غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

بأهلها هم وهم السبب في النجاة ، وهم أصل كل من بقى من ولد آدم صلوات الله عليه ، فلا عجب إذا صلى الإنسان عليهم عند ركوب كل سفينة شكرا لعلوّ مقاماتهم ، وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم ، وإن اختار كل من ركب في سفينة وخاف من أخطارها ومعاطيها أن يكتب على جوانبها في المواضع التي كانت أسماهم في سفينة نوح عليه‌السلام توسلا وتوصلا في المظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح عليه‌السلام إليه ، ويكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه ، فلا يبعد من فضل الله جلّ جلاله أن يظفر بمطلوبه وإدراك محبوبه إن شاء الله تعالى (١).

__________________

(١) الأمان من أخطار الأسفار : ١١٨ ـ ١٢٠ الفصل الرابع ، ونوادر المعجزات : ٦٤ ، والبحار : ١١ / ٣٢٨ ح ٤٩.

٢١

الباب الثالث والثلاثون

في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ...»

من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث

الحديث الأوّل : ابن بابويه في كتاب (النصوص على الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام) قال : حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قدس‌سره قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدّثنا محمد بن غياث الكوفي قال : حدثني حماد بن أبي حازم المدني قال : حدثنا عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الأولى ثم اقبل بوجهه الكريم علينا فقال : «معاشر أصحابي : إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل فتمسكوا بأهل بيتي بعدي والأئمة الراشدين من أهل بيتي (١) فإنكم لن تضلوا أبدا» فقيل : يا رسول الله فكم الأئمة بعدك؟ قال : «اثنا عشر من أهل بيتي» وقال : «من عترتي» (٢).

الحديث الثاني : ابن بابويه من هذا الكتاب قال : حدّثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة قال : حدّثنا أبو محمد هارون بن موسى قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدّثنا محمد بن سالم بن عبد الرّحمن الأزدي عن الحسن بن أبي جعفر قال : حدّثنا علي بن زيد عن سعيد ابن المسيب عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الأئمة من بعدي اثنا عشر تسعة من صلب الحسين تاسعهم قائمهم» ثم قال عليه‌السلام : «ألا إن مثلهم فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ومثل باب حطّة في بني إسرائيل» (٣).

وبإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يزال الدعاء محجوبا حتى يصلي عليّ وعلى أهل بيتي» (٤).

الحديث الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه محمد بن خالد عن غياث بن إبراهيم عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف عن سعد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن

__________________

(١) في المصدر : ذريتي.

(٢) كفاية الأثر : ٣٤.

(٣) كفاية الأثر : ٣٤ ـ ٣٥.

(٤) المصدر السابق.

٢٢

أبي طالب عليه‌السلام : «يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبّني ويبغضك ، لأنك منّي وأنا منّك ، لحمك من لحمي ، ودمك من دمي وروحك من روحي ، وسريرتك من سريرتي ، وعلانيتك من علانيتي ، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، سعد من اطاعك وشقي من عصاك وربح من تولّاك وخسر من عاداك وفاز من لزمك وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة» (١).

الحديث الرابع : الشيخ الطوسي في أماليه قال : حدثني محمد بن محمد يعني المفيد قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال : أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم قال : حدّثنا أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : أخبرني عباد بن يعقوب قال : حدثني الحكم بن ظهير عن أبي إسحاق عن رافع مولى أبي ذر قال : رأيت أبا ذر أخذ بحلقة باب الكعبة مستقبل الناس بوجهه وهو يقول : من عرفني فأنا جندب الغفاري ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله تعالى في الثالثة مع الدجال إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق. ومثل باب حطّة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك» (٢).

الحديث الخامس : الشيخ المفيد في أماليه قال : أخبرني أبو الحسن علي بن هلال المهلبي قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد الأصفهاني قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا الصباح بن يحيى المزني عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد ابن عبد الله قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان على بيّنة من ربّه وأنا الشاهد له ومنه ، والذي نفسي بيده ما أحد جرت عليه المواسي من قريش إلّا وقد أنزل الله فيه من كتابه طائفة ، والذي نفسي بيده لأن تكونوا تعلمون (٣) ما قضى الله لنا أهل البيت على لسان النبي الأمي أحب إليّ من أن يكون لي ملء هذه الرحبة ذهبا ، والله ما مثلنا في هذه الأمة إلا كمثل سفينة نوح وكباب حطّة في بني إسرائيل» (٤).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٤١ / ح ٤٠٨ / المجلس ٤٥ / ح ١٨.

(٢) أمالي الطوسي : ٦٠ / ح ٨٨ / مجلس ٢ / ح ٥٧.

(٣) في المصدر : يعلمون.

(٤) أمالي المفيد : ١٤٥ / المجلس ١٨ / ح ٥.

٢٣

الحديث السادس : الشيخ محمد بن حمد بن علي المعروف بابن القتال في روضة الواعظين عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر خطبة يوم غدير خم بطولها إلى أن قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «معاشر الناس إن عليّا صديق هذه الأمة وفاروقها ومحدّثها وأنه هارونها ويوشعها وأصفها وشمعونها وأنه باب حطتها وسفينة نجاتها أنه طالوتها وذو قرنيها».

الحديث السابع : سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال : بينا أنا وحبيش بن المعتمر بمكة إذ قام أبو ذر وأخذ بحلقة الباب ثم نادى بأعلى صوته في الموسم : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن جهلني فأنا جندب بن جنادة أنا أبو ذر ، أيها الناس إني سمعت نبيّكم يقول : «إن مثل أهل بيتي فيكم (١) كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل ، أيها الناس إني سمعت نبيّكم يقول : إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسّكتم بهما ، كتاب الله وأهل بيتي إلى» إلى آخر الحديث (٢).

الحديث الثامن : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفّار قال : حدثني أبو سليمان محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : قال أخبرنا علي بن محمد البزاز قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس القاضي قال : حدّثنا محمد بن محمد الحسن السلولي قال : حدّثنا صالح بن أبي الأسود عن أبان بن تغلب عن حنش بن المعتمر عن أبي ذر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال : «إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه‌السلام من دخلها نجا ومن تخلّف عنها غرق» (٣).

الحديث التاسع : الشيخ في أماليه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن جرير قال : حدثني عيسى بن مهران قال : أخبرنا مخوّل بن إبراهيم قال : أخبرنا عبد الرّحمن بن الاسود عن علي بن الحزور عن أبي عمر البزاز عن رافع مولى أبي ذر قال : قال : صعد أبو ذر قدس‌سره على درجة الكعبة حتى أخذ بحلقة الباب ثم أسند ظهر إليه ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن انكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول : «إنما مثل أهل بيتي في هذه الآية كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك» وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس فإن الجسد لا يهتدي إلّا بالرأس ولا يهتدي الرأس إلّا بالعينين» (٤).

__________________

(١) في المصدر : في أمتي.

(٢) كتاب سليم بن قيس : ٤٥٧.

(٣) أمالي الطوسي : ٣٤٩ / مجلس ١٢ / ح ٦١.

(٤) أمالي الطوسي : ٤٨٢ / مجلس ١٧ / ح ٢٢.

٢٤

الباب الرابع والثلاثون

في أهل البيت عليهم‌السلام أهل الذكر وهم المسئولون

في قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الحديث الأول : الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) قال : قال جابر: لما نزلت هذه الآية قال علي عليه‌السلام : «نحن أهل الذكر» (١).

الحديث الثاني : في تفسير يوسف القطّان عن وكيع عن الثوري عن السدّي قال : كنت عند عمر ابن الخطاب إذ اقبل عليه كعب بن الأشرف ومالك بن الصيفي وحي بن أخطب فقالوا : إن في كتابك (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) إذا كان سعة جنة واحدة كسبع سماوات وسبع أرضين فالجنان كلها يوم القيامة أين تكون؟ فقال عمر : لا أعلم ، فبينما هم في ذلك إذ دخل علي عليه‌السلام فقال : «في شيء أنتم؟» فألقى اليهودي المسألة عليه (٢) فقال لهم : «أخبروني أن النهار إذا أقبل الليل أين يكون ، والليل إذا أقبل النهار أين يكون».

قالوا له : في علم الله تعالى [يكون] فقال علي عليه‌السلام : «كذلك الجنان تكون في علم الله» فجاء علي عليه‌السلام إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره بذلك فنزل (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٣).

الحديث الثالث : ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في المستخرج من تفاسير الاثني عشر في تفسير قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) يعني أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، والله ما سمّي المؤمن مؤمنا إلا كرامة لعلي بن أبي طالب (٤).

__________________

(١) العمدة عن الثعلبي المخطوط : ٢٨٨ ح ٤٦٨.

(٢) في المصدر : فالتفت اليهودي وذكر المسألة فقال علي عليه‌السلام لهم.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٧٥ ، والبحار : ٤٠ / ١٧٤.

(٤) الطرائف : ٩٤ ح ١٣١ ، والصراط المستقيم مختصرا : ١ / ٢١٧.

٢٥

الباب الخامس والثلاثون

في أن أهل البيت هم أهل الذكر إن كنت لا تعلمون

من طريق الخاصة وفيه أحد وعشرون حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الذكر أنا والأئمة عليهم‌السلام أهل الذكر وقوله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) قال أبو جعفر عليه‌السلام : «نحن قومه ونحن المسئولون» (١).

الحديث الثاني : عن ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد بن ارومة عن علي ابن حسان عن عمّه عبد الرّحمن بن كثير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢) قال : «الذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون» قال : قلت : قوله: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٣) قال : «ايانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسئولون» (٤).

الحديث الثالث : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال : سألت الرضا عليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فقال: «نحن أهل الذكر ونحن المسئولون» قلت : أنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال : «نعم» ، قلت : حقا علينا أن نسألكم؟ قال : «نعم» ، قلت : حقا عليكم أن تجيبونا ، قال : «لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٥) (٦).

الحديث الرابع : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي قال : كنت عند أبو جعفر عليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما يحضرني منها مسألة واحدة قال : «ولا واحدة يا ورد» قال : بلى قد حضرني منها واحدة ، قال : «وما هي» قال : قول الله تبارك تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من هم؟ قال «نحن» قلت : علينا أن نسألكم؟ قال :

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢١٠ ح ١.

(٢) النحل : ٤٥.

(٣) الزخرف : ٤٣.

(٤) المصدر السابق : ح ٢.

(٥) ص : ٣٨.

(٦) المصدر السابق : ح ٣.

٢٦

«نعم» قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : «ذاك إلينا» (١).

وروى محمد بن الحسن الصفار هذا الحديث في (بصائر الدرجات) عن محمد بن الحسين وساق السند بعينه والمتن بتغيير يسير في المتن (٢).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن من عندنا يزعمون أن قول الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) إنهم اليهود والنصارى قال : إذا يدعونكم إلى دينهم» ؛ ثم قال بيده إلى صدره : «نحن أهل الذكر ونحن المسئولون» (٣).

الحديث السادس : ابن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله عزوجل أن يسألونا قال : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب ، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا» (٤).

الحديث السابع : ابن يعقوب بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : كتبت إلى الرضا عليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت إليه قال الله عزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال الله عزوجل : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فقد فرضت عليهم المسألة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) (٥).

وروى هذين الحديثين الصفّار أيضا عن أحمد بن محمد بباقي السّند والمتن (٦).

الحديث الثامن : ابن يعقوب عن محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال جل ذكره : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : الكتاب الذكر وأهله آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال ، وسمّى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : (وَأَنْزَلْنا

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢١١ ح ٦.

(٢) بصائر الدرجات : ٥٩ / ح ٤ / باب ١٩.

(٣) الكافي : ١ / ٢١١ ح ٧.

(٤) المصدر السابق : ح ٨.

(٥) المصدر السابق : ح ٩ والآية في التوبة : ١٢٣ ، والاخرى في القصص : ٥٠.

(٦) بصائر الدرجات : ٥٨ / ح ٢ ـ ٣ / باب ١٩.

٢٧

إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وقال عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ)» (١).

الحديث التاسع : ابن يعقوب عن محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار أنه عرض على أبي عبد الله عليه‌السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له : كف واسكت ، ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والردّ إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ويعرفوكم فيه الحقّ قال الله تبارك وتعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)» (٢).

الحديث العاشر : محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) وكلّما في هذا عنه فهو منه عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : «الذكر القرآن وآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون» (٣).

الحديث الحادي عشر : محمد بن الحسن الصفار وعن محمد بن الحسين عن أبي داود عن سليمان بن سفيان عن ثعلبة عن مصور عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : قول الله تبارك وتعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فمن المعنون (٤) بذلك قال : «نحن» ، قال : قلت : فأنتم المسئولون قال : «نعم» ، قلت : ونحن السائلون ، قال : «نعم» ، قلت : فعلينا أن نسألكم؟ قال : «نعم» ، قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : «لا ذلك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل» ثم قال «هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب» (٥).

الحديث الثاني عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قالا حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام فجلس المأمون بمرو وقد اجتمع إليه في مجلسه من علماء أهل العراق وخراسان ، وذكر الحديث في الفرق بين الآل والأمة والحديث مذكور بطوله في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام (٦) وتقدم عن قريب في هذا الكتاب في ذكر الحديث إلى أن قال فيه الرضا عليه‌السلام : «نحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى في كتابه : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فنحن أهل الذكر

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢٩٥ ح ٣ والحديث طويل هذا وسطه ، والآية في النحل : ٤٦.

(٢) الكافي : ١ / ٥٠ ح ١٠.

(٣) البصائر : ٦٢ / ح ٢٣ / باب ١٩.

(٤) في المصدر : المعني.

(٥) البصائر : ٦٢ ـ ٦٣ / ح ٢٥ باب.

(٦) عيون الأخبار : ٢ / ٢٠٧ ح ١ / باب ٢٣.

٢٨

فسألونا إن كنتم لا تعلمون» فقالت العلماء : إنما عنى بذلك اليهود والنصارى ، فقال أبو الحسنعليه‌السلام «سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون : هو أفضل من دين الإسلام».

فقال المأمون : فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا؟ فقال : «نعم الذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله ، وذلك بيّن في كتاب الله حيث يقول في سورة الطلاق : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) فالذكر رسول الله ونحن أهله» (١).

الحديث الثالث عشر : علي بن إبراهيم قال : حدثني محمد بن جعفر قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن أبي داود وسليمان بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من المعنون بذلك؟ فقال : «نحن والله» فقلت : وأنتم المسئولون؟ قال : «نعم» ، وساق الحديث السابق (٢) أعني حديث : عن ثعلبة عن مصور عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إلا أن فيه : وإن شئنا تركنا (٣).

الحديث الرابع عشر : الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن هشام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) من هم؟ قال : «نحن» قلت علينا أن نسألكم قال : «نعم» قال : فقلت : فعليكم أن تجيبونا؟ قال : «ذلك إلينا» (٤).

الحديث الخامس عشر : المفيد في إرشاده قال : أخبرني الشرف أبو محمد الحسن بن محمد قال : حدثني جدّي قال : حدثني شيخ من أشياخ الري قد علت سنّه قال : حدثني يحيى بن عبد الحميد الحماني عن معاوية بن عمار الدهني عن محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام في قوله جلّ اسمه: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : «نحن أهل الذكر» قال الشيخ المفيد عقيب هذا الحديث : قال الشيخ الرازي : وقد سألت محمد بن مقاتل عن هذا فتكلّم فيه برأيه وقال : هل الذكر العلماء ، فذكرت ذلك لأبي زرعة فبقي متعجبا من قوله ، وأوردت عليه ما حدثني به يحيى بن عبد الحميد قال : صدق محمد بن علي على أنهم أهل الذكر ، ولعمري إن أبا جعفر لمن أكبر العلماء.

وقد روي أبو جعفر عليه‌السلام أخبار المبتدأ وأخبار الأنبياء وكتب عنه الناس المغازي وأثروا عنه السنن واعتمدوا عليه مناسك التي للحج رواها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا عنه تفسير القرآن وروت عنه الخاصة والعامة وأهل الأخبار ، وناظر من كان يرد عليه من أهل الآراء ، وحفظ الناس عنه كثيرا من علم الكلام (٥).

__________________

(١) العيون : ٢ / ٢١٦.

(٢) مراده الحديث : ١١.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٦٨.

(٤) أمالي الطوسي : ٦٦٤ / مجلس ٣٥ / ح ٣٤.

(٥) الارشاد : ٢ / ١٦٣.

٢٩

الحديث السادس عشر : محمد بن العباس بن ماهيار الشيخ الثقة في تفسير القرآن فيما نزل في أهل البيت عليهم‌السلام قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن الحسن عن أبيه عن الحصين بن المخارق عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي أمير المؤمنين في قولهعزوجل : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : «نحن أهل الذكر» (١).

الحديث السابع عشر : العياشي في تفسيره بحذف الإسناد عن حمزة بن محمد الطيار عرضت على أبي عبد الله عليه‌السلام كلاما لأبي فقال : «اكتب فإنه لا يسعكم فيما نزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف والتثبت فيه وردّه إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ، ويجلو عنكم فيه العمى قال الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)» (٢).

الحديث الثامن عشر : العياشي بحذف الإسناد عن حمزة بن الطيار قال : عرضت علي أبي عبد الله عليه‌السلام بعض خطب أبيه حتى انتهى إلى موضع فقال : «كف» فأمسكت ، ثم قال لي : «اكتب واملي على أنه لا يسعكم ، [وذكر] الحديث الأول» (٣).

الحديث التاسع عشر : العيّاشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : إن من عندنا يزعمون أن قول الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) إنهم اليهود والنصارى فقال : «اذا يدعوكم إلى دينهم» قال : ثم قال بيده إلى صدره : «نحن أهل الذكر ونحن المسئولون» قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «الذكر القرآن» (٤).

الحديث العشرون : العياشي بإسناده عن أحمد بن محمد قال : كتب إليّ أبو الحسن الرضاعليه‌السلام «عافانا الله وإياك أحسن عافية إنما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا ، وإذا خفنا خاف واذا أمنّا أمن قال الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) الآية فقد فرضت عليكم المسألة والردّ إلينا ، ولم يفرض علينا الجواب أولم تنهوا عن كثرة المسائل فأبيتم أن تنتهوا إياكم وذلك فإنه إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم لأنبيائهم قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)» (٥).

الحديث الحادي والعشرون : شرف الدين النجفي فيما نزل في أهل البيت عليهم‌السلام روى جابر بن يزيد ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : «نحن أهل الذكر» (٦).

__________________

(١) تأويل الآيات : ١ / ٣٢٤.

(٢) تفسير العياشي : ٢ / ٢٦٠ ح ٣٠.

(٣) المصدر السابق : ح ٣١.

(٤) تأويل الآيات : ٢ / ٢٦١ ح ٣٢.

(٥) تأويل الآيات : ٢ / ٢٦١ ح ٣٣.

(٦) تأويل الآيات : ١ / ٢٥٥ ح ٧ وللحديث تتمة.

٣٠

الباب السادس والثلاثون

في إن أهل البيت عليهم‌السلام هم الحبل الذي أمر لله تعالى بالاعتصام به

في قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)

من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث

الحديث الأول : الثعلبي في تفسيره قال : أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله حدّثنا عثمان بن الحسن حدّثنا جعفر بن محمد بن أحمد قال : حدّثنا حسن بن حسين حدّثنا يحيى بن علي الربعي عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : «نحن حبل الله الذي قال الله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)» (١).

الحديث الثاني : محمد بن إبراهيم النعماني في الغيبة من طريق النصاب قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن المعمر الطبراني بطبرية سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصاب قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا علي بن هاشم والحسين بن السّكن معا قالا : حدّثنا عبد الرزاق بن همام قال : أخبرني أبي عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : وفد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل اليمن فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «جاءكم أهل اليمن يُبسّون بسيسا ، فلما دخلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قوم رقيقة قلوبهم راسخ إيمانهم، منهم المنصور يخرج في سبعين ألفا ينصر خلفي وخلف وصيي ، حمائل سيوفهم المسك ، فقالوا : يا رسول الله ومن وصيك؟ فقال : «هو الذي أمركم الله بالاعتصام به فقال عزوجل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (٢)» فقالوا : يا رسول الله بيّن لنا ما هذا الحبل فقال : «هو قول الله (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) (٣) فالحبل من الله كتابه ، والحبل من الناس وصيي» فقالوا : يا رسول الله ومن وصيّك؟

فقال : «هو الذي أنزل فيه (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٤)» فقالوا : يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال : «هو الذي يقول الله فيه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا

__________________

(١) العمدة عن الثعلبي المخطوط : ٢٨٨.

(٢) آل عمران : ١٠٣.

(٣) آل عمران : ١١٢.

(٤) الزمر : ٥٦.

٣١

لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (١) هو وصيي ، والسبيل إليّ من بعدي» فقالوا : يا رسول الله بالذي بعثك بالحق أرناه فقد اشتقنا إليه ، فقال : «هو الذي جعله آية للمؤمنين المتقين فإن نظرتهم إليه نظر من كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد عرفتم أنه وصيّي كما عرفتم إني نبيّكم، فتخلّلوا الصفوف وتصفحوا الوجوه فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو لأن الله عزوجل يقول في كتابه : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (٢) [أي] إليه والى ذرّيته عليه‌السلام» قال : فقام أبو عامر الاشعري في الأشعريين وأبو غرة الخولاني في الخولانيين وظبيان وعثمان بن قيس في بني قيس ، وعرنة الدوسي في الدّوسيين ، ولاحق بن علاقة ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه وأخذوا بيد [الأنزع] الأصلع البطين وقالوا : إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو» فرفعوا أصواتهم يبكون وقالوا : يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا وانجاشت أكبادنا وهملت أعيننا وانثلجت (٣) صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده (٤) بنون ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «(ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) أنتم منه بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى وأنتم من النار مبعدون».

فقال : فبقى هؤلاء القوم المسلمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين عليه‌السلام الجمل وصفين ، فقتلوا بصفين رحمهم‌الله وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبشرهم بالجنة وأخبرهم إنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (٥).

الحديث الثالث : صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة عن ابن المبارك بن مسرور قال : حدثنى علي بن محمد بن علي الأنذركي بقراءتي عليه قال : أبو القاسم عيسى بن علي الموصلي عن القاضي أبي طاهر محمد بن أحمد بن عمرو النهاوندي قاضي البصرة قال : حدثني محمد بن عبد الله بن سليمان بن مطير عن الحسن بن عبد الملك عن أسباط عن الأعمش عن سعد ابن جبير عن عبد الله بن عباس قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جاء أعرابي فقال : يا رسول الله سمعتك تقول : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) فما حبل الله الذي نعتصم به؟ فضرب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يده في يد علي

__________________

(١) الفرقان : ٢٧.

(٢) ابراهيم : ٤٧.

(٣) انثلجت : ارتاحت وكان في المخطوط : وتبلجت ، وانجاشت : اضطربت.

(٤) في المصدر : له.

(٥) كتاب الغيبة : ٣٩ ـ ٤٠ ح ١.

٣٢

وقال : «تمسّكوا بهذا فهذا هو الحبل المتين» (١).

الحديث الرابع : ابن شهرآشوب عن محمد بن علي العنبري بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إنه سأل أعرابي عن هذه الآية (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) فأخذ رسول الله يده علي وقال : «يا أعرابي هذا حبل الله فاعتصم به» فدار الأعرابي من خلف علي واحتضنه (٢) وقال : اللهم إني أشهدك أني قد اعتصمت بحبلك ، فقال : رسول الله : «من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا» ثم قال ابن شهرآشوب : وروى نحو من ذلك عن الباقر عليه‌السلام [والصادق] (٣).

__________________

(١) ينابيع المودة : ١ / ٣٥٦ ح ١١ ، وتفسير فرات : ٩٠ ح ٣٧١.

(٢) في المصدر : فالتزمه.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٧٣.

٣٣

الباب السابع والثلاثون

في أن أهل البيت عليهم‌السلام هم الحبل الذي أمر الله عزوجل بالاعتصام به

في قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)

من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث

الحديث الأول : السيد الرضي رضي الله عنه في الخصائص قال : حدثني هارون بن موسى قال : حدثني أحمد بن محمد بن علي (١) قال : حدّثنا أبو موسى عيسى الضرير البجلي عن أبي الحسين عليه‌السلام قال : «سألت أبي فقلت : ما كان بعد إفاقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : دخل عليه النساء يبكين وارتفعت الأصوات وضج الناس بالباب المهاجرون والأنصار قال علي عليه‌السلام : فبيّنا أنا كذلك إذ نودي أين علي فأقبلت حتى دخلت عليه فانكببت عليه فقال لي : يا أخي فهمك الله وسددك ووفّقك وأرشدك وأعانك وغفر لك ذنبك ورفع ذكرك ثم قال : يا أخي إن القوم سيشغلهم عنّي ما يريدون من عرض الدنيا ولهم عليه قادرون فلا يشغلك عنّي ما شغلهم فإنما مثلك في الأمة مثل الكعبة نصبها لله علما وإنما تؤتى من كل فج عميق وناد سحيق وإنما أنت العلم علم الهدى ونور الدين وهو نور الله يا أخي والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد ولقد أخبرت رجلا رجلا مما افترض الله عليهم من حقك وألزمهم من طاعتك فكل أجاب إليك وسلّم الأمر إليك وأني لأعرف خلاف فعلهم فإذا قبضت وفرغت من جميع ما وصيّتك به وغيبتني في قبري فألزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه والفرائض والأحكام على تنزيله ثم امض ذلك على عزائمه وعلى ما أمرتك به وعليك بالصبر على ما ينزل بك منهم حتى تقدم علي» قال عيسى : فسألته وقلت له جعلت فداك قد أكثر الناس من قولهم في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبا بكر بالصلاة ثم أمر عمر فأطرق عني طويلا ثم قال : «ليس كما ذكر الناس ولكنك يا عيسى كثير البحث عن الأمور لا ترضى إلا بكشفها» فقلت : بأبي أنت وأمي من أسأل عما انتفع به في ديني وتهتدي به نفسي مخافة أن أضل غيرك.

ـ وفي نسخة (الطرائف) (٢) الثلاث والثلاثون : مخافة أن أصل وأنا لا أدري ـ وهل أجد أحدا

__________________

(١) في المصدر : عمار.

(٢) ذكرنا سابقا أن المراد به الطرف لابن طاوس وهو تكملة الطرائف.

٣٤

يكشف لي المشكلات مثلك.

وقال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما ثقل في مرضه دعا عليّا عليه‌السلام فوضع رأسه في حجره فأغمي عليه وحضرت الصلاة فإذن بها فخرجت عائشة وقالت : يا عمر اخرج فصل بالناس فقال : أبوك أولى بها منّي ، فقالت : صدقت ولكنه رجل ليّن وأكره أن يواثبه القوم فصل أنت ، فقال : بلى يصلي هو وأنا أكفيه وإن وثب واثب أو تحرك متحرك مع أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مغمى عليه ولا أراه يفيق منها والرجل مشغول به لا يقدر أن يفارقه ـ يعني عليّا عليه‌السلام ـ فبادروا بالصلاة قبل أن يفيق فإنه إذا فاق خفت أن يأمر عليا بالصلاة وقد سمعت مناجاته له منذ الليلة في آخر كلامه يقول : لعليعليه‌السلام الصلاة الصلاة فخرج أبو بكر يصلي بالناس فظنوا أنه بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يكبر حتى أفاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «ادعوا عمّي يعني العباس رضي الله عنه فدعي له فحمله وعليعليه‌السلام حتى أخرجاه فصلى بالناس وإنه لقاعد ، ثم حمل فوضع على المنبر بعد ذلك فاجتمع لذلك جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورها ، فبين باك وصائح ومسترجع وواجم والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب ساعة ويسكت ساعة وكان فيما ذكر من خطبته وقال : يا معاشر المهاجرين والأنصار من حضر في يومي هذا وساعته هذه من الإنس والجن ليبلغ شاهدكم غائبكم ألا وإني قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تبارك وتعالى من شيء حجة عليكم وحجتي وحجة وليي وخلّفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وضياءه وهو علي بن أبي طالب وهو حبل الله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

يا أيها الناس : هذا علي من أحبّه وتولّاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أصم وأعمى لا حجة له عند الله أيها الناس : لا تأتوني غدا بالدنيا تزفّونها زفا ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين يسيل دماؤهم إيّاكم واتباع الضلالة والشورى للجهالة إلا وإن هذا الأمر له أصحاب قد سمّاهم الله عزوجل إليّ وعرّفنيهم وأبلّغكم ما أرسلت به إليكم ولكنّي أراكم قوما تجهلون لا ترجعوا بعدي كفّارا مرتدين تتأولون الكتاب على غير معرفة وتبتدعون السنّة بأهواء. وكل سنة وحديث وكلام خالف القرآن فهو زورا وباطل القرآن إمام هاد وله قائد يهدي به ويدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وهو علي ابن أبي طالب هو وليّ الأمر بعدي ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي وما ورثه

٣٥

النبيّون قبلي وأنا وارث وموروث فلا تكذبنكم أنفسكم.

أيها الناس : الله الله في أهل بيتي فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلام ومعادن العلم عليّ أخي ووزيري وأميني والقائم من بعدي بأمر الله وأمري والموفي بذمتي ومحيي سنتي وهو أول الناس إيمانا وآخرهم بي عهدا عند الموت وأولهم لقاء إليّ يوم القيامة فليبلغ شاهدكم غائبكم أيها الناس من كانت له تبعة أو دين فليأت علي بن أبي طالب عليه‌السلام فإنه ضامن له كله حتى لا يبقى لأحد قبلي تبعة» (١).

الحديث الثاني : محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب (الغيبة) قال : أخبرنا محمد بن همام بن سهيل قال : حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الجبري (٢) قال : حدّثنا محمد بن زيد بن عبد الرّحمن التيمي عن الحسن بن الحسين الأنصاري عن محمد بن الحسين عن أبيه عن جده قال : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا ومعه أصحابه في المسجد فقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنّة يسأل عما يعينه (٣) ، فطلع رجل طوال يشبه رجال مصر فسلم على رسول الله فجلس فقال : يا رسول الله إني سمعت الله عزوجل يقول فيما أنزل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فما هذا الحبل الذي أمرنا لله بالاعتصام به ولا نتفرق عنه؟ فاطرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مليا ثم رفع رأسه فاشار بيده إلى علي وقال : «هذا حبل الله الذي من تمسّك به عصم به في دنياه ولم يضل في آخرته» فوثب الرجل إلى علي عليه‌السلام فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول : اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله ثم قام فولى فخرج. فقام رجل من الناس فقال : يا رسول الله ألحقه فأسأله أن يستغفر الله لي؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اذا تجده موفقا ، قال : فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر له ، قال له : أفهمت ما قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما قلت له؟ قال : نعم ، قال : فإن كنت مستمسكا بذلك الحبل يغفر لك الله وإلا فلا غفر (٤) الله لك (٥).

الحديث الثالث : الشيخ في أماليه قال : أخبرني أبو عمر ـ ويعني ابن مهدي ـ قال : حدّثنا أحمد ـ يعني ابن عقدة ـ قال : حدّثنا جعفر بن علي بن نجيح الكندي قال : حدّثنا حسن بن حسين قال : حدّثنا أبو حفص الصائغ قال أبو العباس : هو عمر بن راشد أبو سليمان عن جعفر بن محمد عليهم‌السلام في قوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : «نحن من النعيم وفي قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً

__________________

(١) خصائص الأئمة : ٧٢ ، وكتاب الطرف لابن طاوس : ٢٥ ـ ٢٧ ، والبحار : ٢٢ / ٤٨٤ ح ٣١.

(٢) في المصدر : الحميري.

(٣) في المصدر : يعنيه.

(٤) في المصدر : يغفر.

(٥) غيبة النعماني : ٤١ / ح ٢ / باب ٢.

٣٦

وَلا تَفَرَّقُوا) قال علي بن أبي طالب : «حبل الله المتين» (١).

الحديث الخامس : العياشي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : هم حبل الله الذي أمر بالاعتصام به فقال : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)» (٢).

الحديث السادس : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله (وَلا تَفَرَّقُوا) قال : «إن الله تبارك وتعالى علم أنّهم سيتفرقون بعد نبيّهم ويختلفون فنهاهم عن التفرق كما نهى من كان قبلهم فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد عليهم الصلاة والسلام ولا يتفرقوا» (٣).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٢٧٢ / مجلس ١٠ / ح ٤٨.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٩٤ ح ١٢٣.

(٣) تفسير القمي : ١ / ١٠٨.

٣٧

الباب الثامن والثلاثون

في أن أمير المؤمنين عليا عليه‌السلام هو العروة الوثقى وولايته

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الحديث الأول : أبو المؤيد موفق بن أحمد بن أعيان علماء العامة بإسناده عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : «أنت العروة الوثقى» (١).

الحديث الثاني : أبو الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في المناقب المائة من طريق العامة بحذف الإسناد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «معاشر الناس اعلموا أن لله تعالى بابا من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر» فقام إليه أبو سعيد الخدري فقال : يا رسول الله اهدنا إلى هذا الباب حتى نعرفه؟

قال : «هو علي بن أبي طالب سيد الوصيين وأمير المؤمنين وأخو رسول رب العالمين وخليفة الله على الناس أجمعين ، معاشر الناس من أحبّ أن يتمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية علي بن أبي طالب ، فإن ولايته ولايتي وطاعته طاعتي ، معاشر الناس من أحب أن يعرف الحجة بعدي فليعرف علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، معاشر الناس من سرّه أن يقتدي بيّ فعليه أن يتوالى ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي فإنهم خزان علمي» (٢).

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال : يا رسول الله ما عدّة الأئمة؟

قال : «يا جابر سألتني رحمك الله عن الإسلام بأجمعه ، عدّتهم عدة الشهور وهو عند الله أثنى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض وعدتهم عدة العيون التي انفجرت منه لموسى بن عمران حين ضرب بعصاه [الحجر] فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، [وعدتهم] عدة نقباء بني إسرائيل قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماما أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم صلوات الله عليهم» (٣).

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٦١ / ح ٣١.

(٢) في المصدر تفاوت : من أراد أن يتول الله ورسوله فليقتد بعلي بعدي والائمة.

(٣) مائة منقبة : ٧١ ـ ٧٢ المنقبة ٤١.

٣٨

الحديث الثالث : ابن شاذان هذا من طريق العامة بحذف الإسناد عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيكون بعدي فتنة مظلمة الناجي منهما من تمسّك منها بالعروة الوثقى قيل : يا رسول الله وما العروة الوثقى؟ قال : ولاية سيد الوصيين قيل : يا رسول لله من سيد الوصيين قال : أمير المؤمنين قيل : يا رسول الله من أمير المؤمنين قال : مولى المسلمين وإمامهم بعدي قيل : يا رسول الله ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال : أخي علي بن أبي طالب».

٣٩

الباب التاسع والثلاثون

في أن الأئمة عليهم‌السلام هم العروة الوثقى

من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث

الحديث الأول : ابن بابويه في معاني الأخبار قال : حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه قال : حدّثنا عمّي محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحب أن يتمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليتمسك بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فإنه لا يهلك من أحبّه وتولاه ولا ينجو من أبغضه وعاداه» (١).

الحديث الثاني : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا أحمد بن محمد الصائغ العدل قال : حدّثنا عيسى بن محمد العلوي قال : حدّثنا أبو عوانة قال : حدّثنا محمد بن سليمان بن بزيع الخزّار قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان عن سلام بن أبي عمرة الخراساني عن معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا حذيفة أن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب الكفر به كفر بالله والشرك به شرك بالله والشك فيه شك في الله والإلحاد فيه إلحاد في الله والإنكار له إنكار لله والإيمان به إيمان بالله لأنه أخو رسول الله ووصيّه وإمام أمته ومولاهم وهو حبل الله المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها وسيهلك فيه أثنان ولا ذنب له محبّ غال ومقصّر يا حذيفة لا تفارقنّ عليا فتفارقني ولا تخالفنّ عليا فتخالفني إن عليا منّي وأنا منه من اسخطه فقد اسخطني ومن أرضاه فقد ارضاني» (٢).

الحديث الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسين بن إبراهيم المؤدّب قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد بن بشّار عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن درست بن أبي منصور الواسطي عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف الخفّاف عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنا خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره ووارثه أنا أخو رسول الله ووصيه وحبيبه أنا صفيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصاحبه أنا ابن عم رسول الله

__________________

(١) معاني الأخبار : ٣٦٨ / ح ١.

(٢) أمالي الصدوق. ٢٦٤ / مجلس ٣٦ / ح ٣.

٤٠