غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

بعزتي أن ادخل من اطاعه الجنة وان عصاني واقسمت بعزتي أن ادخل النار من عصاه وإن اطاعني»(١).

الحديث الخامس : موفق بن أحمد هذا قال : ذكر محمد بن أحمد شاذان قال : حدثني القاضي أبو محمد الحسن بن محمد بن موسى عن علي بن ثابت عن حفص بن عمر عن يحيى بن جعفر عن عبد الرّحمن بن إبراهيم عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحب عليّا قبل الله منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعائه ألا ومن أحب عليّا أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة ، ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط ، ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ألا ومن ابغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» (٢).

الحديث السادس : أحمد بن مردويه الحافظ الثقة عند العامة قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله ابن الحسين ، حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري أخبرنا أبو أحمد ، حدّثنا مغيرة بن أحمد المهلبي حدّثنا عبد الرّحمن بن صالح الازدي ، حدّثنا علي بن هاشم بن البريد ، حدّثنا جابر الجعفي عن صالح بن ميثم عن أبيه قال : سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «من لقى الله تعالى وهو جاحد ولاية علي بن أبي طالب لقى الله وهو عليه غضبان ولا يقبل الله منه شيئا من أعماله فيوكل به سبعون ملكا يتفلون في وجهه ويحشره الله تعالى أسود الوجه أزرق العين».

قلنا : يا أبا العباس أينفع حب علي عليه‌السلام في الآخرة؟ قال : قد تنازع أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حبّه حتى سألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «دعوني حتى أسأل الوحي فلما هبط جبرائيل سأله فقال : أسأل ربي عزوجل هذا ، فرجعه إلى السماء ثم هبط إلى الأرض فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول : أحب عليا فمن أحبّه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد أبغضني يا محمد حيث تكن يكن [علي] وحيث يكون [علي] محبوه وإن اجترحوا» (٣).

الحديث السابع : أبو المؤيد موفق بن أحمد المتقدم قال : نبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني أخبرني أحمد بن نصر بن أحمد أخبرني الحسين بن أبي العباس الفقيه أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد الهروي بنهاوند وأخبرني سليمان بن أحمد الطبراني حدثني محمد بن يوسف الضبّي حدثني محمد بن سعيد الخزاعي حدثني عمرو بن

__________________

(١) المناقب : ٣١٨ / ح ٣٢٠.

(٢) المناقب : ٧٢ / ح ٥١.

(٣) الطرائف : ١٥٦ ح ٢٤٣ عن ابن مردويه ، والأربعين للماحوزي : ٣٤٧ ، والبحار : ٣٩ / ٢٩٤.

٦١

حمزة أبو أسد القيسي حدثني خلف بن مهران أبو الربيع عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «حب علي بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة» (١).

الحديث الثامن : موفق بن أحمد هذا قال : قال : نبأني مهذب الأئمة هذا أخبرني أبو القاسم بن أبي بكر الحافظ أخبرني أبو الحسين عاصم بن الحسين بن محمد بن علي أخبرني أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد عن عبد الرّحمن ابن عقدة الحافظ حدثني الحسن بن علي بن بزيع حدثني عمر بن إبراهيم حدثنا سواد ابن مصعب الهمداني عن الحكم بن عتيبة عن يحيى الجزّار عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليّا فهو كاذب ليس بمؤمن» (٢).

الحديث التاسع : أبو المظفر السمعاني من اعيان علماء العامة في كتاب (مناقب الصحابة) بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعرفات وأنا وعليعليه‌السلام عنده فأومأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام فقال : «يا علي ضع خمسك في خمسي ـ يعني كفك في كفي ـ يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها فمن تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة ، يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا وصلّوا حتى كانوا كالأوتار ثم أبغضوك لأكبّهم الله على وجوههم [في الدار]» (٣).

وروى : هذا الحديث من طريق العامة أيضا إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة في كتاب (فرائد السمطين) قال : أخبرنا العدل ظهير الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمود الكازروني بقراءتي عليه ببغداد بالرباط البسطامي تجاه مسجد القمرية غربي دجلة قلت له : أخبرتك الشيخة الصالحة ضوء الصباح عجيبة بنت أبي بكر محمد بن أبي طالب بن أحمد بن مرزوق الباقداري إجازة فأقرّ به (٤).

وأخبرني عنها أيضا إجازة الشيخ المحدث عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن فارس بن الزجاج العلقمي بقراءته علينا في جمادى الأولى سنة اربع وأربعين وستمائة قالت : أنبأنا الشيخ الثقة أبو الحسن يحيى عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قراءة عليه

__________________

(١) المناقب : ٧٥ / ح ٥٦.

(٢) المناقب : ٧٦ / ح ٥٧.

(٣) تاريخ دمشق : / ٦٤٤٢ ط. دار الفكر ، والفردوسي للديلمي : ٥ / ٣٣١ ح ٨٣٤٥.

(٤) فرائد السمطين : ١ / ٥١ / ب ٤ / ح ١٦.

٦٢

وأنا استمع قال : أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن جحشويه قال : أنبأنا الشيخ الزاهد الولي أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي القزويني قال : أنبأنا أبو الفتح يوسف بن عمرو بن مسرور القواس إملاء من لفظة يوم السبت لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثة وثماني وثلاثمائة قال: حدثني أبو بكر أحمد بن إبراهيم الطوابيقي إملاء من لفظة سنة سبع وعشرين وثلاثمائة قال : أنبأنا أحمد بن زنجويه بن موسى قال : نبأنا عثمان بن عبد الله العثماني قال : نبأنا عبد الله بن لهيعة عن أبي الزبير المكي قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعرفات وعلي عليه‌السلام تجاهه فأومأ إليّ وإلى علي عليه‌السلام فأتينا فقال : «ادن منّي يا عليّ فدنا علي منه فقال : اطرح خمسك في خمسي ـ يعني كفّك في كفي ـ يا علي أنا وأنت من شجرة أنا أصلها أنت فرعها والحسن والحسين غصانها فمن تعلق بغصن من أغصانها ادخله الله تعالى الجنة ، يا علي لو أن أمتي صاموا حتى يكونوا كالحنايا وصلوا حتى يكونوا كالأوتار ثم أبغضوك لأكبّهم الله تعالى في النار» (١).

قال مؤلّف هذا الكتاب : يكفي في بغض علي وبنيه عليهم‌السلام تقديم غيرهم عليهم وموالاة غيرهم كما جاءت به الروايات.

الحديث العاشر : من طريق العامة المخالفين ما رواه الحبري يرفعه إلى أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على علي عليه‌السلام فقال : «يا أبا عبد الله ألا ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها ادخله الله الجنة وقبل منه والسيئة التي من جاء بها ادخله الله النار ولم يقبل له معها عمل؟ قال : قلت : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال : «الحسنة [ولاية علي و] (٢) حبّنا والسيئة بغضنا (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ثم قال : يا أبا عبد الله الحسنة حبّنا والسيئة بغضنا» (٣).

الحديث الحادي عشر : من طريق العامة أيضا ما رواه أبو نعيم الحافظ بإسناده عن أبي عبد الله الجدلي قال : قال علي عليه‌السلام : «[ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة وب] السيئة التي من جاء بها كبّت وجوههم في النار فلم يقبل معها عمل ثم قرأ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ثم قال : «يا أبا عبد الله الحسنة حبنا والسيئة بغضنا» (٤).

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٥١ / ب ٤ / ح ١٦.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٩٦ عن تفسير الثعلبي المخطوط.

(٣) تفسير الجري : ٦٨ ح ٢٨ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٥٤٩ ح ٥٨٢ ، وينابيع المودة : ١ / ٢٩١.

(٤) شواهد التنزيل : ١ / ٥٥٢ ح ٥٨٧ ، وينابيع المودة : ١ / ٢٩١.

٦٣

الحديث الثاني عشر : من طريق العامة ما ذكره ابن شاذان أبو الحسن الفقيه في (المناقب المائة في فضائل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وفضائل الأئمة عليهم‌السلام) من طرق العامة بحذف الإسناد عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حدثني جبرائيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال : من علم (١) أن لا إله إلا أنا وحدي وأن محمدا عبدي ورسولي ، وأن علي بن أبي طالب خليفتي ، وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصتي وخالصتي ، إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فرّ منّي دعوته وإن رجع إليّ قبلته ، وإن قرع بابي فتحته.

ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي وصغّر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي ورسلي ، إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع ندائه وإن دعاني لم أستجب دعائه ، وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلّام للعبيد.

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرأه منّي السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني وبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض [إلا باذنه] وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها» (٢).

الحديث الثالث عشر : إبراهيم بن محمد الحمويني المتقدم قال : أخبرني شيخنا الإمام مجد الدين محمد بن يحيى بن الحسين أبو الحسن الكرخي إجازة إن لم يكن سماعا [أخبرنا الرضي المؤيد بن محمد بن علي إجازة ، أنبأنا جدي لأمي محمد بن العباس العصاري أبو العباس سماعا عليه ، قال :] عليه ، أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي قال : أنبأنا أبو إسحاق أحمد

__________________

(١) في المصدر : أقر.

(٢) مائة منقبة : ١٦٧ ـ ١٦٩ المنقبة ٩٢ وانظر الهامش.

٦٤

ابن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال في تفسير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) قوله : (مَنْ جاءَ) أي من وافى الله تعالى (١).

ثم قال : إبراهيم بن محمد الحمويني هذا أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الفامي أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد نبأنا أبو بكر محمد بن الحسين البيهقي السّبيعي بحلب حدثني الحسين بن إبراهيم الجصّاص أنبأنا حسين بن الحكم نبأنا إسماعيل بن أبان عن فضيل بن الزبير عن أبي داود السبيعي عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : «يا أبا عبد الله ألا ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها ادخله الله الجنة والسيئة التي من جاء بها اكبّه الله في النار ولم يقبل معها عملا؟ قلت : بلى قال : «الحسنة حبنا والسيئة بغضنا فله خير منها أي فله من هذه الحسنة خير منها يوم القيامة».

وعن ابن عباس أيضا (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) يعني الثواب لأن الطاعة فعل العبد والثواب فعل الله تعالى.

وقيل : هو أن الله تعالى يقبل إيمانه وحسناته ويقول الله سبحانه خير من عمل العبد.

وقيل : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي رضوان الله تعالى قال الله تعالى ورضوان من الله اكبر.

وقال : محمد بن كعب وعبد الرّحمن بن زيد (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي الاضعاف إعطاء الله تعالى بالواحدة عشرا فصاعدا فهذا خير منها ، ولقد احسن ابن كعب بن زيد في تأويلهما لأن للأضعاف خصائص منها : أن العبد يسأل عن عمله ولا يسأل عن الاضعاف ، ومنها : أن للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل إلى الاضعاف ولأنه لا يطمع للخصوم في الاضعاف ولأن دار الحسنة الدنيا ودار الاضعاف الجنة ولأن الحسنة على استحقاق العبد والتضعيف كما يليق بكرم الرب سبحانه (٢).

الحديث الرابع عشر : إبراهيم بن محمد الحمويني هذا قال : أخبرني أحمد بن إبراهيم بن عمر إجازة عن عبد الرّحمن بن عبد السميع إجازة عن شاذان بن جبرائيل قراءة عليه أنبأنا محمد بن عبد العزيز القمي أنبأنا حاكم الدين محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله قال : أنبأنا أبو علي الحداد قال : نبأنا أبو نعيم قال : نبأنا ابن سهل قال : نبأنا أحمد بن محمد بن شيبة أبو العباس قال : نبأنا محمد ابن الحسين الخثعمي قال : نبأنا أرطأة بن حبيب قال : نبأنا فضيل بن الزبير الرّسان عن عبد الملك عن زاذان وأبي داود عن أبي عبد الله الجدلي قال : قال علي صلوات الله عليه وآله : «يا أبا عبد الله ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها آمن من الفزع الأكبر يوم القيامة وبالسيئة التي من جاء بها كبّت

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٩٧ / ب ٦١ / ح ٥٥٤.

(٢) فرائد السمطين : ٢ / ٢٩٧ / ب ٦١ / ح ٥٥٤.

٦٥

وجوههم في النار فلم يقبل منهما عمل» ثم قرأ : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) ثم قال : يا أبا عبد الله الحسنة حبّنا والسيئة بغضنا» (١).

الحديث الخامس عشر : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرنا الشيخ الصالح السيد شرف الدين أبو الفضل أحمد بن هبة الله ابن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر الشافعي الدمشقي بقراءتي عليه بها قال : أنبأنا الشيخ الإمام رضي الدين المؤيد بن محمد بن علي الطوسي إجازة قال: أنبأنا جدي الأمي أبو العباس محمد بن العباس العصاري المعروف ب (عباسة) سماعا قال : أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي قال : أنبأنا الإمام أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الثعلبي قال : نبأنا عبد الله بن حامد ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين البلخي نبأنا يعقوب بن يوسف بن إسحاق ، نبأنا محمد بن اسلم الطوسي ، نبأنا يعلى بن عبيد عن إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس بن خازم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من مات على حب آل محمد مات شهيدا ومن مات على حب آل محمد مات مغفورا له ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوّار قبره ملائكة الرّحمن ، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا ، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة» (٢).

الحديث السادس عشر : إبراهيم بن محمد الحمويني انبأني العدل أبو طالب الحسين بن عبد الله والحسن بن أحمد بن عبد الواحد بروايتهما عن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن كتابة برواية عن أبي الفضل محمد بن ناصر بن علي السلامي وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمرو بن الأشعث أبي القاسم الأشعبي الدمشقي البغدادي المعروف ب (السمرقندي) بروايتهما عن الشيخ العدل أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون إجازة إن لم يكن سماعا قال : أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان قراءة عليه وأنا اسمع فاقرّبه قال :

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٩٩ / ب ٦١ / ح ٥٥٥.

(٢) فرائد السمطين : ٢ / ٢٥٥ / ب ٤٩ / ح ٥٢٤.

٦٦

نبأنا القاسم بن العباس المقرئ قال : نبأنا زكريا بن يحيى الخزار المقدسي قراءة عليه وأنا اسمع قال : نبأنا إسماعيل بن عبادة قال : نبأنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت زينب بنت جحش وأتى بيت أم سلمة وكان يومها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يلبث أن جاء علي عليه‌السلام فدقّ الباب دقا خفيفا فاثبت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الدقّ فانكرته أم سلمة وقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قومي فافتحي له». قالت : يا رسول الله من هذا الذي الذي بلغ من خطره ما أفتح له الباب أتلقاه بمعاصمي ، وقد نزلت فيّ آية في كتاب الله بالأمس قال لها : «كهيئة المغضب إن طاعة الرسول لطاعة الله ومن عصى رسول الله فقد عصى الله إن بالباب رجلا ليس بنزق ولا علق يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله لم يكن ليدخل حتى ينقطع الوطي».

قالت : فقمت وأنا اختال في مشيتي وأنا أقول : بخ بخ من ذا الذي يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. ففتحت الباب فأخذ بعضادتي الباب حتى إذا لم يسمع حسيسا ولا حركة وصرت في خدري استاذن فدخل قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا أم سلمة أتعرفينه؟».

قلت : نعم يا رسول الله هذا علي ابن أبي طالب.

قال : «صدقت سيد أحبّه ، لحمه من لحمي ودمه من دمي ، وهو عيبة علمي فاسمعي واشهدي وهو قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي فاسمعي واشهدي ، وهو قاضي عداتي فاسمعي واشهدي وهو والله محيي سنتي فاسمعي واشهدي لو أن عبدا عبد الله ألف عام وألف عام وألف عام بين الركن والمقام ولقى الله عزوجل مبغضا لعلي بن أبي طالب وعترتي اكبّه الله على منخريه يوم القيامة في جهنم» (١).

في ما يدخل في هذا الباب كثيرة يقتصر في هذا الباب على هذا القدر ، وإن شاء الله تعالى يأتي في آخر باب في هذا المعنى من طرقهم في هذا المعنى كثيرة.

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٣١ / ب ٦١ / ح ٢٥٧. مع اختلاف في أسماء الرواة.

٦٧

الباب السابع والأربعون

في أن الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام أركان الإيمان

ولا يعرف الله جل جلاله ولا رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا بمعرفتهم

ولا يقبل أعمال العباد إلّا بمعرفتهم وولايتهم والبراءة من أعدائهم

من طريق الخاصة وفيه تسعة وعشرون حديثا

الحديث الأول : محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن عامر عن العباس بن معروف وعبد الله ابن عبد الرّحمن البصري عن أبي المعزى عن أبي بصير عن أبي خيثمة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : سمعت يقول : «نحن حجة الله ونحن أركان المؤمنين (١) ونحن دعائم الإسلام»(٢).

الحديث الثاني : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء قال : حدثنا محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر : «إنما يعبد الله من يعرف الله ، فأمّا من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا» قال : جعلت فداك فما معرفة الله؟.

قال : «تصديق الله عزوجل وتصديق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومولاه علي والائتمام به وبأئمة الهدىعليهم‌السلام والبراءة إلى الله عزوجل من عدوّهم ، هكذا يعرف الله عزوجل» (٣).

الحديث الثالث : ابن يعقوب عن الحسين عن معلى عن الحسن بن علي عن أحمد بن عائذ عن أبيه عن ابن أذينة قال : حدّثنا غير واحد عن أحدهما عليهما‌السلام أنّه قال : «لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة عليهم‌السلام كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلّم له ـ ثم قال ـ : كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول» (٤).

الحديث الرابع : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على

__________________

(١) في المصدر : الإيمان.

(٢) بصائر الدرجات : ٨٣ / ح ١٠ / باب ٣ من الجزء الثاني.

(٣) أصول الكافي : ١ / ١٨٠ ح ١ باب معرفة الإمام والرد إليه.

(٤) المصدر السابق : ح ٢.

٦٨

جميع الخلق؟ فقال : «إن الله عزوجل بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الناس أجمعين رسولا وحجة على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمن بالله وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واتّبعه وصدقه ، فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه ، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتّبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقّهما» (١) قال : قلت له : فمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله يجب على أوليائكم (٢) معرفتكم؟ قال : «نعم أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا؟» قلت : بلى. قال : أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء ، والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلّا الشيطان لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلّا الله» (٣).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عمر بن أبي المقدام عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت ، ومن لا يعرف الله عزوجل ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله ، هكذا والله ضالا» (٤).

الحديث السادس : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد بن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن فضالة عن أيّوب عن معاوية بن وهب عن ذريح قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الأئمة عليهم‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «كان أمير المؤمنين ثم كان الحسن إماما ثم كان علي بن الحسين إماما ، ثم كان علي بن الحسين إماما ، ثم كان محمد بن علي إماما ، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله» ـ ثم قال ـ قلت : ثم أنت جعلت فداك؟ فاعدتها عليه ثلاث مرات. فقال لي : «إنما حدثتك لتكون من شهداء الله تبارك وتعالى في أرضه» (٥).

الحديث السابع : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرّحمن عن الهيثم بن واقد عن مقرن قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) (٦) فقال نحن على الأعراف ونحن نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عزوجل إلّا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرّفنا عزوجل على الصراط فلا يدخل الجنة إلّا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرنا وأنكرناه ، إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد

__________________

(١) في الموضعين عطفا على المنفي.

(٢) في المصدر : أولئك حق.

(٣) المصدر السابق : ح ٣.

(٤) المصدر السابق : ح ٤.

(٥) المصدر السابق : ح ٥.

(٦) الأعراف : ٤٦.

٦٩

نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم عن الصراط لناكبون ، فلا سواء من اعتصم الناس به ، ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها من بعض وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها لا نفاد لها ولا انقطاع» (١).

الحديث الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن عيسى القمي قدس‌سره قال : حدثني علي بن محمد ماجيلويه قال : حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أنت أخي ووارثي ووصي وخليفتي في أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي محبّك محبي ومبغضك مبغضي ، يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة ، يا علي أنا وأنت والأئمة من ولدك سادات في الدنيا وملوك في الآخرة من عرفنا فقد عرف الله ، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزوجل» (٢).

الحديث التاسع : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر قال : حدّثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسىعليهما‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا سيّد من خلق الله عزوجل وأنا خير من جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع ملائكة الله المقربين وأنبياء الله المرسلين، وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف ، وأنا وعلي أبوا هذه الأمة من عرفنا فقد عرف الله ومن أنكرنا فقد أنكر لله عزوجل ، ومن علي سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة : الحسن ، الحسين ، ومن ولد الحسين تسعة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي تاسعهم قائمهم ومهديهم»(٣).

الحديث العاشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قدس‌سره قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين في خطبة : أنا الهادي وأنا المهتدي وأنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل ، وأنا ملجأ كل ضعيف ومأمن كل خائف ، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة وأنا حبل الله المتين ، وأنا عروة الله الوثقى وكلمة الله التقوى ، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده ، وأنا جنب الله أن الذي يقول (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) ، وأنا يد الله

__________________

(١) الكافي : ١ / ١٨٤ ح ٩.

(٢) أمالي الصدوق : ٧٥٤ / مجلس ٩٤ / ح ٦.

(٣) كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦١ / ح ٧.

٧٠

المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة ، وأنا باب حطة من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربّه لأني وصي نبيّه في أرضه وحجته على خلقه لا ينكر هذا إلّا رادّ على الله وعلى ورسوله.

قال ابن بابويه عقيب هذا الحديث : الجنب الطاعة في لغة العرب يقال : هذا صغير في جنب الله أي في طاعة الله عزوجل قال الله عزوجل : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (١) أي في طاعة الله عزوجل (٢).

الحديث الحادي العشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن علي رحمه‌الله عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المخالف على علي بن أبي طالب بعدي كافر والمشرك به مشرك ، والمحب له مؤمن والمبغض له منافق ، والمقتفي لأثره لاحق والمحارب له فارق ، والراد عليه زاهق ، علي نور لله في بلاده ، وحجّته على عباده ، علي سيف الله على أعدائه ، ووارث علم أنبيائه ، علي كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلى ، على سيد الأوصياء ووصي سيد الأنبياء عليعليه‌السلام أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين وإمام المسلمين لا يقبل الله الإيمان إلّا بولايته وطاعته» (٣).

الحديث الثاني عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي قدس‌سره قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب عن أحمد بن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن قتيبة بن سعيد عن عمرو بن غزوان عن أبي مسلم قال خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتى أتينا باب أم سلمة (رض) وقعد أنس على الباب ودخلت مع الحسن البصري سمعت الحسن وهو يقول : السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته فقالت له : وعليك السلام من أنت يا بني؟ فقال : أنا الحسن البصري. فقالت له : فيما جئت يا حسن؟ فقال لها : جئت لتحدثيني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

فقالت أم سلمة : والله لأحدّثنّك بحديث سمعته اذناي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلا فصمّتا أو رأته عيناي وإلا فعميتا ووعاه قلبي وإلا فطبع الله عليه واخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي بن أبي طالب : «يا علي ما من عبد لقى الله عزوجل يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلا لقى الله بعبادة صنم أو وثن» قال : فسمعت الحسن البصري وهو يقول : الله اكبر أشهد أن عليا مولاي ومولى

__________________

(١) الزمر : ٥٦.

(٢) معاني الأخبار : ١٧ / ح ١٤.

(٣) أمالي الصدوق : ٦١ / مجلس ٣ / ح ٦.

٧١

المؤمنين فلمّا خرج قال له أنس بن مالك : ما لي أراك تكبّر؟ قال : سألت أمّنا أم سلمة أن تحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي عليه‌السلام فقالت كذا أو كذا فقلت : الله أكبر اشهد أن عليا مولاي ومولى كل مؤمن قال : فسمعت عنه ذلك أنس بن مالك وهو يقول : اشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال هذه المقالة ثلث مرات أو اربع مرات (١).

الحديث الثالث عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاقرحمه‌الله قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي أبي حمزة عن أبيه عن يحيى بن أبي القاسم عن الصادق جعفر بن محمد عن علي عليه‌السلام قال : «قال رسول الله : الأئمة بعدي اثنا عشر أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجة الله على أمتي بعدي المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر» (٢).

الحديث الرابع عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكل قدس‌سره قال : حدثني محمد بن أبي عبد الله قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّه الحسين بن يزيد عن الحسن ابن علي أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حدثني جبرائيل عن رب العزّة جل جلاله أنّه قال : من علم أن لا إله إلّا الله وحدي وأن محمدا عبدي ورسولي وأن علي بن أبي طالب خليفتي ، وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي وأنجيته من النار بعفوي وابحت له جواري وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصّتي وخالصتي إن ناداني لبيته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن رجع إليّ قبلته ، وإن قرع بابي فتحته.

ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي أو شهد ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغّر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي إن قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداه ، وإن دعاني لم أسمع دعائه ، وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلّام للعبيد فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟

قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر فإذا ادركته فاقرأه منّي السلام ، ثم الصادق جعفر بن

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٩٢ / مجلس ٥١ / ح ١٥.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٦١ / ح ٢٨.

٧٢

محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم التقي محمد بن علي ، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا مهم فقد أنكرني بهم يمسك الله عزوجل السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها» (١).

الحديث الخامس عشر : ابن بابويه قال : حدثني علي بن الحسن قال : حدثني هارون بن موسى قال : حدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني قال : حدّثنا أبو عمر أحمد بن علي الفندي قال : حدّثنا علي بن سعد بن مسروق حدّثنا عبد الكريم بن هلال المكي عن أبي الطفيل عن أبي ذر قدس‌سره قال : سمعت فاطمة عليهما‌السلام تقول : «سألت أبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول لله تبارك وتعالى : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) قال : هم الأئمة بعدي عليّ وسبطاي وتسعة من صلب الحسين عليهم‌السلام فهم رجال الأعراف لا يدخل الجنة إلّا من يعرفهم ويعرفونه ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وينكرونه ولا يعرف الله تعالى إلّا بسبيل معرفتهم» (٢).

الحديث السادس عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قدس‌سره قال أخبرنا محمد بن محمد الهمداني قال : حدثني محمد بن هشام قال : حدّثنا علي بن الحسن السائح قال : سمعت الحسن بن علي عليه‌السلام ـ أي العسكري عليه‌السلام قال ـ : «حدثني أبي عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب لا يحبك إلّا مؤمن طابت ولادته ولا يبغضك إلّا من خبثت ولادته ولا يواليك إلّا مؤمن ولا يعاديك إلّا كافر فقام إليه عبد الله بن مسعود فقال : يا رسول الله قد عرفنا علامة خبيث الولادة والكافر في حياتك ببغض علي وعداوته فما علامة خبيث الولادة والكافر بعد إذا اظهر الإسلام بلسانه واخفى مكنون سريرته؟ فقالعليه‌السلام: يا ابن مسعود علي بن أبي طالب إمامكم بعدي وخليفتي عليكم فإذا مضى فابني الحسن إمامكم بعده وخليفتي عليكم ، فإذا مضى فابني الحسين إمامكم بعده وخليفتي عليكم ثم تسعة من ولد الحسين واحدا بعد واحد أئمتكم وخلفائي عليكم تاسعهم قائمهم قائم أمتي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما لا يحبهم إلّا من طابت ولادته ولا يبغضهم إلّا من خبثت ولادته ولا يواليهم إلا مؤمن ولا يعاديهم إلّا كافر ، ومن أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، ومن أنكرني فقد أنكر الله ، ومن جحد واحدا منهم فقد جحدني ومن جحدني فقد جحد الله عزوجل ؛ لأن طاعتهم طاعتي وطاعتي

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٨ / ح ٣.

(٢) كفاية الأثر : ١٩٥.

٧٣

طاعة الله ومعصيتهم معصيتي ومعصيتي معصية الله عزوجل يا ابن مسعود إياك أن تجد في نفسك حرجا مما قضيت فتكفر بعزة ربي وما أنا متكلف ولا ناطق عن الهوى في علي والأئمة من ولده ثم قال عليه‌السلام ـ وهو رافع يديه إلى السماء ـ اللهمّ وال من والى خلفائي والأئمة بعدي وعاد من عاداهم وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم ، ولا تخلو الأرض من قائم منهم بحجتك ظاهرا أو خافيا مغمورا لئلا يبطل دينك وحجتك وبرهانك ثم قال عليه‌السلام : يا ابن مسعود وقد جمعت لكم في مقامي هذا ما إن فارقتموه هلكتم وإن تمسّكتم به نجوتم ، والسلام على من اتبع الهدى» (١).

الحديث السابع عشر : المفيد في أماليه قال : أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدّثنا عبد الله بن راشد الأصفهاني قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال : أخبرنا إسماعيل بن صبيح قال : حدّثنا سالم بن أبي سالم المصري عن أبي هارون العبدي قال : كنت أرى رأي الخوارج لا رأي له غيره حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري قدس‌سره فسمعته يقول : أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة ، فقال له رجل : يا أبا سعيد ما هذه الأربع التي عملوا بها ، قال : الصلاة والزكاة والحج وصوم شهر رمضان ، قال : فما الواحدة التي تركوها؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال الرجل : وإنها المفترضة معهن؟ قال أبو سعيد : نعم ورب الكعبة ، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن قال أبو سعيد : فما ذنبي (٢).

الحديث الثامن عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الشيباني والقاضي أبو الفرج المعافي بن زكريا البغدادي والحسين بن محمد بن سعيد والحسين بن علي بن الحسن الرازي جميعا قالوا : حدّثنا أبو علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب قال : حدثني الحسن بن محمد بن جمهور العمي عن أبيه محمد بن جمهور قال : حدثني عثمان بن عمر قال : حدّثنا شعبة بن سعيد (٣) ابن إبراهيم عن عبد الرّحمن الأعرج أن أبي هريرة قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبو بكر وعمر والفضل ابن العباس وزيد بن حارثة وعبد الله بن مسعود إذ دخل الحسين بن علي عليه‌السلام فأخذه النبي وقبله ثم قال : «حبقه حبقه ترق عين بقه ووضع فمه على فمه ـ ثم قال ـ : اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه ، يا حسين أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة ، تسعة من ولدك أئمة أبرار ، فقال له عبد الله بن مسعود : ما هؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم في صلب الحسين؟ فاطرق مليّا ثم رفع رأسه فقال : يا عبد الله سألت عظيما ولكني أخبرك أن ابني هذا ـ ووضع يده على كتف الحسينعليه‌السلام ـ يخرج من

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة : ٢٦١ / ح ٨.

(٢) أمالي المفيد : ١٣٩ / المجلس ١٩ / ح ٣.

(٣) في المصدر المعتمد : شعبة عن سعيد وبالهامش عن بعض نسخ المصدر شعبة بن سعيد.

٧٤

صلبه ولد مبارك سمي جده علي سيد العابدين ونور الزهّاد ، ويخرج الله من صلب علي ولدا سميّي واشبه الناس بي يبقر العلم بقرا وينطق بالحق ويأمر بالصواب ، ويخرج الله من صلبه كلمة الحق ولسان الصدق.

فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبي الله؟ فقال له : جعفر صادق في قوله وفعله ، الطّاعن عليه كالطاعن عليّ والراد عليه كالراد عليّ ، ثم دخل حسان بن ثابت وأنشد في رسول الله شعرا وانقطع الحديث ، فلما كان من الغد صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل بيت عائشة ودخلنا معه أنا وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن العبّاس وكان من دأبه إذا سئل أجاب وإذا لم يسأل ابتدأ فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ألا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين قال : نعم يا أبا هريرة ، ويخرج الله من صلب جعفر مولودا تقيا طاهرا أسمر ربعة سميّي موسى بن عمران ، ثم قال له ابن عباس : ثم من يا رسول الله؟ قال : يخرج من صلب موسى علي ابنه يدعى بالرضا موضع العلم ومعدن الحلم ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله بابني المقتول في أرض الغربة ، ويخرج من صلب علي ابنه محمد المحمود أطهر الناس خلقا وأحسنهم خلقا ، ويخرج من صلب محمد علي ابنه طاهر النجيب (١) صادق اللهجة ، ويخرج من صلب علي الحسن الميمون النقي الطاهر الناطق عن الله وأبو حجة الله، ويخرج من صلب الحسن قائمنا أهل البيت يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا ظلما ، له غيبة موسى وحكم داود وبهاء عيسى ثم تلا عليه‌السلام (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢) فقال له علي بن أبي طالب : بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكرتهم؟ قال : يا علي أسماء الأوصياء من بعدك والعترة الطاهرة والذرية المباركة ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا عبد الله ألف عام ثم ألف عام بين الركن والمقام ثم أتاني جاحدا لولايتهم لأكبّه الله في النار كائنا من كان» قال أبو علي بن همام : العجب كل العجب من أبي هريرة كيف يروي مثل هذه الأخبار ثم ينكر فضائل أهل البيت (٣).

الحديث التاسع عشر : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها

__________________

(١) في المصدر : الحبيب.

(٢) آل عمران : ٣٤.

(٣) كفاية الأثر : ٨٥.

٧٥

الليل بصرت بقطيع من غير راعيها فحنّت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعي قطعيه انكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك وقطيعك فإنك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة متحيرة تائهة : لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردّها ، فبينما هي كذلك إذ اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عزوجل ظاهرا عادلا أصبح ضالا تائها وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق ، وأعلم يا محمد أن أئمة الجور واتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا واضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتد به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد» (١).

الحديث العشرون : ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويقولون فلانا وفلانا ، لهم أمانة وصدق ووفاء ، وقوم يتولونكم وليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق ، قال : فاستوى أبو عبد الله عليه‌السلام جالسا فأقبل عليّ كالغضبان ثم قال : «لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان الله بولاية إمام عادل من الله ، قلت : لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء؟ قال : نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء ، ثم قال : ألا تسمع لقول الله عزوجل : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٢) يعني ظلمات الذنوب إلي نور التوبة والمغفرة بولايتهم كل إمام عادل من الله ، وقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام فلما أن تولّوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياه من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب الله لهم النار مع الكفار فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» (٣).

الحديث الحادي والعشرون : ابن يعقوب بإسناده عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «قال الله تبارك وتعالى لأعذبنّ كل رعية في الإسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله ، وإن كانت الرعية في أعمالها برّة تقية ، ولأعفونّ عن كل رعية في الإسلام دانت

__________________

(١) الكافي : ١ / ١٨٤ ح ٨ باب معرفة الإمام.

(٢) البقرة : ٢٥٩.

(٣) أصول الكافي : ١ / ٣٧٦ ح ٣ باب فيمن دان الله بغير إمام.

٧٦

بولاية كل إمام عادل وإن كانت الرعية في نفسها ظالمة مسيئة» (١).

الحديث الثاني والعشرون : ابن يعقوب عن علي بن محمد عن ابن جمهور عن أبيه عن صفوان عن ابن مسكان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال : «إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية ، وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة» (٢).

الحديث الثالث والعشرون : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبد الله عليه‌السلام في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة عليهم‌السلام وصفاتهم : «إن الله عزوجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه وأبلج عن سبيل منهاجه وفتح بهم عن ينابيع علمه ، فمن عرف من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واجب حق إمامه وجد طعم حلاوة إيمانه وعلم فضل طلاوة إسلامه ، لأن الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه وجعله حجة على أهل موادّه وعالمه ، والبسه تاج الوقار وغشّاه بنور الجبار ، يمد بسبب إلى السماء لا ينقطع عنه موادّه ، ولا ينال ما عند الله إلّا بجهة أسبابه ، ولا يقبل أعمال العباد إلّا بمعرفته» والخطبة طويلة تقدمة بطولها في الباب التاسع والثلاثين (٣).

الحديث الرابع والعشرون : محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة عن أبي الحارث عبد الله ابن عبد الملك بن سهل الطبراني قال : حدّثنا محمد بن المثنى البغدادي قال : حدّثنا محمد ابن إسماعيل الرقي قال : حدّثنا موسى بن عيسى بن عبد الرّحمن قال : حدّثنا هشام بن عبد الله الدستوائي قال : حدثني علي بن محمد عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن محمد بن علي الباقر عليه‌السلام عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله: «إن الله أوحى إليّ ليلة أسرى بي : يا محمد من خلفت في الأرض على أمتك ـ وهو أعلم بذلك ، قلت : يا رب أخي ، قال : يا محمد علي بن أبي طالب ، قلت : نعم يا رب ، قال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترك منها فلا اذكر حتى تذكر معي أنا المحمود وأنت محمد ، ثم إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة أخرى فاخترت منها علي بن أبي طالب ، فجعلته وصيّك فأنت سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء ، ثم شققت له اسما من اسمائي فأنا الأعلى وهو علي ، يا محمد إني خلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من نور واحد ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن

__________________

(١) المصدر السابق : ح ٤.

(٢) المصدر السابق : ح ٥.

(٣) أصول الكافي : ١ / ٢٠٣ ح ٢ باب نادر في فضل الإمام.

٧٧

قبلها كان من المقربين ومن جحدها كان من الكافرين ، يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى ينقطع ثم يلقاني (١) جاحدا لولايتهم أدخلته النار ، ثم قال : يا محمد أتحب أن تراهم؟

قلت : نعم ، فقال : تقدم أمامك ، فتقدمت أمامي فإذا بعلي بن أبي طالب والحسن بن علي والحسين بن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم كأنه الكوكب الدرّي في وسطهم ، فقلت ومن هؤلاء؟

قال : هؤلاء الأئمة وهذا القائم يحل (٢) حلالي ويحرم حرامي وينتقم من أعدائي ، يا محمد أحبّه فإني أحبه وأحب من يحبّه».

الحديث الخامس والعشرون : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال : حدثني هارون بن إسحاق الهمداني قال : حدثني عبدة بن سليمان قال : حدّثنا كامل ابن العلاء قال : حدّثنا حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب : «يا علي أنت صاحب حوضي وصاحب لوائي ومنجز عداتي وحبيب قلبي ووارث علمي ، وأنت مستودع مواريث الأنبياء وأنت أمين الله في أرضه وأنت حجة الله على بريّته وأنت ركن الإيمان وأنت مصباح الدجى وأنت منار الهدى وأنت العلم المرفوع لأهل الدنيا من تبعك نجى ومن تخلف عنك هلك ، وأنت الطريق الواضح وأنت الصراط المستقيم ، وأنت قائد الغرّ المحجلين وأنت يعسوب المؤمنين ، وأنت مولى من أنا مولاه وأنا مولى كل مؤمن ومؤمنة لا يحبّك إلّا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث الولادة وما عرج بي ربي عزوجل إلى السماء قط وكلمني ربي إلّا قال لي : يا محمد اقرأ عليا منّي السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور أهل طاعتي فهنيئا لك يا علي هذه الكرامة» (٣).

الحديث السادس والعشرون : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعبد الله بن الصلت عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرّحمن الطاعة للإمام بعد معرفته ، ثم قال : إن اللهعزوجل يقول : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٤) أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ، ويكون

__________________

(١) في المصدر : لقيني.

(٢) في المصدر : محلل.

(٣) أمالي الطوسي : ٣٨٢ / مجلس ٥٠ / ح ١٤.

(٤) النساء : ٨٣.

٧٨

جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان قال : أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته» (١).

الحديث السابع والعشرون : ابن بابويه في الفقيه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لنا علي بن الحسين عليه‌السلام : «أي البقاع أفضل؟ فقلنا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، فقال لنا : [أمّا] أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن عبدا عمر ما عمر نوح عليه‌السلام في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقى الله عزوجل بغير ولا يتنا لم ينفعه ذلك شيئا» (٢).

الحديث الثامن والعشرون : ابن بابويه بإسناده قال الصادق عليه‌السلام : «إن أول من يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض ، وعن ولايتنا أهل البيت فإن أقرّ بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجّه ، وإن لم يقرّ بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عزوجل منه شيئا من أعماله» (٣).

الحديث التاسع والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال : حدّثنا الحسن بن علي بن الحسن الكوفي قال: حدّثنا إسماعيل بن محمد المزني قال : حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني عن سعد بن سعيد عن يونس بن الحبّاب عن علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم عليه‌السلام فرحوا واستبشروا وإذا ذكر عندهم آل محمد عليهم‌السلام اشمأزت قلوبهم ، والذي نفس محمد بيده لو أن عبدا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيّا ما قبل الله ذلك منه حتى يلقى الله بولايتي وولاية أهل بيتي (٤).

الحديث الثلاثون : الشيخ في أماليه قال : حدثنا أبو منصور السكري قال : حدثني جدي علي ابن عمر قال : حدثني العباس بن يوسف الشكلي قال : حدثنا عبد الله بن هشام قال : حدثنا محمد ابن مصعب القرقساني قال : حدثنا الهيثم بن جماز عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : رجعنا مع رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله قادمين من تبوك. فقال لي في بعض الطريق : «ألقوا إلي الأحلاس والأقتاب» ففعلوا فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخطب فحمد الله واثنى عليه كما هو أهله ثم قال : «معاشر الناس ما لي إذا

__________________

(١) الكافي : ٢ / ١٩ ح ٥ و ١ / ١٨٥ ح ١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢٤٥ ح ٢٣١٣.

(٣) أمالي الصدوق : ٣٢٨ / ح ٣٨٨ / مجلس ٤٤ / ح ١١.

(٤) أمالي الطوسي : ١٤٠ / مجلس ٥ / ح ٤٢.

٧٩

اذكر آل إبراهيم تهللت وجوهكم وإذا ذكر آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كأنما تفقأ في وجوهكم حب الرمان فو الذي بعثني بالحق نبيا لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجيء بولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام لأكبه الله عزوجل في النار (١).

الحديث الحادي والثلاثون : الشيخ المفيد في أماليه قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ـ يعني ابن بابويه ـ قال : حدثني أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن الفضل بن عمر الجعفي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام عن أبيه عن جده قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب : أنا وأنت وابناؤك الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الإسلام من تبعنا نجا ومن تخلف عنّا فإلى النار» (٢).

والروايات في ذلك مما يدخل في هذا الباب كثيرة ومن أراد الزيادة على ما هنا فعليه بكتاب المسمّى بالإكمال فيما تقبل به الأعمال.

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٣٠٨ / مجلس ١١ / ح ٦٦.

(٢) أمالي المفيد : ٢١٧ / مجلس ٢٥ / ح ٤.

٨٠