الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: عبدالحليم عوض الحلّي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-397-218-3
الصفحات: ٦٤٤
الأوّل في أشرف مقدّمتيه أعني الصغرى ، مثاله : كلّ ج ب ، ولا شيء من أب ؛ فالأوسط هو (١) الباء محمول فيهما.
وإمّا أن يكون الأوسط موضوعا في المقدّمتين ، ويسمّى الشكل الثالث كقولنا : كلّ ج ب ، وكلّ ج أ ، فالجيم و (٢) هو المشترك موضوع في المقدّمتين (٣).
[شروط الشكل الأوّل]
قال :
ويشترط في الأوّل إيجاب الصغرى.
أقول :
لمّا ذكر أقسام الأدلّة وجب عليه أن يبيّن ذكر شرائطها.
واعلم أنّ كلّ قضيّة إمّا (٤) أن تكون (٥) موجبة أو سالبة ، ويسمّى إيجابها وسلبها كيفيّة القضيّة. وأيضا إمّا أن تكون كلّيّة أو جزئيّة ، ويسمّى ذلك كمّيّة القضيّة. وأيضا فإنّ (٦) نسبة المحمول إلى الموضوع لا بدّ لها من كيفيّة هي الوجوب أو الإمكان أو الامتناع ، ويسمّى (٧) ذلك جهة القضيّة. فإذن (٨) القضيّة بحسب كيفيّتها وكمّيّتها على أربعة أقسام :
__________________
(١) في «ف» : (وهو).
(٢) الواو سقطت من «أ» «ب» «ج».
(٣) انظر تلخيص المحصّل : ٦٩.
(٤) في «د» : (فإمّا).
(٥) (أن تكون) لم ترد في «ب».
(٦) (فإنّ) لم ترد في «ب».
(٧) (يسمّى) لم ترد في «ب».
(٨) في «س» : (فإنّ).
موجبة كلّيّة كقولنا : كلّ ج ب.
وسالبة كلّيّة كقولنا (١) : لا شيء من ج ب.
وموجبة جزئيّة (٢) : بعض ج ب.
وسالبة جزئيّة (٣) : ليس بعض ج ب.
وكلّ شكل لا بدّ فيه من مقدّمتين ، وكلّ (٤) شكل فإنّه (٥) يشتمل على ستة عشر ضربا بحسب كمّيّة مقدّماته وكيفيّتها (٦) لكنّها (٧) بأسرها ليست (٨) ناتجة ، بل بعضها ناتج وبعضها عاقر (٩). فالشكل الأوّل شرطه بحسب الكيفيّة إيجاب الصغرى ، لأنّها لو كانت سالبة لم تنتج ، لأنّه يصدق لا شيء من الإنسان بفرس وكلّ فرس حيوان مع كذب النتيجة السالبة ، ويصدق لا شيء من الإنسان بفرس وكلّ فرس صاهل (١٠) مع كذب النتيجة الموجبة ، فسقط من الستّة عشر ثمانية أضرب ، وهي (١١) السالبة الكلّيّة الصغرى (١٢) مع الأربع والسالبة الجزئيّة معها.
__________________
(١) (كقولنا) من «ف».
(٢) في «ب» : زيادة (مثل).
(٣) في «ب» : زيادة (مثل).
(٤) في «ب» «د» «س» «ف» : (فكلّ).
(٥) (فإنّه) لم ترد في «ب».
(٦) في «ج» : (كيفياتها).
(٧) في «أ» «ج» : (ولكنّها).
(٨) في «أ» «د» : (ليست بأسرها).
(٩) في «ب» : (عقيم).
(١٠) في «ب» : (صهال).
(١١) (وهي) ليس في «ف».
(١٢) ليست في «أ» «ب» «ج».
قال :
وفعليتها على قول.
أقول :
هذا شرط بحسب الجهة عند بعض المتأخّرين.
[أنواع الموجّهات]
واعلم أنّ جهات القضايا على (١) ثلاثة عشر نوعا في المشهور بين المتأخّرين (٢) :
الأولى (٣) : الضروريّة ، وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه بالضرورة ما دامت ذات الموضوع موجودة.
الثانية : الدائمة ، وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه دائما ما دامت ذات الموضوع موجودة.
الثالثة : المشروطة العامّة ، وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه بالضرورة ما دام الموضوع موصوفا بالوصف العنواني.
الرابعة : العرفيّة العامّة وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه دائما ، ما دامت ذات الموضوع موصوفة بالوصف العنواني.
الخامسة : المطلقة العامّة ، وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه بالفعل من غير التعرّض لقيد آخر.
__________________
(١) (على) لم ترد في «ب».
(٢) انظر أساس الاقتباس : ١٣٩ ، شرح المطالع : ١٥٥ ، البصائر النصيريّة : ٦٣ ، تلخيص المحصّل : ٧٠.
(٣) (الأولى) ليست في «أ» «د» «س».
السادسة : الممكنة العامّة ، وهي التي حكم فيها برفع الضرورة عن الجانب المخالف للحكم ، وهذه الست بسائط.
السابعة : المشروطة الخاصّة ، وهي التي حكم فيها بما حكم في المشروطة العامّة مع قيد اللادوام العائد إلى كلّ الأفراد ؛ فهي مركّبة من المشروطة العامّة والمطلقة العامّة المخالفة لها كيفا ، الموافقة لها كمّا.
الثامنة : العرفيّة الخاصّة ، وهي التي حكم فيها بما حكم في العرفيّة العامّة مع قيد اللادوام ؛ فهي مركّبة من عامّتها (١) ومن المطلقة.
التاسعة : الوقتيّة ، وهي التي حكم فيها بثبوت المحمول أو سلبه (٢) بالضرورة (٣) في وقت معيّن لا دائما ، وهي مركّبة من وقتيّة مطلقة (٤) ومطلقة عامّة.
العاشرة : المنتشرة ، وهي التي حكم فيها بالثبوت أو (٥) بالسلب بالضرورة في وقت ما لا دائما ، وهي مركّبة من منتشرة مطلقة ومطلقة عامّة.
الحادية عشرة : الوجوديّة اللادائمة ، وهي التي حكم فيها بالثبوت الفعليّ (٦) لا دائما (٧) ، وهي مركّبة من مطلقتين عامّتين.
الثانية عشرة : الوجوديّة اللاضروريّة ، وهي التي حكم فيها بالثبوت الفعليّ ،
__________________
(١) في «ب» : (مطلقها).
(٢) في «أ» «ف» : (بسلبه).
(٣) (بالضرورة) لم ترد في «ب».
(٤) (مطلقة) لم ترد في «ب».
(٥) في «ب» : (و).
(٦) في «ب» «س» : (الفعل).
(٧) زاد هنا في «ب» : (كقولنا : كلّ إنسان ضاحك بالفعل لا دائما ، لا شيء من الإنسان بضاحك بالفعل لا دائما).
مع رفع الضرورة (١) وهي مركّبة من مطلقة وممكنة.
الثالثة عشر : الممكنة الخاصّة ، وهي التي حكم فيها برفع ضرورتي (٢) الإيجاب والسلب (٣) ، وهي مركّبة من الممكنتين العامّتين.
إذا عرفت هذا فنقول : ضروب كلّ شكل بحسب الجهة تكون مائة وتسعة وستّين ، لكن بحسب ما يعرض للشكل من الشرائط تكون بعضها ناتجا وبعضها عقيما.
والمتأخّرون شرطوا في الأوّل فعليّة صغراه ؛ لأنّ الحكم بالأكبر إنّما هو على كلّ (٤) ما يثبت (٥) له الأوسط بالفعل ، والأصغر لم يثبت له الأوسط بالفعل ، فلا يلزم التعدّي فسقط من ضروبه ستّة وعشرون ضربا ، وهو ما يكون الصغرى فيه إحدى الممكنتين مع ثلاثة عشر (٦). والمتقدّمون استنتجوا من الجميع (٧).
قال :
وكلّية الكبرى.
أقول :
هذا شرط ثالث للشكل الأوّل بحسب الكمّيّة ، وهو كون كبراه كلّيّة ، لأنّها
__________________
(١) زاد هنا في «ب» : (كقولنا كلّ إنسان متنفّس بالفعل لا بالضرورة ، لا شيء من الإنسان بمتنفّس بالفعل بالضرورة) ، وفي «أ» زيادة : (عن الجانب المخالف للحكم).
(٢) في «س» : (ضرورة).
(٣) زاد هنا في «ب» : (كقولنا بالإمكان الخاصّ كلّ إنسان كاتب بالإمكان الخاصّ لا شيء من الإنسان بكاتب).
(٤) (كلّ) سقط من «ر».
(٥) في «ج» «ر» «ف» : (ثبت).
(٦) الإشارات والتنبيهات ١ : ٢٤٤ ، شرح المطالع : ٢٦٠ ، شرح الشمسيّة : ١٥٥ ، درّة التاج : ١٢٨.
(٧) انظر المنطقيّات للفارابي : ١٢٧.
لو كانت جزئيّة لم يحصل الإنتاج (١) ، فإنّه يصدق كلّ إنسان حيوان وبعض الحيوان فرس مع كذب النتيجة الموجبة ، ويصدق كلّ إنسان حيوان وبعض الحيوان ليس بناطق (٢) مع كذب النتيجة السالبة ؛ فسقط من الثمانية المتخلّفة (٣) بعد شرط الإيجاب أربعة أخرى هي الكبرى الجزئيّة الموجبة والسالبة مع الموجبتين (٤). فبقيت ضروب هذا الشكل المنتجة بحسب الكمّيّة والكيفيّة أربعة أضرب :
الأوّل : من موجبتين كلّيّتين ينتج موجبة كلّيّة : كلّ ج ب ، وكلّ ب أ ، فكلّ ج أ.
الثاني : من (٥) موجبة جزئيّة صغرى وموجبة كلّيّة كبرى ينتج موجبة جزئيّة :
بعض ج ب ، وكلّ ب أ ، فبعض ج أ.
الثالث : من موجبة كلّيّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة كلّية : كلّ ج ب ، ولا شيء من ب أ ، فلا شيء من ج أ.
الرابع : من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة : بعض ج ب ، ولا شيء من ب أ ، فليس بعض ج أ.
[شروط الشكل الثاني]
قال :
وفي الثاني الاختلاف كيفا.
__________________
(١) في «ر» «ف» : (الجزم بالانتاج).
(٢) في «أ» «ب» «ج» «س» «ف» : (ناطق) بدل من : (ليس بناطق).
(٣) في «ف» : (المتخالفة).
(٤) في «ج» «ر» «ف» زيادة : (في الصغرى).
(٥) (من) سقط من «د».
أقول :
يشترط في الشكل الثاني بحسب الكيفيّة (١) اختلاف مقدّمتيه فيه بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة لأنّهما لو كانتا سالبتين أو موجبتين لم يلزم الإنتاج فإنّك تقول : لا شيء من الإنسان بفرس ، ولا شيء من الحمار بفرس ، والحقّ السلب.
ولو قلت : ولا شيء من الناطق بفرس كان الحقّ (٢) الإيجاب. ونقول : كلّ إنسان حيوان ، وكلّ ناطق حيوان ، والحقّ الإيجاب.
ولو قلت : وكلّ فرس حيوان كان الحقّ السلب فلا بدّ إذن من المخالفة بين المقدّمتين في الإيجاب والسلب.
قال :
وكلّيّة الكبرى.
أقول :
هذا هو الشرط الثاني (٣) بحسب الكمّيّة وهو كون كبراه كلّيّة ، فإنّها لو كانت جزئيّة لم يحصل الجزم بالإنتاج فإنّك تقول : كلّ إنسان حيوان ، وليس كلّ جسم بحيوان ، والحقّ الإيجاب. ولو قلت : وليس كلّ حجر بحيوان كان الحقّ السلب. وتقول : لا شيء من الإنسان بفرس ، وبعض الحيوان فرس ، والحقّ الإيجاب. ولو قلت : وبعض الصاهل فرس كان الحقّ السلب ، فقد سقط من الستّة عشر اثنا
__________________
(١) في «ج» «ر» «ف» : (الكيف).
(٢) في «ج» «ر» «ف» زيادة : (هو).
(٣) (الثاني) لم ترد في «ب».
عشر (١) هي السالبة مع مثلها كلّيّة وجزئيّة وذلك أربعة أضرب ، والموجبة مع مثلها (٢) أربعة أخرى ، وأربعة هي الجزئيّة الموجبة الكبرى مع السالبتين ، والسالبة الجزئيّة الكبرى مع الموجبتين ، فضروبه الناتجة أربعة :
الأوّل : من كلّيّتين والصغرى موجبة ينتج سالبة كلّيّة مثاله (٣) : كلّ ج ب ، ولا شيء من أب ، فلا شيء من ج أ ، بعكس الكبرى.
الثاني : عكس ذلك ، مثاله : لا شيء من ج ب ، وكلّ أب ، فلا شيء من ج أ ، والبيان بعكس الصغرى وجعلها كبرى وعكس النتيجة.
الثالث : من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة ، مثاله : بعض ج ب ، ولا شيء من أب فليس بعض ج أ ، والبيان بعكس الكبرى.
الرابع : من سالبة جزئيّة صغرى وموجبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة ، كقولنا : ليس كلّ ج ب ، وكلّ أب ، فليس كلّ ج أ ، والبيان بالخلف وهو ضمّ نقيض النتيجة إلى الكبرى لينتج ما يناقض الصغرى ، وهذا البيان آت (٤) في سائر الضروب.
قال :
وعدم استعمال الممكنة إلّا مع الضروريّة ودوام إحدى المقدّمتين أو كون الكبرى من القضايا الستّ.
__________________
(١) في «أ» «س» زيادة : (ضربا).
(٢) في «ف» : زيادة : (كليّة وجزئيّة).
(٣) (مثاله) ليست في «س».
(٤) (آت) ليست في «س».
أقول :
هذان شرطان بحسب الجهة :
الأوّل : عدم استعمال الممكنة إلّا مع الضروريّة لأنّه يجوز ثبوت الصفة للشيء دائما مع إمكان سلبها عنه أو سلبها دائما مع إمكان ثبوتها له ، ولا يلزم من ذلك سلب الشيء عن نفسه.
الثاني : أحد الأمرين ، وهو إمّا كون إحدى المقدّمتين دائمة أو كون الكبرى من القضايا الستّ المنعكسة حالة السلب ، أعني الضروريّة والدائمة والمشروطتين والعرفيّتين ؛ لأنّه لو لا ذلك لزم اختلاط إحدى السبع الباقية من الثلاثة عشر بعضها ببعض ، أو كون إحدى السبع كبرى وكون إحدى الوصفيّات الأربع صغرى وكلاهما عقيمان :
أمّا الأوّل : فلأنّ أخصّ اختلاطاته هو الوقتيّتان وهو عقيم ، فإنّه يصدق بالضرورة كلّ قمر منخسف وقت الحيلولة لا دائما ، وبالضرورة لا شيء من القمر بمنخسف وقت التربيع لا دائما مع كذب النتيجة السلبيّة.
وأمّا الثاني : فلأنّ أخصّ اختلاطاته هو المشروطة الخاصّة الصغرى مع الوقتيّة الكبرى وهو عقيم ، فإنّه يصدق لا شيء من المنخسف بمضيء بالضرورة ما دام منخسفا لا دائما ، وكلّ قمر مضيء بالضرورة وقت التربيع مع كذب النتيجة السلبيّة ، فالمنتج إذن من الضروب ثمانون اختلاطا.
[شروط الشكل الثالث]
قال :
وفي الثالث إيجاب الصغرى.
أقول :
يشترط في الشكل الثالث بحسب الكيف إيجاب صغراه ؛ فإنّها (١) لو كانت سالبة لم يحصل الإنتاج ، فإنّه يصدق لا شيء من الإنسان بفرس وكلّ إنسان ناطق مع أنّ الحقّ السلب. ولو (٢) قلت : وكلّ إنسان حيوان كان الحقّ الإيجاب. ولو قلت : ولا شيء من الإنسان بحمار ، كان الحقّ السلب. ولو قلت : لا شيء من الإنسان بصاهل ، كان الحقّ الإيجاب.
قال :
وفعليّتها على قول.
أقول :
من اشترط في الشكل الأوّل فعليّة الصغرى اشترطه هاهنا ؛ فإنّ الحكم بالأكبر إنّما هو على ما هو أوسط بالفعل والأصغر ليس بأوسط بالفعل فلا يلزم التعدية (٣) ، والأوائل لم يشترطوا ذلك (٤).
قال :
وكلّيّة إحداهما.
أقول :
هذا هو الشرط بحسب الكمّيّة ، وهو كون (٥) إحدى المقدّمتين كلّيّة ، لأنّهما
__________________
(١) في «د» «س» : (فإنّه).
(٢) في «ب» : (وإن).
(٣) الإشارات والتنبيهات ١ : ٢٦٩ ، شرح المطالع : ٢٦٢ ، شرح الشمسيّة : ١٥٦ ، درّة التاج : ١٣٠.
(٤) انظر المنطقيّات للفارابي ١ : ١٣٣.
(٥) في «س» : (أنّ) بدل من : (كون).
لو كانتا جزئيّتين لم يحصل الالتقاء (١) فلا يحصل النتيجة ، فإنّه يصدق : بعض الحيوان إنسان وبعضه ناطق مع صدق النتيجة الموجبة وبعض الحيوان إنسان وبعضه فرس مع كذب النتيجة الموجبة ، فالضروب المنتجة ستّة :
الأوّل : من موجبتين كلّيّتين ينتج موجبة جزئيّة كقولنا : كلّ ج ب ، وكلّ ج أ ، فبعض ب أ ، ولا يلزمه الكلّيّة لأنّه يجوز أن يكون الأوسط للأصغر نوعا ، والأكبر فصله كقولنا : كلّ إنسان حيوان ، وكلّ إنسان ناطق.
الثاني : من كلّيّتين والصغرى موجبة ينتج سالبة جزئيّة كقولنا : كلّ ج ب ، ولا شيء من ج أ ، فليس بعض ب أ.
الثالث : من موجبة جزئيّة صغرى وموجبة كلّيّة كبرى ينتج موجبة جزئيّة ، كقولنا : بعض ج ب ، وكلّ ج أ ، فبعض ب أ. والبيان في هذه الضروب بعكس الصغرى.
الرابع : من موجبة كلّيّة صغرى وموجبة جزئيّة كبرى ينتج موجبة جزئيّة كقولنا : كلّ ج ب ، وبعض ج أ ، فبعض ب أ. والبيان بعكس الكبرى وجعلها صغرى ثمّ عكس النتيجة.
الخامس : من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة كقولنا : بعض ج ب ، ولا شيء من ج أ ، فليس بعض ب أ. والبيان بعكس الصغرى.
السادس : من موجبة كلّيّة صغرى وسالبة جزئيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة ، كقولنا : كلّ ج ب ، وليس كلّ ج أ ، فليس بعض ب أ. والبيان بالخلف وهو ضمّ نقيض (٢) النتيجة إلى الصغرى لينتج ما يناقض الكبرى.
__________________
(١) في «س» : (الانتاج) ، وفي «ج» «ر» : (الاكتفاء).
(٢) في «س» : (بعض).
[شروط الشكل الرابع]
قال :
وفي الرابع اتّفاق مقدّمتيه في الإيجاب مع كلّيّة الصغرى أو اختلافهما فيه مع كلّيّة إحداهما.
أقول :
يشترط في الشكل الرابع بحسب الكمّيّة والكيفيّة أحد الأمرين : وهو إمّا اتّفاق مقدّمتيه في الإيجاب مع كون الصغرى كلّيّة أو اختلافهما بالكيف مع كلّيّة إحداهما ؛ لأنّه لو لا أحد هذين الأمرين لزم أحد الأمور الستّة ، وهي : إمّا اتفاق مقدّمتيه في الإيجاب مع جزئيّتهما ، أو مع كون الصغرى جزئيّة ، أو اتّفاقهما في السلب مع كونهما جزئيّتين أو كلّيّتين ، أو إحداهما جزئيّة والأخرى كلّيّة ، أو اختلافهما بالكيف مع كونهما جزئيّتين ، وشيء من هذه الستّة غير منتج.
أمّا الأوّل : فلأنّه يصدق بعض الحيوان إنسان وبعض الفرس حيوان مع كذب النتيجة الموجبة ، ويصدق مع الصغرى : وبعض الناطق حيوان مع كذب النتيجة السالبة.
وأمّا الثاني : فلأنّه يصدق هذا المثال بعينه والكبرى كلّيّة.
وأمّا الثالث : فلأنّه يصدق ليس كلّ حيوان بإنسان وليس كلّ حجر بحيوان مع كذب النتيجة الموجبة. ولو قيل في الكبرى : وليس كلّ جسم بحيوان لصدق الإيجاب.
وأمّا الرابع : فلأنّه يصدق لا شيء من الإنسان بفرس ولا شيء من الصاهل بإنسان مع كذب النتيجة السالبة. ولو قيل في الكبرى : ولا شيء من الحمار بإنسان لكذب الإيجاب.
وأمّا الخامس : فظاهر من ذلك لأنّه يورد إحدى المقدّمتين جزئيّة والأخرى كلّيّة.
وأمّا السادس : فلأنّه يصدق بعض الحيوان إنسان وبعض الجسم ليس بحيوان مع كذب النتيجة السالبة. ولو قيل في الكبرى : وبعض الحجر ليس بحيوان لكذب الإيجاب ويصدق بعض الحيوان ليس بإنسان وبعض الجسم حيوان مع كذب السلب (١). ولو قيل في الكبرى : بعض الفرس حيوان لكذب الإيجاب (٢).
فالمنتج من الضروب ثمانية أضرب :
الأوّل : من موجبتين كلّيّتين ينتج موجبة جزئيّة كقولنا : كلّ ج ب ، وكلّ أج ، فبعض ب أ. والبيان بعكس الترتيب ، ثمّ عكس النتيجة.
الثاني : من موجبتين والكبرى جزئيّة ينتج موجبة جزئيّة كقولنا : كلّ ج ب ، وبعض أج ، ينتج بعض (٣) ب أ. والبيان كما مرّ.
الثالث : من كلّيّتين والصغرى سالبة ينتج سالبة كلّيّة كقولنا : لا شيء من ج ب ، وكلّ أج ، فلا شيء من ب أ. والبيان كذلك.
الرابع : عكس هذا والنتيجة سالبة جزئيّة : كلّ ج ب ، ولا شيء من أج ، فليس كلّ ب أ. والبيان بعكس المقدّمتين.
الخامس : من موجبة جزئيّة صغرى وسالبة كلّيّة كبرى ينتج سالبة جزئيّة
__________________
(١) في «ب» : (ثبوت السلب).
(٢) من قوله : (ويصدق بعض الحيوان) إلى هنا لم يرد في «ج» «ر» «ف».
(٣) في «ف» : (فبعض) بدل من : (ينتج بعض).
كقولنا : بعض ج ب ، ولا شيء من أج (١) ، فليس بعض ب أ. والبيان بعكس المقدّمتين.
السادس : من صغرى سالبة جزئيّة وكبرى موجبة كلّيّة ينتج سالبة جزئيّة كقولنا : بعض ب ليس ج ، وكلّ أب ، ينتج بعض ج ليس أ ، ويشترط في هذا أن تكون الصغرى إحدى الخاصّتين والكبرى عرفيّة عامّة (٢). والبيان بعكس الصغرى ليرجع إلى الشكل الثاني.
السابع : من صغرى موجبة كلّيّة وكبرى سالبة جزئيّة ينتج سالبة جزئيّة كقولنا : كلّ ب ج ، وبعض أليس ب ، فبعض ج ليس أ ، ويشترط فيه كون الكبرى إحدى الخاصّتين والصغرى فعليّة. والبيان بعكس الكبرى ليرجع إلى الثالث.
الثامن : من صغرى سالبة كلّيّة وكبرى موجبة جزئيّة ينتج سالبة جزئيّة كقولنا : لا شيء من ب ج ، وبعض أب ، ينتج بعض ج ليس أ ، ويشترط فيه كون الصغرى إحدى الخاصّتين والكبرى عرفيّة عامّة. والبيان بتبديل إحدى المقدّمتين بالأخرى ليرجع إلى الأوّل ثمّ عكس النتيجة.
قال :
وفعليّتهما.
أقول :
يشترط في الشكل الرابع بحسب الجهة أمور ثلاثة ، لكن بعضها عامّ في سائر الضروب وبعضها خاصّ ببعض ضروبه ، فالذي هو عامّ فعليّة المقدّمتين ، فإنّ
__________________
(١) في «ف» : (أب).
(٢) (عامّة) ليست في «س».
الممكنة لا يجوز استعمالها في هذا الشكل لأنّها إمّا أن تكون سالبة أو موجبة ؛ والأوّل باطل لما يأتي (١) ، والثاني أيضا باطل لأنّها إمّا أن تقع صغرى أو كبرى ، والثاني باطل لإمكان وجود نوعين متباينين كج ود ، ولج (٢) خاصّة يمكن حصولها لد ، ولد خاصّة (٣) حصولها لج (٤) ، فيصدق كلّما صدق عليه خاصّة ج فهو ج بالضرورة ، وكلّ د فله خاصّة ج بالإمكان مع كذب قولنا بعض ج د ، والأوّل باطل ؛ لأنّه يصدق كلّما صدق عليه فصل د صدق عليه خاصّة ج بالإمكان ، وكلّما صدق عليه د صدق عليه فصله بالضرورة مع كذب قولنا : بعض ما صدق (٥) عليه خاصّة ج فهو د.
قال :
وانعكاس السالبة فيه (٦).
أقول :
هذا شرط ثان (٧) مختصّ بما يكون أحد مقدّماته (٨) سالبة وهي ثلاثة أضرب ؛ لأنّ الوقتيّة أخصّ السوالب وهي لا تنتج مع الضروريّة التي هي أخصّ البسائط فإنّه يصدق لا شيء من القمر بمنخسف وقت التربيع بالضرورة لا دائما ، وكلّ
__________________
(١) قوله : (لما يأتي) لم يرد في «س».
(٢) في «ب» : (كج).
(٣) في «ف» زيادة : (يمكن).
(٤) في «ب» : (كج).
(٥) في «ف» : (يصدق).
(٦) (فيه) لم ترد في «ف».
(٧) (ثان) ليست في «س».
(٨) في «ج» «ر» «ف» : (إحدى مقدّمتيه) ، وفي «أ» «د» : (إحدى مقدّماته).
كوكب ذي محق فهو قمر بالضرورة مع كذب السلب ، ولا ينتج مع المشروطة الخاصّة التي هي أخصّ المركّبات لأنّها لو أنتجت معها لأنتجت مع المشروطة العامّة ضرورة أنّ قيد اللادوام لا مدخل له في الإنتاج لعدم إنتاج السالبتين ، ولو أنتجت مع المشروطة العامّة لأنتجت مع الضروريّة التي هي أخصّ ووجوب استلزام الخاصّ جميع ما يلزم العامّ ، لكنّها لا تنتج مع الضروريّة لما بيّنّا ، فلا تنتج مع المشروطة الخاصّة.
وإذا لم تنتج الوقتيّة مع أخصّ البسائط ولا أخصّ المركّبات لم تنتج مع شيء من القضايا التي هي أعمّ منها ، وإذا لم تنتج الوقتيّة مع القضايا لم تنتج إحدى السبع التي لا تنعكس في السلب مع شيء من القضايا ؛ لأنّ الوقتيّة أخصّ السبع أعني الوقتيّتين والوجوديّتين والممكنتين والمطلقة العامّة ، ومتى لم تنتج الأخصّ لم ينتج الأعمّ لأنّ لازم العام لازم الخاصّ ، ومن هاهنا تبيّن أنّ الممكنة السالبة لا يجوز استعمالها في هذا الشكل لأنّها لا تنعكس.
قال :
ودوام السالبة الصغرى في الثالث أو انعكاس كبراه.
أقول :
هذا هو الشرط الثالث في هذا الشكل ، وهو مختصّ بالضرب الثالث منه أعني الذي يكون صغراه سالبة كلّيّة وكبراه موجبة كلّيّة وشرطه أحد الأمرين ، وهو إمّا دوام الصغرى أو كون الكبرى من القضايا الستّ المنعكسة السوالب ، لأنّه لو لا أحد هذين الشرطين لزم كون الصغرى إحدى الأربع والكبرى إحدى السبع ، وهو عقيم ، لأنّ أخصّ اختلاطاته المشروطة الخاصّة مع الوقتيّة ، وهي لا تنتج ، فإنّه
يصدق لا شيء من الضاحك بباك بالضرورة ما دام ضاحكا لا دائما ، وكلّ إنسان ضاحك بالضرورة الوقتيّة مع كذب السلب ، وإذا لم ينتج أخصّ الاختلاطات لم ينتج الأعمّ فهذا هو الكلام المختصر في ضوابط الأشكال وشرائطها بحسب الكمّ والكيف والجهة ، وأمّا الاستقصاء في ذلك فقد ذكرناه في كتبنا المنطقيّة (١).
[الاستقراء]
قال :
والثاني الاستقراء (٢).
أقول :
أراد بالثاني الاستدلال بالخاصّ على العامّ ويسمّى الاستقراء ، لأنّ المستقرئ يتبع جزء جزء (٣) كما يتبع القاصد القرى قرية فقرية ، وهو لا يفيد اليقين لاحتمال أن يكون بعض الجزئيّات على خلاف ما استقرأ ، فلا يلزم ثبوت الحكم الكلّيّ ، اللهمّ إلّا أن تكون الجزئيّات بأسرها محصورة فيكون حينئذ (٤) مفيدا لليقين ويسمّى هذا بالقياس المقسم (٥). مثاله : الحيوان إمّا ناطق وإمّا صامت ، وكلّ ناطق حسّاس ، وكلّ صامت حسّاس ، فكلّ حيوان حسّاس.
__________________
(١) انظر الأسرار الخفيّة في العلوم العقليّة للمصنّف : ١٢٠.
(٢) تقدّم في ص ٩٩ أنّ طرق الاستدلال ثلاثة أوّلها القياس وتقدّم تفصيله وهذا الاستقراء وبعده التمثيل.
(٣) في «ج» «ر» «ف» : (جزئيّا جزئيّا).
(٤) في «د» : (فحينئذ يكون) بتقديم وتأخير.
(٥) في «د» : (المنقسم).
وأمّا الذي لا يستوفي فيه (١) الجزئيّات فمثاله : الإنسان والفرس والحمار والجمل والثور (٢) يحرّك عند المضغ فكّها الأسفل فيكون كلّ حيوان كذلك ، وهذا غير صحيح ، فإنّ التمساح لا يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ بل الأعلى ، فقد بطل الاستقراء.
[التمثيل]
قال :
والثالث التمثيل إن كان للعام وإلّا فمن الأوّل ولا يفيدان العلم.
أقول :
الثالث : هو الاستدلال بأحد المتساويين على الآخر وهو على قسمين :
الأوّل : أن يستدلّ بثبوت الحكم للمساوي على المساوي لأجل معنى مشترك بينهما ، وهذا من قبيل القياس (٣) كما نقول : كلّ إنسان ناطق ، وكلّ ناطق ضاحك ، فالاستدلال هاهنا بثبوت الضحك للناطق يستلزم ثبوته للإنسان.
الثاني : أن يستدلّ بثبوت الحكم للجزئي على ثبوته للجزئي الآخر لأجل معنى مشترك بينهما ، وهذا هو التمثيل وهو القياس في عرف الفقهاء (٤) ، ولا بدّ فيه من أركان أربعة : الأصل والفرع والحكم والعلّة. مثاله أن تقول : السماء محدثة لأنّ
__________________
(١) قوله : (فيه) لم يرد في «د» «ر».
(٢) (والثور) لم ترد في «ف» ، وفي «ب» : (البقر).
(٣) قلت : كيف يكون من قبيل القياس ، وقد جعل القياس الاستدلال بالعام على الخاص ، وهذا ليس كذلك.
(٤) انظر الأحكام لابن حزم الأندلسي ١ : ٤٤.
البيت محدث والجامع بينهما هو التشكّل ، وهذا لا يفيد اليقين لأنّ الحكم جاز أن لا يعلّل (١) ، فإنّه لو كان كلّ حكم معلّلا لزم التسلسل ، ولو سلّم أنّه يعلّل (٢) لكن لم لا يجوز أن يكون العلّة غير ما ذكر (٣) ، والسبر والتقسيم والدوران ضعيفان لا يفيدان اليقين ، ولو سلّم أنّ العلّة ما ذكر ، ولكن يجوز أن يكون في الأصل شرط مفقود في الفرع أو أن يكون (٤) في الفرع مانع.
__________________
(١) في «أ» «ف» : (معلّل).
(٢) في «أ» «ف» : (معلّل).
(٣) في «ف» : (ذكرنا).
(٤) في «ب» : (أو يكون) ، وفي «ج» «ف» : (وأن يكون).