تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤٠

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

٢٥٣ ـ عبد القادر بن عليّ بن نوقة (١).

أبو محمد الواسطيّ الشّاعر.

جالس أبا السّعادات بن الشجريّ ، وأبا منصور بن الجواليقيّ.

ومدح الخلفاء.

ومات غريبا بمصر.

ومن شعره :

أصيب ببلوى الجسم أيّوب فاغتدى

به تضرب الأمثال أن ذكر (٢) الصّبر

فلمّا انتهى بلواه من بعد جسمه

إلى القلب نادى معلنا : «مسّني الضّرّ» (٣)

وكلّ بلائي عند قلبي ولم أبح

بشكوى الّذي ألقى ولم يظهر السّرّ

هذا هذيان وقول من وراء العافية ، ومجرّد دعوى كاذبة. كما فشر من قال :

وكلّ بلاء أيّوب بعض بليّتي

ولكن الشّعراء في كلّ واد (٤) يهيمون ، ويقولون ما لا يفعلون. وكما قيل : أملح الشّعر أكذبه (٥).

__________________

(١) انظر عن (عبد القادر بن علي) في : خريدة القصر (قسم مصر) ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ٨٠ رقم ٨٩٨ ـ.

(٢) في المختصر : «إذ يذكر».

(٣) اقتباس من سورة الأنبياء ، آية ٨٣ ـ.

(٤) في الأصل : «واحد» ، والقول فيه.

إشارة إلى الآيات الكريمة : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) (النمل ٢٢٤ ـ ٢٢٦).

(٥) وقال العماد الكاتب : لقيته كهلا ، للفضل أهلا ، وله نظم رائق بالتحسين والإحسان حقيق ، وأنشدت له ، ثم أنشدني لنفسه :

قسما بأغصان القدود

تهزّ بيان الصدور

ويعضّ تفاح الخدود

ورشف كافور الثغور

إني ليصرعني الهوى

بين الروادف والخصور

بسلاف أفواه تسلل

في أباريق النحور

(خريدة القصر).

٢٤١

٢٥٤ ـ عثمان بن يوسف بن أبي بكر بن عبد البرّ بن سيّدي بن ثابت (١).

أبو عمرو الأنصاريّ ، السّرقسطيّ ، المعروف بالبلجيطيّ.

أخذ القراءات عن : أبي زيد الورّاق ، ويحيى بن محمد القلعيّ.

وأخذ قراءة نافع عن : أبي زيد بن حيوة.

واختلف إلى أبي جعفر بن سراج ، وأبي الحسن بن طاهر وأخذ عنه العربيّة.

وسمع «التّيسير» سنة إحدى وعشرين وخمسمائة من ابن هذيل.

وأقرأ القراءات ، وسكن بلد لريّة ثمّ ولّي قضاءها.

وكان محقّقا للقراءات ، ضابطا ، إخباريا ، ذاكرا ، ماهرا بالقضاء والشّروط.

توفّي عن تسعين سنة في نصف ذي القعدة.

أخذ عنه : أبو عمر بن عيّاد ، وأبو عبد الله بن عيّاد ، وأبو عبد الله الشّونيّ ، وأبو الربيع بن سالم (٢).

٢٥٥ ـ عليّ بن محمد بن الحسن (٣).

أبو المفاخر المستوفي البيهقيّ ، الواعظ ، الصّوفيّ.

حدّث ببغداد وواسط عن : محمد بن أحمد بن صاعد ، وعبد الغافر بن إسماعيل ، وأبي عبد الله الفراويّ ، وغيرهم.

وتوفّي رحمه‌الله في شعبان.

٢٥٦ ـ عمر بن عليّ بن الزاهد محمد بن عليّ بن حمّويه (٤).

__________________

(١) انظر عن (عثمان بن يوسف) في : صلة الصلة لابن الزبير ٧٥ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ، رقم ١٨٣٥ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ٥ ق ١ / ١٤٠ ، ١٤١ رقم ٢٨٦ ـ.

(٢) وقال ابن عبد الملك المراكشي : وكان مقرئا مجوّدا ، ضابطا ، محقّقا ، تاريخيا ، ذاكرا ملوك بلده وقضاته وعلماءه ، فقيها حافظا عاقدا للشروط ، بصيرا بالأحكام ، جيد الدربة فيها ، تردّد في الكثير من كور بلنسية وأقرأ فيها ، واستوطن لرية ، ثم رحل عنها حاجا سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فكاد يغرق في ركوبه البحر ، فعاد إليها واستقرّ بها واستقضي فيها وفي جزيرة شقر.

ولد بسرقسطة أول يوم من شعبان سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، وتوفي بلرية.

(٣) انظر عن (علي بن محمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٣٥ رقم ١٠٣٣ ـ.

(٤) انظر عن (عمر بن علي بن الزاهد) في : العبر ٤ / ٢٣٢ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، ـ

٢٤٢

أبو الفتح الجوينيّ (١) الصّوفيّ. شيخ الشّيوخ بدمشق.

ولد في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة.

وسمع من : جدّه ، وأبي عبد الله الفراويّ ، وأبي القاسم الشّحّاميّ ، وأبي الفتوح عبد الوهّاب الشّاذياخيّ (٢) ، وعبد الجبّار الخواريّ (٣) ، وعبد الواحد الفارمذيّ (٤).

وأقام بدويرة السّميساطيّ (٥). وحدّث ، وإليه انتهى التّقدّم في التّصوّف.

وكان السّلطان صلاح الدّين يحترمه ويعظّمه ، وهو أخو أبي بكر وأبي سعد عبد الواحد.

روى عنه : الحافظ أبو المواهب ، وأخوه أبو القاسم الحسين ، والبهاء عبد الرحمن ، والحافظ الضّياء ، وآخرون.

__________________

= وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٥ دون ترجمة ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٨ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٩٠ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٩ ـ.

(١) الجويني : بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، هذه النسبة إلى جوين وهي إلى ناحية كثيرة مشتملة على قرى مجتمعة يقال لها كويان معرّب وجعل جوين. وهذه الناحية متّصلة بحدود بيهق ولها قرى كثيرة متّصلة بعضها ببعض. (الأنساب ٣ / ٣٨٥).

(٢) الشاذياخي : بفتح الشين المعجمة والذال المعجمة الساكنة ، والياء المفتوحة المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين ، وفي آخرها الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى موضعين :

أحدهما إلى باب نيسابور مثل قرية متّصلة بالبلد بها دار السلطان. وشاذياخ : قرية ببلخ على أربعة فراسخ منها.

وقال ياقوت بكسر الذال المعجمة. يؤيّده قول أبي محلّم في شعره :

سقى قصور الشاذياخ الحيا

(الأنساب ٧ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢).

(٣) الخواريّ : بضم الخاء المنقوطة والراء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خوار الري ، مدينة على ثمانية عشر فرسخا من الري. (الأنساب ٥ / ١٩٥).

(٤) الفارمذي : بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الميم وفي آخرها الذال المعجمة. نسبة إلى فارمذ وهي قرية من قرى طوس.

(٥) السّميساطي : بضم السين المهملة بعدها ميم ، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، وبعدها سين أخرى مفتوحة وفي آخرها الطاء. نسبة إلى سميساط من بلاد الشام. (الأنساب ٧ / ١٥٣).

٢٤٣

وتوفّي في رجب ودفن بمقابر الصّوفيّة.

وذكره العماد الكاتب فقال : كبير الشّأن ، كثير الإحسان ، لم يكن له في علم الطّريقة والحقيقة مساو.

وأقبل عليه نور الدّين بكلّيته ، وأمرني بإنشاء منشور له بمشيخة الشّام ، ورغّبه بالإحسان في المقام ، ومن جملة ما أتحفه به عمامة ذهبيّة نفّذ بها صلاح الدّين من مصر ، فبذل له فيها ألف دينار بزنة ذهبها ، فلم يجب.

ـ حرف الميم ـ

٢٥٧ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز (١).

أبو عبد الله الحميريّ ، القرطبيّ ، المعروف بالأستجيّ نزيل مالقة.

سمع : «صحيح البخاريّ» من شريح.

وولي خطابة مالقة.

وكان من أهل الفضل والصّلاح.

ورّخه الأبّار ، وقال : ثنا عنه أبو عبد الله الأندرشيّ ، وأبو سليمان بن حوط الله.

٢٥٨ ـ محمد بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال.

أخو الحافظ أبي القاسم ، أبو عبد الله القرطبيّ.

روى عن : أبيه ، وأبي جعفر البطروجيّ ، وأبي الحسن بن مغيث.

وكان فقيها شروطيّا.

وأجاز له أبو عليّ بن سكّرة.

توفّي في جمادى الآخرة قبل أخيه.

٢٥٩ ـ محمد بن محمد بن شجاع بن أحمد بن عليّ.

أبو الطيّب اللّفتوانيّ ، الأصبهانيّ.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أحمد) في : تكملة الصلة لابن الأبّار.

٢٤٤

سمع : أباه أبا بكر ، وجعفر بن عبد الواحد الثّقفيّ ، وفاطمة الجوزدانيّة ، وجماعة.

وطلب بنفسه ، وكتب ، وقرأ.

توفّي في صفر.

٢٦٠ ـ المبارك بن عليّ بن محمد بن خلف (١).

أبو الفائز البردانيّ ، الدّلّال في الدّور.

سمع : أبا الغنائم النّرسيّ ، ومحمد بن الحسن بن البنّاء ، وأبا طالب بن يوسف.

روى عنه : أبو بكر الحازميّ ، وابن الأخضر ، وآخرون (٢).

توفّي في جمادى الآخرة وله سبع وسبعون سنة. وقيل : إحدى وثمانون سنة (٣).

ـ حرف الهاء ـ

٢٦١ ـ هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم (٤).

أبو طاهر الحلبيّ ، الخطيب. شيخ زاهد خيّر بارع في العربيّة.

كتب عنه : أبو سعد بن السّمعانيّ ، والخطيب يونس بن محمد الفارقيّ.

وتوفّي في جمادى الآخرة.

وروى عنه : أبو القاسم بن صصريّ ، وقال : كان خطيب حلب ، جامعا لفنون شتّى.

وقال ابن النّجّار : أديب ، بليغ ، فصيح ، له تصانيف وخطب ، وله كتاب «التّنبيه عن اللّحن الخفيّ». قرأ عليه حمزة بن القبّيطيّ.

عاش ثلاثا وثمانين سنة.

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن علي) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٢ رقم ١١٤٠ ـ.

(٢) وقال ابن الدبيثي : أجاز لي ورأيته.

(٣) ولد سنة ٥٠٠ ه‍.

(٤) انظر عن (هاشم بن أحمد) في : الوافي بالوفيات (مخطوط) ٢٧ / ٨٨ ، والأعلام ٩ / ٤٦ ، ومعجم المؤلفين ١٣ / ١٣١ ـ.

٢٤٥

٢٦٢ ـ هبة الله بن المبارك بن بكري الحريميّ (١).

من بيت رواية.

سمع : أبا الحسن الدّينوريّ ، وابن الحصين ، أخذ عنه ابن مشّق ، وغيره.

وتوفّي في شوّال.

وروى عنه : عبد الوهّاب بن برغش ، وعبد الرحمن بن عمر الغزّال.

٢٦٣ ـ هبة الله بن أبي الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد (٢).

أبو العبّاس بن الجلخت الواسطيّ ، المعدّل.

ثقة ، صحيح السّماع ، من بيت رواية وعدالة.

ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة.

وسمع : أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماريّ ، وأبا نعيم محمد بن زبزب ، ومحمد بن محمد بن السّواديّ.

وسمع ببغداد من : هبة الله بن البخاريّ ، وأبا بكر القاضي.

وروى الكثير.

روى عنه : أبو عبد الله بن الدّبيثيّ وترجمه ، وقال : توفّي في رجب.

ـ حرف الياء ـ

٢٦٤ ـ يحيى بن عليّ بن يحيى بن العافية.

المؤذّن أبو زكريّا الدّمشقيّ ، المقري.

سمع من : جمال الإسلام أبي الحسن.

كتب عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وقال : توفّي في ربيع الأوّل.

__________________

(١) انظر عن (هبة الله بن المبارك) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٢٧ رقم ١٢٩٧ ـ.

(٢) انظر عن (هبة الله بن أبي الكرم) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٢٨ رقم ١٢٩٨ ـ.

٢٤٦

الكنى

٢٦٥ ـ أبو الفهم بن فتيان بن حيدرة.

البجليّ ، الدّمشقيّ ابن الكاتب.

زاهد عابد ورع.

روى عن : جمال الإسلام.

وعنه : ابن صصريّ.

* * *

وفيها ولد : أبو البيان بن سعد الله بن راهب الحمويّ بحماه ؛

وشمس الدّين إسحاق ابن بلكويه ،

وأبو الفتح عبد الهادي بن عبد الكريم القيسيّ ،

وعبد العزيز بن عبد الوهّاب الكفرطابيّ ،

وعماد الدّين بن الحرستانيّ ،

وكمال الدّين أحمد بن نعمة بنابلس.

٢٤٧

سنة ثمان وسبعين وخمسمائة

ـ حرف الألف ـ

٢٦٦ ـ أحمد بن أبي الحسن بن عليّ بن أحمد بن يحيى بن حازم بن عليّ بن رفاعة (١).

الزّاهد الكبير ، سلطان العارفين في زمانه أبو العبّاس الرّفاعيّ ، المغربيّ رضي‌الله‌عنه.

قدم أبوه العراق وسكن البطائح بقرية اسمها أمّ عبيدة ، فتزوّج بأخت الشّيخ منصور الزّاهد ، ورزق منها أولادا منهم الشّيخ أحمد بن الرفاعيّ رحمه‌الله.

وكان أبو الحسن مقرئا يؤمّ بالشّيخ منصور ، فمات وزوجته حامل

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن أبي الحسن بن علي) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٤٩٢ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٧١ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٧٠ ، ٣٧١ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٥ ، ٦٦ ، ودول الإسلام ٢ / ٩٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٧٧ ـ ٨٠ رقم ٢٨ ، والعبر ٤ / ٢٣٣ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٧ رقم ١٨٨٤ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣١٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٩ ـ ٤١٢ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٤٠ ، وطبقات الشافعية الوسطى ، له (مخطوط) ورقة ٣٠ أ ، والوافي بالوفيات ٧ / ٢١٩ ، رقم ٣١٧٧ ، ومختصر تاريخ ابن الساعي ١١٢ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٧ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٩٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٦٣ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٢ ، وطبقات الأولياء لابن الملقّن ٩٣ ـ ١٠١ رقم ٢٢ ، وتاريخ الخلفاء ٤٥٧ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٤ ، والطبقات الكبرى للشعراني ١ / ١٦٤ ، والكواكب الدريّة في تراجم السادة الصوفية للمناوي ٢ / ٧٥ ، وذيل تاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان ١ / ٨٧ ، ومعجم المطبوعات العربية والمعرّبة ٩٤٧ ، ٩٤٨ ، والأعلام ١ / ١٦٩ ، ومعجم المؤلفين ٢ / ٢٥ ، وديوان الإسلام ٢ / ٣٣١ رقم ٩٩٥ ـ.

٢٤٨

بالشّيخ أحمد ، فربّاه خاله منصور ، فقيل إنّه ولد في أوّل المحرّم سنة خمسمائة.

ويروى عن الشّيخ يعقوب بن كراز قال : كان سيّديّ أحمد بن الرفاعيّ في المجلس ، فقال لأصحابه : إي سادة ، أقسمت عليكم بالعزيز سبحانه ، من كان يعلم فيّ عيبا (١) يقوله.

فقام الشّيخ عمر الفاروقيّ وقال : إي سيّديّ ، أنا أعلم فيك عيبا.

فقال : يا شيخ عمر ، قله (٢) لي.

قال : إي سيّدي عيبك نحن الّذين مثلنا في أصحابك.

فبكى الشّيخ والفقراء وقال : أي عمر ، إن سلم المركب حمل من فيه في التّعدية.

وقيل إنّ هرّة نامت على كمّ الشيخ أحمد ، وجاء وقت الصّلاة ، فقصّ كمّه ، ولم يزعجها ، وعاد من الصّلاة فوجدها قد فاقت ، فوصل الكمّ بالثّوب وخيّطه وقال : ما تغيّر شيء.

وعن يعقوب بن كراز ، وكان يؤذّن في المنارة ويصلّي بالشّيخ ، قال :

دخلت على سيّديّ أحمد في يوم بارد ، وقد توضّأ ويده ممدودة ، فبقي زمانا لا يحرّك يده ، فتقدّمت وجئت أقبّلها فقال : أيّ يعقوب ، شوّشت ، على هذه الضّعيفة.

قلت : من هي؟

قال : بعوضة كانت تأكل رزقها من يدي ، فهربت منك.

قال : ورأيته مرّة يتكلّم ويقول : يا مباركة ما علمت بك ، أبعدتك عن وطنك. فنظرت فإذا جرادة تعلّقت بثوبه ، وهو يعتذر إليها رحمة لها.

وعنه قال : سلكت كلّ الطرق الموصلة ، فما رأيت أقرب ولا أسهل ولا

__________________

(١) في الأصل : «عيب».

(٢) في الأصل : «قوله لي».

٢٤٩

أصحّ من الافتقار ، والذّلّ ، والإنكسار. فقيل له : يا سيّدي ، فكيف يكون؟ قال : تعظّم أمر الله ، وتشفق على خلق الله ، وتقتدي بسنّة سيّدك رسول الله.

وورد أنّه كان فقيها ، شافعيّ المذهب.

وعن الشّيخ يعقوب بن كراز قال : كان سيّدي أحمد إذا قدم من سفر شمّر ، وجمع الحطب ، ثمّ يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين ، فكان الفقراء يوافقونه ويحتطبون معه. وربّما كان يملأ الماء للأرامل ويؤثرهم رحمه‌الله.

قيل له : أي منصور أطلب. فقال : أصحابي. فقال رجل لسيّدي أحمد : يا سيّدي وأنت أيش؟ فبكى فقال : أي فقير ، ومن أنا في البين ، ثبّت نسب وأطلب ميراث (١).

فقلت : يا سيّدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت؟

قال : أي يعقوب ، لمّا اجتمع القوم وطلب كلّ واحد شيئا (٢) دارت النّوبة إلى هذا اللّاشيء أحمد وقيل : أي أحمد أطلب. قلت : أي ربّ علمك محيط بطلبي. فكرّر عليّ القول ، قلت : أي مولاي ، أريد أن لا أريد ، وأختار أن لا يكون لي اختيار. فأجابني ، وصار الأمر له وعليه. أي يعقوب ، من يختاره العزيز يحببه إلى هذه البقعة.

وعن يعقوب قال : مرّ سيّديّ على دار الطّعام ، فرأى الكلاب يأكلون التّمر من القوصرّة ، وهم يتجارشون ، فوقف على الباب لئلّا يدخل إليهم أحد يؤذيهم ، وهو يقول : إي مباركين اصطلحوا وكلوا ، وإلّا يدروا بكم منعوكم.

ورأى فقيرا يقتل قملة فقال : لا وأخذك الله ، شفيت غيظك؟

وعن يعقوب ، قال لي سيّديّ أحمد : يا يعقوب ، لو أنّ عن يميني خمسمائة يروّحوني بمراوح النّدّ والطّيب ، وهم من أقرب النّاس إليّ ، وعن يساري مثلهم من أبغض النّاس إليّ ، معهم مقاريض يقرضون بها لحمي ، ما

__________________

(١) العبارة هكذا في الأصل.

(٢) في الأصل : «شيء».

٢٥٠

زاد هؤلاء عندي ، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه. ثمّ قرأ : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١).

وكان سيّدي أحمد إذا حضر بين يديه تمر أو رطب ينقّي الشّيص والحشف لنفسه يأكله ويقول : أنا أحقّ بالدّون من غيري ، فإنّي مثله دون.

وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف ، ولا يأكل إلّا بعد يومين ثلاثة أكلة. وإذا غسل ثوبه نزل في الشّطّ كما هو قائم يفركه ، ثمّ يقف في الشّمس حتّى ينشف.

وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطّعام في مئزر.

وأحضر ابن الصّيرفيّ وهو مريض ليدعو له الشّيخ ومعه خدمه وحشمه ، فبقي أيّاما لم يكلّمه ، فقال يعقوب بن كراز : أي سيّدي ما تدعو لهذا المريض.

فقال : أي يعقوب ، وعزّة العزيز لأحمد كلّ يوم عليه مائة حاجة مقضيّة ، وما سألتموه (٢) منها حاجة واحدة.

فقلت : أي سيّدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين.

فقال : لا كرامة ولا عزازة ، تريدني أكون سيّئ الأدب. لي إرادة وله إرادة.

ثمّ قرأ : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣) أي يعقوب ، الرجل المتمكّن في أحواله ، إذا سأل حاجة وقضيت له ، نقص تمكّنه درجة.

فقلت : أراك تدعو عقيب الصّلوات وكلّ وقت. قال : ذاك الدّعاء تعبّد وامتثال. ودعاء الحاجات لها شروط ، وهو غير هذا الدّعاء.

ثمّ بعد يومين تعافى ذلك المريض.

__________________

(١) سورة الحديد ، الآية ٢٣ ـ.

(٢) في الأصل : «وما سألتوه».

(٣) سورة الأعراف ، الآية ٥٤ ـ.

٢٥١

وعن يعقوب أنّه سأل الشّيخ أحمد : أي سيّدي ، لو كانت جهنّم لك ما كنت تصنع بها؟ تعذّب بها أحدا؟ (١) فقال : لا وعزّته ، ما كنت أدخل إليها أحدا. فقال : أي شيخ ، فأنت تقول إنّك أكرم ممّن خلقها لينتقم بها ممّن عصاه. فزعق وسقط على وجهه زمانا ، ثمّ أفاق وهو يقول : من هو أحمد في البين؟ يكرّرها مرّات.

وقال : أي يعقوب ، المالك يتصرّف سبحانه.

وعن يعقوب أنّ الشّيخ أحمد كان لا يقوم لأحد من أبناء الدّنيا ، ويقول : النّظر إلى وجوههم يقسّي القلب.

وعن الشّيخ يعقوب ، وسئل عن أوراد سيّدي أحمد ، فقال : كان يصلّي أربع ركعات بألف (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢). ويستغفر الله كلّ يوم ألف مرّة ، واستغفاره أن يقول : لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين ، عملت سوءا ، وظلمت نفسي ، وأسرفت في أمري ، ولا يغفر الذّنوب إلّا أنت ، فاغفر لي ، وتب عليّ ، إنّك أنت التّوّاب الرّحيم. يا حيّ يا قيّوم ، لا إله إلّا أنت. وذكر غير ذلك.

وكان يترنّم بهذا البيت :

إن كان لي عند سليمى قبول

فلا أبالي ما يقول العذول

وكان يقول :

ومستخبر عن سرّ ليلى تركته

بعمياء من ليلى بغير يقين

يقولون : خبّرنا ، فأنت أمينها

وما أنا إن خبّرتهم بأمين

ويقول :

أرى رجالا بدون العيش قد قنعوا

وما أراهم رضوا الدّنيا على الدّين

 __________________

(١) في الأصل : «أحد».

(٢) أول سورة الإخلاص.

٢٥٢

إذا رأيت ملوك الأرض أجمعها

بلا مراء ولا شكّ ولا مين

وقيل هو فوقهم في النّاس مرتبة

فقل نعم ملك في زيّ مسكين

ذاك الّذي حسنت في النّاس سيرته

وصار يصلح للدّنيا وللدّين

ويقول :

أغار عليها من أبيها وأمّها

ومن كلّ من يرنو إليها وينظر

وأحذر من حدّ المرآة بكفّها

إذا نظرت منك الّذي أنا انظر

ومنه :

إذا تذكّرت من أنتم وكيف أنا

أجللت ذكركم يجري على بالي

ولو شريت بروحي ساعة سلفت

من عيشتي معكم ما كان بالغالي

وكان كثير التّعظيم لخاله سيّدي الشّيخ منصور ، ويقول للفقراء : إذا قبّلتم عتبة الشّيخ منصور ، فإنّما تقبّلون يده. ويقول : أنا ملّاح لسفينة الشّيخ منصور ، فاسألوا ربّنا به في حوائجكم.

وكان يقول : إلى أن ينفخ في الصّور لا يأتي مثل طريق الشّيخ منصور.

وعن ابن كراز : سمعت يوسف بن صقير المحدّث يقول : كنّا في قرية الصّريّة مع سيّدي أحمد ، وقد غنّى ابن هديّة :

لو يسمعون كما سمعت حديثها

خرّوا لعزّه ركّعا وسجودا

فقام سيّدي وتواجد ، وردّد البيت ، ولم يزل حتّى كادت قلوب الفقراء تنفطر. وكان ذلك في بدايته بعد موت الشّيخ منصور. ولمّا كان في النهاية بقي سبع سنين لا يسمع الحادي وهو قريب منه حتّى توفّي.

وعنه قال : ذكر الشّيخ جمال الدّين أبو الفرج بن الجوزيّ أنّ سبب وفاة سيّدي أحمد أبيات أنشدت بين يديه ، تواجد عند سماعها تواجدا كان سبب مرضه الّذي مات فيه. وكان المنشد لها الشّيخ عبد الغنيّ بن نقطة حين زاره ، وهي :

إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم

أنوح كما ناح الحمام المطوّق

٢٥٣

وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى

وتحتي بحار بالدّموع (١) تدفّق

سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها

تفكّ الأسارى دونه وهو موثّق

فلا أنا (٢) مقتول ففي القتل راحة

ولا أنا ممنون عليّ فأعتق (٣)

قال : وتوفّي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين.

وعن يعقوب بن كراز قال : كان سيّدي أحمد والفقراء في نهر وليد فقال : لا إله إلّا الله ، قد حان أوان هذا المجلس ، فليعلم الحاضر الغائب أنّ أحمد يقول ، وأنتم تسمعون : من خلا بامرأة أجنبيّة ، فأنا منه بريء ، وسيّدي الشّيخ منصور منه بريء ، وسيّدي المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم منه بريء ، وربّنا سبحانه منه بريء ، ومن خلا بأمرد فكذلك ، ومن نكث البيعة فإنّما ينكث على نفسه. ثمّ قام من مجلسه.

وبعد شهر عبر إلى الله ، ودفن في قبّة الشّيخ يحيى النّجّار.

وحكى الشّيخ محمد بن أبي بكر بن أبي طالب الصّوفيّ أنّه سمع جدّه عفيف الدّين أبا طالب يقول : سمعت الشّيخ عبد الرحمن شملة يقول : سمعت سيّدي عليّ يقول : لمّا حضرت الوفاة سيّدي أحمد قبلها بأيّام قلت : أي سيّدي ، ما نقول بعدك ، وأيش تورّثنا؟

فقال : أي عليّ ، قل عنّي إنّه ما نام ليلة إلّا وكلّ الخلق أفضل منه ، ولا حرد قطّ ، ولا رأى لنفسه قيمة قطّ. وأمّا ما أورثه فيا ولدي تشهد أنّ لي مال حتّى أورثكم؟! إنّما أورثكم قلوب الخلق.

فلمّا سمعت من سيّدي خرجت إلى الشّيخ يعقوب بن كراز فأخبرته ، فقال : لك حسب ، أو لذرّيتك معك؟ فعدت إلى سيّدي فقلت له فقال : لك

__________________

(١) في الوافي : «بحار للأسى».

(٢) في الوافي : «فلا هو».

(٣) في الوافي : «عليه فيطلّق». (٧ / ٢١٩).

٢٥٤

ولذرّيتك إلى يوم القيامة ، البيعة عامّة ، والنّعمة تامّة ، والضّمين ثقة ، هي اليوم مشيخة وإلى يوم القيامة مملكة بمشيخة.

نقلت أكثر ما هنا عن يعقوب من كتاب «مناقب ابن الرفاعيّ» رضي‌الله‌عنه. جمع الشّيخ محيي الدّين أحمد بن سليمان الهماميّ ، الحسينيّ ، الرفاعيّ ، شيخ الرّواق المعمور بالهلاليّة ، بظاهر القاهرة ، سمعه منه الشّيخ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الشّيخ أبو طالب الأنصاريّ ، الرفاعيّ ، الدّمشقيّ ، ويعرف بشيخ حطّين ، بالقاهرة في سنة ثمانين وستّمائة. وقد كتبه عنه مناولة وإجازة المولى شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجزريّ ، وأودعه تاريخه في سنة خمس وسبعمائة ، فأوّله قال : ذكر ولادته. ثمّ قال :

قال الشّيخ أحمد بن عبد الرحمن ابن الشّيخ يعقوب بن كراز ، وأكثر الكتاب عن الشّيخ يعقوب ، وهو نحو من أربعة كراريس. وهو ثمانية فصول في مقاماته وكراماته ، وغير ذلك. وهي بلا إسناد ، وقع الاختيار منها على هذا القدر الّذي هنا.

وتوفّي الشّيخ ولم يعقب. وإنّما المشيخة في أولاد أخيه.

قال القاضي ابن خلّكان (١) : كان رجلا صالحا ، شافعيا ، فقيها ، انضمّ إليه خلق من الفقراء ، وأحسنوا فيه الاعتقاد ، وهم الطّائفة الرفاعيّة ، ويقال لهم الأحمديّة. ويقال لهم البطائحيّة. ولهم أحوال عجيبة من أكل الحيّات حيّة ، والنّزول إلى التّنانير وهي تضرم نارا ، والدّخول إلى الأفرنة ، وينام الواحد منهم في جانب الفرن والخبّاز يخبز في الجانب الآخر. وتوقد لهم النّار العظيمة ، ويقام السّماع ، فيرقصون عليها إلى أن تنطفئ. ويقال إنّهم في بلادهم يركبون الأسود ونحو ذلك وأشباهه. ولهم أوقات معلومة يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يحصون ويقومون بكفاية الجميع.

والبطائح عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء بين واسط والبصرة.

__________________

(١) في وفيات الأعيان.

٢٥٥

* ـ أحمد بن المسلم.

سيأتي (١).

ـ حرف الحاء ـ

٢٦٧ ـ الحسن بن أحمد بن محمد بن المعمّر.

أبو جعفر البغداديّ.

سمع : أبا القاسم بن بيان.

وعنه : نسيبه أبو طالب عليّ بن جعفر.

مات في صفر.

قاله ابن النّجّار.

٢٦٨ ـ الحسن بن عليّ بن الحسين بن شيرويه (٢).

أبو علي الدّيلميّ الأصل ، الأزجيّ.

سمع : أبا الغنائم محمد بن عليّ النّرسيّ.

روى عنه : أحمد وتميم ابنا البندنيجيّ ، ونصر بن الحصريّ ، وأبو الحسن بن المقيّر ، وجماعة.

وتوفّي في وسط السّنة.

٢٦٩ ـ الحسن بن هبة الله بن محمد بن عليّ بن المطّلب (٣).

__________________

(١) بعد قليل باسم خليفة بن المسلم بن رجاء أبو طالب التنوخي الاسكندراني ، ويعرف بأحمد اللّخمي. وهو برقم (٢٧٢).

(٢) انظر عن (الحسن بن علي) في : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٨٩ دون ترجمة.

(٣) انظر عن (الحسن بن هبة الله) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٤٩١ ، ٤٩٢ ، وفيه «أبو المظفّر بن الحسن بن هبة الله بن المطّلب» ، وتاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة باريس ٥٩٢٢) ورقة ٢٠ ، والتاريخ المظفري لابن أبي الدم الحموي (مخطوطة مكتبة البلدية بالإسكندرية ١٢٩٢ ب) ورقة ٢٠٩ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٣٧ ، والمختصر المحتاج إليه ٢ / ٢٦ ، ٢٧ رقم ٥٩٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٩٧ ، ٩٨ رقم ٤٥ ، وتلخيص مجمع الآداب ج ٤ / رقم ٢٠٦٣ ، والوافي بالوفيات ١٢ / ٢٩١ رقم ٢٦٢ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٧ وفيه «أبو المظفر بن الحسن بن هبة الله بن المطلب».

٢٥٦

فخر الدّولة أبو المظفّر ابن الوزير أبي (١) المعالي.

كان متصوّنا متزهّدا كثير الحجّ والصّدقات والأوقاف ، كبير الشّأن ، وافر الحرمة. له جامع كبير بغربيّ بغداد.

له مدرسة بشرقيّ بغداد ورباط ، ولم يدخل في الولايات.

سمع : أبا الحسن العلّاف ، وقرأ الأدب على أبي بكر بن جوامرد.

وامتنع في كبره من الرواية.

وقد سمع منه : أبو سعد السّمعانيّ ، وأحمد بن صالح الجيليّ ، والكبار.

وتوفّي في شوّال.

ـ حرف الخاء ـ

٢٧٠ ـ الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن عليّ بن طاوس (٢).

أبو طالب الدّمشقيّ.

قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع بن قيراط صاحب أبي عليّ الأهوازيّ ، وهو آخر من قرأ في الدّنيا عليه ، وآخر من سمع من الشّريف أبي القاسم النّسيب ، وأبي الحسن عليّ بن طاهر.

ومولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

وكان أبوه وجده من كبار المقرءين.

روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وأخوه أبو القاسم.

وقال أبو القاسم : توفّي في ثامن شوّال.

وروى عنه أيضا : موفّق الدّين بن قدامة ، والشّمس والضّياء ابنا عبد الواحد ، والبهاء عبد الرحمن ، وزين الأمناء ، وطائفة سواهم ، وأحمد بن

__________________

(١) في الأصل : «أبو».

(٢) انظر عن (الخضر بن هبة الله) في : المعين في طبقات المحدّثين ١٧٧ رقم ١٨٨٥ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٨٩ دون ترجمة ، والعبر ٤ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ٣٢٨ رقم ٤٠٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٦١ ، والدارس في تاريخ المدارس ٢ / ٩١ ، ٩٥ ـ.

٢٥٧

الحسن بن ريش ، والعزّ النّسّابة ، وإبراهيم بن الخشوعيّ.

٢٧١ ـ خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة (١).

أبو القاسم الأنصاريّ ، القرطبي ، المحدّث. حافظ الأندلس في عصره ومؤرّخها ومسندها.

ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

وسمع : أباه ، وأبا محمد بن عتّاب فأكثر ، وأبا بحر بن العاص ، وأبا الوليد بن رشد ، وأبا الوليد بن طريف ، وأبا القاسم بن بقيّ ، وخلقا.

ورحل إلى إشبيلية فسمع : شريح بن محمد ، وأبا بكر بن العربيّ.

وأجاز له : عليّ بن سكّرة ، وأبو القاسم بن منظور ، وطائفة.

ومن العراق : أبو المظفّر هبة الله الشّلبيّ بأخرة.

__________________

(١) انظر عن (خلف بن عبد الملك) في : معجم شيوخ الصدفي لابن الأبّار (طبعة مدريد ١٨٨٥) ص ٨٢ ، وتكملة الصلة ، له ، ١ / ٣٠٤ ، رقم ٨٣١ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٢٤٠ ، وفهرست ابن خير ٥٠٢ ، ٥١١ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٩٠ رقم ٥٧٨ ، ومستفاد الرحلة والاغتراب للتجيبي السبتي ٦٥ ، ٦٦ ، ٨١ ، ١٨٣ ، ٢٢٣ ، ٢٢٨ ، ٢٦٩ ، ٢٨٦ ، ٣١٦ ، ٣٤٥ ، ٤٤٩ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٦ ، والعبر ٤ / ٢٣٤ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٣٩ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٧ و ١٨٨٦ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٣٩ ـ ١٤٣ رقم ٧١ ، ودول الإسلام ٢ / ٩٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤١٢ ، ٤١٣ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٩٠ رقم ٥٧٨ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ٣٦٩ ، ٣٧٠ رقم ٤٦٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣١٢ ، والديباج المذهب ١١٤ ، وفيه وردت وفاته سنة ٥٩٨ ه‍. ، وذيل التقييد ١ / ٥٢٢ ، ٥٢٣ رقم ١٠٢١ ، وطبقات الحفاظ ٤٧٩ ، وتاريخ الخلفاء ٤٥٧ ، وعقد الجمان (مخطوط) ١٦ / ورقة ٦٥٠ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٦٣ ، ١٦٤ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٦١ ، ٢٦٢ ، وملء العيبة للفهري (انظر فهرس الأعلام) ٢ / ٤٩٧ ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين ٨٤ رقم ١٠٦٢ ، ودائرة المعارف الإسلامية ١ / ٩٧ ، ٩٨ ، وكشف الظنون ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ١٦٧٤ ، ١٧٠٧ ، وهدية العارفين ١ / ٣٤٩ ، والرسالة المستطرفة ٩٥ ، وشجرة النور الزكية ١٥٤ ، ١٥٥ ، ودائرة معارف البستاني ٢ / ٣٦٥ ، والأعلام ٢ / ٣١١ ، ومعجم المؤلفين ٦ / ١٠٥ ، وديوان الإسلام ١ / ٣٥١ ، ٣٥٢ رقم ٥٥٠ وانظر مقدّمة كتاب «الصلة» طبعة مصر ١٩٦٦ ـ.

٢٥٨

وله معجم مفيد.

قال أبو عبد الله الأبّار (١) : كان متّسع الرّواية ، شديد العناية بها ، عارفا بوجوهها ، حجّة ، مقدّما على أهل وقته ، حافظا ، حافلا ، إخباريّا ، تاريخيا ، ذاكرا لأخبار الأندلس القديمة والحديث. سمع العالي والنّازل. وأسند عن شيوخه نيّفا وأربعمائة كتاب بين صغير وكبير. ورحل إليه النّاس وأخذوا عنه.

وثنا عنه جماعة ، ووصفوه بصلاح الدّخلة ، وسلامة الباطن وصحّة التّواضع ، وصدق الصّبر للطّلبة ، وطول الاحتمال : وألّف خمسين تأليفا في أنواع العلم. وولّي بإشبيليّة قضاء بعض جهاتها لأبي بكر بن العربيّ. وعقد الشّروط ، ثمّ اقتصر على إسماع العلم وعلى هذه الصّناعة ، وهي كانت بضاعته. والرّواة عنه لا يحصون ، منهم : أبو بكر بن خير ، وأبو القاسم القنطريّ ، وأبو القاسم بن سمحون ، وأبو الحسن بن الضّحّاك. وكلّهم مات قبله.

وصنّف كتاب «الصّلة» في علماء الأندلس ، وصل به «تاريخ ابن الفرضيّ». وقد حمله عنه شيخه أبو العبّاس بن العريف الزّاهد.

قلت : وله «كتاب الحكايات المستغربة» مجلّد ، و «غوامض الأسماء المبهمة» عشرة أجزاء ، و «كتاب معرفة العلماء الأفاضل» أحد وعشرون جزءا ، و «طرق حديث المغفر» ثلاثة أجزاء ، «القربة إلى الله بالصّلاة على نبيّه» جزء كبير ، «من روى الموطّأ عن مالك» في جزءين ، «اختصار تاريخ أبي بكر القشّي» في تسعة أجزاء ، «أخبار سفيان بن عيينة» جزء كبير ، «أخبار ابن المبارك» جزءان ، «أخبار الأعمش» ثلاثة أجزاء ، «أخبار النّسائيّ» جزء ، «أخبار زيادة شبطون» جزء ، «أخبار المحاسبيّ» جزء ، «أخبار أبي القاسم» جزء ، «أخبار إسماعيل القاضي» جزء ، «أخبار ابن وهب» جزء ، «أخبار أبي المطرّف عبد الرحمن بن مرزوق القنازعيّ» جزء ، «قضاة قرطبة» ثلاثة أجزاء ،

__________________

(١) في تكملة الصلة.

٢٥٩

«المسلسلات» جزء ، «طرق من كذب عليّ» جزء إلى غير ذلك.

وممّن روى عنه : أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد ، وأحمد بن عبد المجيد المالقيّ ، وأحمد بن محمد الأصلع ، وأبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي ، وأحمد بن عيّاش المرسيّ ، وأحمد بن أبي حجّة القيسيّ ، وثابت بن محمد الكلاعيّ ، ومحمد بن إبراهيم بن صلتان ، ومحمد بن عبد الله بن الصّفّار القرطبيّ ، وموسى بن عبد الرحمن الغرناطيّ ، وأبو الخطّاب عمر بن دحية ، وأخوه عثمان بن دحية.

وبالإجازة : أبو الفضل جعفر بن عليّ الهمذانيّ ، وأبو القاسم سبط السّلفيّ ، وآخرون.

قال الأبّار (١) : توفّي في ثامن رمضان. ودفن بقرب قبر يحيى بن يحيى اللّيثيّ وله أربع وثمانون سنة.

٢٧٢ ـ خليفة بن المسلم بن رجاء (٢).

أبو طالب التّنّوخيّ ، الإسكندرانيّ ، ويعرف بأحمد اللّخميّ.

قال أبو الحسن بن المفضّل الحافظ : غلب عليه أحمد.

سمع : أبا عبد الله الرّازيّ ، وأبا بكر الطّرطوشيّ ، وعبد المعطي بن مسافر.

وكان عارفا بالفقه والأصول ، ماهرا في علم الكلام وفيه لين فيما يرويه ، إلّا أنّا لم نسمع منه إلّا من أصوله.

توفّي في رمضان (٣).

__________________

(١) في تكملة الصلة.

(٢) انظر عن (خليفة بن المسلم) في : الوافي بالوفيات ١٣ / ٣٨٣ رقم ٤٨٥ ، ولسان الميزان ٢ / ٤٠٨ رقم ١٦٧٨ ، والمقفى الكبير ١ / ٦٦٣ ، ٦٦٤ رقم ٦٣٥ وفيه : «أحمد بن مسلم بن رجاء بن جامع بن منصور بن الحسين بن زياد بن المطهّر .. ويسمّى أيضا خليفة».

وذكره المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ في : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٨٩ دون ترجمة.

(٣) وكان مولده بالإسكندرية سنة ٤٩٤ ه‍.

٢٦٠