غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٢

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٢

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٩

إلى بعض ، الحديث على رواية الحافظ أبي نصر (١).

الثالث والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن موفّق الاذكاني بقراءتي إليه بمدينة اسفرائين ، يوم الاثنين الثالث والعشرين من الجمادي الأخرى ، سنة خمس وستين وستمائة بروايته عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء سعد الحق والدين محمد بن المؤيد الحمويني ، بروايته عن شيخه شيخ الإسلام نجم الدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الخيوقي إجازة قال : أنبأنا محمد بن عمر بن عليّ الطوسى بقراءتي عليه بنيسابور ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل الشقاني ، أنبأنا أبو سعد محمد بن طلحة الجنابذي ، نبأنا أبو القاسم السراج ، نبأنا محمد بن يعقوب ، نبأنا الحسن بن عليّ بن عفان ، نبأنا يحيى بن الفضل العبدي ، نبأنا الحسن بن صالح عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت عليّ عليهما‌السلام عن اسماء بنت عميس قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٢).

الرابع والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني ، أخبرني المشايخ المسندون فخر الدين أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي وعز الدين عبد العزيز من عبد المنعم عليّ الحرابي وأبو عبد الله محمد بن يعقوب بن أبي الفرج الازجي البغدادي إجازة ، والشيخ الإمام عبد الصمدي بن أحمد بن عبد القادر بقراءتي عليه ببغداد ، في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وسبعين وستمائة بروايتهم عن الشيخ الإمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرّحمن بن عليّ بن محمد ابن الجوزي إجازة قال : أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني قال : أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قراءة عليه وأنا أسمع في ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة قال : نبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي البزاز إملاء قال : نبأنا محمد بن يونس بن موسى نبأنا عاصم بن عليّ ، نبأنا أبو أويس عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٣).

الخامس والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرني السيّد النسّابة عبد الحميد بن فخار بن معد الموسوى كتابة ، أنبأنا الشيخ أبو طالب عبد الرّحمن الهاشمي إجازة ، أنبأنا شاذان بن

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ١١٨ / ب ٢١ / ح ٨٣.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ١٢٢ / ب ٢١ / ح ٨٥.

(٣) فرائد السمطين : ١ / ١٢٣ / ب ٢١ / ح ٨٦.

٦١

جبرائيل القمّي بقراءتي عليه ، أنبأنا أبو عبد الله بن عبد العزيز القمّي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عليّ النطنزي قال : أخبرنا أبو عليّ الحداد قال : أخبرنا أبو نعيم قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن زكريا قال : حدّثنا محمد بن بكير عن ابن جبير عن الحسن بن سعد مولى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يغزو غزوة فدعا عليا فأمره أن يتخلّف في المدينة فقال : لا أتخلف بعدك يا رسول الله قال : فدعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فعزم عليّ أن أتخلف قبل أن أتكلّم قال : فبكيت فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك يا عليّ؟ قلت : يا رسول الله يبكيني خصال غير واحدة تقول قريش غدا ما أسرع ما تخلف عن ابن عمّه وخذله ، وتبكيني خصلة اخرى كنت أريد أن أتعرض للجهاد في سبيل الله لأن الله تعالى يقول : (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) وكنت أريد أن أتعرّض لفضل الله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما قولك يقول قريش ما أسرع ما تخلف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخذله فإنّ لك بيّ اسوة فقد قالوا لي ساحر كذّاب ، وأمّا قولك أتعرض الأجر من الله أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، وأما قولك اتعرض لفضل الله : هذا بهار من فلفل جاءنا من اليمن فبعه واستمتع به أنت وفاطمة حتّى يأتيكم من الله تعالى فضله (١).

السادس والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني في كتابه أيضا قال : أخبرنا فقيه المحدثين أبو محمد عبد السلام بن محمد بن مزروع البصرى بقراءتي عليه بحرم سيّدنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمدينة المعظمة في الروضة بين القبر والمنبر ، صحوة يوم السبت الثاني عشر من المحرم سنة ثمانين وستمائة قال : أنبأنا الشيخ موفق الدين أبو المحاسن فضل الله بن أبي بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجبلي بقراءة عليّ بن إبراهيم الدردانة الحربي قال : أنبأنا أبو الفتح عبد الله بن عبد الله بن محمد بن نجاء بن شاتيل الدباس قراءة عليه وأنا اسمع في يوم الجمعة من شوال سنة ثمان وسبعين وخمسمائة قال : أنبأنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قراءة عليه وأنا اسمع قال : أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسن المحاملي في صفر سنة ثماني وعشرين وأربعمائة قال : أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن مالك الأشجعى قراءة عليه في شهر ذي القعدة من سنة خمسين وثلاثمائة قال : أنبأنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد القاضي النكري سنة ستّين ومائتين قال : أنبأنا سعيد بن كثير بن عفير عن عبد الله بن وهب عن سليمان بن بلال عن

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ١٢٣ / ب ٢١ / ح ٨٧.

٦٢

الجعيد عن عائشة ابنة سعد عن سعد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ عليه‌السلام : ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوّة (١).

السابع والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني من كتابه قال : أخبرنا الإمام الزاهد علاء الدين أبو حفص عمر بن محمد بن الحاكم الارغياني الطوسي إجازة أن لم يكن سماعا قال : أنبأنا الشيخ عزّ الدين أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري في شعبان سنة خمس وأربعين وستمائة بمدينه حلب قال : أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السيلقي الأصبهاني ، أنبأنا أبو عبد الله القاسم بن أبي الفضل أحمد بن محمود الثقفي قراءة عليه في شهور سنة ثمان وثمانين وأربعمائة باصبهان قال : أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي ، أنبأنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصمّ ، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، أنبأنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٢).

الثامن والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرني الشيخ الإمام مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر ، والخطيب نجم الدين خطيب باب البصرة إذنا بروايتهما ، عن أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الواحد المارستاني القيم والأنجب بن أبي السعادات ابن محمد الحمامي إجازة «ح» ، والقاضي بهاء الدين عبد الغفار بن عبد المجيد بن وهسوذان الرناني الزنجاني مشافهة بروايته ، عن برهان الدين إبراهيم بن الحسن بن محمد الغزنوي إجازة بروايتهم ، عن الشيخ أبي محمد لاحق بن عليّ بن منصور بن كارد الحريمي المقري قال : الغزنوى سماعا عليه قال : أنبأنا الرئيس العالم أبو عليّ محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان الكاتب قال : أنبأنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن الحسن بن محمد بن شاذان، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي النحوي قراءة عليه في منزله درب الزعفراني يوم السبت من رجب سنة اربع وأربعين وثلاثمائة وأنا أسمع ، أنبأنا أبو يوسف بن سفيان الغنوي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي ، أنبأنا حسن بن حسين العرني ، أنبأنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمّ سلمة : هذا عليّ بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، يا أمّ سلمة هذا عليّ أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووصيّي وعيبة علمي وبابي الذي أوتى منه ، أخي في

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ١٢٦ / ب ٢١ / ح ٨٨.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ٢٧ / ب ٢١ / ح ٨٩.

٦٣

الدنيا والآخرة ومعي في السنام الأعلى يقتل القاسطين والمارقين والناكثين (١).

التاسع والثمانون : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرنا الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد القزويني المعروف بمذكويه مناولة قال : أنبأنا الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن عليّ بن عليّ البغدادي إجازة بروايته ، عن شيخ الإسلام جمال السنة أبي عبد الله محمد بن حمويه بن محمد الجويني قال : أنبأنا الشيخ أبو محمد الحسين بن أحمد ، أنبأنا الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم البخاري الكلاباذي ، نبأنا محمد بن عبد الله بن يوسف العماني ومحمد بن محمد بن الأزهر الأشعري قال : نبأنا محمد الكديمي قال العماني : نبأنا عمر بن عثمان النمري وقال الأزهري : نبّأنا وهب بن عمر بن عثمان وهو الصواب قال : نبأنا أبي عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال : سل عنها عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله هو أعلم فقال : أريد جوابك فقال : ويحك لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغرّه بالعلم غرّا ولقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه وكان عمر إذا أشكل عليه شيء قال : أهاهنا عليّ؟ قم لا أقام الله رجليك ومحى ، اسمه من الديوان. (٢)

التسعون : إبراهيم بن محمد الحمويني قال : أخبرنا الشيخ الصالح المسند عبد الله بن أبي القاسم بن عليّ بن مكي ، وأخبر البغدادي رضى الله عنه بسماعي عليه ببغداد قيل له أخبركم الشيخ عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الاخضر بسماعك عليه قال : أنبأنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكروخي الهروي سماعا عليه ، أنبأنا المشايخ الثلاثة القاضي أبو عامر بن محمود بن القاسم الأزدي وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد الفروجي ، عن أبي محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، عن الإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي قال : نبأنا قتيبة قال : نبأنا الحاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟

قال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبه لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي عليه‌السلام وخلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ : يا رسول الله تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ١٤٩ / ب ٢٩ / ح ١١٣.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ٣٧١ / ب ٦٨ / ح ٣٠٢.

٦٤

من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي وسمعته يوم خيبر يقول : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال : فتطاولنا لها فقال أدعوا لي عليّ قال : فأتى وبه رمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه وأنزل هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا صلوات الله عليهم فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي. (١)

الحادي والتسعون : في مصنف لبعض مشايخ العامّة في باب مناقب عليّ عليه‌السلام قال : حدّثنا فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٢).

الثاني والتسعون : عليّ بن أحمد المالكي في الفصول المهمّة من أعيان علماء العامّة نقله من كتاب الخصائص عن العباس بن عبد المطلب قال : سمعت عمر بن الخطاب وهو يقول : كفّوا عن ذكر عليّ بن أبي طالب إلّا بخير فإني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : في عليّ ثلاث خصال وددت أن لي واحدة منهن أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ، وذاك أنّي كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح ونفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ ضرب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على كتف عليّ بن أبي طالب وقال : عليّ أنت أوّل المسلمين إسلاما وأنت أوّل المؤمنين إيمانا وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، كذب من زعم أنّه يحبّني وهو يبغضك ، يا عليّ من أحبك فقد أحبّني ومن أحبّني أحبّه الله تعالى ، ومن أحبّه الله أدخله الله الجنّة ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني أبغضه الله تعالى وأدخله النار (٣).

الثالث والتسعون : صاحب فصول المهمة هذا قال : روى مسلم والترمذي أن معاوية ، قال لسعد بن أبي وقاص : ما منعك أن تسب عليا أبا تراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبه ولأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول وقد خلّفه في بعض مغازيه.

فقال عليّ : خلّفتني مع النساء والصبيان؟

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ،

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٧٧ / ب ٦٩ / ح ٣٠٧.

(٢)؟؟.

(٣) انظر : كنز العمال : ١٣ / ١٢٢ / ح ٣٦٣٩٢.

٦٥

فتطاولنا إليها فقال أدعوا لي عليا فأتي به أرمد فبصق في عينيه فبرئ ودفع إليه الراية ففتح الله على يديه ولمّا نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ).

دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي (١).

ونقل أيضا هذا الحديث من مسلم والترمذي محمد بن طلحة الشامي الشافعي في كتاب مطالب السئول.

الرابع والتسعون : محمد بن طلحة الشامي هذا في هذا الكتاب قال : روي عن الأئمّة الثقات البخاري ومسلم والترمذي رضى الله عنه في صحاحهم بأسانيدهم أحاديث اتفقوا عليها وزاد بعضهم على بعض بألفاظ أخرى ، والجميع صحيح فمنها عن سعد بن أبي وقاص قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خلّف عليا في غزوة تبوك على أهله فقال يا رسول الله : تخلّفني في النساء والصبيان؟

فقال أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبيّ بعدي.

قال ابن المسيّب : أخبرني بهذا عامر بن سعد عن أبيه فأحببت أن أشافه سعدا فلقيته فقلت له أنت سمعته من رسول الله؟

فوضع إصبعيه على أذنيه قال : نعم وإلّا استكتا (٢).

الخامس والتسعون : محمد بن طلحة الشامي الشافعي هذا قال : قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٣).

السادس والتسعون : عزّ الدين بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامّة من المعتزلة قال في أحاديث صفين : قال : نصر ـ يعنى بن مزاحم ـ حدّثنا عمر بن سعيد وعمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قام عليّ عليه‌السلام فخطب الناس بصفين فقال : الحمد لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق من البر والفاجر ، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعهم منه ومن عصاه إن يرحم فبفضله ومنه وإن عذّب فبما كسبت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد ، أحمده على حسن البلاء وتظاهر النعماء وأستعينه على ما نابنا من أمر الدنيا والآخرة ، وأتوكّل عليه وكفى بالله وكيلا، ثمّ إني أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ارتضاه لذلك وكان أهله واصطفاه لتبليغ رسالته وجعله

__________________

(١) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٠ ، سنن الترمذي : ٥ / ٣٠١ / ح ٣٨٠٨.

(٢) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٠ ، سنن الترمذي : ٥ / ٣٠٢ ، واللفظ للأول.

(٣) سنن الترمذي : ٥ / ٣٠٤ / ح ٣٨١٤.

٦٦

رحمة منه على خلقه ، فكان علمه فيه رءوفا رحيما ، أكرم خلق الله حسبا وأجملهم منظرا وأسخاهم نفسا وأبرهم بوالد وأوصلهم لرحم ، وأفضلهم علما وأثقلهم حلما وأوفاهم بعهد وأمنهم على عقد ، لم يتعلق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم ويغفر ويقدر فيصفح حتّى مضى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مطيعا لله صابرا على ما أصابه مجاهدا في الله حق جهاده حتّى أتاه اليقين ، فكان ذهابه أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض البر والفاجر ، ثمّ ترك فيكم كتاب الله يأمركم بطاعة الله وينهاكم عن معصيته ، وقد عهد إلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا فلست أحيد عنه ، وقد حضرتم عدوكم وعلمتم أن رئيسهم منافق يدعوهم إلى النار، وابن عم نبيكم بين أظهركم يدعوكم إلى الجنّة وإلى طاعة ربكم والعمل بسنّة نبيّكم ، ولا سواء من صلّى قبل كلّ ذكر لم يسبقني بصلاة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا من أهل بدر ومعاوية طليق ، والله أنا على الحق وإنّهم على الباطل فلا يجتمعن على باطل وتتفرقوا عن حقكم حتّى يغلب باطلهم حقكم ، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم فإن لم تفعلوا يعذبهم الله بأيدي غيركم ، فقام أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين انهض بنا إلى عدونا وعدوك إذا شئت فو الله ما نريد بك بدلا ، بل نموت معك ونحيا معك ، فقال لهم : والذي نفسي بيده لنظر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أضرب بين يديه بسيفي هذا فقال : لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا عليّ.

وقال لي : يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وموتك وحياتك يا عليّ معي والله ما كذّب ولا كذّبت ولا ضللت ولا ضلّ بيّ ، وما نسيت ما عهد إلي إنّي على بيّنة من ربّي وعلى الطريق الواضح ألقطه لقطا.

ثمّ نهض إلى القوم فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتّى غاب الشفق الأحمر وما كانت صلاة القوم في ذلك اليوم إلّا تكبيرا. (١)

السابع والتسعون : ابن أبي الحديد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : أخصمك بالنبوّة فلا نبوّة بعدي وتخصم الناس بسبع.

وقال له أيضا : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأبان نفسه منه بالنبوّة وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما (٢).

الثامن والتسعون : ابن أبي الحديد قال في الشرح ، قال عليه‌السلام لأهل الشورى : أنشدكم الله أفيكم أحد آخى رسول الله بينه وبين نفسه حين آخى بين بعض المسلمين وبعض غيري؟

فقالوا لا.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٥ / ٢٤٧.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٢٢٢.

٦٧

فقال : أفيكم أحدا قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فهذا مولاه غيري؟

فقالوا : لا.

فقال : أفيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي غيري؟

قالوا : لا.

قال : أفيكم من اؤتمن على سورة براءة وقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي غيري؟

قالوا : لا.

قال : ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فروا عنه في مأقط الحرب في غير موطن وما فررت قط.

قالوا : بلى.

قال : ألا تعلمون إنّي أوّل الناس إسلاما قالوا بلى ، قال : فأينا أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نسبا؟

قالوا : أنت ، فقطع عليه عبد الرّحمن بن عوف كلامه فقال : يا عليّ قد أبى الناس إلّا على عثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا ، قال : يا أبا طلحة ما الذي أمرك به عمر.

قال : أن أقتل من شق عصا الجماعة ، فقال عبد الرّحمن لعليّ : بايع إذا وإلّا كنت متّبعا غير سبيل المؤمنين وأنفذنا فيك ما أمرنا به.

فقال : لقد علمتم إنّي أحق بها من غيري والله لأسلّمنّ الفضل إلى آخره ، ثمّ مد يده وبايع.

وقال ابن أبي الحديد : ومن كلام له عليه‌السلام لما بلغه اتهام بني أميّة له بالمشاركة في دم عثمان ، أو لم ينه بني أميّة علمها بيّ عن قرفي ، أو ما وزع الجهّال سابقتي عن تهمتي ولما وعظهم الله تعالى به أبلغ من لساني ، أنا حجيج المارقين وخضيم الناكثين المرتابين وعلى كتاب الله تعرض الامثال وبما في الصدور تجازي العباد ، قال ابن أبي الحديد في الشرح : القرف العيب قرفته بكذا ـ أي عبته ـ ووزّع : كفّ وردع ؛ ومنه قوله : (لا بدّ للناس من وزعة) ـ جمع وازع أي من رؤساء وأمراء ـ والتهمة بفتح الهاء : هي اللغة الفصيحة ؛ وأصل التاء فيه واو ، والجحيم كالخصيم ذو الحجاج والخصومة.

يقول عليه‌السلام : أما كان في علم بني أمية بحالي ما ينهاها عن قرفي بدم عثمان وحاله الذي اشار إليها ، وذكر أن علمهم بها يقتضي أن لا يعرفوه بذلك هي منزلته في الدين التي لا منزلة أعلى منها وما نطق به الكتاب الصادق عن طهارته وطهارة بنيه وزوجته في قوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ

٦٨

أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وقول النبيّ : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى.

وذلك يقتضي عصمته عن الدم الحرام كما أن هارون معصوم عن مثل ذلك ، وترادف الأقوال والأفعال من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمره الذي يضطر معها الحاضرون لها ، والمشاهدون إياها إلى أن مثله لا يجوز أن يسعى في إراقة دم أمير مسلم لم يحدث حدثا يستوجب به إحلال دمه (١).

التاسع والتسعون : ابن أبي الحديد في الشرح قال : ذكر أبو أحمد العسكري في كتاب الأمالي ، أن سعد بن أبي وقاص دخل على معاوية عام الجماعة ، فلم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ، فقال له معاوية : لو شئت أن تقول في سلامك غير هذا لقلت ، فقال سعد : نحن المؤمنون ولم نؤمرك كأنك قد بهجت بما أنت فيه يا معاوية ، والله ما يسرني ما أنت فيه وإني هرقت المحجمة دم قال : لكني وابن عمك عليّا يا أبا إسحاق قد هرقنا أكثر من محجمة ومحجمتين هلم واجلس معي على السرير ، فجلس معه فذكر له معاوية اعتزاله الحرب يعاتبه فقال سعد : إنّما كان مثلي ومثل الناس كيوم أصابتهم ظلمة فقال واحد منهم لبعيره : إخ ، فأناخ حتّى أضاء له الطريق ، فقال معاوية : والله يا أبا إسحاق ما في كتاب الله إخ وإنّما فيه (إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ).

فو الله ما قاتلت الباغية ولا المبغي عليها فأفحمه ، وزاد ابن ديزيل في هذا الخبر زيادة ذكرها في كتاب صفين قال : فقال سعد بن أبي وقاص : أتأمرني أن أقاتل رجلا قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

فقال معاوية : من سمع هذا معك؟ قال : فلان وفلان وأم سلمة.

فقال معاوية : لو كنت سمعت هذا لما قاتلته. (٢)

وقال : قال حدّثني جعفر بن مكّي رضى الله عنه قال : سألت محمد بن سليمان بن سلمس صاحب الحجاب رحمه‌الله ، وقد رأيت أنا محمد هذا وكانت لي به معرفة غير مستحكمة ، كان ظريفا أديبا وقد اشتغل بالرياضات من الفلسفة ولم يكن يتعصب لمذهب بعينه قال جعفر : سألته عما عنده في أمر عليّ وعثمان فقال : هذه عداوة قديمة النسب بين بني عبد شمس وبين بني هاشم ، وقد كان حرب بن أمية نافر عبد المطلب بن هاشم ، وكان أبو سفيان يحسد محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وحاربه ولم يزل البيتان متباغضين ، وساق حديثا طويلا إلى أن قال ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّ عليه‌السلام مثل حديث خاصف النعل ومنزلة هارون من موسى ومن كنت مولاه وهذا يعسوب الدين ولا فتى إلّا عليّ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٦٧ ـ ١٦٩.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ١٦٣.

٦٩

وأحب خلقك إليك وما جرى هذا المجرى (١).

الحديث المائة : ابن أبي الحديد في الشرح قال : وروى عليّ بن محمد المدائني قال : لمّا كان زمن عليّ رضى الله عنه ولي زياد فارس فضبطها ضبطا صالحا وجنى خراجها وحماها وعرف ذلك معاوية ، فكتب إليه : أما بعد فإن عزتك قلاع تأوي إليها ليلا كما يأوي الطير إلى وكرها ، وأيم الله لو لا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك منّي ما قاله العبد الصالح : (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته :

تنسى أباك وقد شالت نعامته

إذ تخطب الناس والوالي لهم عمر

فلمّا ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس وقال : العجب من ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق يهددني وبيني وبينه ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وزوج سيّدة نساء العالمين وأبو السبطين وصاحب اللواء والمنزلة وأخاه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، أما والله لو تخطّى هؤلاء أجمعون إلي لوجدوني أحمر محشّا ضرّابا بالسّيف ، ثمّ كتب إلى عليّ عليه‌السلام ، وبعث كتاب معاوية مع كتابه ، فكتب إليه عليّ عليه‌السلام : أمّا بعد فانّي ولّيتك ما ولّيتك وأنا أراك لذلك أهلا ، وإنّه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني التيه وكذب النفس لم يستوجب بها ميراثا ولم تستحق بها نسبا ، وإن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فأحذره ثمّ أحذره ثمّ أحذره والسلام (٢).

وقال ابن أبي الحديد : والذي يدل على أن عليا عليه‌السلام وزير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي).

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

فأثبت له جميع مراتب هارون ومنازله من موسى ، فإذا هو وزير رسول الله وشاد أزره ولو لا أنّه خاتم النبيّين لكان شريكا له في أمره. (٣)

قال مؤلّف هذا الكتاب : أنظر إلى ما روته المخالفون في النص من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمير المؤمنين ، بأنّه الخليفة بعده بالنص المجمع على روايته بين فرق الإسلام كما ذكره ابن أبي الحديد في هذا الكلام وذكر غيره ، وهذا صريح من المخالفين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما مات حتّى خصّ عليّ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٩ / ٢٤.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٨١.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١١.

٧٠

على أنه الإمام والخليفة والوزير ، وهذا عين ما تقوله الشيعة ، فإنكار النصّ من بعض المخالفين كابن أبي الحديد في بعض المواضع من شرحه فهو باطل لقيام البرهان على خلافه واعترافه بالنصّ كما ذكرناه نحن من كلامه هذا من أن جميع مراتب هارون ومنازله هي ثابته لعلي عليه‌السلام ما عدا النبوّة ، لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء وإلّا كان شريكا له في النبوّة ، وهذا يقتضي بالصّريح من النصّ على عليّ عليه‌السلام بالإمامة والخلافة والوزارة التي هي مراتب هارون من موسى ، وهذا واضح بيّن لا خفاء فيه هو الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وأعوذ بالله سبحانه وتعالى من الضلالة بعد تبيّن الهدى ، والحمد لله ربّ العالمين.

٧١

الباب الحادي والعشرون

في قول النبيّ لعليّ عليهما‌السلام : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

من طريق الخاصّة وفيه سبعون حديثا.

الأوّل : محمد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمى رضى الله عنه قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضى الله عنه قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي قال : حدّثنا محمّد بن آدم الشيباني عن أبيه آدم بن أبي إياس قال : حدّثنا المبارك بن فضالة عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لمّا عرج بيّ ربّي جلّ جلاله أتاني النّداء يا محمّد قلت : لبّيك ربّ العظمة لبّيك ، فأوحى الله إليّ يا محمّد فيما اختصم الملأ الأعلى فقلت : لا علم لي يا إلهي فقال : يا محمّد هل اتخذت من الآدميّين وزيرا وأخا ووصيّا من بعدك قلت : يا إلهي ومن اتّخذ تخيّر لي أنت يا إلهي ، فأوحى الله إلي يا محمّد قد اخترت لك من الآدميّين عليّ بن أبي طالب فقلت : إلهي ابن عمّي ، فأوحى الله إليّ يا محمّد أنّ عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني أمّتك ، ثمّ أوحي إليّ يا محمّد إنّي قد أقسمت على نفسي قسما حقّا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريّتك الطّيّبين الطّاهرين ، حقا أقول يا محمّد لأدخلنّ جميع أمّتك الجنّة إلّا من أبى من خلقي فقلت : إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنّة؟ فأوحى الله إلي بلى فقلت : وكيف يأبى؟ فأوحى الله لي يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيّا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدك ، وألقيت محبته في قلبك وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمّتك كحقّك عليهم في حياتك ، فمن جحده حقّه جحد حقّك ، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يدخل الجنّة ، فخررت لله ساجدا شكرا لما أنعم عليّ ، فإذا مناد ينادي ارفع يا محمّد رأسك واسألني أعطك فقلت : إلهي اجمع أمّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا عليّ جميعا حوضي يوم القيامة ، فأوحى الله إلي يا محمّد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم وقضائي ماض فيهم لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء ، وقد أتيته علمك من بعدك وجعلته [وزيرك و] خليفتك من بعدك على أهلك وأمّتك ، عزيمة منّي لا أدخل الجنّة من أبغضه وعاداه

٧٢

وأنكر ولايته بعدك فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك أبغضني ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني ، ومن أحبّه فقد أحبّك ومن أحبّك فقد أحبّني فقد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذرّيتك من البكر البتول ، وآخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى ابن مريم يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا ، أنجي به من الهلكة وأهدي به من الضّلالة وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض.

فقلت : إلهي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى إلي عزوجل يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقلّ العمل وكثر القتل وقلّ الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضّلالة والخونة وكثر الشّعراء ، واتّخذ أمتك قبورهم مساجد وحلّيت المصاحف وزخرفت المساجد ، وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر به أمّتك ونهوا عن المعروف ، واكتفى النساء بالنّساء والرجال بالرجال ، وصارت الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرّأي منهم فسقة ، وعند ذلك ثلاث خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يد رجل من ذرّيّتك يتبعه الزنوج ، وخروج رجل من ولد الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وخروج الدّجال يخرج بالمشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت : إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن ، فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أميّة وفتنة ولد عمّي العبّاس وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت بذلك ابن عمّي حين هبطت الأرض ، فأدّيت الرّسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النّبيّون وكما حمده كلّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة. (١)

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال : أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني قال : حدّثنا أحمد بن صالح عن حكيم بن عبد الرّحمن قال : حدّثني مقاتل بن سليمان عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام: يا عليّ أنت منّي بمنزلة هبة الله من آدم وبمنزلة سام من نوح وبمنزلة إسحاق من إبراهيم وبمنزلة هارون من موسى وبمنزلة شمعون من عيسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، يا عليّ أنت وصيّي وخليفتي فمن جحد وصيّتك وخلافتك فليس منّي ولست منه ، وأنا خصمه يوم القيامة ، يا عليّ أنت أفضل أمّتي فضلا وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأمنّهم حلما وأشجعهم قلبا وأسخاهم كفّا ، يا عليّ أنت قسيم الجنّة والنّار بمحبتك يعرف الأبرار ويميز بين الأشرار والأخيار وبين المؤمنين والكفار (٢).

__________________

(١) كمال الدين ٢٥٠ / ح ١.

(٢) أمالي الصدوق ١٠١ / ١٠٠ / مجلس ١١ / ح ٤.

٧٣

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثني أبي رضى الله عنه قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب قال : حدّثنا أحمد بن عليّ الاصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدّثنا جعفر بن الحسن عن عبيد الله بن موسى الضبيّ (١) عن محمد بن عليّ السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال : لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : عليّ منّي وأنا منه ، وقوله : عليّ منّي كهارون من موسى وقوله عليه‌السلام : عليّ منّي كنفسي طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حرب عليّ حرب الله وسلم عليّ سلم الله.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ حجة الله وخليفته على عباده.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حب عليّ إيمان وبغضه كفر.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ قسيم الجنّة والنّار.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فارق عليّ فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة (٢).

الرابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ قال : [حدّثنا عبد الله بن يزيد قال] حدّثنا محمد بن ثواب قال : حدّثنا إسحاق بن منصور عن كادح ـ يعني أبا جعفر البجلي ـ عن عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد عن سلمة بن يسار عن جابر بن عبد الله قال : لما قدم عليّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفتح خيبر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولا لا تمرّ بملاء إلّا أخذوا التّراب من رجليك ومن فضل طهورك يستشفوا به ، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك ترثني وأرثك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ ، بعدي ، وإنّك تبرئ ذمّتي وتقاتل على سنّتي ، وأنت غدا على الحوض خليفتي وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض ، وأنت أوّل من يكسى معي ، وإنّك أوّل داخل الجنّة من أمّتي ، وإنّ شيعتك على منابر من نور مبيّضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون غدا جيراني في الجنّة ، وإنّ حربك حربي وسلمك سلمي ، وإنّ سرّك سرّي وعلانيتك علانيتي وإنّ سريرة صدرك كسريرتي ، وإنّ ولدك ولدي وإنّك تنجز عداتي ، وإنّ الحق معك وإنّ الحق على لسانك وقلبك وبين عينيك والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنّه لن يرد عليّ الحوض مبغض لك ولن يغيب محبّ لك حتّى يرد معك قال : فخرّ عليّ ساجدا ثمّ قال : الحمد لله الذي أنعم عليّ بالإسلام وعلّمني القرآن ، وحببني إلى خير البرّية وخاتم النّبيّين وسيّد

__________________

(١) في المصدر : العبسي.

(٢) أمالي الصدوق ١٤٩ / مجلس ٢٠ / ح ١.

٧٤

المرسلين إحسانا منه وفضلا منه عليّ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو لا أنت لم يعرف المؤمنون بعدي (١).

الخامس : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السّكري قال : أخبرنا محمّد بن زكريّا [قال : حدّثنا العباس بن بكار] قال : حدّثنا حرب بن ميمون عن أبي حمزة الثمالى عن زيد بن عليّ عن أبيه عليّ بن الحسين عليه‌السلام قال : لمّا ولدت فاطمة الحسن عليه‌السلام قالت : لعليّعليه‌السلام : سمّه فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما كنت أسبق باسمه ربّي عزوجل ، فأوحى الله عزوجل إلى جبرائيل أنّه قد ولد لمحمّد ابن فأهبط فأقرأه السلام وهنّه وقل : إنّ عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون فقال : وما كان اسمه؟ قال : شبّر قال : لساني عربي فقال : سمّه الحسن فسمّاه الحسن ، فلمّا ولد الحسين أوحى الله عزوجل الى جبرائيل أنّه قد ولد لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن فأهبط وأقرأه السلام وهنّه وقل له : إنّ عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون ، فهبط جبرائيل فهنّاه عن الله عزوجل ويأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون قال : وما كان اسمه؟ قال: شبير قال : لساني عربيّ قال : اسمه الحسين فسمّاه الحسين. (٢)

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن [الحسن بن] أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفار عن العبّاس بن معروف عن عليّ بن مهزيار عن فضالة بن أيّوب عن أبان بن عثمان عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خالد بن الوليد إلى حيّ يقال له بنوا المصطلق من بني جذيمة ، وكان بينه وبين بني مخزوم إحنة في الجاهلية ، فلمّا ورد عليهم خالد أمر مناديا ينادي بالصلاة ، فصلّى وصلّوا ولمّا كان صلاة الفجر أمر مناديه فنادى فصلّى وصلّوا ، ثمّ أمر الخيل فشنّوا فيهم الغارة فقتل وأصاب فطلبوا كتابهم فوجدوه ، فأتوا به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وحدّثوه بما صنع خالد بن الوليد فاستقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القبلة ثمّ قال : اللهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد.

قال : ثمّ قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تبر ومتاع فقال لعلي عليه‌السلام : ائت بني جذيمة من بني المصطلق فأرضهم ممّا صنع خالد ثمّ رفع قدميه فقال : يا عليّ اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك فأتاهم عليّعليه‌السلام فلمّا انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله ، فلمّا رجع إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا عليّ أخبرني بما صنعت فقال : يا رسول الله عمدت فأعطيت لكلّ دم دية ولكلّ جنين غرّة ولكلّ مال مالا ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم ، وفضلت معي فضلة فأعطيته لروعة نسائهم

__________________

(١) أمالي الصدوق ١٥٦ / مجلس ٢١ / ح ١.

(٢) أمالي الصدوق ١٩٧ / مجلس ٢٨ / ح ٣.

٧٥

وفزع صبيانهم ، وفضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيتهم ليرضوا عنّي رضي الله عنك يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (١).

السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال : حدّثنا أبو سعيد الحسن بن عليّ العدويّ سنة سبع عشرة وثلاثمائة وهو ابن مائة وسبع سنين قال : حدّثنا الحسين بن أحمد الطفاوي قال : حدّثنا قيس بن الرّبيع قال : حدّثنا سعد الخفّاف عن عطيّة العوفي عن مخدوج بن زيد الذّهلي ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المسلمين ثمّ قال : يا عليّ أنت أخي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، أما علمت يا عليّ أوّل من يدعى به يوم القيامة يدعى بي فأقوم عن يمين العرش فأكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ، ثمّ يدعى بأبينا إبراهيم عليه‌السلام فيقوم عن يمين العرش في ظلّه فيكسى حلّة خضراء من حلل الجنّة ، ثمّ يدعى بالنّبيّين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش في ظلّه فيكسون حللا خضراء من حلل الجنّة ، ألا وإنّي أخبرك يا عليّ : أنّ أمّتي أوّل الأمم يحاسبون يوم القيامة.

ثمّ أبشّرك يا عليّ : أنّ أوّل من يدعى يوم القيامة يدعى بك هذا لقرابتك منّي ومنزلتك عندي ، فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد فتسير به بين السمّاطين ، وإنّ آدم وجميع من خلق الله يستظلّون بلوائي يوم القيامة ، وطوله مسيرة ألف سنة سنانه ياقوتة حمراء قصبته فضة بيضاء زجّه درّة خضراء له ثلاث ذوائب من نور ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب وذؤابة في وسط الدنيا مكتوب عليه ثلاثة أسطر : السّطر الأوّل بسم الله الرّحمن الرّحيم ، والثاني الحمد لله ربّ العالمين ، والثالث لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، طول كلّ سطر مسيرة ألف سنة وعرضه مسيرة ألف سنة ، فتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتّى تقف بيني وبين إبراهيم في ظلّ العرش ، فتكسى حلة خضراء من حلل الجنّة ، ثمّ ينادي مناد من عند العرش نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك عليّ ، ألا وإنّي أبشرك يا عليّ : أنّك تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وتحبى إذا حبيت (٢).

الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عمر البغدادي قال : حدّثنا أحمد بن عبد العزيز بن الجعد قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن صالح قال : حدّثنا شعيب بن راشد عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قام عليّ عليه‌السلام يخطب الناس بصفين يوم جمعة وذلك قبل الهرير بخسمة أيام فقال : الحمد لله

__________________

(١) أمالي الصدوق ٢٣٧ / مجلس ٣٢ / ح ٨.

(٢) أمالي الصدوق ٤٠١ / مجلس ٥٢ / ح ١٤.

٧٦

على نعمه الفاضلة على جميع خلقه البرّ والفاجر وعلى حجّته البالغة على خلقه ، من عصاه وأطاعه إن يعف فيفضل منه ، وإن يعذب فبما قدّمت أيديهم وما الله بظلّام للعبيد ، أحمده على حسن البلاء وتظاهر النّعماء ، وأستعينه على ما نابنا من أمر ديننا وأؤمن به وأتوكّل عليه وكفى بالله وكيلا ، ثمّ إنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده أرسله بالهدى ودينه الذي ارتضاه ، وكان أهله ، واصطفاه على جميع العباد بتبيلغ رسالته وحججه على خلقه ، وكان كعلمه فيه رءوفا رحيما أكرم خلق الله حسبا ، وأجملهم منظرا ، وأشجعهم نفسا ، وأبرهم بوالد ، وآمنهم على عقد لم يتعلّق عليه مسلم ولا كافر بمظلمة قط ، بل كان يظلم فيغفر ويقدر فيصفح ويعفو حتّى مضى مطيعا لله صابرا على ما أصابه مجاهدا في الله حق جهاده عابدا لله حتّى أتاه اليقين ، فكان ذهابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض البرّ والفاجر ، ثمّ ترك فيكم كتاب الله [يأمركم بطاعة الله ، وينهاكم عن معصيته. وقد عهد إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا] لن أخرج عنه وقد حضركم عدوّكم ، وقد عرفتم من رئيسهم يدعوهم الباطل وابن عمّ نبيّكم بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربّكم والعمل بسنّة نبيّكم ، ولا سواء من صلّى قبل كلّ ذكر ، لم يسبقني بالصّلاة غير نبيّ الله ، وأنا والله من أهل بدر ، والله إنّكم لعلى الحق وإنّ القوم لعلى الباطل فلا يصبر القوم على باطلهم ويجتمعوا عليه وتتفرّقوا عن حقّكم ، قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ، فإنّ لم تفعلوا ليعذبهم الله بأيدي غيركم ، فأجابه أصحابه فقالوا : يا أمير المؤمنين انهض إلى القوم إذا شئت فو الله ما نبغي بك بدلا نموت معك ونحيى ، فقال مجيبا لهم : والذي نفسي بيده ينظر إليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله [وأنا أضرب] قدامه بسيفي فقال : لا فتى إلّا عليّ ولا سيف إلّا ذو الفقار.

ثمّ قال لي : يا عليّ أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، وحياتك وموتك يا عليّ معي فو الله ما كذّبت ولا ضللت ولا ضلّ بي ولا نسيت ما عهد إلي اذا لنسى ، وإنّي لعلى بيّنة من ربّي بيّنها لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فبينها لي وإنّي لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا.

ثمّ نهض إلى القوم يوم الخميس ، فاقتتلوا من حين طلعت الشّمس حتّى غاب الشّفق ما كانت صلاة القوم يومئذ إلّا تكبيرا عند مواقيت الصلاة ، فقتل عليّ عليه‌السلام يومئذ بيده خمسمائة وستّة نفر من جماعة القوم ، فأصبح أهل الشّام ينادون : يا عليّ اتّق الله في البقيّة ورفعوا المصاحف على أطراف القناة. (١)

التاسع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار

__________________

(١) أمالي الصدوق ٤٩٠ / مجلس ٦٣ / ح ١٠.

٧٧

عن يعقوب بن يزيد عن حمّاد بن عيسى عن عمر بن أذنيه عن أبان بن أبي عيّاش عن إبراهيم بن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي في حديث طويل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدّة ومن تظاهرهم عليك وظلمهم ، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك ، وإن لم تجد أعوانا فأصبر وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التّهلكة ، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة إذ أستضعفه قومه وكادوا يقتلونه ، فاصطبر لظلم قريش وتظاهرهم عليك فإنّك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه (١).

العاشر : الشّيخ أبو جعفر الطوسى في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال : حدّثنا الفضل بن محمّد بن جعفر البيهقي قال : حدّثنا هارون بن عمرو المجاشعي قال : حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد قال : حدّثنا أبي أبو عبد الله قال المجاشعي : وحدّثنا الرّضا عليّ بن موسى قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليّ بن الحسين قال : حدّثني عمر وسلمة ابنا أبي سلمة ربيبا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّهما سمعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في حجّته [حجّة الوداع] : عليّ يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظّالمين ، عليّ أخي ومولى المؤمنين من بعدي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّ الله ختم النّبوة بي فلا نبيّ بعدي وهو الخليفة في الأهل والمؤمنين بعدي. (٢)

الحادي عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال: حدّثنا أبو سعيد النّسوي قال : حدّثني إبراهيم بن محمّد بن مروان (٣) قال : حدّثنا أحمد بن [أبي] الفضل البلخي قال : حدّثني [خال] يحيى بن سعيد البلخي عن عليّ بن موسى عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : بينما أنا أمشي مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كثّ اللّحية بعيد ما بين المنكبين فسلّم على النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحّب به ، ثمّ التفت إلي فقال السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته أليس كذلك هو يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بلى ، ثمّ مضى فقلت يا رسول الله : ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له؟ قال : أنت كذلك والحمد لله إنّ الله تعالى قال في كتابه : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) المجعول فيها آدمعليه‌السلام وقال : عزوجل : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) وهو الثاني وقال عزوجل

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة ٢٦٤.

(٢) أمالي الطوسي ٥٢١ / مجلس ١٨ / ح ٥٤.

(٣) في المصدر : هارون.

٧٨

حكاية عن موسى حين قال لهارون : اخلفني في قومي وأصلح فهو هارون إذا استخلفه موسى عليه‌السلام في قومه وهو الثالث وقال تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) فكنت أنت المبلّغ عن الله تعالى وعن رسوله وأنت وصيّي ووزيري وقاضي ديني والمؤدّي عنّي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ أو لا تدري من هو؟ قلت : لا قال : ذاك أخوك الخضر عليه‌السلام فاعلم (١).

الثاني عشر : الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النّعمان في أماليه قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن خالد المراغي قال : حدّثنا أبو القاسم الحسن بن عليّ الكوفي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مروان الغزّال قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عبيد بن خميس العبدي قال : حدّثنا صباح بن يحيى المزني عن عبد الله بن شريك عن الحرث بن ثعلبة قال : قدم رجلان يريدان مكّة والمدينة في الهلال أو قبل الهلال ، فوجدا الناس ناهضين إلى الحجّ قال : فخرجنا معهم فإذا نحن بركب فيهم رجل كأنّه أميرهم فانتبذ منهم فقال : كانّكما عراقيان؟ فقلنا نحن عراقيّان قال : كونا كوفيّين؟ قلنا : كوفيان قال : ممّن أنتما؟ قلنا : من بني كنانة؟

قال : من أي بني كنانة ، قلنا : من بني مالك بن كنانة قال : رحب على رحب وقرب على قرب أنشدكما بكل كتاب منزل ونبيّ مرسل أسمعتما عليّ بن أبي طالب يسبني أو يقول إنّه معادي أو مقاتلي؟ قلنا : من أنت؟ قال : أنا سعد بن أبي وقاص قلنا : لا ولكن سمعناه يقول : اتّقوا فتنة الخنيس ، قال : سمعتاه يسبّني باسمي؟ قالا : لا قال : الله أكبر الله أكبر قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين إن أنا قاتلته بعد أربع سمعتهنّ من رسول الله لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إلي من الدّنيا وما فيها أعمر فيها عمر نوح قلنا سمّهنّ ، قال : ما ذكرتهنّ إلّا وأنا أريد أن أسميهن ، بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببراءة لينبذ إلى المشركين فلمّا سار ليلة أو بعض ليلة بعث بعلي بن أبي طالب نحوه فقال : أقبض براءة منه واردده إليّ ، فمضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقبض براءة منه وردّه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا مثل بين يديه بكى ، وقال : يا رسول الله أحدث فيّ شيء أم نزل بي قرآن ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم ينزل فيك قرآن لكن جبرائيلعليه‌السلام جاءني عن الله عزوجل فقال : لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك وعليّ منّي وأنا من عليّ ولا يؤدي عنّي إلّا عليّ.

قلنا له : وما الثانية قال : كنّا في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآل عليّ وآل أبي بكر وآل عمر وأعمامه قال : فنودي ليلا اخرجوا من المسجد إلّا آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآل عليّ ، قال : فخرجنا نجر أذيالنا فلمّا

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ / ١٢ / ح ٢٣.

٧٩

أصبحنا أتاه عمّه حمزة فقال : يا رسول الله أخرجتنا وأسكنت هذا الغلام ونحن عمومتك ومشيخة أهلك فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا أخرجتكم ولا أنا اسكنته ولكنّ الله عزوجل أمرني بذلك ، قلنا له : فما الثالثة، قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برايته إلى خيبر مع أبي بكر فردّها فبعث بها عمر فردّها فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله كرّارا غير فرار لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه. قال : فلمّا أصبحنا جثونا على الرّكب ، فلم نره يدعو أحدا منّا ثمّ نادى عليّ بن أبي طالب فجيء به وهو أرمد ، فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله على يديه.

قلنا له : فما الرّابعة ، قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج غازيا إلى تبوك واستخلف عليّ على الناس فحسدته قريش وقالوا إنّما خلّفه لكراهيّة صحبته ، قال : فانطلق في أثره حتّى لحقه فأخذ بغرز ناقته ثمّ قال: انّي لتابعك قال : ما شأنك فبكى وقال : إنّ قريشا تزعم أنّك انما خلفتني لبغضك إلي وكراهيتك صحبتي ، قال : فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه فنادى في الناس ، ثمّ قال : أيّها الناس أفيكم أحد إلّا وله من أهله خاصّة؟

قالوا : أجل قال : فإنّ عليّ بن أبي طالب خاصّة أهلي وحبيبي إلى قلبي ، ثمّ أقبل على أمير المؤمنين فقال : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.

فقال عليّ عليه‌السلام : رضيت عن الله ورسوله ، ثمّ قال سعد : هذه أربعة إن شئتما حدّثتكما بخامسة.

قلنا : قد شئنا ذلك ، قال : كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع فلمّا عاد نزل غدير خم وأمر مناديه فنادى في الناس فقال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله (١).

الثالث عشر : الشيخ الطوسي في أماليه قال : أخبرنا محمّد بن محمّد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرني أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزياني قال : حدّثني أبو بكر أحمد بن محمّد بن عيسى المكّي قال : حدّثنا أبو عبد الرّحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا يحيى بن عيسى الزملي قال : حدّثنا الأعمش عن عباية الأسدي عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ : يا أمّ سلمة عليّ منّي وأنا من عليّ لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو منّي بمنزلة هارون من موسى ، يا أمّ سلمة اسمعي وأشهدي هذا عليّ سيّد المسلمين (٢).

__________________

(١) أمالي الشيخ المفيد ٥٥.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي ٥٠ / مجلس ٢ / ح ٣٤.

٨٠