كتاب القضاء والقدر

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي

كتاب القضاء والقدر

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي


المحقق: محمّد بن عبدالله آل عامر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة العبيكان
الطبعة: ١
ISBN: 9960-20-621-1
الصفحات: ٤٤٥

محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن إسحاق ، حدّثنا حسين بن محمد ، أبو أحمد ، حدّثنا جرير بن حازم ، عن كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أخذ الله الميثاق من ظهر آدم عليه‌السلام بنعمان ـ يعني : عرفه ـ فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ثمّ نثرهم بين يديه كالذر ، ثم كلمهم قبلا قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا) (١) الآية.

٦٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة ، حدّثنا أحمد بن حازم الغفاري (٢) حدّثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا أبو [جعفر] (٣) عيسى بن عبد الله بن ماهان ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبيّ بن كعب في قوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) إلى قوله : (أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (٤) قال : أجمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة فجعلهم أرواحا ثمّ صوّرهم واستنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (٥) قال : فإنّي أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة : لم نعلم ، أو تقولوا : إنّا كنّا عن هذا غافلين. فلا تشركوا بي شيئا ، فإنّي أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي / فقالوا : نشهد أنك ربّنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك ، ورفع لهم أبوهم

__________________

(١) سورة الأعرف ، الآية رقم (١٧٢ ، ١٧٣).

(٢) في الأصل [القصاري] والصحيح ما أثبت.

(٣) في الأصل [حفص] والتصحيح من «المستدرك» للحاكم (٢ / ٣٢٣) ، و «جامع البيان» للطبري (١٣ / ٢٣٨ ـ ١٥٣٦١).

(٤) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٢ ، ١٧٣).

(٥) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٢ ، ١٧٣).

١٤١

آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغنيّ والفقير وحسن الصورة وغير ذلك ، فقال : ربّ لو سوّيت بين عبادك فقال : إنّي أحبّ أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج ، وخصوا بميثاق آخر بالرسالة والنبوة فذلك قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) (١) الآية وهو قوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٢) وذلك قوله : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) (٣) وقوله : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) (٤) وهو قوله : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) (٥) كان في علمه يوم أقرّوا بما أقرّوا به من يكذّب به ومن يصدق به.

٦٧ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن عبد الوهاب ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا عبد الرحمن ـ يعني بن عبد الله ـ عن علي بن بذيمة عن [سعيد] (٦) بن جبير ، عن ابن عباس (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) (٧) الآية قال : خلق الله آدم فأخذ ميثاقه أنّه ربه وكتب أجله ورزقه ومصائبه ، ثم أخرج من ظهره كالذر ، فأخذ ميثاقهم أنّه ربهم ، وكتب أجلهم وأرزاقهم ومصائبهم.

٦٨ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (٨) قال : إنّ الله ـ عز

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية رقم (٧).

(٢) سورة الروم ، الآية رقم (٣٠).

(٣) سورة النجم ، الآية رقم (٥٦).

(٤) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٠٣).

(٥) سورة يونس ، الآية رقم (٧٤).

(٦) في الأصل [نصير] والصحيح ما أثبت كما في «جامع البيان» للطبري (١٣ / ٢٣٨).

(٧) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٣).

(٨) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٣).

١٤٢

وجل ـ خلق آدم ثم أخرج ذريته من صلبه مثل الذر فقال لهم : من ربكم؟ قالوا : الله ربنا ، ثمّ أعادهم في صلبه حتى يولد كل من أخذ ميثاقه لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم / إلى أن تقوم الساعة.

٦٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا محمد بن الخليل الأصبهاني ، حدّثنا موسى بن إسحاق الأنصاري ، حدّثنا منجاب بن الحارث ، حدّثنا علي بن المسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس في قوله ـ عزوجل ـ : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (١) أي : بعد الإقرار والميثاق بالله ـ عزوجل ـ.

وروي ذلك مرفوعا ، والموقوف أصح.

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية رقم (١٠٦).

١٤٣

باب

ذكر البيان أنّ الله

ـ عزوجل ـ خلق الجنّة وخلق لها أهلا

خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم ، وهم كلّ من سبق في علمه سعادته ، ثم جرى القلم بها ، وأصابه النور الذي ألقاه عليهم ، وخرج في المسحة الأولى من ظهر آدم ، وأقر بالتوحيد طوعا حين أخذ منهم الميثاق ، وخلق النّار وخلق لها أهلا ، خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم ، وهم كلّ من سبق في علمه شقاوته ، ثم جرى القلم بها ، وأخطأه النور ، وخرج في المسحة الأخرى من ظهر آدم ، وامتنع من الإقرار بالتوحيد أو أقرّ به كرها قال الله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (١) وقال : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٢)

٧٠ ـ أخبرنا أبو علي الحسين بن محمّد الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدّثنا أبو داود ، حدّثنا محمّد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، عن طلحة بن يحيى ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين قالت : أتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بصبي من الأنصار يصلّي عليه قالت : قلت : يا رسول الله طوبى لهذا ؛ لم يعمل شرا ولم يدر به. قال : أو غير ذلك يا عائشة : إنّ الله ـ عزوجل ـ خلق الجنّة ، وخلق لها أهلا وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق النّار وخلق لها أهلا ، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم».

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٩).

(٢) سورة هود ، الآية رقم (١١٨ ، ١١٩).

١٤٤

أخرجه مسلم في «الصحيح» من وجهين آخرين عن سفيان الثوري (١).

٧١ ـ أخبرنا أبو عبد الله / الحافظ ، حدّثنا أبو النضر الفقيه ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عبد الله الحضرمي والحسن بن سفيان قالا : حدّثنا إبراهيم بن سعيد ، حدّثنا أبو أحمد عن سفيان ، عن أيوب وإسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : هؤلاء لهذه ، وهؤلاء لهذه. قال : فتفرّق النّاس وهم لا يختلفون في القدر.

٧٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله ، قال : أخبرني أبو النضر الفقيه ، حدّثنا نصر بن أحمد البغداديّ الحافظ ، حدّثنا إبراهيم بن سعيد فذكره بإسناده إلّا أنّه قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هؤلاء للجنّة ولا أبالي ، وهؤلاء للنّار ولا أبالي».

٧٣ ـ أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، حدّثنا أبو الحسن الطرائفي ، حدّثنا عثمان بن سعيد ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً) (٢) يقول : خلقنا لجهنم كثيرا (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وقوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٣) يقول : فريقين ، فريقا يرحم ولا يختلف ، وفريقا لا يرحم ويختلف ، وذلك قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) (٤) وعن ابن عباس في قوله : (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٥) قال : وهم الكفار الذين خلقهم الله للنّار ، وخلق النّار لهم فزالت عنهم الدّنيا ، وحرمت عليهم الجنّة قال الله تبارك وتعالى : (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) (٦).

__________________

(١) كتاب القدر (٤ / ٢٠٥٠).

(٢) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٩).

(٣) سورة هود ، الآية رقم (١١٨ ، ١١٩).

(٤) سورة هود ، الآية رقم (١٠٥).

(٥) سورة الزمر ، الآية رقم (١٥).

(٦) سورة الحج ، الآية رقم (١١٠).

١٤٥

٧٤ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا أبو النعمان ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن خالد الحذّاء قال : سأل رجل الحسن فقال : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) (١) قال : أهل رحمته لا يختلفون (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) قال : خلق هؤلاء للجنّة ، وخلق هؤلاء للنّار.

٧٥ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا / عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن الحسين ، حدّثنا آدم بن أبي إياس ، حدّثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن في قوله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (٢) قال : على أديان شتّى ، إلّا من رحم ربك ، فإنّهم لا يختلفون ، يقول : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) قال : خلق خلقا للجنّة وخلقا للنّار ، وفي قوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) (٣) يقول : خلقنا لجهنم.

٧٦ ـ أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدّثنا أحمد بن حنبل ، حدّثنا عبد الله بن المبارك ، حدّثنا شريك ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل ، عن عمّار بن ياسر قال : قال موسى : يا ربّ ، خلقت خلقا خلقتهم للنّار؟ فأوحى الله إليه أن ازرع زرعا. فزرعه وسقاه وقام عليه حتى حصده وداسه. فقال : ما فعل زرعك يا موسى؟ قال : قد رفعته. قال : ما تركت منه؟ قال : ما لا خير فيه. قال : فإنّي لا أدخل النّار إلّا من لا خير فيه.

__________________

(١) سورة هود ، الآية رقم (١١٨ ، ١١٩).

(٢) سورة هود ، الآية رقم (١١٨).

(٣) سورة الأعراف ، الآية رقم (١٧٩).

١٤٦

باب

ذكر البيان أنّ كل

من سبق في علم الله ـ عزوجل ـ

كونه سعيدا ، ثمّ جرى القلم بسعادته وخرج في المسحة الأولى من ظهر آدم ، وأصابه النور الذي ألقي عليهم ؛ وأقر بالتّوحيد طوعا في الميثاق الأول ، وجعلت الجنّة له وهو في صلب أبيه ؛ خلق في بطن أمه سعيدا ؛ وولد سعيدا ؛ وختم له بعمل أهل الجنّة ، ومن سبق في علم الله ـ عزوجل ـ كونه شقيا ، ثمّ جرى القلم بشقاوته ، وخرج في المسحة الأخرى من ظهر آدم ، وأخطأه النور الذي ألقي عليهم ، وامتنع من الإقرار بالتّوحيد ، أو أقر به كرها في الميثاق الأوّل ، وجعلت النّار له وهو في صلب أبيه ، خلق في بطن أمه شقيا ، وولد شقيا ، وختم له بعمل أهل النّار ، نعوذ بالله من النّار

قال الله ـ عزوجل ـ في الغلام الذي قتله الخضر ـ عليه‌السلام : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) / (١) فأشار إلى كفره قبل بلوغه ، وأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأنّه طبع كافرا ، وأخبر الله ـ عزوجل ـ بأنّه يبدّلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما ، وفي ذلك إخبار عن خلقه في بطن أمه خيّرا زكيا ، وقال فيما أخبر عن نوح ـ عليه‌السلام : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢) وقال فيما أخبر عن زكريا عليه‌السلام : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣) وقال : (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ

__________________

(١) سورة الكهف ، الآية رقم (٨٠ ، ٨١).

(٢) سورة نوح ، الآية رقم (٢٧).

(٣) سورة آل عمران ، الآية رقم (٣٨ ، ٣٩).

١٤٧

وُلِدَ) (١) وقيل لمريم : (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (٢) وقال فيما أخبر عن عيسى ـ عليه‌السلام ـ : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) (٣) وفي جميع ذلك دلالة على أنّهما خلقا في بطون أمهاتهما مؤمنين ، وولدا مؤمنين ، والذي أشار إليه نوح ـ عليه‌السلام ـ خلق في بطن أمه فاجرا كفّارا.

٧٧ ـ أخبرنا أبو الحسين علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عمرو بن البختري [الرزاز] (٤) ، حدّثنا سعدان بن نصر ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : حدّثنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الصّادق المصدوق : «إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما ، ثمّ يكون علقة مثل ذلك ثمّ يكون مضغة مثل ذلك ، ثمّ يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ثم يؤمر بأربع : اكتب رزقه وعمله وأجله وشقيّ هو أم سعيد ، والذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النّار حتى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها ، وإنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة ، حتى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع ، فيسبق عليه / الكتاب فيختم له بعمل أهل النّار فيدخلها».

٧٨ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو العباس عبد الله بن عبد الرحمن بن حمّاد العسكري ببغداد ، حدّثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد ، حدّثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ، قال حدثنا سليمان بن مهران الأعمش ح.

٧٩ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا أبو جعفر [الرزاز] (٥) ، حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن منصور ، حدّثنا يحيى بن سعيد القطّان ، حدّثنا الأعمش ح.

__________________

(١) سورة مريم ، الآية رقم (١٥).

(٢) سورة مريم ، الآية رقم (١٩).

(٣) سورة مريم ، الآية رقم (٣٣).

(٤) في الأصل [الوزان] والصحيح ما أثبت وهو ما جاء في مصادر ترجمته انظر : «سير أعلام النبلاء» (١٥ / ٣٨٣).

(٥) في الأصل [الوزان] وانظر ما قبله.

١٤٨

٨٠ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي ، حدّثنا محمّد بن عبيد ، حدّثنا الأعمش ، فذكروه بإسناده نحوه.

٨١ ـ وأخبرنا أبو علي الحسن بن محمّد الروذباري ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن محمويه العسكري ، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدّثنا شعبة حدّثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : حدّثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الصادق المصدوق ـ وذكر الحديث.

٨٢ ـ وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ـ ببغداد ـ حدّثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ؛ إملاء ، حدّثنا القاضي إسماعيل بن إسحاق ، حدّثنا محمّد بن كثير العبدي ، أخبرنا سفيان الثوري ، حدّثنا الأعمش ، حدّثنا زيد بن وهب ، حدّثنا عبد الله بن مسعود قال : حدّثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الصادق المصدوق : «إنّ خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين ليلة» فذكر الحديث بمعناه إلّا أنّه لم يذكر نفخ الروح.

أخرجه البخاري في «الصحيح» عن آدم (١) ، وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره (٢) ، عن أبي معاوية ، وأخرجاه من وجه آخر عن الأعمش (٣).

٨٣ ـ وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو علي حامد بن / محمد الرفاء ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا فطر ، عن سلمة بن كهيل ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : حدّثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو الصادق المصدوق فذكر الحديث.

٨٤ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمّد بن

__________________

(١) كتاب التوحيد (٧٤٥٤) باب : (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين).

(٢). (٤ / ٢٠٣٦) كتاب القدر.

(٣) البخاري ، كتاب القدر (٦٥٩٤) ، ومسلم (٤ / ٢٠٣٦ ، ٢٠٣٧) كتاب القدر.

١٤٩

يعقوب ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن إسحاق الصغاني ، حدّثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن معاوية ، حدّثنا عبد الله بن عطاء ، أنّ عكرمة ابن خالد حدّثه أنّ أبا الطفيل حدّثه أنّه سمع عبد الله بن مسعود يقول : الشقي من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من وعظ بغيره قال : فخرجت من عنده أتعجب ممّا سمعت منه ، حتى دخلت على أبي [سريحة] (١) حذيفة بن أسيد الغفاري ، فتعجبت عنده فقال : ممّ تضحك؟ قلت : سمعت أخاك عبد الله بن مسعود يقول : الشقيّ من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من وعظ بغيره. قال : ومن أيّ ذلك تعجب؟ قلت : أيشقى أحد بغير عمل؟ قال : فأهوى إلى أذنيه فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأذنيّ هاتين يقول : إنّ النّطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ، ثمّ يتصور عليها الملك. قال زهير : حسبته قال : الذي يخلّقها فيقول : يا ربّ أذكر أم أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ، فيقول : يا ربّ ، أسوي أو غير سوي؟ فيجعله الله سويّا أو غير سوي ، ثمّ يقول : أي ربّ ، ما أجله ما رزقه ما خلقه؟ ثمّ يجعله الله شقيا أو سعيدا.

رواه مسلم في «الصحيح» عن محمد بن أحمد بن أبي خلف ، عن يحيى بن بكير (٢).

٨٥ ـ أخبرنا أبو الحسن محمّد بن الحسين بن داود العلوي ـ رحمه‌الله ـ أخبرنا أحمد بن محمّد بن الحسن الحافظ ، حدّثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، حدّثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد ، يبلغ به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : / «يوكل الملك الموكل على النّطفة بعد ما يستقر في الرحم بأربعين أو [خمس وأربعين] (٣) ليلة يقول : أي ربّ ما ذا ، أشقي أم سعيد؟ فيقول الله ـ عزوجل ـ فيكتبان ، ثمّ يقول : أي ربّ ، أذكر أم أنثى؟ فيقول الله ؛ فيكتبان ؛ فيكتب عمله وأجله ورزقه وأثره ، ثمّ يرفع الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص».

__________________

(١) في الأصل [شريحة] بإعجام السين ، والصحيح ما أثبت.

(٢) كتاب القدر (٤ / ٢٠٣٧ ، ٢٠٣٨).

(٣) في الأصل [أو خمسين وأربعين] وما أثبت من صحيح مسلم (٤ / ٢٠٣٧).

١٥٠

رواه مسلم في «الصحيح» عن زهير بن حرب وابن نمير ، عن سفيان ، وأخرجه أيضا من حديث أبي الزبير المكيّ وكلثوم بن جبر ، عن أبي الطفيل (١).

٨٦ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدّثنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم ، حدّثنا حجاج بن منهال ح.

٨٧ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو بكر بن عبد الله ، أخبرنا الحسن بن سفيان ، حدّثنا أبو كامل الجحدري [ح] (٢).

٨٨ ـ وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ ، أخبرنا الحسن بن محمد حدثنا أبو كامل الجحدري [ح] (٣).

٨٩ ـ وأخبرنا أبو الحسن علي بن إسحاق ، حدّثنا يوسف بن يعقوب ، حدّثنا مسدد قال : أخبرنا حمّاد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن جده أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله ـ عزوجل ـ وكّل بالرّحم ملكا فيقول : يا ربّ نطفة ، يا ربّ علقة ، يا ربّ مضغه ، فإذا أراد الله تعالى خلقه قال : أي ربّ أذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرّزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمّه».

لفظ حديث مسدد وفي رواية أبي كامل «وكّل الله».

رواه البخاري في «الصحيح» عن مسدد وغيره (٤) ، عن حماد بن زيد. ورواه مسلم ، عن أبي كامل (٥).

٩٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد ، أخبرنا [ابن] (٦) شعيب ،

__________________

(١) كتاب القدر (٤ / ٢٠٣٧ ، ٢٠٣٨).

(٢) علامة التحويل ليست في الأصل ، وإنّما أثبتها جريّا على عادة المصنف.

(٣) ليست في الأصل وإنما أثبتها جريا على عادة المصنف وغيره من أهل الحديث.

(٤) البخاري ، كتاب الحيض باب : (مخلقة وغير مخلقة).

(٥) كتاب القدر (٤ / ٢٠٣٨).

(٦) في الأصل [أبو] والصحيح ما أثبت كما في مصادر ترجمته ، وانظر : «سير أعلام النبلاء» (٩ / ٤١٢).

١٥١

أخبرني خالد بن يزيد بن صبيح المري عن يونس بن ميسرة ابن حلبس أنّه حدّثهم قال : حدّثتني أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم / أنّه قال : «فرغ الله إلى كل عبد من خمس ، من أجله ومن عمله ورزقه وأثره ومضجعه ، لا يتعداهن عبد».

٩١ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ ، أخبرنا أبو محمّد يحيى بن محمّد بن صاعد ، حدّثنا أبو عبد الرحيم محمّد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني ـ بالمدينة سنة خمس وأربعين قدم للحج ـ حدّثنا المعلى بن أسد ، حدثنا وهيب ، عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى ، فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيي كافرا ويموت كافرا. ومنهم من يولد مؤمنا ، ويحيى مؤمنا ، ويموت كافرا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت مؤمنا.

إسناده صحيح ، ورواه ـ أيضا ـ علي بن زيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد في الخطبة. وقوله في الطبقة الثالثة «يولد مؤمنا» يريد بإيمانه أحد أبويه ثمّ يبلغ عليه حتى إذا أدركته الشقاوة التي كتبت عليه صار مرتدا ، وقوله في الطبقة الرابعة «يولد كافرا» يريد بكفر أبويه ثمّ يبلغ عليه ، حتى إذا أدركته السعادة التي كتبت له صار مؤمنا والله أعلم.

٩٢ ـ أخبرنا أبو محمّد الحسن بن علي بن المؤمل ، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز ـ بمكة ح.

٩٣ ـ و [أخبرنا] (١) عبد الله محمّد بن الفضل بن نظيف المصري بمكة ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن أبي [الموت] (٢) ؛ إملاء حدّثنا علي بن عبد العزيز ، حدّثنا القعنبي ، حدّثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه

__________________

(١) ما بين القوسين المعكوفين ليس في الأصل ، وأثبته لإيضاح السياق.

(٢) بياض في الأصل والاستكمال من كتاب الاعتقاد للمؤلف (ص ١٣٨).

١٥٢

عن رقبة بن مسقلة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبيّ بن كعب أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا».

رواه مسلم في «الصحيح» عن القعنبي (١).

٩٤ ـ وأخبرنا أبو علي / الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة حدّثنا أبو داود ، حدّثنا محمود بن خالد ، حدّثنا الفريابي ، عن إسرائيل ، حدّثنا أبو إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، حدثنا أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله يقول في قوله : (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ) (٢) وكان يوم طبع كافرا».

ورواه أيضا محمّد بن أبان ، عن أبي إسحاق رفعه.

٩٥ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدّثنا محمّد بن مهران الرازي ، حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : حدّثني أبيّ بن كعب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أبصر الخضر غلاما يلعب مع الصبيان فتناول رأسه فقلعه ، فقال موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) (٣) الآية.

٩٦ ـ أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد الماليني ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن محمّد بن ناجية ، حدّثنا [عباس بن] (٤) يزيد البحراني ، حدّثنا يحيى بن بسطام العبدي ، حدّثنا ابن أخي هشام الدستوائي ، عن هشام ، عن قتادة ، عن أبي حسّان ، عن ناجية ، عن عبد الله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خلق الله فرعون في بطن أمّه كافرا ، وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمّه مؤمنا».

__________________

(١) كتاب القدر (٤ / ٢٠٥٠).

(٢) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٤).

(٣) سورة الكهف ، الآية رقم (٧٤).

(٤) الاستكمال من «الكامل» لابن عدي (١ / ٣٤٣).

١٥٣

٩٧ ـ قال : وحدّثنا [ابن ناجية ، حدّثنا] (١) عباس بن زيد ، قال : حدّثنا حفص بن عمر ، حدّثنا أيوب بن خوط ، عن قتادة بإسناده مثله.

قال العباس : قال لي رجل من جلساء حمّاد بن زيد يكنى بأبي إسحاق : وقال أبو جزي : والله ما استخرجنا هذا الحديث من قتادة إلّا على رغم أنفه.

أيوب بن خوط ليس بالقوي ، وهو عن هشام الدستوائي منكر ، وقد رواه أبو جزي نصر بن طريف.

٩٨ ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، حدّثنا أحمد ابن عبيد الصفّار ، حدّثنا محمّد بن خلف بن هشام ، حدّثنا / محرز بن عون ، عن حسّان بن إبراهيم الكرماني ، عن نصر بن أبي جزي عن قتادة عن أبي حسان الأعرج ، عن ناجية بن كعب عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خلق الله يحيى في بطن أمّه مؤمنا ، وخلق الله فرعون في بطن أمّه كافرا».

قال الشيخ : نصر بن طريف ضعيف. وروي عن عثمان بن إبراهيم عن قتادة ، وليس بمعروف.

٩٩ ـ أخبرناه أبو الحسن بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، وحدّثنا هشام بن علي ، حدّثنا عوف بن الحكم ، حدّثنا أبو أمية الحبطي ، عن قتادة ، عن أبي حسّان ، عن ناجية بن كعب ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يولد العبد مؤمنا ، ويحيى مؤمنا ، ويموت مؤمنا ، منهم يحيى بن زكريا ، ويولد العبد كافرا ويحيى كافرا ، ويموت كافرا ، منهم فرعون».

١٠٠ ـ قال : وحدّثنا هشام ، حدّثنا شاذ بن فيّاض أبو عبيدة ، حدّثنا عمر بن إبراهيم ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ناجية ، عن عبد الله ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمثله.

قال الشيخ : كذا قال بمثله ، أحاله على حديث أبي أميّة أيوب بن خوط.

__________________

(١) الاستكمال في «الكامل» لابن عدي (١ / ٣٤٣).

١٥٤

١٠١ ـ وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي ببغداد ، حدّثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز ، حدّثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، حدّثنا الخليل بن عمر بن إبراهيم قال : حدّثني أبي عمر بن إبراهيم العبدي ، [ح] (١).

١٠٢ ـ وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، حدّثنا أحمد بن عبيد ، حدّثنا إسحاق الحربي ومعاذ بن المثنى وعبّاس بن الفضل الحربي قالوا : حدّثنا شاذ بن فياض ، حدّثنا عمر بن إبراهيم ، عن قتادة ، عن أبي حسّان ، عن ناجية ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «العبد يولد مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت مؤمنا ، والعبد يولد كافرا ويعيش كافرا ويموت كافرا ، والعبد يعمل البرهة من دهره بالشقاوة ، ثمّ يدركه ما كتب له فيموت مؤمنا ، وإنّ العبد / ليعمل برهة من دهره بالسعادة ، ثمّ يدركه ما كتب له فيموت كافرا».

قال : هذا هو المشهور عن عمر بن إبراهيم بهذا اللفظ ، وعمر بن إبراهيم ـ أيضا ـ ليس بالقوي.

١٠٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا : حدّثنا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا أبو العباس محمد بن علي بن ميمون ، حدّثنا أبو محمّد الغلابي ، حدّثنا أبو وهب عبد العزيز بن عبد الله ، حدّثنا أبو هلال الراسبي ، عن قتادة ، عن أبي حسّان الأعرج عن ناجية عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خلق الله ـ عزوجل ـ يحيى بن زكريا في بطن أمّه مؤمنا ، وخلق فرعون في بطن أمّه كافرا».

١٠٤ ـ قال أبو (٢) وهب : وحدّثني شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية ، عن عبد الله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثله.

__________________

(١) ليست في الأصل ، وإنّما أثبتها جريا على عادة المصنف وغيره من أهل الحديث.

(٢) في الأصل [ابن] والصحيح ما أثبت.

١٥٥

قال [الشيخ] (١) أبو وهب : هذا ضعيف.

وفي كتاب الله ـ عزوجل ـ أبين الدلالة على أنّه خلق يحيى بن زكريا في بطن أمّه مؤمنا وقد مضى ذكره ، [و] (٢) في جملة الأخبار الثابتة بعده دلالة على ذلك [و] على أنّ فرعون خلق في بطن أمّه كافرا ، وممّا يدل على ذلك ـ أيضا ـ ما :

١٠٥ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن علي القاضي. وأبو عبد الرحمن السلميّ ، من أصله وأبو عبد الله الحافظ قالوا : حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن علي الميموني بالرقة [ح] (٣).

١٠٦ ـ وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ، حدّثنا محمد بن عبد الله بن عمرويه حدّثنا محمد بن إسحاق الصغاني ح.

١٠٧ ـ وأخبرنا أبو الخير جامع بن أحمد الوكيل ، حدّثنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمدآباذي حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ قالوا : حدّثنا عبد الرحمن بن المبارك البصري ، حدّثنا حمّاد بن زيد ، عن هشام بن حسّان ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «السعيد من سعد في بطن أمّه».

لفظ [حديث] (٤) الميموني وفي رواية الصغاني والدارمي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورواه يحيى بن عبيد الله التيمي عن أبيه عن أبي هريرة / قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وزاد فيه : «الشقي من شقي في بطن أمّه».

١٠٨ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا أبو المثنى ، حدّثنا مسدد ، حدّثنا خالد ، حدّثنا يحيى بن عبيد الله فذكره.

__________________

(١) ليست في الأصل ، وبدونها لا يستقيم النص.

(٢) ليست في الأصل ، وبدونها لا يستقيم النص.

(٣) ليست في الأصل ، وإنّما أثبتها جريّا على عادة المصنف ، وغيره من أهل الحديث.

(٤) في الأصل [الحديث].

١٥٦

١٠٩ ـ أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطّان ـ ببغداد ـ حدّثنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان ، حدّثنا أبو اليمان قال : أخبرني شعيب. وحدّثنا يعقوب ، حدّثنا الحجاج بن أبي منيع ، حدّثنا جدّي ـ جميعا ـ عن الزّهريّ قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنّه قال : غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه غشية ظنّوا أنّها قد فاضت نفسه فيها وجلّلوه ثوبا ، وخرجت أم كلثوم بنت عقبة ـ امرأته ـ إلى المسجد تستعين بما أمرت أن تستعين به من الصبر والصلاة ، فلبثوا ساعة وهو في غشيته ، ثمّ أفاق فكان أوّل ما تكلم به أن كبّر فكبّر أهل البيت ومن يليهم ، ثمّ قال : غشي عليّ آنفا؟ قالوا : نعم قال : صدقتم ، فإنّه انطلق بي في غشيتي رجلان ، أجد فيهما شدة وفظاظة وغلظا ، فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين ، فانطلقا بي حتى لقيا رجلا فقال : أين تذهبان بهذا؟ قالا : نحاكمه إلى العزيز الأمين. قال : ارجعا فإنّه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة ، وهم في بطون أمهاتهم ، وإنّه سيمتع به بنوه إلى ما شاء الله ، فعاش بعد ذلك شهرا ثمّ توفي.

١٥٧

باب

ذكر البيان أنّ من كتب سعيدا ختم له

بالسعادة وإن عمل أيّ عمل ، ومن كتب شقيا

ختم له بالشقاوة وإن عمل أيّ عمل

قال الله ـ عزوجل ـ : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (١) ، وقال : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) (٢) وقال : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣).

١١٠ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ / حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ح.

١١١ ـ وأخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو النصر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه ، حدّثنا عثمان بن سعيد الدارميّ ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي مريم ، حدّثنا أبو [غسّان] (٤) قال : حدّثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد : أنّ رجلا كان من أعظم المسلمين عناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا» فاتّبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ النّاس على المشركين ، حتى جرح فاستعجل إلى الموت ، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتّى خرجت من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذي كان معه ـ مسرعا

__________________

(١) سورة الروم ، الآية رقم (٣٠).

(٢) سورة الزمر ، الآية رقم (٣٧).

(٣) سورة الرعد ، الآية رقم (٣٣).

(٤) في الأصل [عساء] وهو خطأ والتصحيح من «صحيح البخاري» كتاب القدر (٦٦٠٧) باب : العمل بالخواتيم.

١٥٨

فقال له : أشهد أنّك رسول الله ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما ذاك» قال : قلت فلان من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا ، فكان من أعظمنا عناء عن المسلمين ، فعلمت أنّه لا يموت على ذلك ، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند ذلك : «إنّ العبد ليعمل عمل أهل الجنّة ، وإنّه من أهل النّار ، ويعمل عمل أهل النّار ، وإنّه لمن أهل الجنّة ، إنما الأعمال بالخواتيم».

رواه البخاري في «الصحيح» عن سعيد بن أبي مريم (١) ، وأخرجاه من حديث يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم (٢).

وقتله نفسه يشبه أن يكون عن استحلال ؛ فاستحق النّار باستحلاله إياه ، والله أعلم.

١١٢ ـ وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ، قال : أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ، حدّثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ـ سنة / إحدى وسبعين ومائتين ـ حدّثنا يحيى بن سعيد القطّان ، حدّثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله بن مسعود قال : حدّثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو الصادق المصدوق ـ : «إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمّه أربعين يوما ـ أو قال أربعين ليلة ـ ثمّ يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثمّ يرسل الله الملك فيؤمر بأربع كلمات قال : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقيّ أو سعيد ، ثمّ ينفخ فيه الروح قال : فو الذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة حتى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل النّار فيكون من أهلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل النّار حتّى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل الجنّة فيكون من أهلها».

__________________

(١) كتاب القدر (٦٦٠٧) باب : العمل بالخواتيم.

(٢) البخاري ، كتاب الرقاق (٦٤٩٣) باب : باب الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها ، ومسلم كتاب الإيمان (١ / ١٠٦).

١٥٩

١١٣ ـ وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار ، وحدّثنا أبو العباس البغدادي ، أحمد بن يونس بن المسيب الضبيّ ، بأصبهان ، حدّثنا أبو بدر ـ يعني شجاع بن الوليد ـ حدّثنا سليمان بن مهران ـ يعني الأعمش ـ فذكره بإسناده ومعناه.

أخرجاه في «الصحيح» من حديث الأعمش كما مضى (١).

١١٤ ـ أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ ، حدّثني أبي ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنّة ، ثمّ يختم له بعمل أهل النّار ، وإنّ الرجل ليعمل العمل الزمن الطويل بعمل أهل النّار ، ثمّ يختم له بعمل أهل الجنة».

رواه مسلم في «الصحيح» عن قتيبة (٢).

١١٥ ـ أخبرنا أبو علي الروذباري وأبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال وأبو الحسين بن الفضل القطّان ، وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ـ ببغداد ـ قالوا : أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفّار ، حدّثنا / الحسن بن عرفة ، حدّثنا علي بن ثابت الجزري ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ العبد ليعمل الزمان الطويل من عمره أو كله بعمل أهل الجنّة ، وإنه لمكتوب عند الله ـ عزوجل ـ من أهل النّار ، وإنّ العبد ليعمل الزمان الطويل من عمره أو أكثره بعمل أهل النّار ، وإنّه لمكتوب عند الله ـ عزوجل ـ من أهل الجنّة».

١١٦ ـ وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفّار ، حدّثنا أبو مسلم ، حدّثنا حجاج ـ يعني ابن

__________________

(١) البخاري ، كتاب القدر (٦٥٩٤) ، ومسلم ٤ / ٢٠٣٦) كتاب القدر.

(٢) كتاب القدر (٤ / ٢٠٤٢).

١٦٠