كتاب القضاء والقدر

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي

كتاب القضاء والقدر

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي


المحقق: محمّد بن عبدالله آل عامر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة العبيكان
الطبعة: ١
ISBN: 9960-20-621-1
الصفحات: ٤٤٥

عرفة ، نا إسماعيل بن علية ، عن مخروم ، عن سيار قال : قال عمر بن عبد العزيز ـ في أصحاب القدر ـ : يستتابون فإن تابوا وإلّا نفوا من ديار / المسلمين.

٥٤٤ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو منصور النصروي ، نا أحمد بن نجدة ، نا سعيد بن منصور قال : نا حمّاد بن زيد ، عن أبي مخزوم النهشلي ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ، فمن أحسن فليحمد الله ، ومن أساء فليستغفر الله ، فإن عاد فليستغفر الله ، فإنّه لا بد لأقوام أن يعملوا أعمالا كتبها الله عليهم ، ووضعها في رقابهم.

٥٤٥ ـ أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو عبد الله الصفّار ، نا أحمد بن محمّد البرتي ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا الحارث بن عبيد ـ أبو قدامة الأيادي ـ نا مطر الوراق ، عن رجاء بن حياة ، قال : قال عمر ابن عبد العزيز لمكحول : إيّاك أن تقول في القدر ما يقول هؤلاء ـ يعني غيلان وأصحابه ـ.

٥٤٦ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر القطّان ، نا أحمد بن يوسف ، نا محمّد بن يوسف ، قال : ذكر سفيان ، عن ثور ، عن خالد ابن معدان قال : ما من عبد إلّا له عينان في وجهه يبصر بهما أمر الدنيا ، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر الآخرة ، فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللذين في قلبه ، فأبصر بهما ما وعد بالغيب ، فآمن الغيب بالغيب ، وإذا أراد الله بعبد غير ذلك تركه على ما فيه ثمّ قرأ : (عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (١).

٥٤٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا حسين بن علي ، عن سفيان بن عيينة ، عن مسعر ، عن موسى بن أبي كثير ـ أبي الصباح ـ قال : الكلام في القدر أبو جاد الزندقة.

__________________

(١) سورة محمد ، الآية رقم (٢٤).

٣٢١

٥٤٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا العبّاس بن الوليد بن صبح ، نا عبيد بن أبي السائب قال : حدثني أبي قال : قال لي رجاء بن حياة : إذا أتيت بلال بن سعد فقل له : إنّ رجاء بعثني إليك وقد كره / أن يقرأ عليك السلام ويقول : اللهم إنّه بلغني أنك تتكلم بكلام من كلام المكذبين بمقادير الله ـ عزوجل ـ فإن كان وقع ذلك في نفسك فقد وقع في نفسك شر ، وإن يك ذلك زيغا أو خطأ فراجع من قريب ، حتى يعلم المكذبون بمقادير الله أن قد فارقتهم وتركت ما هم عليه.

٥٤٩ ـ قال : وحدّثنا العبّاس ، نا مروان بن محمّد قال : حدّثني سعيد بن عبد العزيز قال : رمي بلال بن سعد بالقدر ، فأصبح فتكلم في قصصه فقال : رب مسرور مغبون ، والويل لمن له الويل ولا يشعر ، يأكل ويشرب وقد حق عليه في علم الله أنّه من أهل النّار ، أو نحوه.

٥٥٠ ـ أخبرنا أبو الحسين محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان ـ ببغداد ـ أنا أبو سهل بن زياد القطّان ، نا عبد الله بن روح ، نا شبابة بن سوار ، نا الحكم بن عمر الرعينيّ قال : أرسلني خالد بن عبد الله إلى قتادة وهو بالحيرة أسأله عن مسائل فكان فيما سألت قلت : أخبرني عن قول الله ـ عزوجل ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (١) هم مشركو العرب؟ قال : لا ؛ ولكنهم الزنادقة المنانية الذين يجعلون لله شريكا في خلقه ، قالوا : إنّ الله يخلق الخير ، وإن الشيطان يخلق الشر ، وليس لله على الشيطان قدرة.

٥٥١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا محمّد بن يونس ، نا سعيد بن عامر ، أنا جويرية بن أسماء ، عن سعيد بن أبي عروبة قال : سألت قتادة عن القدر قال : تسألني عن رأي العرب والعجم ، إنّ العرب في جاهليتها وإسلامها كانت تثبت القدر ، وأنشدني في ذلك بيت شعر :

__________________

(١) سورة الحج ، الآية رقم (١٧).

٣٢٢

ما كان [قطعي هول] (١) كل تنوفه

إلّا في كتاب قد خلا مسطور

٥٥٢ ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ـ ببغداد ـ أنا إسماعيل / بن محمّد الصفّار نا أحمد بن منصور ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر قال : كان ابن طاوس جالسا فجاء رجل من المعتزلة فجعل يتكلم قال : فأدخل ابن طاوس إصبعيه في أذنيه ، وقال لابنه : أي بني أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد ولا تسمع من كلامه شيئا. قال معمر : يعني إنّ القلب ضعيف.

قال : ونا عبد الرزاق قال : قال لي إبراهيم بن أبي يحيى : إنّي أرى المعتزلة عندكم كثير! قال : قلت : نعم ، وهم يزعمون أنّك منهم ، قال : أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك ، قلت : لا ، قال : لم قلت : لأنّ القلب ضعيف ، وإن الدين ليس لمن غلب.

٥٥٣ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ـ ببغداد ـ أخبرنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا سعيد يعني ـ ابن أسد ـ نا ضمرة ، عن الشيباني قال : قال لي الأوزاعي : يا أبا زرعة! هلك عبادنا وخيارنا في هذا الرأي ـ يعني القدر.

٥٥٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ ـ بالكوفة ـ نا أبو عبد الرحمن بن إبراهيم القماط ، نا أبو سعيد الأشج ، نا الحكم بن سليمان الكندي قال : سمعت الأوزاعي وسئل عن القدرية فقال : لا تجالسوهم ، قيل : أرأيت إن كانوا معنا في قرية أو مدينة ، فدعونا إلى طعام قال : أجبهم ولا تأكل.

٥٥٥ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان قال : سمعت ابن بكير يحدث عن الليث ، عن عبيد الله بن عمر قال : تلا يحيى بن سعيد هذه الآية يوما : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢) فقال جميل بن نباتة

__________________

(١) في الأصل [ما كان يطغى غول ...] والصواب ما أثبت انظر : «العقد الفريد» لابن عبد ربه (٢ / ٣٨٠).

(٢) سورة الحجر ، الآية رقم (٢١).

٣٢٣

العراقي : يا أبا سعيد ، أرأيت السحر من خزائن الله التي تنزل؟ فقال يحيى : مه ما هذا من مسائل المسلمين وأفحم القوم ، فقال عبد الله بن أبي حبيبة : إنّ أبا سعيد ليس من أصحاب الخصومة ، إنّما هو إمام من أئمة المسلمين ، ولكن عليّ فأقبل ، أمّا أنا فأقول : إنّ السحر لا يضر إلّا بإذن / الله ، فتقول أنت غير ذلك؟ قال : فسكت ولم يقل شيئا ، فأذله عبد الله ، فكأنّما كان علينا جبل فوضع عنا.

٥٥٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ : أنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الأسدي ـ بهمذان ـ نا إبراهيم بن الحسين ، نا إسحاق بن محمّد الفروي قال : سمعت مالكا يقول : كان عدة من أهل الفضل والصلاح قد ضللهم غيلان بن عبد الله.

قال وسئل مالك عن تزويج القدري فقال : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) (١).

٥٥٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعيّ ، نا إبراهيم بن محمود بن حمزة قال : سمعت يونس ابن عبد الأعلى يقول : سمعت أشهب بن عبد العزيز يقول : قال مالك ابن أنس : القدرية لا تناكحوهم ، ولا تصلوا خلفهم ، ولا تحملوا عنهم الحديث ، وإن رأيتموهم في ثغر فأخرجوهم عنها.

٥٥٨ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو العبّاس الضبعي ، نا الحسن بن علي بن زياد ، نا عبد العزيز بن عبد الله ، نا مالك قال : ما أضل من كذب بالقدر ، لو لم يكن عليهم حجة إلّا قول نوح (خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٢) لكفى بها حجة.

٥٥٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني أبو بكر بن إسحاق ، أنا الحسن بن علي بن زياد ، نا أحمد بن يونس ، قال : سمعت رجلا يقول لسفيان الثوري : إنّ لنا إماما قدريا قال : لا تقدموه. قال : ليس لنا إمام غيره ، قال : لا تقدموه.

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٢١).

(٢) سورة التغابن ، الآية رقم (٢).

٣٢٤

٥٦٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الله قال : حدثني أبو محمّد الحسن بن إبراهيم الفارسيّ ، نا الحسين بن مردويه الفارسيّ ، نا هلال بن العلاء الرقي ، نا إدريس بن موسى [المنبجي] ، نا أبي ، عن جدي [قال] (١) جاءت جارية برقعة مختومة دفعتها إلى سفيان يعني الثوري ففضها وقرأها ، فإذا فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، من داود بن يزيد الأودي إلى سفيان بن سعيد الثوري ، ما تقول في ربّ قدير قدر عليّ وقدر على إرشادي وإصلاحي / وعصمتي وتوفيقي فمنعني من ذلك بقدرته وحجبني بقوته ، وقد عزم علي أن يعذبني بالنّار ، جار علي أم عدل؟ فكتب سفيان : بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام على من اتبع الهدى ، وأقر بأن محمّدا رسول رب العلى ، إن يكن الإيمان والإرشاد والإصلاح والعصمة والتوفيق حقّا لك على الله لازما ، ودينا واجبا ، فمنعك بقدرته ، وحجبك بقوته ، ما هو لك عليه ، وقد عزم على أن يعذبك بالنّار ، قلنا : إنّه جار عليك ، ولم يعدل ، ومن المحال أن يجور الله على أحد من خلقه ، أو لا يعدل عليه ، وإن يكن ذلك كلّه فضلا من الله ، فالله يؤتي فضله من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ، فإن يكن هاهنا حجة أدحضناها بالحق ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. قال : فكتب إليه داود تائبا إلى الله مما كان عليه مقيما ، وأنّه فوض الأمور كلها إلى ربّ العالمين.

٥٦١ ـ حدثنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، نا أبو الطيب المظفر بن سهل الحليلي ، نا إسحاق بن أيوب ، عن أبيه أيوب بن حسّان قال : سأل رجل ابن عيينة عن القدرية فقال : يا ابن أخي ، قالت القدرية ما لم يقل الله ـ عزوجل ـ ولا الملائكة ، ولا النبيون ، ولا أهل الجنّة ، ولا أهل النّار ولا ما قال أخوهم إبليس ، قال الله ـ عزوجل ـ : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢) وقالت الملائكة : (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) (٣) وقال النبيون : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ

__________________

(١) في الأصل [قالت] والصحيح ما أثبت.

(٢) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٩).

(٣) سورة البقرة ، الآية رقم (٣٢).

٣٢٥

يَشاءَ) (١) وقال أهل الجنّة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) (٢) وقال أهل النّار : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (٣) وقال أخوهم إبليس (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) (٤).

٥٦٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا محمّد بن إسحاق الصغاني ، نا أحمد الطرسوسي ، نا يحيى ابن زكريا قال : كنت عند سفيان بن عيينة فقال له رجل : إنّا / وجدنا خمسة أصناف من الناس قد كفروا ولم يؤمنوا قال : من هم؟ قال الجهمية والقدرية والمرجئة والرافضة والنصارى قال : كيف؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (٥) قالت الجهمية : لا ليس كما قلت ، بل خلقت كلاما ، قال : فكفروا وردوا على الله ـ عزوجل ـ ، وقال الله : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٦) قالت القدرية : لا ليس كما قلت الشر من الشيء وليس مما خلقته ، فكفروا وردوا على الله ، وقال الله : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٧) قالت المرجئة : ليس كما قلت ، بل هم سواء ، فكفروا وردوا على الله ، وقال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ : إنّ خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر. قالت الرافضة : لا ليس كما قلت ، بل أنت خير منهما ، قال : فكفروا وردوا عليه ، وقال عيسى بن مريم ـ عليه‌السلام ـ : أنا عبد الله ورسوله. قالت النصارى : ليس كما قلت بل أنت هو ، قال : فكفروا وردوا عليه. قال : سفيان اكتبوه اكتبوه.

٥٦٣ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمويه العسكري ، نا عبد الكبير بن محمّد بن عبيد الله بن

__________________

(١) في الأصل (ما كان لنا أن نعود في ملتكم إلا أن يشاء الله).

(٢) سورة الأعراف ، الآية رقم (٣).

(٣) سورة المؤمنون ، الآية رقم (١٠٦).

(٤) سورة الحجر ، الآية رقم (٣٩).

(٥) سورة النساء ، الآية رقم (١٦٤).

(٦) سورة القمر ، الآية رقم (٤٨ ، ٤٩).

(٧) سورة الجاثية ، الآية رقم (٢١).

٣٢٦

جعفر بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك الأنصاري ـ بحلب ـ نا أبو يوسف البغدادي قال : جاء رجل إلى سفيان بن عيينة فقال : إنّ هاهنا رجلا يكذب بالقدر قال : كذب عدو الله وما يقول ، لقد سمعت أعرابيا بالموقف ، وهو أفقه يقول : اللهم إليك خرجت وأنت أخرجتني ، وعليك قدمت ، وأنت أقدمتني ، أطيعك بأمرك ولك المنّة عليّ ، وأعصيك بعلمك ولك الحجة عليّ ، فأنا أسألك بواجب حجتك وانقطاع حجتي إلّا رددتني بذنب مغفور.

٥٦٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا بكر محمّد بن جعفر البستي ، يقول : حدّثنا أبو العباس أحمد بن سعيد بن / مسعود المروزي ـ بنيسابور ـ حدثنا سعد بن معاذ ، حدثنا إبراهيم بن رستم ، قال : سمعت أبا عصمة نوح بن أبي مريم سألت أبا حنيفة : من أهل الجماعة؟ قال : من فضّل أبا بكر وعمر وأحب عليّا وعثمان ، وآمن بالقدر خيره وشره من الله ، ومسح على الخفين ، ولم يكفر مؤمنا بذنب ، ولم يتكلم في الله بشيء.

٥٦٥ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، نا أحمد بن سلمان ، نا عبد الله بن أحمد ، نا الوليد بن شجاع ، نا علي بن الحسن بن شقيق قال : قلت لعبد الله بن المبارك : سمعت من عمرو بن عبيد؟ فقال : هكذا بيده ـ أي كثرة ـ قلت : فلم لا تسميه؟ وأنت تسمي غيره من القدرية؟ قال : لأنّ هذا كان رأسا.

٥٦٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله العدل ـ بمرو ـ قال : نا أبو رجاء محمّد بن حمدويه السخي ، نا أحمد ابن علي قال : سمعت أبا روح يقول : قال ابن المبارك : إنّ البصراء لا يأمنون من أربع خصال : ذنب قد مضى لا يدرى ما يصنع الرب ، وعمر قد بقي لا يدرى ما ذا فيه من الهلكات ، وفضل قد أعطي لعله مكر واستدراج ، وضلالة قد زينت له فيراها هدى ، ومن زيغ القلب ساعة ـ أسرع من طرفة عين ـ [ف] قد يسلب دينه وهو لا يشعر.

٥٦٧ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو بكر محمّد بن أحمد

٣٢٧

ابن بالويه ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني الحسن بن عيسى [حدّثنا حمّاد بن قيراط] (١) قال : سمعت إبراهيم بن طهمان يقول : الجهمية والقدرية كفّار.

٥٦٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الله بن محمّد بن حيان القاضي ، نا محمّد بن عبد الرحمن بن زياد ، أنا أبو يحيى الساجي ـ أو وفيما أجاز لي مشافهة ـ نا الربيع قال : سمعت الشافعي ـ رحمه‌الله ـ يقول : لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله ـ عزوجل ـ خير من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء.

وذلك أنّه رأى قوما يتجادلون في القدر بين يديه فقال الشافعي : في كتاب الله المشيئة له دون خلقه والمشيئة / إرادة الله يقول الله ـ عزوجل ـ : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٢) فأعلم خلقه أنّ المشيئة له ، وكان يثبت القدر.

٥٦٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : حدّثني الزبير بن عبد الواحد الحافظ ، نا أبو أحمد حامد بن عبد الله المروزي ، نا عمران بن فضالة ، نا الربيع بن سليمان قال : سئل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول : [ح] (٣).

٥٧٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلميّ قال : سمعت أحمد بن محمّد بن مقسم يقول : أخبرني بعض أصحابنا يقول : أخبرني المزني قال : دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه فأنشدني لنفسه :

ما شئت كان وإن لم أشأ

وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد على ما علمت

ففي العلم يجري الفتى والمسن

فمنهم شقي ومنهم سعيد

ومنهم قبيح ومنهم حسن

على ذا مننت وهذا خذلت

وهذا أعنت وذا لم تعن

__________________

(١) ساقطة من الأصل ، والاستدراك من «السّنّة» لعبد الله بن أحمد بن حنبل (٢ / ٣٨٦) رقم الأثر ٨٤٠.

(٢) سورة الإنسان ، الآية رقم (٢٩).

(٣) ليست في الأصل ، وإنّما أثبتها جريا على عادة المصنف.

٣٢٨

وفي رواية الربيع قدّم البيت الرابع على البيت الثالث ، ورويناه بإسناد آخر عن الربيع ، عن الشافعي في كتاب «الأسماء والصفات».

٥٧١ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر ، قال : أنشدني محمّد بن أحمد بن حاصر قال : أنشدني أبو علي الهمذاني قال : أنشدنا أبو يعلى الموصلي قال : أنشدونا للشافعيّ :

قدر الله واقع حيث يقضي وروده

قد قضى فيك حكمه وانقضى ما يريده

فأرد ما يكون إن لم يكن ما تريده

٥٧٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو الحسن محمّد بن عبد الله الجوهري قال : سمعت أبا بكر محمّد بن إسحاق يقول : سمعت أبا عبد الله محمّد بن يحيى يقول : السنة عندنا أنّ الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، وهو قول أئمتنا مالك بن أنس ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وسفيان بن / سعيد الثوري ، وسفيان بن عيينة الهلالي ، وأن الأعمال والفرائض وأعمال الجوارح في طاعة الله أجمع من الإيمان ، وأنّ القدر خيره وشره من الله ـ عزوجل ـ ، وقد جف القلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، علم الله من العباد ما هم عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، وأمرهم ونهاهم فمن لزم أمر الله ـ عزوجل ـ وآثر طاعته فبتوفيق الله ، ومن ترك أمر الله وركب معاصيه فبخذلان الله إياه ، ومن زعم أنّ الاستطاعة قبل العمل بالجوارح إليه إن شاء عمل وإن شاء لم يعمل فقد كذّب بالقدر ، وردّ كتاب الله نصا ، وزعم أنّه مستطيع لما لم يرده الله ونحن نبرأ إلى الله ـ عزوجل ـ من هذا القول ، ولكن نقول الاستطاعة في العبد مع الفعل فإذا عمل عملا بالجوارح من بر أو فجور علمنا أنّه كان مستطيعا للفعل الذي فعل ، فأمّا قبل أن يفعله فإنّا لا ندري لعله يريد أمرا ، فيحال بينه وبين ذلك ، والله تبارك وتعالى مريد لتكوين أعمال الخلق ، ومن ادّعى خلاف ما ذكرنا فقد وصف الله بالعجز وهلك في الدارين ، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق به خلق الخلق وكوّن الأشياء قال الله في محكم كتابه :

٣٢٩

أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) ففصل الأمر من الخلق ، فبأمره خلق الخلق قال : كن فكان ، وكلامه من أمره ليس بمخلوق ، وأن الله يرى في الآخرة بالأبصار يراه أهل الجنّة ، بهذا ندين الله بصدق نية عليه نحيا ونموت ـ إن شاء الله ـ وأنّ خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم المقدّم في التفضيل أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ علي.

٥٧٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا يعلى حمزة ابن محمّد العلوي النهدي يقول : سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن محمّد بن القاسم الحسني ـ وما رأيت علويا أفضل منه زهدا وعبادة ـ يقول : المعتزلة قعدة الخوارج / عجزوا عن قتال الناس بالسيوف فقعدوا للناس يقاتلونهم بألسنتهم أو يجاهدونهم ـ أو كما قال ـ.

٣٣٠

باب

قول الله ـ عزوجل ـ :

(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ

وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ

فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً ما أَصابَكَ مِنْ

حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (١)

وقوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٢) وغير ذلك من آيات تحتج بها القدرية.

٥٧٤ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى ، أنا أبو الحسن الطرائفي ، نا عثمان بن سعيد ، نا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يقول : الحسنة والسيئة من عند الله يقول : أمّا الحسنة فأنعم الله بها عليك ، وأمّا السيئة فابتلاك الله بها ، وفي قوله : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (٣) قال : الحسنة ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصابك (٤) من الغنيمة والفتح ، والسيئة ما أصابك (٥) يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت رباعيته.

٥٧٥ ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار

__________________

(١) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨ ، ٧٩).

(٢) سورة الذاريات ، الآية رقم (٥٦).

(٣) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٤) في «جامع البيان» لابن جرير [أصابه] (٥ / ١٧٥).

(٥) في «جامع البيان» لابن جرير [أصابه] (٥ / ١٧٥).

٣٣١

السكري ـ ببغداد ـ أنا إسماعيل بن محمّد الصفّار ، نا أحمد بن منصور ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه في قوله ـ عزوجل ـ : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (١) وأنا قدرتها عليك.

وروى عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه عن ابن عباس وزاد فقال : وكذلك هي في قراءة ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب.

٥٧٦ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو منصور النصروي ، نا أحمد بن نجدة ، نا سعيد بن منصور ، نا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (٢) / قال : فبذنبك وأنا قدّرتها عليك.

قال الشيخ : يعني والله قاضيها وقادرها لقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٣) وهي جزاء لمن أصابه ذلك بكسب جناه على نفسه كقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٤).

٥٧٧ ـ أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإمام ، أنا عبد الخالق بن الحسن ، نا عبد الله بن ثابت بن يعقوب قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) (٥) يعني : نعمة ببدر ، وهي الفتح والغنيمة يقولون : هذه الحسنة من عند الله أعطانا وابتدأنا بها لا نحمد عليها محمّدا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) (٦) يعني : بلية ، وهي القتل والهزيمة يوم أحد يقولون : هذه من عندك يا محمّد أنت حملتنا على هذا وفي سببك كان هذا قال الله ـ عزوجل ـ لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (قُلْ كُلٌ) يعني : الرخاء والشدة ، والسيئة والحسنة ، من عند الله (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) يعني : المنافقين (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٧) لأنّ الشدة والرخاء والسيئة والحسنة من الله ، ألا تسمعون إلى ما كذّبهم

__________________

(١) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٢) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٣) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨).

(٤) سورة الشورى ، الآية رقم (٣٠).

(٥) سورة النساء ، الآية رقم : (٧٨).

(٦) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨).

(٧) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨).

٣٣٢

ربهم ـ يعني عبد الله بن أبي ـ فقال الله لنبيه : ـ عليه‌السلام ـ : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ) (١) يعني : نعمة ، يعني : الفتح والغنيمة يوم بدر (فَمِنَ اللهِ) كان الله أعطاك ذلك (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) (٢) يعني : البلاء من القتل والهزيمة يوم أحد (فَمِنْ نَفْسِكَ) يعني فبذنبك بتركك المركز.

٥٧٨ ـ وقال الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب المفسّر ـ وأكثر ظني أني سمعته يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم ، يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الحسين بن الفضل يقول : الحسنات والسيئات في هذه الآية ممسوسات لا ماسّات ، وهي النعماء والرخاء والشدة والبلاء ، كما قال : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ) (٣) لا الطاعات والمعاصي كما يقولها أهل القدر ، ولو كان كما قالوا لقال : ما أصبت ، ولم يقل (ما أَصابَكَ) ؛ لأن / العادة جرت بقول الناس أصابني بلاء ومكروه ، وأصابني فرح ومحبوب ، ولا تكاد تسمع أصابني الصلاة والزكاة والطاعة والمعصية ، ومن لم يفرّق بين الماسّة والممسوسة لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله عزوجل.

قال أبو القاسم : وسمعت أبا بكر بن عبدش يقول : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٤) ، أي يقولون : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (٥).

قال الشيخ : وفيما مضى من الأقوال كفاية.

٥٧٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : حدّثني عبد الله بن سعد ، نا أبو جعفر محمّد بن الحسن الأصبهاني ، نا أسيد بن عاصم الأصبهاني ، نا مؤمل ، نا سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم ، في هذه الآية : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٦) قال : ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة.

__________________

(١) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٢) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٦٨).

(٤) سورة النساء ، الآية رقم (٧٨).

(٥) سورة النساء ، الآية رقم (٧٩).

(٦) سورة الذاريات ، الآية رقم (٥٦).

٣٣٣

تابعه عبد الله بن الوليد ، عن سفيان.

٥٨٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، أنا العبّاس بن الوليد ، قال : أخبرني محمد بن شعيب ، أخبرني محمد بن صهيب أنّه سأل بعض علماء أهل الجزيرة بأرمينية عن قول الله ـ عزوجل ـ : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١) فأخبره عن بعض علماء الجزيرة أنّه كان يقول : هذه خاصة ولم يعم ، كقوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) (٢) (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (٣) قال : فهذه خاصة وقد قال : جميعا. قال ابن شعيب : فلقيت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، فسألته عن قول الله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٤) وأخبرته بقول ابن صهيب عن الجزري فقال : هو كذلك ، إنّ الله ربما ذكر الواحد وهو لجميع الناس ، وربما ذكر الناس وهو واحد ، يقول الله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) (٥) وإنّما قال لهم ذلك رجل واحد وقال : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦) فهذا لجميع الناس وإنّما قال : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) وسمعت بعض أهل العلم / يقول : معناه إلّا لآمرهم بعبادتي ، ثمّ إنّه ـ أيضا ـ على خاص فإنّ المجانين والصبيان خارجون عن ذلك والله أعلم.

٥٨١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، نا إبراهيم بن الحسين نا آدم بن [أبي] (٧) إياس ، نا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (٨) قال : يقول أتقن كل شيء خلقه.

__________________

(١) سورة الذاريات ، الآية رقم (٥٦).

(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٢٨).

(٣) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٣٠).

(٤) سورة الذاريات ، الآية رقم (٥٦).

(٥) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٧٣).

(٦) سورة الانفطار ، الآية رقم (٦).

(٧) ساقطة من الأصل والإثبات من مصادر ترجمته انظر : «تهذيب الكمال» (٢ / ٣٠١).

(٨) سورة السجدة ، الآية رقم (٧).

٣٣٤

٥٨٢ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو الحسن محمد بن الحسن السرّاج ، نا عبد الله بن غنام بن حفص بن غياث ، نا علي بن حكيم ، نا شريك ، عن سالم ، عن سعيد ـ هو ابن جبير ـ : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (١) قال : أما إنّ القرد أو أست القرد ليس بأحسنه ، ولكنه أحكم خلقه.

٥٨٣ ـ أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، أنا عبد الخالق بن الحسن ، نا عبد الله بن ثابت قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل في قوله : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (٢) يعني علم كيف يخلق الأشياء من غير أن يعلمه أحد ، وقوله : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) (٣) يقول : إلا لأمر هو كائن (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٤) من أهل مكة أنّهما خلقا لغير شيء (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٥) قال : ولما أنزل الله في نون والقلم (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٦) قال كفار قريش للمؤمنين : إنّا نعطى في الآخرة من الخير ما تعطون فأنزل الله : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٧) يقول : أنجعل هؤلاء كالمفسدين في الأرض بالمعاصي ، ثمّ قال : (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٨) وقوله : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) (٩) يقول : لم يخلقهما باطلا لغير شيء وقوله : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ) (١٠) في يومين (طِباقاً) بعضها فوق بعض ، بين كل سماءين مسيرة خمسمائة سنة (١١) وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة سنة (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (١٢) يقول : ما يرى ابن آدم في خلق السموات من خلل ، يعني من عيب (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) يقول : أعد (١٣) / البصر الثانية إلى السموات (هَلْ

__________________

(١) سورة السجدة ، الآية رقم (٧).

(٢) سورة السجدة ، الآية رقم (٧).

(٣) سورة ص ، الآية رقم (٢٧).

(٤) سورة ص ، الآية رقم (٢٧).

(٥) سورة ص ، الآية رقم (٢٧).

(٦) سورة القلم ، الآية رقم (٣٤).

(٧) سورة ص ، الآية رقم (٢٨).

(٨) سورة الأنعام ، الآية رقم (٧٣).

(٩) سورة الملك ، الآية رقم (٣).

(١٠) سورة الملك ، الآية رقم (٤).

(١١) في الأصل [عام سنة] وكلاها جاءت بها الروايات ، وهما بمعنى واحد.

(١٢) سورة الملك ، الآية رقم (٤).

(١٣) في الأصل : «أعدل» وهو خطأ.

٣٣٥

تَرى) يا ابن آدم في السموات (مِنْ فُطُورٍ) يعني من فروج (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) يقول : أعد البصر الثانية (يَنْقَلِبْ) يعني يرجع (إِلَيْكَ) يا ابن آدم (الْبَصَرُ خاسِئاً) يعني إذا اشتد البصر يقع الماء في العين فهذا معنى قوله (خاسِئاً) يعني صاغرا (وَهُوَ حَسِيرٌ) يعني كالّ منقطع لا ترى فيها عيبا ولا فطورا.

٥٨٤ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالا : أنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا العبّاس بن محمد ، نا محمد بن الصلت ، نا بشر بن عمارة ، نا أبو [روق] (١) ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله ـ عزوجل ـ : و (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (٢) يقول : من تشقق (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) أيها الكافر (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) هل ترى من تشقق قال : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) يقول : كليل والكليل الضعيف.

٥٨٥ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أنا أبو الحسن الطرائفي ، نا عثمان بن سعيد ، نا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) (٣) يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، فيقولوا : لا إله إلّا الله ، ثمّ قال : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٤) وهم عباده المخلصون الذين قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (٥) فألزمهم شهادة أن لا إله إلّا الله وحببها إليهم.

وفي قوله : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (٦) يقول : بيّنا لهم.

وفي قوله : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (٧) يقول : أمر.

__________________

(١) في الأصل [روهي] وهو خطأ والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته ، وهو عطية بن الحارث الهمداني الكوفي ، صاحب التفسير ، انظر : «تهذيب التهذيب» (٧ / ٢٢٤).

(٢) سورة الملك ، الآية رقم (٤).

(٣) سورة الزمر ، الآية رقم (٧).

(٤) سورة الزمر ، الآية رقم (٧).

(٥) سورة الحجر ، الآية رقم (٤٢) ، وسورة الإسراء الآية رقم (٦٥).

(٦) سورة فصلت ، الآية رقم (١٧).

(٧) سورة الإسراء ، الآية رقم (٢٣).

٣٣٦

باب

بيان معنى قوله خلقت عبادي حنفاء ، وقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«كل مولود يولد على الفطرة» والحكم في الأطفال

٥٨٦ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك ـ رحمه‌الله ـ أنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود الطيالسي ، نا هشام عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عياض بن حمار المجاشعي أنّ النبيّ / صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذات يوم في خطبته : «ألا إن ربي ـ أو إنّ ربي ـ أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا ، كل ما نحلت حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلّهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم [أن يشركوا] (١) بي ما لم أنزل به سلطانا ، وإن الله ـ عزوجل ـ نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلّا بقايا من أهل الكتاب ، فقال : يا محمد : إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك ، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان ، وإن الله أمرني أن أحرق قريشا ، فقلت : رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة ، فقال : استخرجهم كما أخرجوك ، وأعزهم نعزك ، وأنفق فسننفق عليك ، وابعث جيشا نبعث خمسة أمثاله ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. وقال : أهل الجنّة ثلاثة : ذو سلطان مقتصد متصدق موفق ، ورجل رحيم رقيق القلب لكل قربى ومسلم ، وفقير عفيف متصدق ، وأهل النّار خمسة : الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبع لا يتبعون أهلا ولا مالا ، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلّا وهو يخادعك عن أهلك ومالك. وذكر البخيل والكذب والشّنظير الفاحش.

__________________

(١) في الأصل [أن لا يشركوا] والتصحيح من «صحيح مسلم» (٤ / ٢١٩٧).

٣٣٧

أخرجه مسلم في «الصحيح» من وجهين [آخرين] (١) عن هشام الدستوائي ، ومن حديث ابن أبي عروبة ومطر الوراق ، عن قتادة (٢).

٥٨٧ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو عبد الله بن يعقوب ، نا أحمد بن سلمة وعبد الله بن محمد قالا : نا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، نا يحيى بن سعيد قال هشام ـ صاحب الدستوائي ـ حدّثنا قال : نا قتادة ، عن مطرف ، عن عياض بن حمار أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب ذات يوم.

فذكر الحديث بمعناه إلّا أنّه قال : «كل مال نحلته عبدي حلال» وقال في آخره ، ثمّ قال يحيى : [قال] (٣) شعبة ، عن قتادة قال : / سمعت مطرف بن [عبد الله] (٤) في هذا الحديث.

أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن بشر (٥) وأما همام بن يحيى فإنّه زعم أن قتادة لم يسمعه من مطرف.

٥٨٨ ـ أخبرنا أبو بكر بن فورك ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود قال : فحدثنا همام قال : كنّا عند قتادة فذكرنا هذا الحديث فقال يونس الهدادي وما كان فينا أحد أحفظ منه : إنّ قتادة لم يسمع هذا الحديث من مطرف ، قال : فعبنا ذلك عليه قال : فسلوه قال فهبناه ، فجاء أعرابي ، فقلنا للأعرابي : سل قتادة عن خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حديث عياض بن حمار أسمعه من مطرف [فقال] (٦) الأعرابي : يا أبا الخطاب أخبرني عن خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يعني حديث عياض ـ أسمعته من مطرف؟ فغضب فقال : حدثنيه ثلاثة عنه ، حدثنيه

__________________

(١) في الأصل [آخر] والصحيح ما أثبت.

(٢) كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها (٤ / ٢١٩٧ ، ٢١٩٨).

(٣) ساقطة من الأصل.

(٤) في الأصل [يحيى] وهو خطأ ، كما في مصادر ترجمته ، انظر : «تهذيب الكمال» (٢٨ / ٦٧).

(٥) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٤ / ٢١٩٨).

(٦) ساقطة من الأصل وهي مثبتة من «مسند الطيالسي» (ص ١٤٦).

٣٣٨

أخوه يزيد بن عبد الله بن الشخير ، وحدثنيه العلاء بن زياد العدوي عنه ، وذكر ثالثا لم يحفظه همام.

٥٨٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه قال : ليس هذا الحديث مخالفا لشيء من الأخبار التي تقدمت وذلك أنّ الحنيف في اللغة : الاستواء والاستقامة ، ولذلك قيل للأحنف : أحنف تبركا به على الضد ، كما قيل للديغ : سليم ، وللمهلكة : مفازة ، والأسود : كافور ، وإذا كان الحنيف في اللغة الاستواء ثمّ قال : «خلقت عبادي حنفاء» صح أنّه يقول : خلقت عبادي أصحاء مستويين فجاءتهم الشياطين ، فاجتالتهم عن دينهم ، أي عن دينهم الذي كنت علمته وقدرته وكتبت أنّهم يتركونه في ذلك الوقت ، وإذا كان هذا هكذا صح أنّه موافق لكل ما تقدم من الأخبار.

قال : وقد اختلف العلماء في الحنيف ، فقال مجاهد : الحنيف المتبع ، وقال الحسن والسدي والضحاك : حجاج ، وقال خصيف : مخلص.

قال : ومن الدليل على أن الحنيف ليس بإسلام قوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنْ كانَ / حَنِيفاً مُسْلِماً) (١) ففرق بين الحنيف والمسلم ، فإن قيل :

فقد روي عن محمد بن إسحاق ، عن ثور بن زيد ، عن يحيى بن جابر ، عن عبد الرحمن بن عائذ ، عن عياض بن حمار أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «خلقت آدم وبنيه حنفاء مسلمين».

يقال له : هذا خبر فيه نظر ؛ لأنّ شعبة وسعيدا وهشاما وهماما ومعمرا رووا هذا الخبر خلاف ما رواه محمد بن إسحاق ، مع أنّ محمد بن إسحاق كان يؤدي الأخبار على المعاني ، ثمّ لو صح خبره ولم يخالفه قتادة والحسن لكان لا يجوز ترك جملة الأخبار التي تقدمت بهذا الخبر ، ثمّ لو صح هذا الخبر لكان حجة لنا لأنّه قال : «خلقتهم مسلمين».

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية رقم (٦٧).

٣٣٩

وزعم القدري أنّه لم يخلقهم مسلمين ولا كافرين وأن هذا مستحيل ، ثمّ يحتمل أنّه أراد بعض عبيده وبعض بني آدم لما تقدم من الآيات والأخبار التي دلت على أنّ الله ـ عزوجل ـ خلق بعضهم مؤمنين وبعضهم كافرين.

قال : ونفس الخبر دال على ما قلنا ، وذلك أنّه يقول : خلقتهم كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم ، وإنّما اجتال الشياطين بعضهم لا كلّهم ، لأنّه لم يجتل الأنبياء ، ولا يحيى بن زكريا ، ولا الأطفال ، ولا المجانين ، فلمّا ثبت قوله : «اجتالتهم كلهم» يريد بعضهم ثبت أنّ قوله : «خلقهم كلهم» يريد بعضهم.

فإنّ قال : ففي الخبر «خلقت عبادي» واسم العباد لا يقع على بعضهم.

يقال له : اسم العباد قد يقع على بعضهم قال الله ـ عزوجل ـ : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) (١) أراد بعض عباده ، وهم المؤمنون. وقال : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ) (٢) أراد بعض عباده ، وهم المؤمنون فكذلك قوله : «خلقت عبادي» أراد بعضهم لا كلّهم.

قال الشيخ : وذهب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي إلى أن قوله : «خلقت عبادي حنفاء» أراد به على الميثاق الأول (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ / عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٣).

٥٩٠ ـ أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : قال إسحاق بن إبراهيم ، فذكره.

٥٩١ ـ أخبرنا الأستاذ أبو بكر بن فورك ـ رحمه‌الله ـ ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود ، نا ابن أبي ذئب ،

__________________

(١) سورة الإنسان ، الآية رقم (٦).

(٢) سورة الزخرف ، الآية رقم (٦٨).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٢).

٣٤٠