معارج الفهم في شرح النظم

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

معارج الفهم في شرح النظم

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-218-3
الصفحات: ٦٤٤

الأشاعرة وجمهور المعتزلة والكراميّة (١) إلى أنّهما صفتان زائدتان على العلم ، وفسّره بعضهم بأنّه تعالى حيّ لا آفة به (٢).

ويدلّ على كونه تعالى سميعا بصيرا بالمعنى الأخير الإجماع ، وبالمعنى الأوّل كونه تعالى عالما بكلّ معلوم فيدخل تحته المسموع والمبصر.

قال :

ومن قال : إنّه معهما أكمل فقد أحال القياس والافتقار.

أقول :

استدلّ جماعة من الأشاعرة على أنّه تعالى سميع بصير بأنّهما صفتا كمال وضدّهما نقص ، وهو على الله تعالى محال (٣) ، هذا (٤) ضعيف (٥) ، أمّا أوّلا فلأنّا لا نسلّم أنّهما صفتا كمال ، والقياس على الشاهد ضعيف (٦) ، فإنّه لا يفيد اليقين ، ولأنّه ينتقض بالملتذّ والصحيح النبيه وغير ذلك ، وأمّا ثانيا فلأنّ الله تعالى لا يستفيد الكمال من هاتين الصفتين بل هو كامل لذاته.

__________________

(١) الكراميّة : فرقة من أهل السنّة والجماعة ، أصحاب أبي عبد الله محمّد بن كرام بن عرّاف المتوفّى سنة ٢٥٥ هجريّة ، كان من أهل سجستان ، وأبوه كان حارسا لأشجار الكروم وكان مذهبهم التجسيم ويقول : إنّ لله جسما وأعضاء وهو يجلس ويتحرّك ، وزعم أنّ الله تعالى جوهر وأنّه محل للحوادث (تفصيل عقائدهم في موسوعة الفرق الإسلاميّة لمحمّد جواد مشكور : ٤٢١).

(٢) حكاه عن هذه الجماعة الخواجة نصير في تلخيص المحصّل : ٢٨٧ والفخر الرازي في المحصّل : ٣٩٩.

(٣) نقله الفخر الرازي في المحصّل : ٤٠٢ عن بعض الأصحاب وردّه ، الكامل في الاستقصاء : ٢٦٣.

(٤) في «د» «ف» : (وهذا).

(٥) في «ب» : (أضعف).

(٦) في «ب» : (أضعف).

٣٢١

[في الإدراك]

قال :

سؤال : الإدراك إمّا نفس الذات أو صفة قديمة أو حادثة ؛ والأوّلان محالان (١) لتوقّفهما على المدرك لإضافته ، والثالث كذلك لأنّه ليس بمحلّ الحادث ، ولأنّ السمع والبصر إنّما يكون (٢) بآلات. جواب : الأوّل صفة قديمة ومتعلّقها حادث ، والثاني إنّا لا نشترط الآلات.

أقول :

تقرير السؤال الأوّل أن نقول : الإدراك إمّا أن يكون نفس الذات أو أمرا زائدا عليها ؛ فإن كان الثاني فإمّا أن يكون قديما أو محدثا ، والأوّل والثاني وهو أن يكون نفس الذات أو قديما باطلان وإلّا لزم قدم المدرك ، لأنّ الإدراك نسبة وإضافة يستلزم وجودها وجود المضافين ، والثالث باطل لأنّه إن كان حالّا فيه لزم أن يكون محلّا للحوادث وهو باطل ، أو في غيره فهو صفته.

السؤال الثاني أنّ السمع والبصر إنّما يكون بالآلات ، والله تعالى ليس له آلة في الإدراك فلا يكون مدركا.

والجواب عن الأوّل : أنّ الإدراك صفة زائدة على الذات قديمة ومتعلّقها حادث كالقدرة والعلم.

وعن الثاني : أنّا لا نشترط في الإدراك الآلات على ما مرّ بيانه.

__________________

(١) في «ف» زيادة : (ولو).

(٢) في «ج» «ف» : (يكونان).

٣٢٢

قال :

وهل هو زائد على العلم في حقّه؟ منعه أبو الحسين (١) وأثبته الجبائيان والسيّد المرتضى والأشعري والخوارزمي (٢) ، لأبي الحسين : إن كان هو العلم فهو المقصود ، أو الإحساس فمحال في حقّه ، أو غيرهما فغير معقول ، وفيه نظر إذ لا يلزم من نفي تعلّقه نفيه.

أقول :

قد نقلنا عن أبي الحسين أنّه يجعل الإدراك نوعا من العلم ، وعن الأشاعرة وأبي علي وابنه أبي هاشم والسيّد المرتضى ومحمود (٣) الخوارزمي أنّه أمر زائد على العلم. واحتجّ أبو الحسين بأنّ الإدراك إمّا أن يكون نفس العلم أو الإحساس أو شيئا آخر ، والأوّل هو المطلوب ، والثاني محال في حقّه تعالى ، والثالث غير معقول فلا يكون ثابتا في حقّه تعالى (٤).

وهذا فيه نظر فإنّه لا يلزم من عدم تعقّله نفيه ، فإنّ عدم العلم بالشيء لا يوجب العلم بعدم ذلك الشيء.

__________________

(١) حكاه عنه ابن ميثم البحراني في قواعد المرام : ٩٥ ، والمصنف في النافع يوم الحشر : ٤٣.

(٢) حكاه عنهم ابن ميثم البحراني في قواعد المرام : ٩٥.

(٣) (محمود) ليست في «ف». والمعروف بهذا الاسم جماعة منهم أبو محمّد محمود بن محمّد بن العبّاس الخوارزمي ، فقيه شافعي مؤرّخ من أهل خوارزم مولدا ووفاة ، سمع الحديث بها وصنّف كتاب الكافي في النظم الشافعي (الأعلام للزركلي ٧ : ١٨١). ومنهم : أبو المؤيّد محمّد بن محمود بن محمّد بن حسن الخوارزمي الحنفي المتوفّى سنة ٦٥٥ هجريّة ، فقيه خطيب محدّث (الأعلام ٧ : ٣٠٨).

(٤) حكاه ابن ميثم في قواعد المرام : ٩٦ ، والمصنّف في مناهج اليقين : ٢٧٤.

٣٢٣

قال :

واحتجّ الخوارزمي بأنّ علّة الإدراك الحياة بالدوران ، والله تعالى حيّ فهو مدرك ، والدوران ضعيف ، وهو يدلّ عليه لا على زيادته والأليق (١) نفي الزائد على التفسيرين.

أقول :

احتجّ الخوارزمي على أنّ الإدراك صفة زائدة على العلم بأنّ الحياة علّة (٢) الإدراك ، والله تعالى حيّ ، فهو مدرك. أمّا المقدّمة الاولى فبالدوران فهو ترتّب (٣) الحكم على الوصف الصالح للعلّية وجودا و (٤) عدما ، وبيان تحقّقه هاهنا أنّ الإدراك قارن الحياة وجودا في صورة الحيوان ، و (٥) عدما في الجماد فتكون الحياة علّة الإدراك (٦) ، وأمّا إنّ الله تعالى حيّ فقد مضى.

وهذا الدليل (٧) ضعيف من وجهين :

الأوّل : أنّ الدوران غير دالّ على العلّيّة ، بل يجوز أن يكون على سبيل الاتّفاق ، ثمّ إنّه يلزم منه الدور ، وأيضا ينتقض بالجزء الأخير من العلّة والشروط المساوية.

الثاني : أنّ هذا الدليل وإن دلّ على أنّ الحياة علّة الإدراك ، لكنّه غير دالّ على أنّ

__________________

(١) في «ب» : (والأولى).

(٢) في «د» : (على).

(٣) في «أ» «ج» : (فهو ترتيب) ، وفي «ب» «ف» : (وهو ترتب).

(٤) في «ف» : (أو).

(٥) (و) ليست في «ف».

(٦) في «أ» «ب» «س» : (للإدراك).

(٧) في «ب» زيادة : (عندي).

٣٢٤

الإدراك هل هو زائد على العلم أم (١) لا؟ والنزاع إنّما وقع فيه.

واعلم أنّ الأولى نفي الزائد على التفسيرين اللذين فسّر الإدراك بهما.

[في كونه تعالى باقيا]

قال :

ومنها : كونه تعالى باقيا لوجوبه ، وأثبته أبو الحسن موجودا ، ونفاه القاضي (٢) وجماهير المعتزلة ؛ وهو الحقّ وإلّا لكان المعدوم (٣) المستمر (٤) ثابتا لثبوت صفته.

أقول :

لا يجوز العدم على واجب الوجود تعالى وإلّا لكانت ماهيّته قابلة للوجود تارة وللعدم اخرى ، فيكون ممكنا فلا يكون واجبا ، وهذا الحكم وإن كان متّفقا عليه لكن قد وقع التشاجر بين القوم في إثبات معنى لله تعالى هو البقاء ؛ فمال إليه الأشعري ونفاه القاضي أبو بكر والمعتزلة ؛ وهو الحقّ ، والدليل عليه أنّه لو كان معنى موجودا لكان المعدوم (٥) ثابتا ، والتالي باطل فالمقدّم مثله (٦).

بيان الشرطيّة : أنّ المعدوم مستمرّ ، فلو كان الاستمرار وصفا ثبوتيّا لكان

__________________

(١) في «ج» : (أو).

(٢) حامل هذا اللقب وإن كانوا متعددين ، إلّا أنّ الظاهر أنّ المراد به أبو بكر القاضي عبد الجبّار بن أحمد ، وهو من رءوس المعتزلة وشيوخهم توفي سنة ٤١٥ هجريّة.

(٣) في «ب» «د» «س» : (العدم).

(٤) في «أ» : (المسمّى) ، وفي «س» : (مستمرا).

(٥) في «ف» : (المعدم).

(٦) تلخيص المحصّل : ٢٩٢ ، وانظر إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين : ٢١٣ للفاضل المقداد.

٣٢٥

الموصوف به وهو المعدوم (١) ثابتا ، وأمّا (٢) بطلان التالي فقد مضى.

[البقاء ليس وصفا وجوديا عند الأشعري]

قال :

احتجّوا بانتقال الشيء إلى البقاء بعد أن لم يكن. جوابه : ليس الانتقال دليل الوجود فإنّ الحادث ينتقل إلى الحدوث ولو كان (٣) ثبوتيّا تسلسل.

أقول :

هذه حجّة الأشعري وتقريرها : أنّ الشيء ينتقل من عدم البقاء إلى البقاء ، فلا بدّ وأن يكون إحدى الحالتين ثبوتيّة وعدم البقاء ليس بثبوتيّ ، فالبقاء ثبوتيّ ، وبيان الانتقال أنّه حالة الحدوث غير باق فإذا استمرّ صار باقيا.

والجواب : أنّ انتقال الشيء من صفة إلى اخرى لا يدلّ على وجود إحدى الحالتين ، فإنّ الشيء إذا كان معدوما ثمّ حدث انتقل إلى الحدوث بعد أن لم يكن حادثا ، والحدوث لا يجوز أن يكون وصفا ثبوتيّا وإلّا لزم التسلسل.

قال :

ولأنّه لو احتاج الباقي إلى البقاء المحتاج إليه لكونه صفة دار.

أقول :

هذه حجّة ثانية على أنّ البقاء ليس وصفا وجوديّا (٤) ، والدليل عليه أنّ الباقي

__________________

(١) في «ب» : (العدم).

(٢) في «ب» زيادة : (بيان).

(٣) في «س» زيادة : (ذلك).

(٤) في «ف» : (وجودا).

٣٢٦

لو افتقر في بقائه إلى هذا الوصف لزم الدور ، والتالي باطل فالمقدّم مثله (١).

بيان الشرطيّة : أنّ هذا الوصف لا يعقل قائما بذاته وإلّا لم يكن وصفا ، ولا يعقل قيامه بغير ذات الباقي ، فلا بدّ و (٢) أن يفتقر في القيام إلى ذات الباقي لكن الباقي مفتقر (٣) في البقاء إليه فيلزم الدور.

لا يقال : إنّه يفتقر إلى الباقي في الحلول ، والباقي يفتقر إليه في البقاء ، فتغايرت الجهتان.

لأنّا نقول : الحال مفتقر في بقاءه إلى المحلّ.

قال :

ولأنّ صحّة اتّصاف الجوهر به إن كان لذاته أو للازمه لزم أن يتّصف به حال الحدوث ، وإن كان لعارض (٤) سقنا الكلام إليه ويتسلسل.

أقول :

هذه حجّة ثالثة على أنّ البقاء ليس وصفا ثبوتيّا ، وتقريره : أنّ صحّة اتّصاف الجوهر بالبقاء إمّا أن يكون لذات الجوهر أو لأمر لازم للجوهر أو لأمر عارض له ، والأوّل والثاني يلزم منهما اتّصاف الجوهر بالبقاء حالة الحدوث لأنّ العلّة و (٥) هي الجوهر أو اللازم (٦) موجودان حالة الحدوث فيستلزم وجود المعلول الذي هو البقاء ، هذا خلف ، والثالث يلزم منه التسلسل لأنّ صحّة اتّصاف الجوهر بذلك

__________________

(١) انظر المطالب العالية في العلم الإلهي ٣ : ٢١٢.

(٢) الواو ليست في «ف».

(٣) في «ب» : (ذات الباقي مفتقرة) بدل من : (الباقي مفتقر).

(٤) في «ف» : (العارض).

(٥) الواو ليست في «ف».

(٦) في «ج» «ف» زيادة : (وهما).

٣٢٧

العارض إمّا أن يكون لذات الجوهر أو للأزمة أو لعارضه ؛ وعلى التقدير الأوّل والثاني يصحّ اتّصاف الجوهر بالبقاء حالة الحدوث ، هذا خلف ، وعلى التقدير الثاني (١) يعود الكلام فيه.

قال :

ولأنّ البقاء إن قام بذات الله تعالى احتاج إليها وإلّا تعدّدت الواجبات أو يلزم الدور.

أقول :

هذه حجّة رابعة على أنّ البقاء ليس وصفا ثبوتيّا في حقّ الله تعالى ، وتقريرها : أنّ البقاء إمّا أن يكون قائما بذاته (٢) أو قائما بذات الله تعالى ؛ والأوّل يلزم منه وجود واجبي الوجود وهو محال على ما يأتي ، ولأنّه غير معقول ، والثاني يلزم منه الدور ضرورة افتقاره إلى الذات وإلّا تعدّدت الواجبات ، ولأنّه غير معقول أيضا.

قال :

ولأنّ صفاته باقية فيلزم قيام المعنى بالمعنى.

أقول :

هذه حجّة خامسة على أنّ البقاء غير ثبوتيّ ، وتقريرها : أنّ صفات الله تعالى باقية ، فلو كان البقاء معنى ثبوتيّا قائما بالباقي لزم منه قيام المعنى الذي هو البقاء بالمعنى الذي هو الصفة ، وهذا عندهم (٣) باطل.

__________________

(١) في «ر» «ف» : (الثالث).

(٢) في «أ» «ب» «ج» زيادة : (واجب الوجود) ، وفي «س» «د» : (بذات واجب الوجود) بدل من :

(بذاته).

(٣) في «ج» «ر» «ف» : (عندكم).

٣٢٨

قال :

أجاب المثبتون بأنّ الصفات تبقى ببقاء الذات. قيل : فتعلم الصفات بعلم الذات. أجابوا بمنع الملازمة ، وبالفرق بأنّ الصفات (١) لازمة لذاته ، فإذا بقيت بقيت إذ دوام الملزوم ملزوم لدوام اللازم ، وليس كذلك في العلم.

أقول :

أجاب القائلون بثبوت البقاء عن الحجّة الخامسة بوجوه ثلاثة :

الأوّل : إنّ الصفات تبقى ببقاء الذات لا ببقاء آخر قائم بها.

اعترض عليهم النفاة بأنّه لو جاز أن تبقى الصفة ببقاء الذات لجاز أن يعلم (٢) الصفة بعلم الذات وتقدّر بقدرة الذات ، فيكون كلّ واحد من الصفات قادرا عالما حيّا موجودا فيلزم تعدّد الآلهة ، وهو محال.

أجابوا بمنع (٣) الملازمة فإنّ الصفات مختلفة ، فالقدرة والعلم مغايران للبقاء ، فلا يلزم من كون الصفة باقية لأجل بقاء الذات كونها عالمة بعلم الذات ، وأيضا الفرق حاصل بين بقاء الصفة لبقاء الذات وعلمها بعلمها ، وذلك لأنّ الصفة لازمة لذاته ، ودوام الملزوم يستلزم دوام اللازم ، وليس علم الملزوم يستلزم علم اللازم ، ولا قدرته قدرته ؛ فاندفع الإشكال.

قال :

وأجاب أبو إسحاق (٤) بأنّ الذات باقية بالبقاء والصفات بذاتها.

__________________

(١) في «ف» : (بالصفات) بدل من : (بأنّ الصفات).

(٢) في «ر» : (نعلم).

(٣) في «ف» : (وأجابوا : نمنع) بدل من : (أجابوا بمنع).

(٤) هو إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم ، عالم بالفقه والأصول والكلام ، ولد في مدينة اسفراين

٣٢٩

أقول :

هذا هو الوجه الثاني من الأوجه الثلاثة ، وتقريره : أنّ الذات تبقى بالبقاء ، وأمّا الصفات فإنّها تبقى لذواتها ، وذلك لا يستلزم قيام المعنى بالمعنى.

قال :

واجيب أيضا بأنّه قام بذاته تعالى بقاءان أحدهما للذات (١) والآخر للصفات (٢) ، وكلّ (٣) منهما يبقى لصاحبه (٤).

أقول :

هذا هو الوجه الثالث ، وتقريره : أن نقول : الصفات باقية ببقاء آخر ، ويكون ذلك البقاء قائما بذات الله تعالى ، فإنّ الموصوف به (٥) لما كان قائما بذات الله تعالى كان البقاء الذي هو الصفة أولى بالقيام به ، فالحاصل أنّه قام بذاته تعالى بقاءان بقاء الذات وبقاء الصفات.

لا يقال : كلّ واحد من البقائين باق ، وذلك يستلزم قيام المعنى بالمعنى والتسلسل.

__________________

الإيرانيّة ، ثمّ خرج إلى مدينة نيسابور وهناك بنيّت له مدرسة كبيرة فدرّس فيها ، وسافر إلى خراسان وبعض أنحاء العراق ، له مناظرات مع المعتزلة ، مات في نيسابور سنة ٤١٨ هجريّة (وفيات الأعيان لابن خلّكان ١ : ٤ ، شذرات الذهب ٢ : ٢٠٩).

(١) في «ف» : (الذات).

(٢) في «أ» «ف» : (الصفات).

(٣) في «ر» «ف» : (وكلّ واحد) ، وفي «د» : (لكل).

(٤) في «ج» «ر» «ف» : (بصاحبه).

(٥) في «ب» : بياض.

٣٣٠

لأنّا نقول : إنّ كلّ واحد منهما باق بالآخر ، وهما قائمان بذاته تعالى ؛ فاندفع المحذوران.

قال : والكلّ ضعيف.

أقول : أمّا وجه ضعف الأوّل ، فلأنّ الصفات إنّما تبقى لبقاء الذات ، ومن جملة الصفات البقاء ، والذات إنّما تبقى بالبقاء فيلزم الدور.

لا يقال : ذات البقاء تقتضي بقاء الذات ، وبقاء الذات مع الملازمة بينها وبين البقاء تقتضي بقاء البقاء (١) فلا (٢) دور.

لأنّا نقول : ذات البقاء إنّما تقتضي البقاء للذات لو كانت باقية فيعود الإلزام.

وأمّا وجه ضعف الثاني فلأنّ الصفات إذا كانت باقية لذواتها فلم لا تبقى الذوات لذواتها من غير معان قائمة بها ، بل هذا أولى ، فإنّ الحاجة بالصفات أولى من الذات.

وأمّا وجه ضعف الثالث فمن وجهين :

الأوّل : أنّ بقاء الصفات صفة لها ، فلا يعقل قيامه في غيرها.

و (٣) الثاني : أنّ كلّ واحد من البقائين إنّما يقتضي البقاء لصاحبه لو كان باقيا فيعود الدور.

واعلم أنّ التحقيق هاهنا أنّ البقاء عبارة عن مقارنة الوجود للزمان الواحد بعد الزمان الأوّل ، وهذا لا يعقل إلّا فيما يكون وجوده زمانيّا.

__________________

(١) في «س» : (ذات تقتضي بقاء البقاء) بدل من : (ذات البقاء) إلى هنا.

(٢) (فلا) لم ترد في «ف».

(٣) الواو لم ترد في «أ» «ب».

٣٣١

[الكلام في الصفات السلبيّة]

[في استحالة رؤيته تعالى]

قال :

وأمّا (١) الصفات السلبيّة فمنها : أنّه يستحيل رؤيته لأنّ الرؤية إنّما تكون للمقابل أو في حكمه كالعرض بالضرورة (٢) وهما منفيان عنه تعالى.

أقول :

اختلف الناس في أنّ الله تعالى هل يصحّ أن يرى؟ فذهبت المعتزلة والأوائل إلى امتناع ذلك (٣) ، وذهبت المجسّمة إلى جواز ذلك ، وهو مذهب الأشاعرة (٤) ، فهما وإن اتّفقا على هذا الحكم ، لكن بينهما اختلاف في المعنى ، فإنّ المشبّهة إنّما جوّزوا رؤيته (٥) لكونه تعالى جسما ، تعالى الله عن ذلك ، والأشاعرة جوّزوا رؤيته وإن كان غير جسم (٦) ، وهذا لم يذهب إليه ذاهب غيرهم.

والدليل على امتناع رؤيته تعالى المعقول والمنقول ، أمّا المعقول (٧) فوجهان :

الأوّل : أنّ الرؤية إنّما تكون للمقابل أو في حكم المقابل ، ونعني بحكم المقابل العرض والصورة المرئيّة في المرآة ، والله تعالى ليس مقابلا ولا في حكم المقابل ،

__________________

(١) في «أ» «ب» «ف» : (ومن).

(٢) في «ب» «ج» : (والصورة).

(٣) المغني في أبواب العدل والتوحيد (رؤية الباري) : ٨٩.

(٤) المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨١.

(٥) في «س» : (ذلك).

(٦) المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨٥.

(٧) (أمّا المعقول) لم ترد في «أ» «ج».

٣٣٢

فلا يكون مرئيّا ، والصغرى ضروريّة ، والكبرى مبرهنة (١).

قال :

ولأنّه لو صحّ لرأيناه الآن إذ الشرط فيه صحّة الرؤية وسلامة الحاسّة (٢).

أقول :

هذا هو الوجه الثاني الدالّ على امتناع رؤيته تعالى ، وتقريره يستدعي بيان مقدّمتين :

إحداهما : أنّ شرائط الرؤية اثنا عشر : سلامة الحاسّة ، وكون المبصر يصحّ رؤيته ، وكونه كثيفا ومقابلا أو في حكم المقابل ، وأن لا يكون في غاية الصغر ، ووقوع الضوء عليه ، وأن لا يكون الضوء مفرطا ، وأن لا يكون في غاية القرب ، ولا في غاية البعد ، وتوسّط الشفاف (٣) بين المبصر والمبصر ، وأن يتعمّد الناظر للإبصار (٤) ، وأن لا يقارن البصر (٥) شيئا يوجب الغلط (٦).

الثانية : اتّفقت المعتزلة والفلاسفة على أنّه متى حصلت هذه الشرائط وجبت (٧) الرؤية وإلّا لجاز أن يكون بين أيدينا جبال وأنهار ، ونحن لا نشاهدها ، وإن اجتمعت هذه الشرائط ، والتالي باطل فالمقدّم مثله. وبهذا الحرف عوّلوا على أنّه (٨) لا شرط سوى هذه.

__________________

(١) جعل الفخر الرازي في المطالب العالية ٢ : ٨٤ هذا الدليل الحجّة الثانية.

(٢) في «ف» بياض من قوله : (لرأيناه) إلى هنا.

(٣) في «أ» «ف» : (الشقاق).

(٤) في «ج» «ر» «ف» : (الإبصار).

(٥) في «ج» «ر» «ف» : (الإبصار) ، وفي «س» : (المبصر).

(٦) حكى هذه الشروط الفخر الرازي في المطالب العالية في العلم الإلهي ٢ : ٨٣.

(٧) في «س» : (وجب).

(٨) في «ج» «ر» «ف» : (أن).

٣٣٣

والأشاعرة جوّزوا عدم الإبصار عند حصول هذه الشرائط ، لأنّهم إنّما يوجبون الإبصار بالمعنى ، واستدلّوا على ذلك بأنّا نرى الجسم الكبير من بعيد صغيرا ، وليس ذلك إلّا لأنّا (١) نرى بعض أجزائه دون البعض ، ضرورة تساوي (٢) نسبتها إلى البصر (٣) قربا وبعدا.

والحقّ خلاف هذا ، فإنّ سبب رؤية الكبير صغيرا أنّه يخرج من العين خطّان ، إمّا فرضا كما يقوله أصحاب الانطباع أو فعلا كما يقوله أصحاب الشعاع على هيئة ساقي مثلّث ، زاويتهما العين وقاعدتهما المرئى ، وكلّما بعد المرئي صغرت الزاوية.

والرؤية (٤) إنّما تكون عند الزاوية عند أصحاب الانطباع (٥) ، فيكون القدر المنطبع فيه الصورة من العين عند البعد أصغر منه عند القرب فيصغر مقدار الجسم ، وأمّا عند أصحاب الشعاع (٦) ، فإنّ المرئي كلّما بعد تفرّقت الأشعّة الخارجة إليه من العين ، فلا يقوى على الإبصار التامّ (٧).

ثمّ منعوا تساوي نسبة الأجزاء إلى العين ، فإنّ وسط المرئي أقرب إلى العين ، لأنّ الخطّ الواصل بين الناظر ووسط المرئي يحيط مع الخطّ الواصل بين طرف المرئي وطرف هذا الخطّ بزاوية قائمة يوترها الخطّ الواصل بين (٨) الناظر وطرف المرئي ،

__________________

(١) في «ب» : (أنّا) ، وفي «ف» : (لا نرى) بدل من : (لأنّا نرى).

(٢) في «ف» : (وتساوي).

(٣) في «د» : (للبصر) بدل من : (إلى البصر).

(٤) في «ب» : (فالرؤية).

(٥) يعني المعلّم الأوّل ومن تبعه.

(٦) وهم الرياضيون.

(٧) راجع شرح حكمة الإشراق : ٢٦٩ ، كشف المراد (تحقيق الآملي) : ٢٩٤ وفي تحقيق الزنجاني :

٢١٠ ، الحكمة المتعالية ٩ : ١٩١.

(٨) في «أ» زيادة : (هذا).

٣٣٤

والخطّ الواصل بين الناظر وطرف المرئي يحيط مع الخطّ الواصل بين هذا الخطّ وبين وسط المرئي بزاوية حادّة يوترها الخطّ الواصل بين الناظر ووسط المرئي ، ولا شكّ أنّ وتر القائمة أعظم من وتر الحادّة على ما بيّن في الهندسة ، فيكون (١) الوسط أقرب إلى المرئي من الطرف.

و (٢) إذا عرفت هاتين المقدّمتين فنقول : هذه الشروط يستحيل تحقّقها في رؤية الله تعالى اتّفاقا ، لأنّها لا تعقل إلّا مع الجسميّة إلّا شرطين :

أحدهما : سلامة الحاسّة.

والثاني : كونه تعالى يصحّ أن يرى.

وهذان الشرطان موجودان الآن فكان (٣) يجب أن يرى ، ولمّا امتنع ذلك علمنا كونه بحيث يمتنع أن يرى ضرورة سلامة حواسّنا.

لا يقال : إذا جوّزتم أن يكون للمقارنات (٤) شروط في الرؤية يمتنع تحقّقها في الله تعالى فلم لا يجوز أن يكون لله (٥) تعالى شرط في الرؤية غير هذه الشروط ، وهو منتف الآن ، فلهذا لا تحصل الرؤية؟

لأنّا نقول : لو جاز ذلك لجوّزنا أن يكون للمقارنات شروط (٦) اخر ، وهي غير حاصلة ، وذلك يلزم (٧) منه السفسطة.

__________________

(١) في «د» زيادة : (في).

(٢) الواو من «ف».

(٣) في «أ» : (وكان).

(٤) في «ف» : (المقارنات).

(٥) في «ف» : (الله).

(٦) في «ف» : (المقارنات شرط) بدل من : (للمقارنات شروط).

(٧) في «ب» : (يستلزم).

٣٣٥

قال :

ولقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (١) تمدّح بعدمها (٢) فتمتنع.

أقول :

لمّا فرغ من الأدلّة العقليّة شرع في الأدلّة النقليّة وهي ثلاثة :

الأوّل : قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٣) و (٤) وجه الاستدلال فيه (٥) أنّه نفى الإدراك المقرون بالبصر ، وهو معنى الرؤية ، وإلّا لجاز إثبات الرؤية مع عدمه ، وهو باطل بالضرورة ، فيستحيل ثبوته في حقّه لأنّه جعل ذلك النفي مدحا له ، ضرورة توسّطه بين مدحين ، ويمتنع من الحكيم أن يأتي بكلام ليس فيه مدح متوسّط بين مدحين ، وإذا تمدّح بنفي الرؤية كان إثباتها نقصا فيمتنع تحقّقه في حقّ الله (٦) تعالى.

لا يقال : التمدّح إنّما يكون لو كان الله تعالى يمكن رؤيته ثمّ يحجب الأبصار عن رؤيته ، أمّا إذا كان ممتنع الرؤية استحال أن يتمدّح بنفيها وإلّا لجاز أن يمدح المعدوم بكونه غير مريء.

لأنّا نقول : هذا أبلغ ما يكون من التمدّح ، فإنّ الموجود يصحّ رؤيته وإدراكه ، والله تعالى موجود لا يصحّ رؤيته ويمتنع لكونه في نهاية الكمال وغاية الجلال ،

__________________

(١) الأنعام : ١٠٣.

(٢) في «ف» : (بها).

(٣) الأنعام : ١٠٣.

(٤) الواو سقطت من «أ» «ب» «ج».

(٥) في «ب» «ف» : (منه).

(٦) في «ف» : (حقّه) بدل من : (حقّ الله).

٣٣٦

فلا يصحّ أن تناله العيون وأن يحيط بكنهه العلوم بخلاف المعدوم.

لا يقال : قوله تعالى (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) سالبة جزئيّة ضرورة كون قولنا : تدركه الأبصار موجبة كلّيّة.

لأنّا نقول : نمنع (١) عموم ما دخل عليه اللام من أسماء الجموع (٢).

لا يقال : هذا غير مبطل لما ذهبنا إليه لأنّ النفي إنّما هو الإدراك البصري ، ونحن نقول بذلك ، إلّا أنّ موضع الخلاف هو أنّ الناظر منّا إنّما يدرك الشيء إمّا بواسطة الشعاع أو (٣) بواسطة الانطباع وتحصل (٤) له عند إحدى (٥) هاتين الحالتين معنى زائد هو (٦) الإدراك ، فهل يجوز حصول مثل هذا المعنى الزائد في حقّ الله تعالى من غير الانطباع والشعاع أم لا يمكن (٧)؟ ولا شكّ أنّ الإدراك البصري المنفي في الآية إنّما هو الانطباع والشعاع.

لأنّا نقول : ذلك المعنى الذي تشيرون إليه إن عنيتم به نهاية العرفان فهو مسلّم ، ولا ننازعكم فيه ، فإنّه يجوز أن يعلم الله تعالى علما ضروريّا في الآخرة من غير انطباع وشعاع ، وإن عنيتم به معنى آخر ، فلا بدّ من بيانه ، فيرجع (٨) حاصل النزاع

__________________

(١) في «أ» : (يمنع).

(٢) في «ف» : (المجموع).

(٣) في «ف» : (و).

(٤) في «س» : (حصل).

(٥) (إحدى) لم ترد في «ر» «ف».

(٦) في «ج» «ر» «ف» : (وهو).

(٧) (يمكن) لم ترد في «ف».

(٨) في «د» «س» : (فرجع).

٣٣٧

إلى أنّ (١) الإدراك هل هو معنى زائد على العلم أم لا؟ وهل يصحّ ثبوت ذلك المعنى من غير آلة أم لا؟

فنقول : إن جعلنا الرؤية نفس العلم فالله تعالى (٢) مرئيّ بهذا (٣) المعنى ، وإن جعلناها أمرا زائدا عليه يستحيل وجودها من دون الآلات فلا شكّ في استحالتها في حقّ الله تعالى.

بقي أن يقال : إنّها أمر زائد على العلم وإنّها يصحّ حصولها من غير آلة ، فهذا تحرير هذا الموضع.

قال :

ولقوله تعالى (لَنْ تَرانِي) (٤) النافية للأبد نقلا (٥).

أقول :

هذه حجّة ثانية نقليّة على استحالة رؤيته تعالى ، وهي أن نقول : إنّ موسى عليه‌السلام لمّا (٦) سأل رؤية الله (٧) تعالى كان الجواب «لن تراني» ، و «لن» لنفي الأبد بالنقل عن أهل اللغة (٨) ، وإذا كان موسى يستحيل أن يرى الله تعالى كان غيره كذلك قطعا.

__________________

(١) (أنّ) لم ترد في «س».

(٢) في «س» : (فإنّه) بدل من : (فالله تعالى).

(٣) في «أ» «ب» «ج» : (لهذا).

(٤) الأعراف : ١٤٣.

(٥) في «أ» : (فعلا).

(٦) (لما) لم ترد في «س».

(٧) في «ف» : (رؤيته) بدل من : (رؤية الله).

(٨) راجع الكشاف ١ : ١٠١ ، وحكاه المحقّق في المسلك في أصول الدين : ٦٨ و ٢٩٨ ، وقد فصل الشيخ السبحاني في معنى «لن» في كتابه رؤية الله في ضوء الكتاب والسنّة : ٦٦.

٣٣٨

قال :

ولأنّها معلّقة على استقرار الجبل حال حركته ، وفيه نظر ، لأنّ استثناء نقيض المقدّم عقيم.

أقول :

هذا هو الوجه الثالث ، وتقريره : أنّ الله تعالى علّق الرؤية على استقرار الجبل حال حركته ، واستقراره حال الحركة (١) محال ، والمعلّق على المحال محال (٢) فتكون الرؤية محالة.

أمّا الصغرى فلأنّ (٣) قوله : انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه معناه : إن استقرّ حال نظرك إليه ، وحال نظره إليه إمّا أن يكون متحرّكا أو ساكنا ، والثاني باطل وإلّا لوجب أن يرى الله تعالى ، فالأوّل حقّ.

وأمّا الكبرى فضروريّة ، وفيه نظر لأنّ قوله : فإن استقرّ مكانه فسوف تراني متّصلة لا تنتج باستثناء نقيض مقدّمها ، فلا يلزم منه امتناع الرؤية.

ويمكن أن يجاب عن هذا بأنّه لمّا قال : لن تراني علمنا أنّ الرؤية واستقرار الجبل متلازمان (٤) ، واستثناء نقيض المقدّم المساوي يستلزم نقيض التالي ، وفيه أيضا (٥) إشكال.

__________________

(١) (واستقراره حال الحركة) لم ترد في «ف».

(٢) (محال) لم ترد في «د».

(٣) في «ج» «ر» «ف» : (فإنّ).

(٤) في «ف» : (ملازمان).

(٥) (أيضا) لم ترد في «د» «ر».

٣٣٩

[أدلّة الأشاعرة على إمكان الرؤية وردّها]

قال :

احتجّوا بأنّ الجوهر (١) والعرض مرئيان ، فلا بدّ من مشترك ، وليس الحدوث لتركّبه من قيدين : أحدهما عدميّ ، ولا الإمكان لكونه عدميّا ، فلم يبق إلّا الوجود ، ولسؤال موسى وتعلّقها (٢) على استقرار الجبل الممكن.

أقول :

احتجّت الأشاعرة على قولهم بحجج ثلاثة :

الاولى : عقليّة ، وهي أنّهم قالوا : الجوهر والعرض يصحّ رؤيتهما (٣) فقد اشتركا في هذا الحكم ، والحقائق المختلفة إذا اشتركت في الأحكام فلا بدّ وأن تكون مشتركة في علل تلك الأحكام لامتناع استناد المعلولات المتساوية إلى العلل المختلفة ، ولا مشترك بين الجوهر والعرض إلّا الوجود أو الحدوث أو الإمكان ، والحدوث لا يصلح (٤) للعلّيّة ، ضرورة كونه مركّبا من قيدين : أحدهما عدميّ فيكون عدميّا ، وكذلك الإمكان فإنّه لو كان وجوديّا لزم التسلسل ، فلم يبق إلّا الوجود ، والله تعالى موجود فيجب أن يصحّ رؤيته.

الثانية : نقليّة ، وهي أنّ الرؤية لو كانت ممتنعة لما سألها موسى عليه‌السلام لأنّ منصب النبوّة أجلّ من أن يجهل مثل هذه الصفة هل هي ممتنعة أو (٥) جائزة؟

__________________

(١) في «ف» : (بالجوهر) بدل من : (بأنّ الجوهر).

(٢) في «د» : (تعليقها) ، وفي «ج» : (لتلقها) ، وفي «ف» : (لتعلّقها).

(٣) في «ف» : (رؤيتها).

(٤) في «أ» «ف» : (يصحّ) بدل من : (يصلح).

(٥) في «ب» : (أم).

٣٤٠