معارج الفهم في شرح النظم

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

معارج الفهم في شرح النظم

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-218-3
الصفحات: ٦٤٤

قال :

سلّمنا لكن يجوز إنزال القرآن على نبيّ اسمه محمّد فقتله (١) هذا وأخذه منه ، سلّمنا لكن لا نسلّم إعجازه ، قوله : «للتحدّي» لقوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ) (٢) قلنا : نمنع إنّه من القرآن والمتواتر إنّما هو المجموع ، لأنّ حفظته كانوا في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله ستّة أو سبعة ، ولإنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين مع تعظيم (٣) الصحابة له.

أقول :

بعد تسليم التواتر بأنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى بالقرآن ورد عليه المنع من جهة اخرى ، وهو أن يقال : لم قلتم أنّ ذلك الذي ظهر على يده هو هذا ، ومع تسليم هذا لا نسلّم إعجاز القرآن ، وآيات التحدّي نمنع أنّها من القرآن.

لا يقال : إنّها متواترة كما أنّ باقي القرآن كذلك.

لأنّا نقول : المتواتر هو مجموع القرآن لا كلّ واحد واحد (٤) من أفراده ، فإنّ حفظته في زمانه كانوا قليلين (٥) ، ولأجل هذا أنكر ابن مسعود المعوّذتين والفاتحة (٦) ، مع أنّه كان من أكابر الصحابة.

قال :

ولأنّ قوله : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٧) يدلّ على أنّه

__________________

(١) في «س» : (فقبله).

(٢) البقرة : ٢٣.

(٣) في «س» : (تسليم).

(٤) (واحد) ليس في «ب» «س» «د».

(٥) الواو لم ترد في «ف».

(٦) تفسير القمي ١ : ٢٢ وج ٢ : ٤٥٠ ، مسند أحمد ٥ : ١٢٩ ، فتح الباري ٨ : ٥٧١ ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي ٧ : ١٩٣ / ١ ، و ٧ و ١١ ، الدر المنثور ٦ : ٤١٦.

(٧) النساء : ٨٢.

٤٤١

من غيره للاختلاف اللفظي كالقراءات (١) والمعنوي كالمتشابهات والمحكمات.

أقول :

بعد تسليم أنّ القرآن معجز منع أن يكون من عند الله تعالى ، واستدلّ عليه بالقرآن ، وهو قوله : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وهذا يدلّ على أنّه لو كان من عند (٢) الله لما وجدنا (٣) فيه الاختلاف ، لكن الاختلاف فيه موجود ، فإنّ الاختلاف إمّا لفظيّ وإمّا معنويّ ؛ أمّا الاختلاف اللفظي فظاهر في القرآن فإنّ القراءات اختلاف لفظيّ ، وأمّا المعنويّ فلأنّ (٤) فيه محكما ومتشابها ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، وهذه معان وأحكام مختلفة.

قال :

سلّمنا ، لكن دلالات الألفاظ ظنّيّة ، فلا يكون التحدّي معلوما. سلّمنا ، لكن نمنع وصول التحدّي إلى كلّ الامّة. سلّمنا ، لكن نمنع عدم المعارضة. قوله : وإلّا لوصل للداعي. قلنا : نمنع الداعي.

أقول :

المستدلّ بيّن التحدّي بقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٥) وغيره من الآيات ، فاعترض عليه المعترض بأنّ هذا دليل لفظيّ ، والدلائل اللفظيّة لا تفيد اليقين لتوقّفها على ظنّيّات عشرة على ما مضى ، سلّمنا وجود التحدّي ، لكن

__________________

(١) في «س» «ف» : (كالقرآن).

(٢) في «د» زيادة : (غير).

(٣) في «ج» «ر» : (وجد) ، وفي «ب» : (وجدوا).

(٤) في «د» : (فإنّ).

(٥) البقرة : ٢٣.

٤٤٢

لا يلزم من وجود التحدّي الإعجاز لوجهين :

الأوّل : أنّه يجوز أن يكون التحدّي قد وصل إلى بعض الامّة ولم يصل إلى الباقي ، فلعلّ (١) الذي لم يصل إليه قد كان قادرا على المعارضة.

الثاني : لم لا يجوز أن يكون قد عورض قوله : لو كان كذلك لنقل لوجود الداعي.

قلنا : لا نسلّم وجود الداعي ، بل الداعي حاصل بالنسبة إلى عدم النقل للخوف.

قال :

سلّمنا أنّهم ما عارضوا ، لكن لا يدلّ على الامتناع لجواز أن تكون (٢) خطبهم أفصح وأشهر عند العقلاء. سلّمنا ، لكنّ القاري آت بالمثل.

أقول :

المستدلّ ذكر أنّهم لم يعارضوه فكان معجزا ، فاعترض عليه السائل بأنّ عدم المعارضة لا يدلّ على الإعجاز ، نعم عدم القدرة على المعارضة يدلّ عليه ، لكن لا يلزم من عدم المعارضة عدم القدرة عليها ، فلم لا يجوز أن يكون (٣) قد كانوا قادرين على المعارضة ولم يعارضوا (٤) فلا يكون معجزا.

سلّمنا ذلك لكن هنا ما يدلّ على أنّهم عارضوا (٥) ، وبيانه : أنّ القاري للقرآن آت بمثل القرآن لاستحالة أن يكون (٦) القاري آتيا بنفس القرآن المنزل.

__________________

(١) في «ج» «س» : (ولعلّ).

(٢) في «ب» : (كون) بدل من : (أن تكون).

(٣) في «ج» «ر» «ف» : (يكونوا).

(٤) في «ب» : (يعارضوه).

(٥) في «ب» : (عارضوه).

(٦) في «ب» : (كون) بدل من : (أن يكون).

٤٤٣

قال :

وأخبار الغيب نمنع تواتر آياتها (١) ، سلّمنا لكن المنجّمين يخبرون بالغيب والمعجزات ما بلغت مجموعها (٢) تواترا.

أقول :

هذا اعتراض على الوجهين الآخرين الدالّين على أنّه أتى بالمعجز : أمّا على الوجه الأوّل فلم قلتم : إنّه أخبر بالغيب وما يذكرونه من الآيات فلم قلتم : إنّه من القرآن ونحن نمنع أن تكون متواترة (٣) كما في آيات التحدّي.

سلّمنا أنّه أخبر بالغيب لكن لا يدلّ على الإعجاز ، فإنّ العادة جارية بذلك كما في حقّ المنجّمين.

وأمّا على الوجه الثاني فلأنّ (٤) مجموعها ما بلغت تواترا ولا آحادها فلا تفيد العلم.

قال :

سلّمنا ، لكن تجويز المعجز يدلّ على السفسطة لجواز انقلاب البحر ذهبا لنبيّ.

أقول :

هذه معارضة دالّة على أن لا معجز هناك ، وهي ظاهرة.

قال :

سلّمنا ، لكن نمنع أنّه (٥) فعل الله تعالى لجواز اختصاصه بمزاج أو نفس أو غذاء

__________________

(١) في «ب» : (تواترها) بدل من : (تواتر آياتها).

(٢) في «ف» : (مجموعا).

(٣) في «ج» «ر» : (متواترا) ، وفي «ف» : (متواترا كما هو).

(٤) في «ف» : (فلا).

(٥) في «ب» زيادة : (من).

٤٤٤

اقتضى هذا أو أعانته الجنّ و (١) الملائكة ، والقول بعصمتهم ثابت بنبوته (٢) ، فلا يندفع به الاحتمال وإلّا دار.

أقول :

هذا اعتراض على المقدّمة الثانية ، وهي أنّ المعجزة من فعل الله تعالى ، وبيانه من وجوه :

أحدها : أن يقال : إنّ (٣) الإنسان عبارة عن العناصر الممتزجة نحوا ما (٤) من الامتزاج ، ولا شكّ في (٥) أنّ مقادير تلك العناصر مختلفة بالنسبة إلى الأشخاص ، فلم لا يجوز أن يكون مزاج النبيّ اقتضى هذا الفعل الخارق ومزاج غيره مخالف له عاجز عنه.

وثانيها : أن يقال : إنّ الإنسان عبارة عن النفس الناطقة ، فنقول : يجوز أن تكون النفوس مختلفة فيحصل من بعضها من الآثار الغريبة ما لا يحصل من الاخرى.

وثالثها : أن نسلّم تساوي الأشخاص في المزاج والنفوس ، إلّا أنّ للأغذية تأثيرات (٦) مختلفة في الأبدان ، فلم لا يجوز أن يكون هناك غذاء يقتضي تناوله هذا الأثر الغريب ، وقد تناوله النبيّ ، ولم يتّفق (٧) لغيره.

__________________

(١) في «ر» «ف» : (أو).

(٢) في «أ» «س» «ف» : (بثبوته).

(٣) (إنّ) لم ترد في «ف».

(٤) (ما) لم ترد في «ج» «ر» «ف».

(٥) (في) لم ترد في «ج» «ر» «ف».

(٦) في «ر» «ف» زيادة : (عظيمة).

(٧) في «ف» : (يتحقّق).

٤٤٥

ورابعها : أنّه يجوز أن يكون ذلك من فعل الجنّ والشياطين ، والقطع بثبوتهم وإن كان مستفادا منه (١) ، إلّا أنّ التجويز حاصل قبل ثبوت نبوّتهم (٢).

وخامسها : أن يكون ذلك من فعل بعض الملائكة.

لا يقال : الملائكة معصومون لا يصدر عنهم القبيح ، وفعل المعجز على يد الكاذب قبيح.

لأنّا نقول : عصمتهم إنّما ثبت (٣) بقولهم ، وقولهم إنّما يكون حجّة لصدقهم ، وصدقهم متوقّف على عصمتهم ؛ فيلزم الدور.

قال :

سلّمنا ، لكن لا نسلّم أنّ الغرض التصديق لجواز أن يكون ابتداء عادة ، فإنّ كلّ حادث خارق للعادة ولجواز أن يكون التصديق لنبيّ آخر وللإرهاص (٤) أو فعله عقيب الادّعاء كالمتشابه.

أقول :

هذا اعتراض (٥) على المقدّمة الثالثة ، وهي أنّ الله تعالى فعله لأجل التصديق ، وبيانه من وجوه :

الأوّل : أن يكون ابتداء عادة ، فإنّ ابتداء خلق كلّ شيء يكون خارقا للعادة ، وليس معجزا ، لأنّ المراد استمراره.

__________________

(١) في «أ» «د» «س» : (منهم).

(٢) في «ب» : (ثبوتهم) بدل من : (ثبوت نبوّتهم).

(٣) في «ب» «ف» : (يثبت).

(٤) في «ج» «ر» «ف» : (الإرهاص).

(٥) في «ج» «د» : (الاعتراض).

٤٤٦

الثاني : أن يكون تكرير (١) عادة متطاولة ، فإنّ فلك (٢) الثوابت لا تتمّ دورته إلّا في ستّة وثلاثين ألف سنة ، فوصوله إلى النقطة (٣) التي فارقها إذا كان في هذه المدّة يوهم العقلاء أنّه خارق للعادة ، وليس كذلك (٤).

الثالث : لم لا يجوز أن يكون ذلك تصديقا لنبيّ آخر أو إرهاصا.

الرابع : أنّكم تستدلّون على أنّه فعله لأجل التصديق بأنّه فعله (٥) عقيب الدعوى ، فلو لم يكن المراد منه التصديق لكان قبيحا ، إذ فيه إغراء بالجهل ، فنقول : لم لا يكون قد فعله عقيب الدعوى لا للتصديق ، بل لشيء آخر حتّى تشتدّ البليّة وتعظم المشقّة فيزداد الثواب ، وذلك كما في إنزال المتشابهات.

[أدلّة منكري النبوات وردّها]

قال :

سلّمنا ، لكن يعارض بأنّ (٦) التكليف محال ، لأنّ الجبر (٧) حقّ فلو كلّف فعل القبيح.

أقول :

احتجّ منكرو النبوّات بوجوه :

__________________

(١) في «ج» «ر» «ف» : (تكرار).

(٢) في «أ» «ف» : (تلك).

(٣) في «ج» «ر» «ف» : (المدّة).

(٤) انظر تفسير الرازي ٤ : ٢٠٧ وج ٢٢ : ١٦٦ ، تفسير ابن كثير ٤ : ٤٥٤ ، المواقف ٢ : ٤٠٠ ، شرح المقاصد ١ : ٣٣٩ وج ٢ : ٥٣.

(٥) في «ج» «ف» : (فعل).

(٦) في «س» : (فإنّ).

(٧) في «أ» «ف» : (الخبر).

٤٤٧

الأوّل : أنّ القول بالتكليف محال فالقول بالنبوّة محال :

أمّا الأوّل فلأنّ الجبر (١) حقّ على ما مضى ، فلو كان التكليف حاصلا لزم أن يكون الله تعالى فاعلا للقبيح ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.

وأمّا الثاني فلأنّ النبيّ إنّما يأتي لبيان التكاليف (٢) ، فإذا انتفت (٣) انتفت النبوّة.

قال :

ولأنّ الغرض إن كان معلوم الوقوع فلا حاجة إليه وإلّا فعبث أو العدم فظلم.

أقول :

هذا هو الوجه الثاني لنفاة النبوّة ، وتقريره : أنّ الغرض من النبوّة هو التكليف ، فهو إمّا أن يكون معلوم الوقوع ، وهو يستلزم الغنى عن النبوّة فتكون النبوّة عبثا ، أو معلوم العدم فيلزم (٤) الظلم ، لأنّه إذا كلّف مع علمه بأنّه لا يقع كان الظلم حاصلا.

قال :

ولأنّ الفعل إمّا معلوم الحسن أو (٥) القبح ولا (٦) حاجة إليه ، أو مجهولهما ، فإن احتيج إليه حسن ، وإلّا ترك لاحتمال الضرر ، فلا حاجة إلى النبيّ.

أقول :

هذه شبهة ثالثة وهي من شبه (٧) البراهمة ، قالوا : إنّ النبيّ لا فائدة فيه ،

__________________

(١) في «أ» «ف» : (الخبر).

(٢) في «ب» «د» «ف» : (التكليف).

(٣) في «ب» : (انتفى).

(٤) في «ف» : (فيكون).

(٥) في «ف» : (و).

(٦) في «ج» «ر» : (فلا).

(٧) في «ف» : (شبهة). وهم قوم لا يجوزون على الله تعالى بعثة الرسل وهم من كفرة الهند يقدّسون العقل منسوبون إلى رجل يدعى براهم (الملل والنحل ٢ : ٢٥٨).

٤٤٨

فلا يجوز إرساله من الله تعالى ؛ أمّا الصغرى فلأنّ الفعل إمّا أن يعلم كونه حسنا أو قبيحا أو لا يعلم أحد الوجهين فيه ، فإن علم (١) أنّه حسن جاز فعله سواء كان هناك نبيّ أو لم يكن ، وإن علم قبحه لم يجز فعله ، وإن جهل الأمران فلا يخلو إمّا أن يكون فعله في محلّ الحاجة والضرورة أو لا يكون ، فإن كان (٢) الأوّل جاز فعله لمكان الضرورة ، وإن كان الثاني لم يجز فعله لجواز أن يكون مفسدة ، فقد ظهر أنّه لا فائدة في النبوّة ، وأمّا الكبرى فظاهرة (٣).

قال :

ولأنّ الشرع عبث فإنّ يوم العيد وقبله متساويان مع (٤) اختلاف الحكم.

أقول :

هذه شبهة رابعة وتقريرها : أنّ الشرع عبث ، فلا يجوز فعله من الله تعالى. بيان الصغرى : أنّا نعلم بالضرورة أنّ آخر يوم من رمضان مساو لأوّل يوم من شوّال مع أنّ صوم الأوّل واجب وصوم الثاني حرام ، فقد اختلفا في الحكم ، مع أنّه لا حكمة (٥) هناك تقتضي هذا الاختلاف ، وأمّا الكبرى فظاهرة.

__________________

(١) في «ب» «ر» «ف» زيادة : (منه).

(٢) (كان) ليست في «ف».

(٣) حكاه عنهم أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٦٥ ، والطوسي في كتاب الاقتصاد : ١٥٢ و ١٥٤ ، قواعد المرام لابن ميثم البحراني : ١٢٤.

(٤) في «ف» : (منع).

(٥) في «ج» «ر» «ف» : (حكم).

٤٤٩

[شبهة اليهود وردّها]

قال :

ولأنّ النسخ (١) باطل ، لأنّ موسى إن بيّن دوام شرعه لم تنسخ وإلّا كذب وجاز في شرعكم ، وإن (٢) لم يبيّن اقتضى الفعل مرّة وإن بيّن (٣) عدمه نقل ، ولأنّه يلزم البداء (٤) ، ولأنّ اليهود تواتروا بقول موسى عليه‌السلام تمسّكوا بالسبت أبدا (٥).

أقول :

هذه شبهة اليهود على إبطال نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وتقريرها : أنّ النسخ باطل ، فالقول بنبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله باطل ، أمّا الصغرى فمن وجوه :

الأوّل : أنّ موسى عليه‌السلام إمّا أن يكون قد بيّن أنّ شرعه دائم ، أو بيّن أنّ شرعه غير دائم ، أو لم يبيّن واحدا منهما ، فإن كان الأوّل استحال انقطاعه وإلّا لزم كذبه ، ولأنّه لو جاز أن يخبر بالدوام مع انقطاعه جاز في دينكم ذلك ، وإن كان الثاني لزم أن ينقل إلينا نقلا متواترا كنقل أصل شرعه لتوفّر الدواعي على نقله ، ولما لم ينقل علمنا أنّه لم يبيّن عدم دوامه ، وإن كان الثالث اقتضى الفعل مرّة واحدة ، لأنّ الأمر

__________________

(١) في «ف» : (الفسخ).

(٢) في «ج» «ر» «ف» : (لو).

(٣) في «ف» : (يبيّن).

(٤) هو الأمر بالفعل الواحد بعد النهي عنه أو النهي عنه بعد الأمر به ، مع اتّحاد الوقت والوجه والآمر والمأمور (الحدود والحقائق للمرتضى : ١٥٤ ، ولا بأس بالنظر لرسائل الشريف المرتضى ١ : ١١٦ ، تصحيح الاعتقاد : ٥١).

(٥) انظر المسلك في أصول الدين : ١٦٩ ، قواعد المرام لابن ميثم البحراني : ١٣٤ ، شرح التجريد (تحقيق الزنجاني) : ٣٨٦ ، وفي تحقيق الآملي : ٤٨٦ ، وفي تحقيق السبحاني : ١٧٨.

٤٥٠

المطلق لا يدلّ على التكرار ، وهو باطل اتّفاقا (١).

الثاني : أنّه يلزم البداء أو فعل القبيح على الله تعالى ؛ والتالي بقسميه باطل ، فالمقدّم مثله.

بيان الشرطيّة : أنّ الفعل المأمور به إمّا أن يكون مصلحة أو مفسدة ، فإن كان الأوّل استحال النهي عنه وإلّا لزم الأمر الثاني ، وإن كان الثاني فإمّا أن يكون الله تعالى عالما به وقد أمر أو لا ، وعلى التقدير الأوّل يلزم الثاني ، وعلى التقدير الثاني يلزم الأوّل ، وأمّا بطلان التالي فظاهر.

الثالث : أنّ اليهود قد تواتروا بنقل (٢) قول موسى عليه‌السلام تمسّكوا بالسبت أبدا.

قال :

والجواب : إنّا نستدلّ بالتواتر على ضروريّة (٣) العلم ، وأمّا الكلام على التواتر فكلام على الضرورة مردود وقوله : كلّ واحد يجوز كذبه. قلنا : ليس إذا ثبت حكم لكلّ (٤) فرد ثبت للكلّ اعتبر العشرة ، والمثال لا يفيد الكلّيّة. قوله : إن لم يحصل زائد لم يفد العلم ممنوع.

أقول :

أجاب عن السؤال الأوّل بدفع الدور ، وتقريره : أنّ التواتر استدللنا به على كون العلم ضروريّا لا على حصول العلم ، فلا نقول : العلم قد حصل ، لأنّ خبر التواتر قد حصل حتّى يلزم الدور.

__________________

(١) يراجع كتب الأصول بحث هل الأمر يدلّ على المرة أو على التكرار؟.

(٢) في «أ» «ف» : (تواتر وانتقل) بدل من : (تواتروا بنقل).

(٣) في «أ» : (ضرورة) ، في «ف» : (ضرورته).

(٤) في «ف» : (بكلّ).

٤٥١

وعن الاعتراض بالوجهين على الدور (١) من حيث الإجمال ومن حيث التفصيل :

أمّا من حيث الإجمال فلأنّه كلام على الضروري فلا يسمع.

وأمّا من حيث التفصيل فنقول : قوله في الوجه الأوّل : «كلّ واحد يجوز كذبه فالمجموع كذلك» متّصلة غير واضحة اللزوم ، فإنّه (٢) ليس إذا ثبت الحكم لكلّ فرد يلزم ثبوته للمجموع ، بل الحقّ إنّها كاذبة ، فإنّ كلّ واحد من العشرة فرد واحد ، والمجموع ليس كذلك ، وما ذكروه من المثال في الحوادث وإن كان مذهبا لبعض المتكلّمين فليس بصحيح عندنا ، والتمثيل به لا يفيد اليقين على تقدير الصحّة. و (٣) الفرق أنّ كلّ واحد إذا سبقه العدم فالمجموع سبقه العدم (٤) لوجوب تأخّر المجموع عن أجزائه المتأخّرة عن العدم.

قوله في الوجه الثاني : «إن لم يحصل زائد لم يفد العلم ممنوع» ، فأين البرهان ، ثمّ إنّا نقول : هذا يقتضي أن لا يحصل ماهيّة مركّبة ، وهو باطل بالضرورة.

قال :

قوله : يجوز أن يقتل النبيّ. قلنا : هذا منتف بالضرورة ، ولأنّ القرآن يدلّ على تخصيصه بقوله : ويوم حنين ويوم احد (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ) (٥) و (إِذْ أَسَرَّ النَّبِيُ) (٦) إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على وقائعه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) في «ب» «ف» : (التواتر).

(٢) في «د» : (فلأنّه).

(٣) الواو ليست في «ف».

(٤) قوله : (فالمجموع سبقه العدم) سقط من «د».

(٥) آل عمران : ١٥٣.

(٦) التحريم : ٣.

٤٥٢

أقول :

هذا الجواب ظاهر ، فإنّا نعلم قطعا أنّه هو المرسل.

قال :

قوله (١) : المتواتر (٢) جملته. قلنا : وآحاده بالضرورة.

قوله : الحفظة قليلون. قلنا : لجملته وتفاريقه محفوظة بجملة متواترة ، وقراءة ابن مسعود من الآحاد لا تعارض المتواتر. سلّمنا ، لكن ابن مسعود أنكر كونهما قرآنا لا نزولهما ، ونحن يكفينا النزول.

أقول :

الجواب عن قوله : «(٣) آيات التحدّي غير متواترة ، فإنّ الحفظة للقرآن قليلون» أن نقول : كما علمنا أنّ جملته متواترة فكذلك آحاده بالضرورة وكون الحفّاظ له قليلين لا يقدح في تواتره وتواتر آحاده ، لأنّ آحاده (٤) محفوظة بجملة متواترة.

والجواب عن قوله : «إنّ ابن مسعود أنكر المعوّذتين» ، أنّ قول ابن مسعود لا يفيد اليقين فلا يعارض المتواتر الذي يفيد اليقين ، على أنّا لو سلّمنا ذلك لكنّا نقول : ابن مسعود أنكر كونهما قرآنا (٥) ولم ينكر نزولهما ، والنزول كاف لنا في هذا المقام.

__________________

(١) في «أ» : (قول).

(٢) في «س» : (التواتر).

(٣) في «ب» زيادة : (ان).

(٤) (لأنّ آحاده) لم ترد في «ف».

(٥) للشيخ الكوراني بحث في كتاب تدوين القرآن : ٩٩ بعنوان : «المؤامرة على سورتي المعوذتين» فراجع.

٤٥٣

قال :

قوله : «الاختلاف يدلّ على كونه من عند غير الله». قلنا : استثناء عين التالي عقيم ، وإن انعكس فالجزئيّة لا تصلح مقدّمة الاستثناء ، سلّمنا لكن القراءات ليست مختلفة لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انزل (١) القرآن (٢) على سبعة أحرف (٣) ، والمعنى متّفق (٤) على تأويل العلماء.

أقول :

تقرير الجواب عن قوله لما قال (٥) تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٦) أنّه (٧) ليس من عند الله لوجود الاختلاف اللفظي والمعنوي أن نقول : كونه من عند غير الله إذا كان ملزوما للاختلاف لا يقتضي أن يكون الاختلاف ملزوما لكونه من عند غير الله ، فإنّ استثناء عين (٨) التالي لا ينتج لاحتمال كونه أعمّ.

لا يقال : نعكس (٩) هذه القضيّة إلى قولنا : قد يكون إذا وجد فيه الاختلاف

__________________

(١) في «ج» «ف» : (نزل).

(٢) (القرآن) لم ترد في «ب» «د» «س».

(٣) الكافي ٢ : ٦٣٠ / ١٣ ، بصائر الدرجات : ٢١٦ / ٨ ، الخصال : ٣٥٨ / ٤٢ و ٤٣ و ٤٤ ، وعنه في وسائل الشيعة ٦ : ١٦٥ / ٦ ، المجازات النبويّة للشريف الرضي : ٥١ ، تفسير العيّاشي ١ : ٢١ / ١١ ، وعنه في مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٥ / ٨ ، وانظر بحار الأنوار ٣١ : ٢٠٦ وما بعدها.

(٤) في «ف» : (منتف).

(٥) في «ب» زيادة : (الله).

(٦) النساء : ٨٢.

(٧) في «د» : (لأنّه).

(٨) في «د» : (غير).

(٩) في «ب» : (ينعكس).

٤٥٤

يكون من عند غير الله ثمّ نستثني عين المقدّم عين التالي.

لأنّا نقول : القضيّة الجزئيّة لا تصلح مقدّمة للاستثناء (١) لجواز أن يكون زمان الاتصال غير زمان وجود المقدّم. سلّمنا ذلك لكن نمنع وجود الاختلاف ، والقراءات من عند الله تعالى فإنّه نقل عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال (٢) : إنّ القرآن انزل على سبعة أحرف (٣).

وأمّا المعنى فليس بمختلف فإنّ العلماء تأوّلوا تلك الألفاظ المتشابهة بتأويلات غير بعيدة عن الاستعمال (٤).

قال : قوله : الدلائل اللفظيّة ظنية. قلنا : قد تنتفي المفاسد بالضرورة ، وهو هنا (٥) كذلك.

قوله : نمنع وصول التحدّي إلى الكلّ. قلنا : يكفي الفصحاء.

قوله : لا نسلّم الداعي. قلنا : الداعي ظاهر لكونه من الامور الشهيرة ولأنّه مسقط للتكليف (٦).

قوله : لعلّ أشعارهم أفصح. قلنا : هذا جهالة.

قوله : القارئ آت بالمثل. قلنا : هذا ركيك فإنّ من حفظ قصيدة شخص ثمّ أنشدها وعارضه بها سفّهه كلّ عاقل.

__________________

(١) في «ج» «ر» «ف» : (الاستثناء).

(٢) (أنّه قال) لم ترد في «د».

(٣) تقدم تخريجه.

(٤) انظر التبيان ١ : ٧ ، مجمع البيان ١ : ٣٩ ، المحرر الوجيز لابن عطيّة الأندلسي : ٤٣.

(٥) في «ف» : (هناك).

(٦) في «أ» : (للتكاليف).

٤٥٥

والتزم أبو الهذيل والجبّائي لهذه الشبهة أنّ الحكاية نفس المحكي (١) وهو (٢) باطل ضرورة.

أقول :

الدلائل النقليّة تتوقّف على عشرة امور ظنّيّة قد بيّنّاها فيما مضى (٣) ، وقد تنتفي تلك الامور فتكون الأدلّة النقلية يقينيّة ، وهاهنا كذلك ، فإنّا نعلم بالضرورة أنّ آيات التحدّي لم يرد بها (٤) المجاز ، ولا هي مشتركة ، ولا اريد بها التخصيص ، ولا نسخت و (٥) غير ذلك من المفاسد المذكورة ، والداعي إلى المعارضة أنّ القرآن من الامور الشهيرة فتتوفّر الدواعي على معارضته لو أمكنت بالضرورة ، ولأنّ المعارضة مسقطة للتكليف.

وأجاب عن قوله : «إنّ القارئ آت بالمثل» (٦) بأنّه باطل بالضرورة ، فإنّا نعلم أنّ (٧) من أنشد قصيدة لغيره لا يقال : إنّه معارض له ، وأبو الهذيل وأبو علي الجبّائي ذهبا إلى أنّ الحكاية هي نفس المحكي حذارا من هذه الشبهة (٨).

وقد التزما في هذا ما هو معلوم البطلان ، فإنّ الحروف والأصوات تعدم في ثاني زمان الوجود ، فكيف يمكن أن يقال : إنّ ما ينطق به بعد ذلك هو نفس ذلك

__________________

(١) انظر الصراط المستقيم ١ : ٤٨.

(٢) (وهو) ليس في «ف».

(٣) راجع تفسير الرازي ٢ : ٥٧.

(٤) في «أ» «س» «د» : (منها).

(٥) في «ب» زيادة : (لا).

(٦) في «د» : (بمثله) ، وفي «ف» : بياض.

(٧) (أنّ) سقطت من «ب».

(٨) انظر الصراط المستقيم ١ : ٤٨.

٤٥٦

المعدوم ، مع أنّ المعدوم يستحيل إعادته ، ولأنّه لو تكلّم شخصان بالقرآن يكون العرض (١) الواحد قائما في محلّين ، ولأنّه يلزم أن يكون من تكلّم بالحلاوة (٢) والحرارة أن يدركهما في لسانه ، وهذا باطل بالضرورة.

قال :

وآيات الغيب متواترة كآيات التحدّي. قوله (٣) : «المنجّمون يخبرون به». قلنا : لا نسلّم ، بل بامور معتادة متطاولة من طبيعة ذلك الشكل حصول المخبر.

أقول :

الفرق بين المنجّم والرسول أنّ الأوّل إنّما يخبر بما يكون معتاد الحصول عند بعض التشكّلات السماويّة ، وأمّا الرسول فإنّه ليس كذلك.

قال :

وإنكار تواتر (٤) المجموع إنكار البديهة.

قوله : انخراق العادة محال ، قلنا (٥) : ممنوع ، فإنّ (٦) كلّ جسم يصحّ عليه ما يصحّ على الباقي.

أقول :

جسم العصا وجسم الحية متساويان في الجسميّة ، فيجب استواؤهما في القبول

__________________

(١) في «د» «ف» : (الغرض).

(٢) في «ف» : (بالخلاف).

(٣) في «ج» «ر» «ف» : (وقوله).

(٤) في «ف» : (متواتر).

(٥) (قلنا :) لم ترد في «د» «ر» «ف».

(٦) في «ف» : (فإن كان) بدل من : (فإنّ).

٤٥٧

للصور المختلفة والأعراض المتغايرة ، فجاز انقلابها من أحدهما إلى الآخر ، ولا يلزم من ذلك المحال.

قال :

وأمّا فعل المعجزة فإنّا بيّنّا أنّه فعلها (١) وإلّا لفعل القبيح.

قوله : «يجوز أن يكون غرضه غير التصديق» ، قلنا : هذا باطل بالضرورة ، و (٢) لدلالته على القبيح ، فخرج جواب الابتداء وتصديق آخر والإرهاص ، على أنّ المعتزلة ينفونه والكرامات ، والفرق بينه وبين إنزال المتشابهات أنّ (٣) المفسدة الحاصلة عنه (٤) لا يمكن دفعها (٥) بخلاف المتشابهة (٦) لدفعها بالنظر.

أقول : قد مضى أنّه لو (٧) كانت المعجزة لا من فعله تعالى لزم أن يكون الله تعالى فاعلا للقبيح ، وكذلك لو كان غرضه غير التصديق ، والفرق حاصل بين فعل المعجز عقيب الدعوى من الكاذب وبين إنزال المتشابهات أنّ المفسدة الحاصلة من (٨) المعجز لا يمكن دفعها (٩) ، لا بالضرورة ولا بالنظر بخلاف المتشابهات ، فإنّا نعلم

__________________

(١) في «د» : (فعلهما).

(٢) الواو لم ترد في «ب».

(٣) (أنّ) سقطت من «س».

(٤) في «ب» «س» : (منه).

(٥) في «س» «ر» «ف» : (رفعها).

(٦) في «ب» «ف» : (المتشابه).

(٧) (لو) ليس في «ف».

(٨) في «ر» «ج» زيادة : (فعل).

(٩) في «ر» «ج» : (رفعها).

٤٥٨

بالنظر أنّ الله تعالى ليس بجسم فيتأوّل المتشابهة (١) ؛ فافترقا (٢).

قال :

والتكليف قد مرّ وجوبه ، وكذا الغرض والحسن والقبح و (٣) إن كانا معروفين لكن الفائدة التأكيد وغيره.

وأمّا العبث فممنوع (٤) لجواز مصلحة مجهولة.

وأمّا شرع موسى عليه‌السلام فجاز أن يكون قد بيّن انقطاعه ولم ينقل لفقد (٥) تواترهم.

قوله : «يفضي إلى البداء» ممنوع لجواز حدوث مصلحة في وقت آخر ، وبالأوّل خرج الجواب عن التواتر.

أقول :

المعارضة الاولى والثانية لنفاة التكليف قد سبق الجواب عنهما في باب حسن التكليف ، وعن الثالثة من وجهين :

الأوّل : أن نقول : إنّ (٦) الحسن والقبح و (٧) إن كانا معلومين ، لكنّ فائدة النبوّة التأكيد فإنّ في تطابق الأدلّة العقليّة والسمعيّة يحصل من القوّة ما لا يحصل من أحدهما ، وأيضا فهاهنا فوائد اخر غير التأكيد ، وهو من وجوه :

__________________

(١) في «ب» «ف» : (المتشابه).

(٢) انظر المسلك في أصول الدين : ١٦٢ ، شرح المواقف ٨ : ٢٣٨.

(٣) الواو ليست في «ف».

(٤) في «ف» : (الغيب ممنوع) بدل من : (العبث فممنوع).

(٥) في «أ» : (النقلة).

(٦) (إنّ) لم ترد في «ب» «س» «ف».

(٧) الواو ليست في «ف».

٤٥٩

أحدها : انقطاع عذر المكلّف في ترك الطاعة كما قال تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (١). قالوا : وتلك الحجّة أن يقول العبد : إنّ الله تعالى لو خلقني لعبادته لأرسل إليّ من يعرّفني كيفيّة العبادة ، أو أنّ العبد يقول : إنّ الله خلق (٢) فيّ الشهوة والميل الطبيعي والشهوة (٣) والغفلة ، فهلّا أرسل (٤) رسولا يذكّرني حين (٥) الغفلة ويتوعّدني حال (٦) الفعل للقبيح ، أو (٧) أن يقول : علمت أنّ الإيمان حسن والكفر قبيح ، ولم أعلم استحقاق الثواب الدائم على الأوّل والعقاب الدائم على الآخر (٨).

وثانيها : أنّ الإنسان لا يمكن أن يعيش إلّا مع مشاركة (٩) من بني نوعه واجتماع ، وهو مظنّة التنازع (١٠) والفساد ، فلا بدّ من زاجر ، والعلم بالقبيح (١١) غير كاف لاستسهال أكثر الناس صدور القبيح عنهم ، فلا بدّ من الرسول المنذر بوقوع العذاب (١٢) الزاجر عن وقوع الفساد.

__________________

(١) النساء : ١٦٥.

(٢) (خلق) ليس في «ف».

(٣) (والشهوة) ليس في «ف».

(٤) في «ب» زيادة : (إليّ).

(٥) في «أ» : (لأتذكر في حال) ، وفي «ف» : (يذكر في حين) بدل من : (يذكّرني حين).

(٦) في «ب» : (وقت).

(٧) في «ف» : (و).

(٨) في «د» «س» : (الأخير).

(٩) في «ج» «ر» «ف» : (مشارك).

(١٠) في «ج» : (النزاع).

(١١) في «ف» : (بالقبح).

(١٢) في «ب» «ر» «ف» : (العقاب).

٤٦٠