كتاب القضاء والقدر

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي

كتاب القضاء والقدر

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي


المحقق: محمّد بن عبدالله آل عامر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة العبيكان
الطبعة: ١
ISBN: 9960-20-621-1
الصفحات: ٤٤٥

منهال ـ ، حدّثنا حمّاد ـ يعني ابن سلمة ـ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الجنّة وإنّه لمكتوب في الكتاب إنه من أهل النّار فإذا كان قبل موته تحول فيعمل بعمل أهل النّار فمات ، فدخل النار ، وإن الرّجل ليعمل بعمل أهل النّار وإنّه لمكتوب في الكتاب إنه من أهل الجنّة ، فإذا كان قبل موته تحول فيعمل بعمل أهل الجنّة ، فدخل الجنّة».

١١٧ ـ أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمدآباذي ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله السعدي ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حميد الطويل (١) ، عن أنس بن مالك ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا عليكم لا تعجبوا بأحد حتّى تنظروا بما ختم له ، فإنّ العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنّة ، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا ، وإنّ العبد ليعمل قبل موته زمانا من دهره بعمل سيئ حتى لو مات عليه دخل النّار ، ثمّ يتحول فيعمل عملا صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته» قالوا : يا رسول الله ، وكيف يستعمله؟ قال : «يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه».

١١٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو الحسن / علي بن محمد المصري ، حدّثنا عمر بن عبد العزيز بن عمران بن سعيد بن أبي أيوب أبو حفص ، حدّثنا سعيد بن كثير بن عفير [ح] (٢).

١١٩ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر القاضي ، قالا : حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمّد بن عبد الحكم ، أبو العباس القصري ـ بالرملة ـ حدّثنا سعيد بن عفير ، حدّثنا ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عدي بن عدي الكندي ، قال : سمعت العرس بن عميرة ـ وكان من أصحاب رسول

__________________

(١) في الأصل [بن الطويل] والصحيح ما أثبت.

(٢) علامة التحويل في الإسناد ليست في الأصل وإنما أثبتها جريا على عادة المصنف.

١٦١

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ العبد من عباد الله ليعمل بعمل أهل الجنّة البرهة من دهره ، فتعرض له الجادة من جواد النّار ، فيعمل بها حتّى يموت عليها وذلك ما كتب له ، وإنّ العبد من عباد الله ليعمل بعمل أهل النّار البرهة من دهره ، فتعرض له الجادة من جواد الجنّة ، فيعمل بها حتّى يموت عليها وذلك لما كتب له».

لفظ حديث ابن بشران إلّا أنّه قال : عن عبد العزيز وهو من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأظنه تصحيفا ، ولم يذكر الرملي قوله : «[من] (١) عباد الله» وقال : «ثم يعرض» في الموضعين جميعا.

١٢٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء المصري بمكة ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمود بن أحمد الشمعي البغدادي ، إملاء بمصر ، حدّثنا موسى بن هارون بن عبد الله ، حدّثنا قتيبة ، أخبرنا بكر بن مضر ، عن أبي قبيل ، عن شفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «هذا كتاب كتبه رب العالمين فيه تسمية أهل الجنّة وتسمية آبائهم ، ثمّ أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص ، وهذا كتاب كتبه رب العالمين فيه تسمية أهل النّار وتسمية آبائهم ، ثمّ أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص» فقالوا ففيم / العمل يا رسول الله؟ قال : «إنّ عامل الجنّة يختم له بعمل أهل الجنّة وإن عمل أيّ عمل ، وإنّ عامل النّار يختم له بعمل النار وإن عمل أي عمل فرغ الله ـ عزوجل ـ من خلقه» ثمّ قال : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٢).

__________________

(١) في الأصل [عن] وهو خطأ.

(٢) سورة الشورى ، الآية رقم (٧).

١٦٢

باب

ذكر البيان أن العبد يبعث على ما مات عليه

قال الله ـ عزوجل ـ : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (١).

١٢١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا محمد بن صالح بن هانئ ، حدّثنا الحسين بن الفضل البجلي قال : سمعت محمد بن كناسة قال : سمعت سفيان الثوري وسئل عن قول الله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٢) فقال : حدّثنا الأعمش ح. وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ـ ببغداد ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المصري ، حدّثنا ابن أبي مريم ، حدّثنا الفريابي ، حدّثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يبعث كل عبد على ما مات عليه».

أخرجه مسلم في «الصحيح» من حديث عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، وأخرجه من حديث جرير ، عن الأعمش (٣).

١٢٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا بحر بن نصر ، حدّثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني أبو (٤) هانئ الخولاني ، عن عمرو بن مالك الحنيني أنّه سمع فضالة بن عبيد يحدث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة».

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩ ، ٣٠).

(٢) سورة التغابن ، الآية رقم (٢).

(٣) صحيح مسلم (٤ / ٢٢٠٦).

(٤) في الأصل [ابن] والصحيح ما أثبت.

١٦٣

١٢٣ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله ـ عزوجل ـ : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (١) قال : إنّ الله ـ عزوجل ـ بدأ خلق ابن آدم مؤمنا وكافرا كما قال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٢) ثم يعيدهم يوم القيامة مؤمنا وكافرا.

١٢٤ ـ أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، وأخبرنا أبو منصور النضروي حدّثنا أحمد بن نجدة ، حدّثنا سعيد بن منصور ، حدّثنا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عمّن سمع ابن عباس ذكر القدرية ، فقال : قاتلهم الله أليس قد قال الله ـ عزوجل ـ : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) (٣).

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩ ، ٣٠).

(٢) سورة التغابن ، الآية رقم (٢).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (٢٩ ، ٣٠).

١٦٤

باب

ذكر البيان أنّ أفعال الخلق مكتوبة لله تعالى مقدورة له

فإنّها من الله ـ عزوجل ـ خلق ، وممن باشرها كسب قال الله عزوجل : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١) وقال : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٢) وقال : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣).

فامتدح بالقولين جميعا ، فكما لا يخرج شيء عن علمه لا يخرج شيء عن خلقه وقال : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤) وقال : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٥) وقال : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٦) وقال : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (٧) وقال : (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٨) وقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٩).

فامتدح بالخلق والربوبية والقدرة ، فلا يخرج شيء عن قدرته وربوبيته وخلقه ، ولا يدخل فيما خلق كلامه وسائر صفاته الذاتية ، كما لا يدخل فيه ذاته ؛ لأنّ الله تعالى خالق غيره. ولا نقول في صفاته إنّها غيره ؛ لأنه أخبر أنّه يخلق بكلامه فلا يكون كلامه مخلوقا ، ولأنّا رأينا من قال : أنا بنيت كل شيء من هذه المدينة. لم يدخل الباني ولا كلامه في البناء / ثم خروج شيء من عموم آية لحجة ، لا يوجب خروج غيره بغير حجة ، وقال الله ـ عز

__________________

(١) سورة الرعد ، الآية رقم (١٦).

(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٠٢).

(٣) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٠١).

(٤) سورة القمر ، الآية رقم (٤٩).

(٥) سورة الفرقان ، الآية رقم (٢).

(٦) سورة غافر ، الآية رقم (٦٢).

(٧) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٦٤).

(٨) سورة المؤمنون ، الآية رقم (٨٨).

(٩) سورة المائدة ، الآية رقم (١٧).

١٦٥

وجل ـ : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) (١) وأفعال الخلق بينهما فتناولها صفة الخلق.

وقال : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٢) يعني خلقكم وخلق أعمالكم التي هي أكسابكم ، ولا يجوز أن يحمل على المعمول فيه كما حمل في قوله : (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) (٣) على المأفوك فيه ، لأن ذلك زيادة إضمار لم تثبت بحجة ، وثبوتها في آية أخرى بحجة ، لا يوجب ثبوتها في غيرها بغير حجة.

وقال : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٤) يعني ـ والله أعلم ـ ألا يعلم من خلق أسراركم بقولكم وجهركم به وما تكنّه صدوركم وفي ذلك دلالة على أنّ ما يكسبه الإنسان بلسانه وقلبه مخلوق لله ـ عزوجل ـ وقال : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٥). كما قال : (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) (٦) وقال : (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ) (٧) كما قال : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) (٨) وقال : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) (٩) كما قال : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) (١٠) وقال : (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) (١١) وقال : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (١٢) وقال : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) (١٣) كما قال : (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) (١٤) وقال : (... الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) كما قال : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (١٥). وقال : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (١٦) (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) (١٧) وقال في

__________________

(١) سورة السجدة ، الآية رقم (٤).

(٢) سورة الصافات ، الآية رقم (٩٥ ، ٩٦).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (١١٧).

(٤) سورة الملك ، الآية رقم (١٣ ، ١٤).

(٥) سورة النجم ، الآية رقم (٤٣).

(٦) سورة النجم ، الآية رقم (٤٤).

(٧) سورة سبأ ، الآية رقم (١٨).

(٨) سورة فصلت ، الآية رقم (١٠).

(٩) سورة الأنعام ، الآية رقم (١١٠).

(١٠) سورة الكهف ، الآية رقم (١٨).

(١١) سورة المائدة ، الآية رقم (٦٤).

(١٢) سورة النحل ، الآية رقم (١٥).

(١٣) سورة الأنفال ، الآية رقم (٦٣).

(١٤) سورة النور ، الآية رقم (٤٣).

(١٥) سورة فاطر ، الآية رقم (٤١).

(١٦) سورة الأنبياء ، الآية رقم (٧٣).

(١٧) سورة الأنبياء ، الآية رقم (٧٢).

١٦٦

غيرهم : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (١) كما قال : (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) (٢) وقال : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (٣) كما قال : (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً) (٤) وقال : (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) (٥) كما قال : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) (٦) فكما أن الإحياء ، والإماتة ، والإقوات ، والتقليب / في الكهف وإلقاء الرواسي وتأليف السحاب ، وإمساك السماء ، والليل والنهار ، والسمع والبصر ، مقدّرة لله تعالى مكوّنة له ، فكذلك الإضحاك والإبكاء ، والتسيير ، وتقليب الأفئدة ، وإلقاء العداوة ، والتأليف بين القلوب ، وإمساك الطير في جو السماء ، والرأفة والرحمة ... (٧) وقساوة القلب مقدّرة لله تعالى ، مكوّنة له ، لأن الله تعالى امتدح بالقولين وأخرجهما جميعا مخرجا واحدا وقال : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) (٨) فأخبر أنه جعل الفلك كما أخبر أنه جعل الأنعام وقال : (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٩) فامتدح بفعله وامتنّ علينا به وقال : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) إلى قوله : (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (١٠).

فأخبر أنّه جعلها سكنا وبيوتا وأثاثا ومتاعا ، وشيء من ذلك لا يسمى بما سماه به إلّا بعد اقتران الكسب به ، وقد أخبر بأنّه هو الذي جعله ذلك ، فدل على أنّه منه خلق ، ومن عبيده كسب ، وقال : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (١١) وقال : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) (١٢) وقال : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) (١٣) وقال : (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا

__________________

(١) سورة القصص ، الآية رقم (٤١).

(٢) سورة الفرقان ، الآية رقم (٦٢).

(٣) سورة الروم ، الآية رقم (٢١).

(٤) سورة الأحقاف ، الآية رقم (٢٦).

(٥) سورة المائدة ، الآية رقم (١٣).

(٦) سورة الإنسان ، الآية رقم (٢).

(٧) هنا كلمة لم تتضح لي في الأصل.

(٨) سورة الزخرف ، الآية رقم (١٢).

(٩) سورة النحل ، الآية رقم (٨١).

(١٠) سورة النحل ، الآية رقم (٨٠).

(١١) سورة يونس ، الآية رقم (٢٢).

(١٢) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٥١).

(١٣) سورة النحل ، الآية رقم (٧٨).

١٦٧

بِاللهِ) (١) وقال : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) (٢) وقال : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) (٣) وقال : (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) (٤) وقال : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٥) وفي جميع ذلك مع ما يشبهه من الآيات في كتاب الله ـ عزوجل ـ دلالة ظاهرة على أن هذه الأفعال صادرة من جهة الله تعالى خلقا ومن جهة العباد كسبا وقال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) (٦) وقال : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٧) وقال : (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٨) فسلب عنهم فعل القتل والرمي والزرع مع مباشرتهم إياه / وأثبته لنفسه ليدل بذلك على أن المعنى المؤثر في الوجود بعد العدم هو إيجاده واختراعه ، وخلقه وتقديره ، وإنّما وجد من عباده مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها خالقه على ما أراد ، فهو من الله سبحانه وتعالى خلق على معنى أنه هو الذي اخترعه بقدرته القديمة ، وهو من عباده كسب على معنى تعلق قدرة حادثة بمباشرتهم التي هي أكسابهم (٩).

__________________

(١) سورة النحل ، الآية رقم (١٢٧).

(٢) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٥٠).

(٣) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٥١).

(٤) سورة الأحزاب ، الآية رقم (٢١).

(٥) سورة التوبة ، الآية رقم (١٤).

(٦) سورة الأنفال ، الآية رقم (١٧). قال ابن قيم الجوزية ـ رحمه‌الله تعالى ـ وقد ظن طائفة من الناس أن من هذا الباب قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وجعلوا ذلك من أدلتهم على القدرية ، ولم يفهموا مراد الآية ، وليست من هذا الباب ، فإن هذا خطاب لهم في وقعة بدر حيث أنزل الله سبحانه ملائكته فقتلوا أعداءه ، فلم يفرد المسلمون بقتلهم بل قتلتهم الملائكة ، وأمّا رميه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فمقدوره كان هو الحذف والإلقاء ، وأما إيصال ما رمى به إلى وجوه العدو مع البعد وإيصال ذلك إلى وجوه جميعهم فلم يكن من فعله ، ولكنّه فعل الله وحده ، فالرمي يراد به الحذف والإيصال ، فأثبت له الحذف بقوله : (إِذْ رَمَيْتَ) ونفى عنه الإيصال بقوله : (وَما رَمَيْتَ). «شفاء العليل» (ص ١٦٩) ، وانظر : «مجموع الفتاوى» (٨ / ١٨).

(٧) سورة الأنفال ، الآية رقم (١٧).

(٨) سورة الواقعة ، الآية رقم (٦٤).

(٩) انظر : مبحث عقيدة المصنّف.

١٦٨

١٢٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى بن الفضل قالا : حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي ، حدّثنا يونس بن محمد ، حدّثنا شيبان ، عن قتادة ، في قوله : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) قال : الأصنام (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) قال : وخلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم.

١٢٦ ـ حدّثنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أبو بكر رحمه‌الله عبد الله بن محمد بن حمشاد المطوّعي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي ، حدّثنا يوسف بن عدي ، حدّثنا عثام بن علي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا تضور من الليل ، قال : «لا إله إلّا الله ، الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار».

١٢٧ ـ أخبرنا أبو الحسين بن [الفضل] (١) القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثني الأصبغ بن الفرج ويحيى بن عبد الله بن بكير والحجاج الأزرق ، قالوا : أخبرنا عبد الله بن وهب ح.

١٢٨ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف بن خالد ، حدّثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو ، حدّثنا ابن وهب ، أخبرني أبو هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة / قال وعرشه على الماء».

رواه مسلم في «الصحيح» عن أبي الطاهر.

١٢٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا إسماعيل بن قتيبة ، حدّثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا حمّاد [ح] (٢).

__________________

(١) في الأصل [الفطر] وهو خطأ ، والصحيح ما أثبت عما في مصادر ترجمته ، انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٧ / ٣٣).

(٢) ليست في الأصل ، وأثبتها جريّا على عادة المصنف وغيره من أهل الحديث.

١٦٩

١٣٠ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا مسدد ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن يزيد الرشك حدثنا مطرف ، عن عمران بن حصين قال : قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أعلم أهل الجنّة من أهل النّار؟ قال : «نعم» قال : ففيم يعمل العاملون؟ قال : «كلّ ميسر لما خلق له».

وفي رواية يحيى «قيل : يا رسول الله».

رواه مسلم في «الصحيح» عن يحيى بن يحيى (١) ، وأخرجاه من أوجه أخر عن يزيد (٢) ، وفيه وفيما قبله بيان وقوع أعمال العاملين بتيسير الله تعالى وتقديره وفي ذلك بيان وقوعها مقدرة لله تعالى مكونة له.

١٣١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو النضر [محمد بن محمد] (٣) بن يوسف الفقيه ، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا مروان بن معاوية ، حدّثنا أبو مالك الأشجعي ح.

١٣٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قالا : حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدميّ ، حدّثنا فضيل بن سليمان ، عن أبي مالك الأشجعي ح.

١٣٣ ـ وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا هشام بن علي السيرافي وأبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قالا : حدّثنا عبد الله بن رجاء حدّثنا يحيى [بن] (٤) زكريا ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله خلق كل صانع وصنعته»

__________________

(١) كتاب القدر (٤ / ٢٠٤١).

(٢) البخاري ، كتاب القدر (٦٥٩٦) باب : جف القلم على علم الله ، ومسلم كتاب القدر (٤ / ٢٠٤١).

(٣) في الأصل بتكرر [محمد] مرة ثالثة والصحيح بحذفها كما في مصادر ترجمته ، انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٥ / ٤٩٠).

(٤) في الأصل [أبو] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (٨ / ٣٣٧).

١٧٠

وفي رواية فضيل ومروان «إنّ الله يصنع كل صانع وصنعته».

١٣٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ / حدّثنا أبو بكر محمد بن الهيثم المطوّعي ببخارى حدّثنا محمد بن يوسف الفربري قال : سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يقول : «أفعال العباد مخلوقة».

فقد حدّثنا علي بن عبد الله ، حدّثنا مروان بن معاوية ، حدّثنا أبو مالك ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله يصنع كل صنع وصنعته».

قال أبو عبد الله : سمعت عبيد الله بن سعيد يقول : سمعت يحيى بن سعيد يقول : ما زلت أسمع أصحابنا يقولون : أفعال العباد مخلوقة. قال أبو عبد الله : وتلا بعضهم عند ذلك (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١).

١٣٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار ـ إملاء ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الفرج ، حدّثنا حجاج بن محمد ح.

١٣٦ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال : قرئ على يحيى بن حفص بن الزبرقان وأنا أسمع قال : حدّثنا حجاج بن محمد الأعور قال : قال ابن جريج : أخبرني إسماعيل بن أميّة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ـ مولى أم سلمة ـ عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيدي فقال : «خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة فيما بين العصر إلى الليل».

رواه مسلم في «الصحيح» عن سريج بن يونس ، وغيره عن حجاج بن محمد (٢) وقد سمّى الله ـ عزوجل ـ في كتابه المشي في الأرض

__________________

(١) سورة الصافات ، الآية رقم (٩٦).

(٢) كتاب صفات المنافقين (٤ / ٢١٤٩ ، ٢١٥٠).

١٧١

مرحا مكروها وسمى الإيمان نورا ، وقد أخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن خلقهما معا في كتاب الله ـ عزوجل ـ (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١) ثم سمّى الكفر ظلمة والإيمان نورا [بقوله] (٢) (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٣).

١٣٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا إسماعيل بن أحمد ، حدّثنا / محمد بن الحسن بن قتيبة ، حدّثنا حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أنّ سعيد بن المسيب أخبره أنّ أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «جعل [الله] (٤) الرّحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتّى ترفع الدّابّة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه».

رواه مسلم في «الصحيح» عن حرملة بن يحيى (٥).

١٣٨ ـ أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال : أخبرني الحسن ـ هو ابن سفيان ـ حدّثنا قتيبة ، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو ـ هو ابن أبي عمرو ـ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة ، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر كلّ الذي عند الله من رحمته لم ييأس من الرحمة ، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النّار».

رواه البخاري في «الصحيح» عن قتيبة بن سعيد (٦).

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية رقم (١).

(٢) في الأصل [بقولهم] وهو خطأ.

(٣) سورة البقرة ، الآية رقم (٢٥٧).

(٤) ليست في الأصل ، وهي عند مسلم (٤ / ٢١٠٨).

(٥) كتاب التوبة ، (٤ / ٢١٠٨).

(٦) كتاب الرقاق ، (٦٤٦٩) باب : الرجاء مع الخوف.

١٧٢

١٣٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الله ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبو معاوية ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق يوم خلق السّماوات والأرض مائة رحمة ، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض ، فجعل منها رحمة ؛ فبها تعطف الوالدة على ولدها ، والوحش والطّير بعضها على بعض ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة».

رواه مسلم في «الصحيح» (١) عن محمد بن عبد الله بن [نمير] (٢).

١٤٠ ـ حدّثنا / أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أبو حامد بن الشرقي ، حدّثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدّثنا سفيان ، حدّثنا صالح بن كيسان ، عن سالم ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزو [فأوفى] (٣) على فدفد من الأرض قال : «تائبون إن شاء الله ، عابدون حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده».

أخرجه البخاري في «الصحيح» من حديث صالح بن كيسان (٤) ، وأخرجاه من حديث نافع عن ابن عمر (٥).

١٤١ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا العباس بن محمد الدوريّ ، حدّثنا سعيد بن شرحبيل ، حدّثنا الليث ، عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقول : «لا إله إلا الله وحده ، أعز جنده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ، فلا شيء بعده».

__________________

(١) كتاب التوبة (٤ / ٢١٠٩).

(٢) في الأصل [تميم] وهو خطأ ، والتصحيح من صحيح مسلم (٤ / ٢١٠٩).

(٣) في الأصل [أوفى] وما أثبت فمن مسند الإمام أحمد (٢ / ١٠).

(٤) كتاب الجهاد (٢٩٩٥) باب : التكبير إذا علا شرفا.

(٥) البخاري ، كتاب الدعوات باب : الدعاء إذا هبط واديا ، ومسلم كتاب الحج (٢ / ٩٨٠).

١٧٣

رواه مسلم في «الصحيح» عن قتيبة ، عن الليث (١).

١٤٢ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدّثنا محمد بن عيسى بن أبي قماش ، حدّثنا سليمان بن حرب وابن عائشة ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحرك شفتيه بشيء ؛ فقلنا له فقال : «أقول : اللهم بك أقاتل ، وبك أحاول ، وبك أصاول ، ولا حول ولا قوة إلّا بك».

١٤٣ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدّثنا عبيد بن شريك ، حدّثنا ابن أبي مريم ، حدّثنا ابن أبي حازم قال : حدّثني أبو حازم أنّه سمع سهل بن سعد يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم خيبر : «لأعطينّ الرّاية رجلا يفتح الله على يده ، فبات النّاس يدوكون أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجوا أن يعطاها فقال رسول الله / صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أين عليّ بن أبي طالب؟ قالوا : يا رسول الله ، هو يشتكي عينيه ، فأرسل إليه فبصق في عينيه ودعا له فبرأ مكانه حتّى لكأنّه لم يكن به شيء ، فأعطاه الرّاية فقال : يا رسول الله ، أنقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا؟ فقال : على رسلك أنفذ حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحق ، فو الله لأن يهدي الله بك الرجل الواحد خير لك من حمر النّعم».

أخرجاه في «الصحيح» من حديث عبد العزيز بن أبي حازم (٢). وفيه دلالة على أن الفتح من الله تعالى على يدي من باشر الفتح ، والهدى من الله تعالى على يد من باشره حيث قال : «يفتح الله على يديه» وقال : «يهدي الله بك» فأثبت الخلق والكسب جميعا.

١٤٤ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ـ رحمه‌الله ـ

__________________

(١) كتاب الذكر والدعاء (١٧ / ٤٣ ـ مع الشرح).

(٢) البخاري ، كتاب الجهاد (٢٩٤٢) باب : دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الإسلام والنبوة وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله ، ومسلم كتاب فضائل الصحابة (٤ / ١٨٧٢).

١٧٤

أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يونس بن حبيب ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن غيلان ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال أتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نستحمله فقال : «والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم ، ثمّ أتي بإبل فحملنا على ثلاثة غر الذرى فلما رجعنا قلت لأصحابي : والله لا يبارك الله لنا ، حلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يحملنا ، ارجعوا قلنا : يا رسول الله ، إنّك حلفت أن لا تحملنا قال : «ما أنا حملتكم ، ما حملكم إلّا الله ، والله إن شاء الله ـ لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلّا كفرت يميني وأتيت الذي هو خير».

أخرجاه في «الصحيح» من حديث حمّاد بن زيد (١). وهذا في معنى قوله عزوجل : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٢).

١٤٥ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قصة بدر قال : ورفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده / فقال : «إنّك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا» فقال له جبريل ـ عليه‌السلام ـ : «خذ قبضة من التراب ، فأخذ قبضة من تراب فرمى بها وجوههم ، فما من المشركين من أحد إلّا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة ، فولوا مدبرين».

١٤٦ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أخبرنا أبو جعفر بن دحيم ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ، أخبرنا وكيع عن الأعمش ، عن المعرور قال : قال عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ إنّ في طلب الرجل إلى أخيه الحاجة لفتنة ، إن أعطاه إياها حمد غير الذي أعطاه ، وإن منعه لام غير الذي منعه.

__________________

(١) البخاري ، كتاب الأيمان والنذور (٦٦٢٣) باب : قول الله تعالى : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ ...) الآية ومسلم كتاب الأيمان (٣ / ١٢٦٨).

(٢) سورة الأنفال ، الآية رقم (١٧).

١٧٥

١٤٧ ـ وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (١) قال : يقول أئمة هدى يهتدي بنا ، ولا يجعلنا أئمة ضلّالا ؛ لأنّه قال لأهل السعادة : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) (٢) وقال لأهل الشقاوة : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) (٣).

١٤٨ ـ أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفّار ، حدّثنا أحمد بن منصور ، حدّثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : إنّ الرحم تقطع ، وإنّ النعمة تكفر ، وإنّ الله ـ عزوجل ـ إذا قارب بين القلوب لم يزجرها شيء أبدا ، ثم قرأ ابن عباس (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (٤) الآية.

١٤٩ ـ أخبرنا الأستاذ أبو بكر بن فورك ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يونس بن حبيب ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي موسى أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «والذي نفسي بيده إنّ المعروف والمنكر لخليقتان تنصبان للناس يوم القيامة ، / فأمّا المعروف فيعيد أهله الخير [ويمنهم] (٥) وأمّا المنكر فيقول : إليكم إليكم ، وما تستطيعون له إلّا لزوما».

١٥٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا محمد بن عيسى بن السكن الواسطي ، حدّثنا القواريري ، حدّثنا معاذ بن هشام ، حدّثنا أبي ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي موسى أنّ

__________________

(١) سورة الفرقان ، الآية رقم (٧٤).

(٢) سورة الأنبياء ، الآية رقم (٧).

(٣) سورة القصص ، الآية رقم (٤١).

(٤) سورة الأنفال ، الآية رقم (٦٣).

(٥) في الأصل [ويمنيه] وما أثبت من «الاعتقاد» للمصنّف (ص ١٤٤).

١٧٦

نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الخير والشر خليقتان تنصبان للناس يوم القيامة» قال وذكر الحديث.

١٥١ ـ أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحرب الفقيه ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمد بن موسى بن علي الدولابي ويعقوب بن إبراهيم قالا : حدّثنا الحسن بن عرفة ، حدّثنا إسماعيل بن عياش ، عن حميد بن مالك اللخمي ، عن مكحول ، عن معاذ بن جبل قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا معاذ ، ما خلق الله شيئا على وجه الأرض أحبّ إليه من العتاق ، ولا خلق الله شيئا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق».

قال الشيخ : هذا إسناد غير قوي ، وفيه انقطاع عن مكحول ومعاذ والله أعلم.

١٥٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، من أصل كتابه قال : حدّثني جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ ، حدّثنا أحمد بن سلم البصري ح.

١٥٣ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي قالا : حدّثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا أبو العباس إبراهيم بن محمد الفرائضي ، حدّثنا محمد بن الفضل بن حمّاد بن ميمون الخياط ، حدّثنا أحمد بن محمد بن سلم بن العلاء العميري ، حدّثني مالك بن سعير بن الخمس ، عن أبيه ، عن جده أبي أمه عمرو بن مالك النكري ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن جبريل / عن الله تبارك وتعالى قال : «إنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : ابن آدم ، أنا خلقت الخير والشر ، فطوبى لعبد قدرت على يديه الخير ، وويل لعبد قدرت على يديه الشر».

وفي رواية جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمرو بن مالك. ولعل رواية الخياط أصح. إسناده غير قوي.

١٥٤ ـ أخبرنا أبو سعد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي

١٧٧

الحافظ ، حدّثنا عبد الله بن محمد بن سلم ، حدّثنا الحسين بن الحسن المروزي ، أخبرنا الهيثم بن جميل ، حدّثنا الهذيل بن [بلال] (١) المدائني ، حدّثنا [عمر] (٢) بن واقد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن جده قال : جاء أهل نجران إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : الآجال والأرزاق تقدر ، والأعمال إلينا. فأنزل الله تبارك وتعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٣) إلى قوله : (كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) إلى قوله : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (٤).

١٥٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا علي بن عيسى ، حدّثنا زكريا بن دلشاذ الفرهاذجردي ، حدّثنا محمد بن رافع ، حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن الصنعاني قال : سمعت وهب بن منبه وهو يخطب على المنبر ، فقال : إنّي وجدت في كتاب الله أنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : «إنّ مني الخير ، وأنا قدرته ، وقدرته لخيار عبادي ، فطوبى لمن قدته له ، وإنّ مني الشر ، وأنا قدرته ، وقدرته لشرار خلقي ، فويل لمن قدرته له».

١٥٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا محمد بن أيوب ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن مسافع الحاجب أنّه قال : وجدوا حجرا حين نقضوا البيت فيه ثلاث صفوح ، فيها كتاب من كتاب الأول ، فدعي رجل فقرأه ، قال : «أنا الله ذو بكة ، خلقت الخير والشر ، فطوبى لمن كان الخير على يديه ، وويل لمن كان الشر على يديه».

__________________

(١) في الأصل [هلال] والصواب ما أثبت كما عند ابن عدي في «الكامل» (٧ / ٥٨٣).

(٢) في الأصل [عثمان] والتصحيح من «الكامل» لابن عدي (٧ / ٣).

(٣) سورة القمر ، الآية رقم (٤٧ ـ ٥٣).

(٤) سورة القمر ، الآية رقم (٥٣).

١٧٨

باب

ذكر البيان أن أفعال الخلق

كلها تقع بمشيئة الله جلّ ثناؤه وإرادته

قال الله ـ عزوجل ـ : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (١) وقال : و (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٢) وقال : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (٣) وقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) (٤) وقال : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (٥) وقال : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) (٦) وقال : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧) وقال : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٨) وقال : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (٩) ، وقال : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) (١٠) وقال : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) (١١) وقال : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (١٢) وقال : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (١٣) وقال : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١٤) وقال :

__________________

(١) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٩).

(٢) سورة الأنعام ، الآية رقم (١١١).

(٣) سورة السجدة ، الآية رقم (١٣).

(٤) سورة الأنعام ، الآية رقم (٣٥).

(٥) سورة يونس ، الآية رقم (٩٩).

(٦) سورة الأنعام ، الآية رقم (١١٢).

(٧) سورة الأنعام ، الآية رقم (٣٩).

(٨) سورة المدثر ، الآية رقم (٣٥).

(٩) سورة الأنعام ، الآية رقم (١٢٥).

(١٠) سورة المائدة ، الآية رقم (٤١).

(١١) سورة الإسراء ، الآية رقم (١٦).

(١٢) سورة هود ، الآية رقم (٣٤).

(١٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٨٨).

(١٤) سورة الكهف ، الآية رقم (٢٣ ، ٢٤).

١٧٩

(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (١) وقال : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٢) وقال : (وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٣) وقال : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) (٤). وإنّما أراد بإرادته ومشيئته لأنّه لا يأمر بالسحر والكهانة والإصابة من المسلمين ، وفي جميع ذلك دلالة على أنّه لا يقع لبشر قول ولا عمل ولا نية إلّا بمشيئة الله تعالى وإرادته ، وأنّه يريد هدى من سبق في علمه سعادته وإضلال من سبق في علمه شقاوته ، فلا يريد خلاف ما علم ، ولا يكون خلاف ما يريد ، وقال خبرا عن الجن الذين استمعوا القرآن : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) (٥) وقال : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) (٦) وقد كتبنا سائر الآيات ومن الأخبار والآثار التي وردت في إثبات المشيئة في كتاب «الأسماء والصفات» ما فيه الكفاية.

١٥٧ ـ حدّثنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ ، حدّثنا أبو الحسن علي بن بندار بن الحسين الصوفي ، أخبرنا (٧) عبد الرحمن بن أحمد بن موسى عبدان الحافظ ، حدّثنا محمد بن مصفى ، حدّثنا بقية بن الوليد ح.

١٥٨ ـ وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور ، وأخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي ، حدثني أبو أنس مالك بن سليمان ، حدثنا بقية ، عن عمر بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن إبراهيم قال : لمّا أنزل الله ـ عزوجل ـ على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٨) قالوا : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم. فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٩).

__________________

(١) سورة الأعلى ، الآية رقم (٦).

(٢) سورة البقرة ، الآية رقم (١٠٢).

(٣) سورة المجادلة ، الآية رقم (١٠).

(٤) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٦٦).

(٥) سورة الجن ، الآية رقم (١٠).

(٦) سورة الفتح ، الآية رقم (١١).

(٧) في الأصل يتكرر [أخبرنا].

(٨) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٨).

(٩) سورة التكوير ، الآية رقم (٢٩).

١٨٠