الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : الفرق والمذاهب
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

القرآن : تخصيص النبي (ص) لعلي (علیه السلام) بحمله على ظهره ورميه الأصنام وتشريفه بذلك على غيره من سائر الأنام.

ورواه أحمد بن حنبل (١) وأبو يعلى (٢) الموصلي في مسنديهما وأبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد (٣) ومحمد بن صباح الزعفراني في الفضائل والحافظ أبو بكر البيهقي (٤) والقاضي أبو عمر وعثمان بن أحمد في كتابيهما والثعلبي في تفسيره (٥) وابن مردويه في المناقب وابن منده في المعرفة والطبري في الخصائص والخطيب الخوارزمي (٦) في الأربعين وأبو أحمد الجرجاني في التاريخ ورواه شعبة عن قتادة عن الحسن (٧) وقد صنف في صحته أبو عبد الله الجعل وأبو القاسم الحسكاني وأبو شاذان مصنفات (٨) واجتمع أهل البيت عليهم السلام على صحتها. هذا آخر لفظ ما ذكره محمد بن علي المازندراني في كتابه المذكور في هذا المعنى وجميع هؤلاء من علماء الأربعة المذاهب.

__________________

(١) في مسنده : ١ / ٨٤ و ١٥١.

(٢) كنز العمال عن أبي يعلى : ٦ / ٤٠٧.

(٣) تاريخ بغداد : ١٣ / ٣٠٢.

(٤) البيهقي في سننه : ٣ / ٢٤٧.

(٥) الكشف والبيان (مخطوط) في قوله تعالى (جاء الحق وزهق الباطل).

(٦) الخوارزمي في المناقب : ٧١.

(٧) الحسكاني في شواهد التنزيل : ١ / ٣٥٠.

(٨) ورواه النسائي في الخصائص : ٣١ ، والقندوزي في ينابيع المودة : ١٣٩ ط نجف وذخائر العقبى : ٨٥ ، والحاكم في المستدرك : ٢ / ٣٦٧.

ومن طريق الإمامية : ابن شهرآشوب في المناقب : ١ / ١٣٥ ، والعمدة : ١٩١ ، وأمالي الصدوق : ٣٣٠.

٨١

لا يجوز على الصراط أحد إلا بولاية علي عليه السلام

١١٤ ـ ومن ذلك ما رواه الشافعي ابن المغازلي في كتابه من عدة طرق بأسانيدها عن النبي (ص) والمعنى متقارب فيها أن النبي قال إذا يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم لم يجز عليه إلا من معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام (١).

وفي بعض رواياتهم من عدة طرق بأسانيدها إلى النبي (ص) : لم يجز على الصراط إلا من معه جواز من علي بن أبي طالب (ع) (٢).

١١٥ ـ وروى أيضا ابن المغازلي في كتاب المناقب عن شريك قال لما مرض الأعمش مرضه الذي مات فيه دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة فقالوا يا محمد هذا آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة وقد كنت تحدث عن علي بن أبي طالب (ع) بأحاديث كان السلطان يعترضك عليها وفيها تعيير بني أمية ولو كنت اقتصرت لكان الرأي. فقال لهم : إلى تقولون هذا اسندوني فسندوه فقال حدثني أبو المتوكل التاجي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لي ولعلي : ادخلا الجنة من أحبكما وادخلا النار من أبغضكما فيجلس علي (ع) على شفير جهنم فيقول هذا لي وهذا لك (٣).

__________________

(١) المناقب : ٢٤٢ ونظيره في ١٣١.

(٢) المناقب : ١١٩ ، ورواه الطبري في ذخائر العقبى : ٧١.

(٣) غير موجود في المناقب المطبوع ، ورواه أبو الحسن الكلابي في مسند المطبوع

في آخر كتاب المناقب لابن المغازلي ص ٤٢٧ في الحديث الثالث عن شريك مثل ما مر إلى قوله قال رسول الله (ص) : إذا كان يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى لي ولعلي : ألقيا في ـ

٨٢

حديث البساط والتسليم على أصحاب الكهف

١١٦ ـ ومن ذلك ما رواه الفقيه ابن المغازلي في كتاب المناقب والثعلبي في تفسيره عن أنس بن مالك قال أهدي لرسول الله (ص) بساط من بهندف فقال لي : يا أنس ابسطه فبسطته ثم قال ادع العشرة فدعوتهم فلما دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط ثم دعا عليا (ع) فناجاه طويلا ثم رجع علي فجلس على البساط ثم قال يا ريح احملينا فحملتنا الريح قال فإذا البساط يدف بنا دفا ثم قال يا ريح ضعينا ثم قال أتدرون في أي مكان أنتم؟ قلنا لا قال هذا موضع الكهف والرقيم قوموا فسلموا على إخوانكم. قال فقمنا رجلا رجلا فسلمنا فلم يردوا علينا فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال السلام عليكم يا معشر الصديقين والشهداء فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته قال فقلت ما بالهم ردوا عليك ولم يردوا علينا؟ فقال علي عليه السلام : ما بالكم لم تردوا على إخواني؟ فقالوا إنا معشر الصديقين والشهداء لا نكلم بعد الموت إلا نبيا أو وصيا. ثم قال يا ريح احملينا فحملتنا تدف بنا دفا ثم قال يا ريح ضعينا فوضعتنا فإذا نحن بالحرة قال فقال علي (ع) : ندرك النبي (ص) في آخر ركعة فتوضينا وأتينا وإذا النبي صلى الله عليه وآله يقرأ في آخر ركعة (١) " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " (٢).

__________________

ـ النار من أبغضكما وأدخلا في الجنة من أحبكما ، فذلك قوله تعالى (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد). قال : فقال أبو حنيفة : قوموا لا يجئ بشئ أشد من هذا.

(١) الكهف : ٩.

(٢) المناقب : ٢٣٢ ـ ٢٣٤.

٨٣

وزاد الثعلبي في هذا الحديث علي ابن المغازلي : قال فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي (ع) فقال إن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله عز وجل له ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة (١).

في رجوع الشمس له (علیه السلام)

١١٧ ـ ومن ذلك ما رواه ابن المغازلي في كتاب المناقب أيضا بإسناده أن النبي (ص) كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله (ص) : يا رب إن عليا كان على طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غابت (٢).

١١٨ ـ وفي مناقب ابن المغازلي أيضا عن أبي رافع قال فردت الشمس على علي بعد ما غابت حتى رجعت لصلاة العصر في الوقت فقام علي عليه السلام فصلى العصر فلما قضى صلاة العصر غابت الشمس فإذا النجوم مشتبكة (٣).

وربما قال بعض الجاهلين بقدره الله : كيف تعاد الشمس وهذا ممكن من طرق كثيرة عند الله سبحانه وتعالى منها أن يخلق مثل الشمس في الموضع الذي أعادها إليه ابتداء أو يهبط بعض الأرض فتظهر الشمس أو يخلق مثل الشمس في صورتها ويجعل حكمها في صلاة علي كحكم تلك الشمس وغير ذلك من مقدوراته التي يعلمها سبحانه ورووا أيضا أن الشمس حبست لبعض الأنبياء فيما سلف.

__________________

(١) البحار : ٣٩ / ١٥٠ ، والعمدة : ١٩٥ ، وكذا البحار : ٥١ / ١٠٥.

(٢) المناقب : ٩٦.

(٣) المناقب : ٩٨ ، والبحار : ٤١ / ١٨٤ ، والخوارزمي في المناقب : ٢١٧ ط نجف والقندوزي في ينابيع المودة : ٢٨٧ ط نجف.

٨٤

١١٩ ـ فمن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه في الحديث الحادي والسبعين بعد المائتين من مسند أبي هريرة قال قال النبي (ص) غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه : لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها ولا أحد بني بيوتا ولم يرفع سقفها ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس : إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليه (١).

نزول الماء لغسله (ع) من السماء

١٢٠ ـ ومن ذلك ما رواه الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى أنس بن مالك قال قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر : إمضيا إلى علي حتى يحدثكما ما كان منه في ليلته وأنا على أثركما. قال أنس : فمضيا ومضيت معهما فاستأذن أبو بكر وعمر على علي فخرج إليهما فقال يا أبا بكر حدث شئ؟ قال لا وما يحدث الأخير قال لي النبي (ص) ولعمر : إمضيا إلى علي يحدثكما ما كان منه في ليلته وجاء النبي (ص) وقال يا علي حدثهما ما كان منك في الليل. فقال أستحي يا رسول الله فقال حدثهما إن الله لا يستحيي من الحق فقال علي : أردت الماء وأصبحت للطهارة وخفت أن تفوتني الصلاة فوجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطئا علي فأحزنني ذلك فرأيت السقف قد انشق ونزل علي منه سطل مغطى بمنديل فلما صار في الأرض نحيت المنديل عنه فإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة واغتسلت وصليت ثم ارتفع السطل والمنديل والتام السقف فقال النبي (ص) لعلي (ع) : أما السطل فمن الجنة

__________________

(١) ذكر هذا الحديث مؤيدا للمقام ، رواه مسلم في صحيحه : ٣ / ١٣٦٦.

٨٥

وأما الماء فمن نهر الكوثر وأما المنديل فمن إستبرق الجنة من مثلك يا علي في ليلتك وجبرئيل يخدمك (١).

(قال عبد المحمود) لعل ابن المغازلي اختصر هذا الحديث وكان له عذر في إتمامه أو كان قد جرى المعنى لعلي بن أبي طالب مرة أخرى فأخبر أنس بالحالين وإلا فقد رواه صدر الأئمة عندهم أخطب خوارزم في المناقب فقال أنبأني مهذب الأئمة وأخبرني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي بن أبي عثمان ويوسف الدقاق أخبرنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي حدثني أبو الحسن علي بن يوسف بن محمد بن الحجاج الطبري بسارية طبرستان حدثني أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني أخبرني أبو عيسى إسماعيل بن إسحاق بن سليمان النصيبي حدثني محمد بن علي الكفرثوثي حدثني حميد بن زياد الطويل عن أنس بن مالك قال صلى بنا رسول الله (ص) صلاة العصر وأبطأ في ركوعه حتى ظننا أنه قد سها وغفل ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ثم أوجز في صلاته وسلم ثم أقبل علينا بوجهه كأنه القمر ليله البدر في وسط النجوم ثم جثا على ركبتيه وبسط قامته حتى تلألأ المسجد بنور وجهه ثم رمى بطرفه إلى الصف الأول يتفقد أصحابه رجلا رجلا ثم رمى بطرفه إلى الصف الثاني ثم رمى بطرفه إلى الصف الثالث يتفقدهم رجلا رجلا ثم كثرت الصفوف على رسول الله (ص) ثم قال ما لي لا أرى ابن عمي علي بن أبي طالب؟ فأجابه علي من آخر الصفوف وهو يقول لبيك لبيك يا رسول الله فنادى النبي (ص) بأعلى صوته : ادن مني يا علي فما زال علي يتخطى رقاب المهاجرين والأنصار حتى دنا المرتضى من المصطفى فقال له النبي (ص) : يا علي ما الذي خلفك عن الصف الأول؟

__________________

(١) المناقب ٩٤ ـ ٩٥.

٨٦

قال شككت إني على غير طهر فأتيت منزل فاطمة عليها السلام فناديت : يا حسن يا حسين يا فضه فلم يجبني أحد فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي : يا أبا الحسن يا بن عم النبي التفت فالتفت فإذا أنا بسطل من ذهب وفيه ماء وعليه منديل فأخذت المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفي فتطهرت وأسبغت الطهر ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ثم التفت ولا أدري من وضع السطل والمنديل ولا أدري من أخذه فتبسم رسول الله (ص) في وجهه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه ثم قال يا أبا ألا أبشرك؟ أن السطل من الجنة والماء والمنديل من الفردوس الأعلى والذي هياك للصلاة جبرئيل والذي مندلك ميكائيل والذي نفس محمد بيده ما زال إسرافيل قابضا على منكبي بيده حتى لحقت معي الصلاة وأدركت ثواب ذلك أفيلومني الناس على حبك؟ والله تعالى وملائكته يحبونك من فوق السماء (١).

علي (عليه السلام) خير البرية وخير البشر وخير الفتى

١٢١ ـ ومن ذلك ما رواه ابن مردويه بإسناده عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في علي (ع) " الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " (٢).

١٢٢ ـ ومن ذلك ما رواه ابن مردويه الفقيه عندهم في كتابه قال حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل وأحمد بن محمد بن عمر وبن سعيد إلا خمس قال

__________________

(١) الخوارزمي في المناقب : ٢١٦ ط نجف ، والبحار : ٣٩ / ١١٦ ـ ١١٧.

(٢) إحقاق الحق عن ابن مردويه : ٣ / ٢٩٠ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ٣٥٧ ، والآية في سورة البينة : ٧.

٨٧

حدثنا عبيد بن كثير العامري قال حدثنا محمد بن علي الصيرفي قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري عن شريك عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة اليماني رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) : علي خير البشر فمن أبي فقد كفر (١).

١٢٣ ـ ومن ذلك ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي أيضا في كتابه بإسناده إلى النبي (ص) أنه قال إن المنادي نادى يوم أحد : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي(٢).

وروى أيضا أن المنادي كان قد نادى بذلك يوم بدر.

١٢٤ ـ وروى أيضا بإسناده إلى محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال نادى ملك من السماء يوم بدر ويقال له رضوان : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (٣).

١٢٥ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى عبد الله ابن عباس رضوان الله عليه قال سمعت رسول الله (ص) يقول ليس من آية في القرآن " يا أيها الذين آمنوا " إلا وعلي رأسها وأميرها وشريفها ولقد عاتب الله تعالى أصحاب محمد (ص) في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير (٤).

١٢٦ ـ ومن ذلك ما روي عن عطية قال سئل جابر بن عبد الله الأنصاري عن علي (ع) قال ذاك خير البشر ولا يشك فيه إلا منافق (٥).

__________________

(١) الخوارزمي في المناقب : ٦٦.

(٢) المناقب : ١٩٧.

(٣) المناقب : ١٩٩ ، والبحار : ٤٢ / ٤٦.

(٤) الرياض النظرة عن أحمد : ٢٠٧ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٢١ ، ومناقب الخوارزمي ١٨٨ ، وينابيع المودة : ١٢٥.

(٥) إحقاق الحق عن مناقب ابن مردويه : ٤ / ٣٥٧.

٨٨

ومن ذلك ما روي عن عطاء عن عائشة حيث سئلت عن علي (عليه السلام) فقالت علي خير البشر لا يشك فيه إلا كافر (١).

١٢٧ ـ ومن ذلك ما روي بإسناد محمد بن محمد النيسابوري بإسناد متصل إلى جعفر بن محمد الصادق يقول جعفر عن أبيه عن جده أن عليا كان في حلقه من رجال قريش ينشدون الأشعار ويتفاخرون حتى بلغوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا قل يا أمير المؤمنين فقد قال أصحابك فقال أمير المؤمنين :

اللهُ وَفَّقَنَا لِنَصْرِ مُحَمَّدٍ

وَبِنَا أَقَامَ دَعَائِمَ الْإِسْلَامِ

وَبِنَا أَعَزَّ نَبِيَّهُ وَكِتَابَهُ

وَأَعَزَّنَا بِالنَّصْرِ وَالْإِقْدَامِ

فِي كُلِّ مَعْرَكَةٍ تُطِيرُ سُيُوفُنَا

فِيهَا الْجَمَاجِمَ عَنْ فَرَاشِ الْهَامِ

يَنْتَابُنَا جِبْرِيلُ فِي أَبْيَاتِنَا

بِفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ وَالْأَحْكَامِ

فَنَكُونُ أَوَّلَ مُسْتَحِلٍّ حِلَّهُ

وَمُحَرِّمٍ لِلَّهِ كُلَّ حَرَامٍ

نَحْنُ الْخِيَارُ مِنَ الْبَرِّيَّةِ كُلِّهَا

وَإِمَامُهَا وَإِمَامُ كُلِّ إِمَامٍ

الْخَائِضُونَ غُمَارَ كُلِّ كَرِيهَةٍ

وَالضَّامِنُونَ حَوَادِثَ الْأَيَّامِ

إِنَّا لَنَمْنَعُ مَنْ أَرَدْنَا مَنْعَهُ

وَنَجُودُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِنْعَامِ

فقالوا يا أبا الحسن ما تركت شيئا إلا تقوله (٢).

ـ وعن عروة يرفعه إلى محمد بن علي عليه السلام يعني محمد بن الحنفية وكان في دمشق وسمع رجلا يقول هذا ابن أبي تراب فاستند ظهره إلى الجدار المحراب في جامع دمشق ثم قال اخسئوا ذريه النفاق وحشوه النيران وحصبه جهنم عن البدر الزاهر والنجم الثاقب واللسان الناقد وشهاب المؤمنين والصراط المستقيم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على

__________________

(١) رواه الكنجي في كفاية الطالب : ١١٩ ، والبحار : ٣٨ / ١٤.

(٢) البحار : ٨ / ٧٢٢ ط الكمباني.

٨٩

أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا أتدرون أي عقبة تقتحمون أخو رسول الله تستهدفون ويعسوب الدين تلمزون فبأي سبيل رشاد بعد ذلك تسلكون وأي حرف (١) بعد ذلك تدفعون هيهات برز الله (٢) في السيف وفاز بالخصل واستولى على الغاية (٣) وأحرز الحظ وانحسرت عنه الأبصار وانقطعت دونه الرقاب وقوع (٤) الذروة العليا وكبرت والله من الأمة التبعة (٥) وعناه الطلب وإني لهم التناوش من مكان بعيد أقيلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم وسدوا المكان الذي سدوا وأبي يسد ثلمة أخيه رسول الله (ص) إذ سفعوا وشفيق نبيه إذ حصلوا ونديد هارون من موسى (ع) إذ مثلوا وذي قربى كبيرها إذا امتحنوا والمصلى للقبلتين إذا انحرفوا والمشهور (٦) له بالإيمان إذا كفروا والمدعو إلى الخير إذا نكلوا والمندوب لعهد المشركين إذا نكثوا والخليفة على المهاجرين إذا جزعوا والمستودع الأسرار ساعة الوداع إذا حجبوا :

هذا المكارم لا قعبان من لبن

شينا بماء فعادا بعد أبو

إلا وأبى يبعد من كل علاء وشناء.

وفيه كلام طويل ما هذا مكانه. ثم قال فبأي آلاء أمير المؤمنين تختبرون (٧) وعن أي أمر من حديثه تأثرون وربنا المستعان على ما تصفون والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) في خ : صرف.

(٢) لعل الصحيح لله.

(٣) في الترجمة : على الغايب.

(٤) في خ : وقرع.

(٥) في خ : السعي.

(٦) لعل الصحيح المشهود له.

(٧) في خ : تجترون.

٩٠

(قال عبد المحمود) : فهذه قول محمد بن الحنفية في علي (ع) في بلاد الأعداء وفي محافل الحساد ذوي الاعتداء وأعداء الدين لا يقول مثله لمثلهم ما عرفوه وتحققوه وكان على اليقين أنه إذا قال ذلك أنهم صدقوه والخلافة إذ ذلك في يد أعداء الدين الذين يجاهرون بلعن أمير المؤمنين عليه السلام فهل تجد مثل هذه الأوصاف في أحد من القرابة والصحابة أو اجتمع مثلها لأحد بعد محمد (ص) فكيف عميت العيون وجهل الجاهلون لولا أنها قد عميت عن الله جل جلاله وهو أعظم من كل عظيم وعن رسوله وهو أشرف من كل رسول كريم.

١٢٩ ـ ومن ذلك ما ذكره الحاكم النيسابوري وهو من ثقات الأربعة المذاهب في تاريخ النيسابوري في ترجمة هارون الرشيد وبدا بذكر هارون الرشيد رفعه إلى ميمون الهاشمي إلى الرشيد قال جرى ذكر آل أبي طالب عند الرشيد فقال يتوهم على العوام إني أبغض عليا وولده والله ما ذلك كما يظنونه وأن الله تعالى يعلم شدة حبي لعلي والحسن والحسين عليهم السلام ومعرفتي بفضلهم ولكنا طلبنا بثأرهم حتى أفضى الله هذا الأمر إلينا فقربناهم وخلطناهم فحسدونا وطلبوا ما في أيدينا! وسعوا في فسادا! ولقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس قال كنا ذات يوم مع رسول الله (ص) إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي فقال لها : فداك أبوك يبكيك قالت إن الحسن والحسين عليهما السلام خرجا فما أدري أين باتا. فقال لها رسول الله (ص) : يا بنية الذي خلقهما هو ألطف بهما مني ومنك ثم رفع النبي رأسه ويده فقال اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما فهبط جبرئيل (ع) فقال يا محمد لا تغتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا والآخرة وأبوهما خير منهما وهما في حظيرة بني النجار نائمين وقد وكل الله تعالى ملكا لحفظهما.

٩١

فقام رسول الله (ص) ومعه أصحابه حتى أتوا الحظيرة فإذا الحسن معانق الحسين وإذا الملك الموكل بهما إحدى جناحيه تحتهما والأخرى فوقهما قد أظلهما فانكب رسول الله (ص) عليهما يقبلهما حتى انتبها من نومهما فجعل الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر وجبرئيل معه حتى خرجا من الحظيرة وقال النبي (ص) : والله لأشرفنكما كما أشرفكما الله تعالى فلقيه أبو بكر فقال يا رسول الله ناولني أحد الصبيين حتى أحملها فقال النبي (ص) : نعم المطي مطيهما ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما حتى أتى المسجد وأمر بلالا فنادى بالناس واجتمع الناس في المسجد فقام رسول الله (ص) على قدميه وهما على عاتقه.

فقال يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين جدهما رسول الله سيد المرسلين وجدتهما خديجة بنت خويلد سيدة نساء أهل الجنة ألا أدلكم على خير الناس أبا وأما؟ قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب (ع) وأمهما فاطمة بنت خديجة سيدة نساء العالمين أيها الناس ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة قالوا بلى يا رسول الله قال والحسين خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله ثم قال اللهم إنك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة وأباهما في وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة ومن أبغضهما في النار.

٩٢

قال سليمان : وكان هارون يحدثنا وعيناه تدمعان وتخنقه العبرة (١)

(قال عبد المحمود) : إذا كان الرشيد قد حدث فضل آل أبي طالب بهذا الحديث فهؤلاء المحسودون على هذا الفضل فكيف يحسدون على من لم يذكر عنه مثل هذا المدح وإنما لما عرف آل أبي طالب أن بني عمهم من بني العباس يمدحون أبا بكر وعمر وعثمان قالوا فهؤلاء الثلاثة الذين يمدحونهم لم يرونهم أهلا للخلافة والولاية فاحتجوا عليهم بذلك وإن عمر جعل عليا (ع) في الشورى ولم يجعل العباس فأرادوا منهم أن يكون الفضل لبني هاشم على بني تيم وعدي وبني أمية ودخل الحساد بينهم إلى البطالة ففرقوا شمل ألفتهم المرضية.

ما نزل من الآيات في شأن علي (عليه السلام)

١٣٠ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى " وتعيها أذن واعية " (٢) قال رسول الله (ص) : سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي. قال علي عليه السلام : فما نسيت شيئا بعد ذلك وما كان لي أن أنساه (٣).

وروى نحو ذلك ابن المغازلي في كتابه بإسناده إلى النبي (ص) (٤).

١٣١ ـ ومن ذلك ما رواه محمد بن مؤمن الشيرازي مما أورده في كتابه واستخرجه من تفاسير الاثني عشر وهو من علماء الأربعة المذاهب وثقاتهم في

__________________

(١) البحار : ٢٧ / ٩٤.

(٢) الحاقة : ١٢.

(٣) ابن بطريق في العمدة عن الثعلبي : ١٥١ ، والطبري في تفسيره : ٢٩ / ٣١.

(٤) المناقب : ٢٦٥ و ٣١٩ ، والخوارزمي في المناقب : ١٩٩.

٩٣

تفسير قوله تعالى " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (١) بإسناده إلى ابن عباس قال " فاسئلوا أهل الذكر " يعني أهل بيت محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام هم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان وهم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة والله ما سمى المؤمن مؤمنا إلا كرامة لأمير المؤمنين.

ورواه أيضا من طريق آخر عن سفيان الثوري عن السدي عن الحارث بأتم من هذه الألفاظ (٢).

١٣٢ ـ ومن ذلك ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن في كتابه المذكور في تفسير قوله تعالى " والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " (٣) بإسناده عن قتادة عن ابن عباس " والذين آمنوا " يعني صدقوا " بالله " أنه واحد : علي بن أبي طالب (ع) وحمزة ابن عبد المطلب وجعفر الطيار " أولئك هم الصديقون " قال رسول الله (ص) صديق هذه الأمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو الصديق الأكبر والفاروق الأعظم.

ثم قال " وشهداء عند ربهم " قال ابن عباس : فهم صديقون وهم شهداء الرسل على أنهم قد بلغوا الرسالة ثم قال " لهم أجرهم " يعني ثوابهم على التصديق بالنبوة والرسالة لمحمد " ونورهم " يعني على الصراط (٤).

١٣٣ ـ ومن ذلك ما رواه أيضا محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المشار

__________________

(١) النحل : ٤٣.

(٢) رواه الشهيد التستري عن محمد بن مؤمن الشيرازي في إحقاق الحق : ٣ / ٤٨٢.

وشواهد التنزيل : ١ / ٣٣٥ ، وإحقاق الحق عن الثعلبي : ١٤ / ٣٧١ ، والبحار : ٣٦ / ١٦٧.

(٣) الحديد : ١٩.

(٤) البحار : ٣٥ / ٤١٣ ، وإحقاق الحق ٣ / ٢٤٣ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ٢٢٣.

٩٤

إليه في تفسير قوله تعالى " عم يتسائلون عن النبأ العظيم " بإسناده إلى السدي يرفعه قال أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال محمد هذا الأمر من بعدك لنا أم لمن؟ قال يا صخر الأمر من بعدي لمن هو مني بمنزله هارون من موسى فأنزل الله تعالى " عم يتسائلون " يعني يسألك أهل مكة عن خلافة علي بن أبي طالب (ع) " عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون " منهم المصدق بولايته وخلافته ومنهم المكذب بهما ثم قال " كلا " وهو رد عليهم " سيعلمون " أي سيعرفون خلافته بعدك أنها حق يكون " ثم كلا سيعلمون " يقول يعرفون خلافته وولايته إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق ولا في غرب ولا في بر ولا في بحر إلا ومنكر ونكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين (ع) بعد الموت يقولان للميت : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ ومن إمامك (١).

١٣٤ ـ ومن ذلك ما رواه محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المذكور في تفسير قوله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة (١) " بإسناده عن علقمة عن ابن مسعود قال وقعت الخلافة من الله عز وجل في القرآن لثلاثة نفر : لآدم (ع) لقول الله تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض " يعني خالق في الأرض خليفة يعني آدم (ع) " قالوا أتجعل فيها " يعني أتخلق فيها " من يفسد فيها " يعني يعمل فيها بالمعاصي بعد ما صلحت بالطاعة نظيرها " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها (٣) " يعني لا تعملوا بالمعاصي بعد ما صلحت بالطاعة نظيرها " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها"(٤)

__________________

(١) إحقاق الحق : ٣ / ٤٨٥ ، والبحار : ٣٦ / ٢ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ٣١٧.

(٢) البقرة : ٣٠.

(٣) الأعراف : ٨٥.

(٤) البقرة : ٢٠٥.

٩٥

يعني ليعمل فيها بالمعاصي ويسفك الدماء يعني يهريقها بغير حلها " ونحن نسبح بحمدك " يعني نذكرك " ونقدس لك " يعني ونطهر الأرض لك " قال إني أعلم ما لا تعلمون " يعني سبق في علمي أن آدم وذريته سكان الأرض وأنتم سكان السماء.

والخليفة الثاني داود (ع) لقوله تعالى : " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " (١) يعني أرض بيت المقدس.

والخليفة الثالث علي بن طالب (ع) لقول الله تعالى في السورة التي يذكر فيها النور " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات " (٢) يعني علي بن أبي طالب (ع) " ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " آدم وداود " وليمكنن لهم دينهم ـ يعني الإسلام ـ الذي ارتضى لهم " أي رضيه لهم " وليبدلنهم من بعد خوفهم " يعني من أهل مكة " أمنا " يعني في المدينة " يعبدونني " يوحدونني " لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد

ذلك " بولاية علي بن أبي طالب (ع) " فأولئك هم الفاسقون " يعني العاصين لله ولرسوله (ص) (٣).

١٣٥ ـ ومن ذلك ما رواه الحافظ عندهم محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المشار إليه بإسناده إلى قتادة عن الحسن البصري قال كان يقرأ هذا الحرف " صراط علي مستقيم " فقلت للحسن : وما معناه؟ قال يقول هذا طريق علي بن أبي طالب (ع) ودينه طريق ودين مستقيم فاتبعوه وتمسكوا

__________________

(١) ص : ٢٦.

(٢) النور : ٥٥.

(٣) شواهد التنزيل : ١ / ٧٦ ، والبحار : ٣٦ / ٩٦.

٩٦

به فإنه واضح لا عوج فيه (١).

١٣٦ ـ ومن ذلك ما رواه محمد بن مؤمن في كتابه المذكور في تفسير قوله تعالى " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة (٢) " بإسناده إلى أنس بن مالك قال سألت رسول الله (ص) عن معنى قوله " وربك يخلق ما يشاء "؟ فقال إن الله عز وجل خلق آدم من طين كيف شاء ثم قال " ويختار " إن الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب (ع) الوصي ثم قال " ما كان لهم الخيرة " يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ولكني اختار من أشاء فإنا وأهل بيتي صفوته وخيرته من خلقه. ثم قال " سبحان الله عما يشركون " يعني الله منزه عما يشركون به كفار مكة. ثم قال " وربك يعلم " يعني يا محمد " ما تكن صدورهم " من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك " وما يعلنون " بألسنتهم من الحب لك ولأهل بيتك (٣).

١٣٧ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسيره ورواه الواحدي في أسباب النزول عن البخاري ومسلم صاحبي كتاب الصحيحين عندهم في تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " (٤) الآية وفي روايتهم زيادة لبعض على بعض ومختصر ذلك أن حاطب بلتعة كتب مع سارة مولاة أبي عمرو بن صافي كتابا إلى أهل مكة يخبرهم بتوجه النبي إليهم ويحذرهم منه فعرفه جبرئيل (ع) عن الله تعالى بذلك قال:

__________________

(١) البحار : ٣٥ / ٣٧٣ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٦٠ ، والبحار أيضا : ٣٦ / ١٦٧ ، وإحقاق الحق : ٣ / ٥٤٣.

(٢) القصص : ٦٧.

(٣) البحار : ٣٦ / ١٦٧ ، وإحقاق الحق : ٣ / ٥٦٤ ، والبحار : ٢٣ / ٧٤.

(٤) الممتحنة : ١.

٩٧

فبعث عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد في ذلك وعرفهم ما عرفه الله تعالى به وإن الكتاب مع الجارية سارة فوجدوها في بطن خاخ على ما وصفه رسول الله (ص) لهم فحلفت أنه ليس معها كتاب ففتشوها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع فقال علي (ع) : والله ما كذبنا وسل سيفه وقال : أخرجي الكتاب وإلا والله لأجردنك ولأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجت الكتاب فأخذه فأتى به النبي (ص) (١).

(قال عبد المحمود) : أنظر رحمك حال علي (ع) وحال عمر وطلحة والزبير الذين نازعوا عليا (ع) على الخلافة وتعجب من قول مسلم والبخاري على ما رواه الثعلبي والواحدي عنهما ، وقد شهد غيرهما ممن روى الحديث أن عمر وطلحة والزبير هموا بالرجوع. ليت شعري بأي وجه كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد كذبوه وصدقوا امرأة ناقصة العقل والدين وبأي وجه كانوا يقدمون على الله تعالى وقد جعلوا خبر امرأة واحدة أصدق من خبره وهو قوله تعالى " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " وهل ترى لهؤلاء يقينا سليما أو دينا مستقيما وأما المقداد وعمار وأبو مرثد فقد روت الشيعة أنهم ما كانوا في هذه الواقعة وما كانوا يتقدمون على علي (ع) في شئ.

١٣٨ ـ ومن ذلك ما رواه من طريقهم برجالهم ما ذكره شيخ المحدثين ببغداد في تقديمه على تاريخ الخطيب في المجلد الثالث عشر عن محمد بن حماد الطهراني قال خيرني هشام بن عبد الملك من أرض الحجاز إلى أرض الشام فاخترت البلقاء فوجدت فيها جبلا أسود مكتوب عليه بالأندر ما هو من سلب آل عمران فسألت عمن يقرؤه فجاؤوا بشيخ قد كبرت سنه قال ما أعجب ما عليه

__________________

(١) أسباب النزول : ٣١٥ ، والبحار ٣٦ / ١٦٨ ، والبخاري في صحيحه ٦ / ٦٠.

٩٨

بالعبراني مكتوب " باسمك اللهم جاء الحق من ربك بلسان عربي لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله وكتب موسى بن عمران بيده " (١).

١٣٩ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى " فإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " (٢) فقال قال رسول الله (ص): وصالح المؤمنين هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) (٣).

ورواه الشافعي بن المغازلي في كتابه بإسناده (٤).

١٤٠ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى " ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " قال هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) (٥).

١٤١ ـ وروى الثعلبي من طريقين أن المراد بقوله تعالى ومن عنده علم الكتاب علي (ع) وقد تقدم نحو ذلك.

١٤٢ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي أيضا في تفسير قوله تعالى " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (٧) فرواه الثعلبي بإسناده إلى ابن عباس قال كان عند علي بن أبي طالب (ع) أربعة دراهم لا يملك سواها فتصدق بدرهم

__________________

(١) البحار : ٣٨ / ٥٧.

(٢) التحريم : ٤.

(٣) إحقاق الحق : ٣ / ٣١١ ، والبحار : ٣٦ / ٣٠.

(٤) المناقب : ٢٦٩.

(٥) إحقاق الحق عنه : ٣ / ٢٨١.

(٦) نفس المصدر ، وينابيع المودة : ١٠٢ ـ ١٠٤.

(٧) البقرة : ٢٧٤.

٩٩

سرا وبدرهم علانية وبدرهم ليلا وبدرهم نهارا فنزلت هذه الآية (١).

ورواه ابن المغازلي في كتابه المناقب بإسناده (٢).

١٤٣ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسيره رفعه إلى ابن عباس في قوله تعالى " طوبى لهم وحسن مآب " (٣) قال قال رسول الله (ص) طوبى شجر أصلها في دار علي بن أبي طالب وفي دار كل مؤمن منها غصن فقال " طوبى لهم وحسن مآب " يعني حسن مرجع(٤).

١٤٤ ـ ورواه الثعلبي أيضا في حديث آخر بإسناده إلى النبي (ص) أنه سئل عن قوله تعالى " طوبى لهم وحسن مآب "؟ فقال شجره في الجنة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة. فقيل له يا رسول الله سألناك عنها فقلت شجرة في الجنة أصلها في دار علي (ع) وفرعها على أهل الجنة؟ فقال إن داري ودار علي غدا واحدة في مكان واحد (٥)

وروى ابن المغازلي في كتابه نحو هذا (٦).

١٤٥ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير تعالى " ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون " (٧) قال كانوا يتمنون الموت ـ يعني قريشا ـ من قبل أن يلقوا علي بن أبي طالب عليه السلام (٨).

__________________

(١) إحقاق الحق عن الثعلبي : ٣ / ٢٤٧ ، والبحار : ٣٢ / ٦١.

(٢) المناقب : ٢٨٠ ، والخوارزمي في المناقب : ١٩٨.

(٣) الرعد : ٢٩.

(٤) إحقاق الحق : ٣ / ٤٤١. ١٣٢ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٣٠٤.

(٦) المناقب : ٢٦٨ ، والبحار : ٣٦ / ٧٠.

(٧) آل عمران : ١٤٣.

(٨) البحار : ٣ / ٢٦.

١٠٠