غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٢

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٢

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٩

عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : «بني الإسلام على خمس دعائم : على الصلاة والزكاة والصوم والحج وولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام والأئمة من ولده صلوات الله عليهم» (١).

التاسع عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي قدس‌سره قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب عن أحمد ابن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن قتيبة بن سعيد عن عمرو بن غزوان عن أبي مسلم قال : خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتّى أتينا باب أمّ سلمة (رض) وقعد أنس على الباب ودخلت مع الحسن البصري سمعت الحسن وهو يقول : السلام عليك يا أمّاه ورحمة لله وبركاته. فقالت له : وعليك السلام من أنت يا بني؟ فقال : أنا الحسن البصري فقالت : فيما جئت يا حسن؟ فقال لها : جئت لتحدثيني بحديث سمعتيه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي بن أبي طالب عليه‌السلام. فقالت أمّ سلمة : فو الله لاحدّثنك بحديث سمعته اذناي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلّا فصمّتا ورأته عيناي وإلّا فعميتا ووعاه قلبي وإلّا فطبع الله عليه وأخرس لساني إن لم يكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي بن أبي طالب: «يا علي ما من عبد لقى الله عزوجل يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلّا لقي الله بعبادة صنم أو وثن» ، قال : فسمعت الحسن البصري وهو يقول : الله أكبر أشهد أن عليا مولاي ومولى المؤمنين ، فلما خرج قال له أنس بن مالك : ما لي أراك تكبّر؟ قال : سألت أمّنا أمّ سلمة أن تحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في علي فقالت لي كذا وكذا ، فقلت : الله أكبر إنّ عليا مولاي ومولى كل مؤمن ، قال : فسمعت عند ذلك أنس بن مالك وهو يقول : أشهد على رسول الله أنّه قال هذه المقالة ثلاث مرات أو أربع مرات (٢).

العشرون : الشيخ أبو جعفر الطوسي في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال: أخبرنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة قال : حدّثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني قال : حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي قال : حدّثنا محمد بن الوليد المعروف (بشباب الصيرفي) مولى بني هاشم قال : حدّثنا سعيد الأعرج قال : دخلت انا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام فابتدأني فقال : «يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام يؤخذ به وما نهى عنه ينتهى عنه جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله العائب على أمير المؤمنين كالعائب على الله وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله والرادّ عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين عليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه وسبيله الذي من تمسّك بغيره هلك كذلك جرى حكم الأئمة عليهم‌السلام بعده واحد بعد

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٤٠ / المجلس ٤٥ / ح ١٤.

(٢) أمالي الصدوق : ٣٩٢ / المجلس ٥١ / ح ١٥.

٣٠١

واحد جعلهم الله أركان الأرض وهم الحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ، أما علمت أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول : أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرّ لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد حملت مثل حمولة محمد وهي حمولة الربّ ، إنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعى ويكسى ويستنطق فينطق وادعى واكسى فاستنطق فانطق ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي ، علمت البلايا والقضايا وفصل الخطاب» (١).

الحادي والعشرون : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرني جعفر بن محمد بن قولويه قدس‌سره قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن حاتم عن الحسن بن عبد الله عن الحسن بن موسى عن عبد الرّحمن بن أبي نجران ومحمد بن عمر بن يزيد جميعا عن حمّاد بن عيسى عن ربعي عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : لمن كان الأمر حين قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : «لنا أهل البيت ، فقلت : فكيف صار في تيم وعديّ؟ قال : إنك قد سألت فافهم الجواب : إن الله تعالى لما كتب أن يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام ويحكم بغير ما أنزل الله خلى بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتّى دفعونا عن حقّنا وجرى الظلم على أيديهم دوننا» (٢).

الثاني والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرنا المظفر بن محمد قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن موسى الهاشمي قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الزراري عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي زكريا الموصلي عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عن جدّه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام : «أنت الذي أحتج الله بك في ابتدائه الخلق حيث أقامهم أشباحا فقال لهم : ألست بربّكم؟ قالوا : بلى ، قال : ومحمد رسولي قالوا : بلى ، قال : وعلي أمير المؤمنين فأبى الخلق جميعا إلّا استكبارا وعتوّا من ولايتك إلّا نفر قليل وهم أقلّ القليل وأصحاب اليمين» (٣).

الثالث والعشرون : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا أبو عمر ـ يعني بن مهدي ـ قال : أخبرنا أحمد ـ يعني بن محمد بن سعيد بن عقدة ـ قال : أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع قال : حدّثنا قاسم بن الضحّاك قال : حدثني شهر بن حوشب أخو العوام عن أبي سعيد الهمداني عن أبي جعفر

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٠٥ / المجلس ٨ / ح ٢.

(٢) أمالي الصدوق : ٢٢٦ / المجلس ٨ / ح ٤٥.

(٣) أمالي الطوسي : ٢٣٢ / المجلس ٩ / ح ٤.

٣٠٢

الهمداني : «(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) (١) قال : والله لو أنّه تاب وآمن وعمل صالحا ولم يهتد إلى ولايتنا ومودّتنا ومعرفة فضلنا ما أغنى عنه ذلك شيئا» (٢).

الرابع والعشرون : الشيخ في أماليه قال : قال أبو محمد الفحّام : وحدثني عمّي عمر بن يحيى قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله البلخي قال : حدّثنا أبو عاصم الضحّاك بن مخلد النبيل قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : «حدثني أبي محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين صلوات الله عليه من جانب ، فأقبل عمر بن الخطاب ومعه رجل قد تلبب به فقال : ما باله؟ قال : حكى عنك يا رسول الله أنك قلت : من قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة وهذا إذا سمعته الناس فرطوا في الأعمال أفأنت قلت ذلك يا رسول الله قال : نعم إذا تمسك بمحبة هذا وولايته» (٣).

الخامس والعشرون : الشيخ في أماليه عن علي بن الحسن عن جعفر الأموي عن العبّاس بن عبد الله عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أبي مريم عن سلمان قال : كنّا جلوسا عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فناوله حصاة فما استقرت الحصاة في كف علي حتّى نطقت وهي تقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رضيت بالله ربّا وبمحمد نبيّا وبعلي بن أبي طالب وليّا ، ثم قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أصبح منكم راضيا بالله وبولاية علي بن أبي طالب فقد آمن خوف الله وعقابه» (٤).

السادس والعشرون : الشيخ في أماليه بإسناده عن جابر قال : سمعت ابن مسعود يقول : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «حرمت النار على من آمن بي وأحب عليّا وتولاه ولعن الله من مارى عليا وناواه علي منّي كجلدة ما بين العين والحاجب» (٥).

السابع والعشرون : الشيخ في أماليه بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : «من أحب أن يجاور الخليل في داره ويأمن من حر ناره فليتولّ علي بن أبي طالب» (٦).

وهذا الباب واسع الذّيل من طرق العامة والخاصّة نقتصر على هذا القدر ؛ لأن الروايات فيه لا تحصى.

__________________

(١) مريم : ٦٠.

(٢) أمالي الطوسي : ٢٥٩ / المجلس ١٠ / ح ٦.

(٣) أمالي الطوسي : ٢٨٢ / المجلس ١٠ / ح ٨٥.

(٤) أمالي الطوسي : ٢٨٣ / المجلس ١٠ / ح ٨٧.

(٥) أمالي الطوسي : ٢٩٥ / المجلس ١١ / ح ٢٦.

(٦) أمالي الطوسي : ٢٩٥ / المجلس ١١ / ح ٢٧.

٣٠٣

الباب الثامن والعشرون

في نص رسول الله على وجوب التمسّك بالثقلين

من طريق العامة وفيه تسعة وثلاثون حديثا

الأوّل : من مسند أحمد بن حنبل قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثني أبي قال : حدّثنا أسود ابن عامر قال : حدثنا إسرائيل بن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة قال : لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده فقلت له : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إني تارك فيكم الثقلين» قال : نعم (١).

الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال : حدّثنا ابن نمير قال : حدّثنا عبد الملك ابن [أبي] سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني [قد] تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» قال ابن نمير : قال بعض أصحابنا عن الأعمش قال : «انظروا كيف تخلّفوني فيهما» (٢).

الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال : حدّثنا أسود بن عامر قال : حدّثنا شريك عن الركين عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٣).

الرابع : مسلم بن الحجاج في صحيحه في الجزء الرابع من أجزاء ستة في آخر الكراس الثانية من أوّله قال : حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية عن زهير قال : حدّثنا إسماعيل ابن إبراهيم حدثني أبو حيّان حدثني يزيد بن حيان قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت معه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدّثنا يا زيد

__________________

(١) مسند أحمد : ٤ / ٣٧١.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٢٧ ـ ٥٩.

(٣) مسند أحمد : ٥ / ١٨٢ ـ ١٨١.

٣٠٤

ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : يا ابن أخي والله ، لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فما حدثتكم فأقبلوه وما لا [أتذكره] (١) فلا تكلفونيه ، ثم قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما خطيبا بما يدعى (خما) بين مكّة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : «أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فاجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه النور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال : وأهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي ، اذكركم الله في أهل بيتي». فقال حصين : ومن أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته؟ قال : لا ، ولكن أهل بيته من حرم عليه الصدقة بعده (٢).

الخامس : مسلم في صحيحه أيضا قال : حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدّثنا محمد بن فضيل وحدّثنا إسحاق بن إبراهيم حدّثنا جرير كلاهما عن أبي حيّان بهذا الإسناد نحو حديث إسماعيل وزاد في حديث جرير : «كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل» (٣).

السادس : مسلم في صحيحه قال : حدّثنا محمد بن بكار بن الريّان قال : حدّثنا حسان ـ يعني ابن إبراهيم بن سعيد وهو ابن مسروق ـ عن يزيد بن حيّان عن يزيد بن أرقم قال : دخلت عليه فقلت له: لقد صاحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلّيت خلفه ، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان غير أنّه قال : «ألا وإني تارك فيكم ثقلين : أحدهما كتاب الله هو حبل والله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة». وفيه : فقلنا : من أهل بيته نساؤه؟ قال : لا أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلقها فترجع إلى أهلها وقومها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (٤).

السابع : أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في تفسيره من الجزء الثاني في تفسير سورة آل عمران في قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (٥) قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن حبيب قال : وجدت في كتاب جدّي بخطه قال : [حدثنا أحمد بن أعجم القاضي المروزي] حدّثنا الفضل بن موسى الشيباني أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «أيها الناس إني تركت فيكم الثقلين : خليفتين إن

__________________

(١) زيادة اقتضاها السياق.

(٢) صحيح مسلم : ٧ : ١٢٣.

(٣) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٣ ط. دار الفكر.

(٤) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٣٠٥

أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ـ أو قال إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي ألا وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).

الثامن : أبو الحسن علي بن محمد الطيّب الخطيب الشافعي المعروف ب (ابن المغازلي) في كتاب (مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام) قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن منهل النحوي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن علي السقطي قال : حدّثنا أبو محمد عبد الله بن شوذب قال : حدّثنا محمد بن أبي العوام الرياحي قال : حدّثنا أبو عامر الغفاري عن عبد الملك بن عمرو قال : حدّثنا محمد بن طلحة عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إني اوشك أن ادعى واجيب وإني قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما» (٢).

التاسع : ابن المغازلي عن أبي طالب محمد بن أحمد بن عثمان الأزهري يرفعه ، وذكر الحديث الأول الذي عن زيد بن أرقم من طريق مسند أحمد بن حنبل (٣).

العاشر : ابن المغازلي عن أبي طالب محمد بن عثمان الأزهري يرفعه إلى زيد بن أرقم ، وهو الذي تقدم من طريق مسلم عن زيد بن أرقم (٤).

الحادي عشر : ابن المغازلي عن الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، وهو الحديث الذي تقدّم من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري (٥).

الثاني عشر : أبو الحسن رزين بن معاوية الأندلسي من الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثالث من أجزاء أربعة من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن ومن صحيح الترمذي عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني في عترتي» (٦).

قال سفيان : أهل بيته هم ورثة علمه لأنه لا يورث من الأنبياء إلّا العلم فهو كقول نوح عليه‌السلام : (رَبِ

__________________

(١) العمدة عن الثعلبي المخطوط : ٧١ ح.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ٢٣٥.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ١٥٦ / ح ٢٨١.

(٤) مناقب ابن المغازلي : ١٥٦ / ح ٢٨١.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ١٥٦ / ح ٢٨٢.

(٦) سنن الترمذي : ٥ / ٣٢٩ ح ٣٨٧٦.

٣٠٦

اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) (١) يريد ديني ، والعلماء من أهل بيته المقتدون به والعاملون بما جاء به لهم فضلان (٢).

الثالث عشر : أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي في الحديث الخامس من أفراد مسلم بن مسند ابن أبي أوفى عن يزيد بن حيّان قال : انطلقت أنا وحصين بن سمرة وعمر بن مسلم إلى زيد ابن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا [رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا] حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله فما حدثتكم فأقبلوه وما [نسيت] (٣) فلا تكلّفونيه ، ثم قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما فينا خطيبا بما يدعى (خما) بين مكّة والمدينة فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال : «أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فاجيب وأنا تارك فيكم ثقلين : [أولهما] كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به» فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي» فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : لا أيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها. [وقومها] ولكن أهل بيته [أصله وعصبته] من حرم الصدقة بعده. قال الحميدي : زاد في حديث جرير : «كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن اخطأه ضلّ» (٤).

وفي حديث سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيّان نحوه غير أنه قال : «ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله وهو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة وأهل بيتي» فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال : لا ايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (٥).

الرابع عشر : ابن المغازلي الشافعي في المناقب قال : أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيد الله بن العلاف البزّار اذنا قال : أخبرني عبد السلام بن عبد الملك بن حبيب البزار. قال : أخبرني عبد الله بن محمد بن عثمان. قال : حدثني محمد بن بكر بن عبد الرزاق ، وحدثني أبو حاتم مغيرة بن محمد

__________________

(١) نوح : ٢٨.

(٢) في العمدة : ٧٣ ح ٨٩.

(٣) زيادة اقتضاها السياق.

(٤) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٣ ـ ١٢٤ كتاب الفضائل ط. دار الفكر ، وما بين معقودتين منه.

(٥) المصدر السابق.

٣٠٧

المهلبي قال : حدثني مسلم بن إبراهيم حدثني نوح بن قيس الحدّانّي حدثني الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم قال : أقبل نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدّوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ثم نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم شديد الحرّ وإن منّا لمن يضع ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال : «الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله ، أما بعد أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف عمر من قبله وإنّ عيسى ابن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإنّي قد أسرعت في العشرين ألا وإنّي يوشك أن افارقكم وإنّي مسئول وأنتم مسئولون فهل بلغتكم فما أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد بذلك أنّك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين جزاك الله عنا خير ما جازا نبيّا عن امته فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وان الجنّة حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله قالوا : بلى قال : اشهد أنّي قد صدقتكم وصدقتموني ألا واني فرطكم وأنتم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض فاسألكم حين تلقوني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما قال فاعيل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين قال : بأبي أنت وامي يا نبي الله ما الثقلان؟ قال : الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تضلّوا ، والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم فإني قد سألت الله اللطيف الخبير فأعطاني أن يردا عليّ الحوض كهاتين ـ وأشار بالمسبحة ـ ولو شئت قلت : كهاتين ـ وأشار بالسبابة والوسطى ـ ناصرهما إليّ ناصر وخاذلهما إليّ خاذل ووليهما إليّ ولي وعدّوهما إليّ عدوّ ألا فإنها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبوّتها وتقتل من قام بالقسط منها ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها فقال : من كنت مولاه فهذا مولاه ومن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» قالها ثلاثا هذا آخر الخطبة (١).

الخامس عشر : السمعاني في كتاب فضائل الصحابة قال : عن طلحة بن مصرف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قدس‌سره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إني اوشك أن ادعى فاجيب وإني تارك فيكم الثقلين

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ٢٩ / ح ٢٣.

٣٠٨

كتاب الله وعترتي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).

السادس عشر : صاحب (العمدة) من طريق المخالفين بالإسناد عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (٢).

السابع عشر : صدر الأئمة عند المخالفين موفق بن أحمد في كتاب فضائل علي أمير المؤمنين في حديث مكاتبة معاوية عمرو بن العاص في استدعاء عمرو بن العاص إلى المعونة على أمير المؤمنين عليه‌السلام فأجابه عمرو بن العاص جواب المكاتبة : من عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد وصل كتابك فقرأته ثم فهمته فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف في وجه علي رضي الله عنه ، وهو أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيه ووراثه وقاضي دينه ومنجز وعده وزوج ابنته سيدة نساء الجنة وأبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة فلن يكون ، وأماما قلت : إنك خليفة عثمان ، فقد صدقت ولكن تبيّن اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره فزالت خلافتك ، وأما ما عظمتني به ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملّة ، وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيه إلى البغي والحسد لعثمان وسميت الصحابة فسقة وزعمت أنه أشدهم على قتله فهذا كذب وغواية.

ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبات على فراشه وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «هو مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلّا انّه لا نبي بعدي». وقد قال فيه يوم غدير خم : «ألا ومن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله». وهو الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر : «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» وهو الذي قال فيه يوم الطير : «أنت مني بأحب الخلق إليك فلما دخل عليه قال واليّ واليّ». وقد : قال فيه يوم بني النظير : «علي إمام البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره مخذول من خذله». وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «عليّ وليّكم من بعدي» وأكد القول عليك وعليّ وعلى جميع المسلمين وقال : «إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي» وقد قال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها». وقد علمت يا

__________________

(١) مسند أبي يعلى : ٢ / ٢٩٧ ح ١٠٢١ ، والمعجم الأوسط : ٣ / ٣٧٤.

(٢) العمدة لابن البطريق : ١٠٤.

٣٠٩

معاوية ما أنزل الله في كتابه فيه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشرك فيها أحد كقوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (١) (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢) (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (٣) وقد قال الله تعالى : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (٤) وقد قال تعالى لرسوله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٥) وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «أما ترضى أن يكون سلمك سلمي وحربك حربي وتكون أخي ووليّ في الدنيا والآخرة يا أبا الحسن من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أحبّك أدخله الله الجنّة ومن أبغضك أدخله الله النار» وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين والسلام (٦).

الثامن عشر : في كتاب (سير الصحابة) قال : أخبرني إبراهيم بن محمد قال : حدثني عيسى ابن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه قال كنت عند جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام فسمع الرعد فقال : «سبحان من سبّحت له الرعد ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه الحسين بن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني لأجد أن لا بقاء لنبي إلّا نصف عمر الذي مضيّ له في النبوة وإنّي إن ادعى فاجيب فما أنتم قائلون؟ فقال كل رجل منهم ما شاء الله أن يقول فقالوا : نشهد أنّك قد بلغت ونصحت فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله وأنّ الجنّة حق والنار حق والبعث حق؟ قالوا : نعم ، فقال وأومئ بيده إلى صدره وأنا معكم موافيّ ، لكم منذر وانتم واردون عليّ الحوض عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه عدد الكواكب اقداحا من الذهب والفضة (٧) فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فقال : كتاب الله الثقل الأكبر سبب طرفه بيد الله وسبب طرفه الآخر في يدكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تزلّوا ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض وسألت ربّي لهما ذلك فلا تتقدموهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. ثم أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي عليه‌السلام وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» (٨).

__________________

(١) الدهر : ٧.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) هود : ١٧.

(٤) الأحزاب : ٢٣.

(٥) الشورى : ٢٣.

(٦) المناقب : ١٩٩ / ح ٢٤٠.

(٧) في المصدر : قد حان ماؤه أشد بياضا من الفضة ، وفي كتاب ابن مخلد القرطبي : وفيه قد حان من ذهب وفضة.

(٨) المسترشد للطبري : ٤٦٧ ح ١٥٨ ، وكتاب ما روي في الحوض والكوثر للقرطبي بتفاوت : ٨٨ ، وينابيع ـ

٣١٠

التاسع عشر : كتاب سير الصحابة أخبرنا أبو حفص بن عمر الفرّاء قال زيد بن الحسن الانماطي: عن معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الفزاري قال : لما نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الجحفة صاروا عن حجة الوداع في أصحابه عند سمرات السطحاء متقاربات أن نزلوا تحتهن حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم أرسل لتلك السمرات فقمّ ما تحتهن من الشوك وسوّين عن رءوس الجبال حتى نودي بالصلاة فصلى تحتهن ، ثم قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أيها الناس قد نبأني اللطيف الخبير انّه لم يعمّر نبي إلّا دون عمر صاحبه ولا أراني إلّا موشكا أن ادعى فاجيب وأنا مسئول وأنتم مسئولون وألا فهل بلغتكم؟ فقال الناس : قد والله بلغت وجهدت وحرصت فجزاك الله عنّا خيرا ، قال : أفلستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأنّ البعث بعد الموت حق وأنّ الجنة والنار حقّ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك ، قال : اللهم اشهد ، ثم قال : أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا مولاه وهو آخذ بيد علي عليه‌السلام ثم قال : اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه قال فليسمع الشاهد الغائب والأبيض الأسود والكبير الصغير ، ثم قال : أيها الناس إنّكم واردون عليّ الحوض وعرضه مثل ما بين بصرى وصنعاء وفيه عدد النجوم قداحا من فضة وذهب ألا وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما حين تلقوني ، قالوا : وما الثقلين يا رسول الله؟

قال : الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدّلوا ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي ، قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يلقياني وسألت ربي لهما ذلك فأعطاني لا تسابقوهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فهم أعلم منكم» (١).

العشرون : أبو الحسن الفقيه أحمد بن محمد بن شاذان من طريق العامة في المناقب المائة عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعلي بن أبي طالب أفضل لكم من كتاب الله لأنه مترجم لكم عن كتاب الله» (٢).

الحادي والعشرون : ابن المغازلي الشافعي بإسناده إلى ابن أبي الدنيا من كتاب فضائل القرآن قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وقرابتي ، قال : آل عقيل

__________________

ـ المودة : ١ / ١١٨.

(١) المصدر السابق ، وينابيع المودة : ١ / ١٢١.

(٢) مائة منقبة : ١٦١ / المنقبة : ٨٦ ، بتفاوت.

٣١١

وآل علي وآل جعفر وآل العباس» (١).

الثاني والعشرون : ابن المغازلي أيضا بإسناده إلى علي بن أبي ربيعة قال : لقيت زيد بن أرقم وهو يريد أن يدخل على المختار فقلت : بلغني عنك شيء؟ قال : وما هو؟ قلت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، قال : اللهم نعم» (٢).

الثالث والعشرون : موفّق بن أحمد من أعيان علماء العامة في كتاب فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا خلف بن سالم عن يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش قال : حدّثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع نزل بغدير خم أمر بدوحات فقمن ثم قال : «كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ثم قال : إن الله عزوجل مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيد علي عليه‌السلام وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فقال : أنت سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا؟ فقال : ما كان في الدّوحات أحدا إلّا وقد رآه بعينه وسمعه باذنه (٣).

الرابع والعشرون : موفق بن أحمد هذا قال : ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان حدّثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن بابويه الاصبهاني بنيسابور عن حامد بن محمد الهروي عن خصيف عن مجاهد قال : قيل لابن عباس : ما تقول في علي كرّم الله وجهه؟ فقال : ذكرت والله أحد الثقلين سبق بالشهادتين وصلّى القبلتين وبايع البيعتين وهو أبو السبطين الحسن والحسين وردّت عليه الشمس مرتين بعد ما غابت عن القبلتين وجرد السيف تارتين وهو صاحب الكرتين ، فمثله في الامة مثل ذي القرنين ذاك مولاي علي بن أبي طالب (٤).

الخامس والعشرون : إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال : انبأني الإمام مفيد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن أبي الغنائم والإمام سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر

__________________

(١) الطرائف عنه : ١١٦ / ح ١٧٧ وليس هو في المناقب.

(٢) الطرائف عن ابن المغازلي وليس هو في المناقب المطبوع : ١١٦ ح ١٧٨.

(٣) المناقب : ١٥٤ / ح ١٨٢.

(٤) المناقب : ٣٢٩ / ح ٣٤٩ وقد حذف المصنف في أسانيد بعض الرجال.

٣١٢

الحليان فيما كتباه لي رحمة الله عليهما ، قال : أنبأنا الشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج بن ردة النيلي بروايته عن محمد بن الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد عن والده عن جدّه محمد عن أبيه عن جماعة منهم السيد أبو البركات علي بن الحسين الجوري العلوي وأبو بكر محمد ابن أحمد بن علي المعمري والفقيه أبو جعفر محمد بن إبراهيم القائني قال : أنبأنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه قدس‌سره قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا العباس بن الفضل المقري قال : نبأنا محمد بن علي بن منصور قال : نبأنا عمرو بن عون قال : نبأنا خالد عن الحسن بن عبيد الله عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).

السادس والعشرون : الحمويني هذا بهذا الإسناد قال : حدّثنا الحسن بن شعيب الجوهري أبو محمد قال : حدّثنا عيسى بن محمد العلوي قال : حدّثنا أبو عمرو أحمد بن أبي حازم الغفاري قال : حدّثنا عبد الله بن موسى عن شريك عن الدكين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزوجل وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (٢).

السابع والعشرون : الحمويني هذا بهذا الإسناد عن ابن بابويه قدّس الله روحه قال : نبأنا الحسن ابن عبد الله بن سعيد قال : أنبأنا القشيري قال : نبأنا المغيرة بن محمد بن المهلب قال : حدثني أبي قال : حدثني عبد الله بن داود عن فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض طرف بيد الله وعترتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال: أهل بيته. حدّثنا علي بن الفضل البغدادي قال : سمعت عمر صاحب أبي العباس غلام ثعلب يقول : سمعت أبا العباس ثعلب سأل عن معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين» لم سميا بثقلين قال : لأن التمسك بهما ثقيل» (٣).

الثامن والعشرون : الحمويني هذا بهذا الإسناد عن ابن بابويه قدس‌سره قال : حدّثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطّار النيسابوري قال : حدّثنا علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان قال : حدّثنا إسحاق ابن إبراهيم قال : حدّثنا عيسى بن يونس قال : حدّثنا زكريا بن أبي زائدة عن

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ١٤٢ / ب ٣٣ / ح ٤٣٦ ـ ٤٤١.

(٢) فرائد السمطين : ٢ / ١٤٤ / ب ٣٣ / ح ٤٣٧.

(٣) فرائد السمطين : ٢ / ١٤٤ / ب ٣٣ / ح ٤٣٨.

٣١٣

عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).

التاسع والعشرون : الحمويني هذا بالإسناد عن ابن بابويه عليه الرحمة قال : حدّثنا محمد بن عمر قال : حدثني الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي التميمي قال : حدثني أبي قال : حدثني سيدي علي بن موسى بن جعفر قال : حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعليهم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (٢).

الثلاثون : الحمويني هذا قال أخبرني الإمامان ابن عمّي الشيخ الزاهد نظام الدين محمد بن علي ابن المؤيد الحمويني والقاضي ظهير الدين محمد بن محمد بن علي البناكتي ثم الأسفرائيني إجازة قال : أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين عبد السلام بمدينة دها قال : أنبأنا أبي شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن شيخ الإسلام نجم الدين أبي الحسن بن محمد بن حمويه قال : أنبأنا الإمام الأجل قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري قال : أنبأنا عبد الجبار بن محمد الخواري قال : أنبأنا الإمام الحافظ شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال : أنبأنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة قال : نبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال : نبأنا إبراهيم بن إسحاق الزهري قال : نبأنا جعفر ـ يعني بن عون ـ ويعلى عن أبي حيان التيمي عن يزيد بن حيان قال : سمعت زيد بن أرقم قال : قام فينا ذات يوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أمّا بعد أيها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فاجيبه واني تارك فيكم الثقلين اوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور فاستمسكوا بكتاب الله وخذوا به ، فحثّ على كتاب الله عزوجل ورغب فيه ثم قال : أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي». ثلاث مرات. فقال له حصين : يا زيد من أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : بلى انّ نسائه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرّم الصدقة بعده. قال : ومن هم؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل فقال كل هؤلاء يحرم الصدقة قال : نعم (٣).

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ١٤٦ / ب ٣٣ / ح ٤٣٩.

(٢) فرائد السمطين : ٢ / ١٤٧ / ب ٣٣ / ح ٤٤٠.

(٣) فرائد السمطين : ٢ / ٢٣٣ / ب ٤٦ / ح ٥١٣.

٣١٤

الحادي والثلاثون : الحمويني هذا قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ نبأنا محمد بن يحيى بن مندة نبأنا حميد ابن مسعود نبأنا حيّان الكرماني عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان قال : دخلنا على زيد بن أرقم فقال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «ألا إني تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله عزوجل من تبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ثم أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي». ثلاث مرات

قلنا : من أهل بيته نساؤه؟ قال : لا أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل» (١).

الثاني والثلاثون : إبراهيم بن محمد الحمويني هذا قال : أخبرتنا الشيخة الصالحة زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي قطب وقته سماعا عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة قيل لها أخبرك الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن السقاء قراءة عليه وأنت تسمعين في خامس رجب سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية قالت : نعم ، قال : أنبأنا أبو القاسم سعيد ابن أحمد بن البناء وأبو محمد بن المبارك بن أحمد بن بركة الكندي في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة قالا : أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن الزّينبي قال : أنبأنا أبو طاهر محمد ابن عبد الرّحمن بن العباس المخلص قال : أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي أنبأنا بشر بن الوليد الكندي أنبأنا محمد بن طلحة عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إني أوشك أن ادعى فاجيب وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزوجل جبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانّ اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا ما تخلفوني فيهما» (٢).

الثالث والثلاثون : الحمويني هذا من أعيان علماء العامة قال : أخبرنا العدل الصالح رشيد الدين محمد بن أبي القاسم بن عمر المقري البغدادي بقراءتي عليه بها قال : أنبأنا الإمام السيد أبو محمد الحسن بن علي بن المرتضى الحسني إجازة أنبأنا الحافظ أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي إجازة ، وأخبرني العدل أبو طالب علي بن أنجب اذنا قال : أنبأنا عبد الوهاب بن علي بن علي إجازة وأنبأنا شيخ الإسلام جمال السنّة معين الدين أبو عبد الله محمد بن حمويه الحمويني إجازة قال : أنبأنا القاضي أبو محمد عبد الملك بن كعب قال : أنبأنا أبو العباس عطاء بن أحمد بن إدريس وأبو

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٥٠ / ب ٤٨ / ح ٥٢٠.

(٢) فرائد السمطين : ٢ / ٢٧٢ / ب ٥٤ / ح ٥٣٨.

٣١٥

زكريا يحيى بن زكريا بن معاذ الترمذي قالا : أنبأنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي قال : أنبأنا الشيخ نصر قال : أنبأنا يزيد بن الحسن قال : أنبأنا معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن اسيد الغفاري قال : لما صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع خطب قال : «أيها الناس انّه قد نبأني اللطيف الخبير انّه لن يعمر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل واني أظن أني موشك أن ادعى فاجيب وأني فرطكم على الحوض فإني مسائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدّلوا وعترتي أهل بيتي فإني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١).

الرابع والثلاثون : عزّ الدّين ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال : روى الناقدي قال : سئل الحسن البصري عن علي عليه‌السلام وكان يظنّ به الانحراف عنه ولم يكن كما ظنّ فقال : ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع؟ ائتمانه على براءة وما قال له الرسول في غزاة تبوك فلو كان غير النبوّة شيء يفوته لاستثناه ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الثقلان كتاب الله وعترتي وانه لم يؤمّر عليه أمير قط وقد أمّرت الامراء على غيره» (٢).

الخامس والثلاثون : ابن أبي الحديد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي مخلف فيكم الثقلين» وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اللهم أدر الحقّ معه حيث دار». وأمثال ذلك من النصوص الدالة على تعظيمه وتبجيله ومنزلته في الإسلام (٣).

السادس والثلاثون : ابن أبي الحديد قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض لا يفترقا حتى يردا عليّ الحوض». فعبّر أمير المؤمنين عليه‌السلام من أهل البيت بلفظ السّبب لما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حبلان والسبب في اللغة الحبل عنى بقوله امروا بمودته قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٤) (٥).

السابع والثلاثون : ابن أبي الحديد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة له عليه‌السلام : «خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فينا راية الحق من تقدمها مرق ومن تخلّف عنها زهق ومن لزمها لحق دليلها مكيث الكلام بطيء القيام سريع إذا قام ألا إنّ مثل آل محمد كمثل نجوم السماء إذا خوى نجم طلع نجم». قال

__________________

(١) فرائد السمطين : ٢ / ٢٧٢ / ب ٥٥ / ح ٥٣٩.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٩٥.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٢٧٠.

(٤) الشورى : ٢٣.

(٥) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٣٣.

٣١٦

ابن أبي الحديد في الشرح : أراد بذلك راية الحقّ الثقلان المخلّفان بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما الكتاب والعترة قال : يقول عليه‌السلام : «من خالفها متقدّما لها أو متأخرا عنها فقد خرج عن الحق ومن لازمها فقد ما أصاب الحق» ثم قال : «دليلها مكيث الكلام» يعني نفسه عليه‌السلام ، لأن المشار إليه من العترة ، وأعلم الناس بالكتاب ، ومكيث الكلام : بطيئه ورجل مكيث أي رزين ، والمكث : اللبث والانتظار.

فأما قوله عليه‌السلام: «مكيث الكلام» فانّ قلّة الكلام من صفات المدح وكثرته من صفات الذّم(١).

الثامن والثلاثون : ابن أبي الحديد قال : ومن كتاب كتبه عليه‌السلام إلى الحارث الهمداني قال : «وتمسّك بحبل القرآن انتصحه وأحلّ حلاله وحرّم حرامه» قال ابن أبي الحديد في الشرح : جاء في الخبر المرفوع لما ذكر الثقلين فقال : «أما أحدهما كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض طرف بيد الله وطرف بأيديكم» (٢).

التاسع والثلاثون : ابن أبي الحديد قال : في كلام لأمير المؤمنين عليه‌السلام : «وآخر قد تسمى عالما ليس به فاقتبس جهائل من جهال وأضاليل من ضلّال ونصب للناس أشراكا من حبائل غرور وقول زور قد حمل الكتاب على آرائه ، وعطف الحق على أهوائه ، يؤمن الناس من العظائم ، ويهوّن كبير الجرائم ، يقول أقف عند الشبهات وفيها وقع ، ويقول اعتزل البدع وبينها اضطجع ، فالصورة صورة إنسان والقلب قلب حيوان ، لا يعرف باب الهدى فيتبعه ولا باب العمى فيصدّ عنه وذلك ميّت الأحياء.

فأين تذهبون وأنّى تؤفكون؟! والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة فأين يتاه بكم وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم ، وهم أزمّة الحق وأعلام الدين وألسنة الصدق فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردوهم ورود الهيم العطاش ، أيها الناس خذوها عن خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه يموت من مات منّا وليس بميت ويبلى من بلى منّا وليس ببال ، فلا تقولوا ما لا تعرفون فإن أكثر الحق فيما تنكرون ، وأعذروا من لا حجة لكم عليه وهو أنا ألم اعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر قد ركزت فيكم رآية الإيمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام وألبستكم العافية من عدلي وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر ولا يتغلغل إليه الفكر».

قال ابن أبي الحديد في الشرح الاعلام المعجزات هاهنا : جمع علم ، وأصلها الجبل أو الراية والمنار تنصب في الفلاة ليهتدى بها وقوله : «فأين يتاه بكم» أي أين يذهب بكم في التّيه ويقال :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٧ / ٨٥.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٨ / ٤٣.

٣١٧

أرض تيها يتحير سالكها ، وتعمهون : تتحيرون وتضلّون ، وعترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهله الأدنون ونسله ، وليس بصحيح قول من قال : إنهم رهطه وان بعدوا ، وإنما قال أبو بكر رضى الله عنه يوم السقيفة أو بعده : نحن عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبيضته التي تفقأت عنه ، على طريق المجاز لأنهم بالنسبة إلى الأمصار عترة له لا في الحقيقة.

ألا ترى أن العدناني يفاخر القحطاني فيقول له : أنا ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس أنه يعني أنه ابن عمه على الحقيقة ، لكنه بالإضافة إلى القحطاني كأنه ابن عمه وإنما استعجل ذلك ونطق به مجازا. وإن قدر مقدر أنه على طريق حذف المضافات أي ابن ابن عمّ أب الأب إلى عدد كثير في البنين والآباء فلذلك أراد أبو بكر إنهم عترة أجداده على طريق حذف المضاف ، وقد بيّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عترته من هي لما قال : «اني تارك فيكم الثقلين فقال : عترتي أهل بيتي» وبيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم كساء ، وقال حين نزل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ)«اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس».

قال : فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟ قلت : نفسه وولداه والأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له ونسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلع الشمس المشرقة وقد نبّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك بقوله : «وأبوكما خير منكما». وقوله : فهم أزمّة الحق جمع زمام كأنه جعل الحق معهم حيثما داروا ، وذاهبا معهم حيثما ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها ، وقد نبّه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله على صدق هذه القضية بقوله : «وأدر الحق معه حيث دار» قوله : وألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (١) كما قال : لا يصدر عنهم حكم ولا قول إلّا وهو موافق للحق والصواب جعلهم كأنهم ألسنة صدق لا يصدر عنها قول كاذب اصلا بل هي كالمطبوعة على الصدق وقوله : «فانزلوهم منازل القرآن» تحته سرّ عظيم ، وذاك أنه أمر المكلّفين بأن يجروا العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن قال : فإن قلت هذا القول منه عليه‌السلام يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك؟

قال : قلت نص أبو محمد بن متويه في كتاب الكفاية على أن عليّا عليه‌السلام معصوم ، وإن لم يكن واجب العصمة ولا العصمة شرط في الإمامة ولكن أدلة النصوص قد دلّت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه وان ذلك أمر اختص هو عليه‌السلام به دون غيره من الصحابة ، والفرق ظاهر بين قولنا :

__________________

(١) الشعراء : ٨٤.

٣١٨

زيد معصوم وبين قولنا : زيد واجب العصمة لأنه إمام ومن شرط الإمام أن يكون معصوما فالاعتبار الأول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الإمامية. ثم قال عليه‌السلام : «وردوهم ورود الهيم (١) العطاش» أي : كونوا ذوي حرص وانكماش على أخذ العلم والدين عنهم كحرص الهيم الظماء على ورود الماء.

قال : فإن قلت : فهل هذا الكلام عنه عليه‌السلام أم قاله مرفوعا؟ قال؟ قلت : بل ذكره مرفوعا ، ألا ترى قال : «خذوها عن خاتم النبيين» ثم نعود إلى التفسير فنقول : إنه عليه‌السلام لما قال لهم ذلك علم أنه قال قولا عجيبا وذكر أمرا غريبا ، وعلم أنهم ينكرون ذلك ويعجبون فقال لهم : «فلا تقولوا ما لا تعرفون» أي لا تكذّبوا أخباري ولا تكذبوا أخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لكم بهذا فتقولون ما لا تعلمون صحته. ثم قال : «فإن أكثر الحق» في الامور العجيبة التي تنكرونها كإحياء الموتى في القيامة وكالصراط والميزان والنار والجنة وسائر أحوال الآخرة.

هذا إن كان خاطب من لا يعتقد الإسلام فإن كان الخطاب لمن يعتقد الإسلام فإنه يعني بذلك أن أكثرهم كانوا مرجئة ومشبهة ومجبرة ، ومن يعتقد أفضلية غيره عليه ، ومن يعتقد أنه شرك في دم عثمان ، ومن يعتقد أن معاوية صاحب حجة في حربه أو شبهة يمكن أن يتعلق بها متعلق ومن يعتقد أنه أخطأ في التحكيم إلى غير ذلك من ضروب الخطأ التي كان اكثرهم عليها ، ثم قال : «واعذروا من لا حجة لكم عليه وهو أنا» يقول قد عدلت فيكم واحسنت السيرة فاقمتكم على المحجة البيضاء حتى لم يبق لأحد منكم حجة يحتج بها عليّ ، ثم شرح ذلك فقال : «عملت فيكم بالثقل الأكبر» يعني الكتاب «وخلفت فيكم الثقل الأصغر» يعني ولديه عليهما‌السلام لأنهما بقية الثقل الأصغر فجاز أن يطلق عليهما بعد ذهاب من ذهب منه إنهما الثقل الأصغر وإنّما سمّى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الكتاب والعترة الثقلين لأن الثقل في اللغة متاع المسافر وحشمه فكانه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما شارف الانتقال إلى جوار ربّه جعل نفسه كالمسافر الذي ينتقل من منزل إلى منزل وجعل الكتاب والعترة كمتاعه وحشمه لأنهما أخصّ الأشياء به.

قوله عليه‌السلام : «وركّزت فيكم راية الإيمان» أي غرزتها وأثبتها ، وهذا من باب الاستعارة ، وكذلك قوله : «ووقفتكم على حدود الحلال والحرام» من باب الاستعارة أيضا مأخوذة من حدود الدار وهي الجهات الفاصلة بينها وبين غيرها ، قوله : «والبستكم العافية من عدلي» استعارة فصيحة وأفصح منها قوله : «وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي» أي جعلته لكم فراشا ، وفرش هاهنا متعدّ إلى مفعولين ، يقال : فرشته كذا أي أوسعته إياه ثم نهاهم أن يستعملوا الرأي فيما ذكره لهم من

__________________

(١) الهيم : الإبل.

٣١٩

خصائص العترة وعجائب ما منحها الله تعالى : فقال : «إنّ أمرنا أمر صعب لا تهتدي إليه العقول ولا تدرك الأبصار قعره ولا تتغلغل الأفكار إليه» والتغلغل الدخول من تغلغل الماء بين الشجر إذا تخلّلها ودخل بين اصولها (١).

وقال : قال عليه‌السلام في آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : «نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقا (٢).

فهم كرائم الإيمان وهم كنوز الرّحمن ، إن نطقوا صدقوا وان صمتوا لم يسبقوا ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة» (٣).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٣٧٢.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٦٤.

(٣) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٧٥ ، بتفاوت.

٣٢٠