غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

١

٢

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الباب الثلاثون

في أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر وعلي أمير المؤمنين الهادي

في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (١) من طريق العامة وفيه سبعة أحاديث :

الأول : إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامّة في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى وفاطمة والسبطين عليهم‌السلام قال : أنبأنا شيخنا العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق أنبأنا المؤيد ابن محمد بن علي الطوسي إجازة ، أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري البيهقي أنبأنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي قال : من الآيات التي جعل فيها علي تلو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٢).

الثاني : إبراهيم الحمويني هذا قال : أخبرنا أبو الحسن بن أبي نصر الفقيه أنبأنا محمد بن عبد الله ابن محمد الحافظ أخبرني أبو بكر بن أبي دارم نبأنا المنذر بن محمد بن المنذر اللخمي حدثني أبي عن عمّي الحسين بن سعيد حدثني أبي سعيد بن أبي الجهم عن أبان بن تغلب عن نفيع بن الحارث حدثني أبو برزة الأسلمي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنما أنت منذر ـ ووضع يده على صدر نفسه ثم وضعها على يد علي عليه‌السلام ـ ويقول : لكل قوم هاد» (٣).

الثالث : الثعلبي في الكشف عن عطا بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يده على صدره وقال : «أنا المنذر ـ وأومأ بيده إلى منكب علي بن أبي طالب ـ أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون» (٤).

الرابع : عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن هذه الآية فقال لي :

__________________

(١) الرعد : ٧.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ١٤٨ / ب ٢٨ / ح ١١١.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ١٤٨ / ب ٢٨ / ح ١١١.

(٤) نهج الإيمان لابن جبر : ١٨٤ ، وتفسير الطبري : ١٣ / ١٤٢ بلفظ : بك يهتدي المهتدون بعدي ، وتفسير ابن كثير : ٢ / ٥٢٠ مورد الآية بنفس اللفظ.

٥

«هادي هذه الأمة علي بن أبي طالب» (١).

الخامس : الثعلبي عن السدي عن عبد خير عن عليّ عليه‌السلام قال : «المنذر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والهادي رجل من بني هاشم». يعني نفسه عليه‌السلام (٢).

السادس : أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان الفقيه من طريق العامة بإسناده عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بي أنذرتم وبعلي بن أبي طالب اهتديتم ، وقرأ : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) وبالحسن أعطيتم الإحسان ، وبالحسين تسعدون وبه تشقون (٣) ألا وإن الحسين باب من أبواب الجنة ، من عانده (٤) حرّم الله عليه ريح الجنة» (٥).

السابع : المالكي في فصول المهمة من أعيان علماء العامة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر وعلي الهادي بك يا علي يهتدي المهتدون» (٦).

__________________

(١) نهج الإيمان : ١٨٥ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٣٨٧ ح ٤٠٦.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨١ ، وينابيع المودة : ١ / ٢٩٦ وراجع المصدر السابق.

(٣) في البحار : تشبثون.

(٤) في المصدر : عاداه.

(٥) مائة منقبة : ٢٣ المنقبة ٤.

(٦) الفصول المهمة : ١٠٧ ، وتاريخ دمشق : ٤٢ / ٣٥٩.

٦

الباب الحادي والثلاثون

في أنّ المنذر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والهادي علي أمير المؤمنين عليه‌السلام

وبنيه الأئمة الأحد عشر في قوله تعالى (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة وعشرون حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد وفضالة بن أيوب عن موسى بن بكر عن الفضيل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «كل إمام هاد للقرآن الذي هو فيهم» (١).

الثاني : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم الهداة من بعده عليّ ثم الأوصياء واحدا بعد واحد» (٢).

الثالث : ابن يعقوب عن الحسين بن محمد الاشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن محمد بن إسماعيل عن سعدان عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر ، وعلي الهادي. يا أبا محمد هل من هاد اليوم؟ فقلت : بلى جعلت فداك ، ما زال بينكم هاد من بعد هاد حتى دفعت إليك ، فقال : رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية ، مات الكتاب ، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى» (٣).

الرابع : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن منصور عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر ، وعلي الهادي ، أما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا الى الساعة» (٤).

__________________

(١) الكافي : ١ / ١٩١ ح ١ / باب أنهم الهداة.

(٢) المصدر السابق : ح ٢.

(٣) المصدر السابق : ح ٣.

(٤) الكافي : ١ / ١٩٢ ح ٤.

٧

وروي محمد بن الحسن الصفا في (بصائر الدرجات) هذه الأحاديث (١).

الخامس : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قدس سرّه قال : حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز يحيى البصري قال : حدثنا المغيرة بن محمد قال : حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الرّحمن الأزدي سنة ست وعشرة ومائة قال : حدّثنا قيس بن الربيع ومنصور بن أبي الاسود عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله قال : قال علي عليه‌السلام : «ما نزلت من القرآن آية إلّا وقد علمت أين نزلت وفي من نزلت وفي أي شيء نزلت وفي سهل نزلت أو جبل نزلت قيل : فما نزل فيك؟ فقال : لو لا انكم سألتموني ما أخبرتكم نزلت في هذه الآية (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فرسول الله المنذر وأنا الهادي إلى ما جاء به» (٢).

الحديث السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي محمد بن الحسن قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا عن حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «كل إمام هاد لكل قوم في زمانهم» (٣).

الحديث السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «المنذر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي الهادي وفي كل وقت وزمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٤).

الحديث الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد ابن محمد بن عيسى عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «إمام هاد لكل قوم في زمانهم».

الحديث التاسع : محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بطهور فلما فرغ أخذ بيد علي صلى الله عليهما فألزمها يده ثم قال : إنما أنت منذر ، ثم ضم يده إلى صدره وقال : ولكل قوم هاد ، ثم قال : يا علي أنت أصل الدين ومنار الإيمان وغاية الهدى وقائد الغر المحجلين أشهد لك

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٤٩ / باب ١٣.

(٢) أمالي الصدوق : ٣٥٠ / مجلس ٤٦ / ح ١٥.

(٣) كمال الدين : ٦٦٧ / باب ٥٨ / ح ٩.

(٤) المصدر السابق : ح ١٠.

٨

بذلك» (١).

الحديث العاشر : علي بن إبراهيم قال : حدثني أبي عن حمّاد عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : «المنذر رسول الله والهادي أمير المؤمنين وبعده الأئمة عليهم‌السلام وهو قوله : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [أي] في كل زمان إمام هاد مبين» (٢).

الحديث الحادي عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن محمد قال : حدّثنا عتبة بن عبد الله الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة قال : حدثني علي بن موسى الغطفاني قال : حدّثنا أحمد بن يوسف الحمصي قال : حدثني محمد بن عكاشة قال : حدّثنا حسين بن يزيد بن عبد علي قال : حدثني عبد الله بن الحسن عن أبيه عن الحسن عليه‌السلام قال : «خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فقال بعد ما حمد الله واثنى عليه : معاشر الناس كأني ادعى فاجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم لا تخلوا الأرض منهم ولو خلت لانساخت بأهلها.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم إني أعلم أن العلم لا يبيد ولا ينقطع وأنك لا تخلي الأرض من حجة لك على خلقك ظاهرا ليس بالمطاع أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا تضل أوليائك بعد إن هديتهم أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند الله فلما نزل عن منبره قلت له : يا رسول الله أما أنت الحجة على الخلق كلهم؟ قال : يا حسين أن الله يقول : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فأنا المنذر وعلي الهادي قلت : يا رسول الله قولك : إن الأرض لا تخلوا من حجة قال : نعم علي هو الإمام والحجة بعدي وأنت الإمام والحجة بعده والحسين الإمام والحجة والخليفة من بعدك ولقد نبأني اللطيف الخبير أن يخرج من صلب الحسين ولد يقال له : علي سمّي جده فإذا مضى الحسين قام بعده علي ابنه وهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب علي ولدا سميّي واشبه الناس بي علمه علمي وحكمه حكمي وهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب محمد مولودا يقال له : جعفر اصدق الناس قولا وفعلا وهو الإمام الحجة بعد أبيه ويخرج الله تعالى من صلب جعفر مولودا يقال له : موسى سمّي موسى بن عمران أشد الناس تعبّدا فهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب موسى مولودا يقال له : عليّ معدن علم الله وموضع حكمه وهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب علي مولودا يقال له : محمد فهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب محمد ولدا يقال له : عليّ فهو الإمام والحجة بعد أبيه

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٥١ / ح ٨ / باب ١٣.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٣٥٩.

٩

ويخرج الله من صلب علي مولودا يقال له : الحسن فهو الإمام والحجة بعد أبيه ويخرج الله من صلب الحسن الحجة القائم إمام شيعته وموقد أوليائه يغيب حتى لا يرى يرجع عن أمره قوم ويثبت عليه آخرون و (يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج قائمنا فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا فلا تخلو الأرض منكم أعطاكم الله علمي وفهمي ولقد دعوت الله تبارك وتعالى أن يجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي» (١).

الحديث الثاني عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد التميمي المعروف بابن النجار النحوي (٢) قال : حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مروان العزّال قال : حدثني محمد بن تميم عن عبد الرّحمن بن مهدي قال معاوية بن صالح عن عبد الغفار بن القاسم أبي مريم عن أبي هريرة قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد نزلت هذه الآية (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقرأها علينا رسول الله قال : «أنا المنذر أتعرفون الهادي»؟ قلنا : لا يا رسول الله ، قال : «هو خاصف النعل» فطوّلت الأعناق إذ خرج علينا علي عليه‌السلام من بعض الحجر وبيده نعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم التفت إلينا فقال : «ألا إنه المبلغ عنّي والإمام بعدي زوج ابنتي وأبو سبطي [فخرا] (٣) نحن أهل بيت اذهب الله عنّا الرجس وطهرنا تطهيرا من الدنس ، تقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، هو الإمام أبو الأئمة الزهر» فقيل : يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟ قال : «اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل ومنا مهدي هذه الأمة يملأ الله به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما لا تخلو الأرض منهم إلا ساخت بأهلها» (٤).

الحديث الثالث عشر : الشيخ في مجالسه بإسناده عن الحسين بن مفضل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : «ما بعث الله نبيّا اكرم من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا خلق الله قبله أحدا ولا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فذلك قوله : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) فقال : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فلم يكن قبله مطاع في الخلق ولا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة في كل قرن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها» (٥).

__________________

(١) كفاية الأثر : ١٦٢.

(٢) في المصدر المطبوع : النجوى وفي الهامش عن نسخ أخرى كالمتن.

(٣) ليست في المصدر.

(٤) كفاية الأثر : ٨٩.

(٥) أمالي الطوسي : ٦٦٩ / مجلس ٣٦ / ح ١٣.

١٠

الحديث الرابع عشر : سليم بن قيس الهلالي في حديث قيس بن سعد مع معاوية قال قيس: فيما نزل في أمير المؤمنين علي عليه‌السلام (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (١).

الحديث الخامس عشر : العيّاشي في تفسيره عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فينا نزلت هذه الآية (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا المنذر وأنت الهادي يا علي فمنا الهادي والنجاة والسعادة إلى يوم القيامة» (٢).

الحديث السادس عشر : العياشي عن عبد الرحيم القصير قال : كنت يوما من الأيام عند أبي جعفر عليه‌السلام فقال : «يا عبد الرحيم» قلت : لبيك ، قال : «قوله (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) إذ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر وعلي الهادي ومن الهاد اليوم؟ فسكت طويلا ، ثم رفعت رأسي فقلت : جعلت فداك هي فيكم توارثونها رجل فرجل حتى انتهت إليك ، فأنت جعلت فداك الهادي.

قال : «صدقت يا عبد الرحيم إن القرآن حي لا يموت والآية حية لا تموت ، فلو كانت الآية في الأقوام ماتوا فمات القرآن ، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين».

وقال عبد الرحيم : قال أبو عبد الله عليه‌السلام «إن القرآن حي لم يمت وإنه يجري كما يجري الليل والنهار وكما يجري الشمس والقمر ، ويجري على آخرنا كما يجري على أولنا» (٣).

الحديث السابع عشر : العياشي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «قال رسول الله : أنا المنذر وعليّ الهادي ، وكل إمام هاد للقرن الذي هو فيه» (٤).

الحديث الثامن عشر : العياشي عن يزيد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام : «(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) فقال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر وفي كل زمان إمام منّا يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والهداة من بعده علي ثم الأوصياء من بعده واحد بعد واحد ، ما والله ما ذهبت منّا وما زالت فينا إلى الساعة ، رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنذر وبعلي يهتدي المهتدون» (٥).

الحديث التاسع عشر : العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال النبي:صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر وعلي الهادي إلى أمري» (٦).

__________________

(١) كتاب سليم بن قيس : ٣١٤.

(٢) تفسير العياشي : ٢ / ٢٠٣ ح ٥.

(٣) تفسير العياشي : ٢ / ٢٠٤ ح ٦.

(٤) المصدر السابق : ح ٧.

(٥) المصدر السابق : ح ٨.

(٦) المصدر السابق : ح ٩.

١١

الحديث العشرون : الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن الحكم بن جبير عن أبي بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا لطهور (١) وعنده علي ابن أبي طالب عليه‌السلام» فأخذ رسول الله بيد علي بعد ما تطهّر فألصقها (٢) بصدره ثم قال : «إنما أنت منذر» ويعني نفسه ثم ردها إلى صدر علي ثم قال : «ولكل قوم هاد» ثم قال له : «أنت منار الأنام وغاية الهدى وأمير القراء اشهد على ذلك إنك كذلك» (٣).

الحديث الحادي والعشرين : الفارسي في الروضة قال : قال علي عليه‌السلام : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (منذر) محمد (ولكل قوم هاد) أنا» (٤).

الحديث الثاني والعشرين : عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر عليه‌السلام «فالنبي المنذر وبعلي يهتدي المهتدون» (٥).

الحديث الثالث والعشرين : جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «النبي المنذر وعلي الهادي» (٦).

أقول : والرواية عن ابن عباس في هذه الآية بهذا المعنى مستفيضة من طرق الخاصة ، والعامة يطول الكتاب بذكرها (٧).

قال ابن شهرآشوب : صنف أحمد بن محمد بن سعيد ـ يعني بن عقدة ـ كتابا في قوله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) إنما نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام (٨).

__________________

(١) في المصدر : دعا رسول الله بطهور.

(٢) في المصدر : فألزمها.

(٣) شواهد التنزيل : ١ / ٣٩٣ ح ٤١٤ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨٠.

(٤) تفسير فرات : ٢٠٥ ، انظر الهامش.

(٥) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨١.

(٦) المصدر السابق.

(٧) راجع ينابيع المودة : ٢ / ٧٣ ـ ٢٤٧ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨١ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٢٩٤ ـ ٣٨٠ الى ٣٩٥ ح ٣٩٨ وما بعده.

(٨) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٨٠.

١٢

الباب الثاني والثلاثون

قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ...»

من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا

الحديث الأوّل : أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتاب (المناقب) قال : أخبرنا أبو الحسن بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقب ب (ابن السّقاء) الحافظ الواسطي قال : حدثني أبو بكر محمد بن يحيى الصولي النحوي قال : حدّثنا محمد بن زكريا الغلابي قال : حدّثنا جهم بن السباق أبو السباق الرياحي حدثني بشر بن المفضل يقول : سمعت الرشيد يقول : سمعت المهدي يقول : سمعت المنصور يقول: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قدس سرّه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تأخر عنها هلك» (١).

الحديث الثاني : ابن المغازلي أيضا قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ إذنا قال : حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال : حدّثنا سويد حدّثنا عمر بن ثابت عن موسى بن عبدة عن إياس بن سلمة ابن الأكوع عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا»(٢).

الحديث الثالث : ابن المغازلي قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ إذنا قال : حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان قال : حدّثنا سويد قال : حدّثنا المفضل بن عبد الله بن أبي إسحاق عن ابن المعتمر عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق» (٣).

الحديث الرابع : ابن المغازلي قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن علي السقطي املاء قال : حدّثنا أبو يوسف بن سهل الحضرمي قال: حدّثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال : حدّثنا سليمان بن إبراهيم قال : حدّثنا الحسن بن أبي

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ١٠٠ / ح ١٧٣.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ١٠٠ / ح ١٧٤.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ١٠٠ / ح ١٧٥.

١٣

جعفر قال : حدّثنا أبو الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق» (١).

الحديث الخامس : ابن المغازلي قال أخبرنا أبو نصر الطحّان إجازة عن القاضي أبي الفرج الخيوطي قال : حدّثنا أبو الطيب بن الفرخ حدّثنا إبراهيم حدّثنا إسحاق بن سنان حدّثنا مسلم بن إبراهيم حدّثنا الحسن بن أبي جعفر حدّثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قدس‌سره قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال» (٢).

الحديث السادس : إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال : أخبرني الشيخ الصالح كمال الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الجويني فيما كتب إليّ واجاز لي في روايته في ذي الحجة سنة أربع وستين وستمائة قال : أنبأنا الإمام جمال الدين أبو الفضل جمال بن معين الطبري قال : أنبأنا زاهر بن طاهر بن محمد المستملي أنبأنا أبو [الفتوح حمزة بن محمد بن علي الملقب ببحسول الهمداني ، قال : أنبأنا الإمام أبو] الفتح محمد بن علي بن عبد الله المذكر بهرات قال : أنبأنا إسماعيل بن زاهر النوماجي في كتابه قال : أنبأنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم الأصفهاني قال : نبأنا سليمان بن أحمد الطبراني قال : نبأنا محمد بن عبد العزيز الكلابي قال : أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف غرق. وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له» (٣).

الحديث السابع : إبراهيم الحمويني هذا قال : أخبرني المشايخ الجلّة من أهل الحلّة السيدان الإمامان جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسني وجلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي عليهما الرحمة والإمام العلّامة نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن] يحيى بن سعيد رحمة الله عليهم بروايتهم عن السيد الإمام شمس الدين شيخ الشرف فخار بن [معد بن فخار الموسوي] عن شاذان بن جبرئيل القمي ، عن جعفر بن محمد الدوريستي ، عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قدس الله أرواحهم قال : حدّثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ١٠٠ / ح ١٧٦.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ١٠١ / ح ١٧٧.

(٣) فرائد السمطين : ٢ / ٢٤٢ / ب ٤٧ / ح ٥١٦.

١٤

محمد بن خالد عن غياث بن إبراهيم عن ثابت بن دينار عن سعد بن طريف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بن أبي طالب : «يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك لأنّك ؛ منّي ، وأنا منّك لحمك من لحمي ، ودمك من دمي ، وروحك من روحي ، وسريرتك من سريرتي ، وعلانيتك من علانيتي ، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي ، سعد من اطاعك ، وشقى من عصاك ، وربح من تولاك ، وخسر من عاداك فاز من لزمك ، وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة» (١).

ورواه أبو الحسن الفقيه ابن شاذان عن ابن عباس من طريف العامة (٢).

الحديث الثامن : إبراهيم الحمويني هذا قال : روى الإمام المفسّر علي بن أحمد الواحدي العديم [النظير] في أنواع الفضائل واستنباط المعاني جزاه الله خيرا عن دين الإسلام وعن أهل بيت نبيه محمد عليه وعليهم الصلاة السلام.

وقد أخبرني : جماعة منهم العلامة نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني فيما اجازوا إلى روايته عنهم قالوا : أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن عبد الجبار بن محمد الخواري إجازة قال : أنبأنا أبو الحسن علي الواحدي قال : أنبأنا الفضل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم أنبأنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه أنبأنا محمد بن إدريس الشامي نبأنا الفضل بن صالح عن أبي إسحاق السبيعي عن حنش بن المعتمر الكناني قال : سمعت أبا ذر وهو أخذ بباب الكعبة وهو يقول : أيها الناس من عرفني فإنا من قد عرفتم ومن لا يعرفني فإنا أبو ذر إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من دخلها نجا ومن تخلّف عنها هلك» (٣).

الحديث التاسع : إبراهيم بن الحمويني قال : الواحدي قال : روى الحاكم في صحيحه عن أحمد ابن جعفر بن حمدان عن عباس القراطيسي عن محمد بن إسماعيل الأحمسي عن المفضل ابن صالح ، ثم قال الواحدي : انظر كيف دعاء الخلق إلى التشبث إلى ولائهم والسير تحت لوائهم بضرب مثلهم بسفينة نوح عليه‌السلام جعل ما في الآخرة من مخاوف الأخطار وأهوال النار كالبحر الهائج براكبه فيورده مشارع المنية ويفيض عليه سجال البلية ، وجعل أهل بيته عليه وعليهم‌السلام سبب

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٤٣ / ب ٤٧ / ح ٥١٧.

(٢) مائة منقبة : ٤١ / المنقبة ١٨.

(٣) فرائد السمطين : ٢ / ٢٤٦ / ب ٤٨ / ح ٥١٩.

١٥

الخلاص من مخاوفه والنجاة من متالفه ، وكما لا يعبر البحر الهياج عند تلاطم الأمواج إلا بالسفينة، كذلك لا يأمن من لفح الجحيم ولا يفوز بدار النعيم إلا من تولى أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وعليهم ونحل لهم ودّه ونصحه وأكد في موالاتهم عقيدته ، فإن الذين تخلفوا عن تلك السفينة آلوا شر مآل وخرجوا من الدنيا إلى أنكال وجحيم ذات أغلال وكما ضرب مثلهم سفينة نوح قرنهم بكتاب الله تعالى فجعلهم ثاني الكتاب وشفع التنزيل (١).

قال مؤلف هذا الكتاب : انظروا إلى ما ذكرته العامة وهو عين الصواب والعجب كل العجب من اعراضهم عن مثل سفينة نوح الذين ذكروا فيهم ما ذكروا وركبوا أهوائهم بعد ما تبيّن لهم الحق ونطقوا به ولله درّ الشاعر حيث قال :

لله درك يا فتى

لو كنت تفعل ما تقول

الحديث العاشر : علي المالكي في كتاب الفصول المهمة عن رافع مولى أبي ذر قال : صعد أبو ذر على عتبة باب الكعبة وأخذ بحلقة الباب واسند ظهره إليه وقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها زج في النار». وسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «اجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس [فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس] ولا يهتدي الرأس إلّا بالعينين» (٢).

الحديث الحادي عشر : أبو المظفر السمعاني في كتاب (فضائل الصحابة) بالإسناد قال : عن سلمة بن إبراهيم بن الحسين بن أبي جعفر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق» (٣).

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٤٦ / ب ٤٨ / ح ٥١٩.

(٢) كنز العمال : ٦ / ١٥٥ ح ٢٥٧٦ ، والفصول المهمة : ٨ ط. النجف.

(٣) ذخائر العقبى : ٢٠ ، المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٣٤٣ ، و ٣ / ١٥١.

١٦

فائدة جليلة

في أن نجاة سفينة نوح عليه‌السلام كان بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

وأمير المؤمنين عليه‌السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام

من طريق العامة (١)

__________________

(١) يؤيد ما سيذكره المصنف أمور :

١ ـ حديث النبي الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «بعث علي مع كل نبي سرا وبعث معي جهرا» (شرح دعاء الجوشن : ١٠٤ ، وجامع الاسرار : ٣٨٢ ـ ٤٠١ ح ٧٦٣ ـ ٨٠٤ ، والمراقبات : ٢٥٩).

وروته العامة بلفظ : «يا علي إن الله تعالى قال لي : يا محمد بعثت عليا مع الأنبياء باطنا ومعك ظاهرا» ، ثم قال صاحب كتاب القدسيات : وصرح بهذا المعنى في قوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لا نبي بعدي ؛ ليعلموا أن باب النبوة قد ختم وباب الولاية قد فتح (الأنوار النعمانية : ١ / ٣٠).

أقول : يوجه كلام صاحب كتاب القدسيات : إن باب الولاية كان موجودا مع كل نبي سرا ، إلّا أنه لم يفتح ظاهرا ، فكانوا الأنبياء جميعا يستفيدون من هذا السرّ الولائي الى أن وصل الى النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله فظهر هذا السرّ الى العلن.

٢ ـ ما يأتي في الكتاب الرابع من توسل جميع الأنبياء بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وقد قدمنا نموذجا منه.

٣ ـ وما روي عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام قال : «فنحن السنام الأعظم وفينا النبوة والولاية والكرم ، ونحن منار الهدى والعروة الوثقى ، والأنبياء كانوا يقتبسون من انوارنا ويقتفون آثارنا» (بحار الأنوار : ٢٦ / ٢٦٤ باب جوامع مناقبهم ح ٤٩ ، ومشارق انوار اليقين : ٤٩)

فهذا صريح في أن أنوار محمد وآل محمد عليهم‌السلام كانت مع كل نبي سرّا ، والكون ليس لمجرده بل ليستفيدوا منه ، ويقتفون آثاره وآثار آل محمد التي لا يعرف تفسيرها إلا هم ، وإلّا كيف يكون للنور السرّي مع كل نبي اثرا يقتفى ويهتدى به؟!

٤ ـ وما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لمن سأله عن فضله على الأنبياء الذين اعطوا من الفضل الواسع والعناية الالهية قال :

«والله قد كنت مع ابراهيم في النار ؛ وانا الذي جعلتها بردا وسلاما ، وكنت مع نوح في السفينة فانجيته من الغرق ، وكنت مع موسى فعلّمته التوراة ، وانطقت عيسى في المهد وعلمته الإنجيل ، وكنت مع يوسف في الجبّ فانجيته من كيد اخوته ، وكنت مع سليمان على البساط

١٧

__________________

وسخرت له الرياح» (الأنوار النعمانية : ١ / ٣١)

٥ ـ وروى ابن الجوزي والقاضي عياض قول العباس يمدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

وردت نار الخليل مكتتما

تجول فيها ولست تحترق

(الوفاء باحوال المصطفى : ٢٨ الباب الثاني ـ ح ٩ ، وينابيع المودة : ١٣ ـ ١٤)

يا برد نار الخليل يا سببا

لعصمة النار وهي تحترق

(الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١٦٧ ـ ١٦٨ الباب الثالث)

٦ ـ وقال القسطلاني في المواهب :

سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد

هذا النعيم هو المقيم الى الابد

روح الوجود حياة من هو واجد

لولاه ما تم الوجود لمن وجد

عيسى وآدم والصدور جميعهم

هم اعين هو نورها لما ورد

لو أبصر الشيطان طلعة نوره سجد

في وجه آدم كان أول من

عبد الجليل مع الخليل ولا عند

أو لو رأى النمرود نور جماله

الا بتخصيص من الله الصمد

لكن جمال الله جل فلا يرى

(المواهب اللدنية بالمنح المحمدية : ١ / ٤٤)

٧ ـ وقال الشيخ محمد حسين الاصفهاني :

طأطأ كل الأنبياء لطاها

ذلك عزّ عزّ أن يضاهي

تقبلت تربة آدم الصفي

بيمنه اكرم به من خلف

وسجدة الاملاك لا لغرته

بل نور ياسين بدا في غرته

به نجى نوح من الطوفان

بمرسلات اللطف والاحسان

(الانوار القدسية : ٢٠).

٨ ـ وقال الصفوري : لما ألقي ابراهيم في النار كان نور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنبه ، وعند الذبح كان النور قد انتقل الى اسماعيل (نزهة المجالس : ٢ / ٢٤٥).

٩ ـ ما روي أن الإمام الصادق عليه‌السلام هو الذي أبطل سحر موسى عليه‌السلام (الاختصاص : ٢٤٧)

١٠ ـ ما عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام :

«قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولاية ، ونورنا سبع طبقات أعلام الورى بالهداية ، فنحن ليوث الوغى وغيوث الندى وطعناء العدى فينا السيف والقلم في العاجل ، ولواء الحمد والعلم في الآجل ... ، فالكليم لبس حلّة الاصطفاء لما شاهدنا منه الوفاء ، وروح القدس في

١٨

قال السيد الأجل أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاوس العلوي الفاطمي في كتاب (أمان اخطار الأسفار) قال : رويت عن شيخي محمد بن النجار متقدم أهل الحديث بالمدرسة المنصورية وكان يجاريني على مقتضى عقيدته فيما رواه لنا من الأخبار النبوية من كتابه الذي جعله تذييلا على تاريخ الخطيب (١) فقال في ترجمة الحسن بن أحمد المحمدي بن محمد العلوي ما هذا لفظه : حدث عن القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي وأبي عبد الله الغالبي وبكر بن أحمد بن محمد ، روى عنه أبو عبد الله الحسيني بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي أنبأ القاضي أبو الفتح أحمد بن محمد بن بختيار الواسطي قال : كتبت إلى أبي جعفر محمد بن الحسن بن محمد الهمداني قال : أخبرني السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة ... وهذا الكتاب ذرة من جبل الرحمة وقطرة من بحر الحكمة» (المراقبات : ٢٤٥) ١١ ـ ما روي في معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «الله المعطي وأنا القاسم» : جميع ما يخرج من الخزائن الإلهية دنيا وأخرى إنما يخرج على يديه (شرح الشمائل : ٢ / ٢٤٦).

١٢ ـ وحديث أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنا آدم الأول أنا نوح الأول» (الانسان الكامل : ١٦٨).

١٣ ـ وروى صاحب بستان الكرامة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان جالسا وعنده جبرائيل فدخل علي عليه‌السلام فقام له جبرائيل عليه‌السلام ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتقوم لهذا الفتى!

فقال له عليه‌السلام : نعم انّه له عليّ حق التعليم.

فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف ذلك التعليم يا جبرائيل؟

فقال : لمّا خلقني الله تعالى سألني من أنت وما أسمك ومن أنا وما اسمي؟

فتحيّرت في الجواب وبقيت ساكتا ، ثم حضر هذا الشاب في عالم الأنوار وعلّمني الجواب ، فقال : قل أنت ربّي الجليل واسمك الجليل ، وأنا العبد الذليل واسمي جبرائيل.

ولهذا قمت له وعظمته» (الأنوار النعمانية : ١ / ١٥)

١٣ ـ وروى الصفوري قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «سلوني قبل أن تفقدوني عن علم لا يعرفه جبرائيل وميكائيل» (نزهة المجالس : ٢ / ١٢٩ ط. التقدم العلمية بمصر ١٣٣٠ ه‍ ، و ٢ / ١٤٤ ط. بيروت المكتبة الشعبانية المصورة عن مصر الازهرية ١٣٤٦ ه‍)

١٤ ـ وقال الشعراوي : قلت : «وبذلك قال سيدي على الخواص سمعته يقول : إن نوحاعليه‌السلام أبقى من السفينة لوحا على اسم علي بن أبي طالب رفع عليه الى السماء فلم يزل محفوظا من الغرق حتى رفع عليه» (الفتوحات الأحمدية لسليمان الجمل : ٩٣)

١٥ ـ وقال رسول البشرية صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا محمد النبي الأمي لا نبي بعدي ، أوتيت جوامع الكلم وخواتمه ، وعلّمت خزنة النار وحملة العرش» (الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ١ / ١٧٠ الباب الثالث ـ الفصل الأول)

__________________

(١) طبع الكتاب في ذيل تاريخ بغداد ولكنه ناقص من أوله وآخره والتي من ضمنها ترجمة الحسن بن أحمد.

١٩

زيد الحسيني بقراءتي عليه بجرجان قال : حدّثنا الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد بن العلوي المحمدي ببغداد في شهر رمضان من سنة خمس وعشرين وأربعمائة قال : حدّثنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرّحمن بن خلاد وبكر بن أحمد بن مخلد وأبو عبد الله الغالبي قالوا : حدّثنا محمد بن هارون المنصوري العباسي قال : حدّثنا أحمد بن شاكر قال : حدّثنا يحيى بن أكثم القاضي قال: حدّثنا المأمون عن عطية العوفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «لما أراد الله عزوجل أن يهلك قوم نوح عليه‌السلام أوحى الله إليه أن شق الواح الساج فلمّا شقها لم يدر ما يصنع فهبط جبرائيل عليه‌السلام فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار فسمّر المسامير كلها في السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده واضاء كما يضيء الكوكب الدرّي في أفق السماء ، فتحير من ذلك نوح عليه‌السلام فانطق الله ذلك المسمار بلسان طلق زلق فقال : على اسم خير الأنبياء محمد بن عبد الله ، فهبط جبرائيل فقال له : يا جبرائيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟

قال : هذا باسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله اسمره في أولها على جانب السفينة الأيمن ثم ضرب بيده على مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح : وما هذا المسمار؟ قال : مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها ، ثم ضرب يده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار ، فقال له جبرائيل عليه‌السلام : هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسار أبيها ، ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال له : هذا مسمار الحسنعليه‌السلام فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار ، فقال: يا جبرائيل ما هذه النداوة؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن علي السيد الجليل الشهيد سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه».

ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قال الله تعالى : (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الألواح خشب السفينة ونحن الدّسر ولولانا ما سارت السفينة بأهلها» (١).

أقول : قال أبو القاسم عقيب هذا الحديث : يقول أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن الطاوس مصنف هذا الكتاب : وإنما ذكرت هذا الحديث لأنه يرويه محمد بن النجّار الذي هو من أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم ومن لا يتهم فيما يرويه من فضائل أهل البيت عليهم‌السلام وعلوّ مقاماتهم وما رأيت ولا رويته من طريق شيعتهم إلى الآن ، فإذا كان نجاة سفينة نوح

__________________

(١) ملحق من كتاب آل محمد؟؟.

٢٠