الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : الفرق والمذاهب
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

٣٤ ـ ومن رواياتهم المشار إليها في الجمع بين الصحاح الستة ، قال أبو عبد الله البخاري : قوله تعالى " إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة " نسختها آية " فإذ لم تفعلوا فتاب الله عليكم " قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : ما عمل بهذه الآية غيري ، وبي خفف الله تعالى عن هذه الأمة أمر هذه الآية (١).

٣٥ ـ ووجدت في كتاب عتيق رواية أبي عمير الزاهد في تفسير كلام لعلي عليه السلام قال : لما نزلت آية الصدقة مع النجوى دعا النبي (ص) عليا عليه السلام فقال : ما تقدمون من الصدقة بين يدي النجوى؟ قال : يقدم أحدهم حبة من الحنطة فما فوق ذلك. قال : فقال له المصطفى : إنك لزهيد ـ أي فقير ـ فقال ابن عباس : فجاء علي في حاجة بعد ذلك الوقت والناس قد اجتمعوا ، فوضع دينارا ثم تكلم وما كان يملك غيره. قال: تخلى الناس ثم خفف عنهم برفع الصدقة (٢) ، فقال أبو العياش : فهذه القصة يستأدبها علي عليه السلام الخلق.

٣٦ ـ ومن ذلك ما رواه ابن مردويه في كتاب المناقب في تفسير آية النجوى من أربع طرق هذه أحدها يرفعه إلى سالم بن أبي الجعد عن علي عليه السلام قال : لما نزلت آية المناجاة قال : قال لي رسول الله (ص) ما تقول في دينار؟ قلت : ما يطيقونه. قال : فكم؟ قلت : شعيرة. قال : إنك لزهيد ، ونزلت " أأشفقتم " الآية ، قال علي عليه السلام: بي خفف الله تعالى عن هذه الأمة فلم تنزل في أحد قبلي ولا بعدي (٣).

__________________

(١) إحقاق الحق رواه عن الجمع بين الصحاح الستة : ٣ / ١٣٣ ، البحار : ٣٥ / ٣٧٩.

(٢) البحار : ٣٥ / ٣٧٩.

(٢) البحار : ٣٥ / ٣٧٨.

٤١

آية المباهلة

٣٧ ـ وقد ذكر الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير سورة آل عمران عند تفسير آية المباهلة فقال ما هذا لفظه : وروى أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا : حتى نرجع وننظر فنأتيك غدا ، فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكن ، فإن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.

فأتوا رسول الله (ص) وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ، فلا يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة فقالوا : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك ونثبت على ديننا. قال : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم. فأبوا قال : فإني أناجزكم. فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقه ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حله ألف في صفر وألف في رجب وثلاثين درعا عاديه من حديد ، فصالحهم النبي (ص) على ذلك وقال : والذي نفسي بيده أن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران

٤٢

وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول النصارى كلهم حتى يهلكوا.

وعن عائشة أن رسول الله (ص) خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة ثم علي ، ثم قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".

فإن قلت : ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه ، وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضم الأبناء والنساء؟

قلت : كان ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجر أعلى تعريض أعزته وأفلاذ كبده وأحب الناس إليه ذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته أيضا بكذب خصمه حتى يهلكه مع أحبته وأعزته هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة ، وخص الأبناء والنساء لأنهم أعز الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتى يقتل ، ومن ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ويسمون الذادة عنها حماة الحقائق ، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها ، وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام. وفيه برهان واضح على صحه نبوة النبي (ص) لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك. هذا آخر كلام الزمخشري فانظر بعين الإنصاف تعرف منه أهل الصراط السوي (١).

٣٨ ـ قال (عبد المحمود) وقد ذكر النقاش في تفسيره شفاء الصدور ما هذا لفظه ، قوله عز وجل " قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم " (٢) قال أبو بكر :

__________________

(١) الكشاف : ١ / ٤٣٤.

(٢) آل عمران : ٦١.

٤٣

جاءت الأخبار بأن رسول الله (ص) أخذ بيد الحسن وحمل الحسين عليهما السلام على صدره ، ويقال : بيده الأخرى وعلي عليه السلام معه وفاطمة عليها السلام من ورائهم ، فحصلت هذه الفضيلة للحسن والحسين من بين جميع أبناء أهل بيت رسول الله (ص) وأبناء أمته ، وحصلت هذه الفضيلة لفاطمة بنت رسول الله (ص) من بين بنات النبي وبنات أهل بيته وبنات أمته ، وحصلت هذه الفضيلة لأمير المؤمنين علي عليه السلام من بين أقارب رسول الله ومن أهل بيته وأمته بأن جعله رسول الله (ص) كنفسه ، يقول : " وأنفسنا وأنفسكم ".

جرير عن الأعمش قال : كانت المباهلة ليلة إحدى وعشرين من ذي الحجة ، وكان تزويج فاطمة لعلي بن أبي طالب عليهما السلام يوم خمسة وعشرين من ذي الحجة ، وكان يوم غدير خم يوم ثمانية عشر من ذي الحجة ، هذا آخر كلام النقاش. وقد ذكر الخطيب في تاريخ بغداد فضل أبي بكر محمد بن الحسن ابن زياد النقاش وكثرة رجاله وأن الدارقطني وغيره رووا عنه ، وذكر أنه قال عند موته" لمثل هذا فليعمل العاملون " ثم مات في الحال(١).

٣٩ ـ ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من طرق : فمنها في الجزء الرابع فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في ثالث كراس من أوله من الكتاب الذي نقل الحديث منه في تفسير قوله تعالى " فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " فرفع مسلم الحديث النبي (ص) وهو طويل يتضمن عدة فضائل لعلي بن أبي طالب عليه السلام خاصه ، يقول في آخره : ولما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (ص) عليا

__________________

(١) البحار : ٣٥ / ٣٦١.

٤٤

وفاطمة وحسنا وحسينا وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي (١).

ورواه أيضا مسلم أواخر الجزء المذكور على حد كراسين من النسخة المنقول منها.

ورواه أيضا الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند سعد بن أبي وقاص في الحديث السادس من أفراد مسلم (٢).

٤٠ ـ ورواه الثعلبي في تفسير هذه الآية عن مقاتل والكلبي قال : لما قرأ رسول الله (ص) هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة ، قالوا له : حتى نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا ، فخلا بعضهم إلى بعض ، فقالوا للعاقب وكان ديانهم : يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ، ولقد جاءكم بالفضل من عند ربكم ، والله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، ولئن فعلتم ذلك لتهلكن ، وأن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فأتوا رسول الله (ص) وقد غذا رسول الله محتضنا للحسن وآخذا بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها ، وهو يقول لهم : إذا أنا دعوت فأمنوا ، فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله من مكانه ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك ، وأن نتركك على دينك ونثبت على ديننا ، فقال رسول الله (ص) : إن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم ، فأتوا ، فقال : فإني أنابذكم الحرب. فقالوا : ما لنا بحرب العرب

__________________

(١) مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧١ ، والبحار : ٣٥ / ٢٦١ ، وذخائر العقبى : ٢٥ والترمذي في جامعه : ٤ / ٨٢.

(٢) رواة الحاكم في المستدرك : ٣ / ١٥٠ ، وأحمد بن حنبل في مسنده ١ / ١٨٥.

٤٥

طاقة ، ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة : ألف في صفر وألف في رجب ، فصالحهم النبي (ص) على ذلك (١).

ورواه أيضا أبو بكر بن مردويه بأجمل من هذه الألفاظ والمعاني عن ابن عباس والحسن والشعبي والسدي.

وفي رواية الثعلبي زيادة في آخر حديثه وهي : قال والذي نفسي بيده أن العذاب قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر. ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا ، فأنزل الله تعالى (٢) : " إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم * فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين " (٣).

٣٨ ـ ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب عن الشعبي عن جابر ابن عبد الله قال : قدم وفد نجران على النبي (ص) العاقب والطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا : أسلمنا يا محمد قبلك. قال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام؟ قالا : هات ، قال : حب الصليب ، وشرب الخمر ، وأكل الخنزير ، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه أن يغادياه بالغدوة ، فغدا رسول الله (ص) وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم أرسل إليهما : فأبيا أن يجيبا فأقرا بالخراج ، فقال النبي (ص) : والذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لا مطر الله عليهما الوادي نارا. قال جابر : فيهم نزلت هذه الآية " ندع

__________________

(١) ابن بطريق في العمدة عن تفسير الثعلبي : ٩٥ ، والبحار : ٣٥ / ٢٦١.

(٢) آل عمران : ٦٢ ـ ٦٣.

(٣) العمدة عن الثعلبي : ٩٥ ، والبحار : ٣٥ / ٢٦١ ، وفخر الرازي في تفسيره : ٨ / ٨٥.

٤٦

أبنائنا وأبنائكم " الآية. قال الشعبي : أبناؤنا الحسن والحسين ، ونساؤنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب عليهم السلام (١).

نزول آية " إنما وليكم الله "

في شأن علي عليه السلام

٣٩ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله " الآية (٢) قال : السدي وعتبة بن أبي الحكيم وغالب بن عبد الله : إنما عنى بهذه الآية علي بن أبي طالب عليه السلام لأنه مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه (٣).

ورواه أيضا الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير الآية (٤).

٤٠ ـ ورواه الثعلبي من عدة طرق : فمنها ما رفعه إلى عباية بن الربعي قال : بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول : قال رسول الله (ص) إذ أقبل رجل معتم بعمامة ، فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله إلا وقال الرجل قال رسول الله ، فقال ابن عباس : سألتك بالله من أنت. فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (ص) بهاتين وإلا فصمتا ورأيته بهاتين وإلا فعميتا وهو يقول : علي قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره ، مخذول من خذله أما إني صليت مع رسول الله (ص) يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل

__________________

(١) المناقب : ٢٦٣ ، والبحار : ٣٥ / ٢٦٢ ، ودر المنثور : ٤ / ٣٨.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) إحقاق الحق عنه : ٢ / ٤٠٢ والبحار ، ٣٥ / ١٩٥.

(٤) الكشاف : ١ / ٦٢٤.

٤٧

في المسجد فلم يعطه أحد شيئا ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئا ، وكان علي عليه السلام راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله (ص) ، فلما فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إن موسى سألك فقال : " رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري " ، فأنزلت عليه قرآنا ناطقا " سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون " (١) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك ، اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري.

قال أبو ذر : فما استتم رسول الله (ص) الكلمة حتى نزل جبرئيل عليه السلام من عند الله تعالى فقال : يا محمد إقرأ. قال : وما إقرأ؟ قال : إقرأ " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (٢).

٤١ ـ ومن كتاب الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثالث من آخر ثلثه في تفسير سورة المائدة قوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله " الآية ، من صحيح النسائي عن ابن سلام قال : أتيت رسول الله (ص) فقلت : إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله ، وأقسموا لا يكلمونا ، فأنزل الله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ". ثم إذن بلال لصلاة الظهر ، فقام الناس يصلون فمن بين ساجد وراكع وسائل إذا سأل فأعطى علي عليه السلام خاتمه السائل وهو راكع ،

__________________

(١) القصص : ٣٥.

(٢) إحقاق الحق عنه : ٤ / ٥٩ ، والبحار : ٣٥ / ١٩٤.

٤٨

رسول الله " إنما وليكم الله ورسوله " إلى قوله " الغالبون " (١).

٤٢ ـ ورواه الشافعي ابن المغازلي من خمس طرق : فمنها عن عبد الله ابن عباس قال: مر سائل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي يده خاتم قال : من أعطاك هذا الخاتم؟ قال : ذاك الراكع ـ وكان علي عليه السلام يصلي ـ فقال : الحمد لله الذي جعلها في وفي أهل بيتي (٢).

٤٣ ـ ومن روايات الشافعي ابن المغازلي في المعنى يرفعه إلى علي بن عابس قال : دخلت أنا وأبو مريم على عبد الله بن عطاء ، قال أبو مريم : حدث عليا بالحديث الذي حدثتني عن أبي جعفر ، قال : كنت عند أبي جعفر جالسا إذ مر ابن عبد الله بن سلام ، قلت : جعلت فداك هذا ابن الذي عنده علم الكتاب. قال : لا ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب عليه السلام الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عز وجل " ومن عنده علم الكتاب " (٣) ، " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " (٤) ، " إنما وليكم الله ورسوله " (٥) الآية.

وذكر السدي في تفسيره إن هذه الآية نزلت في علي (علیه السلام)

__________________

(١) إحقاق الحق مثله عن المختار في مناقب الأخيار : ١٤ / ٢٢ ، وذخائر العقبى : ١٠٢ ، وينابيع المودة : ٢١٨ ، والبحار : ٣٥ / ١٩٩.

(٢) المناقب : ٣٢١ وفيه زيادة وهي : (إنما وليكم الله ورسوله) وكان على خاتمه الذي تصدق به (سبحان من فخري بأني له عبد).

(٣) الرعد : ٤٣.

(٤) هود : ١٧.

(٥) المناقب : ٣١٤.

٤٩

نزول قوله تعالى

" أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام "

٤٤ ـ ومن ذلك ما رواه كتاب الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثاني من صحيح النسائي في تفسير قوله تعالى " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله (١) عن محمد بن كعب القرظي ، قال: افتخر شيبة بن أبي طلحة (٢) ورجل ذكر اسمه (٣) وعلي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال شيبة بن أبي طلحة معي مفتاح البيت ولو أشاء بت فيه ، وقال ذلك الرجل : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بت في المسجد ، وقال علي (ع) : ما أدري ما تقولان لقد صليت إلى القبلة قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله تعالى : " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام " الآية (٤).

ورواه الثعلبي كذلك تفسير هذه الآية عن الحسن والشعبي ومحمد ابن كعب القرظي(٥).

ورواه الشافعي ابن المغازلي عن إسماعيل بن عامر وعن عبد الله بن عبيدة

__________________

(١) التوبة : ١٩.

(٢) وفي النسخ طلحة بن شيبة وهو مصحف والصحيح هو الذي ذكرناه راجع الإصابة : ١٦١ ط بيروت.

(٣) وهو عباس عم النبي (ص) قال العلامة المجلسي لعل السيد اتقى في عدم التصريح بذكر العباس من خلفاء زمانه.

(٤) رواه الطبري في جامع البيان : ١٠ / ٦٨ ط بيروت ، والبحار : ٣٦ / ٣٧ ، والدر المنثور : ٣ / ٢١٨.

(٥) العمدة عن الثعلبي : ٩٨ ، والفخر الرازي في تفسيره : ١٦ / ١١.

٥٠

البريدي (١)

وإن عليا عليه السلام هو المشهود له بالفضل ، وهو المقصود بالإيمان واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله تعالى.

قول النبي صلى الله عليه وآله

" أنت مني بمنزلة هارون من موسى "

٤٥ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده من عدة طرق فمنها ما يرفعه إلى سعيد بن المسيب قال حدثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد قال : دخلت على سعد فقلت : حديث حدثته عنك حدثنيه حين استخلف النبي (ص) عليا (ع) على المدينة. قال فغضب سعد وقال : من حدثك به؟ فكرهت أن أحدثه أن ابنه حدثنيه فيغضب عليه ، ثم قال : إن رسول الله حين خرج في غزوة تبوك استخلف عليا على المدينة ، فقال علي : يا رسول الله ما كنت أحب أن تخرج في وجه إلا وأنا معك. فقال : أو ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون موسى غير أنه لا نبي بعدي (٢). ومن بعض روايات أحمد ابن حنبل " إلا النبوة ".

وروى في الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند سعد بن أبي وقاص في الحديث الثامن المتفق عليه من عدة طرق (٣).

٤٦ ـ ومن صحيح البخاري من الجزء الخامس في الكراس السادس وهو

__________________

(١) المناقب : ٣٢١ ـ ٣٢٢.

(٢) إحقاق الحق عن الفضائل لأحمد بن حنبل : ٥ / ١٥٧ ، والعمدة : ٦٢ ، والبحار : ٣٧ / ٢٦١.

(٣) رواه النسائي في الخصائص : ١٥ ، والخوارزمي في المناقب : ٨٣ ط نجف.

٥١

نصف الجزء من النسخة المنقول منها ، أن النبي (ص) خرج إلى تبوك واستخلف عليا ، فقال : أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي (١). ورواه البخاري أيضا في صحيحه في الجزء الرابع على حد ربعه الأخير من النسخة المنقول منها (٢).

٤٧ ـ ورواه مسلم في صحيحه في الجزء الرابع على حد كراسين من آخره من النسخة المنقول منها ، وأسنداه معا من عدة طرق ، وفي بعض روايتهما للحديث المذكور أن سعيد بن المسيب قال لسعد بن أبي وقاص : أنت سمعته من النبي (ص) يقول ذلك لعلي بن أبي طالب عليه السلام؟ فوضع أصبعيه في أذنيه فقال : نعم وإلا فاستكتا (٣).

٤٨ ـ ورواه أيضا مسلم في صحيحه في الجزء الرابع في أوله من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) من عدة طرق ، وقيل للراوي : أنت سمعته ـ يعني من رسول الله ـ فقال : نعم وإلا فصمتا (٤).

٤٩ ـ ورواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب من أكثر من عشر طرق ، فمنها ما اتفق على لفظه هو وأحمد بن حنبل يرفعانه إلى إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : سأل رجل معاوية بن أبي سفيان عن مسألة فقال : سل عنها علي بن أبي طالب عليه السلام فإنه أعلم. قال : يا معاوية قولك فيها أحب إلي من قول علي ، فقال : بئس ما قلت ، ولؤم ما جئت به ، كيف كرهت رجلا كان رسول الله (ص) يغره بالعلم غرا ، ولقد قال له رسول الله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، ولقد كان عمر بن الخطاب

__________________

(١) البخاري في صحيحه ٥ / ١٢٩ والعمدة عن البخاري : ٦٣ ، وذخائر العقبى : ٦٣.

(٢) رواه البخاري في صحيحه : ٤ / ٢٠٨ ، وفي تاريخه : ١ / ١١٥.

(٣) مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧٠ و ١٨٧١.

(٤) مسلم في صحيحه ٢ / ١٩ ط محمد علي صبيح بمصر.

٥٢

يسأله فيأخذ عنه ، ولقد شهدت عمر إذا أشكل عليه شئ قال هاهنا علي ، قم لا أقام الله رجليك.

وزاد ابن المغازلي قال : ومحى اسمه من الديوان (١).

وفي بعض روايات ابن المغازلي أن سعد بن أبي وقاص قيل له مرة : أسمعت هذا من رسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال : نعم ، لا مرة ولا مرتين ، يقول ذلك لعلي عليه السلام (٢).

ورواه في الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة في ثلثه الأخير في باب مناقب أمير المؤمنين علي عليه السلام من صحيح أبي داود وصحيح الترمذي (٣).

٥٠ ـ ورواه أحمد بن حنبل عن النبي (ص) أنه قال لعلي أيضا يوم المؤاخاة أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (٤).

وقد صنف القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ـ وهو من أعيان رجالهم ـ كتابا سماه " ذكر الروايات عن النبي أنه قال لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنت مني بمنزلة هارون من موسى من إلا أنه لا نبي بعدي وبيان طرقها واختلاف وجوهها ".

رأيت هذا الكتاب من نسخة نحو ثلاثين ورقة عتيقة عليها رواية ، تاريخ الرواية سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، وروى التنوخي حديث النبي (ص)

__________________

(١) المناقب : ٣٤ ، وذخائر العقبى عن أحمد بن حنبل في المناقب : ٧٩.

(٢) المناقب : ٣٣.

(٣) الترمذي في صحيحه : ١٣ / ١٧٥ ط الصاوي مصر.

(٤) أحمد بن حنبل في مسنده : ٣ / ٣٢ و ٥٦ و ٧٤ و ٨٨ و ٩٤ و ٣٣٨ و ١ / ١٧٠ و ١٧٣ و ٢٣٠ و ٦ / ٤٣٨.

٥٣

لعلي عليه السلام " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " ، عن عمر بن الخطاب وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وسعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن مسعود وعبد الله بن عباس وجابر عبد الله الأنصار وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وجابر بن سمرة ومالك بن حويرث والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وأبي رافع مولى رسول الله وعبد الله بن أبي أوفى وأخيه زيد بن أبي أوفى وأبي سريحة وحذيفة بن أسيد وأنس بن مالك وأبي بريدة الأسلمي وأبي أيوب الأنصاري وعقيل بن أبي طالب وحبشي بن جنادة السلولي ومعاوية بن أبي سفيان وأم سلمة زوجة النبي وأسماء بنت عميس وسعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين عليهم السلام وحبيب بن أبي ثابت وفاطمة بنت علي وشرحبيل بن سعد.

قال التنوخي : كلهم عن النبي (ص) ، ثم شرح الروايات بأسانيدها وطرقها محررا.

فصل

وقد ذكر الحاكم أبو نصر الحربي في كتاب " التحقيق لما احتج أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى " وهذا الحاكم المذكور من أعيان الأربعة المذاهب ، وقد كان أدرك حياة أبي العباس ابن عقده الحافظ ، وكان وفاة ابن عقدة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ، فذكر أنه روى قول النبي (ص) في علي عليه السلام " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " عن خلق كثير ، ثم ذكر أنه رواه عن أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وابن المنذر وأبي بن كعب وأبي اليقظان وعمار بن ياسر وجابر

٥٤

ابن عبد الله الأنصاري وأبي سعيد الخدري ومالك بن حويرث وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وحبشي بن جنادة ومعاوية بن أبي سفيان وبريدة الأسلمي وفاطمة بنت رسول (ص) وفاطمة بنت حمزة وأسماء بنت عميس وأروى بنت الحارث بن عبد المطلب (١).

ما ظهر من فضله صلوات الله عليه

(في غزوة خيبر)

٥١ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده من أكثر من ثلاثة عشر طريقا ، فمن ذلك عن عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول حضرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ، ثم أخذها من الغد عمر فرجع ولم يفتح له ، ثم أخذها عثمان ولم يفتح له ، فأصاب الناس يومئذ شدة وجهد ، فقال رسول الله : إني دافع الراية غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ، ولا يرجع حتى يفتح الله له ، فبتنا طيبة أنفسنا إن الفتح غدا ، ثم قام قائما ودعا باللواء والناس على مصافهم فدعا عليا وهو أرمد ، فتفل في عينه ودفع إليه اللواء وفتح له (٢).

ورواه البخاري في صحيحه في أواخر الجزء الثالث منه عن سلمة بن الأكوع (٣) ورواه أيضا البخاري في الجزء المذكور عن سهل (٤).

__________________

(١) روى عن هؤلاء الرواة من كتب القوم في ذيل إحقاق الحق : ٥ / ١٣٢ إلى ٢٣٥ وفي تاريخ ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب : ١ / ٢٨٢ إلى ٣٦٤.

(٢) أحمد بن حنبل في مسنده : ٥ / ٣٥٣.

(٣) البخاري في صحيحه : ٥ / ٧٦ ، والبحار : ٣٩ / ٧.

(٤) البخاري في صحيحه : ٥ / ٧٦ ـ ٧٧.

٥٥

ورواه أيضا البخاري في الجزء الرابع في رابع كراس من النسخة المنقول منها (١).

ورواه أيضا في الجزء الرابع في ثلثه الأخير من صحيحه في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (٢).

ورواه أيضا البخاري في الجزء الخامس من صحيحه في رابع كراس من أوله من النسخة المنقول منها (٣).

ورواه مسلم في صحيحه في الجزء الرابع في نصف الكراس إلا ومن من النسخة المنقول منها (٤).

ورواه أيضا مسلم في صحيحه في آخر كراس من الجزء المذكور من النسخة المشار إليها (٥).

٥٢ ـ فمن رواية البخاري ومسلم في صحيحيهما من بعض طرقهما أن رسول الله (ص) قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال : فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله (ص) في عينيه ودعا له ، فبرئ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية فقال علي : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال : أنفذ على رسلك تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله

__________________

(١) البخاري في صحيحه : ٥ / ٨ و ٤٧.

(٢) البخاري في صحيحه : ٤ / ٢٠٧ ، وكذا في تاريخه : ٤ / ٢٦٢.

(٣) البخاري في صحيحه : ٤ / ٤٧.

(٤) مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧١.

(٥) مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧٢.

٥٦

تعالى فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم(١).

ورواه في الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثالث في غزوة خيبر من صحيح الترمذي (٢).

ورواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند سهل بن سعد وفي مسند سعد بن أبي وقاص وفي مسند أبي هريرة وفي مسند سلمة بن الأكوع (٣).

٥٣ ـ ورواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي أيضا من طرق جماعة ، فمن روايات الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : بعث رسول الله (ص) أبا بكر إلى خيبر فلم يفتح عليه ، ثم بعث عمر فلم يفتح عليه ، فقال : لأعطين الراية رجلا كرار غير فرار يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فدعا علي بن أبي طالب عليه السلام وهو أرمد العين ، فتفل في عينيه ففتح عينيه كأنه لم يرمد قط ، فقال : خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك. فخرج يهرول وأنا خلف أثره حتى ركز رايته في أصلهم تحت الحصن ، فاطلع رجل يهودي من رأس الحصن وقال : من أنت؟ قال علي بن أبي طالب ، فالتفت إلى أصحابه وقال : غلبتم والذي أنزل التوراة على موسى ، قال : فما رجع حتى فتح الله عليه (٤).

__________________

(١) البخاري في صحيحه : ٤ / ٢٠٧ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ٥ / ٣٣٣ ، ومسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧٢.

(٢) إحقاق الحق عن الجمع بين الصحاح : ٥ / ٣٧٤ ، والترمذي في صحيحه : ١٣ / ١٧١.

(٣) إحقاق الحق عن الجمع بين الصحيحين : ٥ / ٣٩٤.

(٤) المناقب : ١٨١.

٥٧

٥٤ ـ ورواه علماء التاريخ مثل محمد بن يحيى الأزدي وابن جرير الطبري (١) والواقدي ومحمد بن إسحاق وأبي بكر البيهقي في دلائل النبوة (٢) وأبي نعيم في كتاب حلية الأولياء (٣) والأشبهي في الاعتقاد عن عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وآله بعث أبا بكر برايته مع المهاجرين وهي راية بيضاء فعاد يؤنب قومه ويؤنبونه ، ثم بعث عمر بعده فرجع يجبن أصحابه ويجبنونه حتى ساء ذلك " ص " فقال : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ، فأعطاها عليا ففتح على يديه(٤).

٥٥ ـ ورواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى : " ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا " (٥) وذلك في فتح خيبر قال : حاصر رسول الله " ص " أهل خيبر حتى أصابتنا مخمصة شديدة ، وإن النبي أعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس ، فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر وأصحابه ورجعوا إلى رسول الله يجبنه أصحابه ويجبنهم ، وكان رسول الله (ص) قد أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس. فأخذ أبو بكر راية رسول الله ثم نهض فقاتل ، ثم رجع فأخذها عمر فقاتل ثم رجع ، فأخبر بذلك رسول الله (ص) فقال : أما والله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يأخذها عنوة ،

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٩٣ ط بيروت.

(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى : ٩ / ١٠٦ ، وكذا في الاعتقاد : ١٥١.

(٣) حلية الأولياء : ١ / ٦٢ و ٤ / ٣٥٦ ، والحاكم النيسابوري في المستدرك : ٣ / ٣٨.

(٤) محب الدين الطبري في ذخائر العقبى : ٨٢ ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : ٧٢.

(٥) الفتح : ٣.

٥٨

وليس ثم علي ، فلما كان الغد تطاول إليها أبو بكر وعمر ورجال من قريش رجاء كل واحد منهم أن يكون هو صاحب ذلك ، فأرسل رسول الله " ص " سلمة ابن الأكوع إلى علي عليه السلام ، فجاءه على بعير له حتى أناخ قريبا من رسول الله (ص) وهو أرمد قد عصب عينيه بشقة برد قطري. قال سلمة : فجئت به أقوده إلى رسول الله ، فقال رسول الله : ما لك؟ قال : رمدت. قال : ادن مني. فدنا منه فتفل في عينيه ، فما شكا وجعهما بعد حتى مضى لسبيله ، ثم أعطاه الراية فنهض بالراية.

ثم ذكر الثعلبي صورة حال الحرب بين علي وبين مرحب ، وكان على رأسه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، ثم قال : فاختلفا ضربتين فبدره علي عليه السلام بضربة فقد الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس ، وأخذ المدينة وكان الفتح على يده (١).

(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب : ورأيت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في الموضع الذي تقدمت الإشارة إليه وهو في أواخر كراس من الجزء الرابع زيادة وهي : أن عمر بن الخطاب قال : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فتشاوقت لها رجاء أن أدعى لها. قال : فدعا رسول الله (ص) علي بن أبي طالب فأعطاه الراية وقال : امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. قال : فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت ، فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل؟ قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن فعلوا فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (٢).

__________________

(١) إحقاق الحق عن الثعلبي : ٥ / ٣٧٣ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ٥ / ٣٥٨ ، والخوارزمي في المناقب : ١٠٣ ط نجف.

(٢) مسلم في صحيحه : ٤ / ١٨٧٢ ، والبحار : ٣٩ / ٩ ، وابن عساكر في تاريخه في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب : ١ / ١٥٦ ـ ٢٢٥.

٥٩

ما ظهر من فضله صلوات الله عليه يوم الخندق

٥٦ ـ ومن ذلك ما ذكره أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل قال : أول من قال " جعلت فداك " علي ، لما دعا عمرو بن عبد ود إلى البراز يوم الخندق ولم يجبه أحد قال علي عليه السلام : جعلت فداك يا الله أتأذن لي؟ قال : أنه عمرو بن عبد ود. قال : وأنا علي بن أبي طالب ، فخرج إليه فقتله ، وأخذ الناس منه (١).

٥٧ ـ ومن غير كتاب الأوائل أن النبي (ص) لما أذن لعلي عليه السلام في لقاء عمرو بن عبد ود وخرج إليه قال النبي : برز الإيمان كله إلى الشرك كله (٢). ٥٨ ـ ومن كتاب صدر الأئمة عندهم موفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم بإسناده أن النبي (ص) قال : لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة(٣).

أن النبي (ص)

أمر بسد الأبواب إلا باب علي عليه السلام

٥٩ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده من طرق ، فمنها عن زيد بن أرقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله (ص) أبواب شارعة في المسجد ، فقال يوما : سدوا هذه الأبواب إلا باب علي. قال : فتكلم في

__________________

(١) البحار : ٣٩ / ١ ، وأخطب خوارزم في المناقب : ١٠٤.

(٢) نفس المصدر من البحار.

(٣) أخطب خوارزم في المناقب : ٥٨ ، وابن شيرويه في الفردوس (مخطوط).

٦٠