كتاب القضاء والقدر

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي

كتاب القضاء والقدر

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي


المحقق: محمّد بن عبدالله آل عامر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة العبيكان
الطبعة: ١
ISBN: 9960-20-621-1
الصفحات: ٤٤٥

باب

ما ورد من التشديد على من كذّب بقدر الله تعالى

وزعم أنّ أعماله مقدرة له دون خالقه حتى سمّي بإثباته القدر لنفسه دون خالقه قدريا ، قال الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١) يعني ـ والله أعلم ـ بحسب ما قدّرناه قبل أن نخلقه.

٤٠٦ ـ أخبرنا أبو [الحسين] (٢) علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران العدل ـ ببغداد ـ في آخرين قالوا : أنا إسماعيل بن محمّد الصفّار ، نا الحسن بن عرفة ، نا مروان بن شجاع الجزري ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح قال : أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم ، قد ابتلت أسافل ثيابه فقلت له : قد تكلم في القدر ، فقال : أو قد فعلوها؟! فقلت : نعم ، قال : فو الله ما نزلت هذه الآية إلّا فيهم (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٣) أولئك شرار هذه الأمة ، لا تعودوا مرضاهم ، ولا تصلوا على موتاهم ، إن أريتني أحدا منهم فقأت عينيه بإصبعي هاتين.

٤٠٧ ـ أخبرنا أبو علي الحسين بن محمّد الروذباري في كتاب السنن لأبي داود السجستاني ـ رحمه‌الله ـ أنا أبو بكر محمّد بن بكر ، نا أبو داود ، نا موسى بن إسماعيل ، قال : عبد العزيز بن أبي حازم حدّثني بمنى ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم».

__________________

(١) سورة القمر ، الآية رقم (٤٩).

(٢) في الأصل [الحسن] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته ، وانظر : «تاريخ بغداد» (١٢ / ٩٨ ، ٩٩) و «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣١١).

(٣) سورة القمر ، الآية رقم (٤٨ ، ٤٩).

٢٨١

٤٠٨ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق أنا أبو مسلم ، أنا عبد الوهاب الجحمي أنا زكريا بن منظور الأنصاري قال : حدّثني أبو حازم / ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».

٤٠٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في «التاريخ» ، أنا أبو الفضل محمّد بن إبراهيم ، أنا محمّد بن عمرو بن النصر الحرشي قال : حدّثني جدي قال : أبو الفضل ـ وهو جده من قبل أمّه ـ حسنويه بن خشام بن عبد الله الحرشي ، نا عبيد الله بن موسى ، نا فضيل بن مرزوق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يكون في آخر الزمان قوم يكذبون بالقدر أولئك مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».

٤١٠ ـ أخبرنا أبو بكر بن إبراهيم الأردستاني نا أبو نصر العراقي ، نا سفيان بن محمّد ، نا علي بن الحسين ، نا عبد الله بن الوليد ، نا سفيان ، عن عمر بن محمّد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : لكل أمة مجوس ، وإنّ مجوس هذه الأمة الذين يقولون : لا قدر.

هذا إسناد صحيح ، إلّا أنّه موقوف.

٤١١ ـ أخبرنا أبو سعيد الماليني ، أنا أبو أحمد بن عدي ، نا محمّد بن أحمد بن هلال الشطوي ، نا هارون بن موسى الفروي ، حدّثني أبو ضمرة ، عن عمر ـ مولى غفرة ـ عن [ابن] (١) عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكل أمة مجوس ، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».

كذا قال عمر ـ مولى غفرة ـ عن ابن عمر ، والمشهور عن عمر ـ مولى غفرة ـ عن رجل من الأنصار ، عن حذيفة.

٤١٢ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن

__________________

(١) في الأصل [أبي عمر] وهو خطأ ظاهر.

٢٨٢

عبيد الصفّار ، نا محمد بن ربح البزار ، نا أبو نعيم ، نا سفيان ح.

٤١٣ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري في ـ كتاب السنن ـ أنا أبو بكر بن داسة ، أنا أبو داود ، أنا محمّد بن كثير ، أنا سفيان ، عن عمر ابن محمّد ، عن عمر ـ مولى غفرة ـ عن رجل من الأنصار / عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لكل أمة مجوس ، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر ، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته ، ومن مرض منهم فلا تعودوه ، وهم شيعة الدجال ، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال».

أخرجه سفيان الثوري هكذا في «الجامع».

٤١٤ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا بشر بن موسى ، نا علي بن عبد الحميد ، نا أبو معشر ، عن عمر ـ مولى غفرة ـ عن عطاء بن يسار ، عن حذيفة بن اليمان. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكره بنحوه.

٤١٥ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت الزبير بن عبد الواحد الحافظ يقول : سمعت عبدان الأهوازي يقول : نا محمّد ابن مصفّى ، نا بقية ، عن الأوزاعي ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم».

ولهذا الحديث شواهد عن ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما ، وفيما ذكرنا كفاية.

قال أبو سليمان الخطابي ـ رحمه‌الله ـ إنّما جعلهم مجوسا لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين ، وهما النور والظلمة ، يزعمون أنّ الخير من فعل النور ، وأنّ الشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية ، وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله والشر إلى غيره ، والله تعالى خالق الخير والشر ، لا يكون شيء منهما إلّا بمشيئته ، وخلقه الشر شرا في الحكمة كخلقه الخير خيرا. زاد فيه غيره ـ لأنّه خلق ما علم كونه. قال أبو سليمان : «فالأمران معا مضافان إليه ، خلقا

٢٨٣

وإيجادا ، وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلا واكتسابا» (١).

٤١٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر محمّد بن صالح / ابن هانئ ، نا السري بن خزيمة ، نا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقري ح.

٤١٧ ـ وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي ، نا عبد الله بن يزيد ، نا سعيد بن أبي أيوب قال : أخبرني أبو صخر ، عن نافع قال : كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه ، فكتب إليه عبد الله بن عمر : إنّه بلغني أنّك تكلمت في شيء من القدر ، فإياك أن تكتب إليّ ؛ فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر».

٤١٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد بن حسن القاضي قالا : نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا العبّاس بن الوليد بن مزيد البيروتي ، نا محمّد بن شعيب بن شابور قال : أخبرني عمر بن يزيد البصري ، عن عمرو بن المهاجر ـ صاحب حرس عمر بن عبد العزيز ـ أنّه أخبره عن عمر بن عبد العزيز ، عن يحيى بن القاسم ابن عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «ما هلكت أمة قط إلّا بالإشراك بالله ، وما أشركت أمة حتى يكون بدء شركها التكذيب بالقدر».

ورواه يعقوب بن سفيان الفارسي عن العبّاس بن الوليد وقال : عن جده عبد الله بن عمرو.

٤١٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر بن الحسن قالا : نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا أبو عتبة أحمد بن الفرج ، نا بقية عن أبي العلاء ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هلاك أمتي بالعصبية والقدرية والرواية من غير ثبت».

٤٢٠ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد

__________________

(١) «معالم السنن» له (٧ / ٥٦ ـ ٥٩).

٢٨٤

الصفّار ، نا معاذ بن المثنى ، نا محمّد بن كثير وابن أخي جويرية قالا : نا شهاب بن خراش ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّي أخاف على أمتي بعدي خصلتين التكذيب / بالقدر ، والتصديق بالنجوم».

٤٢١ ـ وأخبرنا علي ، أنا أحمد بن محمود بن محمّد المروزي ، نا علي بن حجر ، نا أبو الصلت شهاب بن خراش بن حوشب ، نا يزيد ، عن أنس فذكره بمثله.

قال الحوشي : فحدثني به أبان بن أبي عياش ـ بواسط ـ فقال : هكذا سمعت أنسا يذكره عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٢٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا محمّد بن إسحاق ، نا عبد الله بن عمر بن أبان ، نا إسحاق ابن سليمان ، عن معاوية بن يحيى ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أخاف على أمتي ثلاثا : زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، والتكذيب بالقدر».

٤٢٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس ، نا العبّاس الدوري ، نا محمّد بن القاسم الأسدي ، أنا فطر بن خليفة ، عن أبي خالد ـ يعني الوالبي ـ عن جابر السوائي ـ سواءة قيس ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «أخوف ما أخاف على أمتي ثلاثا : استسقاء بالأنواء ، وحيف السلطان ، والتكذيب بالقدر».

٤٢٤ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أبو القاسم سليمان ابن أحمد الطبراني ، نا علي بن عبد العزيز ، نا أبو نعيم ، نا سفيان ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب قال : سمعت علي بن الحسين يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والتارك لسنتي ، والمتسلط بالجبرية ليذلّ من أعز الله ويعزّ من أذل الله ، والمستحل من عترتي ما حرّم الله ـ يعني والمستحل لحرم الله ـ».

٢٨٥

قال أبو القاسم : هكذا رواه سفيان ، عن عبيد الله ، ورواه عبد الرحمن بن أبي الموّال ، عن عبيد الله ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكره.

٤٢٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمّد بن المؤمل ، حدّثنا الفضل بن محمّد الشعراني ، أنا قتيبة بن سعيد قال : أنا ابن / أبي الموّال عبد الرحمن [حدّثنا] (١) عبيد الله بن موهب القرشي فذكره موصولا بمعناه.

٤٢٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا : نا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب ، نا أبو عتبة ، نا بقية ، أنا سليمان بن جعفر الأزدي ، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ، عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صنفان من أمتي لا يردان عليّ الحوض : القدرية والمرجئة».

قال : ونا بقية نا زرعة الزبيدي ، عن سهل ، عن مكحول ، عن معاذ بن جبل قال : لقد لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا آخرهم محمّد عليه‌السلام.

هذا موقوف وقد :

٤٢٧ ـ أخبرنا أبو نصر محمّد بن إسماعيل الطبراني بها ـ نا أبو النضر محمّد بن محمّد بن يوسف إملاء نا هارون بن موسى نا حميد ابن زنجويه ح.

وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله السديري البيهقي ، أنا أبو حامد أحمد بن محمّد بن الحسين الخسروجردي نا داود بن الحسين البيهقي ، نا [حميد] (٢) بن زنجويه أبو أحمد ، نا حيوية بن شريح ، نا بقية بن الوليد عن أبي العلاء الدمشقيّ ، عن محمّد بن جحادة ، عن

__________________

(١) في الأصل [بن] والتصحيح من «المستدرك» للحاكم (١ / ٣٦).

(٢) في الأصل [عبيد] وهو خطأ ، وما أثبت من مصادر ترجمته انظر : «الجرح والتعديل» (١ / ٢ / ٢٢٣) و «طبقات الحنابلة» (١ / ١٥٠).

٢٨٦

يزيد بن حصين ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما بعث الله نبيا إلّا وفي أمته قدرية ومرجئة ، يشوشون عليه أمر أمته ، ألّا وإنّ الله قد لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا».

٤٢٨ ـ وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، نا محمد بن راشد وعمر بن حفص السدوسي قالا : نا سويد ـ هو ابن سعيد ـ نا شهاب بن خراش ، نا محمّد بن زياد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما كان نبي إلّا كان في أمته قدرية ومرجئة ، يشوشون على الناس أمر دينهم ، وإنّ الله ـ عزوجل ـ لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا أنا آخرهم» /.

٤٢٩ ـ أخبرنا أبو القاسم طلحة بن علي الصقر البغدادي ـ بها ـ أنا أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي ، نا عباس بن محمّد الدوري ، نا الهيثم بن خارجة ، نا سليمان بن عتبة ، عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي الدرداء عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يدخل الجنّة عاق ، ولا منان ، ولا مدمن خمر ، ولا مكذب بالقدر».

٤٣٠ ـ أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد الماليني ، أنا أبو أحمد ابن عدي الحافظ ، أنا زكريا الساجي ، نا محمّد بن موسى ، نا يزيد بن زريع ، نا بشر بن نمير ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة أنّ نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أربعة لا ينظر الله تبارك وتعالى إليهم ، عاق ، ومنان ، ومدمن خمر ، ومكذب بقدر».

٤٣١ ـ وأخبرنا أبو بكر بن فورك ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا عبد الله بن جعفر ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود ، نا جعفر بن الزبير الحنفي ، عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يدخل الجنة عاق ، ولا منان ، ولا مكذب بالقدر».

بشر بن نمير وجعفر بن الزبير ضعيفان ، إلّا أنّ لحديثهم شاهد من وجه آخر أقوى عن أبي أمامة.

٤٣٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا العبّاس بن الوليد بن مزيد ، أنا ابن شعيب أخبرني عمر بن

٢٨٧

يزيد النصري ، عن أبي سلام أنه أخبره عن أبي أمامة الباهلي ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ثلاثة لا يقبل منهم صرف ولا عدل ، عاق ومنان ، ومكذب بالقدر».

٤٣٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا دعلج بن أحمد ، نا بشر بن موسى ، نا ضرار بن حسرد ، نا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن سليمان التيمي ، عن عمر بن حبيب الأنصاري ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، عن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ينادي مناد يوم القيامة ليقم خصماء الله ـ عزوجل ـ وهم القدرية».

ورواه بقية بن الوليد / قال حدثني حبيب بن عمر الأنصاري قال : حدّثني أبي ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٣٤ ـ أخبرنا أبو محمد جناح [ابن] (١) نذير بن جناح القاضي بالكوفة ، نا أبو جعفر ، محمد بن علي بن دحيم ، نا أحمد بن حازم نا الفضل بن دكين ، نا القاسم بن حبيب التمار ، نا نزار بن حيان قال : قال عكرمة : قال ابن عباس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «اتقوا القدر فإنه شعبة من النصرانية».

كذلك رواه أبو أحمد الزبيري ، عن القاسم بن حبيب.

٤٣٥ ـ أخبرنا (٢) أبو سعد الماليني ، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، نا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني ، نا علي بن المنذر ، نا ابن فضيل قال : حدثني أبي وعلي بن نزار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية».

٤٣٦ ـ قال وأخبرنا أبو أحمد ، نا محمد بن منير ، نا علي بن حرب ، نا ابن فضيل ، عن القاسم بن حبيب [ح] (٣).

__________________

(١) ساقطة من الأصل.

(٢) في الأصل صيغة الأداء مختصرة [أنا].

(٣) ليست في الأصل ، وأثبتها جريّا على عادة المصنف.

٢٨٨

٤٣٧ ـ قال علي ونا محمد بن بشير ، عن علي بن نزار ، كلاهما عن نزار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثله.

تفرد به نزار هذا ، وهو نزار بن حيان ذكره البخاري في «التاريخ» (١) ولم ينسبه إلى ضعف ، وقد أخرجه أبو عيسى الترمذي في كتابه (٢) ورواه ـ أيضا ـ عن محمد بن رافع ، عن محمد بن بشر ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن عكرمة عن ابن عباس.

__________________

(١) «التاريخ الكبير» (٨ / ١٣٦).

(٢) أبواب القدر (٦ / ٣٠٣ ـ مع التحفة) باب : ما جاء في القدرية رقم الحديث [٢٢٤٠].

٢٨٩

باب

ما ورد من النهي عن مجالسة القدرية

ومفاتحتهم والنهي عن الخصومة في القدر

٤٣٨ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا عثمان بن عمرو بن عبد الله البصري ، نا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، أنا عبيد الله بن يزيد المقري نا سعيد بن أبي أيوب ، عن عطاء بن دينار الهذليّ ، عن حكيم بن شريك ، عن يحيى بن ميمون الحضرمي ، عن ربيعة الجرشي / عن أبي هريرة ، عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم».

رواه أبو داود في «كتاب السنن» عن أحمد بن حنبل ، عن المقري.

٤٣٩ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أنا أبو بكر بن داسة ، نا أبو داود ، نا أحمد بن سعيد الهمداني ، أنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث وسعيد بن أبي أيوب ، عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهذلي ، عن يحيى بن ميمون ، عن ربيعة الجرشي ، عن أبي هريرة ، عن عمر بن الخطاب أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم» الحديث.

٤٤٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا العباس بن محمد الدوريّ ، نا يونس بن محمد ، نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد ومطر الوراق ، أنا داود بن أبي هند ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر هذا ينزع آية وهذا ينزع آية ، فكأنّما فقئ في وجهه حبّ الرمان فقال : «ألهذا خلقتم!؟ أم بهذا وكلتم!؟ أو

٢٩٠

بهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟! انظروا ما أمرتم فاتبعوه ، وما نهيتم عنه فاجتنبوه».

٤٤١ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسن المصري ، نا عبد الله بن أبي مريم ، نا أسد بن موسى ، نا حمّاد بن سلمة ، عن مطر الوراق وعامر الأحول وحميد وداود بن أبي هند ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو فذكره بنحوه إلّا أنّه قال : «أبهذا أمرتم؟! أبهذا وكّلتم؟!».

هذا إسناد حسن.

ورواه ـ أيضا ـ صالح المري ، عن هشام بن حسّان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونحن نتنازع في القدر فغضب حتى احمر وجهه ، حتى كأنّما فقئ على وجنتيه حبّ الرمان ، ثم أقبل علينا فقال : «أبهذا أمرتم؟! أو بهذا أرسلت / إليكم؟! إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر ، عزمت عليكم أن لا تنازعوا فيه».

٤٤٢ ـ أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد ، نا عبد الله بن الصقر السكريّ ، نا أبو إبراهيم الترجماني قال : حدّثني صالح المري ح.

٤٤٣ ـ قال : وأنا أحمد قال : حدثني يحيى بن البحتري ، نا عبد الله بن معاوية ، نا صالح المري فذكره.

٤٤٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا عبد الله بن أحمد ، نا عمرو بن محمد الناقد ، نا سعيد بن سليمان ، نا مسهر بن عبد الملك بن سلع قال : سمعت الأعمش يحدث عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا».

تفرد به مسهر بن عبد الملك بإسناده هذا.

وروي عن ابن مسعود وجابر وثوبان كذلك مرفوعا ، وفي أسانيده ضعف.

٢٩١

٤٤٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا الحسن بن سفيان ، نا يزيد بن صالح الفرّاء ومحمد بن أبان قالا : نا جرير بن حازم قال : سمعت أبا رجاء العطارديّ قال : سمعت ابن عباس يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يزال أمر هذه الأمة مؤاتيا ـ أو قال مقاربا ـ ما لم يتكلموا في الولدان والقدر».

كذا وحدثه مرفوعا وليس بمحفوظ.

٤٤٦ ـ أخبرناه أبو سعيد محمد بن موسى ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا أبو أسامة ، عن جرير قال : سمعت أبا رجاء واسمه عمران بن تيم قال : سمعت ابن عباس وهو يخطب الناس بالبصرة يقول : «إنّ هذه الأمة لا يزال أمرها» فذكره موقوفا ، وهو الصحيح.

٤٤٧ ـ وأخبرنا (١) علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد ، أنا الحسن بن علي بن المتوكل ، أنا عاصم ـ وهو ابن علي ـ أنا جرير بن حازم ، عن أبي رجاء قال سمعت ابن عباس وهو يخطب على المنبر بالبصرة / يقول : إن هذه الأمة لا يزال أمرها.

فذكره موقوفا وهو الصحيح.

٤٤٨ ـ وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أنا أحمد بن عبيد ، نا الحسن بن علي بن المتوكل ، نا عاصم ـ هو ابن علي ـ نا جرير بن حازم ، عن أبي رجاء قال : سمعت ابن عبّاس وهو يخطب على المنبر بالبصرة.

فذكره موقوفا وقال : ما لم ينظروا ، أو حتى ينظروا.

٤٤٩ ـ أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، نا محمد بن أحمد بن تميم القنطري ، نا أبو قلابة ، نا أبو عاصم ، نا عنبسة ، عن الزهري أنّه تلا قول الله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٢) الآية إلى

__________________

(١) في الأصل صيغة الأداء مختصرة [أنا].

(٢) سورة القمر ، الآية رقم (٤٧ ، ٤٨).

٢٩٢

القدر فقال : نا سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أخر الكلام في القدر لشرار هذه الأمة».

٤٥٠ ـ وأخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا أبو بكر القطّان ، أنا علي بن الحسن الهلالي ، أنا أبو عاصم ، أنا عنبسة الضبعي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب.

فذكره بنحوه دون تلاوة الزهري.

٤٥١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا العبّاس بن محمد بن حاتم الدوري ، نا مالك بن إسماعيل ، نا يحيى بن عثمان التيمي ـ مولى أبي بكر ـ أخبرنا يحيى بن عبد الله بن أبي مليكة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من تكلم في شيء من القدر سئل عنه يوم القيامة ، وإن لم يتكلم فيه لم يسأل عنه يوم القيامة».

هذا إسناد فيه ضعف.

٤٥٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان نا أبو أسامة ، عن جرير ، عن ثعلبة بن سهيل أبي مالك الطهوي [عن] (١) عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أبزى ، عن أبيه قال : بلغ عمر ـ رضي الله عنه ـ أنّ رجلين تكلما في القدر فقام خطيبا فتهدد فيه وأوعد فيه وعيدا شديدا ، وقال : إنّما هلك من كان قبلكم حيث تكلموا فيه ، أعزم على متكلم يتكلم فيه فلم يتكلم فيه. حتى كان زمن [الحجاج] (٢).

٤٥٣ ـ أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أنا العبّاس بن أحمد بن قوهيار نا محمد بن عبد الوهاب ، أنا يعلى بن عبيد ، أنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمر : أوّل ما يكفأ الإسلام كما يكفأ الإناء قول الناس في القدر.

__________________

(١) ساقطة من الأصل.

(٢) في الأصل [الحاج] والصحيح ما أثبت.

٢٩٣

٤٥٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قالا : نا أبو العبّاس وهو الأصم ـ نا الربيع بن سليمان ـ نا بشر بن بكر ـ عن الأوزاعي قال : حدّثني من سمع يحيى بن سعيد الأنصاري يحدث ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص يرفع الحديث قال : «إنّ أوّل ما يكفأ الدين كما يكفأ الإناء على وجهه ، قول الناس في القدر».

ورواه سفيان الثوري في «الجامع». نا يحيى بن سعيد قال :

حدثني أخو محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمرو.

٤٥٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ، أنا محمد بن غالب بن حرب ، نا يحيى بن يوسف الزمي ، نا أبو بكر بن عيّاش عن إدريس الأودي ، عن أبيه ، عن ابن عباس بلغه أنّ قوما يختصمون في القدر ، فمضى عنهم ولم يجلس وقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كفى بك إثما ألّا تزال مماريا ، وكفى بك ظلما ألّا تزال مخاصما» وانصرف عنهم.

٤٥٦ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أحمد بن يونس ، نا المعافى بن عمران الموصلي ، نا إدريس بن سنان ، نا أبو إلياس بن بنت وهب قال : حدثني وهب بن منبه أنّ ابن عباس طاف بالبيت حين أصبح أسبوعا قال وهب : وأنا وطاوس معه وعكرمة مولاه ، وكان قد رقّ بصره ، فكان يتوكأ على العصا ، فلمّا فرغ من طوافه انصرف إلى الحطيم فصلى ركعتين ، ثم نهض فنهضنا معه ، فدفع عصاه إلى / عكرمة مولاه ، وتوكأ عليّ وعلى طاوس ، ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة بين باب «بني سهم» وباب «بني جمح» ، فوقفنا على قوم بلغ ابن عباس أنّهم يخوضون في حديث القدر وغيره مما يختلف الناس فيه ، فلما وقف عليهم سلم عليهم أجابوه ورحبوا به وأوسعوا له فكره أن يجلس إليهم ثم قال : يا معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ، ولا يرد عليهم ألم تعلموا أن لله عبادا قد أسكتتهم خشيته من غير عي ، ولا بكم ، وأنهم

٢٩٤

هم الفصحاء الطلقاء النبلاء الألباء العالمون بالله وبآياته ، لكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم ، وكسرت قلوبهم ، وطاشت عقولهم إعظاما لله ـ عزوجل ـ وإعزازا وإجلالا ، فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله ـ عزوجل ـ بالأعمال الزاكية ، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين ، وإنّهم لأبر برا ، ومع المقصرين والمقرضين ، وإنهم لأكياس أقوياء ولكنّهم لا يرضون لله بالقليل ، ولا يستكثرون له الكثير ، ولا يدلون عليه بالأعمال ، حيثما لقيتهم فهم مهتمون محزونون مروعون خائفون مشفقون وجلون ، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين ، اعلموا أنّ أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه ، وأنّ أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه. قال وهب : ثمّ انصرف عنهم وتركهم ، فبلغ ابن عباس أنّهم قد تفرقوا عن مجلسهم ذلك ، ثمّ لم يعودوا إليه حتى هلك ابن عباس.

٤٥٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال : أخبرني أبي ، نا عبد الله بن شوذب قال : حدّثني أبو عمرة قال : أتى عبد الله بن عبّاس على قوم يتنازعون في القدر فقال : لا تختلفوا في القدر ، فإنّكم إن قلتم : إنّ الله شاء لهم أن يعملوا بطاعته فخرجوا من مشيئة الله إلى مشيئة أنفسهم ، فقد أوهنتم الله / بأعظم ملكه ، وإن قلتم : إنّ الله جبرهم على الخطايا ثمّ عذبهم عليها. قلتم : إنّ الله ظلمهم.

وهذا موقوف ومنقطع ، وقد روي مرفوعا من وجه آخر ضعيف.

٤٥٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عليّ بن حمشاذ ، نا علي بن عبد الصمد الطيالسي ، نا داود بن رشيد [ح] (١).

٤٥٩ ـ وأخبرنا أبو منصور البغدادي الفقيه ، أنا بشر الأسفرايني ، نا عبد الله بن محمد بن ناجية ، نا داود بن رشيد ، نا محمد بن حمزة الرقي ، نا الخليل بن مرة ، عن معاوية بن قرة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونحن نتراجع ذكر

__________________

(١) ليست في الأصل : وإنما أثبتها جريّا على عادة المصنف.

٢٩٥

القدر ، فخرج علينا وكأنّما فقئ في وجهه حب الرمان فقال : ألهذا خلقتم؟ أم بهذا أمرتم؟ أليس إنّما هلك الذين من قبلكم بهذا وأشباهه!؟ فمن زعم أنّ الله جبل العباد على المعاصي ثمّ عاتبهم عليها كمن زعم أن الله ـ عزوجل ـ كلف العباد ما لا يطيقون ، ومن زعم أنّ الله لا يعلم ما العباد عاملون ، وما هم إليه صائرون ، فقد أخرج الله من قدرته.

لفظ حديث الطيالسي ، وفي رواية ابن ناجية «جبر العباد على المعاصي ثمّ عذبهم»

وهذا ينفرد به الخليل بن مرة هكذا ، وهو ضعيف ، إنّما رواه الثقات كما مضى في صدر هذا الباب والله أعلم.

٤٦٠ ـ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أنا أبو سعيد بن زياد الأعرابي ، أنا الحسن بن محمد الزعفراني ، نا عبد الوهاب بن عبد المجيد ـ يعني الثقفي ـ عن أيوب ، عن أبي قلابة قال : لا تجالسوا أهل الأهواء فإنّي لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.

٢٩٦

باب

ما روي عن جماهير الصحابة

وأعلام الدين وأئمته في إثبات القدر رضي الله عنهم

٤٦١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا محمد بن أحمد بن سعيد الرازي نا أبو حاتم / محمد بن إدريس الحنظلي ، نا الحكم بن نافع الحمصي ، نا عطاف بن خالد ، عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أبيه قال : سمعت أبي يذكر : أنّه سمع أبا بكر الصديق يقول : قلت يا رسول الله ، أنعمل على ما قد فرغ منه أم على أمر مؤتنف؟ فقال : «على أمر قد فرغ منه». قلت : ففيم العمل يا رسول الله؟ قال : «كل ميسر لما خلق له».

قال : فهذا قد رواه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو لا يخالف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرويه عنه ، وروي عن عبد الرحمن بن سابط ، عن أبي بكر الصديق من قوله في معناه.

٤٦٢ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الأردستاني الحافظ ، أنا أبو نصر العراقي ، نا سفيان بن محمد الجوهري ، نا علي بن الحسن ، نا عبد الله بن الوليد ، نا سفيان ، عن [فطر] (١) بن خليفة ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن أبي بكر الصديق قال : خلق الله الخلق فكانوا قبضتين ، فقال لمن في يمينه : «ادخلوا الجنّة بسلام ، وقال لمن في الأخرى : ادخلوا النّار ولا أبالي» فذهبت إلى يوم القيامة.

٤٦٣ ـ أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق

__________________

(١) في الأصل [قطر] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته انظر : «تهذيب الكمال» (٢٣ / ٣١٢).

٢٩٧

الفقيه ، أنا أبو المثنى ، نا محمد بن المنهال نا يزيد بن زريع ، نا كهمس عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : خرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين قال : فلقينا عبد الله بن عمر فقلنا : يا أبا عبد الرحمن قد ظهر فينا أناس يقرءون القرآن يزعمون أن لا قدر وإنّما الأمر أنف قال : حدثني عمر بن الخطاب أنّه قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب فجاء رجل فقال له : أخبرني ما الإيمان؟ قال : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، وبالبعث بعد الموت» قال : صدقت.

فهذا رواه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه ـ أيضا ـ مناظرة موسى مع آدم [عليهما] (١) السلام ، وقد مضى ذكره ، وروى عنه أنه قال ، موقوفا عليه.

٤٦٤ ـ أخبرناه أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد / أخبرنا إبراهيم بن حميد الأسناني ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي ، نا عثمان بن سعيد الدارميّ ، نا سليمان بن حرب ، نا حمّاد بن زيد ، عن مطر الوراق ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : لمّا تكلم معبد هاهنا فيما تكلم به من القدر فحججت أنا وحميد بن عبد الرحمن فلمّا قضينا حجنا قلنا : لو ملنا فلقينا من بقي من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألناه عمّا جاء به معبد من القدر ، فذهبنا نؤم أبا سعيد وابن عمر ، فلمّا دخلنا المسجد إذا نحن بابن عمر ، فاكتنفناه فقدمني حميد ، وكنت أحرص منه على المنطق منه فقلت : يا أبا عبد الرحمن إنّ قوما نشئوا قبلنا من أهل العراق ، وقرءوا القرآن ، وتفقهوا في الإسلام يقولون : لا قدر ، قال : فإذا لقيتهم فأخبرهم أنّ عبد الله بن عمر منهم بريء ، وهم منه براء ، والله لو أنّ لأحدهم جبال الأرض ذهبا فأنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر ، حدّثني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنّ آدم وموسى اختصما إلى الله في ذلك فقال موسى : أنت آدم الذي أشقيت

__________________

(١) في الأصل [عليه] وما أثبت أنسب.

٢٩٨

الناس ، وأخرجتهم من الجنّة؟! فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه ، وأنزل عليك التوراة ، فهل وجدته قدر عليّ قبل أن يخلقني؟! قال : نعم ، فحجّ آدم موسى ، فحجّ آدم موسى ثلاثا.

ثمّ ذكر عنه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث الإيمان.

وروينا عن عمر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسح ظهر آدم وإخراج ذريته منه ، وقوله : «خلقت هؤلاء للجنّة وبعمل أهل الجنّة يعملون ، وخلقت هؤلاء للنّار وبعمل أهل النّار يعملون».

٤٦٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان ، نا أبو قلابة ، نا عبد الصمد ، نا شعبة ، عن سليمان بن أبي المغيرة ، عن عمرو بن ميمون قال : سمعت عمر ـ رضي الله عنه ـ لما طعن قال : (وَكانَ / أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (١).

٤٦٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق ، أنا الحسن بن علي بن زياد ، نا بن أبي أوس ، نا محمد بن علية الخزاز ، عن حمّاد بن عمرو الأسدي ، عن حمّاد بن ثلج ، عن ابن مسعود قال : كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يقول على المنبر :

خفّض عليك فإن الأمور

بكفّ الإله مقاديرها

فليس يأتيك منهيّها

ولا قاصر عنك مأمورها

٤٦٧ ـ أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ، نا أحمد بن سلمان نا محمد بن عبد الله بن سليمان ، نا هناد ، نا أبو الأحوص ، عن عطاء بن السائب ، عن ميسرة ، عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إن أحدكم لن يخلص الإيمان إلى قلبه حتى يستيقن يقينا غير ظن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ويقرّ بالقدر كله.

٤٦٨ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أنا بشر بن موسى نا أبو عبد الرحمن المقرئ ، نا أبو حنيفة ،

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية رقم (٣٨).

٢٩٩

عن الهيثم ، عن الشعبي ، عن علي أنّه خطب الناس على منبر الكوفة فقال : ليس منّا من لم يؤمن بالقدر خيره وشره.

٤٦٩ ـ أخبرنا أبو القاسم الحرفي ، نا أحمد بن سلمان ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيبانيّ قال : حدثني أبي ، نا هاشم بن القاسم ، نا عبد العزيز ـ يعني بن أبي سلمة ـ عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن علي بن أبي طالب ـ أمير المؤمنين ـ قال : ذكر عنده القدر يوما ، فأدخل إصبعه السبابة والوسطى في فيه فرقم بهما باطن يده فقال : أشهد أنّ هاتين الرقمتين كانتا في أم الكتاب.

٤٧٠ ـ أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه ، أنا أبو سهل المهرجاني ، أنا أبو جعفر الحذّاء ، نا علي بن المديني ، نا حمّاد بن أسامة ، نا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه قال : قال علي : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لإزالة / الجبال عن أماكنها أهون من إزالة ملك مؤجل.

٤٧١ ـ وأخبرنا محمد بن أبي المعروف قال : نا أبو سهل الأسفرائيني ، نا أبو جعفر الحذاء ، نا علي بن المديني ، نا محمد بن حازم ، نا الأعمش ، عن شقيق قال : عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ : لئن أعالج جبلا راسيا أحبّ إليّ من أن أعالج ملكا مؤجّلا.

٤٧٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا الحسن ـ عبد الله بن محمد بن علي بن ـ الحسن بن جعفر بن موسى بن جعفر المعروف بالموسوي بمدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الروضة يقول : سمعت أبي يذكر عن آبائه ، أنّ علي بن موسى الرضا كان يقعد في الروضة وهو شاب ملتحف بمطرف خزّ فيسأله الناس ومشايخ العلماء في المسجد فسئل عن القدر فقال : قال الله ـ عز من قائل ـ : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١). ثمّ قال الرضا : كان أبي يذكر ، عن آبائه ، أنّ أمير المؤمنين

__________________

(١) سورة القمر ، الآية رقم (٤٧ ـ ٤٩).

٣٠٠