تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٩

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

لهفي ولهف بني الآمال قاطبة

على فجيعتها في أكرم الدّول

قوم عرفت بهم نسب الألوف ومن

كمالها أنّها جاءت ولم أسل

يا عاذلي في هوى ابن (١) فاطمة

لك الملامة إن قصّرت في عذلي

بالله در ساحة القصرين وابك معي

عليهما لا على صفّين والجمل

ما ذا ترى كانت الإفرنج فاعلة

في نسل آل أمير المؤمنين علي

أسلت من أسف دمعي غداة خلت

رحابكم وغدت مهجورة السّبل

والله لا فاز يوم الحشر مبغضكم

ولا نجا من عذاب النّار غير ولي

وهي طويلة.

قيل : كان موت العاضد بذرب مفرط أتلفه.

وقيل : مات غمّا لمّا سمع بقطع خطبته؟

وقيل : بل كان له خاتم مسموم فامتصّه ، فمات لمّا سمع بزوال دولته ، والأوّل أقرب وأشبه.

٢٥٢ ـ عبد الله بن أحمد بن الحسين (٢).

الرئيس أبو محمد الحميريّ (٣) الأطرابلسيّ ، الكاتب ، ويعرف بابن النّقّار.

ولد بطرابلس سنة تسع وسبعين ، وقرأ بها الأدب ، فلمّا أخذتها الفرنج

__________________

(١) في الأصل : «هو ابنا».

(٢) انظر عن (عبد الله بن أحمد بن الحسين) في : تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ١٩ / ٦٠٣ ، وانظر : ٣٩ / ٣٣٣ ، وتاريخ دمشق (تحقيق د. صلاح الدين المنجّد ج ٢ ق ١ / ١٧٧ (دمشق ١٩٥٤) ، وتهذيب تاريخ دمشق ١ / ٢٥٧ و ٧ / ٢٧٩ ، ومعجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية) ١ / ١٣٨ ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) ١ / ٣١٤ و ٢ / ١١١ ـ ١١٨ ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني ٣٤٨ رقم ٣٥٢ ، وإنباه الرواة للقفطي ١ / ٣٥ ، وبغية الطلب (المخطوط) ٢ / ٧٥ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٨٩ ، والروض المعطار ٢٤١ ، ٢٤٢ ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٤٩ ، ٥٠ رقم ٤٤ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٥ ، ٦٦ ، والحياة الثقافية في طرابلس الشام (تأليفنا) ٢٥٩ ـ ٢٦٢ ، ودار العلم بطرابلس ٤٦ (تأليفنا) ، ولبنان في العصر الفاطمي ـ سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشامي ـ (تأليفنا) ق ٢ (طبعة دار الإيمان بطرابلس) ، ومعجم الشعراء والأدباء (مخطوط) من جمعنا.

(٣) في مرآة الزمان : «الحميدي» ، وهو تصحيف.

٢٨١

تحوّل إلى دمشق. وكان شاعرا فاضلا ، كتب لملوك دمشق ، ثمّ كتب لنور الدّين رحمه‌الله. وعمّر دهرا ، وله قصيدة مشهورة يقول فيها :

من منصفي من ظالم متعتّب (١)

يزداد ظلما كلّما حكّمته

ملّكته روحي ليحفظ ملكه

فأضاعني وأضاع ما ملّكته

أحبابنا أنفقت عمري عندكم

فمتى أعوّض بعض ما أنفقته؟

فلمن ألوم على الهوى وأنا الّذي

قدت الفؤاد إلى الغرام وسقته (٢)

 __________________

(١) في مرآة الزمان : «متعنتا».

(٢) انظر أبياتا أخرى منها في : مرآة الزمان ٨ / ٢٨٩ ، وهي في : الوافي بالوفيات ١٧ / ٤٩ ، ٥٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٥.

والتقى به الحافظ السّلفي وقال إنه أنشده من شعر أبيه «أحمد بن الحسين» :

قد زارني طيف من أهوى على حذر

من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا.

ثم قال : أبو محمد هذا من أعيان أهل الشام وأدبائهم ، وذكر لي أنه ولد بطرابلس وبها تأدّب على أبيه وغيره ، وقد علّقت عنه من شعر أبيه مقطّعات ، وكذلك من شعره هو. وقد كاتبته نظما وكاتبني ، وأصلهم من الكوفة. (معجم السفر ١ / ١٣٨).

وقال العماد الكاتب : أدركت حياته بدمشق ، وكان شيخا قد أناف على التسعين ، وقيل على المائة ، وكان مليح الخط حلوه ، فصيح الكلام صفوه.

وقبل قوله القاضي أبو سعد الهروي وعدّله ، ثم اختاره والي دمشق لكتابة الإنشاء في الديوان بعد الشاعر ابن الخياط. وكان جيّد الإنشاء ، له يد في النظم والنثر ، وقد تولّى كتابة الإنشاء لملوك دمشق إلى أن تملّكها نور الدين محمود بن زنكي ، رحمه‌الله. وكتب له أيضا مدّة يسيرة ، وله نظم ، مقبول وشعر معسول. (خريدة القصر ١ / ٣١٤).

ذكر ابن عساكر له قصيدتين ، الأولى في تشوّقه إلى دمشق ، ومطلعها :

سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها

فما أطيب اللّذّات فيها وأهناها

والثانية في الوجدانيات ، ومطلعها :

بادر إلى اللّذّات في أزمانها

واركض خيول اللهو في ميدانها

(تاريخ دمشق ١٩ / ٦٠٣ ، و ٢ ق ١ / ١٧٧ ، وتهذيبه ١ / ٢٥٧ ، الروض المعطار ٢٤١ ، ٢٤٢).

ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :

اختلف في وفاته ، فقيل في هذه السنة ٥٦٧ وقيل في السنة التالية ٥٦٨ وقيل بعدها سنة ٥٦٩ ه‍. وهذا الأخير يتفق مع القول بأنه قد أناف على التسعين. وقيل أناف على المائة. (الخريدة ١ / ٣١٤) ووقع في (تاريخ دمشق) أنه بلغ سبعين سنة!

٢٨٢

٢٥٣ ـ عبد الكريم بن إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد (١).

النّيسابوريّ ، ثمّ البغداديّ ، الصّوفيّ.

سمع من : ابن الحصين ، وزاهر الشّحّاميّ.

كتب عنه : عمر بن عليّ القرشيّ ، وغيره.

٢٥٤ ـ عبد الملك بن الكيا الهرّاسيّ أبي الحسن عليّ بن محمد (٢).

الطّبريّ ، ثمّ البغداديّ.

سمع من : ابن بيان الرّزّاز.

روى عنه : ابن الأخضر.

وتوفّي في ربيع الآخر.

٢٥٥ ـ عبد [الملك] (٣) بن محمد بن باتانة.

أبو الحسن المغربيّ ، المجوّد.

ما ذكر ابن النّجّار على من تلا.

سمع : أبا العزّ بن المختار.

ومات في ربيع الأوّل (٤).

__________________

(١) انظر عن (عبد الكريم بن إسماعيل) في : تلخيص معجم الألقاب ج ٤ ق ٣ / ٢٢٠ ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ٦٨ رقم ٨٦٨.

(٢) انظر عن (عبد الملك بن الكيا الهرّاسي) في : ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ١ / ١٢٠ ـ ١٢٢ رقم ٤١ وفيه «عبد الملك بن علي بن محمد بن علي بن إبراهيم ، أبو المعالي. مدرّس المدرسة النظامية ، ولد ببغداد ونشأ بها .. وحدّث باليسير .. ولم يكن له اشتغال بالعلم ، ولا سلك طريقة والده ، بل خالط أصحاب الديوان وخدم في أشغالهم ، وعلت مرتبته ، فرتّب حاجبا بالباب النوبي ، وناظرا في المظالم في سنة خمسين وخمسمائة ، فأقام نحوا من أربعين يوما ثم عزل.

وانظر عنه حكاية حبس من أجلها.

(٣) في الأصل بياض ، والمثبت عن :

ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ١ / ٣١٩ ، ١٤٠ رقم ٥٧.

(٤) وقال ابن النجار : قرأت في كتاب أبي بكر محمد بن علي بن عمر الليثي المقرئ بخطه قال : أبو الحسن عبد الملك بن محمد بن يوسف المقرئ سمعت منه عن عمر بن ظفر وكان من المتقنين والحفّاظ المجوّدين والأئمة المحقّقين ، يعطي الحروف حقوقها في

٢٨٣

٢٥٦ ـ عثمان بن يوسف بن أيّوب (١).

أبو عمرو الكاشغريّ ، الخجنديّ ، ويعرف أبوه بابن زريق (٢).

من أهل كاشغر ، سكن بغداد. وكان يوسف يخدم في إصطبل المستظهر بالله ، فولد له عثمان ، وتفقّه على مذهب أبي حنيفة ، وسمع الحديث.

وسمّع أولاده عليّا ، وأبا بكر ، وإبراهيم من : أبي الفتح بن البطّي ، وأبي بكر بن النّقّور ، وأبي المعالي بن حنيفة ، وأمثالهم.

وحصّل الأصول ، واستنسخ ، ونفّذ من الدّيوان العزيز في مهمّ إلى الملك نور الدّين ، فسمع منه الشّيخ أبو عمرو ، وأخوه الشّيخ الموفّق ، والحافظ عبد الغنيّ في سنة خمس وستّين.

قال ابنه إبراهيم : توفّي في حدود سنة سبع وستّين.

٢٥٧ ـ عرقلة (٣).

الشّاعر المشهور.

هو أبو النّدى حسّان بن نمير الكلبيّ ، الدّمشقيّ ، شاعر مجيد ، ونديم خليع ، وأعور مطبوع ، وهو القائل في دمشق.

فأمّا دمشق فجنّات مزخرفة

للطّالبين بها الولدان والحور

ما صاح فيها على أوتاره قمر

إلّا وغنّاه قمريّ وشحرور

يا حبّذا دروع الماء تنسجها

أنامل الرّيح لو لا أنّها زور (٤)

وله وقد ولي صلاح الدين يوسف بن أيوب شحنكية دمشق لنور الدين

__________________

= تلاوته وحسن طريقته ، قرأت عليه القرآن.

(١) انظر عن (عثمان بن يوسف) في : ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٢ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ رقم ٤٧٢.

(٢) في الأصل : «بأرتق».

(٣) انظر عن (عرقلة) في : خريدة القصر (قسم شعراء الشام) ١ / ١٧٨ ـ ٢٢٩ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٩٩ ، و ٤٤٨ ـ ٤٥٠ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٨٦ ـ ٢٨٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٦ ، والدرّ المطلوب ٤٩.

(٤) الأبيات في : مرآة الزمان ٨ / ٢٨٨.

٢٨٤

في سنة ٥٦٠ :

رويدكم يا لصوص الشّام

فإنّي لكم ناصح في المقال

أتاكم سميّ النّبيّ الكريم

يوسف ربّ الحجى والجمال

فذلك يقطع أيدي النّسا

وهذا يقطّع أيدي الرجال (١)

وكان صلاح الدّين وعده إن أخذ مصر أن يعطيه ألف دينار ، فلمّا ملكها قال فيه :

قل لصلاح الدّين معيني عند افتقاري

يا ألف مولاي أين الألف دينار؟

أخشى من الأسر إن حاولت أرضكم

وما تقى جنّة الفردوس بالنّار

فجد بها عاضديّات موفرة

من بعد ما خلف الطّاغي أخو الغار (٢)

حمرا كأسيافكم غبرا (٣) كخيلكم

عتقا ثقالا كأعدائي وأطماري (٤)

فأعطاه ألف دينار وأخذ له من إخوته مثلها ، فجاءه الموت ولم ينتفع بفجأة الغنى.

ومن شعره :

عندي لكم من الأشواق والبرحا

ما صيّر الجسم من بعد الضّنّا شبحا

أحبابنا لا تظنّوني سلوتكم

الحال ما حال والتّبريح ما برحا

لو كان يسبح صبّ في مدامعه

لكنت أوّل من في دمعه سبحا

أو كنت أعلم أنّ البين يقتلني

ما تبت عنكم ولكن فات ما ربحا (٥)

وله :

ترى عند من أحببته لا عدمته

من الشّوق ما عندي وما أنا صانع

 __________________

(١) الأبيات في : مرآة الزمان ٨ / ٢٨٨.

(٢) في مرآة الزمان : «العار».

(٣) في المرآة : «غرا».

(٤) المرآة ٨ / ٢٨٦ ، ٢٨٧.

(٥) في مرآة الزمان ٨ / ٢٨٧ : «ما حلت منكم ولكن فات ما ذبحا».

٢٨٥

جنبي (١) إذا حدّثت عن ذاك أعين

وكلّي إذا نوجيت عنه مسامع (٢)

ولعرقلة ديوان مشهور.

توفّي بدمشق في حدود سنة سبع هذه.

٢٥٨ ـ عليّ بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن يعيش (٣).

أبو الحسن القرشيّ ، الزّهريّ ، العوفيّ ، الباجيّ ، قاضي إشبيلية.

سمع : أبا القاسم الهوزنيّ ، وشريح بن محمد ، وأبا بكر بن العربيّ.

وناظر في «المدوّنة» عند أبي مروان الباجيّ.

وأخذ العربيّة عن : أبي الحسن بن الأخضر.

وسمع بقرطبة من : أبي محمد بن عتّاب ، وابن بقيّ ، وأبي الوليد بن طريف.

قال الأبّار (٤) : وكان فقيها ، مشاورا ، محدّثا ، متقدّما بنفسه وبشرفه.

وله تصنيف في مناسك الحجّ.

حدّث عنه : أبو بكر بن خير ، وأبو عمر بن عبّاد ، وأبو بكر بن أبي زمنين ، وأبو الخطّاب بن واجب.

وآخر من حدّث عنه أبو القاسم عبد الرحمن ابنه.

توفّي في ربيع وله سبع وسبعون سنة. وكانت له جنازة مشهودة.

٢٥٩ ـ عليّ بن صالح بن أبي اللّيث (٥).

__________________

(١) في مرآة الزمان : «جميعي».

(٢) مرآة الزمان ٨ / ٢٨٧.

(٣) انظر عن (علي بن أحمد بن عبد الرحمن) في : صلة الصلة لابن الزبير ١٠٠ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ، رقم ١٨٦١ ، والذيل والتكملة ٥ ق ١ / ١٦٢ ـ ١٦٤ رقم ٣٢٣ ، ونيل الابتهاج ١٩٩ للتنبكتي ، ومعجم المؤلفين ٧ / ١٩ ،.

(٤) في تكملة الصلة.

(٥) انظر عن (علي بن صالح) في : صلة الصلة لابن الزبير ٩٦ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ، رقم ١٨٦٠ ، والديباج المذهب ٢١٢ ، والذيل والتكملة ٥ ق ١ / ٢١٨ ، ٢١٩ رقم ٤٤٧ ،

٢٨٦

أبو الحسن بن عزّ النّاس العبدريّ ، الدّانيّ ، الطّرطوشيّ.

سمع : أبا محمد بن الصّيقل ، وأبا بكر بن العربيّ ، وأبا القاسم بن ورد.

قال الأبّار (١) : وكان فقيها متقنا ، عالما بالأصول والفروع ، دقيق النّظر ، جيّد الاستنباط ، فصيحا لسنا. وكان رأس الفتوى بدانية. وله مصنّفات (٢).

أخذ عنه : أبو عمرو بن عيّاد ، وابنه محمد ، وأبو محمد بن سفيان ، وأسامة بن سليمان ، وأبو القاسم بن سمحون.

وقتل مظلوما بدانية سنة ستّ وستّين.

وقال محمد بن عيّاد : قتل لسعاية لحقته عند السّلطان محمد بن سعد سنة سبع وستّين ، وولد سنة ثمان وخمسمائة بطرطوشة.

٢٦٠ ـ عليّ بن عبد الله بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك (٣).

الإمام أبو الحسن ابن النّعمة الأندلسيّ ، المريّي ، نزيل بلنسية.

__________________

= ونيل الابتهاج ١٨٤ ، والإحاطة لأخبار غرناطة (مخطوطة الأسكوريال) ٣٣٥.

(١) في التكملة.

(٢) وقال ابن عبد الملك المراكشي : وكان عالما بالفقه حافظا لمسائله ، متقدّما في علم الأصول ، ثاقب الذهن ، ذكيّ الفؤاد ، بارع الاستنباط ، مسدّد النظر ، متوقّد الخاطر ، فصيح العبارة ، ذا حظ من قرض الشعر ، واستخلصه الأمير أبو زكريا بن غانية أيام إمارته ببلنسية لمشهور معرفته ونباهته ، ثم صار صحبته إلى قرطبة سنة سبع وثلاثين ، ولازمه إلى أن توفي أبو زكريا بغرناطة سنة ثلاث وأربعين ، فانتقل إلى شرق الأندلس واستقرّ بدانية. وله مصنفات منها : «كتاب العزلة» ، ومنها «شرح معاني التحية».

(٣) انظر عن (علي بن عبد الله بن خلف) في : صلة الصلة لابن الزبير ١٠٤ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ٦٦٩ رقم ١٨٦٣ ، والمعجم ، له ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ومعجم أصحاب الصدفي ٢٨٦ ، وبغية الملتمس للضبيّ ٤١١ ، رقم ١٢٢٤ ، والعبر ٤ / ١٩٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٨٤ ، ٥٨٥ رقم ٣٣٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧١ رقم ١٨٤٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٨٢ ، وغاية النهاية ١ / ٥٥٣ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٦ ، وبغية الوعاة ٢ / ١٧١ ، ونيل الابتهاج ١٨٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٣ ، وطبقات المفسرين للسيوطي ٢٣ ، ٢٤ ، وطبقات المفسرين للداوديّ ١ / ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، وإيضاح المكنون ٢ / ٢٨ ، وهدية العارفين ١ / ٧٠٠ ، وفهرس الفهارس للكتاني ٢ / ٩١ ، ومعجم المؤلفين ٧ / ١٣٤ ، ١٣٥ ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين ٢٥٧ رقم ٣٥٥.

٢٨٧

أخذ في صغره عن أبي الحسن بن شفيع.

وسمع من : عبّاد بن سرحان.

وانتقل به أبوه إلى بلنسية سنة ستّ وخمسمائة فقرأ بها القرآن على موسى بن خميس الضّرير ، وأبي عبد الله بن باسة.

وأخذ العربيّة عن أبي محمد البطليوسيّ واختصّ به.

وروى عن : أبي بحر بن العاص ، وخليص بن عبد الله ، وأبي عبد الله بن أبي الخير.

ورحل إلى قرطبة سنة ثلاث عشرة فتفقّه بأبي الوليد بن رشد ، وأبي عبد الله بن الحاجّ.

وسمع من : أبي محمد بن عتّاب ، وأبي القاسم بن بقيّ ، وأبي الحسن بن مغيث ، وجماعة.

وسمع أيضا من : أبي عليّ بن سكّرة.

وأجاز له جماعة ، وتصدّر ببلنسية لإقراء القرآن ، والفقه ، والنّحو ، والرواية ، ونشر العلوم.

قال الأبّار (١) : وكان عالما متقنا ، حافظا للفقه والتّفاسير ومعاني الآثار ، مقدّما في علم اللّسان ، فصيحا ، مفوّها ، ورعا ، فاضلا ، معظّما عند الخاصّة والعامّة ، دمث الأخلاق ، ليّن الجانب. ولي خطّة الشّورى وخطابة بلنسية دهرا ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى. وصنّف كتاب «ريّ الظمآن في تفسير القرآن» ، وهو كبير (٢). وصنّف كتاب «الإمعان في شرح مصنّف النّسائيّ

__________________

(١) في تكملة الصلة.

(٢) حكى عنه أبو الحسن بن لبّ أنه كان في حين اشتغاله بجمعه يبيت في بيت كتبه ويطفئ المصباح ، فكلما تذكر شيئا قام وأوقده ونظر ثم يعود ويطفئه ، فكان هذا دأبه كأنه يلتمس بذلك خلوّ الخاطر في الظلمة.

وقال ابن عبد الملك المراكشي : قد وقفت على بعض هذا الكتاب ، وكان كاملا عند بعض الطلبة بدرعة في سبعة وخمسين مجلّدا متوسطة بعضها ، وفيه أولها ، أكثرها بخطّ تلميذه

٢٨٨

أبي عبد الرحمن (١) بلغ في الغاية في الاحتفال والإكثار ، وانتفع به النّاس ، وكثر الراحلون إليه.

وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا ، وهو خاتمة العلماء بشرف الأندلس.

توفّي في رمضان إلى رحمة (٢) الله تعالى ، وهو في عشر الثّمانين.

قرأ عليه بالروايات : أبو عليّ الحسن بن محمد بن فاتح (٣).

٢٦١ ـ عليّ بن عمران بن معروف (٤).

أبو الحسن البكريّ الأصبهانيّ.

كان سالار الحاج ، حجّ مرّات.

روى عن : أبي مطيع ، وأبي الفتح الحدّاد.

وعنه : أبو المحاسن القرشيّ ، وابنه أبو بكر عبد الله.

ولد سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

__________________

= الأخصّ به أبي جعفر بن عون الله ، وأكثرها ، ومنه آخرها بخط أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن محمد بن عبد العزيز بن واجب ، وتاريخ فراغه من نسخه من سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وستين وخمسمائة.

(١) قال المراكشي : وما أرى أن أحدا تقدّمه في شرح كتاب حديثي إلى مثله توسعا في فنون العلم وإكثارا من فوائده ، وقد وقفت على أسفار منه مدمجة بخطه أكثرها ضخم ، وكان تجزئة ثلاثة عشر.

(٢) في الأصل : «رحمت».

(٣) ووصفه أبو بكر يحيى بن محمد الأركشي في مقامته التي سمّاها «قسطاس البيان في مراتب الأعيان» بما نصّه : فقيه عارف ، وحامل أدوات ومعارف ، وما هو إلا زبدة زمان تمخّض العصر عنها ، وروضة علوم تضوّع القطر منها ، تلتمس أشتاتها من عنده وتقتبس ، ويفزع إليه في كل ما أشكل مها والتبس ، ذهب في اقتنائها أهدى مذهب ، وامتطى إلى حامليها صهوة الهجير الملهب ، حتى انتهجت له شعابها ، وانقادت إلى فهمه صعابها ، وما زال متتبعا مساقط أثرها ، حتى روي من سلسبيلها وكوثرها ، فشيّد ما عني به تشييدا ، وجوّده إتقانا وتقييدا ، فطالبو العلم والأدب ، ينسلون إليه من كل حدب ، فيقتبسون عيونه من عنده ، ويقتدحون فيه واري زنده ، والله تعالى يبقيه معتنيا بالعلم وأهله ، متلقّيا لهم برحبه وسهله ، ولا زال موصوفا بالنبالة والذكاء ، كما لم يزل مجبولا على الجلالة والزكاء ، ولا برح الدهر بإقباله خاطبا ، والسعد في حباله حاطبا. (الذيل والتكملة).

(٤) انظر عن (علي بن عمران) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٣٢ رقم ١٠٢٤.

٢٨٩

ومات في ذي الحجّة.

٢٦٢ ـ عليّ بن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن فيد (١).

أبو الحسن الفارسيّ الأصل القرطبيّ.

روى عن : أبي محمد بن عتّاب ، وأبي الوليد بن طريف ، وأبي بحر الأسديّ.

وحجّ سنة ثلاثين ، فسمع : أبا بكر بن عشير الشّروانيّ ، وأبا عليّ بن العرجاء ، وأبا المظفّر الشّيبانيّ.

قال الأبّار (٢) : ولقي أيضا : أبا سعيد حيدر بن يحيى ، وسلطان بن إبراهيم المقدسيّ ، وأكثر عن السّلفيّ (٣). وانصرف إلى قرطبة بفوائد جمّة ، فسمعوا منه.

وكان من أهل العناية الكاملة بالرواية ، ثبتا ، عارفا ، موصوفا بالذّكاء والحفظ ، متواضعا. خرج من قرطبة في الفتنة بعد الأربعين وخمسمائة ، فنزل كورة ألش ، من أعمال مرسيّة ، فولي خطابتها مدّة. وكان النّاس يقصدونه.

حدّث عنه ابن بشكوال (٤) ، وأعجب من هذا أنّ رزين بن معاوية العبدريّ حدّث عنه بسيرة ابن إسحاق ، بروايته عن السّلفيّ.

وحدّث عنه من شيوخنا : أبو الخطّاب بن واجب ، وأبو عبد الله التّجيبيّ.

استشهد في خروجه من ألش مع عامّة أهلها لمّا خافوا من الأمير سعد بن محمد ، وكانوا قد خلعوا دعوته.

__________________

(١) انظر عن (علي بن أبي عبد الله) في : صلة الصلة لابن الزبير ١٠٢ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ، رقم ١٨٦٤ ، وبغية الملتمس للضبيّ ، رقم ١٢٠٢ ، والذيل والتكملة ٥ ق ١ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ رقم ٥٥٧.

(٢) في تكملة الصلة.

(٣) وكان السلفي يقول : كتب عني ألف ورقة.

(٤) وكان سمعه في سنة ٥٣٤ ه‍.

٢٩٠

قتل في هذه السّنة وقد قارب الثّمانين (١).

٢٦٣ ـ عليّ بن محمد بن خليد (٢).

أبو الحسن بن الإشبيليّ.

سكن المريّة ، وأخذ عن : أبي القاسم بن ورد ، ولازمه.

وبرع في علم الأصول والكلام. وكان خطيبا مفوّها ، وافر الحرمة.

أخذ عنه : أبو القاسم بن الملجوم ، وأبو عمرو بن عبد الله.

توفّي بمرّاكش (٣).

ـ حرف القاف ـ

٢٦٤ ـ القاسم بن الفضل بن عبد الواحد بن الفضل (٤).

أبو المطهّر بن أبي طاهر الأصبهانيّ ، الصّيدلانيّ.

سمع من : رزق الله التّميميّ ، ومكّيّ بن منصور الكرجيّ ، وغيرهم.

حدّث عنه بمسند الشّافعيّ : أحمد بن محمد الجنزيّ (٥) ، ثمّ الأصبهانيّ ، وروى عنه : أبو نزار ربيعة بن الحسن اليمنيّ ، ومحمد بن مسعود بن أبي الفتح

__________________

(١) وكان مولده بقرطبة قبل ٤٩٠ ه‍.

(٢) انظر عن (علي بن محمد بن خليد) في : صلة الصلة لابن الزبير ١٠١ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ، رقم ١٨٦٢ ، والذيل والتكملة ٥ / ٣٠٤ رقم ٥٨٩.

(٣) وقال ابن عبد الملك المراكشي : وكان حافظا للفقه نافذا في أصوله ، متحقّقا بعلم الكلام ، خطيبا بليغا ، وله مصنّف سمّاه «المعراج» قدم به على عبد المؤمن بن علي وهو محاصر أغمات وريكة في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، فحظي عنده وأكرم وفادته ورقّاه إلى رتب عليّة نال بسببها دنيا عريضة وجاها مديدا.

(٤) انظر عن (القاسم بن الفضل) في : التقييد لابن نقطة ٤٣١ رقم ٥٧٧ ، وتاريخ إربل لابن المستوفي ١ / ٢١٤ ، والعبر ٤ / ١٩٩ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٢ رقم ١٨٤١ ، وفيه «عبد الأحد» ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢٨ ، ٥٢٩ رقم ٣٣٨ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٣.

(٥) الجنزيّ : بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة بعدها زاي. نسبة إلى ثغر جنزة ، وهي كنجة من بلاد أرّان. (توضيح المشتبه ٢ / ٤٨١ ، تبصير المنتبه ١ / ٣٦٢).

٢٩١

المدينيّ ، والحافظ عبد القادر الرّهاويّ ، ومحمد بن أبي سعيد بن طاهر الفقيه ، ومعاوية بن الفضل ، وجماعة.

وروى عنه : بالإجازة : موفّق الدّين بن قدامة ، وكريمة القرشيّة ، وكان من آخر من روى عن رزق الله أو آخرهم.

توفي في نصف جمادى الأولى عن نيّف وتسعين سنة.

ورّخه ابن نقطة (١).

وروى عنه أبو سعد السّمعانيّ وقال : كان متميّزا ، حريصا على طلب الحديث ، مليح الخطّ ، سمع وأكثر وبالغ.

روى عن : سليمان الحافظ ، وجدّه لأمّه أبا منصور محمد بن عليّ بن عبد الرّزّاق ، وطائفة.

ـ حرف الميم ـ

٢٦٥ ـ محمد بن أحمد بن الزّبير.

أبو عبد الله القيسيّ الشّاطبيّ ، عرف بالإغريثي ، نسبة إلى بعض أعمال شاطبة.

ولي خطابة شاطبة ، وكان موصوفا بالزّهد والخشوع وإلا ... (٢) ،

والبكاء ، مشارا إليه بإجابة الدعوة.

٢٦٦ ـ محمد بن أسعد بن محمد بن نصر (٣).

__________________

(١) في التقييد ٤٣١.

(٢) في الأصل بياض.

(٣) انظر عن (محمد بن أسعد) في : ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي ١ / ١٧٦ ، والعبر ٤ / ١٩٩ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٥٥٤ رقم ٥٢٨٧ ، وميزان الاعتدال ٣ / ٤٨٠ رقم ٢١٧ ب ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٨٢ ، والوافي بالوفيات ٢ / ٢٠٣ رقم ٥٨١ ، والجواهر المضيّة ٢ / ٣٢ ، وتوضيح المشتبه ٣ / ٢٨٧ ، ولسان الميزان ٥ / ٧٣ ، ٧٤ رقم ٢٤٥ ، وتاج التراجم لابن قطلوبغا ٣٩ ، ٤٠ ، وطبقات المفسرين للسيوطي ٢٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٦ ، والدارس للنعيمي ١ / ٥٣٨ ، ٥٣٩ ، وكشف الظنون ٤٣٧ ، ١٠٦٧ ، ١٦٣٢ ، ١٧٨٨ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢١٨ (في وفيات ٥٦٦ ه‍.) ، ومعجم المؤلفين ٩ / ٥٠ ، ٥١ ، وقد ذكر في سير

٢٩٢

الفقيه أبو المظفّر بن عبد الحليم (١) البغداديّ ، العراقيّ ، الحنفيّ ، الواعظ ، نزيل دمشق ، وكان يعظ بها.

ثمّ درّس بالطّرخانيّة وبالصّادريّة ، وبنى له الأمير معين الدين أنز مدرسة.

وظهر له القبول في الوعظ.

وسمع : أبا عليّ بن نبهان ، وأبا غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز ، ونور الهدى الزّينبيّ ، وغيرهم.

روى عنه : أبو المواهب بن صصريّ ، وأخوه شمس الدّين أبو القاسم ، والقاضي أبو نصر بن الشّيرازيّ ، وغيرهم.

قال الحافظ ابن عساكر في ترجمته ، وذكر أنّه سمع «المقامات» من الحريريّ ، وألّف تفسيرا ، وشرح «المقامات» : وأنشدني بماردين أبياتا ، لقيته بها.

قلت : أنبا بالمقامات الكاتبة أمة العزيز بنت يوسف بن غنيمة بمنزلها ، أنا أبو نصر بن الشّيرازيّ ، أنا أبو المظفّر الحنفيّ ، أنا الحريريّ المصنّف (٢).

__________________

= أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢٩ دون ترجمة.

(١) في جميع المصادر السابقة : «بن الحكيم» بالكاف ، وهو خطأ ، أما في لسان الميزان ٥ / ٧٤ «ابن الحكم» ، والمثبت يتفق مع : اللباب ١ / ٣٨٣ (الحليمي) ، والإستدراك لابن نقطة ، باب : حكيم وحليم ، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٣ / ٢٨٧ ، وتبصير المنتبه لابن حجر ١ / ٤٤٨ ، وانظر حاشية المعلمي على (الإكمال ٢ / ٤٩٣ و ٣ / ٨١) و (الأنساب ٤ / ١٩٩).

(٢) ومن شعره :

ألا هل أصبّ بالديار متيّم

بحبّكم بين الأنام بلاغ

له شغل بالحبّ عن كلّ شاغل

وليس له عمّا عراه فراغ

تجرّع يوم البين كأس فرقكم

فليس لكأس الصبر فيه مساغ

ومنه أيضا :

الدهر يوضع عامدا

فيلا ويرفع قدر نمله

فإذا تنبّه للّيام

وقام للنّوام نم له

٢٩٣

توفّي عن نيّف وثمانين سنة بدمشق.

وقد كتب عنه أبو سعد بن السّمعانيّ (١) ، رحمه‌الله تعالى.

٢٦٧ ـ محمد بن سعد بن مردنيش (٢).

الأمير أبو عبد الله ، صاحب الشّجاعة والإقدام بمرسية ونواحيها.

ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة ، وتنقّلت به الأحوال ، وتملّك مرسيّة وبلنسية ، واستعان بالفرنج على حرب الموحّدين ، واستفحل شأنه بعد موت عبد المؤمن ، فسار إليه أبو يعقوب بن عبد المؤمن ، وعبر إلى الأندلس في مائة ألف ، ودخل إشبيلية ، وجاء إليه أخوه عمر ، وكان نائبة على الأندلس ، فاستشعر ابن مردنيش العجز ، والقهر ، ومرض مرضا شديدا ، واحتضر ، فأمر بنيه أن يبادروا إلى أبي يعقوب ، ويسلّموا إليه البلاد الّتي بيده.

ومات هو في التّاسع والعشرين من رجب ، فقيل إنّ أمّه سقته السّمّ لأنّه

__________________

= (الوافي بالوفيات ٢ / ٢٠٣).

(١) وهو سأله أبا الفضل بن ناصر عنه فقال : كذّاب ، ما سمع شيئا ببغداد ، ولا رأيناه مع أصحاب الحديث ، ولا في مجالس الشيوخ ، وهو قاصّ ، يتسوّق بهذا عند العوامّ.

وقال أبو الفتح عمر بن الحاجب في «معجمه» : يكنّى أبا المظفّر ، ويلقّب بالمهذّب ، الشيعي ، الغاسل للروافض ، شيخ فصيح العبارة ، حسن الإيراد ، كثير المحفوظ ، حلو الكلام ، إلا أنه كان ثقيلا على الفؤاد ، كثير الكلام فيما لا يعنيه ، وقال : وكان يحفظ أشعارا مختلفة أكثرها في مثالب الصحابة ، رضوان الله عليهم ، والله أعلم.

كذّبه ابن ناصر ، ومشّاه غيره.

وقال ابن عساكر : سكن دمشق مدّة ، ودرّس بها ووعظ ، وذكر أنه سمع «المقامات» من منشئها. سمعت شيئا من شعره إن صدق فيما قال. وكان خليعا ، قليل المروّة ، ساقطا ، كذّابا.

وقال ابن السمعاني : رأيت جزءا فيه سماعه بخط من أثق به من ابن علي بن نبهان ، فلعلّه سمعه اتفاقا لا قصدا. قال : وسمعت منه شيئا من شعره.

(٢) انظر عن (محمد بن سعد) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٣٧٤ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٨٩ رقم ١٠١١ ، وزاد المسافر ٣٣ ، والمعجب ٣٠٥ ، ٣٠٦ و ٣٦٠ ـ ٣٦٣ ، والمغرب ٢ / ٢٥٠ ، ٢٥١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢ رقم ١٥٦ ، والإحاطة في أخبار غرناطة ٢ / ١٢١ ـ ١٢٧ ، وأعمال الأعلام ٢٩٨ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ١٦٦ ، ونفح الطيب (انظر فهرس الأعلام).

٢٩٤

كان قد أساء إلى أهله وخواصّه ، فكلّمته وأغلظت له ، فتهدّدها حتّى خافت منه ، فعملت عليه وسقته ، وبادر إخوته فسلّموا شرق الأندلس إلى أبي يعقوب ، وهي مرسية ، وبلنسية ، وجيّان ، فأكرمهم وفرح بمحبتهم ، وتزوّج بأختهم ، وصاروا من حزبه.

٢٦٨ ـ محمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس (١).

أبو بكر العبدريّ ، القرطبيّ الأديب.

روى عن : أبي محمد بن عتّاب ، وأبي الوليد بن رشد ، وأبي بحر الأسديّ ، وابن مغيث ، وجماعة.

قال الأبّار : كان متقدّما في علم اللّسان ، متصرّفا في غيره من الفنون ، حافظا ، حافلا ، شاعر ، مجوّدا. نزل مرّاكش ، وأقرأ بها العربيّة ، والآداب ، وشرح «الجمل» للزّجّاجيّ.

حدّث عنه : يعيش بن العديم.

وتوفّي بمرّاكش عن إقلاع وإنابة.

٢٦٩ ـ محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرج بن خلف (٢).

الإمام أبو عبد الله ابن الفرس الأنصاريّ ، الخزرجيّ ، الغرناطيّ.

سمع أباه أبا القاسم وأخذ عنه القراءات ، وتفقّه عليه.

وسمع : أبا بكر بن عطيّة ، وأبا الحسن بن الباذش.

ورحل إلى قرطبة فسمع : أبا محمد بن عتّاب ، وأبا بحر ، وابن رشد ، وابن مغيث ، وطائفة.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن عبد الله بن ميمون) في : المطرب من أشعار أهل المغرب لابن دحية ١٩٨ ، ١٩٩ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ٢٢٩ ، والمغرب في حلى المغرب ١١١ ، ١١٢ ، والديباج المذهب لابن فرحون ٣٠٢ ، وبغية الوعاة للسيوطي ١ / ٦٢ ، وكشف الظنون ٢١٣ ، ٦٠٤ ، ١٦٨٦ ، ١٧٨٨ ، وهدية العارفين ٢ / ٩٦ ، ومعجم المؤلفين ١٠ / ٢٥٠ ، ٢٥١.

(٢) انظر عن (محمد بن عبد الرحيم) في : تكملة الصلة لابن الأبار ، والعبر ٤ / ١٩٩ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٢٤٥ رقم ١٢٦٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٣.

وذكر في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢٩ دون ترجمة.

٢٩٥

وتفقّه ببعضهم ، وأخذ القراءات بقرطبة. وعدد شيوخه خمسة وثمانون.

قال الأبّار : كان عالما ، حافلا ، راوية ، مكثرا متحقّقا بالقراءات والفقه ، وله مشاركة في الحديث والأصول مع البصر بالفتوى.

نزل مرسية ، وولّي خطّة الشّورى ، ثمّ ولي قضاء بلنسية ، ثمّ استعفى منه ، وكان في وقته أحد حفّاظ الأندلس في المسائل مع المعرفة بالآداب.

وكانت أصوله أعلاما نفيسة لا نظير لها ، جمع منها كثيرا وكتب بخطّه أكثرها.

قال التّجيبيّ : ذكر لي من فضله ما أزعجني إليه ، فلقيت عالما كبيرا ، ووجدت عنده (١) جماعة وافرة من شرق الأندلس وغربها ، يأخذون عنه الفقه ، والحديث ، والقراءات ، إفرادا وجمعا.

وحكى أنّه قرأ عليه بها وبرواية يعقوب ، واستظهر عليه «التّيسير» و «ملخّص القابسيّ».

وكان يؤمّ بجامع مرسية لحسن صوته.

قال الأبّار : ثنا عنه جماعة من جلّة شيوخنا.

وتوفّي في شوّال وله ستّ وستّون سنة.

٢٧٠ ـ محمد بن عليّ بن جعفر القيسيّ القلعيّ (٢).

من قلعة حمّاد بالمغرب.

أبو عبد الله بن الرّمامة ، نزيل مدينة فاس.

تفقّه على : أبي الفضل بن النّحويّ.

ودخل الأندلس فسمع من : أبي محمد بن عتّاب ، وأبي بحر الأسديّ.

وولّي قضاء فاس فلم يحمد. وكان عاكفا على تواليف الغزّاليّ لا سيّما «البسيط».

__________________

(١) في الأصل : «عنه».

(٢) انظر عن (محمد بن علي بن جعفر) في : تكملة الصلة لابن الأبّار ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٢٩ دون ترجمة.

٢٩٦

روى عنه : أبو القاسم بن بقيّ ، وجماعة.

مات في رجب ، وله تسع وثمانون سنة ، وله تصانيف.

٢٧١ ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد (١).

الفقيه أبو حامد (٢) الطّوسيّ ، البرويّ (٣) ، الشّافعيّ.

سمع : محمد بن إسماعيل الفارسيّ ، وعبد الوهّاب بن شاه الشّاذياخي وتفقّه بأبي سعد محمد بن يحيى.

وقدم دمشق سنة خمس وستّين ، ونزل بدويرة السّميساطيّ ، وكان واعظا ، فاضلا ، مناظرا.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن محمد الطوسي) في : المنتظم ١٠ / ٢٣٩ رقم ٣٣٨ (١٨ / ١٩٨ رقم ٤٢٩٢ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٣٧٦ ، ومرآة الزمان ٨ / ١٨٢ ، ١٨٣ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ١١٦ ، والعبر ٤ / ٢٠٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٧٧ رقم ٣٥٩ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦ / ٣٨٩ ـ ٣٩١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، والوافي بالوفيات ١ / ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، رقم ١٨٢ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦٣ ، وتاريخ ابن الفرات مجلّد ٤ ج ١ / ٢٠٦ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٦٩ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٣٥٠ رقم ٣١٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٤ ، والأعلام ٧ / ٢٥١.

(٢) في المنتظم : «أبو المظفر».

(٣) البروي : بفتح الباء الموحّدة والراء وبعدها واو. هكذا ضبطها ابن خلكان وقال : ولا أعلم هذه النسبة إلى أيّ شيء هي ، ولا ذكرها السمعاني ، وغالب ظني أنها من نواحي طوس. (وفيات الأعيان ٤ / ٢٢٦).

وضبطها ابن العماد بفتح الموحّدة وتشديد الراء المضمومة نسبة إلى برّويه : جد. (شذرات الذهب ٤ / ٢٢٤).

وفي (الأنساب ٢ / ١٧٧) : البرويي : بفتح الباء الموحّدة وضم الراء المشدّدة بعدهما الواو وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى برويه وهو اسم الرجل اشتهر من أولاده جماعة. فلعلّ صاحب الترجمة منسوب إليه. علما أنه غير مترجم في الأنساب.

وقد تحرّفت النسبة إلى : «البوري» في : الكامل في التاريخ ١١ / ٣٧٦ ، وورد في نسخة خطية أخرى «اليروي» ، وإلى : «النووي» في : مرآة الجنان ٣ / ٣٨٢ ، وإلى «الدوي» في :

البداية والنهاية ١٢ / ٢٦٩ وكنيته : «أبو المظفر». وفي مرآة الزمان ٨ / ٢٩٢ : «البغوي ويقال : البردي».

٢٩٧

توفّي ببغداد في رمضان وله خمسون سنة. كذا ذكره ابن عساكر.

وأمّا ابن الدّبيثيّ فأطنب في وصفه ، وسمّاه محمد بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله البرويّ ، وقال : أحد علماء عصره ، والمشار إليه بالتّقدّم في معرفة الفقه ، والكلام ، والنّظر ، وحسن العبارة والبلاغة. قدم من دمشق فرزق قبولا ببغداد ، ودرّس بها الأصول والجدل بالمدرسة البهائيّة ، وكان يحضر درسه خلق. ووعظ بالنّظاميّة ثمّ عاجله الموت.

وقد حدّث بشيء يسير.

وكنّاه ابن الجوزيّ في «منتظمه» (١) أبا المظفّر ، وقال : قدم علينا بغداد ، وجلس للوعظ ، وأظهر مذهب الأشعريّ ، وناظر عليه ، وتعصّب على الحنابلة وبالغ.

وقال ابن الأثير (٢) : أصابه إسهال فمات ، فقيل إنّ الحنابلة أهدوا له حلواء ، فأكل منها فمات هو ، وكلّ من أكل منها.

وقال سبط ابن الجوزيّ (٣) : كان شابّا ، حسن الصّورة ، فصيحا ، مليح الإشارة والعبارة بالغ في ذمّ الحنابلة ، وقال : لو كان لي أمر لوضعت عليهم الجزية. فيقال إنهم دسّوا عليه امرأة جاءته في اللّيل بصحن حلوى مسموم ، وقالت : هذا يا سيّدي من منزلي. فأكله هو وامرأته وولد صغير ، فأصبحوا موتى.

وقال ابن خلّكان (٤) في اسمه : محمد بن محمد بن محمد بن محمد سعد ، أبو منصور البرويّ ، صاحب التّعليقة المشهورة في الخلاف ، وكان من أكبر أصحاب محمد بن يحيى ، وله جدل مليح مشهور ، أكثر اشتغال الفقهاء به ، وشرحه تقي الدّين منصور بن عبد الله المصريّ المعروف بالمعثّر شرحا

__________________

(١) ج ١٠ / ٢٣٩ (١٨ / ١٩٨).

(٢) في الكامل ١١ / ٣٧٦.

(٣) في مرآة الزمان ٨ / ٢٩٢.

(٤) في وفيات الأعيان ٤ / ٢٢٥ ، ٢٢٦.

٢٩٨

مشبعا. ودخل البرويّ بغداد فصادف قبولا وافرا ، وتوفّي بعد أشهر رحمه‌الله تعالى.

٢٧٢ ـ المبارك بن محمد بن المعمّر (١).

أبو المكارم الباذرائيّ (٢) ، الرجل الصّالح.

سمع من : نصر بن البطر ، وأحمد بن عليّ الطّريثيثيّ ، ومحمد بن عبد العزيز الخيّاط ، وعليّ بن عبد الرحمن الجرّاح ، وأبي الحسن بن العلّاف ، وغيرهم.

قال الشّيخ الموفّق : شيخ صالح ضعيف ، أكثر أوقاته مستلقي على قفاه ، فسألنا عن الصّلاة قاعدا لعجزه.

قلت : روى عنه : تميم البندنيجيّ ، والحافظ عبد الغنيّ ، وعبد القادر الرّهاويّ ، والشّيخ الموفّق ، وعليّ بن ثابت الطّالبانيّ ، وأبو طالب بن عبد السّميع ، والضّحّاك بن أبي بكر القطيعيّ ، وعليّ بن الحسين بن بوش الباورّيّ ، وآخرون.

وتوفّي رحمه‌الله في العشرين من جمادى الآخرة (٣).

٢٧٣ ـ محمود بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن (٤).

الفقيه أبو المحامد الكشميهنيّ المروزيّ ، الصّوفيّ.

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن محمد بن المعمّر) في : معجم البلدان ١ / ٣١٧ (بادرايا) ، والإستدراك لابن نقطة (باب البادرائي والبادراني والمادرائي) ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٤ رقم ١١٤٥ ، والعبر ٤ / ٢٠٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٢ رقم ١٨٤٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٩٤ رقم ٣١٢ ، وتوضيح المشتبه ١ / ٣١٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٦٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٤.

(٢) الباذرائي : ضبطت في الأصل بالذال المعجمة ، وضبطها ابن نقطة بالدال المهملة المفتوحة ، وهي نسبة إلى بادرايا من أعمال واسط.

وقد تحرّفت في «شذرات الذهب» إلى : الباورائي ، بالواو بدل الدال.

(٣) وقع في (معجم البلدان ١ / ٣١٧) أن وفاته سنة ٥٥٢ ه‍. وهو غلط.

(٤) انظر عن (محمود بن محمد الكشميهني) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٨٣ رقم ١٧٦.

٢٩٩

روى عن : أبي منصور محمد بن عليّ الكراعيّ.

حدّث بدمشق وبغداد.

روى عنه : عبد الكريم بن محمد السّيّديّ ، وأبو القاسم بن صصريّ ، وغير واحد.

توفّي ببغداد.

ـ حرف النون ـ

٢٧٤ ـ نصر الله (١) بن عبد الله بن مخلوف بن عليّ بن قلاقس (٢).

القاضي الأغرّ أبو الفتوح اللّخميّ ، الأزهريّ ، الإسكندريّ الأديب ، الشّاعر.

له ديوان مشهور ، وكان شاعرا محسنا ، له في السّلفيّ مدائح وهي في ديوانه.

وكان كثير الأسفار. وله في كثرة أسفاره :

والنّاس كثر ولكن لا يقدّر لي

إلّا مرافقة الملّاح والحادي (٣)

ثمّ دخل اليمن ، ومدح وزيرها أبا الفرج ياسر بن بلال وزير الملك

__________________

(١) في بدائع الزهور : «نصر الملك» ، وفي الخريدة : «أبو الفتح نصر بن عبد الرحمن بن إسماعيل» ، وفي حسن المحاضرة : «نصير الدين عبد الله».

(٢) انظر عن (ابن قلاقس) في : خريدة القصر (قسم شعراء مصر) ١ / ١٤٥ ، ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٢٦ ـ ٢٢٨ ، والروضتين ج ١ ق ٢ / ٥٢٣ ، ٥٢٤ ، ووفيات الأعيان ٥ / ٣٨٥ ـ ٣٨٩ ، والتذكرة الفخرية للإربلي ٢٢٨ ، ٢٢٩ و ٤١١ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٥٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٤٦ رقم ٣٤٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٢٤ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، وفيه «ابن قلانس» ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٦٩ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٥٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٢٤ ، وفيه «ابن ملامس» بميمين ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٣٤ ، ومعجم المطبوعات ٢١٧ ، ٢١٨ ، وتاريخ الأدب العربيّ ٥ / ٦٤ ، وكشف الظنون ٧٦٧ ، ٧٦٨ ، ٨٢٣ ، ٩٥٨ ، وهدية العارفين ٢ / ٤٩٢ ، وفهرست الخديوية ٤ / ٢٣٥ ، وفهرس مخطوطات الموصل ١٥١ ، والأعلام ٨ / ٣٤٤ ـ ٣٤٧ ، ومعجم المؤلفين ١٣ / ٩٧ ، والبدر السافر للأدفوي (مخطوطة الفاتح رقم ٤٢٠١) ورقة ٢١١ ، وانظر ديوان ابن قلاقس بمراجعة خليل مطران ـ طبعة الجوائب بالقسطنطينية ١٣٢٣ ه‍.

(٣) البيت في ديوانه ٣١ ، ووفيات الأعيان ٥ / ٣٨٦ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٥٢.

٣٠٠