أقول: إنّ آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي ، فغفرها الله له.

وإنّ نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لمّا أنجيتني من الغرق ، فنجاه الله منه.

وإنّ إبراهيم لما ألقي في النار قال : اللهم إنّي اسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما.

وإنّ موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهم إنّي أسألك بحق محمد وآل محمد لما أمنتي منها ، فقال الله جل جلاله (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى).

يا يهودي لو أدركني موسى ولم يؤمن بي وبنبوّتي ما نفعه إيمانه شيئا ولا نفعته النبوة.

يا يهودي ومن ذريتي المهدي إذا خرج نزل عيسى ابن مريم لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه. (٢)

التاسع : عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) (٣) : إنّ الكلمات التي تلقاها آدم من ربه : اللهم بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ، فتاب الله عليه. (٤)

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ح ١٠٢.

(٢) أمالي الصدوق ٢٨٧ / ح ٣٢٠.

(٣) البقرة : ٣٧.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢٤٣ ، والخصال : ٣٠٥ ح ٨٤.

١٧٩

الباب التاسع والمائة

في قوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)

من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث

الأول : أبو المؤيد موفق بن أحمد من اعيان العامة في كتاب الفضائل ، أنبأني أبو العلاء الحسين ابن أحمد [الحافظ الهمداني] (١) ، أخبرنا الحسن بن أحمد المقري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، حدّثنا محمد هو ابن عثمان بن أبي شيبة ، أخبرنا منجاب بن الحارث ، حدّثنا حسين بن أبي حسن أبي هاشم ، حدّثنا حيان بن علي عن محمد بن سائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٢) أنها نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي علي بن أبي طالب خاصة ، وهما أول من صلى وركع. (٣)

الثاني : ابن شهرآشوب من طريق العامة والخاصة عن أبي عبيدة المرزباني وأبي نعيم الأصفهاني في كتابيهما فيما نزل من القرآن في علي ، والنطنزي في الخصائص ، وروى أصحابنا عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٤) نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب ، وهما أول من صلى وركع. (٥)

الثالث : العنزي عن ابن عباس روى الحديث السابق بعينه. (٦)

الرابع : أبو نعيم الأصفهاني في كتابه الموسوم بنزول القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه قال : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٧) إنها نزلت في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام خاصة ، وهما أول من صلّى وركع. (٨)

__________________

(١) ما بين المعقوفين زيادة ليست في المصدر.

(٢) البقرة : ٤٣.

(٣) المناقب ٢٨٠ / ح ٢٧٤.

(٤) البقرة : ٤٣.

(٥) مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٩٦.

(٦) تفسير فرات الكوفي ٥٩ / ح ٢٠.

(٧) البقرة : ٤٣.

(٨) بحار الأنوار ٣٢ / ١٦٧ ح ١٥١.

١٨٠