غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

وعلي عليه‌السلام و (أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الحسن والحسين (وَنِساءَنا) فاطمة رضوان الله عليهم أجمعين (١).

الحديث الثامن عشر : المالكي أيضا عن الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى وقال صحيح على شرط مسلم مثله (٢).

الحديث التاسع عشر : المالكي أيضا عن أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الشعبي مرسلا مثله (٣).

__________________

(١) الفصول المهمة : ٢٣.

(٢) الفصول المهمة : ٢٤.

(٣) الفصول المهمة : ٢٥.

٢٢١

الباب الرابع

فيمن نزلت فيه آية المباهلة

من طريق الخاصة وفيه خمسة عشر حديثا :

الحديث الأول : علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره : قال حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان سيدهم الأهتم والعاقب والسيد وحضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا فقال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال : «دعوهم» فلما فرغوا دنوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له : إلى ما تدعونا؟ فقال : «إلى شهادة أن لا إله الله ، وأني رسول الله وأن عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث» فقالوا من أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : قل لهم : ما تقولون في آدم أكان عبدا مخلوقا يأكل وشرب وينكح؟ فسألهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : نعم فقال : «فمن أبوه» فبهتوا فبقوا ساكتين فنزل الله (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) إلى قوله (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «فباهلوني فإن كنت صادقا انزلت اللعنة عليكم ، وإن كنت كاذبا نزلت عليّ» فقالوا : انصفت فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساءهم السيد العاقب والاهتم : إن باهلنا بقومه باهلناه ، فإنه ليس بنبي وان باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله ، فإنّه لا يقدم على أهل بيته إلّا وهو صادق فلما اصبحوا جاءوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فقال النصارى : من هؤلاء؟ فقيل لهم : هذا ابن عمّه ووصيه وختنه علي بن أبي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ، فعرفوا فقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول الله على الجزية وانصرفوا»(١).

الحديث الثاني : الشيخ الطوسي في أماليه بالإسناد قال : حدّثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس قال : أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ قال : حدّثنا محمد بن إسحاق السراج قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد قال : حدّثنا حاتم بن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال :

__________________

(١) تفسير القمي : ١ / ١٠٤.

٢٢٢

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي ثلاث : فلأن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي وقد خلفه في بعض مغازيه فقال : «يا رسول الله تخلّفني مع النساء والصبيان»؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي» وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» قال : فتطاولنا لها فقال : «ادعوا لي عليا» فأتى علي عليه‌السلام أرمد العين ، فبصق في عينيه ، ودفع إليه الراية ففتح الله تعالى عليه ولما نزلت هذه الآية (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام وقال : «اللهمّ هؤلاء أهلي» (١).

الحديث الثالث : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرّحمن الهمداني بالكوفة قال : حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال : حدّثنا علي بن حسان الواسطي قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عليه‌السلام عن عمه الحسن عليه‌السلام قال : قال : الحسن عليه‌السلام : «قال الله تعالى لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجّوه فقل : (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فاخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأنفس معه أبي ومن البنين أنا وأخي ومن النساء فاطمة أمي من الناس جميعا فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منّا» (٢).

الحديث الرابع : الشيخ المفيد في كتاب (الاختصاص) عن محمد بن الحسن بن أحمد ـ يعني ابن الوليد ـ عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي قال : حدثني محمد بن الزّبرقان الدمغاني الشيخ قال : قال أبو الحسن موسى عليه‌السلام قال : «اجتمعت الامة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلّا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين فقال الله تبارك وتعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فكان تأويل ابنائنا الحسن والحسين ونسائنا فاطمة وانفسنا علي بن أبي طالب» (٣).

الحديث الخامس : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال : حدّثنا الربيع بن يسار قال :

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٣٠٦ / المجلس ١١ / ح ٦٣.

(٢) أمالي الطوسي : ٥٦٤ / المجلس ٢١ / ح ١.

(٣) الاختصاص : ٥٦.

٢٢٣

حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه أن عليا عليه‌السلام وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم وأجلّهم ثلاثة أيّام فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل ، وان توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم ، فإن يكن حقا فاقبلوا ، وإن يكن باطلا فانكروه» قالوا : قل وذكر فضائله عليهم وهم يعترفون به قال لهم : «فهل فيكم أحد أنزل الله عزوجل فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة وجعل الله عزوجل نفسه نفس رسوله غيري»؟

قالوا : لا (١).

الحديث السادس : الشيخ المفيد في (الاختصاص) قال : حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزار قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزّاز المعروف ب (ابن المطبقي) وجعفر الدّقاق قالا : حدّثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فيّاض الدمشقي بدمشق قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق قال : حدّثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال : حدّثنا معمر بن راشد قال : حدّثنا محمد بن المنكدر عن أبيه عن جده قال : لما قدم السيد والعاقب اسقفا نجران في سبعين راكبا وفدا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كنت معهم فبينا كرز يسير وكرز صاحب نفقاتهم إذ عثرت بغلته فقال : تعس من نأتيه ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال له صاحبه وهو العاقب فقال له صاحبه وهو العاقب : بل تعست وانتكست. فقال : فلم ذلك؟ قال لأنك اتعست النبي الامي أحمد قال: وما عملك بذلك؟

قال : أما تقرأ من المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل ما اجهلكم تتطيّبون بالطيب لتطيّبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم واجوافكم عندي كجيفة الميتة (٢) يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي الذي يكون في آخر الزمان وصاحب الوجه الأقمر والجمل الأحمر المشرّب بالنور ذي الجناب الحسن والثياب الخشن وسيد الماضين عندي وأكرم الباقين على المستنّ بسنتي والصابر في ذات جنبي ، والمجاهد بيده المشركين من أجلي فبشر به بني إسرائيل ، ومرّ بني إسرائيل أن يعزّروه ، وأن ينصروه قال عيسى عليه‌السلام : «قدوس قدوس من هذا العبد الصالح الذي قد احبّه قلبي ولم تره عيني؟ قال : هو منك وأنت منه وهو صهرك على أمك قليل الأولاد كثير الأزواج يسكن مكة من موضع اساس من وطى إبراهيم نسله من مباركة وهي ضرة أمك في الجنة له

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٥٤٥ / المجلس ٢٠ / ح ٤.

(٢) في المصدر : كالجيفة المنتنة.

٢٢٤

شأن من الشأن تنام عيناه ، ولا ينام قلبه يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس حيث يغرب فيه شرابان من الرحيق والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا وذلك بتفضلي إياه على سائر المرسلين.

يوافق قوله فعله وسريرته علانيته فطوبى له وطوبى لامته الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني فترخى السماء عزاليها حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها وأبارك فيما يضع فيه يده قال : «إلهي سمّه» قال : نعم ، هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة وأقربهم منّي منزلة واحضرهم عندي شفاعة لا يأمر إلا بما أحب وينهى لما اكره قال له صاحبه فاين تعدّينا على من هذه صفته قال : نشهد أحواله وننظر أيامه ، فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا ، وإن يكن كاذبا كفينا بكذبه على الله عزوجل قال : ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال : أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرّمونا وموّلونا ونصبوا لنا الكنائس واعلوا فيه ذكرنا ، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوى فيه الشريف والوضيع.

فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور وعليهم ثياب الحبر ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله متنائي عن المسجد وحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلقاء المشرق فهمّ بهم رجال من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنعهم ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «دعوهم» فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا : يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال : «هو عبد الله ورسوله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه» فقال أحدهما : بل هو ولده وثاني اثنين ، وقال آخر : بل هو ثالث ثلاثة أب وابن وروح القدس ، وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا وجعلنا وخلقنا ، ولو كان واحد لقال : خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) إلى آخر الآية فقص عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد والله أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم ، فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن الله عزوجل قد أمرني بمباهلتكم».

فقالوا : إذا كان غدا باهلناك ، فقال القوم بعضهم لبعض : حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة اتباعه من اوباش الناس أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة ، فإنهم وشج الأنبياء وموضع نهلهم ، فلما كان

٢٢٥

من الغد غدا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيمينه علي وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة عليها‌السلام عليهم النمار النجرانية (١) ، وعلى كتف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كساء قرقف رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وادخلهم تحت الكساء وادخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون وأصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كان أن يطيش عقولهما ، فقال أحدهما لصاحبه : أنباهله؟

قال : أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيّا فنشأ صغيرهم أو بقى كبيرهم ، ولكن أره إنّك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإن الرجل محارب ، وقل له أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته ، فلما رفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يده إلى السماء للمباهلة قال احدهما لصاحبه وأي رهبانية دارك الرجل فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال فقالا : يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال : «نعم هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عزوجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة» قال : فبصبصا ـ يعني ارتعدوا وكرّا ـ وقالا له : يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك اعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأيناه وشاهدناه فيكون الأمر على ملأ منهم فأما الإسلام ، وإمّا الجزية وإمّا المقاطعة في كل عام ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «قد قبلت ذلك منكم أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عزوجل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا حتى يساقها إلى من ورائكم اسرع من طرفة عين فاحرقتهم» فهبط عليه جبرائيل الروح الامين فقال : يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الأرض لسقطت السماء كسفا متهافتة ولتقطعت الأرضون زبرا سائحة فلم يستقر عليها بعد ذلك فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يديه حتى رأي بياض ابطيه ثم قال وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الأمر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة (٢).

الحديث السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور رضي الله عنه عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلب عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في حديثه عليه‌السلام مع المأمون والعلماء في الفرق بين العترة والامة وفضل العترة على الامة واصطفاء العترة وذكر الحديث بطوله والحديث قالت العلماء : هل فسّر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه‌السلام : «فسّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وذكر

__________________

(١) أي : جرة وشملة فيها خطوط بيض وسود.

(٢) الاختصاص : ١١٢ ـ ١١٦.

٢٢٦

المواضع من القرآن» وقال عليه‌السلام : «وأمّا الثالثة حين ميّز الله تعالى الطاهرين من خلقه وأمر نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمباهلة بهم في الآية الابتهال فقال عزوجل : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)».

قالت العلماء : عنى به نفسه؟ قال أبو الحسن عليه‌السلام «غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب ، وممّا يدل على ذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين قال لينتهين بنو وليعة أو لابعثن إليهم رجلا كنفسي ـ يعني علي بن أبي طالب ـ وعنى بالأبناء الحسن والحسين وعنى بالنساء فاطمة عليها‌السلام فهذه خصوصية لا يتقدم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة وأما الرابعة» وساق الحديث بذكر الاثنى عشر موضعا من القرآن (١).

الحديث الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو أحمد هاني بن أبي محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه قال : حدّثنا أبي بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر عليه‌السلام في حديث له مع الرشيد قال الرشيد له عليه‌السلام كيف قلتم : إنّا ذرية النبي والنبي لم يعقب وإنما العقب للذكر لا للأنثى وأنتم ولد البنت ولا يكون لها عقب فقلت : «أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة» فقال : لا ، أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم كذا انهي إليّ ولست اعفيك في كل ما اسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلّا وتأويله عندكم واحتججتم بقوله عزوجل : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم فقلت: «تأذن لي في الجواب؟».

فقال : هات.

قلت : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرّحمن الرحيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ) من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ فقال : ليس له أب.

فقلت : «إنما ألحقه بذراري الأنبياء عليهم‌السلام من طريق مريم عليها‌السلام ، وكذلك الحقنا الله تعالى بذراري النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قبل أمّنا فاطمة عليها‌السلام أزيدك يا أمير المؤمنين؟»

قال : هات.

قلت : «قول الله عزوجل (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولم يدع أحد أنه ادخل

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦١٨ / المجلس ٧٩ / ح ١.

٢٢٧

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلّا علي بن أبي طالب عليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فكان تأويل قوله عزوجل ابناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب» (١).

الحديث التاسع : العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ أمير المؤمنين سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له زدنا فقال : «إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل الله هذه الآية (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) إلى آخر الآية فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة ثم خرج ورفع كفه إلى السماء وفرج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة ـ قال ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : وكذلك المباهلة يشبّك يده في يده يرفعهما إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه : والله لئن كان نبيّا لنهلكنّ ، وإن كان غير نبي كفانا قومه فكفا وانصرفا» (٢).

الحديث العاشر : العياشي عن محمد بن سعيد الأردني عن موسى بن محمد بن الرضا عن أخيه أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال في هذه الآية : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولو قال تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد علم أن نبيّه مؤدّ عنه رسالاته وما هو من الكاذبين» (٣).

الحديث الحادي عشر : العياشي بإسناده عن أبي جعفر الأحول قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «ما تقول قريش في الخمس؟ قال : قلت : تزعم أنه لها ، قال : «ما انصفوا والله لو كان مباهلة ليباهلن بنا ولئن كان مبارزة ليبارزن بنا ثم نكون وهم على سواء» (٤).

الحديث الثاني عشر : العياشي بإسناده عن الأحول قال : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : سيّما مما انكر به الناس فقال : «قل لهم إن قريشا قالوا : نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة فقل لهم كان رسول الله لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته ، وعند المباهلة جاء بعلي الحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام ، أفيكون لنا المر ولهم الحلو» (٥).

الحديث الثالث عشر : العياشي بإسناده عن المنذر قال : حدّثنا علي عليه‌السلام قال : لما نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ...) الآية قال : «أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما عليهم‌السلام فقال رجل

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ١ / ٨١.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٧٦ ح ٥٤.

(٣) تفسير العياشي : ١ / ١٧٦ ح ٥٥.

(٤) تفسير العياشي : ١ / ١٧٦ ح ٥٦.

(٥) تفسير العياشي : ١ / ١٧٧ ح ٥٧.

٢٢٨

من النصارى : لا تفعلوا فتصيبكم عنت فلم يدعوه» (١).

الحديث الرابع عشر : العياشي بإسناده عن عامر بن سعد قال : قال معاوية لأبي ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ قال : لثلاث رويتهنّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزلت آية المباهلة (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا ...)

الآية أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، قال : «هؤلاء أهلي» (٢).

الحديث الخامس عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا أبو عمر قال : أخبرنا أحمد قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن قال : حدّثنا أبي فقال حدّثنا هاشم بن المنذر عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي عليه‌السلام قال : «خرج رسول الله حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم» (٣).

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ١٧٧ ح ٥٨.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٧٧ ح ٥٩.

(٣) أمالي الطوسي : ٢٥٩ / مجلس ١٠ / ح ٧.

٢٢٩

الباب الخامس

في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (١)

من طريق العامة وفيه سبعة عشر حديثا :

الحديث الأول : من مسند أحمد بن حنبل عن أبيه أحمد قال : وفيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي يذكر أن الحارث بن الحسن الطحّان حدثه قال : حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودّتهم قال : «علي وفاطمة وابناهما» (٢).

الحديث الثاني : من الجزء السادس من (صحيح البخاري) على حدّ من أوله في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : حدثني محمد بن بشار قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت طاوسا عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال سعيد بن جبير : قربى آل محمد صلوات الله عليهم (٣).

الحديث الثالث : من صحيح مسلم من الجزء الخامس في أوّله في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : سئل ابن عباس رضي الله عنه عن هذه الآية فقال ابن جبير : هي قربى آل محمد عليهم‌السلام (٤).

الحديث الرابع : الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ...) الآية قال : اختلفوا في قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر الله تعالى بمودتهم قال : فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل حدّثنا برهان بن علي الصوفي حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليم الحضرمي حدّثنا حرب بن الحسن

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٦٩ ح ١١٤١.

(٣) صحيح البخاري : ٦ / ٣٧.

(٤) لم يوجد في صحيح مسلم المطبوع ونقله في العمدة عن مسلم : ٤٩ ح ٤٠ ، وكذلك في الطرائف : ١١٣ / ح ١٦٩.

٢٣٠

الطحّان حدّثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأشتر بن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟

قال : «علي وفاطمة وابناهما صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين» (١).

الحديث الخامس : ومن (تفسير الثعلبي) أيضا قال : أنبأني عقيل بن محمد أخبرنا المعاني ابن المبتلى حدّثنا محمد بن جرير حدثني محمد بن عمارة حدّثنا إسماعيل بن أبان حدّثنا الصباح بن يحيى المرى عن السدي عن أبي الديلم قال : لما جيء بعلي بن الحسين صلوات الله عليه أسيرا قائما على درج مسجد دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصل شأفتكم (٢) وقطع قرن الفتنة فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام : «اقرأت القرآن؟».

قال : نعم.

قال : «قرأت «ال حم» قال : قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم.

قال : «قرأت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)

قال : لأنتم هم؟!

قال : «نعم» (٣).

ثم قال علي بن الحسين عليه‌السلام : أفقرأت في بني اسرائيل (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) قال : وأنكم القرابة التي أمر الله أن يؤتى حقه؟ قال : نعم.

الحديث السادس : الثعلبي أيضا في تفسيره قال : أخبرني ابن فنجويه حدّثنا ابن حبش حدّثنا أبو القاسم الفضل حدّثنا علي بن الحسين حدّثنا إسماعيل بن موسى حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي الله عنه (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) (٤) قال : المودة لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

الحديث السابع : ومن (الجمع بين الصحاح الستة) لأبي الحسن رزين من الجزء الثاني من أجزاء أربعة في تفسير سورة حم قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال ابن جبير : قربى آل محمد عليهم‌السلام (٦).

__________________

(١) العمدة : ٢٣ ـ ٢٤ عن الثعلبي.

(٢) في المصدر : واستأصلكم.

(٣) بحار الانوار : ٢٣ / ٢٥٢ ح ٣١ عن الثعلبي.

(٤) الشورى : ٢٣.

(٥) العمدة : ٢٧ عن الثعلبي.

(٦) بحار الأنوار : ٢٣ / ٢٥٠ ذيل ح ٢٤.

٢٣١

الحديث الثامن : ومن الجمع بين الصحاح الستة أيضا بإسناده عن طاوس أن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن قوله تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقال سعيد بن جبير : قربى آل محمد عليهم‌السلام (١).

الحديث التاسع : محمد بن جرير برجاله في كتاب (المناقب) أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام: «اخرج فناد في الناس ألا من ظلم اجيرا أجره فعليه لعنة الله ألا من تولّى غير مواليه لعنة الله إلا من سبّ أبويه فعليه لعنة الله» فنادى بذلك فدخل عمر وجماعة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا : هل من تفسير لما نادى؟

قال : «نعم أمرته أن ينادي ألا من ظلم أجيرا أجره لعنه الله وإن الله يقول : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فمن ظلمنا فعليه لعنة الله وأمرته أن ينادي من توالى غير مواليه فعليه لعنه الله والله يقول النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه فمن وإلى غيره وغير ذريته فعليه لعنة الله وأمرته أن ينادي من سب أبويه فعليه لعنة الله وانا اشهد الله واشهدكم انا وعلي أبوا المؤمنين فمن سبّ احدنا فعليه لعنة الله» فلما خرجوا قال عمر : يا أصحاب محمد ما أكد النبي لعلي بغدير خم ولا في غيره أشد من تأكيده في يومنا هذا قال خباب بن الارث : كان ذلك قبل وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بتسعة عشر يوما (٢).

الحديث العاشر : إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان العامة قال : أخبرنا شيخنا العلّامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقراءتي عليه وأنا اسمع في رجب أو شعبان سنة خمس وستين وستمائة قال : أنبأنا الشيخ رضي الدين [المؤيد بن محمد بن علي الطوسي ثم النيشابوري والشيخ الإمام شهاب الدين] أبو بكر بن أبي سعيد عبد الله بن الصفّار النيسابوري بسماعه من والده وبإجازته من عبد الجبار بن محمد الخواري قال أنبأنا الشيخ الدين عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي سماعا عليه قال : أنبأنا أبو حنان المزكي أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق نبأنا الحسن بن علي بن زياد السري نبأنا يحيى بن عبد الحميد الحماني نبأنا حسين الأشقر نبأنا قيس نبأنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين يأمرنا الله بمودتهم؟

قال : «علي وفاطمة وولدهما عليهم‌السلام» (٣).

الحديث الحادي عشر : علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في كتاب (مقاتل الطالبين) قال :

__________________

(١) الطرائف : ٢٧ ـ ٢٨.

(٢) الطرائف : ٣٧ ـ ٣٨.

(٣) السمطين : ٢ / ١٣ / ب ٢ / ح ٣٥٩.

٢٣٢

قال الحسن في خطبة له بعد موت أبيه : «أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد ، أنا ابن البشير أنا ابن النذير انا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) (١) فالحسنة مودّتنا أهل البيت»(٢).

الحديث الثاني عشر : موفق بن أحمد عن مقاتل والكعبي لما نزلت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : هل رأيتم اعجب من هذا يسفّه أحلامنا ويشتم آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبّه فنزل (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) أي ليس لي من ذلك أجر لأن منفعته المودّة تعود إليكم وهو ثواب الله تعالى ورضاه (٣).

الحديث الثالث عشر : أبو نعيم صاحب (حلية الأبرار) بإسناده إلى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين يأمرنا الله بمودّتهم؟ قال : «علي وفاطمة وأولادهما» (٤).

الحديث الرابع عشر : المالكي في (الفصول المهمة) قال : روى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟ قال : «علي وفاطمة وابناهما» (٥).

الحديث الخامس عشر : المالكي قال : روى السدي عن ابن مالك عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : المودة لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فهؤلاء هم أهل بيتي (٦).

الحديث السادس عشر : ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب أخبرهم حدّثنا عثمان ابن أحمد الدقّاق حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال حدّثنا محمد بن الصباح الدّولابي قال : حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي في قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : المودّة في آل محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وفي قوله تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) قال : رضى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أن

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٣ ط. النجف وفي طبعة : إن ذكر الخبر في بيعته ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ١٦ / ٣٠.

(٣) المناقب : ٢٧٥ / ٢٥٥.

(٤) حلية الأولياء : ٣ / ٢٠١ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ١٨٩.

(٥) الفصول المهمة : ١٥٢ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ١٨٩ ح ٨٢٢ ، وتفسير ابن كثير : ٤ / ١٢٢.

(٦) تفسير القرطبي : ١٦ / ٢٤ ، وتفسير الدر المنثور : ٦ / ٧ مورد الآية.

٢٣٣

يدخل أهل بيته الجنة (١).

الحديث السابع عشر : صاحب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن صابر قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن هاشم بدمشق عن عبد الله بن جعفر العسكري بالرقة عن يحيى بن عبد الحميد عن جعفر ابن الاشعري عن الأعمش عن سعد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله تعالى بمودتهم؟ قال : «علي وفاطمة وولداهما» (٢).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ١٩٥ / ح ٣٦٠.

(٢) تفسير نور الثقلين : ٤ / ٥٧٢ ح ٦٨ ، وتأويل الآيات : ٢ / ٥٤٥ ، وفي رحاب النبي وآله : ٧٩.

٢٣٤

الباب السادس

في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) الآية (١)

من طريق الخاصة وفيه اثنان وعشرون حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن المثنى عن زرارة عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : «هم الأئمة عليهم‌السلام» (٢).

الحديث الثاني : محمد بن يعقوب أيضا عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لأبي جعفر الأحول وأنا اسمع فقال : «أتيت البصرة» قال : نعم فقال : «كيف رأيت مسارعة الناس إلى هذا الأمر ودخولهم فيه» فقال : والله إنهم لقليل وقد فعلوا وان ذلك لقليل فقال : «عليك بالاحداث فإنهم اسرع إلى كل خير» ثم قال : «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ قلت : جعلت فداك إنهم يقولون : إنهم لا قارب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «كذبوا إنما نزلت فينا خاصة في أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء عليهم‌السلام» (٣).

الحديث الثالث : عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) عن محمد بن خالد الطيالسي عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام للأحول : «أتيت البصرة» وذكر مثله إلا لفظة خاصة (٤).

الحديث الرابع : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد ابن حكيم عن أبي مسروق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت انا نكلّم الناس فنحتج عليهم بقول الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فيقولون : نزلت في أمراء السرايا فنحتج عليهم بقوله عزوجل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) إلى آخر الآية فيقولون : نزلت في المؤمنين ونحتج عليهم بقول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فيقولون : نزلت

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) الكافي : ١ / ٤١٣ ح ٧.

(٣) الكافي : ٨ / ٩٣ ح ٦٦.

(٤) قرب الاسناد : ١٢٨ / ٤٥٠.

٢٣٥

في قربى المسلمين قال : فلم ادع شيئا مما حضرني ذكره من هذا وشبهه إلّا ذكرته فقال لي : «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة» قلت : وكيف اصنع؟ قال : «اصلح نفسك ثلاثا» واظنه قال «وصم واغتسل وأبرز أنت وهو إلى الجبال فشبّك اصابعك من يدك اليمنى في اصابعه ثم انصفه وابدأ بنفسك وقل : اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا وادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ثم ردّ الدعوة عليه فقل : وإن كان فلان جحد حقا وادّعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما» ثم قال لي : «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه» (١).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : «من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم عليه‌السلام ، وهو قول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) يدخله الجنة وهو قول الله عزوجل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) يقول : أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة وقال لأعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) يقول متكلفا : إن أسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض. أما يكفي محمد أن يكون قهرنا عشيرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا ما انزل الله هذا وما هو إلا شيء يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا (٢) ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا وأراد الله عزوجل ذكره أن يعلم نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي اخفوا في صدورهم واسرّوا به فقال في كتابه عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) يقول : لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم ، وقد قال الله عزوجل : (يَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يقول الحق: لأهل بيتك الولاية أنه عليم بذات الصدور ويقول بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك : وهو قول الله عزوجل : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٣).

الحديث السادس : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان

__________________

(١) الكافي : ٢ / ٥١٣ ح ١.

(٢) الكافي : ٨ / ٣٧٩ ح ٥٧٤.

(٣) الأنبياء : ٣.

٢٣٦

عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) (١) قال : «الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا» (٢).

الحديث السابع : سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسى بن عبيد عن فضالة ابن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فقال : «الاقتراف الحسنة هو التصديق لنا والصدق علينا» (٣).

الحديث الثامن : سعد هذا عن يعقوب ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٤).

الحديث التاسع : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور قدس‌سره قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان وذكر حديث الفرق بين الآل والامة وذكر عليه‌السلام آيات الاصطفاء للآل عليهم‌السلام من القرآن في الظاهر دون الباطن وهي اثنتا عشرة إلى أن قال عليه‌السلام : «السادسة قوله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٥) وهذه خصوصية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله عزوجل ذكر نوحا عليه‌السلام في كتابه (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) (٦) وحكى عزوجل عن هود عليه‌السلام أنه قال : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٧).

وقال عزوجل لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل يا محمد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال ابدا ، وأخرى أن يكون الرجل وادّا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوّا له فلا يسلم قلب الرجل له فاحبّ الله عزوجل أن لا يكون في قلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المؤمنين شيء ففرض عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبغضه ومن تركها ولم يأخذ بها وابغض أهل بيته فعلى رسول الله أن

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) الكافي : ١ / ٣٩١ ح ٤.

(٣) بصائر الدرجات : ٥٢١ / ٦ وفي المصدر : الاقتراف : التسليم لنا والصدق علينا ولا يكذب علينا.

(٤) بصائر الدرجات : ٥٢١ / ٧.

(٥) الشورى : ٢٣.

(٦) هود : ٢٩.

(٧) هود : ٥١.

٢٣٧

يبغضه ؛ لأنه ترك فريضة من فرائض الله ، فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فأنزل الله هذه الآية على نبيّه (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أصحابه فحمد الله واثنى عليه وقال : يا أيها الناس إن الله قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه فلم يجبه أحد فقال : يا أيها الناس إنّه ليس بذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب فقالوا : هات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا : أما هذه فنعم فما وفي بها أكثرهم ، وما بعث الله عزوجل نبيا إلّا أوحى إليه لا يسأل قومه أجرا لأن الله يوفي أجر الأنبياء ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فرض الله عزوجل مودة قرابته على امته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليوادّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي اوجب الله عزوجل لهم فأن المودة أنما تكون على قدر معرفة الفضل فلما اوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فأخذ بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق والحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حدّه الله.

فقالوا : القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالين كان فقد علمنا أن المودة هي للقرابة فأقربهم من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولاهم بالمودة كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها ، وما انصفوا نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حيطته ورأفته ، وما من الله به على امته مما تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه لا يودّوه في قرابته وذريته وأهل بيته وأن لا يجعلوهم منهم بمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحبا لنبيه فكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه والأخبار ثابتة أنهم أهل المودة والذين فرض الله مودتهم ووعد الجزاء عليها أنه ما وافى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلّا استوجب الجنة ؛ لقول الله عزوجل في هذه الآية : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) مفسّرا ومبيّنا.

ثم قال أبو الحسن عليه‌السلام : «حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن عليعليهما‌السلام قال : اجتمع المهاجرين والأنصار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : يا رسول الله إن لك مئونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا فأحكم فيها بارا مأجورا اعط منها ما شئت وأمسك ما شئت من غير حرج فأنزل الله الروح الأمين فقال يا محمد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعني تؤدّوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال المنافقون : ما حمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على ترك ما عرضنا عليه إلّا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلّا شيء افتراه في مجلسه ، وكان ذلك من قولهم عظيما فأنزل الله عزوجل (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ

٢٣٨

فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فبعث إليهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : هل من حدث؟ فقالوا : أي والله قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله عزوجل (هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)» (١).

الحديث العاشر : ابن بابويه قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال : حدّثنا محمد بن زكريا قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال حدثني أبو نعيم قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق ابن حاجب قال : حدثنا عبد الله بن زياد عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال لرجل : «أما قرأت كتاب الله عزوجل؟» قال : نعم.

قال : «أما قرأت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : بلى قال : «فنحن أولئك» (٢).

الحديث الحادي عشر : محمد بن العباس بن ماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيتعليهم‌السلام في القرآن وهو ثقة في الحديث قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي عن أبي محمد إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن محمد بن جعفر بن محمد قال : حدثني عمي علي بن جعفر عن الحسين بن زيد عن الحسن بن زيد عن أبيه عن جده عليه‌السلام قال : خطب الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام حين قتل علي عليه‌السلام فقال : «وانا من أهل بيت افترض الله مودّتهم على كل مسلم حيث يقول : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (٣).

الحديث الثاني عشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن محمد ابن عبد الله الجشمي عن الهيثم بن عدي عن سعيد بن صفوان عن عبد الملك بن عمير عن الحسين ابن علي صلوات الله عليهما في قوله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : «إن القرابة التي أمر الله بصلتها وعظم حقها وجعل الخير فيها قرابتنا أهل البيت الذين أوجب الله حقّنا على كل مسلم» (٤).

الحديث الثالث عشر : أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن) عن الحسن بن علي الخزاز عن مثنى الحنّاط عن عبد الله بن عجلان قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله (قُلْ لا

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦١٩ / المجلس ٧٩ / ح ١.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٣٠ / ح ٢٤٢.

(٣) بحار الانوار : ٢٣ / ٢٥١ ح ٢٦.

(٤) بحار الانوار : ٢٣ / ٢٥١ ح ٢٧.

٢٣٩

أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : «هم الأئمة الذين لا يأكلون الصدقة ولا تحل لهم» (١).

الحديث الرابع عشر : عبد الله بن جعفر الحميري في (قرب الإسناد) عن هارون ابن مسلم قال : حدثني مسعدة بن صدقة قال : حدّثنا جعفر بن محمد عن آبائه أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟ قال: فلم يجبه أحد منهم فانصرف فلما كان من الغد قام فيهم فقال مثل ذلك ثم قام فيهم فقال مثل ذلك في اليوم الثالث فلم يتكلم أحد فقال : أيها الناس إنه ليس من ذهب ولا فضة ولا مطعم ولا مشرب قالوا : فالقه إذا قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)» قالوا : أما هذه فنعم فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فو الله ما وفى بها إلّا سبعة نفر سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد بن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له : الكبيت (٢) وزيد بن أرقم» (٣).

الحديث الخامس عشر : المفيد في (الاختصاص) قال : حدثني جعفر بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون ابن مسلم عن أبي الحسن الليثي عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام وذكر مثل الحديث السابق (٤).

الحديث السادس عشر : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدثني أبي عن ابن أبي نجران عن عاصم ابن حميد عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في قول الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) «يعني في أهل بيته قال : جاء الأنصار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : إنا قد أوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا استغن بها على ما أنابك فأنزل الله (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) يعني على النبوة (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي في أهل بيته ثم قال : ألا ترى إن الرجل يكون له صديق وفي نفس ذلك الرجل شيء على أهل بيته فلا يسلم صدره فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول الله شيء على أمته ففرض عليهم المودة في القربى ، فإن أخذوا اخذوا مفروضا وإن تركوا تركوا مفروضا».

قال : «فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : عرضنا عليه أموالنا فقال قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي وقالت طائفة : ما قال هذا رسول الله وجحدوه وقالوا كما حكى الله تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فقال الله (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) قال لو افتريت (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) يعني

__________________

(١) المحاسن : ١ / ١٤٥ ح ٤٨.

(٢) في المصدر : الثبيت.

(٣) قرب الاسناد : ٧٨ / ٢٥٤.

(٤) الاختصاص : ٦٣.

٢٤٠