تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٩

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

ـ حرف العين ـ

١٠٦ ـ عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عبد الرحمن (١).

أبو محمد الطّامذيّ (٢) ، الأصفهانيّ ، المقرئ.

وطامذ : مكان بأصبهان.

شيخ عالم ، زاهد ، معمّر ، عالي الرواية.

رحل وسمع : أبا عبد الله النّعاليّ ، وابن البطر ، وطراد بن محمد ، وأبا الحسن بن أيّوب البزّاز ، وجعفر بن محمد العبّادانيّ ، وأبا العبّاس بن أشته ، وأبا نصر عبد الرحمن بن محمد السّمسار ، وجماعة.

وقرأ الحديث بنفسه على العبّادانيّ ، وخرّج له الطّلبة.

حدّث عنه : محمد بن مكّيّ الحنبليّ ، وعبد القادر الرّهاويّ ، ومحمد بن أبي غالب شعرانة ، ومحمد بن محمود الرّويدشتيّ (٣) ، وغيرهم.

وبالإجازة : كريمة القرشيّة.

وغلط أبو الفتح الأبيورديّ فقرأ على إسماعيل بإجازته من الطّامذيّ ، ولم يدركه.

توفّي في العشرين من شعبان عن سنّ عالية ، رحمه‌الله تعالى.

١٠٧ ـ عبد الله بن موسى بن سليمان (٤).

__________________

(١) انظر عن (عبد الله بن علي بن عبد الله) في : جزء فيه وفيات جماعة من المحدثين ٩٥ رقم ٢٠٤ ، والمختصر المحتاج إليه ٢ / ١٥٢ رقم ٧٨٧ ، والعبر ٤ / ١٨١ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٠ رقم ١٨٢٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ رقم ٣٠١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٧٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٢٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٠٨.

(٢) الطامذي : بفتح الطاء المهملة ، والميم ، بينهما الألف ، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى «طامذ» قرية من قرى أصبهان. (الأنساب ٨ / ١٧٩).

(٣) الرّويدشتي : بضم الراء وبفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى رويدشت وهي من قرى أصبهان (الأنساب ٦ / ١٦١).

(٤) انظر عن (عبد الله بن موسى) في : تكملة الصلة لابن الأبّار.

١٦١

أبو محمد بن برطلة المرسيّ.

سمع سنة عشر وخمسمائة من صهره أبي عليّ بن سكّرة.

ورحل وسمع : أبا عبد الله بن الخطّاب الرّازيّ ، وأبا بكر الطّرطوشيّ.

وولي إمامة جامع مرسية. وكان فاضلا متواضعا.

أخذ عنه : أبو عمر بن عيّاد ، وهو من جلّة شيوخه.

وتوفّي وله اثنتان وثمانون سنة.

ـ عبد الخالق بن أسد (١).

قيل : توفّي آخر السّنة. وهو في العام (٢) المقبل.

١٠٨ ـ عبد الرحمن بن عليّ بن عليّ بن سكينة (٣).

كان أسنّ من أخيه عبد الوهّاب.

سمع : أباه ، وجدّه لأمّه إسماعيل بن أبي سعد ، وابن الحصين ، وزاهر بن طاهر.

وتوفّي بحلب كهلا.

١٠٩ ـ عبد الرحيم بن رستم (٤).

أبو الفضائل الزّنجانيّ الفقيه ، الشّافعيّ.

تفقّه ببغداد على : أبي منصور سعيد بن الرّزّاز ، وقدم دمشق ، ودرّس بالمجاهديّة ثمّ بالغزاليّة. وولي قضاء بعلبكّ ، ولم يزل بها حتّى قتل شهيدا.

قال ابن عساكر : كان عالما بالمذهب والأصول وعلوم القرآن ، شديدا على المخالفين ، يعني الحنابلة ، وله شعر جيّد. قتل ببعلبكّ في ربيع الآخر ، وحمل إلى دمشق فدفن بها.

__________________

(١) سيأتي برقم (١٥١).

(٢) في الأصل : «العامل» وهو سهو.

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في : المختصر المحتاج إليه ٢ / ٢٠٥ رقم ٨٦٠.

(٤) انظر عن (عبد الرحيم بن رستم) في : مرآة الزمان ٨ / ٢٧٢ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي (طبعة الحسينية) ٤ / ٢٤٩ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ٨ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق ٢ ج ٢ / ١٩٧ رقم ٥٢٦ ،

١٦٢

١١٠ ـ عبد السّيّد بن أبي القاسم عليّ بن العلّامة أبي نصر بن الصّبّاغ (١) بغداديّ.

من بيت العلم والعدالة.

سمع : ابن بيان ، وابن نبهان.

وحدّث.

روى عنه : عمر بن عليّ الدّمشقيّ في «معجمه» (٢).

١١١ ـ عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمّويه (٣).

__________________

(١) انظر عن (عبد السيد بن أبي القاسم) في : الوافي بالوفيات ١٨ / ٤٤١ رقم ٤٥٩.

(٢) وقال الصفدي : حدّث باليسير ، وتوفي بنصيبين. ومن شعره :

ألا سقّني الراح بالدّسكرة

بكفّ غزال شديد الجره

إذا طاف بالكاس بين الجلوس

سكرت وهيهات أن تسكره

ومعتدل القدّ حلو الشباب

يفتن بالدّلّ من أبصره

صبرت على طول هجرانه

فقال العواذل : ما أصبره

فلله أيامنا والهوى

جديد وعودي ما أنضره

وأيامنا وليال لنا

خلون بأعمالنا المنكرة

مضين وخلّفن لي لوعتي

بتذكارها جمرة مسعره

(٣) انظر عن (عبد القاهر بن عبد الله) في : تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٢٤ / ٣٤٨ ـ ٣٥٠ ، والأنساب ٧ / ١٩٧ ، والمنتظم ١٠ / ٢٢٥ رقم ٣١٨ (١٨ / ١٨٠ رقم ٤٢٧٠ ، ومعجم البلدان ٣ / ٢٨٩ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٣٣٣ ، والتاريخ الباهر ٢٢ ، ٥٣ ، واللباب ٢ / ١٥٧ ، وتاريخ إربل ١ / ١٠٧ ـ ١١٢ رقم ٣٩ ، و ٢ / ١٤٣ ـ ١٤٥ ، وتكملة إكمال الإكمال ٧٥ ، وكتاب الروضتين ج ١ ق ١ / ١١ و ١٩٢ و ٢ / ٢١٩ ، ٤٨٥ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٥ / ١٧٠ ، ١٧١ رقم ١٦٣ ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ٩٢ ـ ٩٤ رقم ٩٢٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٥ ـ ٤٧٨ رقم ٣٠٢ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٠ رقم ١٨٢١ ، والعبر ٤ / ١٨١ ، ١٨٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٧٢ ، ٣٧٣ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ١٧٣ ـ ١٧٥ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ٦٤ ، ٦٥ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٥٤ وفيه «عبد القاهر بن محمد بن عبد الله» ، وتاريخ ابن الساعي ٢٩٧ ، وبهجة الأسرار ٢٣٣ ، والكواكب الدرية ٢ / ٨٧ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٣٤٣ ، ٣٤٤ رقم ٣٠٩ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، والطبقات الكبرى للشعراني ١ / ١٤٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٠٨ ، ٢٠٩ ، وهدية العارفين ١ / ٦٠٦ ، ٦٠٧ ، وكشف الظنون ٤٣ ، وديوان الإسلام ٣ / ١٠٩ رقم ١١٩١ ، والأعلام ٤ / ٤٩ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٣١١ ، وتاريخ الأدب العربيّ

١٦٣

الشيخ أبو النّجيب السّهرورديّ ، الصّوفيّ ، الزّاهد ، الواعظ ، الفقيه. الشّافعيّ.

سمع : أبا عليّ بن نبهان (١) ، وزاهر بن طاهر ، والقاضي أبا بكر الأنصاريّ ، وجماعة.

وكان يحضر المشايخ عنده ، وسمع النّاس بإفادته. وتحصّل الأصول والنّسخ ، ويعظ النّاس في مدرسته.

ذكره ابن النّجّار فقال : كان مذهبه في الوعظ اطّراح الكلفة وترك التّسجيع. وبقي مدّة سنتين يستقي بالقربة على ظهره بالأجرة ويتقوّت بذلك ، ويقوّت من عنده من الأصحاب.

وكان له خربة على دجلة يأوي هو وأصحابه إليها يحضر عنده الرجل والرجلان والجماعة إلى أن اشتهر اسمه وظهر ، وصار له القبول عند الملوك ، فكان السّلطان يزوره ، والأمراء. فبنى تلك الخربة رباطا ، وبنى إلى جانبها مدرسة ، فصار حمى لمن لجأ إليه من الخائفين يجير من الخليفة والسّلطان.

ثمّ ولي التّدريس بالنّظاميّة سنة خمس وأربعين وخمسمائة ، وعزل عنها بعد سنتين ، وأملى مجالس ، وصنّف مصنّفات.

وقال : حملني عمّي إلى الشّيخ أحمد الصّيّاد ، وكان يأكل من الصّيد ، وكان مؤاخيا للشّيخ أحمد العريبيّ. ثمّ قدم أسعد الميهنيّ (٢) وولّي تدريس النّظاميّة.

قال ابن النّجّار : فصحبه الشّيخ أبو النّجيب واشتغل عليه اشتغالا جيّدا.

__________________

(١) / ٤٣٦ ، وفهرس مخطوطات الموصل ١٩١.

واسم «عمّويه» : عبد الله. وقيّده ابن خلّكان بفتح العين المهملة وتشديد الميم المضمومة وسكون الواو وفتح الياء المثنّاة التحتية. (وفيات الأعيان ٣ / ٢٠٤).

(١) وكان سماعه لأبي نبهان في سنة ٥٠٨ ه‍. (تاريخ إربل ١ / ١٠٩).

(٢) ضبطت النسبة في الأصل بفتح الميم. ويقال بكسرها.

١٦٤

ثمّ صحب الشّيخ أحمد الغزاليّ الواعظ ، وسلّكه ، وجرت له أحوال ومقامات (١).

كتب عنه أبو سعد السّمعانيّ وأثنى عليه كثيرا ، قال في «الذّيل» : عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمّويه ـ واسمه عبد الله ـ بن سعد (٢) بن الحسن (٣) بن القاسم (٤) بن علقمة بن النّضر بن معاذ بن عبد الرحمن (٥) بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق ، من أهل سهرورد (٦). سكن بغداد ، وتفقّه في النّظاميّة زمانا ، ثمّ هبّ له نسيم الإقبال والتّوفيق فدلّه على الطّريق ، وانقطع عن النّاس مدّة مديدة ، ثمّ رجع ودعا إلى الله ، ورجع جماعة كثيرة بسببه إلى الله وتركوا الدّنيا ، وبنى رباطا لأصحابه على الشّطّ ، وسكنه جماعة من الصّالحين من أصحابه.

حضرت عنده يوما فسمعت من كلامه ما انتفعت به. وكتبت عنه وسألته عن مولده فقال : تقديرا في سنة تسعين وأربعمائة بسهرورد (٧).

وقال عمر بن عليّ القرشيّ : أبو النّجيب إمام من أئمّة الشّافعيّة ، علم من أعلام الصّوفيّة ، ذكر لي أنّه دخل بغداد ، سنة سبع وخمسمائة ، وسمع من ابن نبهان «غريب الحديث» لأبي عبيد ، وتفقّه على أسعد الميهنيّ ، وعلّق التّعليق وقرأ المذهب وتأدّب على الفصيحيّ. ثمّ آثر الانقطاع وسلوك الطّريق ، فخرج على التّجريد حافيا إلى الحجّ في غير وقته ، وجرت له قصص. وسلك طريقا وعرا في المجاهدات. ودخل أصبهان ، وانقطع إلى أحمد الغزاليّ ، فأرشده إلى الله تعالى بواسطة الذّكر ، ففتح له الطّريق ، وجال في الجبال.

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٢٠٤.

(٢) في الأصل : «سعيد» ، والتصحيح من المصادر.

(٣) في وفيات الأعيان ، وطبقات السبكي : «الحسين».

(٤) لم يرد اسم «القاسم» في طبقات السبكي.

(٥) في وفيات الأعيان : «... بن القاسم بن النضر بن سعد بن النضر بن عبد الرحمن».

(٦) سهرورد : بضم السين المهملة وسكون الهاء وفتح الراء والواو وسكون الراء الأخرى وفي آخرها الدال المهملة. وهي بلدة عند زنجان.

وقد تصحّفت النسبة إلى «الشهرزوريّ» في (الكامل في التاريخ ١١ / ٣٣٣).

(٧) الأنساب ٧ / ١٩٧ ، المختصر المحتاج إليه ٣ / ٩٢ ، ٩٣ ، تاريخ إربل ١ / ١٠٨ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ١٧٤ ، ١٧٥ ، طبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ٦٤ ، ٦٥.

١٦٥

ودخل بغداد فصحب الشّيخ حمّاد الدّبّاس ، وشرع في دعاء الخلق إلى الله تعالى ، فأقبل عليه النّاس إقبالا كثيرا ، وصار له قبول عظيم. وتبعه جماعة ، وصلح بسببه أمّة صاروا سرجا في البلاد وأئمّة هدى. وبنى مدرسة ورباطين ، ودرّس وأفتى ، وولّي تدريس النّظاميّة وحدّث. ولم أر له أصلا يعتمد عليه بسماعه «غريب الحديث» (١).

وقال ابن النّجّار : أنبأنا يحيى بن القاسم التّكريتيّ : نا أبو النّجيب قال : كنت أدخل على الشّيخ حمّاد ـ ويكون قد اعتراني بعض الفتور عمّا كنت عليه من المجاهدة ـ فيقول : أراك قد دخلت عليّ وعليك ظلمة ، فأعلم بسبب ذلك كرامة الشّيخ فيه. وكنت أبقى اليومين والثّلاثة لا أستطعم بزاد ، وكنت أنزل إلى دجلة فأتقلّب في الماء ليسكن جوعي ، حتّى دعتني الحاجة إلى أن اتّخذت قربة وأستقي بها الماء لأقوام ، فمن أعطاني شيئا أخذته ، ومن لم يعطني لم أطالبه. ولما تعذّر ذلك في الشّتاء عليّ خرجت يوما إلى بعض الأسواق ، فوجدت رجلا بين يديه طبرزد ، وعنده جماعة يدقّون الأرزّ ، فقلت : هل لك أن تستأجرني؟ فقال : أرني يديك. فأريته فقال : هذه يد لا تصلح إلّا للقلم. ثمّ ناولني قرطاسا فيه ذهب ، فقلت : ما آخذ إلّا أجرة عملي ، فإن كان عندك نسخا تستأجرني في النّسخ وإلّا انصرفت.

وكان رجلا يقظا ، فقال : اصعد. وقال لغلامه : ناوله تلك المدقّة. فناولني ، فدققت معهم وليس لي عادة ، وصاحب الدّكّان يلحظني. فلمّا عملت ساعة قال : تعال. فجئت إليه فناولني الذّهب وقال : هذا أجرتك. فأخذته وانصرفت. ثمّ أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم ، فاشتغلت حتّى أتقنت المذهب ، وقرأت أصول الدّين وأصول الفقه ، وحفظت كتاب «الوسيط» في التّفسير للواحديّ. وسمعت كتب الحديث المشهورة (٢).

وقال ابن عساكر في «تاريخه» (٣) : ذكر أبو النّجيب لي أنّه سمع بأصبهان

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ٢٠٤.

(٢) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ١٧٥.

(٣) تاريخ دمشق ٢٤ / ٣٤٨.

١٦٦

من أبي عليّ الحدّاد ، واشتغل بالزّهد والمجاهدة مدّة ، واستقى الماء بالأجرة ثمّ اشتغل بالتّذكير ، وحصل له قبول ، وولي تدريس النّظاميّة وأملى الحديث. وقدم دمشق سنة ثمان وخمسين عازما على زيارة بيت المقدس ، فلم يتّفق له لانفساخ الهدنة بين المسلمين والفرنج ، فحدّث بدمشق ووعظ بها.

قلت : روى عنه : ابن عساكر ، وابنه القاسم ، وابن السّمعانيّ ، وأبو أحمد بن سكينة ، وأبو طالب عبد السّميع ، وابن أخيه الشّيخ شهاب الدّين عمر السّهرورديّ ، وزين الأمناء أبو البركات ، وطائفة.

وقال ابن مشق في «الوفيات» : في سنة ثلاث هذه توفّي أبو النّجيب عبد القاهر السّهرورديّ الكرديّ الواعظ ، ومولده سنة تسعين وأربعمائة.

وقال ابن الجوزيّ (١) : توفّي في جمادى الآخرة ، ودفن بمدرسته.

وقال الدّبيثيّ (٢) : حدّثنا عنه جماعة ، ووصفوه بما يطول شرحه من العلم والحلم والمداراة والسّماحة (٣).

__________________

(١) في المنتظم.

(٢) في المختصر المحتاج إليه.

(٣) وقال أبو حامد محمد بن محمد الأصبهاني : إمام عالم مفت كبير البيان ، منير البرهان.

أول شروعه في الزهد ، بلغ في سلوكه غاية الجهد ، وحمل قربة الماء على كتفه وسقى ، ثم صعد وارتقى ، وبلغ في الرياضة الغاية القصوى ، وبنى مدرسة ورباطا وأسكنهما المتفقهة والصوفية. يدرّس العلم ويلبس الخرقة ، وقد انتشرت في الآفاق تلامذته ، وظهرت بالعراق كرامته ، وله شعر. فمن ذلك قوله على طريقة أهل المعرفة والتصوّف :

أحبّكم ما دمت حيّا وميّتا

وإن كنتم قد حلتم في بعاديا

وعذّبتم قلبي بشوقي إليكم

فحسبي لقياكم وحبّي باديا

وقلّ خروجي من كناسي لأنني

فقدت بقاعا كنت فيهنّ باديا

وإخوان صدق كنت آلف قربهم

وكانوا يبادوني بكلّ مراديا

لقد طفئت ناري وقلّ مساعدي

وزال أنيس كان يوري زناديا

فيا ليت إن لم يجمع الله بيننا

سمعت بشيرا لي بموتي مناديا

وأنشدني عمر بن محمد بن عبد الله ، قال : أنشدني عمّي لنفسه :

تدبّر بحكم الله فيما ترومه

ولا تبتدع شيئا فإنك تندم

وسالم لأمر الله ثم لفعله

فإنك في الدارين تعلو وتسلم

وقال ابن المستوفي : وكان يستقي بالقربة على كتفه ، كان يخرج إلى الناس مرة بعمامة ،

١٦٧

١١٢ ـ عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن الوكيل (١).

المعدّل أبو الفتوح.

ولي الحسبة بالجانب الغربيّ.

وسمع من : أبيه أبي البركات ، وأبي الفضل محمد بن عبد السّلام الأنصاريّ ، وأبي بكر بن سوسن.

روى عنه : عمر بن طبرزد ، والحافظ عبد الغنيّ.

وتوفّي في ذي القعدة وله اثنتان وثمانون سنة.

١١٣ ـ عليّ بن بكتكين بن محمد (٢).

__________________

= ويوما بخرقة ، ويوما بفرش الكرسي ، وكان يجلس الناس في الخلوات على قاعدة الصوفية.

وقال أبو محمد عبد اللطيف بن عبد القاهر : أنشدنا والدي لنفسه :

شهر الصيام على الأنام كرامة

فيه رضا الرحمن والغفران

سهل على من كان فيه عابدا

البذل والطاعات والقرآن

فيه يفتّح باب جنّات الرضا

ويصفّد الشيطان والنيران

طوبى لعبد كان فيه مخلصا

فثوابه الإحسان والرضوان

ومن شعره من أماليه قوله :

سرّ النّبوة شيبة الشمس في الأفق

فيه النّجاة لمن قد تاه في الطرق

هو الهدى لمن أستهدي وسار به

وزحزح النفس بالتقوى عن الخرق

إشراق نور نبيّ الله مكرمة

هو الدواء الّذي يشفي من الحمق

عهد الإله إلينا أن نتابعه

وذلك العهد محمول على الحدق

وقال أبو محمد عبد اللطيف : أنشدنا والدي لنفسه :

سروري صيامي إن قبلت صيامي

ولي فرحة في الحشر عند قيامي

فإن كنت يا مولاي تقبل طاعتي

وتغفر زلّاتي يتمّ مرامي

وإن أنت يا مولاي لم تعف زلّتي

وألبستني في العرض ثوب أثام

تهتّك أستاري وتبدو خطيئتي

فيا حسرتى من لي ليوم حمامي

أخاف وأرجو تارة ثمّ تارة

إلى أن ينادي ربّنا بسلام

(تاريخ إربل ١ / ١٠٩ ـ ١١٢).

(١) انظر عن (عبد القاهر بن محمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٩٤ رقم ٩٧٢.

(٢) انظر عن (علي بن بكتكين) في : الإعتبار ١٥٧ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، والكامل في التاريخ

١٦٨

الأمير عليّ كوجك التّركمانيّ ، وهو زين الدّين صاحب إربل.

أحد الأبطال الموصوفين ، والفرسان المذكورين. وكوجك معناه : لطيف القدّ ، لقّب بذلك لأنّه كان قصيرا.

وكان معروفا بالقوّة المفرطة والشّهامة. وكان ممّن حاصر المقتفي لأمر الله وخرج عن الطّاعة ، ثمّ طلب العفو وحسنت طاعته. وحجّ هو وأسد الدّين شير كوه ، وكان من أكابر الدّولة الأتابكيّة.

عمل نيابة الموصل مدّة ، وطال عمره.

وقال ابن الأثير (١) : فارق زين الدّين عليّ خدمة صاحب الموصل قطب الدّين مودود ، وسار إلى إربل. وكان هو الحاكم في الدّولة ، وأكثر البلاد بيده ، منها إربل ، وفيها بيته وأولاده وخزائنه ، ومنها شهرزور وقلاعها ، وجميع بلد الهكاريّة وقلاعه كالعماديّة ، والحميديّة ، وتكريت ، وسنجار ، وحرّان ، وقلعة الموصل.

وكان قد أصابه طرش ، وعمي أيضا. فلمّا عزم على مفارقة الموصل إلى إربل سلّم جميع ما بيده من البلاد إلى مودود ، سوى إربل.

وكان شجاعا ، عادلا ، حسن السّيرة ، سليم القلب ، ميمون النّقيبة ، لم ينهزم في حرب قطّ ، وكان جوادا ، كثير العطاء للجند وغيرهم (٢).

__________________

= ١١ / ١٠٠ ، ١٠٢ ، ١١٣ ، ١١٤ ، ١٤٠ ، ٢٧٩ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، ٣٣١ ، والتاريخ الباهر ١٣٥ ، والنوادر السلطانية ٣٩ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٨٠ ، وتاريخ مختصر الدول ٢١٢ ، وفيه «سبكتكين» وهو غلط ، وتاريخ إربل ١ / ٦٤ ، وكتاب الروضتين ٢ / ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ووفيات الأعيان ٤ / ١١٤ ، وانظر فهرس الأعلام ٨ / ١٦٤ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٤ ، والدرّ المطلوب ٣٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، والعبر ٤ / ١٨٢ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٦ ، ٧٧ ، وتاريخ ابن الفرات م ٤ ج ١ / ١٣ ـ ١٥.

(١) في التاريخ الباهر ١٣٥ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٣٣١.

(٢) وقال سبط ابن الجوزي : وكان بخيلا ، ثم إنه جاد في آخر عمره بنى المدارس والربط والقناطر والجسور ، وحكي أن بعض الجند جاءه بذنب فرس فقال : مات فرسي ، فأعطاه فرسا ، وأخذ ذلك الذنب آخر ، وجاءه فقال : مات فرسي ، فأعطاه فرسا ، ولا زال يتداول=

١٦٩

مدحه الحيص بيص بقصيدة ، فلمّا أراد أن ينشده قال : أنا ما أعرف ما تقول ، ولكن أعرف ما تريد. إنّه يريد شيئا. وأمر له بخمسمائة دينار وفرس وخلعة (١).

ولم يزل بإربل إلى أن مات بها هذه السّنة. ولمّا فارق قلعة الموصل وليها الخادم فخر الدّين عبد المسيح مملوك أتابك زنكيّ.

قال ابن خلّكان (٢) : توفّي في ذي الحجّة سنة ثلاث وستّين.

قال : ويقال إنّه جاوز المائة ، وهو والد مظفّر الدّين (٣).

١١٤ ـ عليّ بن الحسن بن سلامة (٤).

المنبجيّ ، ثمّ البغداديّ. أخو أحمد ويحيى.

روى عن : أبي القاسم بن بيان.

وتوفّي في صفر.

١١٥ ـ عليّ بن عبد الرحمن بن محمد (٥).

__________________

= ذلك اثنا عشر رجلا وهو يعلم أنه الأول ويعطيهم الخيل ، فلما أضجروه أنشد :

ليس الغبيّ بسيد في قومه

لكن سيّد قومه المتغابي

فعرفوا أنه علم ، فلم يرجعوا إليه. (مرآة الزمان ٨ / ٢٧٣).

(١) تاريخ مختصر الدول ٢١٢.

(٢) في وفيات الأعيان ٤ / ١١٤.

(٣) قال أبو المعالي صاعد بن علي الواعظ ، لما بنى علي والي الموصل مسجده بظاهر الموصل كتب بعض المواصلة على بعض حيطانه البيتين :

بنى مسجدا لله من غير حلّه

فكان بحمد الله غير موفّق

كمطعمة الرّمّان من كسب فرجها

فديتك لا تزني ولا تتصدّقي

(تاريخ إربل ١ / ٦٤).

(٤) انظر عن (علي بن الحسن بن سلامة) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٢١ رقم ٩٩٣.

(٥) انظر عن (علي بن عبد الرحمن الطوسي) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٢٧ رقم ١٠١٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٠ رقم ١٨٢٢ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٨ ، ٤٧٩ رقم ٣٠٣ ، وصفحة ٤٨٠ ، وفيها ورد اسمه بزيادة : «أحمد بن رافع» في آخره ، والعبر ٤ / ١٨٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٠٩.

١٧٠

أبو الحسن ابن تاج القرّاء الطّوسيّ ، ثمّ البغداديّ.

سمع جزء البانياسيّ منه. وسمع من : يحيى بن أحمد السّيبيّ ، وأبي بكر الطّريثيثيّ ، وغيرهما.

وقال الشّيخ الموفّق : سمعنا منه جزءين يرويهما عن البانياسيّ.

وقال ابن السّمعانيّ : كان صوفيّا خدم المشايخ وتخلّق بأخلاقهم. طلبته عدّة نوب فما صدفته. وهو أخو شيخنا يحيى.

قلت : روى عنه : الحافظ عبد الغنيّ ، والشّيخ الموفّق ، وجماعة آخرهم موتا أبو إسحاق الكاشغريّ.

وآخر من روى عنه بالإجازة الرشيد بن مسلمة.

وقال ابن مشق : توفّي في صفر رحمه‌الله تعالى.

١١٦ ـ عليّ بن عبد الرحمن بن مبادر (١).

أبو الحسن الأزجي ، الفقيه الشّافعيّ.

قاضي واسط. كان من كبار الشّافعيّة.

ذكر ابن الدّبيثيّ (٢) أنّه توفّي في هذه السّنة ، وهو أخو أحمد.

وقد ولي قضاء ربع الكرخ ، ثمّ عزل وسجن إلى أن مات في ربيع الأوّل.

١١٧ ـ عمر بن بنيمان بن عمر بن نصر (٣).

أبو المعالي البغداديّ.

__________________

(١) انظر عن (علي بن عبد الرحمن بن مبادر) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٢٧ رقم ١٠٠٩ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٢٧٨ وفيه «ساور» بدل «مبادر» وهو تصحيف.

(٢) في المختصر ٣ / ١٢٧.

(٣) انظر عن (عمر بن بنيمان) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٩٨ رقم ٩٣١ ، والعبر ٣ / ٣٥٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٩٥ وفيه : «عمرو بن سمان البغداديّ» ، وشذرات الذهب ٣ / ٤١٢.

وذكره في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٥ دون ترجمة ، ثم أعاده بترجمة قصيرة في صفحة ٤٧٩.

١٧١

قال ابن الدّبيثيّ (١) : شيخ ثقة ، صدوق.

سمع : أبا عبد الله بن البسريّ ، وثابت بن بندار ، وأبا غالب الباقلّانيّ ، وأبا عليّ البردانيّ ، وجماعة.

سمع منه : إبراهيم بن محمود الشعّار ، وأبو الحسن الرّبذيّ ، وعمر بن عليّ القرشيّ ، وعبد العزيز بن الأخضر.

وتوفّي في رجب.

قلت : روى عنه : الحافظ عبد الغنيّ ، والشّيخ الموفّق ، وابن اللّتّيّ ، وجماعة.

قال ابن النّجّار : كان صادقا ، صالحا ، متديّنا.

ـ حرف القاف ـ

١١٨ ـ القاسم بن عليّ بن الحسين بن محمد بن عليّ (٢).

أقضى القضاة أبو نصر ابن قاضي القضاة أبي القاسم بن نور الهدى الهاشميّ ، الزّينبيّ ، العبّاسيّ ، البغداديّ ، الفقيه الحنفيّ.

قال ابن الدّبيثيّ (٣) : تولّى هذا أقضى القضاة شرقا وغربا سنة ستّ وخمسين. وناب في الحكم عنه ببغداد أبو الخير مسعود اليزديّ.

وتوفّي قبل أن يتكهّل في المحرّم.

قلت : ولد سنة تسع وعشرين. وسمع من قاضي المرستان ونحوه.

وكان من صلّاح زمانه ، وله أدب ، وشعر ، وخطّ منسوب ، ومعرفة بالمذهب ، ويلقّب بعلاء الدّين.

__________________

(١) في المختصر المحتاج إليه ٣ / ٩٨.

(٢) انظر عن (القاسم بن علي) في : المنتظم ١٠ / ٢٠٠ ، وتلخيص مجمع الألقاب ج ٤ ق ١ ج ١٠٦٨ ، والمختصر المحتاج إليه ٣ / ١٦٠ رقم ١١٠٥ ، وديوان سبط ابن التعاويذي ٣٥٨ ، والجواهر المضية ٢ / ٧٠٦ رقم ١١١٤ ، وتاج التراجم لابن قطلوبغا ٥١ ، والطبقات السنية ، رقم ١٧٢١.

(٣) في المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٦٠.

١٧٢

ذكره ابن النّجّار. عاش أربعا وثلاثين سنة.

ـ حرف الميم ـ

١١٩ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عليّ بن حمدي (١).

أبو الفرج أخو الشّيخ أبي المظفّر أحمد (٢).

شيخ صالح عابد ، قانت ، قرأ القراءات على : أبي منصور بن خيرون وسبط الخيّاط.

وسمع من : أبي القاسم بن الحصين ، وابن البنّاء ، وجماعة.

سمع منه : أحمد بن صالح الجيليّ ، وعليّ بن أحمد الزّيديّ.

وكان يسرد الصّوم رحمه‌الله تعالى.

١٢٠ ـ محمد بن أحمد بن عمران بن عبد الرحمن بن محمد بن عمران بن نمارة (٣).

أبو بكر الحجريّ (٤) البلنسيّ ، من ولد حجر التّميميّ ، والد أوس الشّاعر.

انتقل أبو بكر من بلنسية مع والده سنة سبع وثمانين وأربعمائة عند أخذ

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد) في : المختصر المحتاج إليه ج ١.

(٢) تقدّم برقم (٨٧).

(٣) انظر عن (محمد بن أحمد بن عمران) في : بغية الملتمس للضبيّ ٥٤ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ٢ / ٧٥٠١ ومعجم شيوخ الصدفي ١٨٠ ـ ١٨٢ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ٦ / ١٦ ، ١٧ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٢٨ رقم ٤٧١ ، وغاية النهاية ٢ / ٧٨ ، وتوضيح المشتبه ٣ / ١٣٢ ، ومعجم المؤلفين ٨ / ٣٥٠.

وذكره في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٥ دون ترجمة.

(٤) في الأصل : «الخجنديّ» ، وهو وهم ، وقد قيّده ابن الأبّار بفتح الحاء والجيم ، وقيّده ابن الجزري بضم الحاء وسكون الجيم ، وقال الذهبي في (المشتبه ١ / ٢١٨) في «حجر» : وأوس ابن حجر ، مختلف فيه.

وعلّق بن ناصر الدين على قول المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ : «مختلف فيه» بأنه إطلاق ليس بجيّد ، فإنّ أوس بن حجر اثنان : صحابيّ ، وشاعر جاهلي. (توضيح المشتبه ٣ / ١٢٥) وقد ذكر ترجمته باعتباره من ولد أوس بن حجر الشاعر وقيّده بفتح الحاء والجيم. (٣ / ١٣٢).

١٧٣

الروم ، لعنهم الله ، بلنسية. فنشأ بالمريّة.

ونقلت من خطّه على نسختي «التّيسير» : قرأ عليّ فلان هذا الكتاب ، وأخبرته به عن الفقيه المشاور أبي بكر بن البطّيّ ، وأبي القاسم بن العربيّ ، كلاهما عن مؤلّفه.

قلت : وقد قرأ على أبي الحسن البرجيّ.

وسمع من : أبي عليّ الصّدفيّ ، وعبّاد بن سرحان ، وعبد القادر بن الخيّاط ، وصحب الشّيخ أبا العبّاس بن العريف.

ورحل إلى قرطبة سنة ستّ وخمسمائة ، فأخذ القراءات عن أبي القاسم بن النّحّاس (١) ، وعليه اعتمد لعلوّ روايته الّتي ساوى بها في بعض الطّرق أبا عمرو الدّانيّ.

وسمع منه ، ومن : أبي بحر بن العاص ، وأجاز له أبو عبد الله الخولانيّ.

وعاد إلى بلنسية لما تراجع أمرها ، فأخذ علم العربيّة عن أبي محمد البطليوسيّ.

وتفقّه بأبي القاسم بن الأشقر السّرقسطيّ.

وتصدّر للإقراء مع كثرة علومه ورئاسته. وصنّف شرحا لمقدّمة ابن بابشاذ.

قال الأبّار (٢) : ثنا عنه غير واحد ، وهو آخر من تلا بالرّوايات على ابن النّحّاس.

وتوفّي في شعبان ، وصلّى عليه ابن النّعمة. وكانت جنازته مشهودة. وعاش ثمانين سنة.

__________________

(١) في الأصل : «النحاس» بالحاء المهملة.

(٢) في تكملة الصلة ٢ / ٥٠١.

١٧٤

قلت : عاش بعده يحيى بن سعدون القرطبيّ نزيل الموصل ، وهو ممّن قرأ بالروايات على أبي القاسم بن النّخّاس.

١٢١ ـ محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم بن هلال (١).

أبو الحسن بن الصّابيء البغداديّ.

من بيت كتابة وفضيلة وأدب.

ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

وسمع : أبا عبد الله النّعاليّ ، وأبا عبد الله بن البسريّ ، وأبا غالب الذّهليّ.

قال ابن الدّبيثيّ (٢) : كان ثقة ، صحيح السّماع.

سمع منه : أبو المحاسن القرشيّ ، وأبو بكر بن مشق ، وأحمد بن أحمد الشّاهد ، وغيرهم.

وأجاز للرشيد بن مسلمة ، وغيرهم.

وتوفّي في ربيع الأوّل.

١٢٢ ـ محمد بن عبد الرّزّاق بن يوسف (٣).

أبو عبد الله [الكلبيّ] (٤) الإشبيليّ.

روى عن : أبي القاسم الهوزنيّ.

وصحب أبا بكر بن العربيّ مدّة طويلة.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن إسحاق) في : تاريخ إربل ١ / ٣٧٧ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٢٤ ، والعبر ٤ / ١٨٢ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٤ / ٢٣٢ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٠ رقم ١٨٢٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٨٠ (دون ترجمة) ، والوافي بالوفيات ٢ / ١٩١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٠٩.

(٢) في المختصر المحتاج إليه ١ / ٢٤.

(٣) انظر عن (محمد بن عبد الرزاق) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٥٩٣ رقم ١٣٠٣.

(٤) في الأصل بياض ، والمستدرك من (الصلة).

١٧٥

ورحل قديما ولقي : أبا بكر الطّرطوشيّ ، ومحمد بن أحمد الرّازيّ ، وأبا الحسن بن مشرّف ، والسّلفيّ.

قال ابن بشكوال : انفرد برواية «الكامل» لابن عديّ. وقد قرأت عليه بعضه ، وناولنا جميعه. وكان فاضلا ، ديّنا ، يتيما ، عالما بما يحدّث. استقضاه شيخنا أبو بكر على مدينة باجة ، ثمّ استعفاه فأعفاه.

ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة.

وتوفّي في سادس عشر جمادى الآخرة.

١٢٣ ـ محمد بن عبد الرشيد بن ناصر (١).

أبو الفضل الرّجائيّ (٢) ، الأصبهانيّ ، الواعظ ، الزّاهد.

أصله من سرخس.

حدّث ببغداد وأصبهان عن : جعفر بن عبد الواحد الثّقفيّ ، وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ.

وكان إماما ، زاهدا ، ورعا ، كبير القدر. له في بلده قبول زائد وأصحاب ومريدون.

ذكره الحافظ عبد القادر في أعيان مشايخه فقال : تفقّه على الرستميّ ، وكان زوج أمّه. وكان زاهدا ورعا ، طويل الصّمت ، ضحوك السّنّ في سكينة

__________________

(١) انظر عن (محمد بن عبد الرشيد) في : تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني ١٤٦ ، ١٤٧ رقم ١٠٩ ، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي ٢ / ٨٢ ، ٨٣ رقم ٢٩٢ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٢٥٣ رقم ١٢٧٣ ، وتوضيح المشتبه ٤ / ١٥٩ ، وجزء فيه وفيات جماعة من المحدّثين ٩٥ رقم ٢٠٦.

(٢) الرجائي : قال ياقوت في مادّة «رجا» : مقصور ، قرية من قرى سرخس ، ينسب إليها عبد الرشيد بن ناصر الرجائي واعظ نزل أصبهان. قاله أبو موسى الأصبهاني. (معجم البلدان ٣ / ٢٧) ومثله قال المؤلّف ـ رحمه‌الله في (المشتبه ١ / ٣١٠).

وقد أورده ابن الصابوني في مادّة «رجا» ، وهو اسم رجل ، وذكر اسم صاحب الترجمة : محمد بن عبد الرشيد بن ناصر بن علي بن أحمد بن رجا الرّجائي. وتابعه في ذلك ابن ناصر الدين ، واعتبر ما ذكره المؤلّف في (المشتبه) وهما ، وكذا ما ذكره ياقوت في معجمه ، وقال : إنما هو منسوب إلى جدّه رجاء بالمدّ. (انظر : تكملة ابن الصابوني ١٤٦ ، وتوضيح المشتبه ٤ / ١٥٨ و ١٥٩).

١٧٦

ووقار. مات كهلا في طريق مكّة.

وقال غيره : ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة. ومات بالحلّة السّيفيّة في ذي القعدة ، ودفن بها رحمه‌الله (١).

١٢٤ ـ محمد بن عبد المتكبّر بن حسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله (٢).

من بيت الخطابة والقضاء والرواية.

كان خطيب جامع المنصور.

روى عن : أبي السّعود أحمد بن المجلي.

وكنيته : أبو عليّ. ولم يسمع على قدر سنّه ، فإنّه ولد سنة ٤٨٢.

توفّي في رمضان.

١٢٥ ـ محمد بن عليّ بن عبد الله بن محمد بن ياسر (٣).

أبو بكر الأنصاريّ ، الجيّانيّ ، الأندلسيّ.

__________________

(١) وقال ابن النجار : حضر وليمة بأصبهان كان فيها الشيخ أبو مسعود كوتاه وجماعة من الأعيان ، فلما حضر الطعام تناول منه أبو مسعود والجماعة ، ولم يمدّ محمد بن عبد الرشيد يده ولم يأكل ، فقيل له : إنّ الشيخ أبا مسعود قد أكل وأنت لم تأكل! فقال : إن البحر لا ينجّسه شيء ، والنهر الصغير إذا كان دون القلّتين نجّسه أدنى النجاسات ، وهو البحر ونحن دون القلّتين ، ولم يأكل.

(٢) انظر عن (محمد بن عبد المتكبّر) في : الوافي بالوفيات ٤ / ٢٥ ، ٢٦ رقم ١٤٧٨ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٨١ ، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي ٢ / ٨٦ ، ٨٧ ، رقم ٢٩٦ وفيه وفاته سنة ٥٦٢ ه‍.

(٣) انظر عن (محمد بن علي بن عبد الله) في : الإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب : الجياني والحنائي ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ٥٠٠ ، وتاريخ إربل لابن المستوفي ١ / ١١٣ ، ١٦٠ ، ١٦٧ ، ٣٦٩ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٩٤ ، والعبر ٤ / ١٨٣ ، والمشتبه ١ / ١٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٠٩ ، ٥١٠ رقم ٣٢٥ ، والوافي بالوفيات ٤ / ١٦٣ رقم ١٦٩٨ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦ / ١٥٣ ، ٢١٥٤ ، وذيل التقييد لقاضي مكة ١ / رقم ٣٥٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، ونفح الطيب ٢ / ١٥٧ ، وكشف الظنون ٥٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢١٠ ، وتاريخ الأدب العربيّ ٦ / ٢٧٧ ، والأعلام ٧ / ١٦٦ ، وفهرس دار الكتب المصرية ١ / ٨٨ ، ومعجم المؤلفين ١٠ / ٢٤.

١٧٧

قال : ولدت بجبال جيّان في شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

وقدم دمشق وله نيّف وعشرون سنة ، ففتح مكتبا عند قنطرة سنان. وتفقّه على أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ.

قال الحافظ ابن عساكر : ثمّ زاملني إلى بغداد ، وسمع من : ابن الحصين.

وسمع بدمشق من جمال الإسلام. ودخل بعد العشرين إلى نيسابور ، فسمع بها من أبي القاسم سهل بن إبراهيم المسجديّ ، وأدرك بمرو أبا منصور محمد بن عليّ الكراعيّ ، وسمع منه.

وسمع ببلخ من : عثمان بن محمد الشّريك. وسمع «صحيح مسلم» من الفراويّ.

روى عنه : أبو المظفّر بن السّمعانيّ ، وأبو الفتوح بن الحصريّ ، والقاضي بهاء الدّين يوسف بن شدّاد ، وأبو حفص عمر بن قشام ، وأبو محمد ابن الأستاذ.

وأقام مدّة بالموصل ، ثمّ قدم حلب وولي خزانة الكتب بها.

قال ابن النّجّار : قرأت في كتاب أبي بكر الجيّانيّ : كنت مشتغلا بالجدل والخلاف ، مجدّا في ذلك ، فنمت فرأيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كأنّه قد جاءني وقال لي : قم يا أبا بكر. فلمّا قمت تناول يدي فصافحني ، ثمّ ولّى وقال لي : تعال خلفي. فتبعته نحوا من عشر خطوات وانتبهت.

قال : فأتيت شيخنا أبا طالب إبراهيم بن هبة الله الدّياريّ الزّاهد ، فقصصت عليه ، فقال لي : يريد منك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تترك الخلاف وتشتغل بحديثه إذ قد أمرك باتّباعه ، فتركت الاشتغال بالخلاف ، وكان أحبّ إليّ من الحديث. وأقبلت على الحديث.

سئل الحصري عن الجيّانيّ فقال : شيخ حافظ ، عالم بالحديث ، وفيه فضل.

١٧٨

وقال بعض الحلبيّين : مات في سابع ربيع الآخر بحلب ، رحمه‌الله تعالى.

١٢٦ ـ المبارك بن المبارك بن زيد (١).

أبو الكرم الكوفيّ المقرئ.

عرف بابن الطّبقيّ ، نزيل بغداد.

سمع : ثابت بن بندار ، وأبا الحسن العلّاف.

وحدّث.

ـ حرف النون ـ

١٢٧ ـ ناصر بن الحسن بن إسماعيل (٢).

الشّريف الخطيب ، أبو الفتوح الحسينيّ ، المصريّ ، المقرئ.

قرأ القراءات على أبي الحسن عليّ بن أحمد الأبهريّ صاحب الأهوازيّ ، وعلى أبي الحسين يحيى بن الفرج الخشّاب ، وتصدّر للإقراء.

أخذ عنه جماعة منهم أبو الجود غياث بن فارس.

وحدّث عن : محمد بن عبد الله بن أبي داود الفارسيّ ، وأبي الحسين الخشّاب ، وابن القطّاع اللّغويّ ، وغيرهم.

وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.

وتوفّي رحمه‌الله يوم عيد الفطر.

روى عنه بالإجازة : أبو الحسن بن المقدسيّ الحافظ ، وعيسى بن عبد العزيز اللّخميّ ، وغيرهما.

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن المبارك) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٧٦ رقم ١١٥٤.

(٢) انظر عن (ناصر بن الحسن) في : دول الإسلام ٢ / ٧٧ ، والعبر ٤ / ١٨٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٧٠ رقم ١٨٢٤ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٢٥ ، ٥٢٦ رقم ٤٦٩ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٩٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢١٠ وفيه : «ناصر بن الحسين».

وذكره في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٧٥ دون ترجمة ، وأعاده في صفحة ٤٨٠.

١٧٩

وسمع منه جماعة من المصريّين ، وهو قليل الحديث. وكانت قراءته بالروايات في سنة اثنتين وخمسين وبعدها.

١٢٨ ـ نعمة بن زيادة الله بن خلف.

أبو عبيد الغفاريّ.

توفّي بالإسكندريّة في هذا العام. وقد سمع «صحيح البخاريّ» على الشّيخ أبي مكتوم عيسى بن أبي ذرّ الهرويّ بمكّة ، بقراءته وقراءة غيره ، إلّا شيئا يسيرا من آخر «الصّحيح» ، فإنّه قرأه بالإجازة.

روى عنه : عليّ بن المفضّل الحافظ ، وقاضي الإسكندريّة أبو القاسم عبد الرحمن بن سلامة القضاعيّ ، وغيرهما.

١٢٩ ـ نفيسة بنت محمد بن عليّ (١).

أخت أبي الفرج بن البزّاز الخفّاف البغداديّ.

وتسمّى أيضا فاطمة ، والأوّل أشهر.

سمعت من : طراد الزّينبيّ ، والحسين بن طلحة النّعاليّ الحمّاميّ ، وغيرهما.

سمع منها : أبو سعد السّمعانيّ ، وعمر بن عليّ القرشيّ.

روى عنها : الحافظ عبد الغنيّ ، والشّيخ الموفّق ، وأبو إسحاق إبراهيم الكاشغريّ ، وجماعة.

وتوفّيت في ذي الحجة.

قال الموفّق : سمعت الكثير عن طراد ، وطبقته. وكانت نظيرة شهدة في كثرة السّماع وعلوّه.

__________________

(١) انظر عن (نفيسة بنت محمد) في : المختصر المحتاج إليه ٣ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ رقم ١٩٣٦ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٨٠ (ترجمة مختصرة) و ٢٠ / ٤٨٩ رقم ٣٠٧ ، والعبر ٤ / ١٨٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٨٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢١٠ ، وأعلام النساء ٥ / ١٩٠ ، ١٩١.

١٨٠