تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٩

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال :

عصيت هوى نفسي صغيرا فعند ما

رمتني اللّيالي بالمشيب وبالكبر

أطعت الهوى عكس القضيّة ليتني

خلقت كبيرا ثمّ عدت إلى الصّغر (١)

فزاد ابنه أبو الحسن عليّ :

[هنيئا] (٢) له إن لم يكن كابنه الّذي

أطاع الهوى في حالتيه وما اعتذر (٣)

وكان عبد الملك بن عياش مع فنونه وفضائله من أبرع الناس خطّا.

٢٩٦ ـ عليّ بن حمزة بن فارس (٤).

أبو الحسن بن القبّيطيّ ، الحرّانيّ. والد حمزة ومحمد.

قدم بغداد فاستوطنها ، وقرأ القراءات على : أبي العزّ القلانسيّ.

وسمع من : أبي بكر المزرفيّ ، وغيره.

سمع منه : ولداه ، وأبو المحاسن القرشيّ.

وتوفّي في جمادى الآخرة.

قال ابن النّجّار : قرأ لأبي عمرو على القلانسيّ ، تلا عليه ابنه حمزة.

صالح ، خيّر ، له دنيا. عاش ثلاثا وثمانين سنة (٥).

٢٩٧ ـ عليّ بن المبارك بن الحسين بن عبد الوهّاب بن نغوبا (٦).

__________________

(١) في الأصل : «الصّقر» بالقاف وهو خطأ.

(٢) بياض في الأصل.

(٣) في الذيل والتكملة : «في الحالتين وما ائتمر».

(٤) انظر عن (علي بن حمزة) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٢٤ رقم ١٠٠١ ، والوافي بالوفيات ٢١ / ٧٥ ، ٧٦ رقم ٣٦.

(٥) ومن شعره :

ناظر السّخط كذوب أبدا

عنده تبر المعالي شبه

فاستعر لي مقلة أكحلها

بالرضا كيما تزول الشّبه

ومنه :

أتمنّى والعمر أقصر من أن

أتهنّى لو نلت ما أتمنّى

(٦) انظر عن (علي بن المبارك) في : الأنساب ٣ / ٢٩٠ بالحاشية ، والتقييد لابن نقطة ٤١٦ ، ٤١٧ رقم ٥٥٦ ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ١٣٩ ، ١٤٠ رقم ١٠٤٧ ، وذيل تاريخ بغداد=

٣٢١

أبو الحسن الواسطيّ ، المعدّل.

من بيت حديث وميزة.

سمع : أبا نعيم محمد بن إبراهيم الجماريّ ، وأبا نعيم بن ربرب ، وأبا الأزهر عليّ بن أحمد الكتّانيّ ، وخميسا الحوزيّ.

وببغداد من : عبد الوهاب الأنماطيّ ، وجماعة.

وروى الكثير. سمع منه : صدقة بن الحسين مع تقدّمه ، وأحمد بن طارق ، وعبد العزيز بن الأخضر ، والشّيخ الموفّق ، وآخرون.

وغرق في دجلة منحدرا إلى واسط في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة.

وروى عنه أيضا سليمان بن داود الحربيّ النّسّاج. صدوق.

ـ حرف الميم ـ

٢٩٨ ـ محمد بن الحسن بن الحسين (١).

أبو جعفر الأصبهانيّ ، الصّيدلانيّ.

شيخ معمّر ، عالي الإسناد ، معدوم النّظير. له إجازة من الهرويّين في سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

أجاز له : عبد الرحمن بن محمد بن عفيف كلار البوشنجيّ ، وبيبى الهرثميّة وهو آخر من روى في الدّنيا عنهما ، وأبو عامر محمود بن القاسم الأزديّ ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل ، ونجيب بن ميمون الواسطيّ ، ومحمد بن عليّ العميريّ ، وجماعة.

وسمع سنة أربع وثمانين ببلده من : سليمان بن إبراهيم الحافظ ،

__________________

= لابن الدبيثي ١٥ / ٣١٤.

(١) انظر عن (محمد بن الحسن) في : العبر ٤ / ٢٠٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٢ رقم ١٨٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٣٠ ، ٥٣١ رقم ٣٣٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٨.

٣٢٢

ورزق الله التّميميّ ، والقاسم بن الفضل الرئيس ، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن سمير ، ومحمد بن عليّ بن محمد بن فضلويه الأبهريّ ، ومحمد بن عليّ بن أحمد السّكّريّ ، والثّلاثة يروون عن محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزديّ.

وسمع أيضا من : مكّيّ السّلّار ، وعمر بن أحمد بن عمر السّمسار ، ومحمد بن محمد بن عبد الوهّاب المدينيّ ، وجماعة.

خرّج له الحافظ أحمد بن عمر النّاينيّ جزءا سمّاه «لآلئ القلائد».

روى عنه : عبد العظيم بن عبد اللّطيف الشّرابيّ ، والحافظ عبد القادر بن عبد الله الرّهاويّ ، وعبد الكريم بن محمد بن محمد المؤدّب ، والعماد أحمد بن أحمد بن أميركا الأصبهانيّ ، وبقي العماد إلى بعد الثّلاثين وستّمائة.

وأجاز أبو جعفر لكريمة ، ولعلم الدّين عليّ بن الصّابونيّ ، وجماعة.

وتوفّي في السّادس والعشرين من ذي القعدة.

ورّخه أحمد بن الجوهريّ الحافظ.

٢٩٩ ـ محمد بن خمارتكين (١).

أبو عبد الله التّبريزيّ ، البغداديّ ، الفقيه.

سمع من : مولاه أبي زكريّا التّبريزيّ ، وأبي الخطّاب الكلوذانيّ ، وأبي الخير المبارك بن العسّال.

روى عنه : ابنه إسماعيل ، وأحمد بن أحمد البندنيجيّ ، والموفّق عبد اللّطيف بن يوسف ، وعبد اللّطيف بن القطيعيّ.

وتوفّي في العشرين من ربيع الأوّل وله تسعون سنة. وكان فقيها بالنّظاميّة.

٣٠٠ ـ محمد بن عبد الخالق بن أحمد (٢).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن خمارتكين) في : المختصر المحتاج إليه ١ / ٧٩.

(٢) انظر عن (محمد بن عبد الخالق) في : المختصر المحتاج إليه ١ / ٨١ ، وذيل تاريخ مدينة

٣٢٣

اليوسفيّ ، أخو عبد الحقّ ، وعبد الرحيم. وهو أصغر الإخوة وأدبرهم.

سمع بيزد : إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن.

وببغداد : قاضي المرستان ، وأبا منصور الشّيبانيّ القزّاز.

واستوطن الموصل. وله ذكر في تزوير السّماعات ، أفسد بها أحوال شيوخ ، واختلط إسماعهم بتزويره ، فترك النّاس حديثهم.

قال ابن الدّبيثيّ (١) : سمعت تميم بن البندنيجيّ يقول : أبو الفضل خطيب الموصل ثقة صحيح السّماع ، أدخل عليه محمد بن عبد الخالق في حديثه أشياء لم يسمعها ، وكان قد دخل عليه ولاطفه بأجزاء ذكر أنّه نقل سماعه فيها من مثل طراد ، والنّعاليّ ، وابن البطر ، وهؤلاء قد سمع منهم أبو الفضل ، فقبلها منه ، وحدّث بها اعتمادا على نقل محمد له ، وإحسان الظّنّ به ، فلمّا علم كذب محمد طلبت أصول الأجزاء الّتي حملها إليه ، فلم توجد ، واشتهر أمره ، فلم يعبأ النّاس بنقله ، وترك خطيب الموصل كلّما شكّ فيه ، وحذر من رواية ما شكّ فيه.

قلت : وبعد ذلك جمع خطيب الموصل [مشيخته] (٢) المشهورة وخرّجها من أصوله.

توفّي محمد في سنة ثمان وستّين في جمادى الآخرة ، وله ستّ وأربعون سنة.

٣٠١ ـ محمد بن عليّ بن عمر بن زيد (٣).

أبو بكر بن اللّتّيّ ، الحريميّ.

قرأ بالروايات على أبي منصور بن خيرون ، وغيره.

__________________

= السلام بغداد لابن الدبيثي ٢ / ٨٧ ، ٨٨ رقم ٢٩٨ ، وميزان الاعتدال ٣ / ٦١٣ رقم ٧٨٢٤ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ولسان الميزان ٥ / ٢٤٤.

(١) المختصر المحتاج إليه ١ / ٨١ ، ذيل تاريخ مدينة السلام ٢ / ٨٧.

(٢) إضافة على الأصل من : ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٣.

(٣) انظر عن (محمد بن علي بن عمر) في : ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ٢ / ٢٠ ، رقم ٣٤٤ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٩٠.

٣٢٤

وسمع من : القاضي أبي بكر ، وأبي منصور القزّاز ، وجماعة.

وكان له فهم وعناية ، وبإفادته سمع ابن أخيه أبو المنجّا عبد الله بن عمر.

قال ابن النّجّار : كان صدوقا ، سمع منه محمد بن مشّق.

وتوفّي في رمضان ، وله تسع وأربعون سنة.

٣٠٢ ـ المبارك بن نصر الله بن سلمان (١).

الإمام أبو الفتح بن الدّبّيّ (٢) ، الفقيه الحنفيّ.

أحد الكبار ببغداد. درّس المذهب ، وتوفّي في آخر السّنة (٣).

وكان عامل ديوان المقاطعات ، وكتب جميع ماله لامرأة له يهوديّة ، وحرم ابن أخيه.

٣٠٣ ـ محمود بن محمد بن العبّاس (٤).

الفقيه أبو محمد الخوارزميّ ، الشّافعيّ.

سمع : أباه ، وجدّه عبّاس بن رسلان ، وإسماعيل بن أحمد البيهقيّ ، ومحمد بن عبد الله الحفصويّ سمع منه بمرو ، وأحمد بن عبد الواحد الفارسيّ بسمرقند ، ومحمد بن عليّ بن المطهّريّ ببخارى ، وابن الطّلّاية ببغداد ، ووعظ بها بالنّظاميّة.

سمع منه : يوسف بن مقلّد ، وأحمد بن طارق.

قال أبو سعد السّمعانيّ : كان فقيها ، عارفا بالمتّفق والمختلف ، صوفيّا ، حسن الظّاهر والباطن.

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن نصر) في : الإستدراك ٢ / ٧٣٢ ، والمنتظم ١٠ / ٢٤٢ رقم ٣٤٢ (١٨ / ٢٠١ رقم ٤٢٩٦) ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٩ ، ١٨٠ رقم ١١٦١ ، والمشتبه في الرجال ١ / ٣٠٧ ، وتاج العروس ٢ / ٣٩٧ ، وتوضيح المشتبه ٤ / ١٣٢.

(٢) في المنتظم : «أبو الزنى» ، والمثبت يتفق مع : المشتبه ١ / ٣٠٧ ، والإستدراك ، والتوضيح.

(٣) ورّخ المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ وفاته في (المشتبه) في سنة ٥٢٨ ه‍. ، والصحيح سنة ٥٦٨ ه‍. كما ذكره ابن نقطة. (توضيح المشتبه ٤ / ١٣٢).

(٤) انظر عن (محمود بن محمد) في : كتاب في التراجم لابن عبد الهادي (مخطوط بالظاهرية) ١ / ٧٩ (رقم ٤٥٥١ عام) ، وهدية العارفين ٢ / ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ومعجم المؤلفين ١٢ / ١٩٦.

٣٢٥

سمع الكثير على كبر السّنّ ، وعلّق المذهب عن الحسن بن مسعود البغويّ. وأفاد النّاس بخوارزم ، وألّف «تاريخ خوارزم».

ولد سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

قلت : توفّي في رمضان سنة ثمان رحمه‌الله ، وكان يعرف بالعبّاسيّ ، وله ترجمة في «تاريخ ابن النّجّار».

وقال السّمعانيّ : سمعت منه بجرجانية خوارزم.

قلت : طالعنا الأوّل من «تاريخ خوارزم» له.

٣٠٤ ـ مسعود بن محمد بن سعيد بن مسعود.

الإمام أبو الفتح المسعوديّ ، المروزيّ. خطيب مرو.

كثير العبادة ، ملازم للتّلاوة ، وكان ينظم الشّعر وينشئ الخطب.

ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

وسمع من : والده ، ومن أبي بكر بن السّمعانيّ ، ووالده الإمام أبي المظفّر منصور السّمعانيّ ، وأبي منصور البيّع ، وأبي عبد الله الدّقّاق ، وغيرهم.

وأجاز له أبو بكر بن خلف الشّيرازيّ ، وأبو بكر بن سوسن البغداديّ ، وأبو بكر حفيد ابن مردويه.

وخرّج له أبو سعد السّمعانيّ مشيخة.

وسمع منه : أبو المظفّر عبد الرحيم بن السّمعانيّ ، وأخوه أبو زيد ، ورقيّة بنت المنيعيّ ، وغيرهم.

وطال عمره وتفرّد في وقته.

توفّي سنة ٥٦٨.

٣٠٥ ـ الموفّق بن أحمد بن محمد (١).

__________________

(١) انظر عن (الموفق بن أحمد) في : إنباه الرواة ٣ / ٣٣٢ ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٠٢ رقم ١٢٣٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٢٠٢ رقم ١٢٣٣ ، والجواهر المضيّة ٢ / ١٨٨ ، وبغية الوعاة ٢ / ٤٠١ ، وكشف الظنون ١٣ / ٨١٥ و ١٨٣٧ ، وهدية العارفين ٢ / ٤٨٢ ،

٣٢٦

أبو المؤيّد المكّيّ ، العلّامة ، خطيب خوارزم.

كان أديبا ، فصيحا ، مفوّها ، خطب بخوارزم دهرا ، وأنشأ الخطب ، وأقرأ النّاس ، وتخرّج به جماعة.

وهو الّذي يقال له : خطيب خوارزم.

توفّي بخوارزم في صفر.

قال ابن الدّبيثيّ : أنبا ناصر بن عبد السّيّد الأديب ، أنا الموفّق ، أنا أبو الغنائم النّرسيّ ، الكوفيّ .. فذكر حديثا.

وله كتاب في فضائل عليّ ، رأيته وفيه واهيات كثيرة.

لخطيب (١) خوارزم شعر جيّد ، معجرف اللّغة ، كقوله :

لقد شقّ قلبي سهم النّوى

على أنّ موتي في خدشه

أموت بتأفيف هجر الحبيب

فقس كيف حالي لدى بطشه

إذا لم تنل لظى الصّدر من

شآبيب وصل فمن رشه

ألا فانعش ذا هوى قد هوى

ففي بطشة المنع من نعشه

٣٠٦ ـ [يزدن] (٢) التّركيّ.

__________________

= والأعلام ٨ / ٢٨٩ ، ومعجم المؤلفين ١٣ / ٥٢.

(١) في الأصل : «ولا خطب».

(٢) في الأصل بياض ، والاستدراك من :

المنتظم ١٠ / ٢٤٢ رقم ٣٤٣ (١٨ / ٢٠١ رقم ٤٢٩٧) ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ وقد ذكر محقّقو (المنتظم) في طبعته الجديدة ١٨ / ٢٠١ بالحاشية (٥) إن ترجمته في : البداية والنهاية ، وفيه «الحسن بن ضافي بن بزدن التركي».

ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :

إنّ الموجود في (البداية والنهاية) هو فعلا كما ذكروا ، ولكنهم لم يتنبّهوا إلى الخلط الواضح بين اسمين هما : «الحسن بن صافي» (بالصاد المهملة على الصحيح) وهو : «ملك الرافضة والنحو» كما يقول ابن كثير.

و «يزدن التركي» (بالياء المثنّاة بنقطتين على الصحيح) وهو : من أكابر أمراء بغداد كما يقول ابن كثير أيضا.

وكان يجدر بهم أن يفرّقوا بين الاسمين وينبّهوا إلى الخلط الواقع في (البداية والنهاية).

وقد تقدّمت ترجمة «الحسن بن صافي» ملك النحاة ، برقم (٢٨٩) فلتراجع.

٣٢٧

من كبار أمراء الدّولة ، وكان شيعيّا غاليا ، متعصّبا. فانتشر بسببه الرّفض ، وتأذّى أهل السّنّة إلى أن هلك في ذي الحجّة (١).

__________________

(١) وقال ابن كثير : وحين مات فرح أهل السّنّة بموته فرحا شديدا ، وأظهروا الشكر لله ، فلا تجد أحدا منهم إلا يحمد الله ، فغضب الشيعة من ذلك ، ونشأت بينهم فتنة بسبب ذلك. وذكر ابن الساعي في تاريخه أنه كان في صغره شابا حسنا مليحا معشوقا للأكابر من الناس. قال : ولشيخنا أبي اليمن الكندي فيه ، وقد رمدت عينه :

بكلّ صباح لي وكلّ عشيّة

وقوف على أبوابكم وسلام

وقد قيل لي : يشكو سقاما بعينه

فها نحن منها نشتكي ونضام

٣٢٨

سنة تسع وستين وخمسمائة

ـ حرف الألف ـ

٣٠٧ ـ أحمد بن جعفر بن أحمد بن إدريس (١).

أبو القاسم الغافقيّ ، المقرئ ، الخطيب.

نزيل الإسكندريّة.

توفّي فيها ، ومولده سنة خمسمائة.

أخذ عنه : الحافظ ابن المفضّل ، وأبو القاسم الصّفراويّ ، وغيرهما (٢).

٣٠٨ ـ أحمد بن عبد الله.

أبو طالب العلويّ ، القصريّ. من ولد محمد بن الحنفيّة.

روى عن : يوسف اللّخميّ بالمغرب.

٣٠٩ ـ أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصّقر.

أبو العبّاس الأنصاريّ ، الأندلسيّ. قاضي إشبيلية.

سمع من : أبي الحسن بن الباذش ، وأبي القاسم بن الأبرش ، ودرس عليهما العربيّة.

وكان بصيرا بالفقه ، معروفا بالذّكاء ، بارع الخطّ.

روى عنه : ابنه ، وأبو خالد بن رفاعة.

توفّي بمرّاكش في جمادى الأولى ، وقد قارب الثّمانين.

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن جعفر) في : معرفة القراء الكبار ٢ / ٥٥٦ رقم ٥٠٨ ، وغاية النهاية ١ / ٤٣ رقم ١٧٨ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٩٦.

(٢) وقال ابن الجزري : رأيت له مفردة لابن عامر وعاصم.

٣٢٩

٣١٠ ـ أحمد بن عبيد الله بن العبّاس (١).

البغداديّ ، المؤدّب.

صحب أبا الخطّاب الكلوذانيّ الفقيه ، وسمع منه.

روى عنه : عبد الله بن أحمد الخبّاز.

وكان يؤمّ بمسجد.

توفّي في رمضان.

٣١١ ـ أحمد بن عليّ بن المعمّر بن محمد بن المعمّر (٢).

النّقيب أبو عبد الله العلويّ ، الحسينيّ (٣).

شريف ، نبيل ، عريق في السّيادة ، له شعر وترسّل. تولّى نقابة العلويّين بعد والده سنة ثلاثين (٤).

وسمع : أبا الحسين الطّيوريّ ، وأبا الحسين بن العلّاف ، وأبيّا النّرسيّ ، وغيرهم. وولد في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.

روى عنه : أحمد بن طارق ، والشّيخ الموفّق ، وأبو إسحاق الكاشغريّ ، ومحمد بن عبد العزيز بن الخزّاز ، وطائفة.

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن عبيد الله) في : المختصر المحتاج إليه ج ١.

(٢) انظر عن (أحمد بن علي بن المعمر) في : المنتظم ١٠ / ٢٤٧ رقم ٣٤٤ (١٨ / ٢٠٨ رقم ٤٢٩٨) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤١١ ، ومعجم الأدباء ٤ / ٧٠ ـ ٧٢ ، ومختصر تاريخ ابن الدبيثي ١ / ١٩٤ والعبر ٤ / ٢٠٥ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٥ ، والوافي بالوفيات ٧ / ٢١١ ، ٢١٢ ، رقم ٣١٦٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٢ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٣١ ، ومعجم المؤلفين ٢ / ٢٤ وذكره المؤلّف ـ رحمه‌الله في : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٦ ولم يترجم له.

(٣) وكان يلقب بالظاهر. (المنتظم) ، وفي (الكامل) : «الظاهر» وهو تصحيف.

(٤) وقال ياقوت : أديب ، فاضل ، شاعر منشئ ، له رسائل مدوّنة حسنة ، مرغوب فيها ، يتناولها الناس في مجلّدين ، وكان من ذوي الهيئات والمنزلة الخطيرة التي لا يجحدها أحد ، وكان فيه كيس ومحبّة لأهل العلم ، وبينه وبين محمد بن الحسن بن حمدون مكاتبات كتبناها في ترجمته ، وكان وقورا ، عاقلا جدا ، تولّى النقابة بعد أبيه في سنة ثلاثين وخمسمائة ، ولم يزل على ذلك إلى أن مات في سنة تسع وستين وخمسمائة ، تاسع عشر جمادى الآخرة ، فيكون قد تولّى النقابة تسعا وثلاثين سنة. (معجم الأدباء ٤ / ٧٠ ، ٧١).

٣٣٠

قال ابن النّجّار : كان يحبّ الرواية ويكرم أهل الحديث. وله شعر فائق ، وحدّث بالكثير.

توفّي في جمادى الأولى ، وللرّشيد بن مسلمة إجازة منه (١).

٣١٢ ـ إبراهيم بن يحيى.

أبو عمرو الشّاطبيّ ، الأديب.

روى عن : أبي عليّ بن سكرة ، وأبي عمران بن أبي تليد.

كتب عنه : أبو عمر بن عات ، وغيره.

وكان إخباريّا.

٣١٣ ـ إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن باديس بن العابد (٢).

__________________

(١) وقال ابن الجوزي : سمع الحديث الكثير وقرئ عليه ، وكان حسن الأخلاق ، جميل المعاشرة ، يتبرّأ من الرافضة. (المنتظم).

وأورد الصفدي من شعره :

دمع يحدّ ووجنة تتخدّد

وجوّى يزيد وزفرة تتجدّد

وصبابة تنمي وصبر نافر

وضنى يجول وجور وجد يلبّد

وهوى يشعّب فكرتي ويذيبني

شوقا تقسّمه كواعب خرّد

وحنين قلب واشتجار وساوس

ودوام تهيام وجفن يسهد

وأنين خلب محدق وغرام وجد

مقلق وجوارح تتبلّد

ونحول جسم واضح وسقام

حبّ فاضح وجياد عقل تشرد

وغريم تذكار مقيم ساخط

أبدا عليّ رسوله يتمرّد

وتلفّت نحو الديار وأنّه

يحيا بها دمعي الّذي لا يجمد

وتطلّع نحو الغوير ولوعة

تسيارها شغفا يخبّ ويزبد

(الوافي بالوفيات).

وقال ياقوت : وله كتاب ذيّله على «منثور المنظوم لابن خلف النّيرماني» ، وكتاب آخر مثله في إنشائه وكانت حرمته في الأيام المقتفوية ، وأمره لم ير أحد من النقباء مثلهما مقدرة وبسطة. ثم مرض مرضة شارف فيها التلف ، فولي ولده الأسنّ النّقابة موضعه ، ثم أفاق من مرضه ، واستمر ولده على النقابة ، حتى عزل عنها ، ومات ولده في سنة ثلاث وخمسين ، ولم تعد منزلته إلى ما كانت عليه في أيام المستنجد لأسباب جرت من العلويين. (معجم الأدباء ٤ / ٧١ ، ٧٢).

(٢) انظر عن (إبراهيم بن يوسف) في : التكملة لكتاب الصلة ، لابن الأبّار ١٥١ ، ووفيات=

٣٣١

أبو إسحاق بن قرقول (١) الوهرانيّ ، الحمزيّ. وحمزة : موضع من عمل بجّاية (٢).

ولد بالمريّة.

وسمع من : جدّة لأمّه أبي القاسم بن ورد ، وأبي الحسن بن نافع.

وروى عن خلق منهم : أبو عبد الله بن زغبة ، وأبو الحسن بن معدان ابن اللّوان ، وأبو عبد الله بن الحاجّ ، وأبو العباس بن العريف.

وأخذ عن أبي إسحاق الخفاجيّ ديوانه.

قال الأبّار (٣) : وكان رحّالا في العلم فقيها نظّارا ، أديبا ، حافظا ، يبصر الحديث ورجاله.

صنّف وكتب الخطّ الأنيق ، وأخذ النّاس عنه. وانتقل من مالقة إلى سبتة ، ثمّ إلى سلا (٤) ، ثمّ إلى فاس ، وبها توفّي في شعبان.

وكان مولده في سنة خمس وخمسمائة.

وكان رفيقا للسّهيليّ ، فلمّا تحوّل إلى سلا نظم فيه السّهيليّ :

سلا عن سلا إنّ المعارف والنّهى

بها ودّعا أمّ الرّباب ومأسلا

بكيت أسى أيّام كان بسبتة

فكيف التّأسّي حين منزله سلا

وقال أناس : إنّ في البعد سلوة

وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا

 __________________

= الأعيان ١ / ٦٢ ، ٦٣ ، والعبر ٤ / ٢٠٥ ، ٢٠٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢٠ ، ٥٢١ رقم ٣٣٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٢ رقم ١٨٤٨ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٧١ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٧٧ ، والوافي بالوفيات ٦ / ١٧١ رقم ٢٦٢٦ ، وكشف الظنون ١٦٨٧ و ١٧١٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٣١ ، وهدية العارفين ١ / ٩ ، ومعجم المصنفين للتونكي ٤ / ٤٨٦ ، ٤٨٧ ، وتاريخ الأدب العرب ٦ / ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، وذيله ١ / ٦٣٣ ، ومعجم المؤلفين ١ / ١٢٩ ، ١٣٠.

(١) قرقول : ضبطه الصفدي بقافين مضمومتين بينهما راء ساكنة وبعد الواو لام على وزن زرزور. (الوافي بالوفيات) وقد تحرّف اسمه في (البداية والنهاية) إلى : «قسرول».

(٢) انظر : الأنساب ٤ / ٢٢٠ ، ومعجم البلدان ٣ / ٣٠٢ ، ووفيات الأعيان ١ / ٦٣.

(٣) في التكملة ١٨٥.

(٤) سلا : مدينة بأقصى المغرب. (معجم البلدان ٣ / ٢٣١).

٣٣٢

فليت أبا إسحاق إذ شطّت النّوى

تحيّته الحسنى من الرّيح أرسلا

فعادت دبور الرّيح عندي كالصّبا

بذي غمر إذ أمر زيد تبسّلا

فقد كان يهديني الحديث موصّلا

فأصبح موصول الحديث (١) مرسلا

وقد كان يحيى العلم والذّكر عندنا

أوان دنا ، فالآن بالنّأي كسّلا

فلله أمّ بالمريّة أنجبت

به وأب ما ذا من الخير أنسلا (٢)

٣١٤ ـ أسعد بن عبد الكريم بن أحمد (٣).

أبو المنيع الهمذانيّ ، المزكّي.

أنفق مالا صالحا على العلماء.

وروى الكثير بالإجازة عن : أبي الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس.

وورد دمشق مرّة.

روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ.

توفّي في جمادى الأولى.

ـ حرف الجيم ـ

٣١٥ ـ جامع السّمك بن محمد بن جامع.

الحربيّ ، الصّيّاد.

سمع : ابن الحصين.

وحدّث عنه : أحمد بن أحمد بن البندنيجيّ.

__________________

(١) في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢١ «الأحاديث».

(٢) في الأصل : «نسلا» ، والتصحيح من : السير.

(٣) وقال الصفدي : صاحب كتاب «مطالع البدور» الّذي وضعه على كتاب «مشارق الأنوار» للقاضي عياض ، كان فاضلا وصحب جماعة من العلماء بالأندلس.

ولما حضرته الوفاة تلا سورة الإخلاص وجعل يكرّرها بسرعة ، ثم إنه تشهّد ثلاث مرات وسقط على وجهه ساجدا.

٣٣٣

ـ حرف الحاء ـ

٣١٦ ـ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل (١).

الحافظ ، أبو العلاء الهمذانيّ ، العطّار ، المقرئ ، المحدّث ، شيخ مدينة همدان.

رحل إلى أصبهان ، وقرأ القراءات على أبي عليّ الحدّاد ، وسمع منه الكثير.

وقرأ القراءات على أبي العزّ القلانسيّ بواسط.

وعلى : أبي عبد الله البارع ، وأبي بكر المزرفيّ ، وجماعة ببغداد.

__________________

(١) انظر عن (الحسن بن أحمد) في : مناقب أحمد ٥٣٢ ، والمنتظم ١٠ / ٢٤٨ رقم ٣٤٥ (١٨ / ٢٠٨ ، ٢٠٩ رقم ٤٢٩٩) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٤١١ ، ومعجم الأدباء ٨ / ٥ ـ ٥٢ رقم ٢ ، ومعجم البلدان ٤ / ٦٠١ ، والتقييد لابن نقطة ٢٣٩ ـ ٢٤١ رقم ٢٨٤ ، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (مخطوطة باريس ٥٩٢٢) ورقة ٢ ، ومرآة الزمان ٨ / ٣٠٠ ، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفواطي ٤ / ق ٤ / ٦٢٦ ، ٦٢٧ ، ودول الإسلام ٢ / ٨٤ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٥ ، والعبر ٤ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ١ / ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٤٢ ـ ٥٤٤ رقم ٤٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٠ ـ ٤٦ رقم ٢ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٤ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي ٩٦ ، ٩٧ رقم ٦٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٨٦ وفيه : «الحسن بن الحسن بن أحمد بن محمد العطار» ، والوافي بالوفيات ١١ / ٣٨٤ ، ٣٨٥ رقم ٥٥٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، والذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٩ رقم ١٤٨ ، وذيل التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد لقاضي مكة ١ / ٤٩٩ رقم ٩٧٣ ، وتاريخ ابن الدبيثي ١٥ / ١٥٧ ، والفلاكة والمفلوكين للدلجي ١٣٠ ، ١٣١ ، وغاية النهاية ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٦ رقم ٩٤٥ ، وعقد الجمان (مخطوط) ١٦ / ورقة ٥٥٢ ، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (مخطوط) ورقة ١٢٤ ، ونهاية الغاية (مخطوط) ورقة ٣٨ ، ٣٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٢ ، وطبقات المفسّرين للسيوطي ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، وبغية الوعاة ١ / ٤٩٤ ، ٤٩٥ رقم ١٠٢٧ ، وطبقات المفسرين للداوديّ ١ / ١٢٨ / ١٣١ رقم ١٢٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٣١ ، ٢٣٢ ، والتاج المكلّل للقنوجي ٢٠٦ ، وديوان الإسلام ٣ / ٣٠٢ ، ٣٠٣ رقم ١٤٦٠ ، وروضات الجنان ٣ / ٧٩٠ ٩١ ، وكشف الظنون ١١٤ ، ١١٠٦ ، ١١٨٩ ، ١٣٨٧ ، ١٧٧٣ ، ٢٠٢٦ ، وإيضاح المكنون ١ / ٢٠٦ و ٢ / ٧١٥ ، وأعيان الشيعة ٢٠ / ٤٦٨ ـ ٤٧٠ ، والأعلام ٢ / ١٨١ ، ومعجم المؤلفين ٣ / ١٩٧ ، ١٩٨ ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين ٧٥ رقم ١٠٥٨.

٣٣٤

وسمع بها من : أبي القاسم بن بيان ، وأبي عليّ بن المهديّ ، وخلق.

ومن : أبي عبد الله الفراويّ ، وطبقته بخراسان.

ثمّ رحل ثانية سنة نيّف وعشرين وخمسمائة إلى بغداد ، فقرأ بها لولده الكثير ، ثمّ قدمها بعد الثّلاثين. ثمّ قدمها بعد الأربعين ، فقرأ بها لولده أحمد الكثير على : أبي الفضل الأرمويّ ، وابن ناصر ، وابن الزّاغونيّ ، وحدّث إذ ذاك بها. وقرأ عليه القراءات : أبو أحمد بن سكينة.

وروى عنه : هو ، والمبارك بن الأزهر ، وأبو المواهب بن صصريّ ، وعبد القادر بن عبد الله الرّهاويّ ، ويوسف بن أحمد الشّيرازيّ ، ومحمد بن محمود بن إبراهيم الحمّاميّ ، وأولاده أحمد ، وعبد البرّ ، وفاطمة ، وعتيق بن بدل المكّيّ بمكّة ، وسبط محمد بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان ، وأخو هذا القاضي عليّ بن عبد الرشيد وماتا في شهر (...) (١) سنة إحدى وعشرين ، وأخوهما القاضي عبد الحميد ، وبقي إلى سنة سبع وثلاثين ، وسماعه في الرابعة.

وروى عنه بالإجازة : أبو الحسن بن المقيّر ، وهو آخر من روى عنه فيما أعلم.

ذكره أبو سعد السّمعانيّ فقال : حافظ ، متقن ، ومقرئ فاضل ، حسن السّيرة ، جميل الأمر ، مرضيّ الطّريقة ، عزيز النّفس ، سخيّ بما يملكه ، مكرما للغرباء ، يعرف الحديث والقراءات والأدب معرفة حسنة. سمعت منه بهمذان.

وقال الحافظ عبد القادر الرّهاويّ : شيخنا الإمام أبو العلاء أشهر من أن يعرّف ، بل تعذّر وجود مثله في أعصار كثيرة ، على ما بلغنا من سيرة العلماء والمشايخ. ربى على أهل زمانه في كثرة السّماعات ، مع تحصيل أصول ما يسمع ، وجودة النّسخ ، وإتقان ما كتبه بخطّه. فإنّه ما كان يكتب شيئا إلّا

__________________

(١) في الأصل بياض.

٣٣٥

منقوطا معربا. وأوّل سماعه من عبد الرحمن بن حمد الدّونيّ في سنة خمس وتسعين وأربعمائة. وبرع على حفّاظ عصره في حفظ ما يتعلّق بالحديث في الأنساب ، والتّاريخ ، والأسماء ، والكنى ، والقصص ، والسّير.

ولقد كان يوما في مجلسه ، وجاءته فتوى في أمر عثمان رضي‌الله‌عنه ، فأخذها وكتب فيها من حفظه ، ونحن جلوس ، درجا طويلا ، ذكر فيه نسبه ، ومولده ، ووفاته ، وأولاده ، وما قيل فيه ، إلى غير ذلك.

وله التّصانيف في الحديث ، والزّهد والرقائق ، وصنّف «زاد المسافر» في نحو خمسين مجلّدا. وكان إماما في القرآن وعلومه ، وحصّل من القراءات المسندة ، [إنّه] (١) صنّف العشرة والمفردات ، وصنّف في الوقف والابتداء ، والتّجويد ، والماءات ، والعدد ومعرفة القرّاء وهو نحو من عشرين مجلّدا.

واستحسنت تصانيفه في القرآن ، وكتبت ، ونقلت إلى خوارزم والشّام. وبرع عليه جماعة كثيرة في علوم القرآن.

وكان إذا جرى ذكر القرّاء يقول : فلان مات في سنة كذا ، وفلان مات في سنة كذا ، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.

وكان إماما في النّحو واللّغة ، سمعت أنّ من جملة ما حفظ في اللّغة كتاب «الجمهرة» ، وخرّج له تلامذة في العربيّة أئمّة يقرءون بهمذان. وفي بعض من رأيت من أصحابه من جملة محفوظاته كتاب «الغريبين» للهرويّ. وكان عتيقا من حبّ المال ، مهينا له ، باع جميع ما ورثه ، وكان من أبناء التّجّار ، وأخرجه في طلب العلم ، حتّى سافر إلى بغداد ، وأصبهان مرات كثيرة ماشيا ، وكان يحمل كتبه على ظهره. وسمعته يقول : كنت أبيت ببغداد في المساجد ، وآكل خبز الدّخن (٢).

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٢.

(٢) في الأصل ومعرفة القراء الكبار «الدخل» باللام ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٢ وهو الصحيح ، ومثله في : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٦.

٣٣٦

وسمعت شيخنا أبا الفضل بن بنيمان الأديب بهمذان يقول : رأيت الحافظ أبا العلاء في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه ، لأنّ السّراج كان عاليا. ثمّ نشر الله ذكره في الآفاق ، وعظم شأنه في قلوب الملوك وأرباب المناصب والعوامّ ، حتّى إنّه كان يمرّ في همذان فلا يبقى أحد رآه إلّا قام ودعا له ، حتّى الصّبيان واليهود. حتى إنّه كان في بعض الأحايين يمضي إلى مشكان ، بلدة في ناحية همذان ، ليصلّي بها الجمعة ، فكان يتلقّاه أهلها خارج البلد ، المسلمون على حدة ، واليهود على حدة ، يدعون له إلى أن يدخل البلد.

وكان يفتح عليه من الدّنيا جمل ، فلم يدّخرها ، بل كان ينفقها على تلامذته ، حتّى إنّه ما كان يكون عنده متعلّم إلّا رتّب له دفقا يصل إليه ، وإذا قصده أحد يطلب برّه وصله بما يجد إليه من السّبيل من ماله وجاهه ، ويتديّن له.

وكانت عليه رسوم لأقوام في كلّ سنة يبعثها إلى مكّة ، وبغداد ، وغيرهما. وما كان يبرح عليه ألف دينار همذانيّة أو أكثر من الدّين ، مع كثرة ما كان يفتح عليه.

وكان يطلب لأصحابه من النّاس ، ويعزّ أصحابه ومن يلوذ به ، ولا يحضر دعوة حتّى تحضر جماعة أصحابه.

وكان لا يأكل من أموال الظّلمة ، ولا قبل منهم مدرسة (١) قطّ ولا رباطا ، وإنّما كان يقرئ في داره ، ونحن في مسجده ، فكان يقرئ نصف نهاره الحديث ، ونصفه القرآن والعلم. وكان لا يغشى السّلاطين ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يمكّن أحدا أن يعمل في محلّته منكرا ولا سماعا. وكان ينزل كلّ إنسان منزلته ، حتّى تألّفت القلوب على محبّته وحسن الذّكر له في الآفاق البعيدة. حتّى أهل خوارزم ، الّذين هم من أشدّ النّاس في الاعتزال

__________________

(١) في الأصل : «مدسة».

٣٣٧

كتبوا تصانيفه ، وصار له عندهم من الصّيت لعلّ قريبا من همذان ، مع مباينتهم له في الاعتقاد ، ومعرفتهم شدّته في الحنبليّة.

وكان حسن الصّلاة ، لم أر أحدا من مشايخنا أحسن صلاة منه.

وكان متشدّدا في أمر الطّهارات ، حتّى إنّه ما كان يثق بكلّ أحد. وكان لا يدع أحدا يمسّ مداسه. وقد حضرته يوما وأخذ منطرا وجبّة برد قد أهديا له ، وكانا جديدين بطراوتهما ، فجاء بهما إلى بركة فيها ماء وطين وورق الشّجر ، فغمسهما في الماء وسمعته يقول : قليلا قليلا ثقة بالله. فغسّلهما ، وانطفأت نضارتهما. وكان لا يبالي ما لبس. ولا يلبس الكتّان بل القطن ، ثياب قصار ، وأكمام قصار ، وعمامة نحو سبعة أذرع.

وكان لا يتشهّى المواكيل ، ولا يكاد يأمر بصنعة طعام.

وكانت السّنّة شعاره ودثاره اعتقادا وفعلا. كان لا يكاد يبدأ في أمر إلّا ابتدأ فيه بسنّة إمّا دعاء وإمّا غير ذلك.

وكان معظّما للسّنّة بحيث أنّه كان إذا دخل مجلسه أحد ، فقدّم له رجله اليسرى كلّف أن يرجع فيقدّم اليمنى.

وكان لا يمسّ أحاديث النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا وهو على وضوء ، ولا يدع شيئا قطّ إلّا مستقبل القبلة تعظيما لها.

ورآني يوما وعلى رأسي قلنسوة سوداء مكشوفة فقال : لا تلبسها مكشوفة ، فإنّ أوّل من أظهر لبس هذه القلانس أبو مسلم الخراسانيّ.

ثمّ شرع في ذكر أبي مسلم ، فذكر أحواله من أوّلها إلى آخرها.

قال : وسمعت من أثق به يحكي أنّ السّلفيّ رأى طبقة بخطّ أبي العلاء فقال : هذا خطّ أهل الإتقان.

وسمعته يحكي عنه أنّه ذكر له فقال : قدّمه دينه.

وسمعت من أثق به يحكي عن أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل

٣٣٨

الفارسيّ أنّه قال للحافظ أبي العلاء لمّا دخل نيسابور [ما دخل نيسابور] (١) مثلك.

وسمعت الحافظ أبا القاسم عليّ بن الحسن يقول ، وذكر رجلا من أصحابه رحل : إن رجع ولم يلق الحافظ أبا العلاء ضاعت سفرته.

قال : وقد روى عنه الحافظ أبو القاسم.

وقال الحافظ محمد بن محمود الحمّانيّ الهمذانيّ : ولد شيخنا أبو العلاء في ذي الحجّة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

قال : وتوفّي في تاسع عشر جمادى الأولى.

وذكره ابن النّجّار فقال : إمام في علوم القراءات ، والحديث ، والأدب ، والزّهد ، والتّمسّك بالسّنن ، رحمه‌الله (٢).

٣١٧ ـ [الحسن] (٣) بن عبد الله بن حسين (٤).

__________________

(١) ما بين الحاصرتين إضافة من : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٤ ، والذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٧.

(٢) وقال الصفدي : وصنّف في القراءات كتبا حسنة وفي علوم القرآن والحديث. وسمع ببلده من جماعة وبأصبهان وببغداد وبخراسان ، وحصّل الأصول الكثيرة والكتب الكبار الحسان بالخطوط المعتبرة ، وحدّث بأكثر مسموعاته وسمع منه الكبار والحفّاظ ورووا عنه ، وتردّد إلى بغداد مرات ثم عاد إلى همذان وعمل دارا للكتب وخزانة وأوقف جميع كتبه فيها ، وانقطع لإقراء القرآن ورواية الحديث إلى آخر عمره.

وقال : حفظت كتاب «الجمل» للجرجاني في النحو في يوم واحد من الغداة إلى العصر. وقال : حفظت يوما ثلاثين ورقة من القراءة ، وكان يقول : لو أن أحدا يأتي إليّ بحديث واحد من أحاديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يبلغني لملأت فمه ذهبا. وحفظ كتاب «الجمهرة» لابن دريد ، وكتاب «المجمل ، لابن فارس ، وكتاب «النسب» للزبير بن بكار ، وصنّف «العشرة» ، و «المفردات في القراءات» ، و «الوقف والابتداء» في التجويد ، و «المئات» ، و «العدد» و «معرفة القراء» وهو نحو العشرين مجلّدا. وله «زاد المسافر» نحو خمسين مجلّدا. وجمع بعضهم كتابا في أخباره وأحواله وكراماته وما مدح به من الشعر وما كان عليه. (الوافي بالوفيات).

وقد طوّل ياقوت الحموي ترجمته وأخباره في (معجم الأدباء).

(٣) في الأصل بياض.

(٤) انظر عن (الحسن بن عبد الله) في : التكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار ١ / ٢٥ ، ٢٦ ، ومعجم

٣٣٩

أبو الحسن بن الأشيريّ ، الكاتب ، نزيل تلمسان.

قال الأبّار : كان عالما بالقراءات ، واللّغة ، والشّعر. صنّف في غريب «الموطّأ» ، وغير ذلك.

٣١٨ ـ [الحسين] (١) بن محمد بن الحسين بن حما (٢).

الشيخ أبو عبد الله البغداديّ ، من وكلاء القضاة.

سمع من : جدّه لأمّه أبي سعد محمد بن عبد الله الأسديّ ، وأبي سعد بن خشيش.

قال ابن النجّار : ثنا عنه ابن الأخضر.

ولد سنة تسعين وأربعمائة ، ومات في شوّال سنة تسع.

ـ حرف الدال ـ

٣١٩ ـ [دلف] (٣) بن كرم (٤).

أبو الفرج العكبريّ المقري ، الخبّاز. أحد طلبة الحديث ببغداد.

سمع : أبا بكر الأنصاريّ ، وأبا القاسم بن السّمرقنديّ فمن بعدها.

سمع منه : عليّ بن أحمد الزّيديّ ، ومكّيّ الفرّاء.

وتوفّي في عشر السّبعين.

٣٢٠ ـ [دهبل] (٥) بن عليّ بن منصور بن إبراهيم (٦).

المعروف بابن كاره ، أبو الحسن الحريميّ ، والد عبد الله.

كان فقيها حنبليّا.

__________________

= المؤلفين ٣ / ٢٣٨.

(١) في الأصل بياض.

(٢) انظر عن (الحسين بن محمد) في : المختصر المحتاج إليه ٢ / ٤٣ رقم ٦٢٥.

(٣) في الأصل بياض.

(٤) انظر عن (دلف بن كرم) في : المختصر المحتاج إليه ٢ / ٦٥ رقم ٦٥٩.

(٥) في الأصل بياض.

(٦) انظر عن (دهبل بن علي) في : سير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٦ دون ترجمة ، والمختصر المحتاج إليه ٢ / ٦٦ رقم ٦٦١ ، والذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٣٢.

٣٤٠