غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٣

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٣

الصراط معي ، وان ربي عزوجل أقسم بعزته أنّه لا يجوز عقبة الصراط إلّا من معه براءة ولايتك وولاية الأئمة من ولدك ، وأنت أول من يرد حوضي تسقي منه أوليائك وتذود عنه أعدائك ، وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود لتشفع لمحبينا فتشفع ، وأنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد وهو سبعون شقة الشقة منه أوسع من الشمس والقمر ، وأنت صاحب شجرة طوبى في الجنة أصلها في دارك وأغصانها في دور شيعتك» (١).

الحديث السابع : عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة أمر الله عزوجل جبرائيل أن يجلس على باب الجنة فلا يدخلها أحد إلا ومعه براءة من علي عليه‌السلام» (٢).

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٢٧١ / ح ٦٣.

(٢) كشف الغطاء : ١ / ١٧ ، وكشف اليقين للحلي : ٣٠٤.

١٠١

الباب السادس والخمسون

في قوله تعالى (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) (١)

في ولاية أهل البيت عليهم‌السلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام

من طريق العامة وفيه ثلاث أحاديث

الحديث الأول : إبراهيم بن محمد الحمويني من أكابر علماء العامة قال : انبأني عز الدين أحمد ابن إبراهيم الفاروقي أنبأنا النقيب عبد الرّحمن الهاشمي إجازة أنبأنا شاذان بن جبرائيل القمّي بقراءتي عليه أنبأنا محمد بن عبد العزيز نبأنا محمد بن أحمد بن علي قال : أنبأنا أبو الفضل جعفر ابن عبد الواحد بن محمد بن محمود قال : أنبأنا أبو طاهر بن عبد الرحيم قال : نبأنا أبو محمد بن حباب قال : نبأنا محمد بن علي بن خلف قال : نبأنا الحسين بن علوان قال : أنبأنا سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في قوله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) (٢) قال عن ولايتنا.

الحديث الثاني : ابن شهرآشوب من طريق العامة عن الخصائص بالإسناد عن الأصبغ عن علي عليه‌السلام مثله (٣).

الحديث الثالث : من طريق العامة في معنى الآية : يعني صراط محمد وآله عليهم‌السلام (٤).

__________________

(١) المؤمنون : ٧٤.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٧١ ، وينابيع المودة : ١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.

(٤) المصدر السابق.

١٠٢

الباب السابع والخمسون

في قوله تعالى (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ)

في ولاية النبي وأهل بيته الأئمة عليهم‌السلام

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

الحديث الأول : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيتعليهم‌السلام قال : حدّثنا أحمد بن الفضل الأهوازي عن بكر بن محمد بن إبراهيم غلام الخليل قال : حدّثنا زيد بن موسى عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) قال : «عن ولايتنا أهل البيت» (١).

الحديث الثاني : محمد بن العباس أيضا قال : حدثنا علي بن العباس عن جعفر الرّماني عن حسين ابن علوان عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام قال : «قوله عزوجل : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ)» قال : «عن ولايتنا» (٢).

الحديث الثالث : ابن شهراشوب قال في كتبنا عن جابر عن أبي حنيفة قوله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) قال : «ولايتنا» (٣).

الحديث الرابع : علي بن إبراهيم في تفسير الآية عن الصادق عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤) قال : «إلى ولاية أمير المؤمنين» قال : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) قال : عن الإمام لحائدون» (٥).

__________________

(١) تأويل الآيات : ١ / ٣٥٥.

(٢) المصدر السابق : ح ٧.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٧١.

(٤) المؤمنون : ٧٣.

(٥) تفسير القمي : ٢ / ٩٢.

١٠٣

الباب الثامن والخمسون

في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)

نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة عليهم‌السلام

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث

الحديث الأول : ابن شهرآشوب عن تفسير مجاهد أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام حين خلّفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «يا رسول الله تخلّفني على النساء والصبيان؟ فقال : يا أمير المؤمنين (١) أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى حين قال له : «اخلّفني في قومي واصلح» فقال : بلى والله. (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قال : علي بن أبي طالب «ولاه الله أمر الأمة بعد محمد» وحين خلّفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة فأمر الله العباد بطاعته وترك خلافه (٢).

الحديث الثاني : ابن شهرآشوب قال : في إبانه الفلكي أنها نزلت لما شكا أبو بردة من عليعليه‌السلام (٣).

الحديث الثالث : ابن شهرآشوب أيضا قال : سأل الحسن بن صالح بن حي ـ وهو زيدي تنسب إليه فرقة من الزيدية ـ عن جعفر الصادق عليه‌السلام في معنى الآية فقال : الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

الحديث الرابع : إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال : أنبأنا السيد النسّابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوي قال : أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ شرف فخار الموسوي بروايته عن شاذان بن جبرائيل القمي عن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قدس‌سره قال : حدّثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قال : أنبأنا سعد بن عبد الله قال : نبأنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال : رأيت عليّا عليه‌السلام في مسجد

__________________

(١) في المصدر : يا علي.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢١٩ ، والبحار : ٢٣ / ٢٩٨ ح ٤١ ـ ٤٢.

(٣) المصدر السابق.

(٤) المصدر السابق : ٢ / ٢١٨.

١٠٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في خلافة عثمان وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه فذكروا قريشا وفضلها وسوابقها وهجرتها وما قال فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الأئمة من قريش» وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الناس تبع قريش وقريش أئمة العرب» وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا تسبوا قريشا» وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن للقرشي قوّة رجلين من غيرهم» وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أبغض قريشا أبغضه الله» وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أراد هوان قريش أهانه الله» وذكروا الأنصار وفضلها وسوابقها ونصرتها وما اثنى الله عليهم في كتابه وما قال فيهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الفضل وذكروا ما قال في سعد بن عبادة وغسيل الملائكة فلم يدعوا شيئا من فضلهم حتى قال كل حيّ منا فلان وفلان وقالت قريش منا رسول الله ومنا حمزة ومنا جعفر ومنا عبيدة بن الحرث وزيد بن حارثة وأبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الرّحمن بن عوف فلم يدعوا من الحيين أحدا من أهل السابقة إلّا سموه وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فيهم علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه وآله ـ وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وعمار والمقداد وأبو ذر وهاشم بن عتبة وابن عمر والحسن والحسين عليهم‌السلام وابن عباس ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر ومن الأنصار أبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو أيوب الأنصاري وأبو الهيثم ابن التيهان ومحمد بن مسلمة وقيس بن سعد بن عبادة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وزيد بن أرقم وعبد الله ابن أبي أوفى وأبو ليلى ومعه ابنه عبد الرّحمن قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه أمرد فجاء أبو الحسن البصري ومعه ابنه الحسن غلام أمرد صبيح الوجه معتدل القامة قال : فجعلت انظر إليه وإلى عبد الرّحمن بن أبي ليلى فلا أدرى أيّهما أجمل غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما فأكثر القوم وذلك من بكرة إلى حين الزوال ، وعثمان في داره لا يعلم بشيء ممّا هم فيه وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ساكت لا ينطق ولا أحد من أهل بيته ، فأقبل القوم عليه فقالوا : يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم فقال : «ما من الحيين إلّا وقد ذكر فضلا وقال حقا فأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار ممن أعطاكم الله هذا الفضل أبأنفسكم وعشائركم وأهل بيوتاتكم أم بغيركم»؟

قالوا : بل أعطانا الله ومنّ به علينا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعشيرته لا بأنفسنا وعشائرنا ولا بأهل بيوتاتنا.

قال : «صدقتم يا معشر قريش والأنصار ألستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا والآخرة منّا أهل البيت خاصة دون غيرهم وإن ابن عمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني وأهل بيتي كنّا نور يسعى بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الله عزوجل آدم بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله آدمعليه‌السلام ، وضع ذلك النور في صلبه واهبطه إلى الأرض ثم حمله في السفينة في صلب نوح عليه‌السلام ، ثم قذف به في

١٠٥

النار في صلب إبراهيم عليه‌السلام ثم لم يزل الله عزوجل ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة ومن الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الآباء والأمهات لم يلق واحد منا على سفاح قط؟»

فقال : أهل السابقة والقدمة وأهل بدر وأهل أحد : نعم قد سمعنا ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : «انشدكم الله أتعلمون أن الله عزوجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية ، وأني لم يسبقني إلى الله عزوجل وإلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد من هذه الأمة؟» قالوا : اللهم نعم.

قال : «فانشدكم الله أتعلمون حيث نزلت (وَالسَّابِقُونَ) (١) الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٢) سئل عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب وصي أفضل الأوصياء»

قالوا : اللهم نعم.

قال : «فانشدكم الله أتعلمون حيث نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) وحيث نزلت (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٤) وحيث نزلت (لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) (٥) قال الناس : يا رسول الله خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم فأمر الله عزوجل نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسّر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم ونصبني للناس بغدير خم ثم خطب فقال : أيها الناس إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لا بلغنها أو ليعذبني ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ثم خطب فقال : أيها الناس أتعلمون أن الله عزوجل مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : قم يا علي فقمت ، فقال : من كنت مولاه فعلي هذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقام سلمان فقال : يا رسول الله ولاء كما ذا فقال ولاء كولايتي من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه فأنزل الله تعالى ذكره (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٦) فكبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : «الله أكبر تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي» فقام أبو بكر وعمر فقالا : يا رسول الله هذه الآيات خاصة في علي عليه‌السلام قال : «بلى فيه

__________________

(١) الواقعة : ١٠.

(٢) الواقعة : ١٠ ـ ١١.

(٣) النساء : ٥٩.

(٤) المائدة : ٥٥.

(٥) التوبة : ١٦.

(٦) المائدة : ٣.

١٠٦

وفي أوصيائي إلى يوم القيامة» قالا : يا رسول الله بيّنهم لنا؟ قال علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي ثم ابني الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ولد ابني الحسين واحدا بعد واحدا القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردّوا عليّ الحوض» فقالوا كلهم : اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء ، أو قال بعضهم : قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كله وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا : فقال علي ـ صلوات الله عليه وآله ـ : «صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ انشد الله عزوجل من حفظ ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قام فاخبر به».

فقام زيد بن أرقم والبراء بن عازب وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمار فقالوا : نشهد لقد حفظنا قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قائم على المنبر وأنت الى جنبه وهو يقول : «أيها الناس إن الله عزوجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي ووصيي وخليفتي والذي فرض الله عزوجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي وأمركم بولايته وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني أيها الناس إن الله أمركم في كتابه بالصلاة ، وقد بيّنتها لكم والزكاة والصوم والحج فبينتها لكم وفسرتها وأمركم بالولاية ، وإني اشهدكم أنها لهذا خاصة ووضع يده على علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثم قال لابنيه بعده ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن حتى يردوا على حوضي. أيها الناس قد بيّنت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم ودليلكم وهاديكم وهو أخي علي بن أبي طالب هو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم ، فإن عنده جميع ما علمني الله من علمه وحكمته فسلوه وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده ، ولا تعلّموهم ولا تتقدموهم ولا تخلّفوا عنهم ، فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلوه ولا يزايلهم».

ثم جلسوا قال سليم ثم قال علي عليه‌السلام «أيها الناس أتعلمون أن الله أنزل في كتابه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) فجمعني وفاطمة وابني حسنا وحسينا ثم ألقى علينا كساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمي يؤلمني ما يؤلمهم ويؤذيني ما يؤذيهم ويحرجني ما يحرجهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت أم سلمة : وأنا يا رسول الله؟ فقال : أنت إلى خير إنما نزلت فيّ وفي أخي علي بن أبي طالب وفي ابني وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة ، ليس معنا فيها لأحد شرك».

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

١٠٧

فقالوا كلهم : نشهد أن أمّ سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة فقال علي ـ صلوات الله عليه ـ : «انشدكم الله ألستم أتعلمون أن الله عزوجل أنزل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (١) فقال سلمان : يا رسول الله عامة هذا أم خاصة؟

قال : أما المؤمنون فعامة المؤمنين أمروا بذلك ، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى اليوم القيامة؟» قالوا : اللهم نعم.

قال «انشدكم الله تعالى أتعلمون أني قلت : لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك لم خلّفتني فقال : إن المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ من بعدي؟»

قالوا : اللهم نعم.

قال : أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) (٢) ... إلى آخر السورة فقام سلمان فقال : يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد ، وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم قال : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة قال سلمان : بيّنهم لنا يا رسول الله قال : أنا وأخي علي واحد عشر من ولدي» قالوا : اللهم نعم.

فقال علي عليه‌السلام : «انشدكم الله أتعلمون أن رسول الله قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني وعهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال يا رسول الله : أكل أهل بيتك؟ فقال : لا ولكن أوصيائي منهم أولهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن من بعدي وهو أولهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته من اطاعهم فقد اطاع الله ومن عصاهم عصى الله» فقال كلهم : نشهد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك ثم تمادى بعلي عليه‌السلام السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنه حتى أتى اعلى آخر مناقبه وما قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرا كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق (٣).

__________________

(١) التوبة : ١١٩.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ٣١٢ / ب ٥٨ / ح ٢٥٠.

١٠٨

الباب التاسع والخمسون

في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١)

نزلت في الأئمة عليه‌السلام

من طريق الخاصة وفيه أربعة عشر حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد ابن عائذ عن ابن أذينة عن زيد العجلي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزّ ذكره : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٢) فقال : «إيانا عنى ، أن يؤدّي الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح ، (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٣) الذي في أيديكم ، ثم قال للناس : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا فإن خفتم تنازعا في أمر فردّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولى الأمر منكم». كذا نزلت ، وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الأمر ويرخّص منازعتهم؟ إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤).

الحديث الثاني : محمد بن يعقوب بإسناده عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين ابن أبي العلاء قال : ذكرت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال : فقال : «نعم هم الذين قال الله عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم الذين قال الله عزوجل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٥).

الحديث الثالث : ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى وعلي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فقال : «نزلت

__________________

(١) سورة النساء : ٦٢.

(٢) النساء : ٥٨.

(٣) النساء : ٥٨.

(٤) أصول الكافي : ١ / ٢٧٦ ح ١ باب أن الإمام يعرف الإمام الذي يكون بعده.

(٥) أصول الكافي : ١ / ١٨٧ ح ٧ باب فرض طاعتهم.

١٠٩

في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهما‌السلام» فقلت له : إن الناس يقولون فما له لم يسمّ عليا وأهل بيته في كتاب الله عزوجل؟

قال : فقال : «قولوا لهم إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزل الحج فلم يقل لهم : طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله عزوجل أن لا يفرّق بينهما حتى يوردهما على الحوض فأعطاني ذلك ، وقال : لا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم ، وقال : إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يبين من أهل بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان ، لكن الله عزوجل أنزل في كتابه تصديقا لنبيّه (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام فأدخلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة وقال : اللهمّ إن لكلّ نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي فقالت أم سلمة : ألست من أهلك؟ فقال لها : إنك على خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي ، فلما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلّغ فيه رسول الله واقامته للناس وأخذه بيده ، فلما مضى علي فلم يكن علي يستطيع ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحد من ولده إذ لقال الحسن والحسين : إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك ، وبلغ فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما بلغ فيك ، وأذهب عنا الرجس كما أذهب عنك ، فلما مضى علي عليه‌السلام كان الحسن أولى به لكبره ، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عزوجل يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢) فيجعلها في ولده إذ لقال الحسينعليه‌السلام : أمر الله تبارك وتعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك ، وبلّغ فيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما بلّغ فيك وفي أبيك ، وأذهب عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك ، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ، ولم يكونا ليفعلا ، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ثم صارت من بعد

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

(٢) الأحزاب : ٦.

١١٠

الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي. وقال عليه‌السلام : (الرِّجْسَ) : هو الشك والله لا نشك في ربّنا أبدا» (١).

الحديث الرابع : ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عيّاش عن سليم بن قيس قال : سمعت عليا صلوات الله عليه يقول. وأتاه رجل فقال له : ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وأدنى ما يكون به العبد كافرا وأدنى ما يكون به العبد ضالا؟ فقال له : «قد سألت فافهم الجواب أمّا أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك وتعالى نفسه فيقر إليه بالطاعة ويعرّفه نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقرّ له بالطاعة ويعرّفه إمامه وحجته في أرضه وشاهده على خلقه فيقرّ له بالطاعة».

قلت : يا أمير المؤمنين وإن جهل جميع الأشياء إلّا ما وصفت؟ قال «نعم إذا أمر أطاع وإذا نهي انتهى.

وأدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه أن الله أمر به ونصبّه دينا يتولى عليه ويزعم أنه يعبد الذي أمره به وإنما يعبد الشيطان ، وأدنى ما يكون العبد به ضالا أن لا يعرف حجة الله تبارك وتعالى وشاهده على عباده الذي أمر الله عزوجل بطاعته وفرض ولايته».

قلت يا أمير المؤمنين صفهم لي؟ قال : «الذين قرنهم الله تعالى بنفسه وبنبيه. فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).

فقلت : يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك أوضح لي؟ فقال : «الذين قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر خطبته يوم قبضه الله عزوجل إليه : إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي إن تمسكتم بهما كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي فإن اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ـ وجمع بين مسبحتيه ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين المسبحة والوسطى ـ فتسبق احدهما الأخرى فتمسكوا بهما لا تزلّوا ولا تقدّموهم فتضلوا» (٢).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد ابن عثمان عن عيسى بن السّري قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حدثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام إذا أخذت بها زكى عملي ولم يضرني جهل ما جهلت بعده؟ فقال : «شهادة أن لا إله لا الله وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والإقرار بما جاء به من عند الله ، وحق في الأموال من الزكاة ، والولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن رسول الله قال : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، قال

__________________

(١) أصول الكافي : ١ / ٢٨٨ ح ١.

(٢) أصول الكافي : ٢ / ٤١٥ ح ١ باب ادنى ما يكون العبد.

١١١

الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فكان علي عليه‌السلام ثم صار من بعده حسن ثم حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي ثم هكذا يكون الأمر ، إن الأرض لا تصلح إلا بإمام ، ومن مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا ـ وأهوى بيده إلى صدره ـ يقول حينئذ : لقد كنت على أمر حسن» (١).

الحديث السادس : ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن يزيد بن معاوية قال : تلا أبو جعفر عليه‌السلام : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فإن خفتم تنازعا في الأمر فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم» ثم قال : كيف يأمر بطاعتهم ويرخّص في منازعتهم إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول» (٢).

الحديث السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قدس‌سره قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى قال : حدّثنا المغيرة بن محمد قال : حدّثنا رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جبار بن يزيد الجعفي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام : لأي شيء يحتاج إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام فقال : «لبقاء العالم على صلاحه وذلك أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٣) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون» (٤).

الحديث الثامن : قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدّثنا محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد الله بن محمد الحجال عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ) قال : «الأئمة من ولد علي عليه‌السلام وفاطمة إلى أن تقوم الساعة» (٥).

الحديث التاسع : علي بن إبراهيم قال : حدثني أبي عن حماد عن حريز عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : «نزلت (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) فأرجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم» (٦).

__________________

(١) أصول الكافي ٢ / ٢١ ح ٩ باب دعائم الإسلام.

(٢) روضة الكافي : ٨ / ١٨٥ ح ٢١٢.

(٣) الأنفال : ٣٣.

(٤) علل الشرائع : ١ / ١٢٣ / ح ١ / ب ١٠٣.

(٥) عيون الأخبار : ١ / ١٣٩ ح ١٤ ، وكمال الدين : ٢٢٢ ح ٨ باب ٢٢ والنقل منه.

(٦) تفسير القمي : ١ / ١٤١.

١١٢

الحديث العاشر : ابن بابويه قال : حدثني غير واحد من أصحابنا قالوا حدّثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفرازي عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحارث قال : حدثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري [يقول : لما أنزل الله عزوجل على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله] فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله «هم خلفائي يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة ب (الباقر) ستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميّي وكنيّي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان» قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

فقال عليه‌السلام : «والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علمه فاكتمه إلّا عن أهله» (١).

الحديث الحادي عشر : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن أبي مسروق ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : إنا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فيقولون : نزلت في المؤمنين ، ونحتج عليهم بقوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢) فيقولون : نزلت في قربى المسلمين» قال : فلم ادع شيئا مما حضرني ذكره من هذا وشبهه إلا ذكرته ، فقال لي : «إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة» قلت : وكيف أصنع؟ فقال : «اصلح نفسك ، ثلاثا» وأظنه قال : وصم واغتسل وابرز أنت وهو الى الجبان فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ثم انصفه وابدأ بنفسك وقل : اللهم ربّ السماوات السبع ورب الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرحيم إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه خسفا(٣) أو عذابا أليما» ثم رد

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٣ / ح ٣.

(٢) الشورى : ٢٣.

(٣) في المصدر : حسبانا.

١١٣

الدعوة عليه فقل : وإن كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما ، ثم قال لي : «فإنك لا تلبث أن ترى ذلك فيه» فو الله ما وجدت خلقا يجيبني إليه(١).

عنه بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «الساعة التي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس» (٢).

الحديث الثاني عشر : محمد بن إبراهيم النعماني بإسناده عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لعلي عليه‌السلام وذكر حديثا فيه قال : «كنت أنا ادخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخلني فيها [خلوة أدور معه حيث دار] وقد علم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد [من الناس] غيري ، وكنت إذا سألت أجابني ، وإذا سكت ابتدأني (٣) ودعا الله أن يحفظني ويفهمني فما نسيت شيئا أبدا منذ دعا لي ، وإني قلت لرسول الله : يا نبي الله إنك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا مما تمليه علي فلم تأمرني بكتبه أتتخوف على النسيان؟

قال : يا أخي لا أتخوف عليك النسيان ولا الجهل وقد أخبرني الله عزوجل أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك وإنما تكتبه لهم قلت : يا رسول الله ومن شركائي؟ قال الذين قرنهم الله بنفسه وبي فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قلت : يا نبي الله ومن معهم؟ قال : الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد ، لا يضرهم خذلان من خذلهم هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم بهم تنصر أمتي ويمطرون ، ويدفع عنهم بعظائم دعواتهم ، قلت : يا رسول الله سمّهم لي؟ فقال : ابني هذا ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ثم ابن له على اسمك يا علي ، ثم ابن علي اسمه محمد بن علي ، ثم أقبل على الحسين عليه‌السلام فقال سيولد محمد بن علي في حياتك فاقرأه منّي السلام ، ثم تكلمه اثني عشر إماما ، قلت : يا نبي الله سمّهم لي؟ فسماهم رجلا رجلا ، فهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمد يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما» (٤).

الحديث الثالث عشر : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد

__________________

(١) أصول الكافي : ٢ / ٥١٤ ح ١ باب المباهلة.

(٢) المصدر السابق : ح ٢.

(٣) في المصدر تفاوت وزيادة : فربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر من ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلا في وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من ابني. وقد وضع في المصدر بين معكوفين.

(٤) كتاب الغيبة للنعماني : ٨١ / ح ١٠.

١١٤

ابن النعمان قدس‌سره وقال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب قال : حدّثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي قال : حدّثنا شعيب بن أيوب قال : حدّثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن هشام بن حسان قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر فقال : «نحن حزب الله الغالبون وعترة رسوله الأقربون وأهل بيته الطيّبون الطاهرون واحد الثقلين الذين خلّفهما رسول الله في أمته ، والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فالمعول علينا في تفسيره لا نتظنى تأويله بل نتيقن حقائقه فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عزوجل ورسوله مقرونة قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) (ولو ردّوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) واحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان فإنه لكم عدو مبين فتكونوا أوليائه الذين قال لهم (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) فتلقون إلى الرماح وزرا وإلى السيوف جزرا وللعمد حطما وإلى السهام غرضا ثم (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (١).

قلت : وروى هذا الحديث الشيخ المفيد في أماليه بالسند والمتن (٢).

الحديث الرابع : الشيخ المفيد في الاختصاص عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن القاسم بن محمد الجوهري عن الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الأوصياء طاعتهم مفترضة؟

فقال : «هم الذين قال الله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم الذين قال الله (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٣) (٤).

وفي هذا الباب زيادة تؤخذ من تفسير البرهان (٥) في تفسير القرآن من رواية أهل البيتعليهم‌السلام ألّفته من روايات أهل البيت ، وهو كتاب حسن كثير الروايات في الآيات ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في معنى هذه الآية بهذا المعنى في باب الحادي والستين.

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٦٩١ / مجلس ٣٩ / ح ١٢.

(٢) أمالي المفيد : ٣٤٨ / ح ٤.

(٣) المائدة : ٥٥.

(٤) الاختصاص : ٢٧٧.

(٥) تفسير البرهان : ١ / ٣٩٦ ـ ٣٧٩ ـ ٣٨١ ، و ٤ / ٣٤٣ و ٢ / ٤٠٩.

١١٥

الباب الستون

في قوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١)

نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام

من طريق العامة وفيه حديثان

الحديث الأول : أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن الطيب الواسطي اذنا قال : حدّثنا أبو القاسم الصفار قال : حدّثنا عمر بن أحمد بن هارون قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال : حدّثنا يعقوب بن يوسف قال : حدّثنا أبو غسان قال : حدّثنا مسعود بن سعد عن جابر عن أبي جعفر ـ يعني محمد بن علي الباقر عليه‌السلام ـ في قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : «نحن الناس والله» (٢).

الحديث الثاني : ابن شهرآشوب من طريق العامة عن أبي الفتوح الرازي بما ذكره أبو عبد الله المرزباني بإسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) نزلت في رسول الله وفي علي عليه‌السلام.

قال : وحدثني أبو علي الطبرسي في مجمع البيان المراد بالناس النبي وآله ، وقال أبو جعفرعليه‌السلام : «المراد بالفضل فيه النبوّة في علي الإمامة» (٣).

__________________

(١) النساء : ٥٤.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ١٧٣ / ح ٣١٤.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٥ ، وراجع مجمع البيان : ٣ / ١٠٩.

١١٦

الباب الحادي والستون

في قوله تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)

نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام

من طريق الخاصة وفيه ثمانية وعشرون حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري عن معلى بن محمد قال : حدثني الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فكان جوابه : «(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (١) يقولون لأئمة الضلال والدعاة إلى النار : هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) يعني الإمامة والخلافة ، (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٢) نحن الناس الذين عنى الله ، والنقير النقطة التي في وسط النواة (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) نحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)(٣) يقول : جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً)(٤) (٥).

الحديث الثاني : ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن فضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : «نحن المحسودون» (٦).

__________________

(١) النساء : ٥٥ ـ ٥٨.

(٢) النساء : ٥٣.

(٣) النساء : ٥٤.

(٤) النساء : ٥٥ ـ ٥٦.

(٥) أصول الكافي : ١ / ٢٠٥ ح ١ باب أنهم ولاة الأمر.

(٦) المصدر السابق : ح ٢.

١١٧

الحديث الثالث : ابن يعقوب عن الحسن بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن حماد ابن عثمان عن أبي الصباح قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فقال : «يا أبا الصباح نحن المحسودون» (١).

الحديث الرابع : ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله الله عزوجل : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم عليهم‌السلام وينكرون في آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله» قال : قلت (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم» (٢).

الحديث الخامس : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : «الطاعة المفروضة» (٣).

الحديث السادس : ابن يعقوب بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير عن سيف ابن عميرة عن أبي الصباح قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «نحن قوم فرض الله عزوجل طاعتنا ، لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون قال الله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٤).

الحديث السابع : ابن يعقوب عن أبي القاسم بن العلاء قدس‌سره رفعه عن عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه‌السلام في حديث يذكر فيه صفة الإمام عليه‌السلام وهو حديث طويل قال فيه عليه‌السلام : «قال في الأئمة من أهل البيت نبيّه وعترته وذرّيته صلوات الله عليهم (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) (٥).

الحديث الثامن : في التهذيب بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن سيف بن عميرة عن أبي الصباح قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : «نحن قوم فرض الله طاعتنا ، لنا الأنفال ولنا صفو المال ونحن الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله

__________________

(١) المصدر السابق : ح ٤.

(٢) المصدر السابق : ح ٥.

(٣) الكافي : ١ / ١٨٦ ح ٤ باب فرض طاعتهم.

(٤) الكافي : ١ / ١٨٦ ح ٦.

(٥) الكافي : ١ / ١٩٨ ـ ٢٠٢ ح ١.

١١٨

تعالى (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١).

الحديث التاسع : ابن بابويه في أماليه وعيون اخبار الرضا عليه‌السلام قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد مسرور ـ رضي الله عنهما ـ قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريّان بن الصلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان في حديث طويل ذكر الفرق بين آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والأمة وذكر الرضا عليه‌السلام في ذلك الفرق بين الآل والأمة فكان فيما ذكره عليه‌السلام وقال الله عزوجل (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ثم ردّد المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) يعني الذين قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليها فقوله (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا الطاعة لهم» (٢).

الحديث العاشر : علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن يونس عن أبي جعفر الأحول مؤمن الطاق عن حنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ) قال : النبوة ، قلت : والحكمة قال: الفهم والقضاء ، قلت : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : الطاعة المفروضة» (٣).

الحديث الحادي عشر : محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن ابن اذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (٤) فلان وفلان ويقولون للذين كفروا (هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (٥) يقولون لأئمة الضلال والدعاة إلى النار هؤلاء اهدى من آل محمد وأوليائهم سبيلا (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) يعني الإمام والخلافة (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) نحن الناس الذين عنى الله» (٦).

الحديث الثاني عشر : الصفار هذا عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ١٣٢ ح ٣٦٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ٢٠٩ ، وأمالي الصدوق : ٦١٧ / مجلس ٧٩ / ح ١.

(٣) تفسير القمي : ١ / ١٤٠.

(٤) النساء : ٥١.

(٥) النساء : ٥٣.

(٦) البصائر : ٥٤ / ح ٣ / باب ١٦.

١١٩

أذينة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) «فنحن المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون الخلق جميعا» (١).

الحديث الثالث عشر : الصفار عن محمد بن الحسين ويعقوب يزيد عن ابن أبي عمير عن عمر ابن أذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تبارك وتعالى : «(فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم عليه‌السلام وينكرونه في آل محمد عليهم‌السلام؟! قلت : فما معنى قوله : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : «الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم» (٢).

الحديث الرابع عشر : الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن محمد الأحول عن عمران قال : قلت له قول الله تبارك وتعالى : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ) : فقال : «النبوة» فقلت : (وَالْحِكْمَةَ) فقال : لا الفهم والقضاء» قلت له : قول الله تبارك وتعالى : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : «الطاعة» (٣).

الحديث الخامس عشر : الصفار عن أبي محمد عن عمران بن موسى بن جعفر وعلي بن اسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في هذه الآية (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فقال : «نحن [والله] الناس الذين قال الله ، ونحن المحسودون ، ونحن أهل هذا الملك الذي يعود إلينا» (٤).

الحديث السادس عشر : سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد وعبد الله بن القاسم جميعا عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار القلانسي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : «الطاعة المفروضة» (٥).

الحديث السابع عشر : سعد هذا عن محمد بن عبد الحميد العطار عن منصور بن يونس عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له قول الله عزوجل : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) فيه سقط ما هو؟ قلت : أنت أعلم؟ قال : «طاعة الإمام (٦) مفروضة» (٧).

__________________

(١) البصائر : ٥٥ / ح ٥ / باب ١٧.

(٢) البصائر : ٥٦ / ح ٦.

(٣) البصائر : ٥٦ / ح ٧ / باب ١٧.

(٤) البصائر : ٥٦ / ح ٩.

(٥) البصائر : ٥٥ / ح ٢.

(٦) في المصدر المطبوع : الله.

(٧) البصائر : ٥٣٠ / ح ١٧ باب ١٨ باب النوادر في الأئمة.

١٢٠