تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤٠

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

والشّاذّة على أبي العزّ القلانسيّ ، وأبي عبد الله البارع ، وأبي بكر المزرفيّ (١) ، وسبط الخيّاط.

وقرأ بالكوفة على : الشّريف عمر بن إبراهيم العلويّ.

وسمع من : أبي طالب يوسف ، وابن الحصين ، وطائفة.

وروى الكثير وتصدّر للإقراء. وقرأ القراءات مدّة طويلة. وكان بارعا فيها ، جيّد المعرفة بالعربيّة ، ثقة صحيح السّماع ، أثنى عليه غير واحد.

ولد سنة تسعين وأربعمائة أو قبيلها.

وروى عنه القراءات خلق كثير ، آخرهم وفاة عبد العزيز بن دلف.

وسمع منه الكبار.

وحدّث عنه الحافظ عبد الغنيّ ، وأبو محمد بن قدامة ، والحافظ عبد القادر ، والزّاهد أبو عمر المقدسيّ ، والشّهاب بن راجح ، وأبو صالح الجيليّ ، وعبد العزيز بن ياقا.

وآخر من روى عنه وقرأ عليه القراءات العشر الإمام بها الدّين عليّ بن الجمّيزيّ (٢).

وتوفّي في الثّامن والعشرين من شعبان (٣).

__________________

(١) تصحفت في معجم الأدباء ١٤ / ٦٢ إلى «المرزقي» بالراء ثم زاي ثم قاف ، وفي إنباه الرواة ، وغاية النهاية إلى «المزرقي» بالقاف.

(٢) في الأصل ، «الحميري» ، والمثبت من معرفة القراء ٢ / ٥٤١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٤٢ و ٥٤٩ وتحرّفت في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٣٦ إلى «الجمري».

(٣) وقال المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ : وممّن قرأ عليه الوزير عون الدين بن هبيرة ، وأكرمه ونوّه باسمه.

وقال ابن النجار : كان إماما كبيرا في معرفة القراءات ، ووجوهها وعللها وطرقها وضبطها وتجويدها ، وحسن الأداء والإتقان والصدق والثقة. وكانت له معرفة تامة بالنحو. وكان متديّنا ، جميل السيرة ، مرضيّ الطريقة.

وقال الشيخ موفّق الدين المقدسي عنه : كان مقرئ بغداد في وقته ، وكان عالما بالعربية ، إماما في السّنّة. ـ

١٠١

٤٦ ـ (...) (١) بن محمد بن هبة الله.

أبو محمد البغداديّ ، المعروف بابن المطّلب.

سمع : أبا الحسن العلّاف ، وأبا طالب اليوسفيّ.

سمع منه بمكّة. الفرّاء ، وغيره.

ـ حرف الميم ـ

٤٧ ـ محمد بن أحمد بن أبي الفرج بن ماشاذة (٢).

أبو بكر الأصبهانيّ ، السّكّريّ ، المقرئ.

مقرئ ، مجوّد ، عالم بطرق القرّاء ، طويل العمر.

سمع : الحافظ سليمان بن إبراهيم وتفرّد عنه ، والقاسم بن الفضل الرئيس ، ومكّيّ بن منصور السّلّار ، وغيره.

__________________

= وروى عنه بالإجازة : الخليفة الناصر العباسي ، وقرأ عليه القرآن أيضا : الوزير ابن هبيرة وأكرمه ونوّه باسمه. وكان الوزير قد قرأ بالروايات على رجل يقال له : مسعود بن الحسين الحنبلي ، وادّعى أنّه قرأ على ابن سوار ، وأسند الوزير القراءات عنه عن ابن سوار في كتاب «الإفصاح» فحضر البطائحي دار الوزير وابن شافع يقرأ عليه. فلما انتهى إلى قوله : وأما رواية عاصم فإنك قرأت بها على مسعود بن الحسين ، قال : قرأت بها على ابن سوار. وكان البطائحي قاعدا في غمار الناس ، لأنه لم يكن حينئذ معروفا ، ولا له ما يتجمّل به ، فقام وقال : هذا كذب. ورفع صوته ، ثم خرج وبلغ الوزير الخبر ، فطلبه وطلب مسعودا وحاققوه ، فتبيّن كذبه. وأنه لم يدخل بغداد إلّا بعد موت ابن سوار بكثير ، وأحضر البطائحي نسخة من المستنير بخط ابن سوار ، فقوبل بخطها الخط الّذي مع مسعود ، ويدّعي أنه خط ابن سوار ، فبان الفرق بينهما.

وقال البطائحي : هو خط مزوّر بخط أبي رويح الكاتب. وكان خطّه شبيها بخط ابن سوار.

فأهان الوزير مسعودا ومنعه من الصلاة بالناس ، وقال له : لو لا أنك شيخ لنكّلت بك. ثم قرأ الوزير على البطائحي ، وأسند عنه القراءات ، وعلا قدره.

وذكر مضمون هذه الحكاية ابن النجار عن أحمد بن البندنيجي ، وكان شاهدا للقصة ، وصار للبطائحي بعد ذلك اتصال بالدولة ، ويدخل بواطن دار الخلافة ، وكان ضريرا يحفي شاربه.

(١) بياض في الأصل.

(٢) انظر عن (محمد بن أحمد بن أبي الفرج) في : العبر ٤ / ٢١٥ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٤ رقم ١٨٦٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٤٣ ، ٥٤٤ رقم ٣٤٥ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٣ ـ.

١٠٢

روى عنه : محمد بن مكّيّ الحنبليّ ، والحافظ عبد القادر ، وعبد الأعلى بن محمد بن محمد الرّستميّ ، وإسحاق بن المطهّر اليزديّ القاضي ، وأحمد بن إبراهيم بن سفيان بن مندة ، وجامع بن أحمد الخبّاز الأصبهانيّون ، وآخرون.

وبالإجازة كريمة القرشيّة.

وتوفّي في هذا العام وله نيّف وتسعون سنة (١).

٤٨ ـ محمد بن سعيد بن محمد بن عمر (٢).

أبو سعيد (٣) بن الإمام أبي منصور الرّزّاز ، البغداديّ ، المعدّل.

سمع : أبا القاسم بن بيان ، وابن نبهان ، وزاهر بن طاهر ، وابن الحصين.

وتفقّه على والده ، وله شعر حسن. ولي نظر الحشريّة مدّة ، فلم تحمد سيرته. قاله ابن النّجّار.

روى عنه : أبو نصر عمر بن محمد الدّينوريّ.

وتوفّي في ذي الحجّة وله إحدى وسبعون سنة (٤).

__________________

(١) وقال المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ في : سير أعلام النبلاء : «وما علمت على من تلا».

(٢) انظر عن (محمد بن سعيد) في : المنتظم ١٠ / ٢٦٨ رقم ٣٦٠ (١٨ / ٢٣٣ رقم ٤٣١٥) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤٣٥ (٥٧١ ه‍.) ، والوافي بالوفيات ٣ / ١٠ رقم ١٠٣٧ ـ.

(٣) هكذا في الأصل والوافي بالوفيات. وفي : المنتظم ، والكامل : «أبو سعد».

(٤) وقال ابن الجوزي : وكان ينظر في التركات ويقول شعرا مطبوعا ، كتب إليه بعض الناس مكاتبة تتضمّن شعرا ، فكتب في جوابها :

يا من أياديه يعيا من يعدّدها

وليس يحصي مداها من لها يصف

عجزت عن شكر ما أدليت من كرم

وصرت عبدا ولي في ذلك الشرف

أهديت منظوم شعر كلّه درر

فكلّ ناظم عقد دونه يقف

إذا أتيت ببيت منه كان لنا

قصرا ودرّ المعالي فوقه شرف

وإن أتيت أنا بيتا نناقضه

أتيت لكن ببيت سقفه يكف

لا كنت منه ولا من أهله أبدا

وإنّما حين أدنو منه أقتطف

١٠٣

٤٩ ـ محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر بن عليّ (١).

قاضي القضاة ، كمال الدّين ، أبو الفضل بن أبي محمد بن الشّهرزوريّ (٢) ، ثمّ الموصليّ ، الفقيه الشّافعيّ ، ويعرفون قديما ببني الخراسانيّ.

ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة (٣) ، وتفقّه ببغداد على أسعد الميهنيّ.

وسمع الحديث من نور الهدى بن أبي طالب الزّينبيّ.

وبالموصل من : أبي البركات بن خميس ، وجدّه لأمّه عليّ بن أحمد بن طوق.

وولّي قضاء بلده.

وكان يتردّد إلى بغداد وخراسان رسولا من أتابك زنكي. ثمّ قدم الشّام وافدا على نور الدّين ، فبالغ في إكرامه ، ونفّذه رسولا من حلب الدّيوان العزيز. وقد بنى بالموصل مدرسة ، وبنى بمدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رباطا. ثمّ ولّاه

__________________

(١) انظر عن (محمد بن عبد الله بن القاسم) في : المنتظم ١٠ / ٢٦٨ رقم ٣٦١ (١٨ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ رقم ٤٣١٦) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤٤١ ، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي ٢ / ١١ ، ١٢ رقم ٢١٩ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٥٥ ، وتاريخ إربل ١ / ٢٠٦ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٤٠ ـ ٣٤٢ ، وسنا البرق الشامي ١ / ٢٢٢ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٦٧١ ـ ٦٧٣ ، وخريدة القصر (قسم الشام) ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٧ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٢٤١ ، والعبر ٤ / ٢١٥ ، ٢١٦ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٧ ـ ٦٠ رقم ١٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٤ رقم ١٨٦٤ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٨٧ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٣٣١ ، ٣٣٢ ، رقم ١٣٩١ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٣٧ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٩٨ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٧٤ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٣٤٧ ، ٣٤٨ رقم ٣١٣ ، وعقد الجمان (مخطوط) ١٢ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ أ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٢ ، وقضاة دمشق ٤٧ ، ٤٨ ، والأعلام ٧ / ١٠٧ ـ.

(٢) تحرّفت النسبة في مرآة الجنان إلى : «السهروردي».

(٣) في مرآة الزمان : ٤٩٢ ه‍.

١٠٤

السّلطان (١) نور الدّين قضاء دمشق ، ونظر الأوقاف ، ونظر أموال السّلطان ، وغير ذلك. فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب ، وابن أخيه أبا القاسم بحماه ، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص. وحدّث بالشّام وبغداد.

قال القاسم بن عساكر : ولّي قضاء دمشق سنة خمس وخمسين ، وكان يتكلّم في الأصول كلاما حسنا. وكان أديبا ، شاعرا ، ظريفا ، [فكه المجلس] (٢) ، وقف وقوفا كثيرة ، وكان خبيرا بالسّياسة وتدبير الملك. وقد أنبا بحضرة أبي قال : أنبا ابن خميس فذكر حديثا.

وقال ابن خلّكان (٣) : ولّي قضاء دمشق ، وترقّى إلى درجة الوزارة ، وحكم في البلاد الشّاميّة ، واستناب ولده محيي الدّين في الحكم بحلب. وتمكّن في الأيّام النّوريّة تمكّنا بالغا. فلمّا تملّك صلاح الدّين أقرّه على ما كان عليه.

وله أوقاف كثيرة بالموصل ، ونصيبين ، ودمشق. عظمت رئاسته ، ونال ما لم ينله أحد من التّقدّم.

وقال سبط ابن الجوزيّ (٤) : قدم صلاح الدّين سنة سبعين فأخذ دمشق.

قال : وكان عسكر دمشق لمّا رأوا فعل العوامّ والتقاءهم له ، ونثره عليهم الدّراهم والذّهب ، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب ، وانكفأ العسكر إلى القلعة ، ونزل هو بدار العقيقيّ ، وكانت لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أيّاما.

ومشى صلاح الدّين إلى دار القاضي كمال الدّين ، فانزعج وخرج لتلقّيه ، فدخل وجلس وباسطه وقال : طب نفسا ، وقرّ عينا ، فالأمر أمرك ، والبلد بلدك.

فكان مشي صلاح الدّين إليه من أحسن ما ورّخ ، وهو دليل على تواضعه ، وعلى جلالة كمال الدّين.

__________________

(١) في الأصل : «للسلطان».

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٩ ـ.

(٣) في وفيات الأعيان ٤ / ٢٤١ ـ.

(٤) في مرآة الزمان ٨ / ٣٤١ ـ.

١٠٥

وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ (١) : كان أبو الفضل رئيس أهل بيته ، بنى مدرسة بالموصل ، ومدرسة بنصيبين. وولّاه نور الدّين القضاء ، ثمّ استوزره ، ورد بغداد رسولا ، فذكر أنّه كتب قصّة إلى المقتفي ، وكتب على رأسها محمد بن عبد الله الرسول ، فكتب المقتفي : صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال سبط ابن الجوزيّ (٢) : لمّا جاء الشّيخ أحمد بن قدامة والد الشّيخ أبي عمر إلى دمشق خرج إليه أبو الفرج ومعه ألف دينار ، فعرضها فلم يقبلها ، فاشترى بها قرية الهامة (٣) ، ووقفها على المقادسة.

ولمّا توفّي رثاه بحلب ابنه محيي الدّين بقصيدته الّتي أوّلها :

ألمّوا بسفحي قاسيون وسلّموا

على جدث بادي السّنا وترحّموا

وأدّوا إليه عن لبيب (٤) تحيّة

يكلّفكم (٥) إهداءها القلب والفم

توفّي في المحرّم يوم الخميس السّادس منه.

وقد روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وأخوه أبو القاسم بن صصريّ ، وموفّق الله بن قدامة ، وبهاء الدّين عبد الرّحمن ، وشمس الدين عمر بن المنجّا ، وأبو محمد بن الأخضر ، وآخرون.

ومن شعره :

وجاءوا عشاء يهرعون وقد بدا

بجسمي من داء الصّبابة ألوان

فقالوا وكلّ معظم بعض ما رأى

أصابتك عين. قلت : إنّ وأجفان (٦)

 __________________

(١) في المنتظم.

(٢) في مرآة الزمان ٨ / ٣٤١ ـ.

(٣) الهامة : قرية مشهورة بغوطة دمشق.

(٤) في سير أعلام النبلاء ٢١ / ٦٠ «كئيب».

(٥) في سير أعلام النبلاء «مكلفّكم».

(٦) ومن شعره :

ولقد أتيتك والنجوم رواصد

والفجر وهم في ضمير المشرق

وركبت للأهوال كلّ عظيمة

شوقا إليك لعلّنا أن نلتقي ـ

١٠٦

٥٠ ـ محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن عليّ بن النّرسيّ (١).

أبو الفتح الأزجيّ ، الضّرير.

من بيت حديث وعدالة.

سمع : أباه ، وأبا القاسم بن بيان ، وغيرهما.

روى عنه : أبو محمد بن الأخضر ، وأبو محمد بن قدامة ، وجماعة.

وتوفّي في ربيع الأوّل. ورّخه الدّبيثيّ.

وقال ابن مشّق : توفّي في ذي الحجّة ، والأوّل أصحّ وهو الّذي نقله ابن النّجّار.

٥١ ـ محمد بن عليّ بن محمد بن مهنّد (٢).

أبو عبد الله بن السّقّاء ، الحريميّ ، المقرئ.

شيخ صالح ملقّن ، لقّن خلقا. وكان يستقي الماء إلى بيوت النّاس ويتعفّف به.

روى عن : أبي القاسم بن بيان ، وغيره.

توفّي في صفر.

روى عنه : عبد الله بن أحمد الخبّاز ، وغيره.

٥٢ ـ محمد بن غالب (٣).

__________________

= وله :

يا ربّ لا تحييني إلى زمن

أكون فيه كلّا على أحد

خذ بيدي قبل أن أقول لمن

ألقاه عند القيام خذ بيدي

(الوافي بالوفيات) وفيه أبيات أخرى.

(١) انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في : ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ٢ / ٧٣ ، ٧٤ رقم ٢٨٢ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٧٨ ، والمشتبه في الرجال ٢ / ٦٣٦ ـ ٦٣٨ ـ.

(٢) انظر عن (محمد بن علي) في : ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ٢ / ١٢١ ، ١٢٢ رقم ٣٤٦ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٩١ ـ.

(٣) انظر عن (محمد بن غالب) في : بغية الملتمس للضبيّ ١١٩ ـ ١٢١ رقم ٢٥١ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ج ١ ، ووفيات الأعيان ٢ / ١٠ ، والوافي بالوفيات ٤ / ٣٠٩ ـ ٣١٢ رقم ١٨٥٢ ـ.

١٠٧

أبو عبد الله الأندلسيّ ، الرّصافيّ ، رصافة بلنسية ، الرّفّاء. نزيل مالقة.

كان يعيش من صناعة الرّفو بيده.

قال الأبّار (١) : كان شاعر زمانه. سكن غرناطة مدّة ، وامتدح أميرها.

وشعره مدوّن يتنافس فيه النّاس. كان ينظم البديع ، ويبدع المنظوم. ولم يتزوّج وكان متعفّفا.

روى عنه من نظمه : أبو عليّ بن كسرى المالقيّ ، وأبو الحسين بن جبير.

توفّي في رمضان بمالقة (٢).

__________________

(١) في تكملة الصلة.

(٢) وأنشد أبو عبد الله محمد بن باز قال : أنشدني أبو عبد الله الرصافيّ لنفسه من قطعة يصف فيها حائكا وسيما :

غزيّل لم تزل في الغزل جائلة

بنانه جولان الفكر في الغزل

جذلان تلعب بالمحوك أنمله

على السّدى لعب الأيام بالأمل

ما إن يني تعب الأطراف مشتغلا

أفديه من تعب الأطراف مشتغل

جذبا بكفّيه ، أو فحصا بأخمصه

تخبّط الظّبي في أشراك مختبل

وله في وسيم صغير :

أميلد ، ميّاس إذا قاده الصبا

إلى ملح الإدلال أيده السّحر

بيّل مآقي زهريته بريقه ويحكي

البكا عمدا كما ابتسم الزهر

أيوهم أنّ الدمع بلّ جفونه

وهل عصرت يوما من النرجس الخمر

وله في جميل نائم قد تحبّب العرق على خدّه :

ومهفهف كالغصن إلّا أنه

سلب التثنّي النوم عن إثنائه

أضحى ينام وقد تحبّب خدّه

عرقا فقلت : الورد رشّ بمائه

وله من قصيدة طويلة أولها :

أيّها الآمل خيمات النقا

خف على قلبك تلك الحدقا

إنّ سربا حشى الخيم به

ربّما غرّك حتى ترمقا

لا تثرها فتنة من ربرب

ترعد الأسد لديهم برقا

وأنج منها لحظة سهميّة

طال ما قلت رداي علقا

وإذا قيل : نجا الركب ، فقل

كيف ما سالم تلك الطرقا

يا رماة الحيّ موهوب لكم

ما سفكتم من دمي يوم النقا

ما تعمّدتم ولكن سبب

قرب الحين وأمر سبقا

١٠٨

٥٣ ـ محمد بن محمد بن عبدكان (١).

أبو المحاسن البغداديّ ، المقرئ.

قرأ القرآن على : أبي الخير المبارك الغسّال ، وأبي سعد محمد بن عبد الجبّار الحريميّ.

قرأ عليه : عبد الوهّاب بن برغش.

وله مصنّف في الأصول سمّاه «نور المحجّة» (٢) على طريقة الأشعريّ.

ويعرف بابن الضّجة (٣).

٥٤ ـ محمد بن محمود بن محمد.

أبو طالب بن الشّيرازيّ ، البغداديّ ، المعروف بابن العلويّة.

سمع : أبا غالب محمد بن الحسن الباقلّانيّ.

روى عنه : ابن الأخضر ، والحافظ عبد القادر ، وجماعة.

وولي قضاء بعض البلاد ، وأقام بواسط مدّة ، وبها توفّي في ذي الحجّة.

٥٥ ـ محمد بن المحسّن بن الحسين بن أبي المضاء (٤).

الخطيب شمس الدّين أبو عبد الله البعلبكيّ ، ثمّ المصريّ.

نشأ بمصر وقرأ بها الأدب.

__________________

= وانظر أبياتا أخرى في : الوافي بالوفيات.

(١) انظر عن (محمد بن محمد بن عبدكان) في : الوافي بالوفيات ١ / ١٦٦ ، ١٦٧ رقم ٩٩ ، وهدية العارفين ٢ / ٩٨ ، والأعلام ٧ / ٢٥١ ، ومعجم المؤلفين ١١ / ٢٤٢ ـ.

(٢) في الوافي : «نور الحجّة وإيضاح المحجّة».

(٣) قال ابن النجار : سألت عنه ابن أبي الفنون النحويّ فأثنى عليه ووصفه بالعلم والفضل.

(٤) انظر عن (محمد بن المحسّن) في : المختصر المحتاج إليه ١ / ١٤٢ ، وسنا البرق الشامي ١ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٢ و ٦١٦ ، و ٦٦٢ و ٦٧٥ ، ٦٧٦ ، والوافي بالوفيات ٤ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، رقم ١٩٤٦ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٩٧ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٣٢٧ ، وعقد الجمان (مخطوط) ١٢ / ٢٠٩ ب ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ٢ ج ٤ / ١٢٦ ، ١٢٧ رقم ١١٣٤ ـ.

ويرد : «محمد بن الحسين».

١٠٩

وسمع بدمشق من : الحافظ ابن عساكر ، وغيره.

ورحل إلى بغداد وسمع بها وقرأ الفقه. وعاد إلى مصر ، واتّصل بالسّلطان صلاح الدّين.

وهو أوّل من خطب بمصر لبني العبّاس. ثمّ نفّذه السّلطان رسولا إلى الدّيوان.

وسمع ببغداد من : أبي زرعة ، وابن البطّيّ.

ومات بدمشق ولم يكمل أربعين سنة.

٥٦ ـ المبارك بن عبد الجبّار بن محمد (١).

أبو عبد الله البردغوليّ.

روى عن : أحمد بن عليّ بن قريش.

روى عنه : ابنه عبد السّلام ، وغيره.

وتوفّي في جمادى الأولى (٢).

٥٧ ـ المبارك بن محمد بن المبارك.

أبو جعفر البصريّ ، المواقيتيّ ، الكتّانيّ الشّافعيّ ، المعدّل.

ولد سنة تسعين وأربعمائة.

وسمع من : أبي طاهر محمد بن محمد بن إبراهيم العبديّ ، والغطريف بن عبد الله السّعيدانيّ ، وجابر بن محمد بن جابر ، وعدّة.

وحدّث ببغداد.

وروى عنه : عمر بن محمد بن جابر الصّوفيّ ، ومحمد بن أبي غالب الباقدرائيّ ، وطائفة.

وسمع من السّلفيّ بالبصرة.

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن عبد الجبار) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٠ ، ١٧١ رقم ١١٣٣ ـ.

(٢) وكانت ولادته سنة نيّف وتسعين وأربعمائة.

١١٠

قال ابن النّجّار : مات بالبصرة بعد السّبعين وخمسمائة.

٥٨ ـ محمود بن محمد بن عبد الواحد بن ماشاذة.

الأصبهانيّ الصّوفيّ ، نزيل بغداد ، وشيخ رباط الأقفاصيّين.

زاهد عابد عارف.

سمع من : زاهر الشّحّاميّ ، وأبي غالب بن البنّاء ، وأبي بكر المزرفيّ.

وله مصنّفات في الحقائق.

سمع منه : عمر بن عليّ القرشيّ ، ومحمد بن بنا الضّرير.

توفّي في ربيع الآخر ، كذا ترجمه ابن النّجّار.

٥٩ ـ مسعود بن عبد الله بن عبيد الله.

أبو عبد الله البغداديّ الواعظ.

روى بدمشق عن : أبي الوقت.

وعنه : أبو القاسم بن صصريّ.

مات في رمضان.

٦٠ ـ مسلم بن ثابت بن زيد بن القاسم (١).

أبو عبد الله بن النّخّاس ، الوكيل ، البغداديّ.

ويعرف بابن جوالق والد عبد الله. فقيه إمام حنبليّ.

تفقّه على : أبي بكر الدّينوريّ.

وتوكّل لبعض الأمراء ، وعلت سنّه.

وحدّث بالكثير عن : أبي بكر بن سوسن ، وأبي القاسم بن بيان ، وابن نبهان ، وأبيّ النّرسيّ ، وجماعة.

وولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

__________________

(١) انظر عن (مسلم بن ثابت) في : المنتظم ١٠ / ٢٦٨ ، ٢٦٩ رقم ٣٦٣ (١٨ / ٢٣٤ رقم ٤٣١٨) ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٠٢ رقم ١٢٣٤ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٣٧ رقم ١٥٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٣ ـ.

١١١

روى عنه : أبو محمد بن قدامة ، ونصر بن عبد الرّزّاق الجيليّ ، وأبو البقاء إسماعيل بن محمد بن يحيى الهمذانيّ ، والحسين بن مسعود البيّع ، وعثمان بن أبي نصر بن الوتّار ، وآخرون.

توفّي في ذي الحجّة.

وقد سمع منه أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشيّ ، والقدماء (١).

ـ حرف النون ـ

٦١ ـ نصر بن سيّار بن صاعد بن سيّار (٢).

شرف الدّين ، أبو الفتح الكنانيّ ، الهرويّ ، القاضي الحنفيّ ، الفقيه.

من بيت القضاء والحشمة والرواية. وكان خبيرا بالمذهب ، عالي الإسناد ، معمّرا.

سمع الكثير من : جدّه القاضي أبي العلاء صاعد بن سيّار بن يحيى بن محمد بن إدريس ، والقاضي أبي عامر محمود بن القاسم الأزديّ ، وأبي عطاء عبد الأعلى بن أبي عمر المليحيّ ، والزّاهد محمد بن عليّ العميريّ ، ونجيب بن ميمون الواسطيّ ، وأبي نصر أحمد بن أبي المعروف بأميرجه سك ، وغيرهم.

وأجاز له شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ ، وأبو القاسم أحمد بن محمد الخليليّ.

__________________

(١) ذكره ابن القطيعي وقال : سمع منه جماعة من الطلبة ، وكتبت عنه. وكان صحيح السماع.

(٢) انظر عن (نصر بن سيّار) في : التحبير ٢ / ٣٤٣ ـ ٣٤٥ رقم ١٠٥٦ ، ومعجم شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة ٢٧٤ ب ، ٢٧٥ أ ، والتقييد لابن نقطة ٤٦٥ ، ٤٦٦ رقم ٦٢٦ ، وتاريخ إربل ١ / ١٣٢ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٦ ، والعبر ٤ / ٢١٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٤٥ ، ٥٤٦ رقم ٣٤٧ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٤ رقم ١٨٦٦ ، والجواهر المضيّة ٢ / ١٩٥ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٢ ـ.

١١٢

قال ابن السّمعانيّ (١) : كان فقيها ، مناظرا ، فاضلا ، متديّنا ، حسن السّيرة ، مطبوع الحركات ، تاركا للتكلّف ، سليم الجانب.

ولد في شوّال سنة خمس وسبعين وأربعمائة.

قلت : روى عنه هو ، وابنه أبو المظفّر عبد الرحيم ، وأبو القاسم زنكي بن أبي الوفاء ، ومودود بن محمود الشّقّانيّ ، والحافظ عبد القادر الرّهاويّ ، والمفتي ضياء الدّين أبو بكر بن عليّ المامنجيّ ، المصريّ ، وآخرون.

وبالإجازة القاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ.

قال السّمعانيّ في «تحبيره» (٢) : سمعت منه «جامع التّرمذيّ» ، وسمعت منه كتاب «الزّهد» لسعيد بن منصور ، بروايته عن جدّه.

وقال ابن نقطة (٣) إنّه حدّث بكتاب «الجامع» للتّرمذيّ ، عن أبي عامر الأزديّ. وسمع «صحيح الإسماعيليّ» ، من جدّه. وكان سماعه صحيحا. وبلغني أنّه توفّي يوم الثّلاثاء عاشر المحرّم.

قلت : عاش سبعا وتسعين سنة. وكان رحمه‌الله أسند من بقي بخراسان.

ـ حرف الهاء ـ

٦٢ ـ هبة الله بن عليّ بن محمد بن زنبقة.

أبو القاسم الصّفّار.

شيخ بغداديّ.

سمع : شجاعا الذّهليّ ، وأبا عليّ بن المهديّ.

روى عنه : عبد الوهّاب بن أزهر.

__________________

(١) في التحبير ٢ / ٣٤٤ ـ.

(٢) ج ٢ / ٣٤٤ ـ.

(٣) في التقييد ٤٦٦ ـ.

١١٣

قال ابن القطيعيّ : مات في شوّال.

٦٣ ـ هبة الله بن يحيى بن محمد بن هبة الله (١).

أبو محمد البغداديّ ، الوكيل بباب القضاة.

سمع : أبا الحسن العلّاف.

روى عنه : أبو الفتوح بن الحصريّ.

توفّي في ربيع الآخر.

ـ حرف الياء ـ

٦٤ ـ يحيى بن أحمد (٢).

أبو شجاع بن البرّاج ، الوكيل بباب القضاة. ثمّ زكّي ، وشهد وتقدّم.

روى عن : أبي القاسم بن الحصين ، وغيره.

كتب عنه : عمر القرشيّ ، وغيره.

٦٥ ـ يحيى بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.

أبو زكريّا بن الخطّاب الرّازيّ ، ثمّ الإسكندرانيّ.

سمع من والده وتوفّي في هذه السّنة.

وحدّث.

ضعّفه ابن المفضّل وقال : لا أروي عنه.

* * *

وفيها ولد الشّيخ الفقيه حونين في رجب ،

والصّفيّ إسماعيل بن إبراهيم بن الدرجيّ بدمشق ،

والكمال عليّ بن شجاع الضّرير بمصر في شعبان ،

والشّيخ أوحد الدّين عمر الدّوينيّ.

__________________

(١) انظر عن (هبة الله بن يحيى) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٢٩ رقم ١٣٠٢ ـ.

(٢) انظر عن (يحيى بن أحمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٣٧ رقم ١٣٣٢ ـ.

١١٤

سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة

ـ حرف الألف ـ

٦٦ ـ أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى (١).

أبو جعفر ابن القاصّ الشّيرازيّ ، ثمّ البغداديّ ، القطفطيّ (٢) المقرئ ، الزّاهد. صاحب رياضة وتعبّد ونسك وعرفان وتصوّف.

قرأ القراءات على أحمد بن عليّ بن بدران (٣) الحلوانيّ ، وأبي الخير المبارك الغسّال ، وأبي بكر محمد بن بركات بن سلامة الدّارميّ الآمديّ.

وسمع : أبا محمد بن الأبنوسيّ ، وأبا القاسم بن بيان ، وجماعة.

وحدّث وأقرأ النّاس.

أخذ عنه جماعة وأثنوا عليه.

وتوفّي في صفر وله سبع وسبعون سنة (٤).

روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وأبو بكر بن مشّق ، وآخرون ، وأبو القاسم بن صصريّ ، وأحمد بن أحمد البندنيجيّ.

وقرأ عليه بالرّوايات عبد العزيز بن دلف ، وجماعة (٥).

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن أحمد) في : المختصر المحتاج إليه ١ / ١٧٠ ، ١٧١ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٥٠ رقم ٤٩٩ ، وغاية النهاية ١ / ٣٨ ، والوافي بالوفيات ٦ / ٢٢٦ رقم ٢٦٩٥ ـ.

(٢) في الأصل : «القطفي» والمثبت من (معرفة القراء الكبار).

(٣) تصحّف «بدران» في (الوافي بالوفيات) إلى «بردان».

(٤) وكان مولده سنة ٤٩٦ ه‍.

(٥) وقال ابن النجار : كان أحد عباد الله الصالحين منقطعا إلى الطاعة ، مشتغلا بالزهد والعبادة ، لازما لمسجده لا يخرج منه إلّا إلى صلاة الجمعة منقطعا أو جنازة ، وكان

١١٥

٦٧ ـ أحمد بن حامد بن الفرات بن أحمد بن مهديّ.

أبو العبّاس الرّبعيّ ، الضّمريّ ، البزّاز.

سمع ابن الخطّاب الرّازيّ بثغر الإسكندريّة.

روى عنه : ابن صصريّ في مشيخته ، وفيها أنّه ولد بقرية ضمير سنة ستّ وثمانين أربعمائة.

وله شعر حسن.

مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث هذه.

٦٨ ـ أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس (١).

أبو العبّاس البغداديّ ، الحنبليّ ، الفقيه ، الزّاهد.

ولد سنة إحدى وخمسمائة.

وسمع من : أبي سعد بن الطّيوريّ ، وأبي طالب الزّينبيّ.

وتفقّه على : أبي بكر الدّينوريّ ، وأبي خازم بن القاضي أبي يعلى.

وأنشأ له نصر بن العطّار التّاجر مدرسة ودرّس بها.

وأقرأ الفقه وتخرّج به جماعة.

وكان زاهدا عابدا ، خيّرا ، متنبّلا ، كبير القدر.

قرأ أيضا القراءات على أبي عبد الله البارع ، وأبي بكر المزرفيّ (٢).

__________________

= معتكفا على إقراء الناس القرآن والفقه والحديث ، وكان غزير الدمعة عند الذكر ، ظاهر الخشوع ، وله قدم في التصوّف ومعرفة بأحوال أهل الطريقة ، وله مصنّفات في ذلك. وكان يحضر السماع ويقول به على طريقة المتصوّفة والناس يقصدون زيارته ويطلبون بركته.

(١) انظر عن (أحمد بن محمد بن المبارك) في : المنتظم ١٠ / ٢٧٦ رقم ٣٦٤ (١٨ / ٢٤٣ رقم ٤٣١٩) ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٢٠٦ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٤٤ ، وتاريخ إربل ١ / ٩٨ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٣٨ ، رقم ١٥٨ ، والوافي بالوفيات ٨ / ١١٣ ، ١١٤ رقم ٣٥٢٨ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ـ.

(٢) في الأصل ، وأصل الوافي بالوفيات : «المرزفي» بتقديم الراء. والتحرير من : المنتظم ، والمختصر ، والذيل.

و «المزرفي» : بفتح الميم وسكون الزاي وفتح الراء ، وفي آخرها الفاء ، هذه النسبة إلى

١١٦

روى عنه : موفّق الدّين المقدسيّ وقال : كان من أصحاب أحمد ، وله مسجد ومدرسة. يتكلّم في مسائل الخلاف ويدرس. وكان يتزهّد وما علمت منه إلّا الخير.

قال ابن مشّق : توفّي في خامس صفر.

وروى عنه أيضا عبد العزيز بن باقا ، ومحمد بن أحمد بن شافع (١).

٦٩ ـ أرسلان (٢) بن طغرل (٣) بن محمد بن ملك شاه.

السّلجوقيّ السّلطان.

توفّي في هذا العام.

وكان القائم بدولته زوج أمّه شمس الدّين إلدكز ، وابنه البهلوان.

وكان أرسلان سلطانا مستضعفا ، له السّكّة والخطبة. ولمّا مات خطب

__________________

= المزرفة ، وهي قرية كبيرة بغربي بغداد على خمسة فراسخ منها. (الأنساب ١١ / ٢٧٥).

(١) وقال سبط ابن الجوزي : زوّجه جدّي ستّ العلماء أكبر بناته.

ومن نظمه :

أحبابنا لا سلمت من الردى

يمين من يخون في اليمين

بكيت دمعا ودما لبينهم

وقرحت من أدمعي جفوني

مذ رحلوا أحباب قلبي سحرا

فالشوق والتذكار أودعوني

فيا غراب بينهم لا سترت

فراخك الأوراق في الغصون

فكيف أشكو والوفاء مذهبي

أم كيف أنسى والوداد ديني

قالوا وقد ودّعتهم وأدمعي

تجري وخوف البين يعتريني

الصبر أحرى فاصطبر إن لعبت

أيدي النوى بقلبك المحزون

وقال ابن رجب : وقرأت بخط ناصح الدين بن الحنبلي : كان فقيها زاهدا ، عابدا مفتيا.

وسمعته يتكلّم في حلقة شيخنا ابن المنّي ، وعليه من نور العبادة وهدي الصالحين ما يشهد له.

(٢) انظر عن (أرسلان بن طغرل) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٣٥٨ ، والدرّ المطلوب ٦١ (في وفيات سنة ٥٧٢ ه‍.) ، والعبر ٤ / ٢١٧ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٨٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣٩٨ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٤ (في وفيات سنة ٥٧٠ ه‍.) ، والوافي بالوفيات ٨ / ٣٢٤ رقم ٣٧٧٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٤ ـ.

(٣) في (العبر) : «طغربل».

١١٧

بعده لولده طغرل الّذي قتله خوارزم شاه ، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

ـ حرف الحاء ـ

٧٠ ـ الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد.

أبو عليّ بن الخويريّ ، العبّاسيّ.

سمع : إسماعيل بن السّمرقنديّ ، وطائفة.

وقرأ بالرّوايات على الشّهرزوريّ ، وأقرأ القراءات والعربيّة بواسط.

وكان يعلم الموسيقى ، فيه دين وتعبّد.

أرّخه ابن النّجّار.

ـ حرف الدال ـ

٧١ ـ [داود] (١) بن محمد بن الحسن بن خالد (٢).

القاضي أبو سليمان الخالديّ ، الإربليّ ، ثمّ الحصكفيّ ، الفقيه الشّافعيّ.

ولد سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة بالموصل. وتفقّه ببغداد.

وسمع : أبا القاسم بن بيان ببغداد ، وأبا منصور محمد بن عليّ بن محمود الكراعيّ بمرو.

وقدم دمشق رسولا فحدّث بها ، ثمّ سكن الموصل وحدّث بها بأشياء منها «صحيح البخاريّ» ، لكنّه أسقط من إسناده إلى البخاريّ رجلا ، واستمرّ الوهم عليهم وعليه.

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمثبت من : تاريخ إربل ١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٧ رقم ١٦٢ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ١١٩ ، وانظر الوافي بالوفيات ١٣ / ٤٩٤ رقم ٥٨٩ ـ.

(٢) يقال : ابن أبي خالد الإربلي. قال ابن المستوفي : كذا وجدت نسبه بخطّه ـ رحمه‌الله ـ سوى الإربلي فإنّي وجدته باستجازة لأبي الفتوح عبد الله بن شيخنا أبي المظفر المبارك بن طاهر. وذكر صورتها وفيها سماعه في مجالس عدّة آخرها شهر ربيع الأول من سنة ٥٢٣ ه‍. ، وأسماء الكتب التي سمعها : صحيح مسلم ، في سنة ٥١٨ ه‍. ، وبمرو سنة ٥١٩ ه‍. ، وموطّأ مالك في سنة ٥٢٠ ه‍. بمصر ، وكتاب الشهاب ببغداد سنة ٥٠٩ ه‍. ، وكتاب المقامات للحريري ببغداد سنة ٥٠٩ ه‍. ، وطريق آخر البخاري سنة ٥٧٢ ه‍.

١١٨

روى عنه : أبو القاسم بن صصريّ ، والقاضي أبو نصر بن الشّيرازيّ.

وأجاز البهاء عبد الرّحمن.

وتوفّي بالموصل يوم النّحر ، وقد ولي قضاء كيفا مدّة.

٧٢ ـ [داود] (١) بن يزيد.

أبو سليمان السّعديّ ، الغرناطيّ.

بقيّة النّحويين بالأندلس.

أخذ عن : أبي الحسن بن الباذش ، وكان من أكبر تلامذته.

وسمع من : أبي محمد بن عتّاب ، وأبي بحر بن العاص ، وابن مغيث ، وغيرهم.

وكان له مشاركة في علم الحديث. أخذ القراءات عنه ، ومن رواته : أبو بكر بن أبي زمنين ، وأبو الحسن بن خروف ، وأبو القاسم الملاحي (٢).

وتوفّي عن خمس وثمانين سنة.

ـ حرف الصاد ـ

٧٣ ـ صدقة بن الحسين بن الحسن بن بختيار (٣).

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : بغية الوعاة ١ / ٥٦٣ ، ٥٦٤ رقم ١١٨٠ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ٤٩٩ رقم ٥٩٨ ـ.

(٢) وكان يقرئ العربية والأدب واللغة ، ويستفتح مجلسه بأمّ القرآن تبرّكا ، ويسمع الحديث في رمضان بدلا من كتب الأشعار ، وكان غزير الدمعة ، كثير الخشية عند قراءة القرآن والحديث ، وكان يأكل الشعير ، ولم يأكل لحما من الفتنة الأولى لأجل المغانم والمكاسب. انتقل من غرناطة إلى باغة من أجل السلطان دعاه لإقراء بنيه ، فقال : والله لا أهنت العلم ، ولا مشيت به إلى الديار ، ثم انتقل إلى قرطبة ، وكان يسأل الله تعالى الموت بها. فمات بها سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، ومولده بعد الثمانين وأربعمائة بيسير.

(٣) انظر عن (صدقة بن الحسين) في : المنتظم ١٠ / ٢٧٦ ـ ٢٧٨ رقم ٣٦٥ ، (١٨ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ رقم ٤٣٢٠) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤٤٩ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٤٤ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٦١ ، ووفيات الأعيان ٦ / ٢٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٦٦ ، ٦٧ رقم ٢٣ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٣١٠ ، والمغني في الضعفاء ١ / ٣٠٧ ، والمختصر المحتاج إليه ٢ / ١٠٩ ، وذيل الروضتين ١٢ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٩٢ ـ ٢٩٤ رقم ٣٢٣ ، والإعلام ـ

١١٩

أبو الفرج بن الحدّاد البغداديّ ، الفقيه ، الحنبليّ ، النّاسخ.

تفقّه على : أبي الوفاء بن عقيل ، وأبي الحسن بن الزّاغونيّ ، وسمع منهما.

ومن : أبي عثمان بن ملّة ، وأبي طالب اليوسفيّ.

وكان قيّما بالفرائض والحساب ، ويفهم الكلام. وأقرأ النّاس ، وتخرّج به جماعة.

وكان مليح الخطّ ، نسخ الكثير ، وكان ذلك معاشه. وكان يؤمّ بمسجد وهو يقيم فيه (١).

قال أبو الفرج بن الجوزيّ (٢) : ناظر وأفتى إلّا أنّه كان يظهر في فلتات لسانه ما يدلّ على سوء عقيدته. وكان لا ينضبط ، فكلّ من يجالسه يعثر منه على ذلك (٣). وكان تارة يميل إلى مذهب الفلاسفة ، وتارة يعترض على القدر.

دخلت عليه يوما وعليه جرب فقال : ينبغي أن يكون هذا على جمل لا عليّ.

__________________

= بوفيات الأعلام ٢٣٦ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٨٨ وفيه : «الذيل ذيّل تاريخ ابن الزعفرانيّ» ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٣٣٩ ـ ٣٤٣ رقم ١٥٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ولسان الميزان ٣ / ١٨٤ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٥١ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٤٥ ، وكشف الظنون ٢٩٠ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ١٨ ، وصيد الخاطر ٢٣٩ ـ.

(١) وقال ابن رجب : وبرع في الفقه ، فروعه وأصوله ، وقرأ علم الجدل والكلام ، والمنطق والفلسفة والحساب ، ومتعلقاته من الفرائض وغيرها. وكتب خطا صحيحا. وقال الشعر المليح ، وأفتى وناظر ، وانقطع بمسجده بالبدرية شرقي بغداد ، يؤمّ الناس فيه : وينسخ ويفتي ، ويتردّد إليه الطلبة يقرءون عليه فنون العلم ، وبقي على ذلك نحوا من سبعين سنة حتى توفي.

قال ابن النجار : وله مصنّفات حسنة في أصول الدين. وقد جمع تاريخا على السنين ، بدأ فيه من وقت وفاة شيخه ابن الزاغوني سنة سبع وعشرين وخمسمائة ، مذيّلا به على تاريخ شيخه ، ولم يزل يكتب فيه إلى قريب من وقت وفاته ، يذكر فيه الحوادث والوفيات ، وقد نسخ بخطه كثيرا للناس من سائر الفنون. وكان قوته من أجرة نسخه ، ولم يطلب من أحد شيئا ولا سكن مدرسة ، ولم يزل قليل الحظ ، منكسر الأغراض ، متنغّص العيش ، مقتّرا عليه أكثر عمره.

(٢) في المنتظم.

(٣) في المنتظم زيادة : «وكان يخبط الاعتقاد وتارة يرمز إلى إنكار بعث الأجسام».

١٢٠