غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

وجل : (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : «المشكاة» نور العلم في صدر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) الزجاجة صدر علي عليه‌السلام صار علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى صدر علي عليه‌السلام (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال نور العلم (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : لا يهودية ولا نصرانية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) قال : يكاد العالم من آل محمد عليهم‌السلام يتكلم بالعلم قبل أن يسأل (نُورٌ عَلى نُورٍ) يعني إماما مؤيدا بنور العلم والحكمة في أثر إمام من آل محمد عليهم‌السلام وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة».

الحديث السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن عبد الله الورّاق قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن محمد بن اسلم الجبلي عن الخطاب بن عمرو مصعب بن عبد الله الكوفيين عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) «فالمشكاة صدر نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه المصباح و (الْمِصْباحُ) هو العلم (فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) والزجاجة أمير المؤمنين وعلم نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنده» (١).

الحديث السابع : ابن بابويه رواه مرسلا عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) فقال : «هو مثل ضربه اللهعزوجل لنا» (٢).

الحديث الثامن : علي بن إبراهيم قال : حدّثنا محمد بن همام قال : حدّثنا جعفر بن محمد قال : حدّثنا محمد بن الحسين الصائغ قال : حدّثنا الحسن بن علي عن صالح بن سهل الهمداني قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) «المشكاة فاطمة عليها‌السلام فيها مصباح الحسن المصباح والحسين في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري كان فاطمة عليها‌السلام كوكب درّي بين نساء أهل الأرض (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) توقد من إبراهيم عليه‌السلام (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يعني لا يهودية ولا نصرانية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) يكاد العلم ينفجر منها (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ) على نور إمام منها بعد إمام (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي الله إلى الأئمة من يشاء أن يدخله في نور ولايتهم مخلصا (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)» (٣).

الحديث التاسع : علي بن هاشم قال : حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أسأله عن تفسير هذه الآية فكتب إليّ الجواب : «أما بعد فإن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمين

__________________

(١) التوحيد : ١٥٩ / ٥.

(٢) التوحيد : ١٥٧ / ٢.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ١٠٢.

٢٦١

الله في خلقه فلما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كنا أهل البيت ورثته فنحن أمناء الله في أرضه عندنا علم المنايا والبلايا وأنساب العرب ومولد الإسلام وما من فئة تضل مائة وتهدي مائة إلّا ونحن نعرف سائقها وقائدها وناعقها ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا المتكوبون بأسمائهم أسماء آبائهم أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ويردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم إلى يوم القيامة ، نحن الآخذون بحجزة نبينا ونبيّنا آخذ بحجزة ربنا ، والحجزة النور وشيعتنا آخذون بحجزتنا من فارقنا هلك ، ومن تابعنا نجا والمفارق لنا والجاحد لولايتنا كافر ومتبعنا وتابع اوليائنا مؤمن لا يحبنا كافر ولا يبغضنا مؤمن ومن مات وهو يحبنا كان حقا على الله أن يبعثه معنا نحن نور لمن تبعنا وهدى لمن اهتدى بنا ، ومن لم يكن منّا فليس من الإسلام في شيء بنا فتح الله الدين ، وبنا يختمه وبنا اطعمكم الله عشب الأرض وبنا أنزل قطر السماء وبنا آمنكم الله من الغرق في بحركم ومن الخسف في بركم وبنا نفعكم الله في حياتكم وفي قبوركم وفي محشركم وعند الصراط وعند الميزان وعند دخولكم الجنان مثلنا في كتاب الله مشكاة ، والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة فيها مصباح المصباح محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمصباح في زجاجة من عنصره الطاهر الزجاجة ، كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ولا دعية ولا منكرة (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) القرآن (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فالنور علي عليه‌السلام يهدي الله لولايتنا من أحب وحق على الله أن بعث ولينا مشرقا جهه منيرا برهانه طاهرا عند الله حجته حقا على الله أن يجعل اوليائنا المتقين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيق فشهداؤنا لهم فضل على الشهداء بعشر درجات ، ولشهيد شيعتنا فضل على كل شهيد غيرنا بتسع درجات.

نحن النجباء ونحن افراط الأنبياء ونحن أولاد الأوصياء ونحن المخصوصون في كتاب الله ونحن أولى الناس برسول الله ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً) والذي اوحينا إليك يا محمد ما وصيّنا به إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب قد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم ونحن ورثة الأنبياء ونحن ورثه أولي العلم وأولي العزم من الرسل والأنبياء أن اقيموا الدين كما قال ولا تتفرقوا فيه وإن كبر على المشركين من اشرك بولاية علي ما تدعوهم إليه من ولاية الله يا محمد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى ولاية

٢٦٢

علي عليه‌السلام وقد بعثت بكتاب منه هدى فتدبّره وافهمه فإنه شفاء لما في الصدور» (١).

الحديث العاشر : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيتعليهم‌السلام قال : حدّثنا محمد بن جعفر الحسني عن إدريس بن زياد الحنّاط عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله الخراساني عن يزيد بن إبراهيم أبي حبيب الساجي عن أبي عبد الله عن أبيه علي بن الحسين عليه‌السلام أنّه قال : «مثلنا في كتاب الله كمثل مشكاة فنحن المشكاة والمشكاة الكوّة فيها مصباح ، والمصباح في زجاجة والزجاجة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كأنه كوكب دري يوقد من شجرة مباركة قال : علي عليه‌السلام (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ) القرآن (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي لولايتنا من أحب (٢).

الحديث الحادي عشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرّحمن قال : حدّثنا أصحابنا أن أبا الحسن عليه‌السلام كتب إلى عبد الله بن جندب قال لي علي بن الحسين عليه‌السلام : «إن مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة ، والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة (فِيها مِصْباحٌ) والمصباح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) نحن الزجاجة (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) علي (زَيْتُونَةٍ) معروفه (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا منكرة ولا دعية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ) القرآن (عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بأن يهدي من أحب إلى ولايتنا» (٣).

الحديث الثاني عشر : محمد بن العباس بن محمد بن أبي الحسين الخطاب الزيّات قال : حدثني أبي عن موسى بن سعد عن عبد الله بن القاسم بإسناده إلى صالح بن سهل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) قال : المشكاة فاطمة عليها‌السلام (فِيها مِصْباحٌ) «الحسن (الْمِصْباحُ) الحسين (فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) فاطمة كوكب دريّ بين نساء أهل الجنة (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) إبراهيم عليه‌السلام (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا يهودية ولا نصرانية (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) أي يكاد العلم ينفجر منها (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ) إمام بعد إمام (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي الله للأئمة من يشاء (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٤).

الحديث الثالث عشر : المفيد في (الاختصاص) عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ١٠٤.

(٢) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣١١ ح ١٦.

(٣) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٢٤ ح ٤٠.

(٤) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٠٥ ح ٢.

٢٦٣

محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنحل بن جميل عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ) «فهو محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيها مصباح هو العلم ، (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) فزعم أن امير المؤمنين وعلم نبي الله عنده» (١).

الحديث الرابع عشر : أبو علي الطبرسي قال : روى عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : «نحن المشكاة فيها والمصباح هو محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي الله لولايتنا من أحب» (٢).

الحديث الخامس عشر : جابر بن عبد الله الأنصاري قال : دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يكتب باصبعيه ويتبسم ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟ فقال : «عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حق معرفتها» فقلت له : أي آية يا أمير المؤمنين؟ فقال : «قوله تعالى (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) المشكاة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (فِيها مِصْباحٌ) أنا (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ) الحسن والحسين (كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) وهو علي بن الحسين (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) محمد بن علي (مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) جعفر بن محمد (لا شَرْقِيَّةٍ) موسى بن جعفر (وَلا غَرْبِيَّةٍ) علي بن موسى الرضا (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) محمد بن علي (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) علي بن محمد (نُورٌ عَلى نُورٍ) الحسن بن علي (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) القائم المهدي (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)» (٣).

__________________

(١) الاختصاص : ٢٧٨.

(٢) مجمع البيان : ٧ / ٢٥١.

(٣) تفسير البرهان : ٣ / ١٣٦ ح ١٦ ، واللمعة البيضاء بتفاوت : ١٥٦.

٢٦٤

الباب الحادي عشر

في قوله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ

يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ ...) (١)

من طريق العامة وفيه أربعة أحاديث :

الحديث الأول : عن أنس وبريدة قالا : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) إلى قوله (الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) فقام رجل قال : أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : «بيوت الأنبياء» فقال : يا رسول الله هذا البيت منها بيت علي وفاطمة قال : «نعم من أفاضلها» (٢).

الحديث الثاني : من تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب ابن سفيان قال ابن عباس في قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) أن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة فنزل عند احجار الزيت ثم ضرب بالطبول ليأذن بقدومه ومضوا الناس إليه إلّا على والحسن والحسين وفاطمة وسلمان وأبو ذر والمقداد وصهيب وتركوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قائم يخطب على المنبر فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي فلو لا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاضطرمت المدينة على أهلها نارا وحصبوا بالحجارة كقوم لوط ونزل فيهم (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ)» (٣).

الحديث الثالث : الثعلبي في تفسيره في تفسير الآية برفع الإسناد إلى أنس بن مالك قال قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية فقام رجل فقال يا رسول الله أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : «بيوت الأنبياء» فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ، يعني بيت علي وفاطمة؟ قال : «نعم من أفاضلها» (٤).

الحديث الرابع : الثعلبي في تفسيره في معنى الآية قال : حدّثنا المنذر بن محمد القابوسي حدّثنا الحسين بن سعيد حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن مصقع بن الحرث عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه الآية (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) ... إلى قوله : (وَالْأَبْصارُ) فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها يعني بيت علي وفاطمة قال نعم : «من أفاضلها» (٥).

__________________

(١) النور : ٣٦.

(٢) الدر المنثور : ٥ / ٥٠.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٤٠٧.

(٤) العمدة : ١٥٢ عن الثعلبي.

(٥) العمدة : ١٥٢ عن الثعلبي.

٢٦٥

الباب الثاني عشر

في قوله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ

يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ ...)

من طريق الخاصة وفيه تسعة أحاديث

الحديث الأول : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدثني أبي عن عبد الله بن جندب قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام اسأله عن تفسير هذه الآية يعني قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) الآية وذكر عليه‌السلام في تفسيرها : «مثلنا في كتاب الله المشكاة والمشكاة في القنديل فنحن المشكاة» وساق الحديث وقد تقدم بتمامه في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) الآية وفي آخر الرواية والدليل في قوله (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وأنها في أهل البيت عليهم‌السلام قال : «والدليل على أن هذا مثل لهم قوله تعالى (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) ... إلى قوله (بِغَيْرِ حِسابٍ)» (١).

الحديث الثاني : علي بن إبراهيم قال : حدّثنا محمد بن همام قال حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال : حدّثنا القاسم بن الربيع عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قال : «هي بيوت الأنبياء وبيت علي منها» (٢).

الحديث الثالث : محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن من ذكره عن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا ، حتى تصدقوا ولا تصدقوا ، حتى تسلّموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلّا بآخرها ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا ، إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلّا العمل الصالح ولا يقبل الله إلّا الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده ، نال ما عنده واستكمل ما وعد الله ، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطريق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون فقال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ١٠٤.

(٢) تفسير القمي : ٢ / ١٠٤.

٢٦٦

صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (١) وقال : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢) فمن اتقى الله فيما أمره لقى الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هيهات هيهات وفات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا فظنوا أنهم آمنوا واشركوا من حيث لا يعلمون ، إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ووصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله وطاعة رسول بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الاقرار بما أنزل من عند الله عزوجل خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فإنه أخبركم إنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ، إن الله قد استخلص الرسل لأمره ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره فقال : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عزوجل يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٣) وكيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم يتدبّر اتبعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته واقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى فإنهم علامات الأمانة والتقى ، واعلموا أنه لو انكر رجل عيسى ابن مريم عليه‌السلام وأقرّ بمن سواه من الرسل لم يؤمن اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم» (٤).

الحديث الرابع : محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت جالسا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ اقبل رجل فسلم فقال : من أنت يا عبد الله؟ فقلت : رجل من أهل الكوفة فما حاجتك؟ فقال لي : أتعرف أبا جعفر محمد بن علي عليه‌السلام؟ قلت : نعم فما حاجتك إليه؟ قال : هيّأت له أربعين مسأله اسأله عنها فما كان من حق أخذته وما كان من باطل تركته قال أبو حمزة : فقلت له : هل تعرف ما بين الحق والباطل؟.

قال : نعم ، قلت : فما حاجتك إليه إذ كنت تعرف ما بين الحق والباطل؟ فقال لي : يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون إذا رأيت أبا جعفر عليه‌السلام فاخبرني فما انقطع كلامه حتى اقبل أبو جعفر عليه‌السلام وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه وجلس الرجل قريبا منه قال أبو حمزة : فجلست حيث اسمع الكلام وحوله عالم من الناس فلما قضى حوائجهم

__________________

(١) طه : ٨٢.

(٢) المائدة : ٢٧.

(٣) الحج : ٤٦.

(٤) الكافي : ١ / ١٨١ ـ ١٨٢ ح ٦.

٢٦٧

وانصرفوا التفت إلى الرجل فقال له : «من أنت».

قال أنا قتادة بن دعامة البصري فقال أبو جعفر : «أنت فقيه أهل البصرة» فقال : نعم فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «ويحك يا قتادة إن الله عزوجل خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه فهم أوتاده في الأرض قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه اظلة عن يمين عرشه» قال : فسكت قتادة طويلا ثم قال : اصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «ويحك أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي (بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) ونحن أولئك» فقال له قتادة : صدقت والله جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين قال قتادة : فأخبرني عن الجبن؟ قال فتبسم أبو جعفر عليه‌السلام ثم قال : «رجعت مسائلك إلى هذا» فقال : ضلت علي ، فقال : «لا بأس به» فقال إنه ربما جعلت فيه انفحة الميت فقال : «ليس بها بأس إن الأنفحة ليس فيها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم إنما تخرج من بين فرث ودم ثم قال : وانما الانفحة بمنزلة دجاجة ميتة اخرجت منها بيضة فهل توكل تلك البيضة» فقال قتادة : لا ولا أمر بأكلها ، فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «ولم؟» قال : لأنها من الميتة قال له : «فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها؟» قال نعم : قال : «فما حرم عليك البيضة وحلل لك الدجاجة؟» ثم قال «فكذلك الأنفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه إلا أن يأتيك من يخبرك عنه» (١).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن حميد بن زياد عن أبي العباس عن عبد الله بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن الطاهري عن محمد بن زياد بياع السّابري عن أبان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله الله عزوجل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ ...) قال : «هي بيوت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٢).

الحديث السادس : محمد بن العباس في تفسيره قال : حدّثنا المنذر بن محمد القابوسي قال: حدّثنا أبي عن عمه عن أبان بن تغلب عن بقيع بن الحرث عن أنس بن مالك عن بريدة قال : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) فقام إليه رجل قال : أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : «بيوت الأنبياء» فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها وأشار إلى بيت علي وفاطمة عليها‌السلام قال : «نعم من أفضلها» (٣).

__________________

(١) الكافي : ٦ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ح ١.

(٢) الكافي : ٨ / ٣٣١ ح ٥١٠.

(٣) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٢٥ ح ١.

٢٦٨

الحديث السابع : محمد بن العباس قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن علي عن أبيه قال : حدّثنا أبي عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قوله الله عزوجل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قال : «بيوت محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم بيوت علي عليه‌السلام منها» (١).

الحديث الثامن : محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ ...) قال : «بيوت آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر عليهم‌السلام» قلت : (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قال : «الصلاة في أوقاتها» قال : «ثم وصفهم الله عزوجل وقال : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) قال : «هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم» ثم قال : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) قال : «ما اختصهم به من المودّة والطاعة المفروضة وصيّر مأواهم الجنة والله يرزق من يشاء بغير حساب» (٢).

الحديث التاسع : أبو علي الطبرسي في مجمع البيان قال : روي ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال : كنت في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قرأ القارئ : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) فقلت : يا رسول الله ما البيوت (٣)؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بيوت الأنبياء عليهم‌السلام وأومأ بيده إلى بيت فاطمة الزهراء عليها‌السلام ابنته عليها‌السلام» (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٢٦ ح ٢.

(٢) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٢٦ ح ٤.

(٣) في المصدر : أي بيوت هذه؟.

(٤) مجمع البيان : ٧ / ٢٥٣ بتفاوت وفيه : فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله : هذا البيت منها؟ يعني بيت علي وفاطمة ، فقال : نعم من أفاضلها. وفضائل ابن شاذان : ١٠٤ ، والبحار : ٢٣ / ٣٢٦ كما في المتن.

٢٦٩

الباب الثالث عشر

في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ...) (١)

من طريق العامة وفيه حديثان

الحديث الأول : الثعلبي في تفسير هذه الآية قال : حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد القاضي قال : حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن الحسين ابن صالح السبيعي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدّثنا أحمد بن ميثم بن نعيم قال : حدّثنا أبو عبادة السلولي عن الأعمش عن أبي واثل قال : قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين) (٢).

الحديث الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنه آل إبراهيم وآل عمران المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل يس وآل محمد عليهم‌السلام بقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٣).

الباب الرابع عشر

في قوله تعالى (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ

عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

من طريق الخاصّة وفيه ثلاثة عشر حديثا

الحديث الأوّل : الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمد الفحام قال : حدثني محمد بن عيسى عن هارون قال أبو عبد الصّمد إبراهيم عن أبيه عن جده وهو إبراهيم بن عبد الصمد بن محمد بن إبراهيم قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقرأ (انّ الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين) قال : هكذا نزلت (٤). وقال الطبرسي في مجمع البيان : وفي قراءة أهل البيت : وآل محمد على العالمين (٥).

__________________

(١) آل عمران : ٣٣.

(٢) العمدة : ٥٥ ح ٥٥ عن الثعلبي ، وشواهد التنزيل : ١ / ١٥٢ ح ١٦٥.

(٣) العمدة : ٥٩ / ٦٣ عن الثعلبي.

(٤) أمالي الطوسي : ٣٠٠ / ح ٥٩٢.

(٥) مجمع البيان : ٢ / ٢٧٨.

٢٧٠

الحديث الثاني : علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره قال العالم عليه الرحمة : «نزل آل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين» (١).

الحديث الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب وجعفر بن محمد ابن مسرور رضى الله عنهما قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصّلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر الحديث إلى أن قال فيه : قال المأمون : هل فضّل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام «إن الله عزوجل أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه» فقال له المأمون : وأين ذلك من كتاب الله؟ فقال له الرضا عليه‌السلام : «في قولهعزوجل: (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) (٢) قلت : يعني انّ العترة داخلون في آل إبراهيم عليهم‌السلام لانّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ولد إبراهيم عليه‌السلام وهو دعوة ابيه إبراهيم على ما في رواية الخاصة والعامّة في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا دعوة أبي إبراهيمعليه‌السلام» وعترة الرسول منه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الحديث الرابع : محمد بن إبراهيم المعروف ب (ابن زينب النعماني) في كتاب (الغيبة) عن أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني قال : حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه وحدثني محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران عن أحمد بن محمد بن عيسى وحدّثني علي بن محمد وغيره عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب وحدثنا عبد الواحد بن عبد الله الموصلي عن أبي عليّ أحمد بن محمد بن أبي ناشد عن أحمد بن هلال عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال : أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : «يا جابر الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك إن أدركتها» وذكر علامات القائم عليه‌السلام إلى أن قال في الحديث : «فينادي ـ يعني القائم عليه‌السلام ـ يا أيها الناس أنا نستنصر الله فمن أجابنا من النّاس ، فإنّا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد فمن حاجني في آدم فإنّا أولى الناس بآدم ، ومن حاجني في نوح فإنا أولى الناس بنوح ، ومن حاجني في إبراهيم فإنّا أولى الناس بابراهيم ، ومن حاجني في محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّا أولى الناس بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن حاجني في النبيين فإنّا أولى الناس بالنبيين ، أليس الله يقول في محكم كتابه (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فانا بقية من آدم وذخيرة

__________________

(١) تفسير القمي : ١ / ١٠٠.

(٢) أمالي الصدوق : ٦١٥ / ح ٨٤٣.

٢٧١

من نوح ومصطفى من إبراهيم وصفوة من محمد صلى الله عليهم أجمعين» (١).

الحديث الخامس : محمد بن الحسن الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن خلف بن حماد عن محمد القبطي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «الناس غفلوا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي يوم غدير خم كما غفلوا يوم مشربة إبراهيم أتاه الناس يعودونه فجاء علي عليه‌السلام ليدنو من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يجد مكانا فلما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم لا يوسعون لعلي نادى : يا معشر الناس افرجوا لعلي ثم أخذ بيده واقعده معه على فراشه وثم قال : يا معشر الناس هؤلاء أهل بيتي تستخفون بهم وأنا حي بين ظهرانيكم أما والله لئن غبت عنكم فان الله لا يغيب عنكم انّ الروح والراحة والرضوان والبشر والبشارة والحبّ والمحبة لمن ائتم بعلي وولايته وسلم له وللأوصياء من بعده حقا لأدخلنهم في شفاعتي لأنهم اتباعي ومن تبعني فإنّه منّي مثل ما جرى فيمن اتبع إبراهيم لأني من إبراهيم وإبراهيم منّي وديني دينه ودينه ديني وسنته سنّتي وفضله من فضلي ، وأنا أفضل منه وفضلي له فضل تصديق قوله قولي (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وثبت قدم في مشربة أم إبراهيم حين عاده الناس في مرضيه قال هذا» (٢).

الحديث السادس : أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن علي بن الحكم عن سعد بن خلف عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الروح والراحة والفلح والفلاح والنجاح والبركة والعفو والعافية والمعافاة والبشرى والنصرة والرضا والقرب والقرابة والنصر والظفر والتمكين والسرور والمحبة من الله تبارك وتعالى علي من أحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ووالاه وتأمّم به وأقرّ بفضله تولى الأوصياء من بعده حق مع عليّ عليه‌السلام أن ادخلهم في شفاعتي وحق على ربي أن يستجيب لي فيهم ، وإنهم اتباعي ومن تبعني فإنه منّي جرى في مثل إبراهيم عليه‌السلام وفي الأوصياء من بعدي لأني من إبراهيم وإبراهيم منّي ، دينه ديني وسنّته سنتي ، وأنا أفضل منه وفضلي من فضله وفضله من فضلي وتصديق قولي قول ربي : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)» (٣).

الحديث السابع : محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن حبان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ

__________________

(١) الغيبة : ٢٧٩ ـ ٢٨١ / ٦٧.

(٢) بصائر الدرجات : ٥٣ / ١.

(٣) المحاسن : ١ / ١٥٢ ح ٧٤.

٢٧٢

بَعْضٍ) قال نحن منهم ونحن بقية تلك العترة» (١).

الحديث الثامن : العياشي بإسناده عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام : عن قول الله (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) فقال : «هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين فوضعوا اسما مكان اسم» (٢).

الحديث التاسع : العياشي بإسناده عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «لما قضى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته واستكملت أيامه أوحى الله : يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك من الإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك فإني لم اقطع العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم اقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم وذلك قول الله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وإن الله جل وتعالى لم يجعل العلم جهلا ولم يكل أمره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ، ولا إلى نبي مرسل ، ولكنه ارسل رسلا من ملائكته فقال له كذا وكذا فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره فقصّ عليه أمر خلقه بعلمه فعلم ذلك العلم وعلم انبياءه واصفياءه من الأنبياء والأعوان والذرية التي بعضها من بعض فذلك قوله : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٣) فاما الكتاب فهو النبوة ، وأما الحكمة فهم الحكماء من الأنبياء في الصفوة ، وأما الملك العظيم فهم الأئمة الهداة في الصفوة وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض التي جعل فيهم البقية وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق وحتى تنقضي الدنيا وللعلماء ولولاة الأمر الاستنباط للعلم والهداية» (٤).

الحديث العاشر : العياشي بإسناده عن أبي عبد الرّحمن عن أبي كلدة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الروح والراحة والرحمة والنصر واليسر واليسار والرضا والرضوان والمخرج والفلح والقرب والمحبة من الله ومن رسوله لمن أحب عليا وائتم بالأوصياء من بعده حقا على أن ادخلهم في شفاعتي ، وحق على ربي أن يستجيب لي فيهم ، لأنهم اتباعي ومن تبعني فإنّه منّي مثل إبراهيم جرى في ولايته منّي ، وأنا منه دينه ديني وديني دينه وسنّته سنتي وسنّتي سنّته وفضلي فضله وانا أفضل منه وفضلي له فضل تصديق قول ربي : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ١٦٨ ح ٢٩.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٦٨ ح ٣٠.

(٣) النساء : ٥٤.

(٤) تفسير العياشي : ١ / ١٦٨ ح ٣١.

٢٧٣

سَمِيعٌ عَلِيمٌ)» (١).

الحديث الحادي عشر : العياشي بإسناده إلى أيوب قال : سمعني أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا أقول (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) فقال لي : «وآل محمد كانت فمحوها وتركوا آل إبراهيم وآل عمران» (٢).

الحديث الثاني عشر : أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : ما الحجة في كتاب الله أن آل محمد هم أهل بيته؟ قال : «قول الله تبارك وتعالى : «إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد» هكذا نزلت (عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ولا يكون الذرية من القوم إلّا نسلهم من أصلابهم وقال : «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور وآل عمران وآل محمد» صلى‌الله‌عليه‌وآله رواية أبي خالد القماط (٣).

الحديث الثالث عشر : وعن الشيخ الطوسي قدس‌سره روى أبو جعفر القلانسي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدّثنا عمرو بن أبي المقدام عن يونس بن حباب عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بال اقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم وآل عمران فرحوا واستبشروا وإذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله ذلك منه حتى يوافي بولايتي وولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام» (٤) وقال أيضا روح بن روح عن رجاله عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى إليك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟

فقال : «سأخبركم إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه وأتم عليكم نعمته إن كنتم أحق بها وأهلها ، وإن الله أوحى إلى نبيه أن يوصى إليّ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي احفظ وصيتي وارفع ذمامي وأوف بعهدي وانجز عداتي واقض ديني وأحيي سنتي وادع إلى ملتي ؛ لأن الله تعالى اصطفاني واختارني فذكرت دعوة أخي موسى عليه‌السلام فقلت : اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى فأوحى الله عزوجل إليّ أنّ عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك ثم قال : يا علي أنت من أئمة الهدى وأولادك منك فانتم قادة الهدى والتقى والشجرة التي أنا أصلها وأنتم

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ١٦٩ ح ٣٣.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٦٩ ح ٣٤.

(٣) تفسير العياشي : ١ / ١٦٩ ح ٣٥.

(٤) أمالي الطوسي : ١٤٠ / ح ٢٢٩ ، وفيه : حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي.

٢٧٤

فروعها فمن تمسك بها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى وأنتم الذين اوجب الله تعالى مودّتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده فقال عزوجل من قائل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران وأنتم الأسرة من إسماعيل والعترة الهادية من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أجمعين» (١).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٢٣ / ٢٢٢ ح ٢٤.

٢٧٥

الباب الخامس عشر

في قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (١)

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث

الحديث الأول : من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا أسود بن عامر قال : حدّثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي عليه‌السلام قال : «لما نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا» قال : فقال لهم : «من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي ، فقال رجل لم يسمه شريك : يا رسول الله أنت كنت تجد من يقوم بهذا؟ قال ثم قال لآخر : قال فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي : عليه‌السلام أنا» (٢).

الحديث الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبو خيثمة قال : حدّثنا أسود بن عامر قال : أخبرنا شريك عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي عليه‌السلام : «لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأربعين رجلا من أهل بيته ، وإن الرجل منهم لا تحل جذعة وإن كان شاربا فرقا ، فقدم إليهم فأكلوا حتى شبعوا ، فقال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي؟ فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال عليّ عليه‌السلام : أنا» قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «علي يقضي ديني عني وينجز مواعيدي» ولفظ الحديث للحماني وبعضه لحديث أبي خيثمة (٣).

الحديث الثالث : الثعالبي في تفسيره في سورة الشعراء في تفسير هذه الآية قال : أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدّثنا موسى بن محمد حدّثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدّثنا عباد بن يعقوب حدّثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريّا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب ، وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ، فأمر عليا أن يدخل

__________________

(١) الشعراء : ٢١٤.

(٢) مسند أحمد : ١ / ١١١.

(٣) كنز العمال : ١٣ / ١٢٩ بتفاوت ، وجواهر المطالب : ١ / ٧١ ، وتاريخ دمشق : ٤ / ٣٢ ط. دار الفكر.

٢٧٦

شاة فأدمها ثم قال : «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة» ثم قال لهم : «اشربوا بسم الله» فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عزوجل والبشير لما لم يجيء به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا وأطيعوني تهتدوا ومن يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟» فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول عليّ : «أنا» ، فقال : أنت.

فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك.

وروى ذلك من طريق الثعلبي في تفسيره بالسند والمتن بتغيير يسير لا يضر بالمعنى (١).

الحديث الرابع : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من اعيان علماء العامة قال : ذكر الطبري في تاريخه عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «لما نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعاني فقال : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعلمت أنه متى ما أبادرهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرئيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه رجلا ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعى بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به.

فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم القاها في نواحي الصحفة ثم قال : كلوا بسم الله ، فأكلوا حتى ما لهم إلى شيء من حاجة ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم ، ثم قال : اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يتكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم

__________________

(١) العمدة : ٣٨ عن الثعلبي.

٢٧٧

لي ، ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة ثم قال : اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا منه جميعا حتى رووا ثم تكلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأحجم القوم عنها جميعا وقلت : أنا وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا واحمشهم ساقا قال : قلت : أنا يا رسول الله اكون وزيرك عليه فأعاد القول فأمسكوا ، وأعدت ما قلت فأخذ برقبتي ثم قال لهم : هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع» (١).

الحديث الخامس : ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) قال : روى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ أن رجلا قال لعلي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك؟ دون عمك فقال علي عليه‌السلام : «هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس ونشروا أذانهم ثم قال : جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب بمكة وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا وشبعوا وبقى الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا ورووا وبقى الشراب كأنه لم يشرب ثم قال : يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم عليه أحد فقمت إليه ، وكنت من أصغر القوم فقال: اجلس قال : ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول اجلس حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي ، فعند ذلك ورثت ابن عمي دون عمي» (٢).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١٠.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١٢.

٢٧٨

الباب السادس عشر

في قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)

من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث

الحديث الأول : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدّب وجعفر بن محمد ابن مسرور رضي الله عنه قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصّلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر الحديث إلى أن قال : «قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : «فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا فأول ذلك قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ورهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى بذلك الآل فذكره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهذه واحدة» (١).

الحديث الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : حدّثنا عبد العزيز قال : حدّثنا المغيرة بن محمد قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرّحمن الأزدي قال : حدّثنا قيس بن الربيع وشريك بن عبد الله عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب قال : «لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) أي : رهطك المخلصين ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فقال : أيكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى عليا فقال : أنا يا رسول الله فقال : يا بني عبد المطلب هذا أخي ووارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام» (٢).

الحديث الثالث : الشيخ الطوسي في مجالسه قال : حدّثنا جماعة عن أبي الفضل قال : حدّثنا أبو جعفر الطبري سنة ثمان وثلاثمائة قال : حدّثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدّثنا سلمة بن

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦١٧ / مجلس ٧٩ / ح ١.

(٢) علل الشرائع : ١ / ١٧٠ / ح ٢.

٢٧٩

الفضل الأبرش قال : حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم قال أبو المفضل : حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ـ واللفظ له ـ قال : حدّثنا محمد بن الصباح الجرجرائي قال: حدّثنا سلمة ابن صالح الجعفي عن سليمان الأعمش وأبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا علي إن الله تعالى أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين قال : فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره فصمت على ذلك ، وجاءني جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به عذبك ربك ، فاصنع لنا يا علي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسّا من لبن ثم اجمع له بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.

ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم أجمع وهم ـ يومئذ ـ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعته لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جذمة من اللحم فشقها باسنانه ثم القاها في نواحي الصحفة ثم قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتى صدروا ما لهم بشيء من الطعام من حاجة ، وما أرى إلّا مواضع أيديهم ، وأيم الله نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله ، فلما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكلمهم ابتدره أبو لهب بالكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم.

فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ، ثم اجمعهم لي قال : ففعلت ثم جمعتهم فدعاني بالطعام فقربته لهم ففعل كما فعل بالأمس وأكلوا حتى ما لهم به من حاجة ثم قال : اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا ، ثم تكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل ما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني ربي عزوجل أن ادعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على أمري فيكون أخي ووصي ووزيري وخليفتي في اهلي من بعدي؟ قال : فامسك القوم واحجموا عنها جميعا قال : فقمت ، وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعطنهم بطنا وأحمشهم ساقا فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به قال : فأخذ بيدي ثم قال: هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ويقولون

٢٨٠