تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤٠

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

أبو الحسن أخو أبي العبّاس البغداديّ ، الحنبليّ.

شيخ صالح ، سمع الكثير بنفسه.

روى عن : أبي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي بالله ، وابن الحصين ، وأبي غالب بن البنّاء ، وهبة الله الشّروطيّ ، وجماعة.

روى عنه : موفّق الدّين بن قدامة ، والبهاء عبد الرحمن ، والياس (١) الإربليّ ، وآخرون.

توفّي في ذي الحجّة (٢).

٢٢٠ ـ عمر بن عبد الرحمن بن عذرة.

أبو حفص الأنصاريّ ، الأندلسيّ ، من أهل الجزيرة الخضراء.

روى عن : أبي بكر بن العربيّ ، وأبي الحسن بن مغيث ، وأبي القاسم بن بقيّ.

وولي قضاء بلده وقضاء سبتة.

وكان فقيها مشاورا ، له النّظم والنّثر.

أخذ عنه : أبو الوليد القسطليّ ، وعمر بن عبد المجيد النّحويّ ، وجماعة.

وتوفّي في رمضان.

ـ حرف الغين ـ

٢٢١ ـ غازي (٣).

__________________

(١) مهملة في الأصل. والتحرير من تاريخ ابن الدبيثي ومختصره.

(٢) مولده ثالث رجب ٥٠٤ ه‍. وتفقّه في المذهب وبرع وأفتى وناظر ، ودرّس بمدرسة أخيه آخرا ، وصنّف في المذهب ، وله كتاب «رءوس المسائل» وكتاب «الأعلام».

لزم بيته في آخر عمره لمرض حصل له إلى أن توفي.

(٣) انظر عن (غازي) في : سنا البرق الشامي ١ / ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، والتاريخ الباهر ١٨٠ ، وتاريخ الزمان ١٩١ ، وزبدة الحلب ٣ / ٣٩ ، والأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٥٧ و ٢٢٧ ، ومفرّج الكروب ١ / ١١٦ و ٢ / ٩٢ ـ ٩٤ ، ووفيات الأعيان ـ

٢٢١

سيف الدين صاحب الموصل ابن الملك قطب الدّين مودود بن أتابك زنكي بن آق سنقر التّركيّ. والد سنجر شاه صاحب جزيرة ابن عمر.

لمّا مات أبوه قطب الدّين بلغ السّلطان نور الدّين الخبر ، وهو على تلّ باشر ، فسار في الحال إلى الموصل ، وأتى الرّقّة في أوّل سنة ستّ وستّين فملكها ، ثمّ سار إلى نصيبين فملكها ، ثمّ أخذ سنجار في ربيع الآخر ، ثمّ أتى الموصل ، وقصد أن لا يقابلها ، فعبر بجيشه من مخاضة بلد ثمّ نزل قبالة الموصل ، وأرسل إلى غازي وعرّفه صحّة قصده ، فصالحه. ونزل الموصل ودخلها ، وأقرّ صاحبها فيها ، وزوّجه بابنته ، وعاد إلى الشّام ، فدخل في شعبان من السّنة. فلمّا تملّك صلاح الدّين وسار إلى حلب وحاصرها ، سيّر إليه غازي جيشا عليه أخوه عزّ الدّين مسعود ، فالتقوا عند قرون حماه ، فانكسر عزّ الدّين. فتجهّز غازي وسار بنفسه ، فالتقوا على تلّ السّلطان ، وهي قرية بين حلب وحماه في شوّال سنة إحدى وسبعين ، فانكسرت ميسرة صلاح الدّين بمظفّر الدّين ابن ربيب الدّين صاحب إربل ، فإنّه كان على ميمنة غازي ، فحمل السّلطان صلاح الدّين بنفسه ، فانهزم جيش غازي فعاد إلى حلب ، ثمّ رحل إلى الموصل. ومات بالسّلّ في صفر. وعاش نحوا من ثلاثين سنة.

قال ابن الأثير (١) : كان مليح الشّباب ، تامّ القامة ، أبيض اللّون ، وكان عاقلا وقورا ، قليل الالتفات. لم يذكر عنه ما ينافي الصّفة. وكان غيورا شديد الغيرة ، يمنع الخدّام من دخول الدّور ، ولا يحبّ الظّلم ، على شحّ فيه وجبن.

__________________

=٤ / ٣ ، ٤ ، ومضمار الحقائق ٤٣ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٦٣ ، ٣٦٥ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٢ ، وتاريخ مختصر الدول ٢١٨ ، والعبر ٤ / ٢٣٠ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٩٢ ، ١٩٣ رقم ١٢٤ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٣٨ ـ ٢٤٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٥ ، ٤٠٦ ، و ٤٠٧ ، والدرّ المطلوب ٦٤ ، ٦٩ ، والسلوك ج ١ ق ١ / ٧٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٦ ، والعسجد المسبوك ١٧٩ ، ١٨٠ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٥٦ ، ١٥٧ ، واللمعات البرقية في النكت التاريخية لابن طولون ١٢ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٣٩ ـ.

(١) في الكامل ١١ / ٤٦٣ ـ.

٢٢٢

قلت : وأدار الخمر والزّنا ببلاده بعد موت نور الدّين ، فمقته أهل الخير. وقد تاب قبل موته بيسير ، وتملّك بعده أخوه مسعود ، فبقي ثلاث عشرة سنة.

ـ حرف الميم ـ

٢٢٢ ـ محمد بن حامد.

أبو سعيد الأصبهانيّ.

من حفّاظ الحديث ببلده.

يروي عن : أبي العلاء صاعد بن سيّار الدّهّان. وغيره.

توفّي بأصبهان.

٢٢٣ ـ محمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن هشام (١).

الإمام أبو عبد الله الخشنيّ ، الرّنديّ ، نزيل مالقة.

ويعرف قديما باسم العويص.

أخذ القراءات عن : منصور بن الخير ، وعن أبي القاسم بن رضا.

وسمع من : ابن مغيث ، وابن مكّيّ ، وجماعة.

وناظر في «كتاب سيبويه» على ابن الطّراوة وروى عنه ، وعن أبي محمد البطليوسيّ.

قال الأبّار : وكان مقرئا ماهرا ، نحويّا ، لغويّا ، دأب على تعليم القرآن والعربيّة دهره. وحدّث.

وتوفّي بمالقة في شوّال.

ثنا عنه : ابن حوط الله ، وأبو العبّاس الغرقيّ.

٢٢٤ ـ محمد بن عليّ بن محبوب (٢).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن عبيد الله) في : تكملة الصلة لابن الأبّار.

(٢) انظر عن (محمد بن علي بن محبوب) في : ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي ٢ / ١٢٦ ، ١٢٧ رقم ٣٥٤ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٩٢ ـ.

٢٢٣

أبو بكر البغداديّ المسدّيّ (١).

سمع : أبا العزّ محمد بن المختار ، وأحمد بن الحسين بن قريش.

وعنه : ابن الحصريّ ، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن جرير.

وكان مباركا. توفّي في ربيع الآخر (٢).

٢٢٥ ـ محمد بن محمد بن مواهب (٣).

أبو العزّ بن الخراسانيّ ، البغداديّ ، الشّاعر ، صاحب العروض ومصنّف النّوادر المنسوبة إلى حدّة الخاطر.

قرأ الأدب على : أبي منصور بن الجواليقيّ.

وله ديوان شعر في خمسة عشر مجلّدا. قاله العماد الكاتب. ومصنّفات أدبيّة ومدح الخلفاء والوزراء ، وتغيّر ذهنه في آخر أيّامه قليلا. وكان بارع الأدب بصيرا بالعروض ، مقدّما في اللّغة والنّحو ، صاحب مجون وخلاعة ونوادر.

سمع : أبا الحسين المبارك بن عبد الجبّار ، وأبا سعد بن خشيش ، وأحمد بن المظفّر بن سوسن ، وأبا عليّ بن نبهان.

قال ابن الدّبيثيّ (٤) : سمعت منه وتركته لتغيّره. وأجاز لي قبل أن يتغيّر ذهنه.

__________________

(١) هذه النسبة تقال ببغداد لمن يعمل السدي للثياب السقلاطونية.

(٢) وكان مولده في سنة ٤٨٩ ه‍.

(٣) انظر عن (محمد بن محمد بن مواهب) في : معجم الأدباء ٧ / ١٠١ ، وإنباه الرواة ٣ / ٢١٣ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ١١٩ ، وتاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة أحمد الثالث ٢٩١٧ / ١٤) ورقة ٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٨٢ ، ٨٣ رقم ٣٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٧ رقم ١٨٨٢ ، والعبر ٤ / ٢٣٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٥ ، والوافي بالوفيات ١ / ١٥٠ ، ١٥١ رقم ٦٥ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٣٨ ، وإنباه الرواة ٣ / ٢١٣ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٣ ، وبغية الوعاة ١ / ٢٣٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٧ ، وتلخيص الآداب ج ٤ ق ٣ / ٣٧٣ رقم ٢٤٢٨ ـ.

(٤) في تاريخه.

٢٢٤

قلت : روى عنه الشّيخ الموفّق ، والبهاء عبد الرحمن ، وجماعة.

توفّي في رمضان ، وله اثنتان وثمانون سنة.

قال ابن الدّبيثيّ : أنشدنا في المسترشد بالله :

قل للإمام الّذي أنعامه نعم

وسحّ كفّيه منه تخجل الدّيم

وعرضه وافر في كلّ نازلة

وماله في جميع النّاس مقتسم

وبحرة الجمّ عذب ماؤه غدق

سهل الشّرائع غمر طيّب سم

مسترشد إن بدا فالبدر غرّته

وإن يقل كلما فالدّرّ منتظم (١)

٢٢٦ ـ المبارك بن عبد الله بن محمد (٢).

أبو منصور البغداديّ.

قال الدّبيثيّ : كان خيّرا متيقّظا. سمعت عليه.

روى عن : ابن الحصين ، وزاهر بن طاهر. ولازم ابن ناصر فأكثر.

وتوفّي في رمضان.

٢٢٧ ـ المبارك بن المبارك بن محمد بن أحمد بن حكيم (٣).

أبو بكر الخيّاط البغداديّ.

__________________

(١) وأورد له ابن النجار ما يكتب على كمران :

أنا محسود من الناس

على أمر عجيب

أنا ما بين قضيب

ينثني فوق كثيب

وقوله :

أنا راض منكم بأيسر شيء

يرتضيه لعاشق معشوق

بسلام على الطريق إذا ما

جمعتنا بالاتّفاق الطريق

وقوله :

إن شئت أن لا تعدّ غمرا

فخلّ زيدا معا وعمرا

واستغن بالله في أمور

ما زلن طول الزمان إمرا

ولا تخالف مدى الليالي

لله حتى الممات أمرا

واقنع بما راج من طعام

والبس إذا ما عريت طمرا

(٢) انظر عن (المبارك بن عبد الله) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٠ رقم ١١٣١ ـ.

(٣) انظر عن (المبارك بن المبارك) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٦ رقم ١١٥٣ ـ.

٢٢٥

سمع : أبا الحسن العلّاف ، وشجاعا الذّهليّ ، وأبا عليّ بن المهديّ ، وغيرهم.

روى عنه : إلياس بن جامع ، وابن الأخضر ، والبهاء (١) عبد الرّحمن ، وآخرون.

توفّي أيضا في رمضان (٢).

٢٢٨ ـ المبارك بن محمد بن محمد بن العرمرم.

أبو جعفر بن أبي طاهر بن الواسطيّ ، البغداديّ.

له إجازة من جعفر السّرّاج ، وأبي الحسين بن الطّيوريّ.

سمع منه : عليّ بن أحمد الرّنديّ ، ومحمد بن سعيد بن الدّبيثيّ.

مات في ذي القعدة سنة ستّ.

٢٢٩ ـ مسعود بن عمر الملّاح.

سمع : أبا الحسن بن الزّاغونيّ ، وعليّ بن الفاعوس.

روى عنه : أبو الحسن القطيعيّ في «تاريخه».

٢٣٠ ـ مسعود بن محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذة (٣).

الإمام أبو عبد الله الأصبهانيّ ، المفسّر ، الفقيه.

قال ابن النّجّار : كان إماما حافظا ، قيّما بالمذهب ، والخلاف ، والتّفسير ، والوعظ.

سمع : غانما البرجيّ ، وأبا عليّ الحدّاد ، ومحمود بن إسماعيل ، وعبد الكريم بن فورجة.

وحجّ وحدّث (٤) ببغداد (٥) ، وجلس للوعظ ، ولقي القبول التّام ، واستحسن الأكابر كلامه.

__________________

(١) في الأصل : «البا».

(٢) مولده تقريبا سنة ٥٠٠ ه‍.

(٣) انظر عن (مسعود بن محمود) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٩٠ رقم ١٢٠٠ ـ.

(٤) في الأصل : «وحدّث وحج ببغداد».

(٥) وكان قدومه بغداد سنة ٥٧٦ ه‍.

٢٢٦

قلت : ولم يذكر أنّ أحدا روى عنه.

٢٣١ ـ مسلم بن عبد المحسن بن أحمد.

أبو الغنائم الكفرطابيّ ، ثمّ الدّمشقيّ ، البزّاز.

سمع من : جدّه لأمّه أبي طاهر محمد بن الحسين الحنّائيّ.

ودخل بغداد للتّجارة ، وسمع بها : عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام.

أخذ عنه : عمر بن محمد بن جابر ، وإلياس بن جامع ، وغيرهما.

وتوفّي في جمادى الآخرة عن إحدى وسبعين سنة.

٢٣٢ ـ مظفّر بن خلف بن عبد الكريم بن خلف بن طاهر بن محمد الشّحّاميّ.

النّيسابوريّ.

حدث بدمشق عن : وجيه بن طاهر.

وكان صوفيّا ينسخ بالأجرة.

روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وأخوه أبو القاسم ، ومحمد البلخيّ المقرئ.

٢٣٣ ـ مظفّر بن محمد بن عبد الباقي بن جند.

أبو عبد الله البنّاء ، البغداديّ.

معمّر ، وهو ابن عمّ بقاء بن عمر.

سمع : أبا طالب بن يوسف ، وأبا الحسن الزّاغونيّ ، وأبا غالب بن البنّاء.

روى عنه : أحمد بن أحمد البندنيجيّ وأثنى عليه.

وتوفّي في ربيع الآخر.

ـ حرف النون ـ

٢٣٤ ـ نصر الله بن أحمد بن حمزة بن أبي الحجّاج (١).

__________________

(١) رسم اسم «الحجاج» في الأصل : «الحححاح».

٢٢٧

أبو الفتح العدويّ ، الحلبيّ ، ثمّ الدّمشقيّ ، العطّار.

حدّث عن : هبة الله بن طاوس.

وعنه : أبو القاسم بن صصريّ.

ـ حرف الهاء ـ

٢٣٥ ـ هبة الله بن أحمد بن محمد بن هلال (١).

أبو الفرج بن الأعرابيّ ، الأزجيّ ، الدّبّاس.

سمع : أبا القاسم بن بيان ، وأبا الغنائم النّرسيّ ، وأبا ياسر البردانيّ.

سمع منه : أبو محمد بن الخشّاب ، وعمر بن عليّ القرشيّ.

وتوفّي في رجب (٢).

وهو أسنّ من ابن عمّه عبد الجبّار بعامين.

ـ حرف الواو ـ

٢٣٦ ـ واثق بن الحسين بن عليّ (٣).

العطّار أبو الحسين بن السّمّاك.

سمع : أبا القاسم بن الحصين ، وأبا غالب بن البنّاء.

روى عنه : عبد الله بن أحمد الخبّاز.

وعاش ثلاثا وستّين سنة (٤).

ـ حرف الياء ـ

٢٣٧ ـ يوسف بن محمد بن عليّ بن أبي سعيد (٥).

الموصليّ ، ثمّ البغداديّ ، أخو سليمان وعليّ ، ووالد الموفّق عبد اللّطيف.

__________________

(١) انظر عن (هبة الله بن أحمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٠ رقم ١٢٨٠ ـ.

(٢) ولد في شعبان سنة ٤٩٨ ه‍.

(٣) انظر عن (واثق بن الحسين) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢١٧ رقم ١٢٧١ ـ.

(٤) ولد سنة ٥١٣ ه‍.

(٥) انظر عن (يوسف بن محمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٣٦ رقم ١٣٢٤ ـ.

٢٢٨

صحب أبا النّجيب السّهرورديّ وتفقّه عليه.

وسمع : أبا القاسم بن السّمرقنديّ ، وأبا منصور بن خيرون ، وخلقا.

وسمّع ابنه ، وحدّث.

وتوفّي في المحرّم ، وله إحدى وستّون سنة (١).

٢٣٨ ـ يونس بن محمد.

أبو الوليد القسطليّ ، الأندلسيّ.

من فحول الشّعراء وأعيان البلغاء.

كتب لبعض ملوك الأندلس ، وصنّف في الأدب.

* * *

وفيها ولد كمال الدّين محمد ابن قاضي القضاة صدر الدّين عبد الملك بن درباس المارانيّ في ربيع الأوّل.

__________________

(١) ولد تقريبا سنة ٥١٥ ه‍.

٢٢٩

سنة سبع وسبعين وخمسمائة

ـ حرف الألف ـ

٢٣٩ ـ أحمد بن حميد بن الحسن.

أبو منصور الأزجيّ ، الكاتب ، الشّيبانيّ ، مصنّف «المقامات» العشرين.

أديب بارع ، وشاعر محسن.

روى عنه : ولده يوسف.

توفّي في ربيع الأوّل ببغداد.

٢٤٠ ـ أحمد بن عبد الملك بن عميرة (١).

أبو جعفر الضّبّي ، الأندلسيّ.

سمع بمرسية (٢) من : أبي عليّ الصّدفيّ ، وأبي محمد بن أبي جعفر الفقيه.

وبقرطبة (٣) : أبا محمد بن عتّاب ، وابن رشد.

ولقي بمصالة منصور بن الخير وأخذ عنه القراءات. وحجّ ، وكان زاهدا عابدا ، قانتا لله.

روى عنه : سليمان بن حوط الله ، وأحمد بن يحيى بن عميرة.

وتوفّي عن سنّ عالية (٤).

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن عبد الملك) في : معجم شيوخ الصدفي ٥٣ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ١ / ٧٩ ، وبغية الملتمس للضبيّ ١٩٤ ، ١٩٥ ، رقم ٤٤١ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ١ ق ١ / ٢٦٤ ، ٢٦٥ رقم ٣٤٤ ، ونفح الطيب ٣ / ٣٥٧ ـ.

(٢) رحل إليها سنة ٥١٣ ه‍.

(٣) رحل إليها سنة ٥١٥ ه‍.

(٤) وقال أبو جعفر بن يحيى بن عميرة : ساكنته أياما فما رأيته من الليالي إلا قائما ولا من النهار إلّا صائما. قال : وقال لي : كنت قبل أن أرحل أرى الناس يعظمون العلم وأهله ، ـ

٢٣٠

٢٤١ ـ أحمد بن عليّ بن محمد بن عبد الملك بن سليمان بن سند (١).

أبو العبّاس الأندلسيّ ، الكتّانيّ ، النّحويّ ، من أهل إشبيلية.

وكان يعرف باللّصّ لإغارته على الأشعار في حداثته (٢).

__________________

= فلما قدمت من رحلتي لم أر ما عهدت ، وأبصرت أمري ، وأقبل على العمل وترك التصنّع ونبذ الدنيا. (الذيل والتكملة ١ / ٢٦٤ ، ٢٦٥).

وقال الضبّي : هو ابن عمّ أبي يكنى أبا جعفر ، وكان رحمه‌الله عالما عاملا زاهدا فاضلا متقلّلا من الدنيا ، أخبرت عنه أنه كان يواصل الصيام خمسة عشر يوما. وكانت أوقاته محفوظة عليه. أخبرني رحمه‌الله قال : دخلت مرسية بعد العشر وخمسمائة سمعت بها على الحافظ أبي علي بن سكرة ، وعلى الفقيه أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي جعفر ، فلما توفي الحافظ أبو علي رحلت إلى قرطبة وسمعت بها وقرأت علي أبي الوليد بن رشد ، وأبي محمد بن عتاب ، والموروري ، وجماعة. ثم انصرفت وقد نلت حظّا وافرا من العمل ، فلما وصلت مالقة قيل لي : تترك الفقيه أبا علي منصور بن الخير بمالقة وتنصرف! فقصدته وجمعت عليه كتاب الله العزيز بالقراءات السبع ، ثم انصرفت إلى وطني بلس ، ورأى الناس عند دخوله يعظّمون العلم وأهله ، فكتب : أرى من في بلس يلقاني على مسيرة يوم وأن أهل لورقة يتجاورون في لقائي ببلس ، فلما وصلت لم ألق أحدا ، ولا رأيت من الناس ما عهدت ، فكان لي في ذلك موعظة ورجعت إلى نفسي فقلت : يا أحمد ، فكأنك إنما رحلت في طلب العلم وسهرت الليل ليعظّمك الناس ، لقد خبت وضلّ سعيك ، فعكفت على ما ينفعني ولزمت بيتي ، ولم أتعرّض لعرض دنياوي ، وسلكت سبل القوم لعلّ الله أن يجعلني منهم ، وبكتبهم انتفعت.

وكان رحمه‌الله إماما في طريقة التصوّف ، وكنت لا تراه من الليل إلّا قائما. وكان أكثر دهره صائما. توفي وقد أناف على التسعين. توفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة ، ومولده بعيد الثمانين وأربعمائة.

ولما اجتمع معه شيخي القاضي أبو القاسم ابن حبيش بلورقة رأيته قد بكى فسألته ممّ بكاؤك؟ ذكرتني رؤية ابن عمّ أبيك هذا من تقدّم هكذا كان زيّهم وسمتهم. وقد بتّ عنده ليالي ذوات عدد فما كان يوقظني في أكثر الليالي إلّا بكاؤه في السجود ، وما كان ينام من الليل إلّا قليلا ، فلما وصلت من عنده مرسية حدّثت بذلك بعض جيرانه قديما بلورقة ، فقال لي : هكذا أعرفه منذ أزيد من ثلاثين عاما. (بغية الملتمس).

(١) هكذا في الأصل : «سند» ، وفي المصادر : «سيد». انظر : المعجب ١٥٤ ، والمطرب ١٨٢ ، وتكملة الصلة ١ / ٨٠ ، والمنّ بالإمامة ١٥٥ ، وزاد المسافر ٢٥ ، ورايات المبرّزين ١٩ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ١ ق ١ / ٣١٦ ـ ٣٢٠ رقم ٤١١ ، وبغية الوعاة ١ / ٣٤٤ ، ٣٤٥ رقم ٦٥٧ ، ونفح الطيب ٥ / ٣٢٥ ـ.

(٢) وجاء في «المنّ بالإمامة» أنه يسمّى باللص لقوله يتغزّل في أبي الحسين ابن فندلة أيام الفتوة : ـ

٢٣١

روى عن : أبي بحر الأسديّ ، وأبي محمد بن صاوة.

وأقرأ الآداب والعربيّة واللّغة. وكان شاعرا محسنا (١).

__________________

= خلبت قلبي بطرف

أبا الحسين خلوب

قلم أسمّ بلصّ

وأنت لصّ القلوب

وواضح من البيتين أنه كان يسمّى باللص قبل قوله لهما. ولابن دحية في (المطرب) وجهة أخرى للّقب إذ قال : وكان شيخنا هذا رحمه‌الله يلقّب باللص لدمائته وسكونه وتصرّفه خفية في جمع شئونه. ولكنه لا ينكر هذا اللقب مع جاهه عند سلطان زمانه. وانظر اعترافه بلقبه وأنه لسرقته أشعار الناس في (نفح الطيب ٥ / ٣٣٢).

(١) وقال ابن عبد الملك المراكشي : وكان مقرئا محدّثا متحقّقا بعلوم اللسان نحوا ولغة وأدبا ، ذاكرا للتواريخ حسن المجالسة ، شاعرا مفلقا ، وشعره مدوّن ، وأقرأ اللغة والعربية والأدب طويلا. ومن طريف ما جرى له في انتحاله شعر غيره أن أحد بني عبد المؤمن قدم على إشبيلية واليا فانتدب أدباءها لامتداحه وتلقّيه بالتهنئة والإنشاد إذا دخلوا عليه قال : فطمعت في تلك الليلة أن يسمح خاطري بشيء في ذلك المقصد فلم يتّجه لي شيء ، فنظرت إلى معلّقاتي فخرج لي قصيد لأبي العباس الأعمى وعليه مكتوب ولم ينشد ، فأدغمت فيه اسم ذلك الأمير وقلبته في مدحه ، فلمّا أصبحنا وخرجنا إلى اللقاء وأنشد الناس وأنشدت ذلك القصيد ، فقام أبو القاسم محمد بن إبراهيم بن المواعيني ، وأخرج من كمّه القصيد نفسه وقد صنع فيه ما صنعت ، وأخبر بقصته في ذلك ، فإذا قصّتهما واحدة ، فضحك الوالي من ذلك وأثابهما ثواب غيرهما من الشعراء ، وكثر العجب من تواردهما على السرقة وصارت بين الناس أحدوثة زمانا. وبالجملة فإنه كان من الشعراء المجيدين والأدباء المبرّزين والأساتيذ المفيدين ، وقد أنجب تلامذة شعراء برعة. ومما استجيد من شعره في معنى المناجاة قوله :

مولاي إني ما أتيت جريمة

إلّا وقلت تندّمي يمحوها

لو لا الرجاء ونية لي نطتها

بكريم عفوك لم أكن آتيها

ومن نظمه في حال مرض أصابه :

وقائلة والضنا شاملي

على م سهرت ولم ترقد؟

وقد ذاب جسمك فوق الفراش

حتى خفيت على العود

فقلت : وكيف أرى نائما

ورابي المنيّة بالمرصد

وكان دأبه استصحاب كسرة خبز لا يفارقها ، فقيل له في ذلك ، فذكر أنه قيل له في النوم لا يموت إلا عطشان فأنا أخاف من ذلك فإن أصابني العطش دفعتها إلى سقّاء يسقيني ، فقضى الله سبحانه أن توفي وحيدا في منزله فلا يبعد أن يكون مات عطشا كما أخبر في النوم. والله أعلم. وكانت وفاته عام سبعة أو ثمانية وقيل : ثلاثة. وقال أبو الحسن الشاري اثنين وسبعين وخمسمائة ، وهذان القولان الآخران كلاهما باطل قطعا ، فقد وقفت على بعض ما قرئ عليه مؤرّخا بجمادى الأولى سنة أربع وسبعين ، مولده في صفر سنة ثنتين ـ

٢٣٢

روى عنه : أبو الحسين بن رزقون ، وأبو الخطّاب بن دحية.

وعاش بضعا وسبعين سنة.

وتوفّي سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين.

٢٤٢ ـ أحمد بن عليّ بن سعيد.

أبو العبّاس الحوزيّ الصّوفيّ.

قرأ بواسط ، وسمع بها من : أبي عليّ الحسين بن إبراهيم الفارقيّ.

وببغداد من : أبي بكر الأنصاريّ.

وكان رجلا صالحا. عاش ٧٧ سنة.

٢٤٣ ـ أحمد بن محمد بن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام (١).

أبو الغنائم الكاتب ، أخو أبي منصور عبد الله.

سمع : أبا عليّ بن المهدي ، وأبا القاسم بن الحصين.

وحدّث.

قتله غلام له طمعا في شيء كان له في المحرّم. وقيل في سنة ستّ.

وولد سنة أربع وخمسمائة.

٢٤٤ ـ أحمد بن محمد بن أبي القاسم.

الشّيخ أبو الرشيد الخفيفيّ ، الصّوفيّ ، الزّاهد.

قال ابن النّجّار : قدم بغداد شابّا من أبهر زنجان ، وتفقّه مدّة.

وسمع : زاهر الشّحّاميّ ، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي ، وجماعة.

وصحب أبا النّجيب السّهرورديّ ، وانقطع ، وجلس في الخلوة ، وظهر له الكرامات ، وفتح عليه.

روى لنا عنه : أبو نصر عمر بن محمد بن جابر المقري.

وقرأت بخطّ عمر بن عليّ القرشيّ : جلس أبو الرشيد الأبهريّ في الخلوة اثنتي عشرة سنة ، وفتح له خير كثير ، وظهر كلامه.

__________________

= أو ثلاث ـ الشك منه ـ وخمسمائة. (الذيل والتكملة).

(١) تقدّم برقم (١٩٢).

٢٣٣

وقد كتب من كلامه ما يقارب ثمانين مجلّدة.

قال ابن النّجّار : بلغني أنّه كان في جمادى الآخرة. وكان منسوبا إلى ابن خفيف الشّيرازيّ.

٢٤٥ ـ أحمد بن مواهب بن حسن.

أبو عبد الرّحمن البغداديّ ، المعروف بغلام الزّاهد ابن العلبيّ.

شيخ صالح ، سمع : أبا طالب بن يوسف.

سمع منه : ابنه عبد الرحمن ، وتميم بن أحمد البندنيجيّ ، والحافظ عبد القادر الرّهاويّ.

سمعوا منه في هذه السّنة ، وانقطع خبره.

٢٤٦ ـ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران (١).

الإمام رضيّ الدّين أبو إسحاق الجزريّ ، الفقيه الشّافعيّ.

تفقّه وبرع على شيخه أبي القاسم بن البزريّ. ثمّ تفقّه ببغداد بالنّظاميّة.

وسمع من : الكروخيّ.

ودرّس ببلده وساد بعد ابن البزريّ.

مات في المحرّم عن أربع وستّين سنة. ذكره الفرضيّ (٢).

٢٤٧ ـ إسماعيل بن الملك الصّالح نور الدّين (٣).

__________________

(١) انظر عن (إبراهيم بن محمد) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٤٧٧ ـ.

(٢) وقال ابن الأثير : كان فاضلا كثير الورع.

(٣) انظر عن (إسماعيل بن نور الدين) في : البرق الشامي ٣ / ١٤ ، ٥٠ ـ ٥٢ ، ١٥٣ ، ١٧٣ ، والنوادر السلطانية ٥٥ ، والتاريخ الباهر ١٨١ ، ١٨٢ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، وتاريخ مختصر الدول ٢١٧ ، وتاريخ الزمان ١٩٧ ، وزبدة الحلب ٣ / ٤٠ ، ٤١ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٦٦ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٣ ، والدرّ المطلوب ٦٩ ، (سنة ٥٧٦ ه‍.) ، والعبر ٤ / ٢٣١ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٠ ـ ١١٢ رقم ٥٤ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٩ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، والوافي بالوفيات ٩ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ رقم ٤١٢٥ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٥٣ ، والكواكب الدرّية ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، والسلوك ـ

٢٣٤

أبو الفتح بن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي.

ختنه أبوه في سنة تسع وستّين ، وسرّ به ، وزيّنوا دمشق ، وكان وقتا مشهودا وهو يوم عيد الفطر. وزيّنت دمشق أيّاما وضربت خيمة بالميدان ، وصلّى هناك بالنّاس شمس الدّين قاضي العسكر ، وخطب ، ثمّ مدّ السّماط العامّ ، وأنهب على عادة التّرك.

وعاد نور الدّين إلى القلعة فمدّ سماطه الخاصّ ، ولعب من الغد بالكرة ، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال له : باش. فاغتاظ بخلاف عادته ، وزير برتقش ، ثمّ ساق ودخل القلعة ، فما خرج منها إلّا ميّتا.

وتوفّي نور الدّين بعد الختان بأيّام ، فحلّف أمراء دمشق لابنه أن يكون في السّلطنة بعده ، وهو يومئذ صبيّ ، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدّين ، ومتولّيها شاذبخت الخادم ، فأمر بضرب البشائر ، وأحضر الأمراء والعلماء وقال : هذا كتاب من السّلطان بأنّه ختن ولده وولّاه العهد. فحلفوا كلّهم في الحال. ثمّ قام إلى مجلس فلبس الحداد ، وخرج إليهم وقال : يحسن الله عزاكم في الملك العادل بن زنكي.

وأمّا صلاح الدّين فسار إلى الشّام ليكون هو المدبّر لدولة هذا الصّبيّ ، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السّنّة والرّافضة. ونهبت الشّيعة دار قطب الدّين ابن العجميّ ، ودار بهاء الدّين بن أمين الملك. ونزل بحريّة القلعة وأمرهم الأمير شمس الدّين عليّ بن محمد ابن الداية والي القلعة أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشّاب رئيس الشّيعة ، فزحفوا إليها ونهبوها ، واختفى ابن الخشّاب.

ثمّ وصل الصّالح إسماعيل إلى حلب في ثاني المحرّم من سنة سبعين ، ومعه سابق الدّين عثمان ابن الداية ، فقبض عليه ، وصعد القلعة ، وظهر ابن

__________________

= ج ١ ق ١ / ٧٧ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٣ ، ١٨٤ ، ومضمار الحقائق ٥٩ ، ٦٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٨٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٥٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٨ ـ.

٢٣٥

الخشّاب ، وركب في جمع عظيم إلى القلعة ، فصعد إليها ، والشّيعة تحت القلعة وقوف. فقتل بها ابن الخشّاب وتفرّق ذلك الجمع. وسجن شمس الدّين عليّ بن الدّاية وأخواه : سابق الدّين عثمان ، وبدر الدّين حسن.

ودخل السّلطان صلاح الدّين دمشق في سلخ ربيع الآخر ، ثمّ سار إلى حمص فملكها. ثمّ نازل حلب في سلخ جمادى الأولى ، فنزل الملك الصّالح إلى البلد ، واستنجد بأهلها ، وذكّرهم حقوق والده ، فوعدوه بالنّصر ، وجاءته النّجدة من ابن عمّه صاحب الموصل مع عزّ الدّين مسعود بن مودود. فردّ السّلطان صلاح الدّين إلى حماه ، وتبعه عزّ الدّين مسعود ، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عزّ الدّين وانهزم ، وردّ صلاح الدّين فنازل حلب ، فصالحوه وأعطوه المعرّة ، وكفرطاب ، وبارين. ثمّ جاء صاحب الموصل سيف الدّين غازي في جيش كثيف ، وجاء صلاح الدّين بعساكره ، فالتقوا في شوّال سنة إحدى وسبعين ، فانكسر صاحب الموصل على تلّ السّلطان ، وسار صلاح الدّين ، فأخذ منبج ، ثمّ نازل عزاز ففتحها ، ثمّ نازل حلب في ذي القعدة ، وأقام عليها مدّة. وبذل أهلها المجهود في القتال ، بحيث أنّهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيّم صلاح الدّين ، وأنّه قبض على جماعة منهم ، فكان يشرّح أسافل أقدامهم ، ولا يمنعهم ذلك عن القتال ، فلمّا ملّ صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصّالح ، وكانت طفلة ، فأطلق لها عزاز لمّا طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصّالح ، وإلى شاذبخت ، وخالد بن القيسرانيّ.

ثمّ إنّ الصّالح مرض بالقولنج جمعتين ، ومات في رجب من سنة سبع ، وتأسّفوا عليه ، وأقاموا عليه المآتم ، وفرشوا الرّماد في الأسواق ، وبالغوا في النّوح عليه. وكان أمرا منكرا.

وكان ديّنا ، عفيفا ، ورعا ، عادلا ، محبّبا إلى العامّة ، متّبعا للسّنّة ، رحمه‌الله ، ولم يبلغ عشرين سنة.

وذكر العفيف بن سكّرة اليهوديّ ـ لا رحمه‌الله ـ ، وكان يطبّبه ، قال :

٢٣٦

قلت له : يا مولانا ، والله شفاؤك في قدح خمر ، وأنا أحمله إليك سرّا ، ولا تعلم والدتك ، ولا اللّالا ، ولا أحد. فقال : كنت أظنّك عاقلا ، نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الله لم يجعل شفاء أمّتي فيما حرّم عليها» (١). وتقول لي أنت هذا.

وما يؤمّنني أن أشربه وأموت وهو في جوفي؟! (٢). وقيل : توفّي وله قريب من ثماني عشر سنة. فتملّك حلب بعده عزّ الدّين مسعود ابن عمّه مودود.

٢٤٨ ـ أشرف بن هبة الله.

أبو العبّاس الهاشميّ ، البياضيّ. إمام جامع المنصور.

سمع : أحمد بن المجلي ، وهبة الله بن الحصين.

سمع منه : محمد بن مشّق ، وأحمد بن أحمد البندنيجيّ.

وتوفّي في أوّل السّنة.

ـ حرف التاء ـ

٢٤٩ ـ تمرتاش.

مولى أبي الفرج هبة الله ابن رئيس الرؤساء.

سمع من : أبي الحسين بن العلّاف.

روى عنه : ابن الأخضر ، وغيره ، ونصر بن الحصريّ.

وتوفّي في رمضان.

__________________

(١) أخرجه البخاري في الأشربة ٦ / ٢٤٨ باب : شراب الحلواء والعسل. وهو قول ابن مسعود في السّكّر : «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم».

(٢) وقال ابن الأثير : إنه لما اشتدّ به المرض وضعف وصف له الأطباء قليل خمر ، فقال لا أفعل حتى أسأل الفقهاء ، فسأل الشافعية فأفتوه بالجواز ، وسأل العلاء الكاشاني فأفتاه أيضا ، ولم يفعل ، وقال : إن كان الله قرّب أجلي أيؤخّره شرب الخمر؟ قال : لا. قال : فو الله لا لاقيت الله وقد لقيت ما حرّم عليّ. فمات ولم يشربه. (الكامل).

قال سبط ابن الجوزي : أخطأ الكاشاني ، فإنّ الخمر لا يباح عند أبي حنيفة ، وجميع أصحابنا للتداوي ، وكذا عند مالك ، وأحمد ، وعند الشافعيّ يجوز للضرورة ، وعندنا أن الله لم يجعل شفاء الأمّة فيما حرّم عليها. (مرآة الزمان ٨ / ٣٦٦ ، ٣٦٧).

٢٣٧

ـ حرف السين ـ

٢٥٠ ـ سليمان بن أرسلان (١).

المعروف بشرف الدّين بن شاووش البغداديّ.

كان يخدم في السّواد فعلا وساد ، وناب في وزارة النّاصر لدين الله أوّل ما استخلف ، ثمّ عزل بعد شهرين لشيخوخته وضعفه.

توفّي في جمادى الأولى عن سنّ عالية (٢).

ـ حرف العين ـ

٢٥١ ـ عبد الرّحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد (٣).

__________________

(١) انظر عن (سليمان بن أرسلان) في : مضمار الحقائق ١٤ ، والوافي بالوفيات ١٥ / ٣٥٢ رقم ٤٩٧ ـ.

(٢) وكان شيخا حسنا فاضلا نبيلا ، حافظا لكتاب الله تعالى ، كثير التلاوة. سمع من أبي الوفاء علي بن عقيل الحنبلي ، وحدّث بيسير.

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٤٧٧ ، وإنباه الرواة ٢ / ١٧١ ، والروضتين ٢ / ٢٧ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٣٩ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٦٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦٣ ، والمختصر المحتاج إليه ٢ / ٢٠٩ ، والعبر ٤ / ٢٣١ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٣ ـ ١١٥ رقم ٥٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٧ رقم ١٨٨٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩١ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٢٤٨ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٢٠ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢٨٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣١٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٤٠٨ ، والوافي بالوفيات ١٨ / ٢٤٧ ـ ٢٢٠ رقم ٢٩٨ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، رقم ٣٠٨ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٩٠ رقم ٥٧٧ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٥ ، ١٨٦ ، وفيه «عبد الله» بدل «عبيد الله» ، والبلغة في تاريخ أئمة اللغة ١٢٤ ، ١٢٥ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٩٠ ، وتاريخ الخلفاء ٤٥٧ ، وبغية الوعاة ٢ / ٨٦ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٦٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٨ ، وكشف الظنون ٨٣ ، ١٢٣ ، ١٣٠ ، ١٨٢ ، ٢١٢ ، ٢٢٨ ، ٢٨٥ ، ٦٢١ ، ٦٧٠ ، ٦٩٠ ، ٧٢٨ ، ٩٧٢ ، ١٠٩٥ ، ١٠٩٦ ، ١١٦٥ ، ١٢٧١ ، ١٤٥٧ ، ١٥٤٠ ، ١٥٦٤ ، ١٥٦٥ ، ١٧٣١ ، ١٧٨٩ ، ١٨٥٨ ، ١٨٩٩ ، ١٩١٨ ، ١٩٤٠ ، ١٩٨٣ ، ٢٠٠٢ ، ٢٠٣٠ ، وإيضاح المكنون ١ / ٤٧ ، ٩٢ ، ١١٨ ، ١٩١ ، ١٩٣ ، ٢٠٦ ، ٢٢٤ ، ٣٠١ ، ٣٦٢ ، ٤٢٠ ، ٥٢٧ ، ٥٤٨ ، و ٢ / ٥٠ ، ٥٢ ، ١١٢ ، ١٤٦ ، ١٥٤ ، ٢٢٠ ، ٢٧١ ، ٣٢٠ ، ٣٢٤ ، ٤٦٤ ، ـ

٢٣٨

كمال الدين أبو البركات الأنباريّ ، النّحويّ ، الرجل الصّالح ، صاحب التّصانيف المفيدة.

سكن بغداد من صباه ، وتفقّه بالنّظاميّة على أبي منصور بن الرّزّاز ، وقرأ النّحو على أبي السّعادات بن الشّجريّ : واللّغة على أبي منصور بن الجواليقيّ.

وبرع في الأدب حتّى صار شيخ العراق في عصره ، وأقرأ النّاس ودرّس النّحو بالنّظاميّة ، ثمّ انقطع في منزله مشتغلا بالعلم والعبادة والورع وإفادة النّاس.

وكان زاهدا ناسكا ، تاركا للدّنيا ، ذا صدق وإخلاص.

قال الموفّق عبد اللّطيف : أمّا شيخنا كمال الدّين الأنباريّ فلم أر في العبّاد والمنقطعين مثله (١) في طريقه ، ولا أصدق منه في أسلوبه ، خير محض لا يعتريه تصنّع ، ولا يعرف الشّرور ، ولا أحوال العالم. وكان له من أبيه دار يسكنها ، ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشّهر ينتفع به ويشتري منه ورقا.

وسيّر إليه المستضيء خمسمائة دينار فردّها ، فقالوا له : اجعلها لولدك ، فقال : إن كنت خلقته فأنا أرزقه.

وكان لا يوقد عليه ضوءا. وتحته حصير قصب ، وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم الجمعة. وكان لا يخرج إلّا للجمعة ، ويلبس في بيته ثوبا خلقا.

وكان ممّن قعد في الخلوة عند الشّيخ أبي النّجيب.

قرأ عليه معيد بالنّظاميّة ، فبقي يكثر الصّياح والكلام ، فلطمه على رأسه وقال : ويلك ، إذا كنت تجترّ في المرعى متى ترعى؟

وللشيخ مائة وثلاثون مصنّفا ، أكثرها نحو ، وبعضها في الفقه

__________________

=٥٢٨ ، ٥٣٩ ، ٥٧٤ ، ٦٢٦ ، ٦٤٥ ، ٦٧٥ ، ٦٧٧ ، ٧٢٤ وهدية العارفين ١ / ٥١٩ ، والأعلام ٤ / ١٠٤ ، ودائرة المعارف الإسلامية ٣ / ٤ ، ٥ ـ.

وانظر مقدّمة كتاب : نزهة الألبّاء ، له ، بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي.

(١) في الأصل : «منه».

٢٣٩

والأصول ، والتّصوّف ، والزّهد ، أتيت على أكثرها قراءة ، وسماعا وحفظا.

قلت : من كتبه «أسرار العربيّة» ، «الإنصاف في مسائل الخلاف» ، «أخبار النّحاة» ، «الدّاعي إلى الإسلام في علم الكلام» ، «النّور اللّائح (١) في اعتقاد السّلف الصّالح» ، «الجمل في علم الجدل» ، «كتاب ما» (٢) ، و «غرائب إعراب القرآن» ، «ديوان اللّغة» ، «الضّاد والظّاء» ، «تفسير لغة المقامات» ، «شرح الحماسة» ، «شرح المتنبّي» ، «نزهة الألبّاء في طبقات الأدبا» ، «تاريخ الأنبار» ، «نسمة العبير في علم التّعبير».

وروى الحديث عن : أبيه ، وخليفة بن محفوظ الأنباريّ ، ومحمد بن محمد بن عطّاف ، وأحمد بن نظام الملك.

روى عنه : الحافظ أبو بكر الحازمي ، وابن الدّبيثيّ ، وطائفة.

وتوفّي في شعبان. وله أربع وستّون سنة.

ومن شعره :

دع الفؤاد بما فيه من الخرق

ليس التّصوّف بالتّلبيس والخرق

بل التصوّف صفو القلب من كدر

ورؤية الصّوفيّة أعظم الخرق

وصبر النّفس على أذى مطاعمها

وعن مطامعها في الخلق بالخلق

وترك دعوى بمعنى فيه حقته

فكيف دعوى بلا معنى ولا خلق؟

٢٥٢ ـ عبد الصّمد بن عليّ (٣).

أبو القاسم بن الأخرم البغداديّ ، الحذّاء.

سمع : أبا عليّ الباقرحيّ ، وأبا سعد بن الطّيوريّ ، وأبا طالب اليوسفيّ.

سمع منه : عمر القرشيّ ، وجماعة.

وتوفّي فجأة في ذي الحجّة ، وله سبعون سنة (٤).

__________________

(١) في سير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٤ «اللامح».

(٢) في سير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٤ «كتاب لو وما».

(٣) انظر عن (عبد الصمد بن علي) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٧٩ رقم ٨٩٤ ـ.

(٤) وقال ابن الدبيثي : رأيته ولم يتفق لي السماع منه وأجاز لي. ومولده سنة سبع وخمسمائة.

٢٤٠