غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

قال : حدّثنا القاسم بن بهرام عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس وحدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : حدثنا الحسن بن مهران قال : حدّثنا سلمة بن خالد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) قال : «مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام وهما صبيان صغيران فعادهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه رجلان فقال أحدهما : يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن عافاهما الله فقال : أصوم ثلاثة أيام لله شكرا لله عزوجل وكذلك قالت فاطمة عليها‌السلام وقال الصبيان : ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام وكذلك قالت جاريتهم فضة فالبسهما الله العافية فاصبحوا صائمين وليس عندهم طعام فانطلق علي عليه‌السلام إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف فقال : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير قال : نعم ، فأعطاه فجاء بالصوف والشعير وأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص ، وصلى علي عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي عليه‌السلام إذا مسكين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع اللقمة من يده ثم قال :

فاطم ذات المجد واليقين

يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين

جاء إلى الباب له حنين

يشكوا إلى الله ويستكين

يشكو إلينا جائع حزين

كل امرئ بكسبه رهين

من يفعل الخير يكن حسين

موعده في جنة رهين

حرمها الله على الضّنين

وصاحب البخل يقف حزين

تهوى به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

فأقبلت فاطمة تقول :

أمرك سمع يا ابن عم وطاعة

ما بي من لؤم ولا ضراعة

غذيت باللب وبالبراعة

ارجو إذا اشبعت من مجاعة

إن الحق الأخيار والجماعة

وادخل الجنة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين وباتوا جياعا واصبحوا صياما لم

١٠١

يذوقوا إلا الماء القراح ، ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرص وصلّى علي عليه‌السلام المغرب مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتى إلى منزله فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها عليعليه‌السلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة فوضع علي عليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم بنت السيد الكريم

بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا الله بذا اليتيم

من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم

حرمها الله على اللئيم

وصاحب البخل يقف ذميم

تهوي به النار إلى الجحيم

شرابه الصديد والحميم

فاقبلت فاطمة تقول :

فسوف اعطيه ولا أبالي

وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي

اصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل باغتيالي

لقاتليه الويل مع وبال

يهوى في النار إلى سفالي

كبوله زادت على الأكبال

ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان وباتوا جياعا لم يذوقوا إلّا الماء القراح فاصبحوا صياما وعمدت فاطمة عليها‌السلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص وصلى علي عليه‌السلام المغرب مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتى منزله فقرب إليه الخوان فجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي عليه‌السلام إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا فوضع علي عليه‌السلام اللقمة من يده ثم قال :

فاطم يا بنت النبي أحمد

بنت نبي سيد مسود

قد جاءك الأسير ليس يهتد

مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد

من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد

ما يزرع الزارع سوف يحصد

١٠٢

فأعطين ولا تجعليه بنكد

فاقبلت فاطمة عليها‌السلام وهي تقول :

لم يبق مما كان غير صاع

قد دبرت كفي مع الذراع

شبلاي والله هما جياع

يا رب لا تتركهما ضياع

أبو هما للخير ذو اصطناع

عبل الذراعين طويل الباع

وما على رأسي من قناع

إلا عباء نسجها بصاع

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء، قال شعيب في حديثه : وأقبل علي عليه‌السلام بالحسن والحسين عليهما‌السلام نحو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع فلما بصر بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يا أبا الحسن أشد ما يسؤني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة عليها‌السلام» فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضمها إليه وقال : «وا غوثاه بالله أنتم منذ ثلاث فيما أرى» فهبط جبرائيل عليه‌السلام : فقال : «يا محمد خذ ما هيأ لك في أهل بيتك» فقال : «وما آخذ يا جبرائيل؟ قال : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) حتى بلغ (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً).

وقال الحسن بن مهران في حديثه فوثب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخل منزل فاطمة عليها‌السلام فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي وقال : «أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم» فهبط جبرائيل بهذه الآيات (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) قال : هي عين في دار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهما فضة (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) عابسا كلوحا (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) يقول على شهوتهم : الطعام وايثارهم له مسكينا من مساكين المسلمين ، ويتيما من يتامى المسلمين ، وأسيرا من أسارى المشركين ويقولون : إذا اطعموهم (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) قال : والله ما قالوا اهذا لهم ولكنهم اضمروه في أنفسهم فأخبر الله باضمارهم يقولون (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً) تكافوننا به (وَلا شُكُوراً) تثنون علينا به ولكنا إنما اطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) نضرة في الوجوه ، وسرورا في القلوب (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) جنة يسكنونها وحريرا يفرشونه ويكسونه (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) والأريكة السرير عليه الحجلة

١٠٣

(لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) قال ابن عباس : فبينا أن أهل الجنة في الجنة إذا رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان فيقول أهل الجنة : يا رب إنك قلت في كتابك (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرائيل عليه‌السلام فيقول : ليس هذه بشمس ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما ، ونزلت (هَلْ أَتى) فيهم ... إلى قوله : (وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) (١).

الحديث الرابع : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره قال : حدّثنا أحمد بن محمد الكاتب عن الحسن بن عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن المسعودي عن عمرو بن بهرة عن عبد الله ابن الحارث المكتب عن أبي كثير الزبيري عن عبد الله بن العباس رضى الله عنه قال : مرض الحسن والحسين عليهما‌السلام فنذر علي وفاطمة عليهما‌السلام والجارية نذرا إن برءا صاموا ثلاثة أيام شكرا لله فبرءا فوفوا بالنذر وصاموا ، فلما كان أوّل يوم قامت الجارية جرشت شعيرا لها فخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص ، فلما كان وقت الفطور جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها بين أيديهم ، فلما مدوا أيديهم ليأكلوا وإذا مسكين بالباب ، وهو يقول : يا أهل بيت محمد مسكين آل فلان بالباب ، فقال علي عليه‌السلام : «لا تأكلوا وآثروا المسكين» ، فلما كان اليوم الثاني فعلت الجارية كما فعلت في اليوم الأول فلما وضعت المائدة بين أيديهم ليأكلوا فإذا يتيم بالباب ، وهو يقول : يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة يتيم آل فلان بالباب ، فقال علي عليه‌السلام : «لا تأكلوا شيئا وأطعموا اليتيم» ففعلوا فلما كان في اليوم الثالث ففعلت الجارية كما فعلت في اليومين جاءت الجارية بالمائدة فوضعتها فلما مدوا أيديهم ليأكلوا ، وإذا شيخ كبير يصيح بالباب : يا أهل بيت محمد تأسرونا ولا تطعمونا ، قال : فبكى علي بكاء شديدا وقال : «يا بنت محمد إني أحب أن يراك الله وقد آثرت هذا الأسير على نفسك وأشبالك».

فقالت : «سبحان الله ما أعجب ما نحن فيه معك ألا ترجع إلى الله في هؤلاء الصبية الذين صنعت بهم ما صنعت وهؤلاء إلى متى يصبرون صبرنا».

فقال لها علي عليه‌السلام : «فالله يصبرك ويصبرهم ويأجرنا إن شاء الله تعالى وبه نستعين وعليه نتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل ، اللهم بدلنا بما فاتنا من طعامنا هذا ما هو خير منه ، واشكر لنا صبرنا ولا تنسه لنا إنك رحيم كريم» فأعطوه الطعام وبكر إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في اليوم الرابع فقال : «ما كان من خبركم في أيامكم هذه» فأخبرته فاطمة عليها‌السلام بما كان فحمد الله وشكره واثنى عليه وضحك إليهم وقال : «خذوا هنّأكم الله وبارك لكم وبارك عليكم قد هبط عليّ جبرائيل عليه‌السلام من عند ربي وهو يقرأ

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٢٩ ـ ٣٣٣ / ٣٩٠.

١٠٤

عليكم السلام وقد شكر ما كان منكم وأعطى فاطمة سؤلها وأجاب دعوتها وتلا عليهم (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) إلى قوله (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)».

قال : وضحك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : «إن الله قد أعطاكم نعيما لا ينفد ، وقرة عين أبد الآبدين هنيئا يا بيت النبي بالقرب من الرّحمن يسكنكم معه في دار الجلال والجمال ، ويكسوكم من السندس والاستبرق والأرجوان ، ويسقيكم الرحيق المختوم من الولدان فأنتم أقرب الخلق من الرّحمن تأمنون إذا فزع الناس وتفرحون إذا حزن الناس وتسعدون إذا شقي الناس ، فأنتم في روح وريحان وفي جوار الرب العزيز الجبار هو راض عنكم غير غضبان قد امنتم العقاب ورضيتم الثواب.

تسألون فتعطون وتخفون فترضون وتشفعون فتشفعون طوبى لمن كان معكم وطوبى لمن أعزكم إن خذلكم الناس ، واعانكم إذا جفاكم الناس وآواكم إذا طردكم الناس ، ونصركم إذا قتلكم الناس الويل لكم من امتي والويل لامتي من الله» ثم قبّل فاطمة وبكى وقبّل جبهة علي وبكى وضم الحسن والحسين إلى صدره وبكى وقال : «الله خليفتي عليكم في المحيا والممات واستودعكم الله وهو خير مستودع حفظ الله من حفظكم ووصل الله من وصلكم وأعان الله من أعانكم وخذل الله من خذلكم واخافكم ، وأنا لكم سلف وأنتم لي عن قليل بي لاحقون والمصير إلى الله والوقوف بين يدي اللهعزوجل والحساب على الله (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)»(١).

__________________

(١) تأويل الآيات : ٢ / ٧٥٠ ـ ٧٥٢ ح ٦.

١٠٥

الباب الثالث والسبعون

في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (١)

من طريق العامة وفيه أربعة عشر حديثا

الأول : الثعلبي في تفسير في تفسير الآية قال : أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ببغداد وحدّثنا أبو جعفر الحسن بن علي الفارسي حدّثنا إسحاق بن بشر الكوفي حدّثنا خالد بن يزيد عن حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عن البرّاء ابن عازب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : «يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين مودة» فأنزل الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٢).

الحديث الثاني : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : قال الواحدي : أنبأنا سعيد بن محمد بن إبراهيم الحرثي قال أبو بكر محمد بن أحمد الجرجرائي ، أنبأنا أبو محمد الحسن بن عبد الله العبيدي، أنبأنا عبد الله بن مسلمة ، أنبأنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : نزلت في علي بن أبي طالب ، ما من مسلم إلّا ولعلي عليه‌السلام في قلبه محبته (٣).

الحديث الثالث : الحمويني هذا قال : قال الواحدي ، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمويه، أنبأنا يحيى بن محمد العلوي ، أنبأنا أبو علي الصواف ببغداد ، أنبأنا الحسن بن علي بن الوليد بن النعمان الفارسي ، أنبأنا إسحاق بن بشر عن خالد بن يزيد بن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن البراء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : «يا علي ، قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة» فأنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : نزل في علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

الحديث الرابع : أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي إسحاق عن الحارث قال : قال عليعليه‌السلام :

__________________

(١) مريم : ٩٧.

(٢) العمدة : ٢٨٩ / ٤٧٢ عن الثعلبي.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ٧٩ / ب ١٤ / ح ٥٠.

(٤) فرائد السمطين : ١ / ٨٠ / ب ١٤ / ح ٥١.

١٠٦

«نحن أهل بيت لا نقاس بإنسان» فقام رجل فأتى عبد الله بن عباس رضى الله عنه [فذكر له ما سمعه من علي] فقال : صدق علي أو ليس كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقاس بالناس؟ نزلت هذه الآية في علي (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (١).

الحديث الخامس : الحافظ أبو نعيم بإسناده عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : «يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودّا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة» فنزلت على رسول الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٢).

الحديث السادس : أبو نعيم الاصفهاني بإسناده عن ابن عباس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : «ارفع رأسك وادع ربك وسله يعطك» فرفع يديه وقال : «اللهم اجعل [لي عندك عهدا واجعل] لي عندك ودّا» فنزلت هذه الآية إلى قوله : (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) (٣).

الحديث السابع : ابن شهرآشوب رواه من طريق العامة قال : قال أبو روق عن الضحاك وشعبة عن الحكم عن عكرمة والأعمش عن سعد بن جبير والعزيزي السجستاني في غريب القرآن عن عمر كلهم عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : نزلت في علي ؛ لأنه ما من مسلم إلّا ولعلي في قلبه محبة (٤).

الحديث الثامن : إبراهيم الأصفهاني وأبو المفضل الشيباني وابن بطة العكبري بالإسناد عن محمد بن الحنفية وعن الباقر عليه‌السلام وفي الخبر قال : «لا تلقى مؤمنا إلّا وفي قلبه ودّ لعلي بن أبي طالب ولأهل بيته» (٥).

الحديث التاسع : زيد بن علي أن عليا عليه‌السلام أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال له رجل : إني أحبك في الله فقال : «لعلك يا علي اصطنعت إليه معروفا؟» قال : «لا والله ما اصطنعت إليه معروفا» فقال : «الحمد لله الذي جعل قلوب المؤمنين تتوق إليك بالمودة» فنزلت هذه الآيات(٦).

الحديث العاشر : موفق بن أحمد في كتاب (فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام) قال : قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب (٧).

__________________

(١) خصائص الوحي المبين : ٢٢٥ / ح ١٧٤ عن أبي نعيم.

(٢) خصائص الوحي : ١٣٣ / ح ٧٧ عنه.

(٣) البحار : ٣٥ / ٣٥٩ ح ١١ عن أبي نعيم ، والدر المنثور : ٤ / ٢٨٧.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨٩.

(٥) ذخائر العقبى : ٨٩ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٤٦٤.

(٦) شواهد التنزيل : ١ / ٤٧٧ ح ٥٠٩.

(٧) مناقب الخوارزمي : ٢٧٨ / ٢٦٨.

١٠٧

الحادي عشر : زيد بن علي عن آبائه عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال : «لقيني رجل فقال لي : يا أبا الحسن أما والله إني أحبك في الله» فرجعت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته بقول الرجل. وذكر الحديث إلى آخره وقد تقدم (١).

الحديث الثاني عشر : ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) يرفعه إلى ابن عباس قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي وأخذ بيد علي فصلى أربع ركعات ثم رفع يده إلى السماء فقال : «اللهم سألك موسى بن عمران ، وأنا محمد اسألك أن تشرح لي صدري وتسير لي أمري وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به أزري واشركه في أمري».

قال ابن عباس فسمعت مناديا ينادي : «يا أحمد قد أعطيت ما سألت» فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله: «يا أبا الحسن ارفع يدك إلى السماء وادع ربك واسأله يعطيك فرفع علي يده إلى السماء وهو يقول اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي عندك ودّا» فأنزل الله تعالى على نبيه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) فتلاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على أصحابه فتعجبوا من ذلك عجبا شديدا فقال النبي : «مم تعجبون إن القرآن أربعة أرباع فربع فينا أهل البيت خاصة ، وربع في أعدائنا ، وربع حلال وربع حرام ، وربع فضائل وأحكام ، والله أنزل في علي كرائم القرآن» (٢).

الحديث الثالث عشر : ابن المغازلي الشافعي في مناقبه يرفعه إلى البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : «يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودّا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودّة» فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) نزلت في علي بن أبي طالب (٣).

الحديث الرابع عشر : الجبري عن ابن عباس أنها نزلت في علي خاصة.

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٢٧٨ / ٢٦٩.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ٢٠٢ / ح ٣٧٥.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ٢٠١ / ح ٣٧٤.

١٠٨

الباب الرابع والسبعون

في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرّحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : «ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله» (١).

الحديث الثاني : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : «ولاية أمير المؤمنين هي الودّ الذي ذكره» (٢).

الحديث الثالث : محمد بن العباس في تفسيره قال : حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن عون بن سلم عن بشر بن عمارة الخثعمي عن أبي الجارود عن الضحاك عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في علي عليه‌السلام (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : «محبة في قلوب المؤمنين» (٣).

الحديث الرابع : محمد بن العباس قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن يعقوب بن جعفر ابن سليمان عن علي بن عبد الله محمد بن العباس عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قولهعزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : «نزلت في عليعليه‌السلام فما من مؤمن إلّا وفي قلبه حب لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام» (٤).

الحديث الخامس : علي بن إبراهيم قال : قال الصادق عليه‌السلام : «كان سبب نزول هذه الآية ان أمير المؤمنين عليه‌السلام كان جالسا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : قل يا عليّ اللهم اجعل لي في قلوب

__________________

(١) الكافي : ١ / ٤٣١ ح ٩٠.

(٢) تفسير القمي : ٢ / ٥٧.

(٣) تأويل الآيات : ١ / ٣٠٨ ح ١٧.

(٤) تأويل الآيات : ١ / ٣٠٨ ح ١٨.

١٠٩

المؤمنين ودّا فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا)» (١).

الحديث السادس : أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) قال في تفسير أبي حمزة الثمالي حدثني أبو جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا ، [فقالها علي] فنزلت الآية» (٢).

الحديث السابع : الطبرسي أيضا وروى نحوه عن جابر بن عبد الله يعني مثل الحديث السابق (٣) قبله بلا فصل شرف الدين النجفي قال علي بن إبراهيم : روى فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قال : «(آمَنُوا) بأمير المؤمنين (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بعد المعرفة» (٤).

الحديث الثامن : السيد الرضي في (الخصائص) بإسناد مرفوع إلى عبد الله بن عباس رضى الله عنه قال : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) قال : محبة في قلوب المؤمنين (٥).

الحديث التاسع : ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال : قال الباقر : «من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار (والحسنة) ولاية علي وحبه (والسيئة) عداوة علي وبغضه ، ولا يرفع معها عمل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) هو علي (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) قال : هو علي (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) قال : بني امية قوما ظلمه» (٦).

الحديث العاشر : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسن بن عبد الرّحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) قال : «إنما يسره الله على لسان نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله حين اقام أمير المؤمنين علما فبشر به المؤمنين ، وانذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله في كتابه (قَوْماً لُدًّا) أي : كفارا» (٧).

الحديث الحادي عشر : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ٥٦.

(٢) مجمع البيان : ٦ / ٤٥٥ مورد الآية.

(٣) مجمع البيان : ٦ / ٤٥٥.

(٤) تأويل الآيات : ١ / ٣٠٨ ح ١٦.

(٥) الخصائص : ٧١.

(٦) روضة الواعظين : ١٠٦.

(٧) الكافي : ١ / ٤٣١ ح ٩٠.

١١٠

ابن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت له : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) قال : «إنما يسره على لسان نبيه حتى أقام أمير المؤمنين عليه‌السلام علما فبشر به المؤمنين ، وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله قوما لدا كفارا» (١).

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ٥٧.

١١١

الباب الخامس والسبعون

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ

فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) (١)

من طريق العامة وفيه حديثان

الحديث الأول : الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) قال : هو علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٢).

الحديث الثاني : الثعلبي قال : أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن حدّثنا محمد بن يحيى حدّثنا محمد بن شيب حدّثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يرد على الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلون عن الحوض فأقول يا رب يا رب أصحابي أصحابي ، فيقال : إنك لا علم لك بما احدثوا إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري» (٣).

الباب السادس والسبعون

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ

فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة أحاديث

الأول : أبو علي الطبرسي في تفسيره في (مجمع البيان) في تفسير الآية قيل : هم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وأصحابه حين قاتله من قاتله الناكثين والقاسطين والمارقين قال : وروي ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس ، قال : وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام.

[وروي عن علي أنه] قال يوم البصرة : «والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم ، وتلا هذه الآية» (٤).

__________________

(١) المائدة : ٥٤.

(٢) العمدة : ٢٨٨ / ٤٧٠ عن الثعلبي.

(٣) العمدة : ٢٨٩ / ٤٧١ عن الثعلبي.

(٤) مجمع البيان : ٣ / ٣٥٩ ـ ٣٥٨.

١١٢

الحديث الثاني : محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره (نهج البيان) في معنى الآية المروي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أن هذه الآية نزلت في علي عليه‌السلام (١).

الحديث الثالث : علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال : قال هو مخاطبة لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) نزلت في علي عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) تفسير فرات : ١٢٣ / ح ١٣٣ ، والعمدة : ٢٨٨ / ح ٤٧٠.

(٢) تفسير القمي : ١ / ١٧٠ وفيه نزلت في القائم عليه‌السلام وأصحابه.

١١٣

الباب السابع والسبعون

في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) (١)

من طريق العامة فيه أربعة أحاديث

الأول : الثعلبي في تفسير هذه الآية قال : أخبرني أبو عبد الله القاتبي أخبرنا أبو الحسين النصيبي الفامي أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي حدّثنا علي بن العباس المقانعي حدّثنا جعفر بن محمد بن الحسين حدّثنا محمد بن عمرو حدّثنا الحسين المشقر حدّثنا أبو قتيبة التميمي قال : سمعت ابن سيرين في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قال: نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا وكان ربك قديرا (٢).

الحديث الثاني : إبراهيم بن محمد الحمويني بإسناده المتصل إلى حسين الأشقر قال : سمعت ابن سيرين يقول في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قال: نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام زوج فاطمة عليا وهو ابن عمه وزوج ابنته فكان نسبا وكان صهرا (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (٣).

الحديث الثالث : ابن شهرآشوب من طريق الخاصة والعامة روى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وأمّ سلمة والسدي وابن سيرين والباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قال : «هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام» وفي رواية «البشر الرسول والنسب فاطمة والصهر علي» (٤).

الحديث الرابع : المالكي في (الفصول المهمة) عن محمد بن سيرين في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً) الآية ، أنها نزلت في النبي وعلي بن أبي طالب رضى الله عنه ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وزوج ابنته فاطمة فكان نسبا وصهرا (٥).

__________________

(١) الفرقان : ٥٤.

(٢) العمدة : ٢٨٨ / ٤٦٩ عن الثعلبي.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ٣٧٠ / ب ٦٨ / ح ٣٠١.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٩.

(٥) الفصول المهمة : ٢٨ ، والعمدة عن الثعلبي : ٢٨٨ ح ٤٦٩.

١١٤

الباب الثامن والسبعون

في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

الحديث الأول : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال : حدّثنا رجا بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالكوفة منصرفه من النهروان وبلغه أن معاوية يسبه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا وذكر الخطبة وذكر أسمائه عليه‌السلام في القرآن إلى أن قال فيها عليه‌السلام : «وأنا الصهر يقول الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)» (١).

الحديث الثاني : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا محمد بن علي بن خشيش قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن يعقوب بن عيسى بن الحسين بن جعفر بن إبراهيم القيسي الخراز إملاء في منزله قال : حدّثنا أبو زيد محمد بن الحسين بن مطاع المسلي املاء قال : حدّثنا أبو العباس أحمد ابن جبر القواس خال ابن كردي قال : حدّثنا محمد بن سلمة الواسطي قال : حدّثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا ثابت عن أنس ابن مالك قال : ركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان وقال : «يا أنس خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا وكذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى فأقرأه مني السلام واحمله على البغلة وائت به إليّ» قال أنس : فذهبت فوجدت علياعليه‌السلام كما قال رسول الله فحملته على البغلة فأتيت به إليه ، فلما أن نظر (٢) به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «السلام عليك يا رسول الله» قال : «وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا ، ما جلس فيه أحد من الأنبياء إلّا وأنا خير منه ، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس فيه من الأخوة أحد إلّا وأنت خير منه» قال أنس : فنظرت إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رءوسهما فمد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب فجعله بينه وبين علي ، وقال : «كل يا أخي فهذه هدية من الله إليّ ثم إليك». قال أنس : علي أخوك؟ قال : نعم. قلت : يا رسول الله صف كيف علي

__________________

(١) معاني الأخبار : ٥٩ / ٩ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٩ ، والعمدة : ٢٨٨ / ح ٤٦٩.

(٢) بصر.

١١٥

أخوك قال : «إن الله عزوجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله ، ثم نقله في صلب شيث ، فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في عبد المطلب ثم شقه الله عزوجل نصفين نصف في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصف في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر ، فعلي أخي في الدنيا والآخرة» ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (١).

الحديث الثالث : محمد بن العباس قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أحمد بن معمر الاسدي عن الحسن بن محمد الاسدي من الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس قال : قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام ابنته وهو ابن عمه فكان له نسبا وصهرا (٢).

الحديث الرابع : محمد بن العباس قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى قال : حدّثنا المغيرة بن محمد عن رجا بن سلمة عن نابل بن نجيح عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس في قول الله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قال : لما خلق الله آدم وخلق نطفة من الماء فمزجها بنوره ثم أودعها آدم عليه‌السلام ثم اودعها ابنه شيث ثم انوش ثم قينان ثم أبا فأبا حتى أودعها إبراهيم عليه‌السلام ثم أودعها إسماعيل عليه‌السلام ، ثم امّا فأمّا وأبا فأبا من طاهر الأصلاب إلى مطهرات الأرحام حتى صارت إلى عبد المطلب ففرق ذلك النور فرقتين فرقة إلى عبد الله فولد محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وفرقة إلى أبي طالب فولد عليا عليه‌السلام ، ثم ألّف الله النكاح بينهما فزوج الله عليا بفاطمة عليها‌السلام فذلك قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (٣).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٣١٢ ـ ٣١٣ ح ٦٣٧.

(٢) تأويل الآيات : ١ / ٣٧٧ ح ١٣.

(٣) تأويل الآيات : ١ / ٣٧٧ ح ١٤ ، وبحار الأنوار : ٣١ / ٣٦١ ح ٤.

١١٦

الباب التاسع والسبعون

في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ

فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إلى قوله (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)

من طريق العامة وفيه حديث واحد

ابن شهرآشوب من تفسير أبي عبيدة وعليّ بن حرب الطائي ، قال عبد الله بن مسعود : الخلفاء أربعة آدم (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وداود (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً) يعني بيت المقدس ، وهارون ، قال موسى : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) وعلي (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) يعني عليّ بن أبي طالب (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) آدم وداود وهارون (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) يعني الإسلام (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) يعني أهل مكة (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ) بولاية علي بن أبي طالب (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) يعني العاصين لله ولرسوله وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «من لم يقل إني رابع الخلفاء فعليه لعنة الله» ثم ذكر نحو هذا المعنى (١).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٦٢.

١١٧

الباب الثمانون

في قوله تعالى (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ

كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) إلى قوله : (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)

من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث

الاول : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن معلّى بن محمد بن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله جل جلاله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : «هم الأئمة» (١).

الثاني : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلّى بن محمد عن أحمد بن محمد عن أبي مسعود عن الجعفري قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «الأئمة خلفاء الله عزوجل في أرضه» (٢).

الثالث : محمد بن إبراهيم النعماني قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال : حدّثني أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي من كتابه قال : حدّثنا إسماعيل بن مروان قال : حدّثنا عليّ بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (٣) قال : «القائم وأصحابه»(٤).

الرابع : محمد بن إبراهيم النعماني عن محمد بن همام قال : حدّثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال : حدّثني محمد بن أحمد عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تبارك وتعالى ملكا إلى سماء الدنيا فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد وعليّ والحسن والحسين منابر من نور ، فيصعدون عليها ويجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون ، ويفتح أبواب السماء فإذا زالت الشمس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رب ميعادك الذي أوعدته في كتابك وهو هذه الآية (وَعَدَ

__________________

(١) الكافي : ١ / ١٩٤ ح ٣.

(٢) الكافي : ١ / ١٩٣ ح ١.

(٣) النور : ٥٥.

(٤) كتاب الغيبة : ٢٤٠.

١١٨

اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الآية ، ويقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك ثم يخرّ محمد وعليّ والحسن والحسين سجّدا ثم يقولون : يا رب اغضب ، يا رب اغضب ، يا رب اغضب ، فانّه انتهك حريمك وقتل اصفياؤك وأذلّ عبادك الصالحون» (١).

الخامس : محمد بن العباس عن الحسين بن محمد بن معلي بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : «نزلت في عليّ بن أبي طالب والائمة من ولده عليهم‌السلام» (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) قال : «عنى به ظهور القائم عليه‌السلام» (٢).

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني رحمه‌الله قال : حدّثنا أبو مزاحم موسى بن عبد الله بن يحيى بن خاقان المقرئ ببغداد قال : حدّثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال : حدّثنا محمد بن حماد بن هامان الدباغ أبو جعفر قال : حدّثنا عيسى بن إبراهيم قال : حدّثنا الحرث بن تيهان قال : حدّثنا عقبة بن يقطان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأصقع بن قرضاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخل جندب بن جنادة بن جبير على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أخبرني عمّا ليس لله ، وعمّا ليس عند الله ، وعمّا لا يعلمه الله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أمّا ما ليس لله فليس له شريك وأمّا ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم العباد ، وأمّا ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود : عزير ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا» فقال جندل : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك محمد رسول الله حقا.

ثم قال : يا رسول الله إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال لي : يا جندل أسلم على يد محمد واستمسك بالأوصياء من بعده ، فقد أسلمت ورزقني الله ذلك فأخبرني عن الأوصياء من بعدك لأتمسك بهم فقال : «يا جندل أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل» فقال : يا رسول الله انّهم كانوا اثني عشر هكذا وجدناهم في التوراة قال : «نعم ، الائمة بعدي اثنا عشر» قال : يا رسول الله كلهم في زمن واحد قال : (لا ، ولكن خلف بعد خلف وإنّك لن تدرك منهم إلّا ثلاثة ، أولهم سيّد الأوصياء أبو الائمة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنّك جهل الجاهلين ، فإذا كانت وقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين يقضي الله

__________________

(١) كتاب الغيبة : ٣٧٦.

(٢) تأويل الآيات : ١ / ٣٦٩ ح ٢١.

١١٩

عليك ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه».

فقال : يا رسول الله هكذا وجدت في التوراة : إليا يقطوا شبرا وشبيرا ، فلم عرف أسماءهم، فكم من الحسين عليه‌السلام من الأوصياء وما اسماؤهم؟ فقال : «تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم ، فإذا انقضت مدة الحسين قام بالأمر علي ابنه ويلقّب زين العابدين ، فإذا انقضت مدة عليّ قام بالأمر من بعده محمد ابنه يدعى الباقر ، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده جعفر ويدعى بالصادق ، فإذا انقضت مدة جعفر قام بالأمر بعده موسى ويدعى بالكاظم ، ثم إذا انقضت مدة موسى قام بالأمر من بعده ابنه علي ويدعى بالرضا ، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر بعده محمد ابنه ويدعى بالزكي ، فإذا انقضت مدة محمد قام بالأمر بعده علي ابنه ويدعى بالنقي ، فإذا انقضت مدة علي قام بالأمر من بعده ابنه الحسن ويدعى بالأمين ، ثم يغيب عنهم إمامهم.

قال : يا رسول الله هو الحسن يغيب عنهم؟

قال «لا ، ولكن ابنه» قال : يا رسول الله فما اسمه؟ قال : «لا يسمى حتى يظهر».

فقال جندل : يا رسول الله وجدنا ذكرهم في التوراة وقد بشرنا موسى بن عمران بك وبالأوصياء من ذرّيتك ، ثم تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (١) فقال جندل : يا رسول الله فما خوفهم؟

قال : يا جندل في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجّل الله خروج قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ما ملئت جورا وظلما. ثم قال عليه‌السلام : طوبى للصابرين في غيبته طوبى للمقيمين على محبتهم ، أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (٢) ثم قال: (أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٣).

قال ابن الأصقع : ثم عاش جندل إلى أيام الحسين بن علي ثم خرج إلى الطائف ، فحدّثني نعيم ابن أبي قيس قال : دخلت عليه بالطائف وهو عليل ثم إنه دعا بشربة من لبن فشربه فقال : هكذا عهد لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثم مات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة (٤).

السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي بن حاتم المعروف بالكرماني قال : حدّثنا أبو

__________________

(١) التوبة : ٥٥.

(٢) البقرة : ٣.

(٣) الحديد : ٢٢.

(٤) كفاية الأثر : ٥٨ ـ ٥٩ ، والتوحيد : ٣٧٧ / ٢٣ ، وبحار الأنوار ٣٢ / ٣٠٧.

١٢٠