عين اليقين - ج ١

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

عين اليقين - ج ١

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


المحقق: فالح عبدالرزاق العبيدي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الحوراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢
الجزء ١ الجزء ٢

وجود ، أو صفة ، أو إرادة ، أو آلة ، أو مصلحة ، أو غيرها ، لم يكن ما فرض علّة علّة ، بل العلّة إنّما هي ذلك المجموع ، ثمّ الكلام في ذلك المجموع كالكلام في المفروض أوّلا علّة ، إلى أن ينتهي إلى أمر يكون هو لذاته وجوهره علّة ، فعلّيّة كلّ علّة تامّ العلية بذاته وسنخه ، لا بأمر عارض لها ، فمعلولها لا محالة من لوازمها الذاتية المنتزعة عنها ، المنتسبة إليها بسنخها وذاتها.

وصل

وكما أن وجود العلّة التامة مستلزم لوجود المعلول ، فكذلك عدمها ، أو عدم جزء منها ، مستلزم لعدم المعلول ، وكما أن معنى تأثير العلّة في وجود المعلول أن يبدع أمرا هو المسمى بالوجود فينتزع منه ماهية ما ، كما أشرنا إليه من قبل ، وسنبيّنه عن قريب ، فكذلك تأثير عدمها في عدم المعلول أن لا يبدع أمرا كذلك ، فعدم العلّة وإن كان نفيا محضا في طرف العدم ، إلّا أن له حظّا من الثبوت بحسب ملاحظة العقل ، فإنّ العقل من شأنه أن يتصور لكلّ أمر مفهوما ، ويجعل ذلك المفهوم عنوانا ، سواء كان وجودا أو عدما ، إلّا أن تمايز الأعدام إنّما يكون باعتبار الملكات ، فالعقل يتصور أشياء متمايزة يصحّ أن يحكم عليها بالعلية والمعلولية ، وغيرهما من الأحكام والأحوال ، وذلك القدر من الثبوت كاف في الترجيح العقلي ، والحكم باستتباع عدم العلّة لعدم المعلول.

١٦١

أصل

قد عرفت فيما قبل أن موجودية الماهيات إنّما هي بوجوداتها ، وأن الموجود بالذات من كلّ شيء هو نحو وجوده ، فإذن أثر الفاعل بالذات ليس إلّا الوجود ، وكذا فاعل الأثر ، فالجاعلية والمجعولية لا تكونان إلّا بنفس الوجود ، على وجه البساطة ، فالجعل إبداع هوية الشيء وذاته الّتي هي نحو وجوده الخاص.

وأمّا المسمى بالماهية فهو المجعول بالعرض تبعا لجعل الوجود ، كما أنّه موجود بالعرض تبعا له. ونزيدك فاسمع :

وصل

المعلول يجب أن يكون مناسبا للعلة ، وقد تحقق كون الواجب تعالى عين الوجود والموجود بنفس ذاته ، فالفائض عنه يجب أن يكون وجود الأشياء ، لا ماهياتها الكلية ؛ لفقد المناسبة بينها وبينه تعالى.

قال بعض العرفاء : إن كلّ معلول فهو مركب في طبعه من جهتين ، جهة بها يشابه الفاعل ويحاكيه ، وجهة بها يباينه وينافيه ؛ إذ لو كان بكلّه من نحو (١) الفاعل كان نفس الفاعل لا صادرا عنه ، فكان نورا محضا ، ولو كان بكلّه من نحو يباين نحو الفاعل استحال أن يكون صادرا عنه ؛ لأنّ نقيض الشيء لا يكون

__________________

(١) ـ في الأسفار : من نحو يشابه نحو.

١٦٢

صادرا عنه ، فكان ظلمة محضة.

والجهة الأولى النورانية تسمى وجودا ، والجهة الأخرى الظلمانية هي المسماة ماهية ، وهي غير صادرة عن الفاعل ؛ لأنها الجهة الّتي تثبت بها المباينة مع الفاعل ، فهي جهة مسلوب نحوها عن الفاعل ، ولا ينبعث من الشيء ما ليس عنده ، ولو كانت منبعثة عن الفاعل كانت هي جهة الموافقة ، فاحتاجت إلى جهة أخرى للمباينة.

قال : فالمعلول من العلّة كالظل من النور ، يشابهه من حيث ما فيه من النورية ، ويباينه من حيث ما فيه من شوب الظلمة ، فكما أن الجهة الظلمانية في الظل ليست فائضة من النور ، ولا هي من النور ؛ لأنها تضاد النور ، ومن أجل ذلك توقع المباينة ، فكيف تكون منه؟ فكذلك المسماة ماهية في المعلول.

قال : فثبت صحة قول من قال : الماهية غير مجعولة ، ولا فائضة من العلّة ، فإنّ الماهية ليست إلّا ما به الشيء شيئا فيما هو ممتاز عن غيره من الفاعل ، ومن كلّ شيء ، وهو الجهة الظلمانية المشار إليها الّتي تنزل في البسائط منزلة المادّة في الأجسام (١).

وصل

وليس أنّه إذا خرجت الماهية عن حيّز الجعل ، فقد ألحقت بالواجب في الاستغناء عن العلّة ؛ لأنّ الماهية إنّما كانت غير مجعولة لأنها دون الجعل ؛ لأنّ الجعل يقتضي تحصّلا ما ، وهي في أنها ماهية لا تحصّل لها أصلا.

__________________

(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ١ : ٤٢٠ ، فقد نقله أيضا عن بعض العرفاء.

١٦٣

ألا ترى أنها متى تحصّلت بوجه من الوجوه ، ولو بأنها غير متحصّلة ، كانت مربوطة إلى العلّة حينئذ ؛ لأنّ الممكن متعلّق بالعلة وجودا وعدما ، وواجب الوجود إنّما كان غير مجعول ؛ لأنّه فوق الجعل ، من فرط التحصّل والصمدية ، وكيف يلحق ما هو غير مجعول ؛ لأنّ الجعل فوقه ممّا هو غير مجعول ؛ لأنّه فوق الجعل.

ومن هنا قيل : إن القول بكون الماهيات غير مجعولة ، من فروع مسألة الماهية المطلقة، وإنها في نفسها غير موجودة ، ولا معدومة.

وصل

وليعلم أن الجعل إنّما يتعلق بالوجود من حيث تعيّنه وخصوصيته ، لا من حيث ذاته وحقيقته ؛ لما دريت في مباحث الوجود والعدم أنّ الإمكان إنّما يتعلّق بالوجود من حيث التعيّن ، لا من حيث الحقيقة.

فالتحقيق الأتمّ : أن الماهية كما أنها ليست مجعولة ، بمعنى أن الجاعل لم يجعل الماهية ماهية ، فكذلك الوجود ليس مجعولا ، بمعنى أن الجاعل لم يجعل الوجود وجودا ، بل الوجود وجود أزلا وأبدا ، وموجود أزلا وأبدا ، والماهية ماهية أزلا وأبدا ، وغير موجودة ولا معدومة أزلا وأبدا ، وإنما تأثير الفاعل في خصوصية الوجود ، وتعيّنه لا غير.

١٦٤

أصل

البسيط الّذي لا تركيب فيه أصلا لا يكون علّة لشيئين بينهما معية بالطبع ؛ لأن البسيط إذا كانت ذاته وبحسب حقيقته البسيطة علّة لشيء كانت ذاته محض علّة ذلك الشيء ، بحيث لا يمكن تحليلها إلى ذات وعلّة ، لتكون علّيتها لا بنفسها من حيث هي ، بل بصفة زائدة ، أو شرط ، أو غاية ، أو وقت ، أو غير ذلك ، فلا يكون مبدأ بسيطا ، بل مركّبا.

فالمراد من البسيط ما تكون حقيقته الّتي بها تجوهر ذاته هي بعينها كونه مبدأ لغيره ، وليس ينقسم إلى قسمين يكون بأحدهما تجوهر ذاته ، وبالآخر حصول شيء آخر عنه ، كما أن لنا شيئين نتجوهر بأحدهما وهو النطق ، ونكتب بالآخر ، وهو صنعة الكتابة ، فإذا كان كذلك وصدر عنه أكثر من واحد ، ولا شك أن معنى مصدر كذا غير مصدر كذا ، فتقوّم ذاته من معنيين مختلفين ، وهو خلاف المفروض.

وصل

لا يفهمن من لفظ الصدور وأمثاله الأمر الإضافي ، الّذي لا يتحقق إلّا بعد شيئين ؛ لظهور أن الكلام ليس فيه ، بل كون العلّة بحيث يصدر عنها المعلول ، فإنّه لا بدّ وأن يكون للعلة خصوصية بحسبها يصدر عنها المعلول المعيّن دون غيره ، وتلك الخصوصية هي المصدر في الحقيقة ، وهي الّتي يعبّر عنها تارة بالصدور ، ومرة بالمصدرية ، وطورا بكون العلّة بحيث يجب عنها المعلول ؛ وذلك لضيق

١٦٥

الكلام عما هو المرام ، حتّى أن الخصوصية أيضا لا يراد بها المفهوم الإضافي ، بل أمر مخصوص ، له ارتباط وتعلّق بالمعلول المخصوص ، ولا شك في كونه موجودا ، أو متقدّما على المعلول المتقدّم على الإضافة العارضة لهما ، وذلك قد يكون نفس العلّة ، إذا كانت العلّة علّة لذاتها ، وقد يكون زائدا عليها.

فإذا فرض العلّة بما هي علّة بسيطا حقيقيا يكون معلوله أيضا بسيطا حقيقيا ، وبعكس النقيض : كلّما كان معلوله فوق واحد ليس بعضها بتوسّط بعض ، فهو منقسم الحقيقة ، إمّا في ماهيته ، أو في وجوده.

أصل

لا يجوز أن يكون لمعلول واحد شخصي ، أو نوعي ، علّتان فاعليتان مستقلّتان ، سواء كانتا مجتمعتين ، أو متبادلتين تبادلا ابتدائيا أو تعاقبيا. اللهمّ إلّا أن يكون ذلك الواحد ذا شؤون كثيرة وأطوار متعددة ؛ وذلك لأنّه لا يخلو إمّا أن يكون لخصوصية أحدهما مدخل في وجود ذلك المعلول ، فيمتنع حصوله بالأخرى وحدها بالضرورة ، بل إنّما وجب بها أو بمجموعهما ، وإما أن لا يكون لشيء من الخصوصيتين مدخل فيه ، فكان العلّة بالحقيقة هو القدر المشترك والخصوصيات ملغاة ، فالعلة على التقديرين أمر واحد ، ولو بالعموم.

وأيضا إذا كانت إحداهما مستقلة بالتأثير كان المعلول معها واجبا ، والواجب يستحيل تعلّقه بالغير ، فهو مع كلّ واحدة منهما يمتنع افتقاره إلى الأخرى ، فيمتنع افتقاره إليهما ، مع أنّه واجب الافتقار إليهما بالفرض ، هذا خلف.

وأمّا الواحد الجنسي ، فقد يستند إلى متعدّد ؛ لإبهام وحدته وضعفها ، وذلك

١٦٦

كالحرارة فإنها تقع تارة بالشعاع ، وأخرى بالحركة ، وأخرى بملاقاة النار.

وقد يكون لأشياء كثيرة لازم واحد ، واللازم إنّما يستند إلى الملزوم ويتقوّم به.

ألا ترى إلى طبائع الأجناس كيف تتقوّم بالفصول في الوجود ، وهي لوازم خارجية لها ، وكذا الزوجية بالنسبة إلى مراتب الأزواج المختلفة بالنوع ، إلى غير ذلك ، والعلّة في هذه الصور إنّما هي الفرد المنتشر ، لا الطبيعة المطلقة الملغاة عنها الخصوصيات ؛ لإبهامها ، وعدم تحصّلها جدا.

وأيضا فإنّه لا يلزم اشتراكها في وصف عام تكون جهة الاستناد ؛ لأنا ننقل الكلام إلى ذلك الوصف ، فهو إن لم يكن لجهة أخرى مشتركة ، بل كان لجهة غير مشتركة فذلك هو المطلوب ، وإلّا لزم التسلسل في الجهات الاشتراكية.

فقد ظهر أن المعلول إنّما يفتقر لذاته إلى علّة ما غير معينة ، وإنما التعيين لأمر ما يعود إلى العلّة ؛ لأنّ ذات العلّة بما هي هي مقتضية للمعلول الخاص.

أصل

الجسم لا يكون علّة فاعلية لوجود أصلا ، لا بتمامه ، ولا بأحد جزئيه ؛ وذلك لأنّ المادّة أمر عدمي ، وكذا ما يشتمل عليها من حيث يشتمل عليها.

وأمّا الصورة فلأنّ تأثيرها في شيء إنّما هو بتوسط المادّة ؛ لأنها لو استغنت عن المادّة في فعلها فبالأولى أن يستغني عنها في وجودها في نفسها ؛ إذ الإيجاد متقوّم بالوجود ، والتالي محال ، كما سنبيّنه ، فكذا المقدّم ، فإذا كان تأثيرها بواسطة المادّة فتكون المادّة سببا قريبا لوجود الشيء ، مع أنها أمر عدمي.

١٦٧

أصل

وكما لا يجوز أن يكون الجسم علّة فاعلية لوجود ، فكذلك الجسماني ، سواء كان صورة ، أو نفسا ؛ وذلك لأنّ كلّ ما يتقوّم وجوده ، أو فعله ، بالمادّة فإنّما بتوسط المادّة في تأثيره بما يستدعيه من الوضع ، فلا يكفي في تأثيره وجوده بما هو وجوده كيف كان ، ووجود المستعدّ كذلك ، بل لا بدّ أن يقع على حالة يكون للمادّة فيها بوضعها توسّط ، وذلك التوسّط غير متشابه ، ولذلك يختلف تأثير القوّة الّتي فيها بحسب القرب والبعد والمماسة وغيرها ، وهذا النحو من التوسّط للمادّة بين القوّة الّتي فيها ، وبين المفارق الصرف ، والمعدوم المحض ، محال ، فلو فرضنا كون القوّة الجسمانية مؤثرة في المفارق ، أو المعدوم ، لزم أن يكون وجود المادّة فيه لغوا ، وقد قلنا : إن تلك القوّة متعلّقة بالمادّة في صدور أفاعيلها.

وهذا بخلاف تأثير الروحاني في الجسماني ، فإنّ الروحاني العقلي غير محتاج في فعله إلى المادّة بما فيها من وضعها ، وتخصيص حالها بالنسبة إليه ، بل يكفيه وجود ذاته في أن يفعل في المستعدّات ، بل نسبة الجميع إليه نسبة واحدة عامة ، فإنّ ذوات الأوضاع في أنفسها ليست بذوات أوضاع بالقياس إليه ، وإن كانت كذلك بقياس بعضها إلى بعض ، وبخلاف تأثّر الجسماني عن الروحاني ، فإنّه لا يحتاج في انفعالاته عنه إلى توسّط من المواد ، ونسبة خاصة لها إليه ؛ لأنّ المادّة فيه هي المنفعلة نفسها ، لا المتوسطة بين المنفعل وبين غيره ، وهناك لم تكن هي الفاعلة ، بل المتوسطة.

وأمّا إيجاد النفس واختراعها للصور الخيالية ـ على ما سيأتي ـ فإنّما هو

١٦٨

من جهتها العقلية الروحانية ، لا النفسية البدنية.

وما يشاهد من حصول بعض الموجودات من بعض الأجسام والجسمانيات ، كتكوّن بعض العناصر من تأثير بعض ، وكحصول الأولاد من الآباء ، والزروع من الزرّاع ، والأبنية من البانين ، ونحو ذلك ، فليس على ما يظنّ ويتوهم من كونها فواعل ؛ لأنها ليست أسبابا موجدة بالحقيقة ؛ لوجوب تقدّم الموجد بالذات والحقيقة دون الزمان والحركة ، بل هي معدّات من جهة تسبّبها ، والمعطي للوجود في الكلّ هو الله تعالى ، كما أشار إليه بقوله سبحانه : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (١) ، (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (٢) ، (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (٣) ، فأشار سبحانه إلى أن ما يسمّونه فاعلا ليس إلّا مباشر الحركات ، ومحرّك المواد.

وأمّا فاعل الصور فهو القيّوم سبحانه باستخدام بعض ملائكته المسخّرين له.

والغلط فيما زعموه نشأ من جهة أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات.

أصل

الشيء الواحد يمتنع أن يكون فاعلا وقابلا لأمر واحد ، فعلا وقبولا ،

__________________

(١) ـ سورة الواقعة ، الآية ٥٨ و ٥٩.

(٢) ـ سورة الواقعة ، الآية ٦٣ و ٦٤.

(٣) ـ سورة الواقعة ، الآية ٧١ و ٧٢.

١٦٩

تجدّديّين ؛ للتقابل البيّن بين القوّة والفعل من جهة واحدة ؛ ولامتناع كون معطي الكمال قاصرا عنه ؛ ولأن الشيء لو كان مبدأ لثبوت صفة أو معنى لنفسه ، لدامت تلك الصفة أو ذلك المعنى له مادامت ذاته موجودة ، ومتى كان كذلك لم يكن متغيّرا ، فمبدأ تغيّر الشيء لا بدّ وأن يكون غيره لا محالة.

وأمّا الاتصاف اللزومي ، فيجوز أن يكون المبدأ والقابل فيه واحدا ، وذلك كبداية الماهيات للوازمها ، وقبولها إياها.

أصل

كل فاعل يفعل فعلا لغرض أو غاية ، فلا بد وأن يكون حصول ذلك الغرض أو الغاية أولى له من لا حصوله ، وإن كان ذلك الغرض إكمال غيره ، أو نفي الفقر عنه ، أو إيصال الخير إليه ؛ لأنّ حصول شيء من ذلك لغيره ولا حصوله له ، إن كانا بمنزلة واحدة بالقياس إلى ذلك الفاعل ، فلا داعي له إلى ذلك الشيء ، ولا مرجّح لحصول ذلك الخير لغيره دونه ، فصدور الفعل عنه في حدّ الإمكان ، فلم يصدر.

وأيضا فإنّ الغرض المقتضي للفعل ـ حينئذ ـ ليس غرضا للفاعل ، وقد فرضناه غرضا له ، وإن لم يكونا بمنزلة واحدة فقد رجع آخر الأمر إلى غرض يتّصل بذاته ، فإنّ سؤال «لم» لا يزال يتكرر في الغرض إلى أن يبلغ ذات الفاعل من خير يعود إليه ، أو شرّ ينفى عنه ، فحينئذ يقف السؤال ؛ إذ حصول الخير للشيء ، وزوال الشر عنه ، هو المطلوب بالذات ، فكلّ طالب غرض ناقص.

وبالجملة : فطالب الغرض يطلب شيئا ليس له.

١٧٠

وصل

فكلّ فاعل لغرض يجب أن يكون غرضه ما فوقه ، وإن كان بحسب الظنّ ، فليس للفاعل غرض حقّ فيما هو دونه ، ولا قصد صادق لأجل معلوله.

وأيضا فإنّ ما يكون لأجله قصد يكون ذلك المقصود أعلى من القصد بالضرورة ، فلو كان إلى معلول قصد صادق غير مظنون لكان القصد معطيا لوجود ما هو أكمل منه ، وهو محال بالبديهة.

وما يرى من تحقق بعض المعلولات على حسب ما يقصده قاصد ، كحصول الصحة من قصد الطبيب في معالجة شخص ، وتدبيره إياه ، فليس بذاك ، فإنّ مفيد الصحة مبدأ أجلّ من الطبيب ، وقصده ، وهو واهب الخيرات على المواد حين استعدادها ، والقصد مطلقا ممّا يهيّىء المادّة لا غير ، والمفيد دائما أرفع من القاصد ، فالقاصد يكون فاعلا بالعرض ، لا بالذات ، وإذا قصده قاصد بفعله تحصيل صفة لنفسه ، فهو إنّما أراد به نفسه مع تلك الصفة ، لا الصفة فقط ، فلا قصد منه إلى أخسّ ، ولا إلى المعلول.

وما يرى كثيرا من وقوع القصد إلى ما هو أخسّ من القاصد وقصده ، فذلك إنّما يكون على سبيل الغلط والخطأ ، وربما يكون الفاعل بحسب ذاته جوهرا رفيعا أشرف ممّا قصده ، وبحسب مخالطته المواد وقواها الحسيّة والخيالية الّتي هي في الحقيقة توجب القصد إليه، يكون أخسّ منه.

١٧١

أصل

الغاية قد تكون ذاتية ، كوصول الحجر الهابط إلى الأرض بالنسبة إلى حركته الطبيعية ، وقد تكون عرضية ، كشبح الحجر في هبوطه بالنسبة إلى تلك الحركة.

والعرضية قد تكون ضرورية ، كالموت بالنسبة إلى حركة النفس نحو كمالها ، وكحب الولد التابع للغاية من التزويج ، وهو التناسل.

ومن هذا القبيل الحلّ والعقد ، والتسويد والتبييض ، وغيرها ، بالقياس إلى الحرارة ، فإنّ القوّة المحرقة لها غاية واحدة هي إحالة المحترق إلى مشاكلة جوهرها ، وأمّا سائر الأفاعيل فهي توابع ضرورية.

أصل

وليعلم أنّه لا يخلو معلول ما من علّة غائية ، كما لا يخلو من علّة فاعلية ؛ لأن كلّ معلول فهو ممكن ، ودريت أن الممكن ما لم يترجّح وجوده بداع ومقتض لم يوجد ، وذلك الداعي هو غاية الإيجاد ، حتّى أن العبث له غاية ، وإن لم تكن غاية عقلية ، فإنّ الفعل لا يجب أن تكون له غاية بالقياس إلى ما ليس مبدأ له ، بل بالقياس إلى ما هو مبدأ له ، ومبدأ العبث ليس أمرا عقليا ، بل أمر خيالي ، فله غاية خيالية هي خير بالقياس إلى مبدئه ، فإنّ كلّ فعل نفسانيّ فلشوق مع تخيّل ، وإن لم يكن ذلك التخيّل ثابتا ، بل يكون زائلا ، فلم يبق الشعور به ، فإنّ التخيّل غير الشعور به ، ولو كان قبل كلّ شعور شعور لتسلسل.

١٧٢

ثم لكلّ شوق علّة وباعث ، فاللاعب باللحية ، والنائم ، والساهي ، لا يخلو فعلهم من شوق ، ولا شوقهم من باعث وعلّة ، إمّا عادة ، أو ضجر عن هيئة ، أو إرادة انتقال إلى هيئة أخرى ، أو حرص من القوى الحاسّة أن يتجدّد لها فعل ، إلى غير ذلك من أسباب جزئية لا يمكن ضبطها ، والعادة لذيذة ، والانتقال من المملول لذيذ ، والجديد لذيذ ، كلّ ذلك بحسب القوى الحيوانية ، وتلك اللذّات خير حسّي ، أو تخيّلي ، فهي خير حقيقي للحيوان بما هو حيوان ، وظنّي بحسب الخير الإنساني ، فليس مثل هذا الفعل خاليا عن خير حقيقي بالقياس إلى ما هو مبدأ له ، وإن لم يكن خيرا حقيقيا عقليا ، وحتى أن لأفعال الطبائع ـ مع أنها غير ذوات الشعور ـ غايات ، وليس إذا عدمت الطبيعة الروية كان الفعل الصادر عنها غير متوجّه إلى غاية ، فإنّ الروية لا تجعل الفعل ذا غاية ، بل إنّما تميّز الفعل الّذي تختار ، وتعيّنه من بين أفعال يجوز اختيارها.

ثم يكون لكلّ فعل من تلك الأفعال غاية مخصوصة ، يلزم تأدّي ذلك إليها لذاته ، لا بجعل جاعل ، حتّى لو قدر كون النفس مسلّمة عن اختلاف الدواعي والصوارف ، لكان يصدر عن الناس فعل متشابه على نهج واحد ، من غير رويّة ، كما في الفلك ، فإنّ الأفلاك سليمة عن البواعث والعوارض المختلفة ، فلا جرم أفاعيلها على نهج واحد ، من غير رويّة.

وممّا يؤيد ذلك أن نفس الرويّة فعل ذو غاية ، وهي لا تحتاج إلى رويّة أخرى.

وأيضا إنّ الصناعات لا شبهة في تحقّق غايات لها ، ثمّ إذا صارت ملكة لم تحتج في استعمالها إلى الروية ، بل ربما تكون الروية مانعة ، كما في الكاتب الماهر ، فإنّه لا يروّي في كلّ حرف ، وكذا العوّاد الماهر ، لا يتفكّر في كلّ نقرة ،

١٧٣

وإذا روّى الكاتب في كتابة حرف ، أو العوّاد في نقرة ، يتلبّد في صناعته ، فللطبيعة غايات بلا قصد ورويّة.

وقريب من هذا اعتصام الزالق بما يعصمه ، ومبادرة اليد في حكّ العضو من غير فكر ولا رويّة.

ثمّ إن للأمور الاتفاقية أيضا غايات لما يتأدى إليها ، وهي بالنسبة إلى أسبابها واجبات.

مثلا : من حفر بئرا فعثر على كنز ، فعثوره على ذلك الكنز واجب بالنسبة إلى ذلك الحفر في ذلك الموضع ، فهذا من باب الدائم بالقياس إلى هذا الفرد الجزئي ، وإن كان نادرا أقلّيا بالنسبة إلى سائر أفراد النوع.

فالأمور الموجودة بالاتفاق إنّما هي بالاتفاق عند الجاهل بأسبابها وعللها ، وأمّا بالقياس إلى مسبّب الأسباب ، والأسباب المكتنفة بها ، فلم يكن شيء منها اتفاقا ، فالأسباب الاتفاقية حيث تكون ، تكون لأجل شيء ، إلّا إنها أسباب فاعلية بالعرض ، والغايات غايات بالعرض ، وكذلك الفساد ، والذبول ، والموت ، والتشويهات ، والزوائد ، كلها غايات لما تتأدّى إليها ، ولها نظام لا يتغيّر ، كما لأضدادها ، وإن لم تكن مقصودة للطبيعة بالذات ، فالاتفاق غاية عرضية لأمر طبيعي ، أو إرادي ، أو قسري ، ينتهي إلى طبيعة أو إرادة ، فتكون الطبيعة والإرادة أقدم من الاتفاق لذاتيهما ، فما لم يكن أولا أمور طبيعية ، أو إرادية ، لم يقع اتفاقا.

فالأمور الطبيعية والإرادية متوجّهة نحو غايات بالذات ، والاتفاق طارىء عليهما إذا قيس إليهما ، وإذا قيس إلى أسبابه المؤدية إليه يكون غاية ذاتية له ، طبيعية أو إرادية.

١٧٤

في الجوهر والعرض

(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) (١)

أصل

الجوهر : ما حقّ وجوده الخارجي أن لا يكون في موضوع. والعرض : ما يقابله.

ونعني بالموضوع المحلّ المستغني عن الحال.

ونعني بالحلول كون الشيء بحيث يكون وجوده في ذاته عين وجوده لغيره على وجه الاتّصاف.

ثم الجوهر إن كان قابلا للأبعاد الثلاثة ، فجسم ، إمّا عيني خارجي ، أو خيالي مثالي ، وإلّا فإن كان جزء منه هو به بالفعل ، سواء كان في جنسه ، أو نوعه ، فصورة امتدادية ، أو طبيعية ، أو بالقوة ، فمادّة وهيولى.

وإن لم يكن جزء منه ، فإن كان متصرّفا فيه بالمباشرة فنفس وروح ، وإلّا فعقل.

وأصول الأعراض تسعة ، هي : الكمّ ، والكيف ، والأين ، ومتى ، والإضافة ،

__________________

(١) ـ سورة النحل ، الآية ٤٨.

١٧٥

والملك ، والوضع ، وأن يفعل ، وأن ينفعل ، وكلّ منها مقولة برأسها.

والجوهر مقولة واحدة.

وكل ما له حدّ نوعي من الأشياء فهو مندرج تحت واحدة من هذه المقولات العشر بالذات ، وما لا حدّ له نوعيا ، ممّا يدرك بنفسه ، كالوجود والوحدة ، وفصول الأنواع البسيطة ، فلا يقع تحت شيء منها بالذات ، بل إن وقع فبالعرض ، وكذا أعدام الملكات ، كالعمى والجهل ، ونحوهما ، فإنها ملحقة بملكاتها بالعرض.

ومن هذا القبيل النقطة ، والآن ، بمعنى نهاية الخط والزمان ، فإنّهما عدمان يضافان إلى الوجود ، بخلاف الخط والسطح ، فإنّ لهما حظّا من الوجود.

وأمّا مثل الشيئية والممكنية من الأمور الشاملة ، والاعتبارات العامة ، فلا تحصّل له إلّا بالخصوصيات ، فهو أيضا إنّما يدخل تحت المقولات بالعرض ، لا بالذات.

وقد يتداخل بعض المقولات في بعض بالعرض ، وقد يكون الشيء الواحد من مقولتين ، إحداهما بالذات ، والأخرى بالعرض.

وقد يدخل الشيء بالذات تحت مقولة باعتبار ، وهو باعتبار آخر غير داخل تحت شيء من المقولات.

وقد يتركّب الشيء من جزئين ، يكون كلّ منهما من مقولة غير مقولة الآخر ، ولا يلزم لمثل هذا الشيء أن يكون هو في نفسه تحت شيء من المقولات ؛ لأنّ الوحدة معتبرة في التقسيم.

١٧٦

وصل

الأعراض تابعة للجواهر ، قائمة بها ، والجواهر إمّا فعّالة غير منفعلة ، وهي العقول ، أو منفعلة غير فعّالة ، وهي الأجسام بما هي أجسام ، أو فعّالة منفعلة تنفعل من العقول وتفعل في الأجسام ، وهي النفوس والطبائع.

وهذه الأقسام يقضي العقل بإمكانها ، وأمّا إثبات وجودها فيحتاج إلى برهان.

نعم ، الأجسام معلومة الوجود بإعانة الحسّ ، وأمّا البواقي فتدلّ عليها حركات الأجسام ، وغير ذلك.

ونحن الآن بصدد إثبات كلّ منها بالبرهان بقول كلّي يتضمن بيان حقيقته ، ولنبدأ بالجوهر ، ثمّ الجسم الخارجي ، ثمّ جزئيه الصوري والمادي ، ثمّ الطبيعة ، ثمّ العقل ، ثمّ النفس، ثمّ الجسم المثالي ، ثمّ العرض ، ثمّ المقولات التسع. فاسمع :

أصل

لا شك في أنا نشاهد من الموجودات المحسوسة شيئا ، فذلك الشيء إمّا أن يكون قائما بذاته غير مضطرّ إلى حامل يحمله ، أو لا يكون كذلك.

فإن كان الأوّل فهو الجوهر ؛ إذ لا نعني به إلّا ما يكون قائما بنفسه ، أي غنيا عن موضوع يحمله ، وإن كان غير قائم الذات ، بل يفتقر إلى ما يحمله ، فذلك الحامل لا بدّ وأن يكون قائما بالذات ، أو ينتهي إلى قائم بالذات ، دفعا للتسلسل.

١٧٧

وعلى تقدير عدم الانتهاء لا بدّ لمجموع هذه السلسلة من حامل وموضوع ، وهو المطلوب. فثبت الجوهر.

وصل

وكما أن سلسلة الوجود في جانب العلوّ والرفعة والجلالة تنتهي إلى مبدأ يحيط بجميع المراتب والعوالم ، حتّى لا يغيب عن وجوده شيء من الأشياء ، ولا يعزب عن نور وجهه ذرّة في الأرض ولا في السماء ، وإلّا يلزم التسلسل ، ومفاسد أخر ، كما يأتي بيانه ، فكذلك لا بدّ أن ينتهي في جهة القصور والنقص إلى حيث لا حضور لذاته في ذاته ، بل تغيب ذاته عن ذاته ، فضلا عن غيره ، وهو الوجود الّذي له امتداد وانبساط وتخصّص مكاني ، وتقيّد زماني ، وليس له من الجمعية والتحصّل قدر يمكن أن يجمع بعضه بعضا ، بل الكلّ غائب عن الكل ، وهو منبع الجهالة والظلمة ؛ وذلك لأنّ مثل هذا الشيء من مراتب الوجود فعدمه نقص وشرّ ، وعدم إيجاده ضيق وبخل على مبدعه ، تعالى عنه ، فيجب انتهاء نوبة الوجود إليه.

وأيضا فإنّ عدم هذا الجوهر الظلماني يستلزم وقوف الفيض على عدد متناه من الوجود ؛ لبطلان التسلسل في المترتبات ترتّبا علّيّا ومعلوليا ، فينسد بذلك باب الرحمة والإجادة عن إفادة النفوس الإنسانية وغيرها في سلسلة المعدّات والعائدات ، كما يأتي بيانه ، هذا خلف ، فثبت الجسم. كذا أفاده أستاذنا سلّمه الله (١).

__________________

(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٥ : ٢ و ٣ ، المقدمة.

١٧٨

وصل

لا شكّ أن في الجسم سنخا تتوارد عليه الصورة والهيئات ، وله خميرة تختلف عليها الاستحالات والانقلابات ، فإنّ التراب ـ مثلا ـ يصير نطفة ، والنطفة بشرا ، والبذر شجرا ، والشجر رمادا ، أو فحما ، إلى غير ذلك.

فلا يخلو إمّا أن تكون النطفة باقية نطفة ومع هذا فهو بشر ، حتّى تكون في حالة واحدة نطفة وبشرا ، أو تكون بطلت بكلّيتها ، حتّى لم يبق منها شيء أصلا ، فحينئذ ما خلق البشر من النطفة ، بل ذلك شيء بطل بكلّيته ، وهذا شيء آخر حصل جديدا بجميع أجزائه.

أو يكون الجوهر الّذي كانت فيه الهيئة النطفية بطلت عنه تلك الهيئة ، وحصلت فيه الهيئة البشرية.

والقسمان الأولان باطلان بالبديهة ، وليس يعتقده عامي ، فضلا عن الخواص ، ولذلك كلّ من زرع بذرا لينبت منه شيء ، أو تزوّج ليكون له ولد ، يحكم على الزرع بأنه من بذره ، ويفرق بين ولده وغيره بأنه من مائه.

أولا يرى أنّه لا يحصل في الزراعة من البرّ غير البرّ ، ومن الشعير غير الشعير ، ولا في التوليد من الإنسان غير الإنسان ، ومن الفرس المحض غير الفرس ، ومن الحمار غير الحمار ، ومن المزدوج بين القسمين غير المزدوج من صفات كلّ منهما ، فتعيّن القسم الثالث.

فثبت إذن وجود مادّة في الأجسام تتوارد عليها الصور والهيئات ، وهي باقية في الأحوال.

١٧٩

وصل

لا جائز أن تكون تلك المادّة الباقية جواهر فردة متقوّمة بذواتها ، غير قابلة للتجزئة أصلا ، لا وهما ، ولا فرضا ، ولا قطعا ، ولا كسرا ، سواء كانت متناهية أو غير متناهية ؛ لاستحالة ذلك في نفسه ، فضلا عن تألّف الجسم منه ، فإنّ كلّ جوهر يناله الحس ، وله وضع وإشارة وتخصيص بحيّز بوجه ما ، فلا بد أن يكون له وجه إلى فوق ، ووجه إلى مقابله، فينقسم ولو وهما.

وكذا له وجهان إلى الشرق والغرب ، فينقسم كذلك ، وهكذا له وجهان إلى كلّ جهتين متقابلتين من جهات العالم ، تتكثّر أجزاؤه بحسب محاذاته لكلّ جانب من الجوانب ، عينا ، أو وهما ، أو عقلا ، فإنّ الشيء الواحد من حيث هو واحد كما لا يمكن أن يكون ذا

أوضاع متعددة ، كذلك لا يجوز أن يكون له بما هو واحد نسب مختلفة ، أو متعددة إلى أشياء ذوات أوضاع مختلفة ، من غير عروض كثرة وتعدّد في ذاته تصحّح ثبوت هذه النسب الكثيرة.

وأمّا تجويز تعدّد النهايات والأطراف لشيء واحد ذي وضع من غير أن تتطرّق إليه بحسبها كثرة وإثنينية ، لا في الخارج ، ولا في الوهم ، فهو قرع باب السفسطة.

وصل

وأيضا لو فرضنا جوهرا فردا بين جوهرين فردين ، فإما أن يحجز عن المماسة بين الطرفين ، فينقسم ؛ إذ يلقى كلّ منهما منه غير ما يلقاه الآخر ، أو لا

١٨٠