كشف الحقائق

الشيخ علي آل محسن

كشف الحقائق

المؤلف:

الشيخ علي آل محسن


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الصفوة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣١٢

المنافقين (١).

ومنه ما أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن جابر ، أنه قال : صلى معاذ بن جبل الأنصاري بأصحابه العشاء ، فطوَّل عليهم ، فانصرف رجل منا فصلى ، فأُخبر معاذ عنه ، فقال : إنه منافق. فلما بلغ ذلك الرجل ، دخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره ما قال معاذ ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتريد أن تكون فتَّاناً يا معاذ؟ إذا أممت الناس فاقرأ بالشمس وضحاها ، وسبح اسم ربك الأعلى ، واقرأ باسم ربك ، والليل إذا يغشى (٢).

وقد كانت عائشة تكفِّر عثمان ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلاً فقد كفر (٣).

فلما أرادت بعد قتله أن تطالب بدمه قال لها ابن أم كلاب :

منكِ البداءُ ومنكِ الغيرْ

ومنكِ الرياحُ ومنكِ المطر

وأنتِ أمرتِ بقتلِ الإمام

وقلتِ لنا : إنه قد كفرْ

فهبنا أطعناكِ في قتلِهِ

وقاتلُه عندنا مَن أمَرْ(٤)

__________________

(١) صحيح البخاري ٣/٢٢٩ كتاب الشهادات ، باب تعديل النساء ، ٥/١٥٣ كتاب المغازي ، باب حديث الإفك ، ٦/١٣٠ كتاب التفسير ، تفسير سورة النور.

(٢) صحيح مسلم ١/٣٤٠ كتاب الصلاة ، باب رقم ٣٦. سنن النسائي ٢/١٧٢. سنن ابن ماجة ١/٣١٥.

(٣) شرح نهج البلاغة ٢/٧٧.

(٤) تاريخ الطبري ٣/٤٧٧. الكامل في التاريخ ٣/٢٠٦.

٢٢١

ولما حُصِر عثمان في بيته كفَّر كل أهل المدينة من الصحابة وغيرهم.

قال الطبري : لما رأى عثمان ما قد نزل به ، وما قد انبعث عليه من الناس ، كتب إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بالشام : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فإن أهل المدينة قد كفروا ، واخلفوا الطاعة ، ونكثوا البيعة ، فابعث إليَّ من قِبَلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول (١).

هذا مضافاً إلى أن جمهور أهل السنة قد ذهبوا إلى كفر أبي طالب عليه‌السلام ، مع أنه من أجِلاء صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإسلامه ودفاعه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذبّه عن الإسلام أوضح من أن يحتاج إلى بيان. وحسبك دليلاً على إيمانه أقواله المأثورة وأشعاره المشهورة.

ومنها قوله :

واللهِ لن يصلوا إليكَ بجمعِهم

حتى أُوسَّدَ في الترابِ دفينا

فاصدعْ بأمرِك ما عليكَ غضاضةٌ

وابشرْ بذاك وقرَّ منكَ عيونا

ولقد علمتُ بأن دينَ محمدٍ

مِن خيرِ أديانِ البريَّةِ دينا(٢)

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣/٤٠٢.

(٢) البداية والنهاية ٣/٤١. المواهب اللدنية ١/٤٦. أسنى المطالب ، ص ٢٥. وهذه الأبيات أورده الأميني رضوان الله عليه في موسوعة الغدير ٧/٣٣٤ وقال : رواها

٢٢٢

وقوله :

ألا أبلِغا عني على ذاتِ بينِنا

لُؤيًّا وخُصَّا من لؤي بني كعْبِ

ألم تعلموا أنَّا وجدنا محمداً

نبيّا كموسى خُطَّ في أولِ الكتْبِ

وأن عليه في العبادِ محبة

ولا خير ممن خصَّه الله بالحُبِ(١)

والحاصل أن القول بكفر واحد ممن صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن جلَّ عند قوم لا يستلزم كفر طائفة من طوائف المسلمين أو أحد من أهل القبلة ، وما يُلزَم به الشيعة من تكفير بعض من يعتبرهم أهل السنة من أجلاء الصحابة ، يرِد على أهل السنة سواءً بسواء ، بل إن الحجة على أهل السنة أتم وأظهر ، وذلك لأن أبا طالب عليه‌السلام الذي تجرَّءوا على تكفيره ، يعترف جمع من علمائهم بإيمانه ، فكان الواجب عليهم ألا يتسرَّعوا في تكفير من اختلفوا هم أنفسهم في إيمانه وكفره ، بخلاف من كفره الشيعة ، فإنهم لم يختلفوا فيه ، وشتان ما بين هذين الأمرين.

قال الجزائري : فقل لي بربك أيها الشيعي ، ألم يكن لهذا التكفير واللعن والبراء لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هدف وغاية؟ بلى أيها الشيعي ،

__________________

الثعلبي في تفسيره وقال : قد اتفق على صحة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب مقاتل وعبد الله بن عباس والقسم بن محضرة وعطاء بن دينار.

(١) السيرة النبوية ١/٣٥٢. البداية والنهاية ٣/٨٤. أسنى المطالب ، ص ٢٤.

٢٢٣

إن هناك هدفاً وأي هدف؟ وغاية وأية غاية؟ إن الهدف هو القضاء على الإسلام خصم اليهودية والمجوسية وعدو كل شرك ووثنية!!

والجواب :

أنا لم نقل بارتداد عامة الصحابة عن الدين كما أوضحناه مكرَّراً ، وإنما قلنا برجوع أكثرهم عن بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا المعنى هو المراد بالارتداد المذكور في الحديث الذي احتج به.

وأما ما ألصقه بالشيعة من القول بارتداد عامة الصحابة إلا نفراً قليلاً وإن كنا لا نقول به إلا أنه هو الظاهر من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث البخاري المتقدم الذي قال فيه : «فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همَل النعَم» كما بيَّنَّاه آنفاً.

وبعبارة أخرى : إن ما ألصقه بالشيعة من القول بارتداد أكثر الصحابة عن الدين بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقوله الشيعة ، ولا تدل عليه الأحاديث المروية من طرقهم ، بل دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة التي ذكرنا بعضاً منها.

ومما تقدَّم يتَّضح سقوط كل ما سيأتي من اللوازم الفاسدة التي ساقها الجزائري ، لأنها كلها مبتنية على القول بارتداد عامة الصحابة عن الدين ، ونحن لا نقول به كما بيَّنَّاه مفصَّلاً ، وهو واضح.

وقوله : «إن الهدف من هذا التكفير واللعن والبراء لأصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢٢٤

هو القضاء على الإسلام خصم اليهودية والمجوسية» لا يخفى فساده ، ولا يستحق الرد عليه ، إلا أنا مع ذلك نقول :

إن أراد بأصحاب النبي كل أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنحن لا نكفِّرهم ولا نلعنهم جميعاً كما أوضحناه فيما تقدَّم.

وإن أراد بعضهم فارتداد ونفاق بعض من صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متَّفق عليه ، ودلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة كما مر آنفاً.

والنتيجة المتحصَّلة هي أن الشيعة وأهل السنة في هذه المسألة سواء ، فما يلزم أولئك يلزم هؤلاء.

ثمّ إنا لا نعلم كيف يتم القضاء على الإسلام بسبب الاعتقاد بنفاق أو ارتداد بعض صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أن الشيعة وأهل السنة كلهم يرون ذلك والإسلام بحمد الله باقٍ ، وسيبقى إن شاء الله تعالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولا يخفى أن الجزائري في كلامه هنا بل في كل ما سطَّره في هذا الكتيِّب يريد بالإسلام مذهب أهل السنة ، المبني على القول بعدالة كل من صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع أن القول بعدالة كل الصحابة يبطله الكتاب والسنة والإجماع والعقل ، والإسلام غير منحصر في مذهب تبطله الأدلة الصحيحة.

والحكم بأن الغاية من اعتقاد ردَّة بعض من صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢٢٥

هي القضاء على الإسلام خصم اليهودية والمجوسية حكم باطل ، بل هو من الكلام الذي لا يجوز قوله ، لما فيه من رد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الثابتة.

ثمّ كيف يتسبَّب من اعتقاد ردَّة بعض من صحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القضاء على الإسلام؟ والحال أن الردة حقيقة تاريخية لا ينكرها أحد ، غاية ما في الأمر أنهم يقولون إنها وقعت في كل الأمصار ما عدا الحرمين والطائف ، ولو سلَّمنا بذلك فصحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا متوافرين في بلاد العرب كلها.

وأما هدف الشيعة من بيان أن جمعاً من صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد ارتدّوا من بعده فهو بيان ما أراد رسول الله بيانه للأمة ، حتى لا يُغتَر بكل من يدَّعي الصحبة ، ويتخذها وسيلة لإضلال الأمة المهدية وتحريف السنة النبوية.

قال الجزائري : وإن الغاية هي إعادة دولة المجوس الكسروية بعد أن هَدم الإسلام أركانها ، وقوَّض عروشها ، ومحا أثر وجودها ، وإلى الأبد إن شاء الله تعالى ، وهاك إشارة مغنية عن عبارة : ألم يُقتل ثاني خليفة للمسلمين بيد غلام مجوسي؟

ألم يحمل راية الفتنة ضد الخليفة عثمان فيذهب ضحيَّتها وتكون أول بذرة للشر والفتنة في ديار المسلمين ، اليهودي عبد الله بن سبأ؟

٢٢٦

والجواب :

أن إعادة دولة المجوس الكسروية ليست من غايات الشيعة ، ولو كانت هذه هي غايتهم لَسَعوا إليها وأعادوا بناءها ، فإن الشيعة قامت لهم دول على ممر العصور ، ولم يعيدوا المجوسية ولا اليهودية ، ولم يدعُوا إليهما.

وأما ما أشار إليه من قتل عمر بن الخطاب بيد غلام مجوسي ، فهذا لا علاقة له بالشيعة ، لأن هذا الغلام لم يكن شيعياً ولا مملوكاً لواحد من الشيعة ، وإنما هو غلام للمغيرة بن شعبة الذي كان من المنحرفين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام. وكان هذا الغلام حدَّاداً نقَّاشاً نجَّاراً حاذقاً ، وكان المغيرة قد ضرب عليه مائة درهم في الشهر كما في بعض الأخبار ، أو أربعة دراهم في اليوم كما في بعض آخر ، فاشتكى إلى عمر شدة الخراج ، فقال له عمر : ما خراجك بكثير. فانصرَف ساخطاً يتذمّر ، وأضمر لعمر السوء ، فكمن له وقتله (١).

هذا مع أن الذي ذكره غير واحد أنه كان غلاماً نصرانيّاً ولم يكن مجوسيّا (٢) ، ولا أقل فالأخبار في دينه متضاربة.

ولعله كان مسلماً ، إلا أنه لمَّا قتل عمر وصَموه بالمجوسية ، والله أعلم بحقائق الأمور.

وأما عبد الله بن سبأ ، فالذي أفاده جمع من المحققين (٣) والباحثين أنه

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٣/٣٤٥. المستدرك ٣/٩١. تاريخ الإسلام ٣/٢٧٧. تاريخ الخلفاء ، ص ١٠٦. تاريخ الخميس ٢/٢٤٨. مروج الذهب ٢/٣٢٠. الكامل في التاريخ ٣/٤٩.

(٢) المستدرك ٣/٩١. الكامل في التاريخ ٣/٤٩.

(٣) قال السيد أبو القاسم الخوئي أعلى الله مقامه في كتابه معجم رجال الحديث

٢٢٧

رجل اختلقه خصوم الشيعة كيداً لهم وإزراءً عليهم.

قال الدكتور طه حسين : إن أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء إنما كان متكلَّفاً منحولاً ، قد اختُرع بأخَرَة ، حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفِرق الإسلامية ، أراد خصوم الشيعة أن يُدخِلوا في أصول هذا المذهب عنصراً يهوديًّا ، إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم (١).

وقال الدكتور عبد العزيز الهلابي الأستاذ في قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض : وعلى أية حال ، فسَيف وهو راوي قصة ابن سبأ كما سيأتي أراد طعن الشيعة في الصميم ، وذلك بنسبة مذهب التشيع إلى يهودي حاقد على الإسلام ، يريد تقويضه من الداخل ، وأن أفكار الشيعة المعتدلين منهم والغلاة ليست سوى أفكار هذا اليهودي (٢).

ويدل على أن عبد الله بن سبأ شخصية وهمية مختلقة أمور :

__________________

١٢/١٩٤ : إن اسطورة عبد الله بن سبأ وقصص مشاغباته الهائلة موضوعة مختلقة اختلقها سيف بن عمر الوضاع الكذاب ، ولا يسعنا المقام الإطالة في ذلك والتدليل عليه ، وقد أغنانا العلامة الجليل والباحث المحقق السيد مرتضى العسكري في ما قدم من دراسات عميقة دقيقة عن هذه القصص الخرافية ، وعن سيف وموضوعاته ، في مجلدين ضخمين طبعا باسم عبد الله بن سبأ ، وفي كتابه الآخر خمسون ومائة صحابي مختلق.

(١) علي وبنوه ، ص ٥١٨.

(٢) عبد الله بن سبأ للهلابي ، ص ٢٦.

٢٢٨

الأول : أن كل الأحاديث التي ذكرت فيها قصة عبد الله بن سبأ تنتهي إلى سيف بن عمر التميمي المتوفى سنة ١٨٠ ه‍ كما في تاريخ الطبري وتاريخ دمشق وتاريخ الإسلام وغيرها. وسيف بن عمر ضعيف جداً ، اتفق الجميع على تضعيفه.

قال يحيى بن معين : ضعيف الحديث. وقال : فلَيس خير منه (١).

وقال أبو داود : ليس بشيء (٢).

وقال أبو حاتم الرازي (٣) والدارقطني (٤) : متروك الحديث.

وقال ابن حبان : اتُّهم بالزندقة. وقال : يروي الموضوعات عن الأَثبات (٥).

وقال ابن عدي : عامة حديثه منكَر (٦).

وقال الحاكم : اتُّهم بالزندقة ، وهو في الرواية ساقط (٧).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٤/٢٥٩. ميزان الاعتدال ٢/٢٥٥. تهذيب الكمال ١٢/٣٢٦.

(٢) تهذيب التهذيب ٤/٢٥٩. ميزان الاعتدال ٢/٢٥٥. تهذيب الكمال ١٢/٣٢٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٤/٢٥٩. ميزان الاعتدال ٢/٢٥٥. الجرح والتعديل ٤/٢٧٨.

(٤) تهذيب التهذيب ٤/٢٦٠. وعده في الضعفاء في كتابه الضعفاء والمتروكون ، ص ٢٤٣.

(٥) تهذيب التهذيب ٤/٢٦٠. تهذيب الكمال ١٢/٣٢٦.

(٦) ميزان الاعتدال ٢/٢٥٥. تهذيب الكمال ١٢/٣٢٦.

(٧) تهذيب التهذيب ٤/٢٦٠.

٢٢٩

وقال النسائي : ضعيف (١).

وقال ابن حجر : ضعيف الحديث (٢).

الثاني : أن الذين سبقوا سيف بن عمر والذين عاصروه من المؤرخين والرواة لم يذكروا ابن سبأ في أحاديثهم ومصنفاتهم.

قال الدكتور عبد العزيز الهلابي : أما الرواة والأخباريون المتقدمون كعروة بن الزبير (ت ٩٤ ه‍) ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ت ١٢٤ ه‍) وابن اسحاق (ت ١٥٠ ه‍) والواقدي (ت ٢٠٧ ه‍) وخليفة بن خياط (ت ٢٤٠ ه‍) في تاريخه ، وابن سعد (ت ٢٣٠ ه‍) في كتاب الطبقات ، وابن الحكم (ت ٢٥٧ ه‍) في كتابه «فتوح مصر وأخبارها» ، وأبو حنيفة الدينوري (ت ٢٨٢ ه‍) في كتابه «الأخبار الطوال» والكندي (ت ٢٨٣ ه‍) في كتاب «الولاة والقضاة» ، واليعقوبي (ت ٢٩٢ ه‍) في تاريخه ، والمسعودي (ت ٣٤٦ ه‍) في كتبه ، وغيرهم من مؤرخي القرن الثالث والرابع الهجريين ، فلم يرد عند أحد من هؤلاء في مروياتهم أو في كتب المؤلفين منهم أي ذكر عن ابن سبأ ودوره في الأحداث (٣).

قلت : إن إغفال هؤلاء المؤرخين لهذا الرجل الذي كان له هذا الدور الكبير في إحداث الفتنة وفي تغيير وجه التاريخ الإسلامي دليل

__________________

(١) المصدر السابق ٤/٢٦٠.

(٢) تقريب التهذيب ، ص ٢٦٢.

(٣) عبد الله بن سبأ للهلابي ، ص ١٣.

٢٣٠

على أن الرجل مكذوب مختلق.

الثالث : أن الأحاديث قد تضاربت في بيان شخصية ابن سبأ تضارباً شديداً ، فتارة ذكر فيها باسم عبد الله بن سبأ ، وتارة باسم ابن السوداء ، والذي يظهر من كلام عبد القاهر البغدادي في كتابه الفرْق بين الفِرَق أنهما رجلان لا رجل واحد ، بينما يرى الأكثر أن عبد الله بن سبأ هو ابن السوداء.

كما أن الظاهر مما قاله البلاذري في أنساب الأشراف ، والسمعاني في الأنساب ، والمقريزي في الخطط والآثار ، أن ابن سبأ هو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني الذي كان من رؤساء الخوارج وقُتل معهم في معركة النهروان (١).

والمروي في أكثر الأخبار أنه من يهود اليمن (٢) ، إلا أن عبد القاهر البغدادي روى عن الشعبي أنه في الأصل من يهود الحيرة (٣).

ثمّ إن المروي في أكثر الأخبار أيضاً أن عليّا عليه‌السلام نفاه إلى المدائن ، فلما قُتل علي عليه‌السلام وبلغه ذلك قال : إن جئتمونا بدماغه في سبعين صُرَّة لم نصدِّق بموته ، لا يموت حتى ينزل من السماء

__________________

(١) أنساب الأشراف ٢/٣٨٣ ، عن عبد الله بن سبأ للعسكري ٢/٣٢١. وقال طه حسين في كتابه علي وبنوه ، ص ٥١٩ : وابن سبأ عند البلاذري ليس ابن السوداء ، وإنما هو عبد الله بن وهب الهمداني.

(٢) تاريخ دمشق ٣٤/١. لسان الميزان ٣/٢٨٩.

(٣) الفرق بين الفرق ، ص ٢٣٥.

٢٣١

ويملك الأرض بحذافيرها (١).

بينما روي في أخبار أُخَر أن عليّا عليه‌السلام أحرقه بالنار (٢).

والظاهر من أكثر الأخبار أن سبب نفيه للمدائن هو ادعاء الألوهية في الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إلا أن ابن عساكر وغيره رووا أن عليّا عليه‌السلام نفاه للمدائن لما بلغه أنه كان يقع في أبي بكر وعمر (٣). وفي بعضها أنه نفاه لما قال له : أنت دابة الأرض (٤).

كما أنهم رووا أنه غلا في علي عليه‌السلام ، فزعم أنه نبي ، ثمّ غلا فيه فزعم أنه إله. بينما رووا أيضاً أنه كان يقول : إنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصيّا ، وأن عليّا عليه‌السلام هو وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنه خير الأوصياء كما أن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير الأنبياء (٥).

الرابع : أن رجلاً أسود مجهولاً من أهل اليمن ، لا يُعرف نسبه ، يهودي الأصل ، حديث عهد بالإسلام ، قد أظهر الغلو في علي عليه‌السلام ، كيف تأتَّى له أن يعبث بعقول صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) الفرق بين الفرق ، ص ٢٣٤. الفصل في الملل والأهواء والنحل ٥/٣٦.

(٢) قال الذهبي في ميزان الاعتدال ٢/٤٢٦ : عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ، ضال مضل ، أحسب أن عليا حرقه بالنار.

(٣) تاريخ دمشق ٣٤/٧.

(٤) المصدر السابق.

(٥) الفرق بين الفرق ، ص ٢٣٥. تاريخ دمشق ٣٤/٢. البداية والنهاية ٧/١٧٤.

٢٣٢

خاصة والناس عامة ، فاستطاع أن يؤلِّبهم على عثمان ، حتى انقسموا فيه قسمين : إما خاذل له ، أو متحامل عليه؟!

ثمّ كيف تيسَّر له أن يُظهِر في ذلك المجتمع المسلم ما شاء من الآراء الفاسدة والمعتقدات الباطلة ، فيجهر بالغلو في علي عليه‌السلام فلا يعارضه معارض ، ولا يردعه رادع؟!

من كل ذلك نخلص إلى أن ابن سبأ كان شخصية وهمية اختلقها سيف ابن عمر أو غيره للدفاع عن عثمان من جهة ، وللطعن في علي وشيعته من جهة أخرى (١).

وعلى أية حال ، فإنا لو سلَّمنا بأن عبد الله بن سبأ كان رجلاً قد عاش في تلك الفترة وكان له أثر سيِّئ في إحداث الفتنة ، فإن مذهب الشيعة الإمامية لا يرتبط به من قريب ولا بعيد ، وحسبك دليلاً على ذلك :

__________________

(١) قال الدكتور عبد العزيز الهلابي في كتابه عبد الله بن سبأ ، ص ٤٠ : يمكن أن نلخص موقف سيف في رواياته عن أحداث الفتنة بالنقاط التالية :

١ ـ الدفاع عن عثمان وأم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير وولاة عثمان ، وتبرير مواقفهم حتى لو بلغ به الأمر إلى اختلاق الروايات وتحريفها.

٢ ـ النيل من الخليفة علي بطريق غير مباشر.

٣ ـ تجريح كل من انتقد الخليفة عثمان أو طعن في ولاته في الأمصار ، أو انضم إلى جانب الخليفة علي في البصرة ، سواء كان هؤلاء من الصحابة أم من غيرهم.

٤ ـ التصدي للروايات الشيعية التي تنال من عثمان وعائشة وطلحة والزبير بروايات متناقضة أو مضادة ... إلى آخر ما قال.

٢٣٣

١ ـ أنا لا نجد حديثاً واحداً مروياً عنه في كتب الإمامية.

٢ ـ أن أحاديث أئمة أهل البيت عليهم‌السلام المروية في كتب الإمامية قد وردت بذمِّه ولعنه.

فقد روى الكشي بسنده عن هشام بن سالم ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وهو يحدِّث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ ، وما ادَّعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال : إنه لما ادَّعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين عليه‌السلام فأبى أن يتوب ، فأحرقه بالنار.

وعن أبان بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لعن الله عبد الله بن سبأ ، إنه ادَّعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان والله أمير المؤمنين عليه‌السلام عبداً لله طائعاً ، الويل لمن كذب علينا ، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، نبرأ إلى الله منهم (١).

٣ ـ أن علماء الإمامية نصوا على كفره وسوء حاله ، وإليك بعض أقوالهم :

قال العلَّامة الحلي : عبد الله بن سبأ غالٍ ملعون ، حرَّقه أمير المؤمنين عليه‌السلام بالنار ، كان يزعم أن عليّا عليه‌السلام إله ، وأنا

__________________

(١) راجع مجمع الرجال ٣/٢٨٤. وتنقيح المقال ٢/١٨٤. ومعجم رجال الحديث ١٠/١٩٢ ـ ١٩٤.

٢٣٤

نبي (١).

وقال الشيخ الطوسي وابن داود : عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (٢).

وقال أبو عمرو الكشي : كان يدَّعي النبوة وأن عليّا عليه‌السلام هو الله ، فاستتابه عليه‌السلام ثلاثة أيام ، فلم يرجع فأحرقه بالنار في جملة سبعين رجلاً ادَّعوا فيه ذلك (٣).

قال الجزائري : وفي هذه الرحم المشئومة تخلَّق شيطان الشيعة ووُلد من ساعته ، يحمل راية بدعة (الولاية) و (الإمامة) كسيفين مصلتين على رأس الإسلام والمسلمين.

والجواب :

أن الشيعة لا شيطان لهم ، ولا شيطان لواحد من أئمتهم عليهم‌السلام ، وقصة تخلّق هذا الشيطان الذي ذكره الجزائري أشبه ما تكون بأساطير اليونان القديمة التي لا واقع لها ولا دليل عليها.

على أنَّا لو تأمَّلنا الأحاديث الصحيحة التي يعتقد أهل السنة

__________________

(١) رجال العلامة الحلي ، ص ٢٣٧. وهي عين عبارة ابن طاوس كما في التحرير الطاووسي ، ص ١٧٣.

(٢) تنقيح المقال ٢/١٨٣ ـ ١٨٤.

(٣) تنقيح المقال ٢/١٨٤.

٢٣٥

بمضمونها لوجدناها تدل على أنهم يعتقدون بأن كل واحد منهم له شيطان يستفزّه ويضلّه.

ومن ذلك ما أخرجه مسلم والنسائي وأحمد وغيرهم عن عروة ، أن عائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدَّثتْه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج من عندها ليلاً. قالت : فغِرتُ عليه ، فجاء فرأى ما أصنع ، فقال : ما لكِ يا عائشة؟ أغِرْتِ؟ فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أقد جاءك شيطانك؟ قلت : يا رسول الله ، أو معي شيطان؟ قال : نعم. قلت : ومع كل إنسان؟ قال : نعم. قلت : ومعك يا رسول الله؟ قال : نعم ، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم (١).

وأخرج أحمد والهيثمي وابن حبان وابن خزيمة وغيرهم ، عن ابن عباس وغيره ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الشياطين. قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : نعم ، ولكن الله أعانني عليه فأَسلم (٢).

ومن هذا الباب ما روي عن أبي بكر أنه قال في خطبته الأولى لما

__________________

(١) صحيح مسلم ٤/٢١٦٨ كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب رقم ١٦. سنن النسائي ٧/٧٢. مسند أحمد ٦/١١٥. وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي ٣/٨٣١.

(٢) مسند أحمد ١/٢٥٧. مجمع الزوائد ٨/٢٢٥ ، وقال : رواه الطبراني والبزار ، ورجال الصحيح. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٨/١٠٠. صحيح ابن خزيمة ١/٣٣٠. المطالب العالية ٤/٢٩.

٢٣٦

تولَّى الأمر : أما بعد ، فإني وُلِّيتُ هذا الأمر وأنا له كاره ، وو الله لوددتُ أن بعضكم كفانيه ... ألا وإنما أنا بشَر ، ولست بخير من أحد منكم فراعوني ، فإذا رأيتموني استقمت فاتبعوني ، وإن رأيتموني زغت فقوّموني ، واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني ، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ، لا أُؤثر في أشعاركم وأبشاركم (١).

هذا مع أن الله جل شأنه قد قال في كتابه العزيز (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (٢) ، وقال (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (٣) ، وقال (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) (٤) ، وقال (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) (٥).

وقول الجزائري : «يحمل راية بدعة الولاية والإمامة كسيفين مصلتين على رأس الإسلام والمسلمين» عجيب منه ، فإن الولاية والإمامة من شعائر الإسلام المؤكدة التي لا تخفى على أحد.

فإن الجزائري إن أراد بالولاية الإمارة فلا يسعه إنكار لزومها ،

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٣/٢١٢. تاريخ الطبري ٢/٤٦٠. البداية والنهاية ٦/٣٠٧. مجمع الزوائد ٥/١٨٣.

(٢) سورة الزخرف ، الآية ٣٦.

(٣) سورة مريم ، الآية ٨٣.

(٤) سورة الشعراء ، الآيتان ٢٢١ ، ٢٢٢.

(٥) سورة النساء ، الآية ٣٨.

٢٣٧

لاتفاق المسلمين على أنه لا بد لهم من أمير يحفظ الثغور ، ويؤمّن السُّبُل ، ويقيم الحدود ، ويفض المنازعات ، وينتصف للمظلوم من الظالم.

هذا وقد أخرج مسلم وأحمد وغيرهما في حديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن بعضكم على بعض أمَراء تكرمة الله هذه الأمّة (١).

فإن إمارة بعض المسلمين على بعض مضافاً إلى لزومها وضرورتها فهي مما كرَّم الله به هذه الأمة وشرَّفها به كما يدل عليه هذا الحديث.

وأما إذا أراد بالولاية النصرة والمحبة ، فيدل على ثبوتها قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (٢).

وإن أراد بالولاية الأولوية بالتصرف ، وهو معنى الإمامة العظمى والخلافة الكبرى ، فيدل عليه قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ)(٣).

وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم : أيها الناس ، ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فمن كنت مولاه

__________________

(١) صحيح مسلم ١/١٣٧ كتاب الإيمان ، باب رقم ٧١. مسند أحمد ٤/٢١٧.

(٢) سورة التوبة ، الآية ٧١.

(٣) سورة المائدة ، الآيتان ٥٦/٥٥.

٢٣٨

فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه (١).

وأما الإمامة فهي أحد معاني الولاية التي مرَّ بيانها ، وهو المعنى الأخير لها. وقد أثبتها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في آيات كثيرة ، فأخبر أنه قد جعل بعض أنبيائه أئمة للناس ، إذ قال (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٢).

وقال عز من قائل (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ* وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٣).

وأخبر جل شأنه أنه جعل للناس أئمة يدعون إلى الحق ، فقال (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٤) ، وقال (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٥).

ثمّ إن الأحاديث النبوية الدالة على ثبوت الإمامة أكثر من تُحصر.

ومنها : ما أخرجه أحمد والهيثمي والطيالسي وأبو نعيم وابن حجر وابن أبي عاصم والطبراني والبيهقي والسيوطي وغيرهم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) سبق تخريجه في صفحة ١٩٠.

(٢) سورة البقرة ، الاية ١٢٤.

(٣) سورة الانبياء الآيتان ٧٢ ، ٧٣.

(٤) سورة السجدة الآية ٢٤.

(٥) سورة القصص ، الآية ٥.

٢٣٩

أنه قال : الأئمة من قريش (١).

قال الجزائري : وبالدعوة إلى الولاية كُفِّر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولُعِنوا ، وكُفِّر ولُعن كل من يرضى عنهم أو يترضى عليهم من المسلمين.

والجواب :

لقد أوضحنا فيما تقدم عقيدة الشيعة في أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبيَّنَّا أنَّا لا نكفِّر أحداً منهم إلا المنافقين الذين كانوا يكيدون للإسلام المكائد ، ويدسُّون له الدسائس.

وهذه مصنفات علماء الإمامية التي كتبوها عبر العصور تؤكد أن كل من شهد الشهادتين فهو مسلم ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، إلا من قامت الأدلة على كفره كالناصبي والغالي ومن أنكر ضروريّا من ضروريات الدين.

ثمّ ما هو التلازم بين الدعوة إلى الولاية أو موالاة علي عليه‌السلام

__________________

(١) مسند أحمد ٣/١٢٩ ، ١٨٣. مسند أبي داود الطيالسي ، ص ١٢٥ ، ٢٨٤. حلية الأولياء ٣/١٧١ ، ٥/٨ ، ٧/٢٤٢ ، ٨/١٢٣. مجمع الزوائد ٥/١٩٢. السنن الكبرى ٣/١٢١. كتاب السنة ، ص ٥١٧ ، ٥١٨. المعجم الصغير للطبراني ١/١٥٢. الجامع الصغير ١/٤٨٠. صحيح الجامع الصغير ١/٥٣٤. إرواء الغليل ٢/٢٩٨. وقد نص على تواتر هذا الحديث السيوطي في «قطف الأزهار المتناثرة» ، ص ٢٤٨ ، والكتاني في «نظم المتناثر» ، ص ١٦٩.

٢٤٠