غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال أحمد بن طاهر : قال : حدّثنا محمد بن يحيى (١) بن سهل الشيباني ، قال : أخبرنا علي بن الحارث عن سعيد بن منصور الجواشيني ، قال : أخبرنا أحمد ابن علي البديلي ، قال : أخبرني أبي عن سدير الصيرفي ، قال : دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق ، بلا جيب مقصّر الكمّين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحري ، قد نال الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه وهو يقول : سيدي غيبتك نفت رقادي ، وضيّقت عليّ مهادي ، وابتزت مني راحة فؤادي ، سيدي غيبتك وصلت مصابي بفجايع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد ، فما أحسّ بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلّا مثل ما بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها ، وبواقي أشدها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير : فاستطالت عقولنا ولها ، وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ، وظننا أنه سمت لمكروهة قارعة ، أو حلّت من الدهر به تابعة ، فقلنا : لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك ، من أي حادثة تشرق دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأية حالة عليك حتمك هذا المأتم؟

قال : فزفر الصادق عليه‌السلام زفرة انتفخ منها جوفه واشتدّ منها خوفه وقال : ويلكم ، نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصّ الله به محمدا والأئمة من بعده عليهم‌السلام ، وتأملت فيه مولد غائبنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام عن أعناقهم الذي قال الله جل ذكره (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) (٢) يعني الولاية ، فأخذتني الرقة واستولت عليّ الأحزان ، فقلنا : يا ابن رسول الله كرّمنا وفضّلنا بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال : إن الله تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة ، أدارها في ثلاثة من الرّسل : قدر مولده تقدير مولد موسى ، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه‌السلام ، وقدر ابطائه ابطاء نوح عليه‌السلام ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر عليه‌السلام دليلا على عمره ، فقلنا : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني؟ قال عليه‌السلام : أما مولد موسى عليه‌السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر بإحضار الكهنة ودلّوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر أصحابه بشق

__________________

(١) في المصدر : بحر.

(٢) الاسراء : ١٣.

١٢١

بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود ، وتعذر إليه الوصول إلى قتل موسى عليه‌السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه ، وكذلك بنو أمية وبنو العباس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم وملك الأمراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا ناصبونا العداوة ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم ويأبى اللهعزوجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلّا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.

وأما غيبة عيسى عليه‌السلام فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل ، فكذبهم الله جل ذكره بقوله عزوجل (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (١) كذلك غيبة القائم عليه‌السلام فإن الأمة ستنكرها لطولها ، فمن قائل لغير هدى بأنه لم يولد ، وقائل يقول : إنه ولد ومات ، وقائل يفر بقوله إن حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يمرق بقوله إنه يتعدى إلى ثالث عشر وصاعدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إن روح القائم ينطق في هيكل غيره.

وأما إبطاء نوح عليه‌السلام فإنه لما استنزل العقوبة على قومه من السماء بعث الله تبارك وتعالى جبرائيل الروح الأمين معه بسبع نوايات فقال : يا نبي الله إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى لأنّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص ، فبشّر بذلك من اتبعك من المؤمنين ، فلمّا نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدّعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف ، ثم إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهمطائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا ، فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك حين صرّح الحق عن محضه وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة ، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد واعتصموا بحبل نبوّتك ، فإني استخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل

__________________

(١) النساء : ١٥٧.

١٢٢

الأمن منيّ لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشيوخ الضلالة ، ولو أنهم تسنموا الملك الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لتنشّقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم وتأبّد حبالة ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالأمر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلا (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا).

قال الصادق عليه‌السلام : «وكذلك القائم فإنه يمتد أيام غيبته ليصرّح الحق عن محضه ، ويصفو الإيمان عن الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه‌السلام».

قال المفضّل : فقلت : يا ابن رسول الله فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليه‌السلام فقال : لا يهدي الله قلوب الناصبة ، متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الأمر في الأمة وذهاب الخوف من قلوبها وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء ، وفي عهد علي عليه‌السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم ، ثم تلا الصادق عليه‌السلام (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) (١).

وأما العبد الصالح الخضر عليه‌السلام فإن الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوة قدرها له ، ولا لكتاب ينزله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بل إنّ الله تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه‌السلام في أيام غيبته ما يقدر علم ما يكون من إنكار عباده مقدار ذلك العمر في الطول، فطوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلّا لعلة الاستدلال به على عمر القائم ، ولينقطع بذلك حجة المعاندين لئلّا يكون للناس على الله حجة (٢).

الثامن : السيد المعاصر في كتابه صنعه في الرجعة عن محمد بن الحسن بن عبد الله الاطروش الكوفي ، قال : حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد البجلي ، قال : حدّثني أحمد بن محمد بن خالد البرقى ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «إن الله تبارك وتعالى أحد واحد تفرد في وحدانيته ، ثم تكلم بكلمة وصارت نورا ، ثم خلق من ذلك النور محمدا ، وخلقني وذريّتي منه ،

__________________

(١) يوسف : ١١٠.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة ٣٥٢ / ح ٥٠.

١٢٣

ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فأسكنه الله في ذلك النور وأسكنه في أبداننا ، فنحن روحه وكلماته ، فبنا احتجّ على خلقه ، فما زلنا في ظلّة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطوف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه وذلك قبل أن يخلق الخلق ، وأخذ ميثاق الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا وذلك قول الله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) (١) يعني لتؤمنن بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولتنصرنّ وصيّه ، وسينصرونه جميعا ، وإن الله أخذ ميثاقي مع ميثاق محمد عليه‌السلام بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله وجاهدت بين يديه وقتلت عدوّه ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد والنصر لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم ينصرني أحد من أنبياء الله ورسله ، وذلك لما قبضهم الله إليه ، وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها إلى مغربها ، وليبعثن الله أحياء من آدم إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الأموات والاحياء والثقلين جميعا ، فيا عجبا وكيف لا أعجب من أموات يبعثهم الله أحياء يلبّون زمرة زمرة بالتلبية : لبيك لبيك يا داعي الله ، قد تخللوا بسكك الكوفة ، قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم وأتباعهم من جبابرة الأولين والآخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (٢) أي يعبدونني آمنين لا يخافون أحدا من عبادي ليس عندهم تقية وإنّ لي الكرة بعد الكرة ، والرجعة بعد الرجعة ، وأنا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات والدّولات العجيبات ، وأنا قرن من حديد وأنا عبد الله وأخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا أمين الله وخازنه وعيبته سرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله، وأنا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق ويفرّق بها الجمع ، وأنا أسماء الله الحسنى وأمثاله العليا وآياته الكبرى ، وأنا صاحب الجنة والنار ، أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وإليّ تزويج أهل الجنة وإليّ عذاب أهل النار ، وإليّ إياب الخلق جميعا ، وأنا المآب الذي يئوب إليه كل شيء بعد القضاء ، وإليّ حساب الخلق جميعا ، وأنا صاحب الهبات ، وأنا المؤذن على الأعراف ، وأنا بارز الشمس ، وأنا دابة الأرض ، وأنا قسيم النار ، وأنا خازن الجنان ، وأنا صاحب الأعراف ، وأنا أمير المؤمنين ويعسوب المتقين وآية السابقين ولسان الناطقين وخاتم الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين وصراط ربي المستقيم وفسطاسه والحجة على أهل السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما.

__________________

(١) آل عمران : ٨١.

(٢) النور : ٥٥.

١٢٤

وأنا الذي احتج الله بي عليكم في ابتداء خلقه ، وأنا الشاهد يوم الدين ، وأنا الذي علمت المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والأنساب ، واستحفظت آيات النبيين المستخفين والمستحفظين ، وأنا صاحب العصا والميسم ، وأنا لي سخّرت السحاب والرعد والبرق والظلم والأنوار والرياح والجبال والبحار والنجوم والشمس والقمر ، وأنا الذي أهلكت عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ، وأنا الذي ذللت الجبابرة ، وأنا صاحب مدين ومهلك فرعون ومنجي موسى ، وأنا القرن الحديد ، وأنا فاروق الأمة ، وأنا الهادي عن الضلالة ، وأنا الذي أحصيت كلّ شيء عددا بعلم الله الذي أودعنيه وسرّه الذي أسرّه إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأسرّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ ، وأنا الذي أنحلني ربي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه ، يا معشر الناس اسألوني قبل أن تفقدوني ، اللهم إني أشهدك واستعديك عليهم ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم والحمد لله متّبعين أمره (١).

التاسع : الطبرسي في حديث عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يذكر فيه من تقدّم عليه فقال عليه‌السلام فيه مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الأمّة كلّ ذلك ليتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحق الحق على الكافرين ، ويقترب الوعد الحق الذي بيّنه الله في كتابه بقوله (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٢) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ومن القرآن إلّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح الغدر له في ذلك لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم يروها ، ويظهر دين نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على يديه وعلى الدين كله ولو كره المشركون. (٣)

العاشر : الطبرسي أيضا في معنى الآية قال : اختلف في الآية وذكر الأقوال إلى أن قال : والمروي عن أهل البيت عليهم‌السلام أنها في المهدي ، ثم قال : وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين أنه قرأ الآية وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت : يفعل ذلك بهم على يد رجل منّا وهو مهدي هذه الأمة ، وهو الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا» ثم قال الطبرسي : وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام. (٤)

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات ٣٢ ، بحار الأنوار : ٥٣ / ٤٦ / ح ٢٠.

(٢) النور : ٥٥.

(٣) الاحتجاج : ١ / ٣٨٢.

(٤) تفسير مجمع البيان : ٧ / ٢٦٧.

١٢٥

الباب الحادي والثمانون

في قوله تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (١)

من طريق العامة وفيه حديثان

الأول : ابن شهرآشوب عن تفسير ابن يوسف النسوي قبيصة بن عقبة عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) نزلت في علي وحمزة وعبيدة (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) عتبة وشيبة والوليد. (٢)

الثاني : من طريق العامة أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) علي وحمزة وعبيدة (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) عتبة وشيبة والوليد بن عتبة (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ) هؤلاء علي وأصحابه (كَالْفُجَّارِ) عتبة وأصحابه. (٣)

الباب الثاني والثمانون

في قوله تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)

من طريق الخاصة وفيه حديثان

الأول : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثنا محمد بن جعفر ، قال : حدّثني يحيى بن زكريا اللؤلؤي ، عن علي بن حنان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن قوله (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : أمير المؤمنين وأصحابه (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) حبتر ورزيق وأصحابهما (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ) أمير المؤمنين وأصحابه (كَالْفُجَّارِ) حر ودلام وأصحابهما. (٤)

الثاني : محمد بن العباس قال : حدّثني علي ابن عبيد ومحمد بن القاسم بن سلام ، قال : حدّثنا

__________________

(١) سورة ص : ٢٨.

(٢) مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٨٨.

(٣) بحار الأنوار : ٢٤ / ٧ ج ٢٠.

(٤) تفسير القمي : ٢ / ٢٣٤.

١٢٦

حسين بن حكم عن حسين بن حسين ، عن غياث بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله عزوجل (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) علي وحمزة وعبيد (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) عتبة وشيبة والوليد (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ) علي عليه‌السلام وأصحابه (كَالْفُجَّارِ) (١) فلان وأصحابه (٢).

__________________

(١) سورة ص : ٢٨.

(٢) بحار الأنوار : ٢٤ / ٧ / ٢٠.

١٢٧

الباب الثالث والثمانون

في قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (١)

من طريق العامة وفيه حديثان

الأول : موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة قال : قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٢) قيل : نزلت في قصة بدر في حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث لمّا برزوا لقتال عتبة وشيبة والوليد ، و (كَالَّذِينَ آمَنُوا) حمزة وعلي وعبيدة و (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) عتبة وشيبة والوليد. (٣)

الثاني : من طريق العامة أيضا عن ابن عباس في قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فالذين آمنوا بنو هاشم وبنو عبد المطلب و (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) بنو عبد شمس. (٤)

الباب الرابع والثمانون

في قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ

كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية

من طريق الخاصة وفيه حديثان

الأول : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره قال : حدّثنا علي بن عبيد ، عن حسين بن حكم ، عن حيان بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله عزوجل (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) الآية قال : (كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بنو هاشم وبنو عبد المطلب و (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) بنو عبد شمس. (٥)

__________________

(١) الجاثية : ٢١.

(٢) الجاثية : ٢١.

(٣) المناقب ٢٧٥ / ٢٥٧.

(٤) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٨٤ ح ٨٢.

(٥) بحار الأنوار ٢٣ / ٣٨٤ ح ٨٢.

١٢٨

الثاني : محمد بن العباس قال : حدّثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن أيوب بن سليمان عن ابن مروان الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) الآية قال : إنّ هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه‌السلام وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث هم الذين آمنوا ، وفي ثلاثة من المشركين عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وهم الذين (اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) (١).

__________________

(١) سورة السجدة : ١٨.

١٢٩

الباب الخامس والثمانون (١)

في قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)

من طريق العامة وفيه ثمانية أحاديث

الأول : أبو المؤيد موفق بن أحمد ، أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ زين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، حدّثنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، حدّثني والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، حدّثنا أبو سعيد الماليني ، حدّثنا أبو أحمد بن عدي حدّثنا أبو يعلى ، حدّثنا إبراهيم بن الحجاج قال : حدّثنا حماد يعني بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنّ الوليد بن عقبة قال لعلي رضي الله عنه : أنا أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة فقال له علي : على رسلك فإنك فاسق ، فأنزل الله عزوجل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) يعني عليا والوليد الفاسق. (٢)

الثاني : عز الدين ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة قال : قال أبو الفرج : وحدّثني إسحاق بن بنان الأنماطي عن حنيش بن ميسر عن عبد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام أنا أحدّ منك سنانا وأبسط منك لسانا واملأ للكتيبة ، فقال له علي عليه‌السلام : اسكت يا فاسق ، فنزل القرآن فيهما (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٣).

الثالث : ابن أبي الحديد قال : قال أبو عمر في الوليد بن عقبة وفي علي بن أبي طالبعليه‌السلام نزل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ). في قصتهما المشهورة. (٤)

الرابع : ابن أبي الحديد قال شيخنا أبو القاسم البلخي رحمه‌الله : من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به وإطباق الناس عليه أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليا ويشتمه ، وأنه الذي لاحاه في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونابذه وقال له : أنا أثبت منك جنانا وأحدّ سنانا ، فقال له علي عليه‌السلام : اسكت يا فاسق ، فأنزل الله تعالى فيهما (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) الآيات المتلوّة ، وسمّي الوليد بحسب ذلك في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الفاسق ، فكان لا يعرف إلّا

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٣ / ٣٨٤ ح ٨٣.

(٢) المناقب ٢٧٩ / ح ٢٧١.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٧ / ٢٣٨.

(٤) شرح نهج البلاغة : ١٧ / ٢٣٩.

١٣٠

بالوليد الفاسق ، وهذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي عليه‌السلام. (١)

الخامس : ابن أبي الحديد قال : روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال : اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة ، وقد كان بلغهم عن الحسن بن علي عليهما‌السلام قوارص وبلغهم عنه مثل ذلك فقالوا : يا أمير المؤمنين إنّ الحسن قد أحيا أباه وذكره ، وقال فصدّق وأمر فأطيع ، وخفقت له النعال وإن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه ، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا.

قال معاوية : ما تريدون؟ قالوا : ابعث إليه فليحضر لنسبّه ونسبّ أباه ونعيّره ونوبّخه ، ونخبره أنّ أباه قتل عثمان ونقرره بذلك ، ولا يستطيع أن يغيّر علينا شيئا من ذلك.

قال معاوية : إني لا أرى ذلك ولا أفعله.

قالوا : عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعل ، فقال : ويحكم ، لا تفعلوا ، فو الله ما رأيته قطّ جالسا عندي إلّا خفت مقامه وعيبه لي ، قالوا : ابعث إليه على حال ، قال : إن بعثت إليه لأنصفنه منكم ، فقال عمرو بن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقنا أو يربى قوله على قولنا؟

قال معاوية : أما إني إن بعثت إليه لآمرنّه أن يتكلم بلسانه كلّه ، قالوا : مره بذلك ، قال : أما إذ عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلّا ذلك فلا تمرضوا له في القول ، واعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ، ولا يلصق بهم العار ولكن اقذفوه بحجرة تقولون له : إنّ أباك قتل عثمان وكره خلافة الخلفاء من قبله.

فبعث إليه معاوية فجاءه رسوله فقال : إنّ أمير المؤمنين يدعوك قال : من عنده؟ فسمّاهم له ، فقال الحسن : ما لهم؟ خرّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ، ثم قال : يا جارية ابغيني ثيابي ، اللهم إنّي أعوذ بك من شرورهم ، وأدرأ بك كيدهم في نحورهم ، واستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت وأنّى شئت بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين ، ثم قام ، فلمّا دخل على معاوية أعظمه وأكرمه وأجلسه إلى جانبه ثم ذكر الحديث وما جرى بين الحسن وبين القوم الفاسقين ، وما قالوا له وما ردّد عليهم إلى أن قال : وأما أنت يا وليد فو الله ما ألومك على بغض علي وقد جلدك ثمانين في الخمر ، وقتل أباك بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صبرا ، وأنت الذي سمّاه الله الفاسق وسمّى عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له : اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا وأطول منك لسانا ، فقال لك علي : اسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق ، فأنزل الله تعالى في موافقة قوله

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٨٠.

١٣١

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١) ثم أنزل فيك على موافقة قوله أيضا (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (٢) ويحك يا وليد ، مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك وفيه شعرا :

أنزل الله والكتاب العزيز

في عليّ وفي الوليد قرانا

فتبوّأ الوليد إذ ذاك فسقا

وعلي مبوّأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عمرك الله

كمن كان فاسقا خوّانا

سوف يدعى الوليد بعد قليل

وعلي إلى الحساب عيانا

فعليّ يجزى بذاك جنانا

ووليد يجزى بذاك هوانا

ربّ جدّ لعقبة بن أبان

لابس في بلادنا تبانا

وما أنت وقريش؟ وإنما أنت علج من أهل صفورية ، وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد وأسنّ ممن تدعى إليه. (٣)

السادس : أبو نعيم الأصفهاني قال : قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٤) بإسناده إلى حبيب قال : نزلت هذه الآية في علي عليه‌السلام والوليد بن عقبة. (٥)

السابع : أبو نعيم أيضا بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال الوليد ابن عقبة لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : أنا أحدّ منك سنانا وأبسط منك بنانا وأملأ للكتيبة منك ، فقال له علي عليه‌السلام : اسكت فإنما أنت فاسق ، فنزلت (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال : يعني بالمؤمن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وبالفاسق الوليد بن عقبة. (٦)

الثامن : الثعلبي في تفسير قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال الثعلبي : نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه ، وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء ، فقال الوليد لعلي عليه‌السلام : اسكت فإنك صبيّ وأنا والله أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا وأشجع منك جنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة.

فقال له علي عليه‌السلام : اسكت فإنك فاسق ، فأنزل الله تبارك وتعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ). (٧)

__________________

(١) السجدة : ١٨.

(٢) الحجرات : ٦.

(٣) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٢٨٥.

(٤) السجدة : ١٨.

(٥) بحار الأنوار ٣١ / ٣٣٨ ح ٥.

(٦) بحار الأنوار ٣١ / ٣٣٧ ح ٣.

(٧) اسباب النزول للواحدي : ٢٠٠ عن الثعلبي.

١٣٢

الباب السادس والثمانون

في قوله تعالى (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١)

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

الأول : الشيخ الطوسي في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال : حدّثنا الربيع بن يسار قال : حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذرّ في حديث أمير المؤمنين عليه‌السلام على أهل الشورى يذكر فضائله وما جاء فيه على لسان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم يسلّمون له ما ذكره وأنه مختص بالفضائل دونهم ـ إلى أن قال علي عليه‌السلام : فهل فيكم أحد أنزل الله تعالى فيه (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) إلى آخر ما اقتص الله تعالى من خبر المؤمنين غيري ، قالوا : اللهم لا. (٢)

الثاني : علي بن إبراهيم في تفسيره قال في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٣) وذلك أن علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا فقال الفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط : أنا والله أبسط منك لسانا وأحدّ منك سنانا وأمثل منك جثوا في الكتيبة قال علي عليه‌السلام اسكت فإنما أنت فاسق فأنزل الله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤) فهو علي بن أبي طالب (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٥). (٦)

الثالث : محمد بن العباس قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله عن الحجاج بن سهل عن حماد بن سلمة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : إنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعليعليه‌السلام : أنا أبسط منك لسانا ، وأحدّ منك سنانا وأملى منك حشوا للكتيبة ، فقال له عليعليه‌السلام : أمسك يا فاسق ، فأنزل الله جل اسمه (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) إلى قوله (تُكَذِّبُونَ) (٧).

__________________

(١) السجدة : ١٨.

(٢) أمالي الطوسي ٥٥١ / مجلس ٢٠ / ح ٤.

(٣) السجدة : ١٨.

(٤) السجدة ١٨ ـ ١٩.

(٥) السجدة : ٢٠.

(٦) تفسير القمي ٢ / ١٧٠.

(٧) بحار الأنوار ٢٣ / ٣٨٢ ح ٧٧.

١٣٣

الرابع : محمد بن العباس قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن عمر بن حماد عن أبيه عن فضيل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قولهعزوجل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال : نزلت في رجلين أحدهما من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مؤمن والآخر فاسق فقال الفاسق للمؤمن : أنا والله أحدّ منك سنانا وأبسط منك لسانا ، واملأ منك حشوا في الكتيبة ، فقال المؤمن للفاسق : أسكت يا فاسق فأنزل الله عزوجل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) ثم بيّن حال المؤمن فقال أما (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ثم بيّن حال الفاسق فقال عزوجل (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١).

الخامس : ذكر أبو مخنف رحمه‌الله أنه جرى عند معاوية بين الحسن بن علي عليه‌السلام وبين الفاسق الوليد بن عقبة كلام ، فقال الحسن عليه‌السلام : لا ألومك أن تسبّ عليا عليه‌السلام وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطا ، وقتل أباك صبرا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم بدر ، وقد سمّاه الله عزوجل في غير آية مؤمنا وسمّاك فاسقا. (٢)

السادس : الطبرسي في الاحتجاج في حديث ذكر فيه ما جرى بين الحسن بن علي عليه‌السلام وبين جماعة من أصحاب معاوية بمحضر معاوية فقال الحسن عليه‌السلام : وأما أنت يا وليد بن عقبة فو الله ما ألومك أن تبغض عليا وقد جلدك في الخمر ثمانين ، وقتل أباك صبرا بيده يوم بدر أم كيف تسبّه وقد سمّاه الله مؤمنا في عشر آيات من القرآن وسمّاك فاسقا وهو قول الله عزوجل (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٣) وقوله (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (٤) وما أنت وذكر قريش وإنما أنت ابن علج من أهل صفورية يقال له ذكوان ، وأما زعمك أنّا قتلنا عثمان فو الله ما استطاع طلحة والزبير وعائشة أن يقولوا ذلك على علي بن أبي طالب ، فكيف تقوله أنت؟ ولو سألت أمّك من أبوك إذ تركت ذكوان فألصقتك بعقبة بن أبي معيط اكتسبت بذلك عند نفسها سناء ورفعة مع ما أعدّ الله لك ولأبيك ولأمك من العار والخزي في الدنيا والآخرة وما الله بظلام للعبيد؟ ثم أنت يا وليد والله أكبر في الميلاد ممن تدعى له ، فكيف تسبّ عليا؟ ولو اشتغلت بنفسك لتثبت نسبك إلى أبيك لا الى من تدعى له ، ولقد قالت لك أمك :

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٣ / ٣٨٣ ح ٧٨.

(٢) بحار الأنوار ٢٣ / ٣٨٣ ح ٧٩.

(٣) السجدة : ١٨.

(٤) الحجرات : ٦.

١٣٤

يا بني أبوك الأم وأخبث من عقبة. (١)

السابع : ابن شهرآشوب أورده في كتابه من طريق الخاصة والعامة عن الكلبي عن أبي صالح وعن أبي لهيعة عن عمر بن دينار عن أبي العالية عن عكرمة عن أبي عبيدة عن يونس عن عمر وعن مجاهد كلهم عن ابن عباس ، وقد روى صاحب الأغاني وصاحب كتاب التراجم عن ابن جبير وابن عباس وقتادة ، وروي عن الباقر عليه‌السلام واللفظ له أنه قال الوليد بن عقبة لعلي عليه‌السلام : أنا أحدّ منك سنانا وأبسط لسانا وأملأ حشوا للكتيبة ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ليس كما قلت يا فاسق ، وفي روايات كثيرة : اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت الآيات (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) علي بن أبي طالب (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) الوليد (لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية أنزلت في علي (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) أنزلت في الوليد ، فأنشأ حسان :

أنزل الله والكتاب عزيز

في عليّ وفي الوليد قرنا

فتبوّأ الوليد من ذاك فسقا

وعلي مبوّأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عرف الله

كمن كان فاسقا خوّانا

سوف يجزى الوليد خزيا ونارا

وعلي لا شك يجزى جنانا (٢)

__________________

(١) الاحتجاج ١ / ٤١٢.

(٢) مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٩٤.

١٣٥

الباب السابع والثمانون

في قوله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ). (١)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : آل يس آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الباب الثامن والثمانون

في قوله تعالى (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)

من طريق الخاصة وفيه خمسة عشر حديثا

الأول : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى عن أحمد بن عيسى الجلودي البصري ، قال : حدّثنا محمد بن سهل ، قال : حدّثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي ، قال : حدّثنا وهيب بن نافع ، قال : حدّثنا كادح عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال: يس محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن آل يس. (٢)

الثاني : ابن بابويه عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، قال : حدّثنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الباقي ، قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا علي بن الحسن بن عبد الغني المعافى قال : حدّثنا عبد الرزاق عن مندل عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : السلام من رب العالمين على محمد وآله عليه وعليهم والسلام لمن تولاهم في القيامة. (٣)

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري قال : حدّثني الحسين بن معاذ قال :

__________________

(١) الصافات : ١٣٠.

(٢) أمالي الصدوق ٥٥٨ / مجلس ٧٢ / ح ١.

(٣) معاني الأخبار : ١٢٢ / ح ١.

١٣٦

حدّثنا سليمان بن داود قال : حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : يس اسم لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (١)

الرابع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا عبد الله بن القاسم بن الحسن المؤدّب عن أحمد بن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : أخبرني أحمد بن أبي عمر النهدي قال : حدّثني أبي عن محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قولهعزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : على آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٢)

الخامس : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، قال : حدّثني محمد بن سهل قال : حدّثنا إبراهيم بن معمر قال : حدّثنا عبد الله بن زاهر الأحمري قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا الأعمش عن يحيى بن وثاب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عمر بن الخطاب كان يقرأ (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال أبو عبد الرحمن : إل يس آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٣)

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين ابن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت في حديث مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون والعلماء وقال فيه : قال الرضا عليه‌السلام في الآيات الدالة على الاصطفاء : وأما الآية السابعة فقوله تبارك وتعالى (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٤) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك ، فكيف الصلاة عليك؟ فقال : «تقولون اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا : لا ، فقال المأمون : هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة ، فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن ، قال أبو الحسن عليه‌السلام : نعم ، أخبروني عن قول الله عزوجل (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ، عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، فمن عني بقوله : (يس)؟ قالت العلماء : (يس) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يشك فيه أحد ، قال أبو الحسن : إنّ الله أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلّا من عقله ، وذلك لأن الله لم يسلّم على أحد إلّا على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين فقال تبارك وتعالى (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٥) (سَلامٌ

__________________

(١) معاني الأخبار ١٢٢ / ح ٣.

(٢) معاني الأخبار ١٢٢ / ح ٤.

(٣) معاني الأخبار ١٢٣ / ح ٥.

(٤) الاحزاب : ٥٦.

(٥) الصّافات : ٧٩.

١٣٧

عَلى إِبْراهِيمَ) (١) (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) (٢) ولم يقل سلام على آل نوح ولا على آل موسى ولا على آل إبراهيم فقال : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) يعني آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٣)

السابع : محمد بن العباس رحمه‌الله قال : حدّثنا محمد بن القاسم عن حسين بن حكم عن حسين بن نصر بن مزاحم عن أبيه عن أبان عن ابن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي عليه‌السلام قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اسمه يس ونحن الذين قال (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (٤). (٥)

الثامن : محمد بن العباس قال : حدّثنا محمد بن سهل العطار عن الخضر بن فاطمة البجلي عن وهيب بن نافع عن كادح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليه‌السلام فى قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : يس محمد ونحن آل محمد. (٦)

التاسع : محمد بن العباس عن محمد بن سهل عن إبراهيم بن داهر عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن أبي عبد الرحمن الأسلمي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : على آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٧)

العاشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا محمد بن الحسين الخثعمي عن عبادة بن يعقوب عن موسى بن عثمان عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) قال : نحن هم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٨)

الحادي عشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن زريق بن مرزوق البجلي عن داود بن عليّة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (٩) قال : أي على آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله. (١٠)

الثاني عشر : الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قوله (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) إن الله سمّى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الاسم قال (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١١) لعلمه بأنه يسقطون قوله سلام على آل محمد كما أسقطوا غيره. (١٢)

الثالث عشر : باب معنى آل محمد صلى الله عليهم ، ابن بابويه عن أبيه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن عن جعفر بن بشير عن الحسين بن أبي العلاء عن عبد الله بن ميسرة قال :

__________________

(١) الصّافات : ١٠٩.

(٢) الصّافات : ١٢٠.

(٣) أمالي الصدوق ٦٢٢ / مجلس ٧٩ / ح ١.

(٤) الصّافات : ١٣٠.

(٥) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٦٨ / ح ٢.

(٦) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٦٩ / ذيل الحديث السابع.

(٧) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٧٠ / ذيل الحديث ١١.

(٨) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٦٨ / ح ٣.

(٩) الصافات : ١٣٠.

(١٠) بحار الأنوار : ٢٣ / ١٦٨ / ح ٤.

(١١) يس : ١ ، ٢ ، ٣.

(١٢) الاحتجاج : ٣٧٧.

١٣٨

قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّا نقول : اللهم صلى على محمد وأهل بيته ، فيقول قوم : نحن آل محمد فقال : «إنّما آل محمد من حرّم الله عزوجل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نكاحه» (١).

الرابع عشر : قال : حدّثنا محمد بن الحسن قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن سليمان الدّيلمي عن أبيه قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك ، من الآل؟ قال : ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : فمن الآل؟ قال : الأئمةعليهم‌السلام ، فقلت : قوله عزوجل (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٢) قال : والله عنى أهل بيته. (٣)

الخامس عشر : قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ، من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ذريته فقلت : من أهل بيته؟ قال : الأئمة الأوصياء ، فقلت : من عترته؟ قال أصحاب العباء ، فقلت : من أمته؟ قال : المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عزوجل ، المتمسكون بالثقلين اللذين أمروا بالتمسك بهما ، كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهما الخليفتان على الأمة بعدهعليه‌السلام. (٤)

__________________

(١) معاني الأخبار ٩٣ / ح ١.

(٢) غافر : ٤٦.

(٣) معاني الأخبار ٩٤ / ح ٢ ، وفيه : والله ما عنى إلّا ابنته.

(٤) معاني الأخبار ٩٤ / ح ٣.

١٣٩

الباب التاسع والثمانون

في قوله تعالى (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ)

إلى قوله تعالى (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). (١)

وفيه آيات من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الأول : ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتاب المناقب في تفسير قوله تعالى (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني قال : حدّثنا هلال بن محمد الحفار قال : حدّثنا إسماعيل بن علي قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا قال : حدّثنا أبي موسى بن جعفر قال : حدّثنا أبي جعفر قال : حدّثنا أبي محمد بن علي الباقر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإني لأدناهم في حجة الوداع بمنى حين قال : لألفينّكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفنّي في الكتيبة التي تضاربكم ، ثم التفت إلى خلفه فقال : أو عليّ ثلاثا ، فرأينا أنّ جبرائيل غمزه وأنزل الله على أثر ذلك : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بعلي بن أبي طالب (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) ثم نزلت (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢) ثم نزلت (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) من أمر علي ، (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وإنّ عليا لعلم للساعة ، إنّه لذكر (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام. (٣)

الثاني : أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن زرّ بن حبيش عن حذيفة رضي الله عنه : بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

الثالث : من فضائل السمعاني يرفعه إلى ابن عباس قال : لما نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) قال : بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام. (٥)

__________________

(١) الزخرف : ٤١ ـ ٤٣.

(٢) المؤمنون : ٩٣ ، ٩٤.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ٢٧٤ ح ٣٢١ ، وفرائد السمطين : ١ / ٣٣٨ ح ٢٦١ ، والأمالي للطوسي : ٣٦٣ ح ٧٦.

(٤) بحار الأنوار ٣٢ / ٢٣ ح ٦.

(٥) بحار الأنوار ٢٩ / ٢٨٣ ح ٢٣٢ ، والمصدر السابق أيضا.

١٤٠