عين اليقين - ج ٢

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

عين اليقين - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


المحقق: فالح عبدالرزاق العبيدي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحوراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٠
الجزء ١ الجزء ٢

بالمخاريق ، وهو البرق ، فيرتفع ، ثمّ قرأ هذه الآية : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) (١) ، الآية ، والملك اسمه الرعد (٢).

فصل

وأمّا القوس والهالة فقد قيل ـ والعلم عند الله ـ : إنهما يحدثان من ارتسام ضوء النيّر في أجزاء رشية صقيلة صغيرة متقاربة واقعة في الغمام المختلفة الوضع ، واختلاف ألوانهما بسبب اختلاف ضوء النيّر ، وألوان الغمام المختلفة.

وهما إمّا أمران موجودان ، ولونهما متخيّل ، أو هما محض خيال يحدث عن انعكاس القوّة الباصرة من الغمام إلى النيّر.

ويؤيد الثاني كون القوس معنا كيفما تحرّكنا ، ودنوها منا بمثل مقدار ما دنوّنا منها ، مثل أن يكون بيننا وبينها ألف ذراع ، فيتحرك نحو مائة ذراع ، فيحصل بيننا وبينها ثمانمائة ذراع ، وهذا خاص بالأمور المتخيّلة الّتي تكون في المرايا.

ويشهد بهذا ـ أيضا ـ القوس الحادثة حول السرج في أيام الشتاء ، إذا كان الهواء فيه نداوة ، فإنه يعرض لمن بعينه رطوبة ، أو يضعف بصره ، أن يرى حول السراج دوائر ألوانها مفرجة ؛ وذلك أن الدخان الّذي يرتفع من السراج يصير كالمرآة ، فيمنع البصر عن لحظ النيّر على استقامة ، فينعكس من المرآة ، أعني البخار المتصاعد من السراج إلى النيّر من جميع الجهات ، فيتخيّل كالدائرة فيها تفريج ، فإذا أحدق ، أو قرب من النيّر لم ير تلك الدائرة.

__________________

(١) ـ سورة فاطر ، الآية ٩.

(٢) ـ الكافي : ٨ : ٢١٨ ، ح ٢٦٨.

١٠١

وكذلك ـ أيضا ـ إذا نظرنا إلى الشمس وحدّقنا إليها تحديقا شديدا ثمّ غمّضنا أعيننا رأينا ألوانا قوسية ، فإذا كان من الجائز أن يتخيل كهيئة القوس خيالا لا يستند إلى وجود شيء ، لم يمنع مانع أن يكون هذا جائزا في القوس الحادث عن غمام.

فصل

وأمّا الشهب فيشبه أن يكون سببها أن الدخان إذا بلغ إلى حيّز النار أو الطبقة القصوى من الهواء الحارة بالفعل ؛ لبعدها عن مجاورة الماء والأرض ، ومخالطة أبخرتها وقربها من كرة الأثير ، وكان لطيفا ، اشتعلت فيه النار بإذن الله ، فانقلب إلى النار ، ويلتهب بسرعة ؛ لاستحالة الأجزاء الأرضية نارا صرفة ، فصارت شفّافة غير مرئية ، فيرى كالمنطقي.

وأمّا مدّ الاشتعال فيه فلأنه اشتعل طرفه العالي أولا ، ثمّ يذهب الاشتعال فيه إلى آخره ، فيرى الاشتعال ممتدا على سمت الدخان إلى طرفه الآخر.

وإن كان الدخان كثيفا لا في الغاية تعلّقت به النار تعلّقا ما ، فيحترق من غير اشتعال ، وثبت فيه الاحتراق ، فرئيت العلامات الهائلة السود والحمر على حسب غلظ المادّة شدة وضعفا.

وإن كان تام الكثافة وتعلّقت به النار تعلّقا قويا ، فيثبت فيه الاشتعال ودام متّصلا لا ينطفىء أياما وشهورا ، بقدر كثافة المادة ، وكثرة الاستمداد ، فيكون على صورة ذؤابة ، أو ذنب ، أو رمح ، أو قرن.

وربما وقف تحت كوكب وكانت تدور به النار الدائرة بدوران الفلك ،

١٠٢

فيرى كأن لذلك الكوكب ذؤابة ، أو ذنبا ، أو لحية ، أو غير ذلك.

وقد يصل شيء من هذه إلى الأرض ، فيحرق ما عليها غضبا من الله الملك الجبار ، ويسمى الحريق ، وقد لا ينقطع اتصاله عن الأرض في صعوده واشتعلت النار فيه نازلة فيرى كأنّ تنينا ينزل من السماء إلى الأرض ، فإذا وصلت الأرض احترقت تلك المادّة بالكلية ، وما يقرب منها ، وسبيل ذلك سبيل السراج المنطفىء إذا وضع تحت السراج المشتعل فاتّصل الدخان من الأوّل إلى الثاني فانحدر اللهب إلى فتيلته.

وقد يوجد في بعض نواحي الأرض قوّة كبريتية ينبعث منها دخان ، وفي الهواء رطوبة بخارية ، فيحصل من اختلاط دخان الكبريت بالأجزاء الرطبة الهوائية مزاج دهني ، وربما اشتعل بأشعة الكواكب وبغيرها ، فيرى بالليل شعلا مضيئة ، كما حكاه بعض المسافرين ، ولما كان كلّ مضيء حصل في الجوّ العالي ، أو في السماء ، فهو مصباح لأهل الأرض ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) (١) ، فإنّ من تلك المصابيح ما هي باقية على طول الزمان ، وهي الكواكب المركوزة في السماوات.

ومنها ما هي متغيّرة ، وهي هذه الشهب الّتي يحدثها الله ، ويجعلها رجوما للشياطين ، ويصدق عليها أنها زينة السماء أيضا ، بالنسبة إلى أوهامنا ، وأن الكلّ زينة للسماء الدنيا ؛ لعدم حجبها ضوء الكواكب ، فتشاهد مزيّنة بها كلّها ، وإن كان بعضها في غيرها.

__________________

(١) ـ سورة الملك ، الآية ٥.

١٠٣

فصل

وأمّا الرياح ، فقد يكون السبب فيها ـ والعلم عند الله ـ أن البخار إذا ثقل بواسطة البرودة المكتسبة من الزمهريرية واندفع إلى سفل فصار لتسخّنه بالحركة الموجبة لتلطيفه هواء متحركا ، وهو الريح ، وقد يكون لاندفاع يعرض بسبب تراكم السحب الموجب لحركة ما يليها من الهواء ؛ لامتناع الخلاء ، فيصير السحاب من جانب إلى جهة أخرى ، وقد يكون لانبساط الهواء بالتخلخل في جهة ، واندفاعه من جهة أخرى ، وقد يكون بسبب برد الدخان المتصاعد عند وصوله إلى الزمهرير ، ونزوله.

ومن الرياح ما يكون سموما ؛ لاحتراقه في نفسه بالأشعة السماوية ، أو لحدوثه من بقية مادّة الشهب ، أو لمروره بالأرض الحارة جدا ، لأجل غلبة نارية عليها ، وقد يقع تقاوم فيما بين ريحين متقابلتين قويّتين تلتقيان ، فتستديران ، أو فيما بين رياح مختلفة الجهة حادثة فتدافع تلك الرياح الأجزاء الأرضية المشتملة عليها ، فتضغط تلك الأجزاء بينها مرتفعة كأنها تلتوي على نفسها ، فيحصل الدوران المسمى بالزوبعة والإعصار ، وربما اشتملت الزوابع العظام على قطعة من السحاب ، بل على بخار مشتعل ، فيرى نارا تدور.

ومهاب الرياح اثنا عشر ، وهي حدود للأفق ، حاصلة من تقاطعه مع كلّ من دائرة نصف النهار ، والموازيتين لها ، المماستين للدائميتين الظهور والخفاء ، ودائرة المشرق والمغرب الاعتدالين ، والموازيتين لها المارّتين برأسي السرطان والجدي.

ولكلّ ريح منها اسم ، والمشهورات عند العرب أربعة : ريح الشمال ، وريح

١٠٤

الجنوب ، وريح الصبا ، وهي الشرقية ، وريح الدبور ، وهي الغربية ، والبواقي تسمى نكباء.

فصل

وأمّا الزلزلة فتشبه أن تكون بسبب أن البخار والأدخنة والرياح المحتبسة في الأرض إذا غلظت بحيث لا ينفذ في مجاريها ؛ لشدة استحصافها وتكاثفها ، اجتمعت طالبة للخروج ، ولم يمكنها النفوذ ، فزلزلت الأرض.

وربما اشتدّت فخسفت الأرض فتخرج منها نار ؛ لشدة الحركة الموجبة لاشتعال البخار والدخان إذا امتزجا امتزاجا مقرّبا إلى الدهنية ، وربما قويت المادّة على شق الأرض فتحدث أصوات هائلة ، وعسى أن يكون من هذا القبيل ما أصاب بلدة قوم من الفجرة بإذن الله ، من جعل عاليها سافلها.

وربما تحدث الزلزلة من تساقط عوالي وهدات الأرض ، فيتموّج بها الهواء المحتقن ، فتزلزل به الأرض ، وقليلا ما يتزلزل لسقوط قلل الجبال عليها لبعض الأسباب بإذن الله.

ولما كانت الأبخرة والأدخنة المحتقنة في تجاويف الأرض بمنزلة عروقها ، وإنما تتحرك بقوى روحانية. ورد في الحديث : «أن الله سبحانه إذا أراد أن يزلزل الأرض أمر الملك أن يحرّك عروقها ، فتتحرك بأهلها» (١) ، وما أشبه ذلك من العبارات على اختلافها ، والعلم عند الله.

ومن منافع الزلازل تفتيح مسام الأرض لانفجار العيون ، وإشعار قلوب فسقة العامة رعبا لله سبحانه.

__________________

(١) ـ ورد بمضمونه في من لا يحضره الفقيه : ١ : ٥٤٣ ، ح ١٥١٤.

١٠٥

فصل

وأمّا انفجار العيون ؛ فلأن البخار إذا احتبس في داخل من الأرض لما فيها من ثقب وفرج يميل إلى جهة ، فيبرد بها ، فينقلب مياها مختلطة بأجزاء بخارية ، فإذا كثر لوصول مدد متدافع إليه بحيث لا تسعه الأرض أوجب انشقاق الأرض ، وانفجرت منه العيون بإذن الله.

أما الجارية على الولاء فهي إمّا لدفع تاليها سابقها ، أو لانجذابه إليه ؛ لضرورة عدم الخلاء ، بأن يكون البخار الّذي انقلب ماء وفاض إلى وجه الأرض ينجذب إلى مكانه ما يقوم مقامه ؛ لئلّا يكون خلاء ، فينقلب هو أيضا ماء ، ويفيض ، وهكذا استتبع كلّ جزء منه جزء آخر.

وأمّا العيون الراكدة فهي حادثة من أبخرة لم تبلغ من كثرة موادّها ، وقوّتها ، أن تحصل منها مقاومة شديدة ، أو يدفع اللاحق السابق.

وأمّا مياه القنى والآبار فهي متولدة من أبخرة ناقصة القوّة عن أن تشقّ الأرض ، فإذا أزيل ثقل الأرض عن وجهها صادفت منفذا تندفع إليه بأدنى حركة ، بإذن الله ، فإن لم يجعل هناك مسيل فهو البئر ، وإن جعل فهو القناة. ونسبة القنى إلى الآبار كنسبة العيون السيّالة إلى الراكدة.

وإن كان اندفاعها منتشرا وأرضها رخوة يتخلل عنها أكثر ما يتبخّر ، فهو النزّ ، وهو أردأ المياه ، والذي يبقى ويحبس مدّة خالطته الأرض وتمنعه من سرعة البروز ، فيتعفّن ويتغيّر في طريقه.

ويمكن أن تكون هذه المياه متولّدة من أجزاء مائية متولدة من أجزاء

١٠٦

متفرقة في ثقب أعماق الأرض ومنافذها إذا اجتمعت.

ويؤيد هذا ازدياد هذه المياه بزيادة الثلوج والأمطار.

وقال في النجاة : وهذه الأبخرة إذا نبعت عيونا أمدّت البحار بصبّ الأنهار إليها ، ثمّ ارتفعت من البحار والبطائح والأنهار وبطون الجبال خاصّة أبخرة أخرى ، ثمّ قطرت ثانيا إليها ، فقامت بدل ما تحلل منها على الدور دائما (١).

فسبحان من فجّر العيون ، وأنزل من السماء ماء فأخرج به ثمرات مختلفا ألوانها.

__________________

(١) ـ شرح المنظومة : ٤ : ٤٥٥ ، نقلا عن النجاة : ١٥٦ ، ط. مصر.

١٠٧

في الجبال والأحجار المعدنية

(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها

وَغَرابِيبُ سُودٌ) (١)

فصل

أما الأحجار والجبال فالسبب الأكثر فيها عمل الحرارة في الطين اللزج ، بحيث يستحكم انعقاد رطبه بيابسه بإذن الله ، وقد ينعقد الماء السيال حجرا كما نبّهنا عليه فيما قبل ؛ إمّا لقوّة معدنية محجّرة ، أو لأرضية غالبة على ذلك الماء بالقوة ، لا بالمقدار ، كما في الملح ، فإذا صادف الحر العظيم طينا كثيرا لزجا ، إمّا دفعة ، وإما على مرور الأيام ، تكوّن الحجر العظيم ، فإذا ارتفع بأن تجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلّا من التلال ، أو يحصل من تراكم عمارات تخرّبت ثمّ تحجّرت ، أو يكون الطين المتحجّر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة ، فتنحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح ، وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا ، وتبقى الصلبة مرتفعة ، أو بغير ذلك من الأسباب ، فهو الجبل.

وقد ترى بعض الجبال منضودة ساقا فساقا ، كأنها ساقات الجدار ، فيشبه أن يكون حدوث مادّة الفوقاني بعد تحجّر التحتاني ، وقد سال على كلّ ساق من

__________________

(١) ـ سورة فاطر ، الآية ٢٧.

١٠٨

خلاف جوهره ما صار حائلا بينه وبين الآخر.

وقد توجد في كثير من الأحجار عند كسرها أجزاء الحيوانات المائية ، فتشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الدهر مغمورة في البحر ، فحصل الطين اللزج الكثير ، وتحجّر بعد الانكشاف ، ولذلك كثرت الجبال ، ويكون انحفار ما بينها بأسباب تقتضيه ، كالسيول والرياح.

ومنافع الجبال كثيرة :

منها : كونها أوتادا للأرض ، كما مضى.

ومنها : انبعاث العيون والسحب المستلزمتان للخيرات الكثيرة منها أكثر من غيرها ، بل لا تنفجر العيون إلّا من أرض صلبة ، أو في جوار أرض صلبة ، كما قال في الشفاء (١) ، قال : وإذا تتبعت الأودية المعروفة في العالم وجدتها كلّها منبعثة من عيون جبلية (٢).

ومنها : تكوّن الجواهر المعدنية النورية منها.

ومنها : إنباتها النباتات الكثيرة المنافع.

إلى غير ذلك ، فالحمد لبارئها ، وسبحان منشئها.

__________________

(١) ـ كتاب الشفاء للشيخ الرئيس أبي علي ابن سينا. أنظر ترجمته في الجزء الأوّل ص ٢١٤.

(٢) ـ لم أعثر على هذا القول في الشفاء.

١٠٩

فصل

الأبخرة والأدخنة المحتبسة في باطن الأرض إذا كثرت يتولد منها ما ذكر ، وإذا لم تكن كثيرة اختلطت على ضروب من الاختلاطات المختلفة في الكم والكيف والمزج ، بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والإعدادات ، فتكون منها الأجسام المعدنية ، بإذن الله ، وهي أوّل ما يحدث من المركبات العنصرية التامة المزاجية ، ولها ـ بعد حقائقها العقلية ـ نفوس ملكوتية تحفظ أشخاصها ، وبها حياتها اللائقة بها بحسب وجوداتها أكثر من حياة ما دونها من الكائنات الغير المزاجية ، مما حياتها شبيهة بالموت.

ثم إذا غلب البخار على الدخان يتولد مثل اليشم ، والبلّور ، والزئبق ، وغيرها من الجواهر المشفّة ، وإن غلب الدخان يتولّد الملح ، والزاج ، والكبريت ، والنوشادر ، ثمّ من اختلاط بعض هذه مع بعض يتولد غيرها من المعادن ، ولنشرحها شرحا جمليا على وجه كلي، فاستمع :

وصل

أصناف المعادن خمسة ؛ لأنها إمّا ذائبة ، أو غير ذائبة. والذائبة إمّا منطرقة ، أو غير منطرقة. والغير المنطرقة إمّا مشتعلة أو غير مشتعلة. وغير الذائبة إمّا عدم ذوبانه لفرط الرطوبة، أو لفرط اليبوسة.

فالذائب المنطرق هو الجسم الّذي انجمد فيه الرطب واليابس ، بحيث لا تقدر النار على تفريقهما مع بقاء دهنية قوية بسببها يقبل ذلك الجسم الانطراق.

١١٠

والمشهور من أنواعه سبعة : الذهب ، والفضة ، والرصاص ، والحديد ، والأسرب ، والخارصيني ، والنحاس ، وكلها تتولد من الزئبق والكبريت ، فإن كانا صافيين وامتزجا امتزاجا تامّا ، ونضج الكبريت نضجا كاملا ، تولّد الذهب إن كان الكبريت أحمر غير محترق ، والفضة إن كان أبيض ، وإن لم يكمل الامتزاج بينهما تولّد الرصاص ، وإن كانا رديّين ، فالحديد إن قوي الاختلاط والتركيب ، والسرب إن لم يقو ، وإن كان الكبريت رديئا والزئبق صافيا ، وصادفه قبل تمام النضج برد عاقد تولّد الخارصيني ، وإن أحرقه الكبريت تولّد النحاس.

هذا ما قالوه في بيان تولّدها بحسب الحدس والتخمين بعقدهم الزئبق بالكبريت عقدا محسوسا يحصل لهم بذلك غلبة الظن ، ولا يرجى فيها اليقين ؛ لضعف الاستدلال بالأحوال الصناعية على الأمور الطبيعية.

والذائب المشتعل هو الجسم الّذي فيه رطوبة دهنية مع يبوسة غير مستحكم للامتزاج ؛ ولذلك تقوى النار على تفريق رطبه عن يابسه ، وذلك كالكبريت المتولّد من مائية تحمّرت بالأرضية والهوائية تحمّرا شديدا بالحرارة حتى صارت تلك المائية دهنية ، وانعقدت بالبرد ، وكالزرنيخ ، وهو كذلك ، إلّا أن الدهنية فيه أقل.

والذائب الّذي لا ينطرق ولا يشتعل ما ضعف امتزاج رطبه ويابسه ، وكثرت رطوبته المنعقدة بالحرّ واليبس ، كالزاجات ، وتولّدها من ملحية وكبريتية وحجارة ، وفيها قوّة بعض الأجساد الذائبة ، كالأملاح ، وتولّدها من ماء خالطه دخان حار لطيف كثير النارية ، وانعقد باليبس مع غلبة الأرضية الدخانية ، ولذا يتخذ الملح من الرماد المحترق بالطبخ والتصفية.

والذي لا يذوب ولا ينطرق لرطوبته استحكم الامتزاج بين أجزائه الرطبة

١١١

الغالبة ، والأجزاء اليابسة ، بحيث لا تقوى النار على تفريقهما ، كالزئبق ، وتولده من مائية خالطته جدا (١) أرضية كبريتية بالغة في اللطافة ، والذي لا يذوب ولا ينطرق ليبوسة ما ، اشتدّ الامتزاج بين أجزائه الرطبة والأجزاء اليابسة المستولية ، بحيث لا تقدر النار على تفريقهما ، مع إحالة البرد للمائية إلى الأرضية ، بحيث لا تبقى رطوبة حسّية دهنية ؛ ولهذا لا ينطرق ، ولما كان عقده باليبس لا يذوب إلّا بالحيلة ، بحيث لا يبقى ذلك الجوهر ، بخلاف الحديد المذاب ؛ وذلك كالياقوت واللعل والزبرجد ، ونحو ذلك من الأحجار.

ثم إن من المعادن ما يتولد بالصنعة بتهيئة المواد ، وتكميل الاستعداد ، كالنوشادر ، والملح ، وإن منها ما يعمل له شبيه ، يعسر التمييز في بادىء النظر ، كالذهب والفضة واللعل ، وكثير من الأحجار المعدنية.

وهل يمكن أن تعمل حقيقة هذه الجواهر بالصنعة؟ فيه خفاء.

ومن المعادن ما يتكون في البحار ، كاللؤلؤ والمرجان ، قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) (٢).

__________________

(١) ـ كذا في المخطوطة ، ولعلّ الصواب «خالطته أجزاء».

(٢) ـ سورة النحل ، الآية ١٤.

١١٢

في النبات

(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى* كُلُوا

وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (١).

فصل

المركب العنصري لما استوفى درجات التراكيب الناقصة من الآثار العلوية وغيرها ، ثمّ درجات المعادن تخطّى خطوة أخرى إلى جانب القدس ، إن كان من أهل السلوك إلى الله سبحانه ، بأن يكون ناقصا ضعيف الفعلية ، كالمني الصالح لأن يصير حيوانا ، أو يكون تاما ، ولكن ترك صورته النوعية الّتي بها تمامه ، وفعليته ، وزهد في حياته الدنيا تلك ؛ طلبا لصورة أعلى ، وفعلية أتم ، وتوجه إلى بارئه سبحانه توجّها طبيعيا ، كالبذر ـ مثلا ـ إذا انفسد في الأرض فسادا ما ، وأنتن نتنا ما ، فحينئذ ينكسر قلبه ، ويضطرّ اضطرارا جبلّيا ، ويتضرّع إلى الله سبحانه تضرّعا فطريا ، ويتقرب إلى الله تعالى تقرّبا ما ، وقد جرت سنّة الله في من تقرّب إليه شبرا أن يقرب إليه ذراعا (٢) ، فيترحّم عليه ، ويجيب دعاءه ؛ إذ هو الّذي يجيب المضطر إذا دعاه ، فيفيد له بدل صورته الفانية صورة

__________________

(١) ـ سورة طه ، الآية ٥٣ و ٥٤.

(٢) ـ كما ورد في الحديث ، أنظر : صحيح البخاري : ٨ : ١٧١.

١١٣

كمالية نباتية ، ذات نفس ملكوتية ، فيحيى بها حياة ما فوق حياته الأولى الّتي كانت كلا حياة ، فيصدر عنه ببساطة نفسه ما يصدر من المعدن من حفظ التركيب مع زيادة شيء آخر ، وهو أن ينبت وينمو ويزيد في أقطاره الثلاثة بالتدريج ؛ وذلك لعدم حصول كماله الشخصي أوّل مرة ؛ لكون مادته جزء مادّة شخص سابق ، ثمّ يضيف الله سبحانه إلى قوّته، الّتي بها يستبقي شخصه ، قوّة أخرى يستبقي بها نوعه ؛ لعدم احتماله الديمومة الشخصية ؛ لمكان لطافة مادّته فوق المعدن التام الفعلية ، فوفى قسطه من البقاء.

أما فيما لم يتعذّر اجتماع أجزائه ؛ لبعده من الاعتدال ، ولسعة عرض مزاجه ، فعلى سبيل التولد ، وأمّا فيما تعذّر ذلك ؛ لقربه من الاعتدال ، ولضيق عرض مزاجه ، فعلى سبيل التوالد ؛ استبقاء لنوع ما وجب فساد شخصه ، منّا منه سبحانه ، ولطفا ، وهذا هو النبات.

وصل

إنما يتم وجود هذا الصنف من الموجود بتوسّط عدة ملائكة من الملكوتيين ؛ وذلك لاحتياجه في التمامية إلى أفاعيل متخالفة تفعل فيه ، وكلّ فعل يفعل في هذا العالم فله مبدأ من الملكوت غير مبدأ الآخر ، ولا يصدر فعلان عن مبدأ واحد ؛ وذلك لأنّ أهل هذا العالم ـ من حيث إنه أهله ـ ميّت ظلماني ، لا يجوز أن يكون مبدأ لأمر ما ، كما عرفت فيما سبق ، فلا بدّ من مبدأ ملكوتي ، وأهل الملكوت ليس واحد منهم إلّا وهو وحداني الصفة ، ليس فيه خلط وتركيب ، فلا يكون لواحد منهم إلّا فعل واحد ، كما أشير إليه بقوله سبحانه: (وَما

١١٤

مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١).

وليسوا كالإنسان الواحد الّذي يتولى بنفسه ـ مثلا ـ الطحن أولا ، ثمّ تمييز النخالة عنه ، ودفع الفضلة ثانيا ، وصب الماء عليه ثالثا ، والعجن رابعا ، وقطعه كرات مدوّرة خامسا ، وترقيقها رغيفا سادسا ، وإلصاقها بالتنوّر سابعا ؛ وذلك لأن هذا نوع اعوجاج وعدول عن السنّة الإلهية ، سببه اختلاف صفات الإنسان واختلاف دواعيه ، وانقسام قواه ؛ لضرورة وقوعه في عالم العدد والقسمة والتفرقة ؛ ولذلك يرى الإنسان الواحد يطيع الله مرّة ، ويعصيه أخرى ؛ لاختلاف دواعيه ؛ وذلك غير ممكن في طباع الملائكة ، فلا بد في النبات إذن من ملك يزيد في أقطاره الثلاثة على نسبة لائقة محفوظة إلى أن يبلغ إلى كمال النشؤ ، ومن ملك يقطع فضلة من مادته ليكون مبدأ لشخص آخر ، ولمّا توقّف فعل الأوّل على التغذّي ، فلا بد من سبعة أملاك أخر ، لا أقل يخدمونه في هذا الأمر :

أوّلهم عملا ملك لا بدّ منه لجذب الغذاء إلى جوار جسم المغتذي ؛ وذلك لأن الغذاء لا يمكن أن يصل بنفسه إلى جميع الأطراف ؛ لأنّه ـ لا محالة ـ إمّا أن يكون ثقيلا ، فلا يصل إلى الأطراف العالية ، أو خفيفا فلا يصل إلى الأطراف السافلة.

والثاني لا بدّ منه لإمساك الغذاء في جواره ؛ وذلك لأنّ الغذاء بعيد المشابهة أوّلا ، فلا بد فيه من الاستحالة حتّى يحصل الشبه ، والاستحالة حركة ، والحركة إنّما تكون في زمان، فلا بدّ من زمان في مثله تحصل الاستحالة والتشبّه.

والثالث لا بدّ منه لنزع الصورة عن الغذاء ، وخلعها ؛ وذلك لأنّ تشبيه

__________________

(١) ـ سورة الصافات ، الآية ١٦٤.

١١٥

الغذاء بالعضو إنّما يحصل إذا قرب استعداده لحصول الصورة العنصرية ، فلا بدّ من ملك يجعله قريب الاستعداد لذلك.

والرابع لا بدّ منه ليكسو الغذاء صورة العضو ، فإنّ إفادة الصورة غير نزعها ، وكونها غير فسادها.

والخامس لا بدّ منه ليدفع ما لا يقبل المشابهة من الغذاء ، وإلّا لأدّى إلى السداد وثقل البدن ، بل الفساد والإفساد ، سيّما في الحيوان.

والسادس لا بدّ منه ليلصق ما اكتست بصورة العضو بالعضو حتّى لا يكون منفصلا.

والسابع لا بدّ منه لراعي المقادير في الإلصاق.

ويسمى هؤلاء الأملاك في عرف الجمهور بالقوى ، فالذي يزيد في الأقطار يسمى بالقوّة النامية ، والقاطع للفضلة بالقوّة المولّدة ، والخوادم بالجاذبة ، والماسكة والهاضمة والدافعة ، وكلها بالغاذية ، وسنذكر في هذا الباب حديثا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام إن شاء الله تعالى.

فصل

يشبه أن يكون مبدأ كلّ فعل من هذه الأفاعيل ملكا قدسيا متمكّنا في سماء قدسه ، وله بإذن الله سبحانه جهات ، ورقائق ، وخدم ، وروابط في هذا العالم متعددة ، حسب تعدد النفوس ، وتكون النفوس متصلة بتلك الرقائق ، مربوطة بذلك الملك من تلك الجهة ، بل متّحدة معها ؛ إذ النفس هي الّتي تفعل هذه الأفاعيل في بدنها بتوسّط الفيض من تلك المبادىء ، بإذن الله ، كما يظهر من

١١٦

تحقيق معنى النفس بما هي نفس.

فالنفس ذات جهات ، وقوى ، استفادتها من جواهر عقلية ، بها تفعل الأفاعيل في بدنها ، وهي عين تلك القوى والجهات من وجه ، ومستخدمة لها من وجه آخر ، وكلّ من تلك الجهات والقوى حقيقة واحدة ، وإنما تتعدّد بتعدد النفوس ، نوعا وصنفا وشخصا ، فافهم.

فصل

وممّا يؤيد كون النفس مبدأ لهذه الأفاعيل بذاتها ، وكون قوتها سارية في جميع أطراف البدن بوجوه التصرّفات ، اعتناؤها بتعديل المزاج ، وحفظ الاتصال ، وتألّمها بتغيّر المزاج عند أدنى مغيّر من حرّ ، أو برد ، أو حركة ، أو تعب ، أو هبوب ريح مشوّش ، إلى غير ذلك من الأمور الغير النفسانية ، وكذلك تأذّيها من تفرق الاتصال والجراحات ، تأذّيا جزئيا في الحال ، وعدم انحصار تألّمها بالمؤلمات الّتي هي من باب خوف العاقبة ، وخطر المآل ، وكذلك وجدان ذاتها مقصّرة عن الأمور الإدراكية عند اشتداد حاجته إلى الإحالة والهضم ، والدفع ، بسبب من الأسباب ، كما يكون للمريض عند بحرانه ، فإنّ ذلك ليس إلّا لاشتغال النفس بهذه الأفعال ، واستغراقها فيها.

وصل

وأمّا عدم علم النفس بصدور هذه الأفاعيل منها ، مع كونها فاعلة ، فإنما ذلك لعدم صلاحية الماديات من حيث كونها ماديات ، أي من حيث ذاتها

١١٧

للمعلومية والشعور لغاية خسّتها ، وقصورها ، وكونها مناط الجهل ، فلا يمكن حضور ذاتها عند العالم ، بل إنّما يمكن حضور صورتها ، فالصورة فيها أقوى من ذات المعلوم في باب العلم، بل صورتها علم ، ومعلومها ليس بعلم ، فكما أن وجودها كلا وجود ، فكذلك العلم بها كلا علم.

وهذا بخلاف المفارقات عن المادة ، فإنّ ذات المعلوم هناك أقوى في باب العلم ، بل الصورة فيها ليست علما بها ، بل بوجه من وجوهها ، كذا أفاد أستاذنا (١) ـ دام ظله ـ ، وقد مضى تحقيق ذلك في الأصول.

فصل

قد احتاجت الصورة النباتية إلى التغذّي من وجه آخر غير النموّ ؛ وذلك لأن الجسم النامي ، وسيّما الحيوان منه ، أبدا في التحلل والذوبان ؛ لاستيلاء الحرارة الغريزية عليه ، الحاصلة فيه من نار الطبيعة الكائنة في مركبات هذا العالم شأنها النضج والتحليل ، كمثال نار الجحيم في قوله سبحانه : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) (٢).

وقد تستولي الحرارة الغريبة ـ أيضا ـ عليه ، فتحلله ، والحركات البدنية والنفسانية أيضا محللة جدا ، فلا بد إذن من أن يتخلّف بدل ما يتحلل عنه ، آنا فآنا ، ولحظة فلحظة، وما ذلك إلّا بالتغذّي ، فالاحتياج إلى المتغذّي باق إلى آخر العمر.

وأما إلى النامي فليس إلّا إلى البلوغ إلى كمال النشوء ، وشأن الأوّل أن

__________________

(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٨ : ٦١ ، ذيل البرهان على تعدد القوى.

(٢) ـ سورة النساء ، الآية ٥٦.

١١٨

يأتي كلّ عضو من الغذاء بقدر عظمه وصغره ، ويلصق به منه بمقدار يناسب له على السواء، وأمّا الثاني فيسلب جانبا من البدن من الغذاء ما يحتاج إليه لزيادة في جهة أخرى ، فيلصقه بتلك الجهة ليزيد تلك الجهة فوق زيادة جهة أخرى.

فصل

المتغذّي في أوّل الأمر يقوى على تحصيل مقدار أكثر ممّا يتحلل ، لصغر الجثّة ، وكثرة الأجزاء الرطبة فيها ، فيعمل النامي فيما فضل عن الغذاء ، ثمّ يعجز المتغذّي عن ذلك لكبر الجثّة ، وزيادة الحاجة ، لنفاد أكثر الرطوبات الأصلية الصالحة لتغذية الحرارة الغريزية ، فيصير ما يحصّله مساويا لما يتحلّل ، وحينئذ يقف النامي ، وعند القرب من تمام النموّ تتفرّغ النفس للتوليد فيقوى المولّد حينا من الدهر.

ثمّ إذا عجز المتغذّي عن إيراد بدل ما يتحلّل بحيث لم يفضل شيء يتصرّف المولد فيه ، أو انحرف المزاج بسبب الانحطاط المفرط ، فصارت المادّة غير مستعدّة لذلك ، وقف المولد أيضا ، ويبقى المتغذّي عمّالا إلى أن يعجز ، فيحل الأجل لسرعة تحلل الأجزاء ، وانحراف المزاج عن الاعتدال وانطفاء الحرارة الغريزية ؛ لعدم غذائها ، ووجود ما يضادّها.

وإنما لم يصل المدد من الله سبحانه إلى هذه القوى بعد عجزها كما يصل إلى القوى الفلكية ؛ لعدم احتياج النفس إلى البدن بعد ذلك ؛ لتجوهرها ، وفعليتها ، وتوجّهها إلى نشأة أخرى.

١١٩

وهذا هو السبب للموت الطبيعي في الحقيقة ، كما حقّقه أستاذنا (١) ، ويأتي بيانه ، لا مجرّد عجز القوى ؛ لإمكان وصول المدد إليها لو لا ذلك.

فصل

وهؤلاء الأملاك دائما في شغلهم ، لا يمسكون عن أفعالهم طرفة عين ، فإنّ الشجر ـ مثلا ـ إذا سقي الماء ، أو الحيوان أكل الغذاء ، فذلك ليس بغذاء ، ولا أكل على الحقيقة، وإنما مثلهم كمثل الجابي الجامع للمال في خزانته ، وهي المعدة في الحيوان ، وما يجري مجراها في النبات ، فإذا اختزن ما فيها وأمسكا عن السقي والأكل ، فحينئذ تتولاه الملائكة بالتدبير، وتحيله من حال إلى حال ، ويغذيهما به في كلّ آن ، ونفس ، فهما لا يزالان في غذاء دائم ، ولو لا ذلك لبطلت الحكمة في نشأة كلّ متغذّ ، والله حكيم.

فإذا خلت الخزانة حرّكت الملائكة الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به ، فإذا لم يوجد غذاء يحلّلون المواد والفضلات الّتي في البدن ، ولا يزال الأمر كذلك أبدا ، فهذه صورة الغذاء في كلّ نفس ، فكلّ نفس أكلها دائم في هذه النشأة أيضا ، كما في الآخرة.

__________________

(١) ـ عثرت على هذا المطلب في شرح الإشارات : ٢ : ٤٠٩ و ٤١٠.

١٢٠