أدوار علم الفقه وأطواره

الشيخ علي كاشف الغطاء

أدوار علم الفقه وأطواره

المؤلف:

الشيخ علي كاشف الغطاء


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦

والثاني من المذاهب : مذهب الحنفية وهم الذين يعملون بمذهب الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه المولود سنة ٨٠ ه‍ بالكوفة تفقه فيها وتوفي في بغداد سنة ١٥٠ ه‍ وقد روى عنه تلاميذه في الحديث مسانيد عديدة بلغت على ما يحكى خمسة عشر مسنداً منها مسند القاضي أبي يوسف يعقوب المتوفي سنة ١٨٢ ه‍ ومسند محمد بن الحسن الشيباني المتوفي سنة ١٨٩ ه‍ وغيرها جمعها قاضي القضاة محمد الخوارزمي المتوفي سنة ٦٥٥ ه‍ في كتاب واحد أسماه (جامع المسانيد).

لكن ابن خلدون يذكر في مقدمته أن الأحاديث المروية عن أبي حنيفة تبلغ سبعة عشر حديثاً أو نحوها.

ولأبي حنيفة كتاب أسماه بالفقه الأكبر وهو رسالة صغيرة في العقائد شرحه ملا علي القاري طبع مع الشرح في مصر.

١٤١

وكان اكثر تلقيه لعلم الفقه من شيخه حماد بن سليمان المتوفي سنة ١٢٠ ه‍ تلميذ إبراهيم بن يزيد النخعي المتوفي سنة ٩٦ ه‍ تلميذ علقمة بن قيس ، وعلقمة تلميذ الإمام علي عليه‌السلام. وقد قضى اثنتين وخمسين سنة من عمره في العصر الأموي والباقي في العصر العباسي ولما أسس المنصور بغداد كان أبو حنيفة من العلماء الذين استقدمهم إليها.

طريقة أبي حنيفة في استنباط الأحكام

وكانت طريقته في الاستنباط للأحكام الشرعية على ما نقل عنه من الأخذ بكتاب الله فإذا لم يجد فيه أخذ بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المتواترة أو ما اتفق علماء الأمصار على العمل بها أو ما رواها صحابي أمام جمع منهم ولم يخالف فيها أحد فإذا لم يجد ذلك أخذ باجماع الصحابة فإذا لم يجد ذلك اجتهد وعمل بالقياس فإذا قبح القياس عمل بالاستحسان. وكان تشدده في عدم العمل بالسنة سبباً في كثرة أخذه بالقياس والاستحسان والاجتهاد والرأي.

وقد تتلمذ على الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وعلى أبيه الإمام محمد الباقر عليه‌السلام وعلى زيد بن علي أخي الباقر وقد أكثر تلميذاه أبو يوسف ومحمد الشيباني من الرواية عن الإمام الصادق عليه‌السلام في مسنديهما لأبي حنيفة.

١٤٢

الوحشة بين أبي حنيفة وبين فقهاء الكوفة

وصارت وحشة ونفرة بين أبي حنيفة وبين عظماء فقهاء أهل الكوفة كسفيان بن سعيد الثوري المولود سنة ٩٧ ه‍ المتوفي سنة ١٦١ ه‍ لأن أبا حنيفة من أهل الرأي وسفيان من أئمة الحديث. وكشريك بن عبد الله النخعي قاضي الكوفة من قبل المهدي العباسي المولود سنة ٩٥ ه‍ والمتوفي سنة ١٧٧ ه‍ ويعزى تنافرهما لسببية تنافر الأقران. وكمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى المولود سنة ٧٤ ه‍ والمتوفي سنة ١٤٨ ه‍ وكان من أصحاب الرأي وصار قاضياً عند بني أمية وبني العباس وهو الذي يقول الثوري فيه وفي ابن شبرمه (فقهاؤنا ابن أبي ليلى وابن شبرمه) ويعزى تنافرهما إلى سببية المخالفة بينهما في كثير من المسائل فطالما ابن أبي ليلى يقضي. ويفتي أبو حنيفة بخلافه.

أقسام مسائل الفقه عند الحنفية

ومسائل الفقه عند الحنفية ثلاثة أقسام :

الأول الأصول : وهي المسائل التي رواها الثقات عن أبي حنيفة أو أحد تلاميذه كأبي يوسف وزفر ومحمد بن حسن الشيباني وغيرهم ممن سمع من نفس أبي حنيفة وتسمى

١٤٣

بظاهر الرواية وقد جمعها محمد بن الحسن المذكور في كتب ستة تعرف بكتب ظاهر الرواية أو مسائل الأصول وسيجيء إن شاء الله ذكرها. وعن هذه الكتب أخذت جمعية مجلة الأحكام العدلية اكثر مسائلها المدونة فيها.

الثاني النوادر : وهي المسائل التي رواها الموثوق بهم عن أبي حنيفة أو عن أصحابه ولكن لم تشتهر روايتها وتسمى بكتب النوادر أو مسائل النوادر ككتاب أمالي محمد في الفقه.

الثالث الفتوى : وهي المسائل التي أفتى بها مجتهدو الحنفية المتأخرون فيما لم يرو فيه رواية عن أبي حنيفة ولا عن أصحابه ولكن كانت الفتوى تخريجاً على مذهبه ويقال أن أول كتاب عرف في هذا القسم اعني فتاوى الحنفية هو كتاب النوازل لأبي ليث السمرقندي المتوفى سنة ٣٧٣ ه‍.

تلاميذ أبي حنيفة الأربعة

وقد انتشر مذهب أبي حنيفة بواسطة تلاميذه الأربعة (أحدهم) يعقوب المعروف بأبي يوسف المتوفي سنة ١٨٢ ه‍ فانه لما ولى هارون الرشيد القضاء لأبي يوسف سنة ١٧٠ ه‍ لم يقلد القضاء هارون إلا لمن أشار إليه أبو يوسف واعتنى به قال ابن حزم (مذهبان انتشرا في بدء امرهما بالرئاسة والسلطان

١٤٤

الحنفي بالمشرق والمالكي بالأندلس) والمعروف أن أبا يوسف أول من صنف الكتب على مذهب أبي حنيفة ولم يصل إلينا حسب اطلاعنا من كتبه إلا رسالته في الخراج كتبها للرشيد وقد طبعت بمصر وكتاب اختلاف أبي حنيفة وأبي ليلى وقد نقله الشافعي هو وكتاب سير الاوزاعي في كتاب ألام وقد ناقش الشافعي الكثير من أقوال أبي يوسف في كتابه ألام المذكور.

و (ثانيهم) تلميذه زفر بن الهذيل الكوفي.

و (ثالثهم) تلميذه محمد الشيباني وإليه يرجع الفضل في تدوين المذهب الحنفي وله كتب ستة تسمى بكتب ظاهر الرواية. المبسوط. والجامع الكبير. والجامع الصغير. والسير الكبير. والسير الصغير ، والزيادات قد جمعت في هذه الستة بعد حذف المكرر منها في كتاب الكافي لأبي الفضل المعروف بالحاكم المتوفي قتلا سنة ٣٣٤ ه‍ ثمّ شرح الكافي السرخسي في كتابه المبسوط. وكان بين محمد الشيباني وبين أبي يوسف وحشة.

و (رابعهم) الحسن اللؤلؤي الكوفي وكان هؤلاء الأربعة نسبتهم لأبي حنيفة نسبة التلاميذ لأستاذهم لا نسبة المقلدين إلى مرجعهم لاستقلالهم بما به يفتون وقد يخالفونه في الفتوى.

١٤٥

وعن طبقات الحنفية أن أول من كَتَب ، كُتب أبي حنيفة أسد بن عمرو. وعنها أيضاً انه قيل : أن نوح بن أبي مريم عرف بالجامع لأنه أول من جمع فقه أبي حنيفة وينسب إلى أبي حنيفة انه قال (رأي هو احسن ما قدرت عليه فمن جاءنا بأحسن منه فهو أولى بالصواب. والله لا ادري أن قولي هو الحق فقد يكون الباطل الذي لا أشك فيه) ويرى أبو حنيفة وأصحابه رأي المرجئة من أن المعاصي مهما كان نوعها لا تمنع من الإيمان كما لا تنفع من الكفر الطاعات. والمعروف أن الغالب على الحنفية أنهم يتبعون في عقائدهم مذهب أبي منصور الماتريدي وليس بين مذهب الماتريدي وبين مذهب الاشعري خلاف إلا في بضع عشرة مسألة والباقي من الحنفية أشعريون على قلة جداً.

ويغلب وجود المذهب الحنفي بين أهل السنة فعلا في العراق والشام والأتراك العثمانيين والألبان وسكان بلاد البلقان والأفغان وبلاد القوقاز والهند.

الطعن في مذهب أبي حنيفة

وقد طعن الظاهرية بالمذهب الحنفي بأنه فلسفة فارسية. ورمى ابن حزم أبا حنيفة واتباعه بالكلام القارص فوصف

١٤٦

أقوال أبي حنيفة واتباعه بالكذب وبالكلام الأحمق البارد. وسدد سهامه الخطيب البغدادي في تأريخه بعبارات خشنة عليه وعلى اتباعه. وقالت مجلة الأحكام العدلية عن المذهب الحنفي بخصوصه في تقريرها الذي رفعته للصدر الأعظم عالي باشا سنة ١٢٨٦ ه‍ بأن مذهب الحنفية قام فيه مجتهدون كثيرون متفاوتون في الطبقة. ووقع فيه اختلاف كثير ومع ذلك فلم يحصل فيه تنقيح كما حصل في فقه الشافعية.

١٤٧
١٤٨

المالكية

١٤٩
١٥٠

الثالث من المذاهب : مذهب المالكية وهم اتباع مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي ويحكى عن الواقدي انه من الموالي ووالده المذكور غير أنس الصحابي المعروف ولد بالمدينة سنة ٩٣ ه‍ وأقام بها ولم يرحل عنها ومات بها سنة ١٧٩ ه‍ أي بعد وفاة أبي حنيفة بتسع وعشرين سنة وقبل وفاة أبي يوسف بثلاث سنين.

وشيخه في الفقه الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وربيعة الرأي التابعي وسمع الحديث من نافع مولى ابن عمرو الزهري وكان يجلس في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتدريس الفقه ومن تلاميذه الشافعي وعبد الله بن وهب ومحمد بن حسن الشيباني وأسد بن الفرات وكان لتلاميذه اجتهادات تخالف فتاويه إلا أنها لا تخرج عن دائرة قواعده. وكان مالك يعتمد في

١٥١

فتاويه على الكتاب ثمّ السنة ثمّ عمل أهل المدينة. وقد يرد الحديث إذا لم يعمل به أهل المدينة ، ثمّ بقول الصحابي إذا لم يستند للرأي ثمّ بالقياس. ونسب إليه العمل بالمصالح المرسلة والاستحسان والاستصحاب والذرائع والعرف والعادة. وانتشر مذهبه في شمال افريقية والاندلس ولمالك كتاب اسمه الموطأ ومعناه (الممهد) ويحكى عن ابن فهر انه لم يسبق أحد مالكاً بهذا الاسم وكان من ألف في زمانه يسمي كتابه بالجامع أو بالمصنف أو بالمؤلف ورواه عنه الكثيرون ممن أخذوه عنه وكان في رواياتهم اختلاف من حيث الزيادة والنقصان إلا أنه لم يصل إلينا حسب اطلاعنا منها إلا اثنان رواية يحيى الليثي التي شرحها الزرقاني والسيوطي ورواية محمد بن حسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة وحكي ان ما في الموطأ من الأحاديث سبعمائة حديث ويقال أن التي صحت عنده منها نحو خمسمائة حديث وعادته في هذا الكتاب أن يذكر الأحاديث ويضم إليها جملة من فتاوى بعض الصحابة والتابعين ويضيف إليها أحياناً ما يؤدي إليه اجتهاده وينقل عن مالك انه قال (إنما أنا بشر اخطئ وأصيب فانظروا في رأيي كل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافقهما فاتركوه).

واشهر الكتب في المذهب المالكي هي المدونة لتلميذه أسد بن فرات والتي أخذها سحنون ورتبها ونشرها باسم المدونة الكبرى.

١٥٢

المطارحة التي دارت بين مالك وبين الليث

وقد دارت بين مالك وبين الليث بن سعد فقيه مصر مطارحات نقل بعضها ابن القيم فكان مالك يرى أن عمل أهل المدينة حجة يؤخذ به وان الحديث يرد إذا لم يعمل به أهل المدينة. وقد رد عليه الليث بأن المدينة وإن كانت منزل المهاجرين والأنصار إلا أنهم قد خرجوا عنها للجهاد في سبيل الله فجندوا الأجناد منها وكان في كل جند منهم طائفة يعملون بالكتاب والسنة ويجتهدون برأيهم.

سبب انتشار مذهب مالك

وسبب انتشار مذهب مالك في الأندلس هو أن يحيى بن يحيى بن كثير الأندلسي قد صار مالكياً بعد أن كان أوزاعياً وقد رجعت الفتوى إليه وعظم أمره فكان المنتصر لم يقلد أحداً منصب القضاء إلا باشارته. وسبب انتشار مذهب مالك في افريقية هو ان سحنون بن سعيد لما ولي القضاء في افريقية نشر مذهب مالك ثمّ المعز بن باديس فانه حمل جميع أهل افريقية على التمسك بمذهب مالك وترك ما عداه من المذاهب.

ونشر مذهبه في مصر عبد الرحيم بن خالد وعبد الرحمن

١٥٣

بن القاسم إلى أن قدم الشافعي إلى مصر سنة ١٩٨ ه‍ فتبعه جماعة من أعيانها فقوى مذهب الشافعي إلى ان قدم القائد جوهر من افريقية سنة ٣٥٨ ه‍ وبنى مدينة القاهرة وكان شيعياً فانتشر مذهب التشيع في مصر ولم يبق بمصر مذهب سواه إلى أن جاء صلاح الدين بن أيوب سنة ٥٦٤ ه‍ وأزال القضاء الشيعي فاختفى المذهب الشيعي وظهر المذهب المالكي. والشافعي وكان صلاح الدين المذكور على عقيدة الأشعريين وأوقف عليهم في مصر مدرسته الناصرية.

والمعروف أن المالكية يتبعون مذهب الأشعري في عقائدهم كما أنهم يسمون بأصحاب الحديث. ويوجد المذهب المالكي فعلا بنحو الغلبة في المغرب الأقصى والجزائر وتونس وطرابلس وفي السودان والصعيد والكويت.

١٥٤

الشافعية

١٥٥
١٥٦

والرابع من المذاهب : مذهب الشافعية وهم اتباع أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع وقد أنهى بعضهم نسبه لعبد المطلب بن عبد مناف جد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيل أن جده شافع كان مولى لأبي لهب بن عبد المطلب ولد بغزة سنة ١٥٠ ه‍ وتوفي في مصر سنة ٢٠٤ ه‍ وبعد سنتين من ميلاده حملته أمه إلى موطن آبائه بمكة وتلمذ على يد شيخ الحرم ومفتيه مسلم بن خالد الزنجي وسفيان بن عيينة ورحل إلى المدينة وتلمذ على مالك صاحب الموطأ ودرس عليه الموطأ وعلى إبراهيم بن محمد بن يحيى المدني تلميذ الإمام الصادق عليه‌السلام وأكثر الشافعي من الرواية عنه. ثمّ ذهب لليمن وقد بلغ سن الثلاثين للقيام بعمل يساعده على دهره واتهم هناك بالتشيع فأمر هارون الرشيد بحمله إليه سنة ١٤٨ ه‍ وجيء به للرشيد وهو بمدينة الرقة وبعد ذلك أمر باطلاقه واتصل بمحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة ثمّ رجع لمكة

١٥٧

المكرمة ثمّ عاد للعراق مرة ثانية سنة ١٩٥ ه‍ زمان خلافة عبد الله الأمين ثمّ عاد للحجاز ، وفي سنة ١٩٨ ه‍ قدم العراق مرة ثالثة ومنه سار إلى مصر ونزل بالفسطاط ولم يزل بها حتى مات سنة ٢٠٤ ه‍. وفي مقدمة طبقات الشافعية انه لما قتل الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام في بغداد خرج الشافعي من العراق إلى مصر.

طريقة الشافعي في استنباط الأحكام الشرعية

وطريقته في الاستنباط أن يأخذ بظواهر القرآن إلا إذا قام الدليل على عدم إرادة ظاهرها وبعده بالسنة وكان يعمل بخبر الواحد الثقة الضابط ولو لم يكن مشهوراً خلافاً للحنفية ولا موافقاً لعمل أهل المدينة خلافاً لمالك ثمّ بعد ذلك يعمل بالإجماع وعدم الخلاف ثمّ بعد ذلك يعمل بالقياس إذا كانت علته منضبطة ، ورد اشد الرد على عمل الحنفية بالاستحسان وألف فيه كتاباً سماه أبطال الاستحسان ورد عمل المالكية بعمل أهل المدينة وابطل العمل بالمصالح المرسلة وأنكر الأخذ بقول الصحابي لأنه يحتمل أن يكون عن اجتهاد اخطأ فيه ورفض الحديث المرسل إلا مراسيل ابن المسيب لأنه يرى أن القوم متفقون على صحتها.

اشهر تلاميذ الشافعي

ومن اشهر تلاميذه وأصحابه أبو ثور إبراهيم فقد أخذ

١٥٨

من الشافعي وصار له مذهب خاص واتباع لكنه لم يقدر له البقاء. ومنهم احمد بن حنبل إمام الحنبلية. والحسن الزعفراني الذي يروي عنه البخاري وغيره من أئمة الحديث إلا مسلماً. والحسين الكرابيسي الذي تجنب الناس رواية الحديث عنه. واحمد بن يحيى البغدادي المتكلم الذي لازم الشافعي في بغداد ثمّ صار من أصحاب داود وتبعه في رأيه. ويوسف بن يحيى المصري الذي مات مسجوناً ببغداد في فتنة خلق القرآن سنة ٢٣١ ه‍. وغيرهم. ومن أهم كتبه التي وصلت إلينا هو كتاب ألام في الفقه الذي أملاه على الربيع المرادي وطريقته فيه أن يذكر المسألة ودليلها ويرد على خصمه فيها والجزء السابع منه اشتمل على مواضيع مختلفة ورسائل متعددة.

نسبة كتاب الشافعي لغيره

ويحكي عن الغزالي في إحياء العلوم. وعن أبي طالب المكي في كتاب قوت القلوب ان كتاب ألام لم يصنفه الشافعي وإنما صنفه تلميذه أبو يعقوب البويطي ثمّ زاد عليه الربيع بن سليمان وتصرف فيه وأظهره بهذا المظهر.

وكان لمذهب الشافعي شيوع في مصر والشام وما وراء النهرين وبعض بلاد العرب. وكذا في الحرمين قبل ظهور

١٥٩

مذهب الوهابي بالحجاز وينقل عن الشافعي انه قال (لا تقلدوني وإذا صح خبر يخالف مذهبي فاتبعوه واعلموا انه مذهبي)

النزاع بين الشافعية وغيرهم

وعن المقدسي أن سجستان وسرخس كانت تقع فيهما عصبيات بن الشافعية والحنفية تراق فيها الدماء ويدخل بينهم السلطان.

وعن المقدسي في احسن التقاسيم قال : رأيت أصحاب مالك يبغضون الشافعي ويقولون : أخذ العلم من مالك ثمّ خالفه والمعروف انه يتبع غالب الشافعية مذهب أبي الحسن الأشعري إلا ما شذ.

ويغلب وجود هذا المذهب فعلا في الريف المصري وفلسطين وبلاد الأكراد وبلاد ارمينية.

١٦٠