الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]

الطّرائف في معرفة مذاهب الطوائف

المؤلف:

السيّد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحلّي [ السيّد بن طاووس ]


الموضوع : الفرق والمذاهب
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٣

١٤٦ ـ ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسير قوله تعالى " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " (١) قال نزلت في علي (ع) والوليد بن عقبة ابن أبي معيط أخي عثمان لأمه وذلك أنه كان بينهما تنازع كلام في شئ فقال الوليد لعلي (ع) اسكت إنك صبي وأنا والله ابسط منك لسانا وأحد سنانا وأشجع جنانا وأملأ منك حشوا في الكتيبة فقال له علي عليه السلام : اسكت فإنك فاسق فأنزل الله تعالى " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد (٢).

١٤٧ ـ ومن ذلك ما ذكره أبو نعيم المحدث في كتابه الذي استخرجه من كتاب الإستيعاب في تفسير قوله تعالى " واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (٣) قال النبي (ص) ليله أسرى بي جمع الله بيني وبين الأنبياء عليهم السلام ثم قال يا محمد سلهم على ماذا بعثتم؟ قالوا بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب (ع) (٤).

في أنه (ع) مع الحق والحق معه

١٤٨ ـ ومن ذلك ما رواه أبو بكر محمد بن الحسن الآجري تلميذ أبي بكر والد أبي داود السجستاني في الجزء الثاني من كتاب الشريعة بإسناده

__________________

(١) السجدة : ١٨.

(٢) إحقاق الحق عن الثعلبي : ١٤ / ٣٠٨ ، والطبري في تفسيره : ٢١ / ٦١ ، والبحار : ٣٥ / ٣٤٣ ، والخوارزمي في المناقب : ١٩٧ ، وينابيع المودة : ٢١٢ ، وشواهد التنزيل : ١ / ٤٤٥ ، وابن المغازلي في المناقب : ٣٢٤.

(٣) الزخرف : ٤٥.

(٤) إحقاق الحق : ٣ / ١٤٤.

١٠١

إلى علقمة بن قيس والأسود بن يزيد قالا أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا يا أبا أيوب إن الله تعالى أكرمك بمحمد إذ أوحى إلى راحلته فنزلت إلى بابك وكان رسول الله (ص) ضيفك فضيلة فضلك الله تعالى بها ثم خرجت تقاتل مع علي بن أبي طالب (ع) فقال مرحبا بكما وأهلا وسهلا إنني أقسم بالله لكما لقد كان رسول الله في هذا البيت الذي أنتما فيه وما في البيت غير رسول الله وعلي جالس عن يمينه وأنا قائم بين يديه وأنس إذ حرك الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أنس انظر من بالباب فخرج أنس فنظر ورجع فقال هذا عمار بن ياسر قال أبو أيوب سمعت رسول الله يقول يا أنس افتح لعمار الطيب المطيب ففتح أنس الباب فدخل عمار فسلم على رسول الله (ص) فرد عليه السلام ورحب به ثم قال له يا عمار سيكون في أمتي بعدي هنأه واختلاف حتى يختلف السيف فيما بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني ـ يعني علي بن أبي طالب (ع) ـ فإن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي وخل الناس طرا يا عمار إن عليا لا يزال على هدى يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله عز وجل (١).

١٤٩ ـ وروى العبدري في الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثالث منه في مناقب المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) من صحيح البخاري عن النبي (ص) قال رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار (٢).

١٥٠ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن موسى بن مردويه في كتاب المناقب

__________________

(١) البحار : ٣٨ / ٣٧ ، والخوارزمي في المناقب : ١٢٤.

(٢) الخوارزمي في المناقب : ٥٦ ، والبحار ٣٨ / ٣٨ ، وإحقاق الحق عن العبدري ٥ / ٦٢٦.

١٠٢

من عدة طرق فمنها بإسناده إلى محمد بن أبي بكر قال حدثتني عائشة إن رسول الله قال الحق علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (١).

١٥١ ـ ومنها بإسناده إلى أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه إلى أصبغ ابن نباته قال لما إن أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل أتاه علي عليه السلام وبه رمق فوقف عليه وهو يتألم لما به فقال رحمك الله يا زيد فوالله ما عرفتك إلا خفيف المؤنة كثير المعونة قال فرفع رأسه وقال وأنت مولاي يرحمك الله فوالله ما عرفتك إلا بالله عالما وبآياته عارفا والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول سمعت رسول الله (ص) يقول علي أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره ومخذول خذله ألا وإن الحق معه ويتبعه ألا فميلوا معه (٢).

١٥٢ ـ ومنها في كتاب المناقب أيضا لابن مردويه بإسناده إلى ثابت مولى أبي ذر عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله (ص) يقول علي مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض (٣).

١٥٣ ـ وذكر الخطيب في تاريخه ما يدل على أن علقمة والأسود كررا معاتبة أبي أيوب على نصرته لعلي (ع) فزادهما أيضا حال عذره بما كان سمعه من رسول الله (ص) فقال الخطيب إن علقمة والأسود أتيا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقالا له يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنزول محمد (ص) في بيتك وبمجئ ناقته تفضلا من الله تعالى وإكراما لك حتى أناخت ببابك دون الناس جميعا ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب أهل لا

__________________

(١) البحار : ٣٨ / ٣٨ ، وتاريخ ابن عساكر من ترجمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : ٣ / ١١٧ ، وإحقاق الحق عن مناقب ابن مردويه : ٥ / ٦٤٠.

(٢) الخوارزمي في المناقب : ١١١.

(٣) الكنجي في كفاية الطالب : ٢٥٣ ، وتاريخ ابن عساكر : ٢ / ١٢٠.

١٠٣

إله إلا الله فقال يا هذا إن الرائد لا يكذب أهله إن رسول الله أمرنا بقتال ثلاثة مع علي عليه السلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فأما الناكثون فقد قاتلناهم وهم أهل الجمل وطلحة والزبير وأما القاسطون فهذا منصرفنا عنهم يعني معاوية وعمرو بن عاص وأما المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السقيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم إن شاء الله تعالى ثم قال سمعت رسول الله (ص) يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك مع الحق والحق معك يا عمار إن رأيت عليا سلك واديا وسلك الناس كلهم واديا فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى يا عمار من تقلد سيفا وأعان به عليا على عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ومن تقلد سيفا أعان به عدو علي قلده الله تعالى يوم القيامة وشاحين من نار قلنا يا هذا حسبك يرحمك الله حسبك يرحمك الله (١).

فيما أخبره رسول الله من قتاله وقتله

١٥٤ ـ وروى محمود الخوارزمي في كتاب الفائق في الأصول في باب ذكر سائر معجزاته ـ يعني معجزات النبي (ص) ـ قال وقال يعني النبي (ص) لعلي عليه السلام ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين فقاتل طلحة والزبير بعد ما نكثا بيعته وقاتل معاوية وهم القاسطون أي الظالمون وقاتل الخوارج وهم المارقون هذا لفظ الخوارزمي (٢).

١٥٥ ـ ومن ذلك ما رواه الخوارزمي محمود في كتاب الفائق المذكور في

__________________

(١) تاريخ بغداد : ١٣ / ١٨٦ ، والبخار : ٣٩ / ٣٧ ، وصحيح مسلم : ٤ / ٢٢٣٦.

(٢) البحار : ٨ / ٤٥٨ ط أمين الضرب.

١٠٤

باب ذكر سائر معجزاته (ص) في قصة ذي الثدية الذي قتل مع الخوارج (١) وقد رواها الحميدي في الحديث الرابع من المتفق عليه من مسند أبي سعيد الخدري في حديث ذي الثدية وأصحابه الذين قتلهم علي بن أبي (ع) بالنهروان قال قال رسول الله (ص) تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق وفي رواية الأوزاعي في صفة ذي الثدية إن إحدى ثدييه مثل البضعة تدر درا يخرجون على خير فرقة من المسلمين قال أبو سعيد الخدري فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله (ص) وأشهد أن علي بن أبي طالب (ع) قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله (ص) الذي نعت. هذا لفظ ما رواه الحميدي في حديثه (٢).

١٥٦ ـ ومن ذلك ما رواه الخوارزمي في كتاب الفائق أيضا في باب ذكر سائر معجزاته (ص) قال قال رسول الله (ص) لعلي (ع) ألا أخبرك بأشقى الناس رجلان حمير ثمود ومن يضربك يا علي على هذا ـ ووضع يده على قرنه ـ فيبتل منه هذا ـ وأخذ بلحيته ـ فكان كما أخبره هذا لفظ الخوارزمي وأحمير (٣) ثمود عاقر ناقة صالح وقاتل علي (ع) عبد الرحمن بن ملجم لعنة الله عليه (٤).

__________________

(١) الفائق : ٢ / ٢٤١.

(٢) البحار : ٨ / ٤٥٨ ط أمين الضرب ، صحيح البخاري ٤ / ٢٠٠ ، ذخائر العقبى : ١١٠.

(٣) وفي النسخ الموجودة هو احيم ـ وصحيح مسلم : ٢ / ٧٤٥.

(٤) نفس المصدر ، وتاريخ ابن عساكر : ٣ / ٢٨٥.

١٠٥

إنه (عليه السلام) إمام المتقين وقائد الغر المحجلين

١٥٧ ـ ومن ذلك ما ذكره الخطيب في تاريخه بإسناده إلى أبي جعفر بن ربيعة عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله (ص) ما في القيامة راكب غيرنا نحن أربعة فقال له عمه العباس ومن هم يا رسول الله قال أما أنا فعلى البراق ووصفها بوصف طويل قال العباس ومن يا الله الله قال وأخي صالح على ناقة الله وسقياها التي عقرها قومه قال العباس ومن يا رسول الله قال وعمي حمزه أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء على ناقتي قال العباس ومن يا رسول الله قال : وأخي علي بن أبي طالب (ع) على ناقة من نوق الجنة زمامها من لؤلؤ رطب عليها محمل من ياقوت أحمر قضبانها من الدر الأبيض على رأسه تاج من نور لذلك التاج سبعون ركنا ما من ركن إلا وفيه ياقوته حمراء تضيئ للراكب المحث عليه حلتان خضراوان وبيده لواء الحمد وهو ينادي " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " فيقول الخلائق ما هذا إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو حامل عرش فينادي مناد من بطنان العرش ليس هذا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا حامل عرش هذا علي بن أبي طالب (ع) وصي رسول رب العالمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين (١).

١٥٨ ـ وروى الفقيه الشافعي ابن المغازلي من عدة طرق ومعناها واحد فمنها قال قال رسول الله (ص) يا علي إنك سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين (٢).

١٥٩ ـ ومن روايات ابن المغازلي في كتابه المذكور بإسناده إلى حذيفة

__________________

(١) البحار : ٣٩ / ٢٣٤.

(٢) المناقب ٦٥ و ١٠٤ ، والبحار : ٣٨ / ١٤٤.

١٠٦

بن اليمان قال آخى رسول الله (ص) بين المهاجرين فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) فقال هذا أخي قال حذيفة فرسول الله (ص) سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له شبيه ولا نظير وعلي أخوه (١).

نزول سوره هل أتى في شأنه (عليه السلام)

١٦٠ ـ ومن ذلك ما ذكره الثعلبي في تفسيره ورواه من عدة طرق في تفسير سوره " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " (٢) بأسانيدها ومن ذلك بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنه قال مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما جدهما رسول الله (ص) ومعه أبو بكر وعمر وعادهما عامه العرب فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا وكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشئ فقال علي (ع) إن برئ ولداي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل وقالت فاطمة وجاريتهم فضة مثل ذلك فألبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد (ص) قليل ولا كثير فانطلق علي (ع) إلى شمعون بن حانا الخيبري ـ وكان يهوديا ـ فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير. وفي حديث المزني عن مهران الباهلي فانطلق إلى جار له من اليهود يعالج الصوف يقال له شمعون بن حانا فقال له هل لك أن تعطيني جزه من صوف تغزلها لك بنت محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال نعم فأعطاه فجاء بالصوف والشعير فأخبر فاطمة عليها السلام بذلك فقبلت وأطاعت قالوا

__________________

(١) المناقب : ٣٩ ، والبحار : ٣٨ / ٣٤٦.

(٢) الدهر : ١.

١٠٧

فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزت منه خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص وصلى علي مع النبي (ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب وقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فسمعه علي (ع) فأمر بإعطائه فأعطوه الطعام بأجمعه ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح فلما إن كان اليوم الثاني قامت فاطمة عليها السلام إلى صاع فطحنته وأخبزته وصلى علي (ع) مع النبي (ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه فأتاهم يتيم فوقف بالباب فقال السلام عليكم يا آل محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فسمعه علي (ع) فأمر بإعطائه فأعطوه الطعام بأجمعه ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح فلما كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي (ع) مع النبي (ص) المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسرونا ولا تطعمونا؟ فسمعه علي عليه السلام فأمر بإعطائه قال فأعطوه الطعام بأجمعه ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح.

فلما إن كان اليوم الرابع وقد وفوا نذرهم أخذ علي (ع) بيده اليمنى الحسن وبيده اليسرى الحسين وأقبل نحو رسول الله (ص) وهم يرتعشون كالفراخ شدة الجوع فلما بصر به النبي (ص) قال يا أبا الحسن ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم؟ فانطلق بنا إلى منزل فاطمة فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها فلما رآها النبي (ص) قال وا غوثاه بالله يا أهل بيت محمد تموتون جوعا؟ فهبط جبرئيل

١٠٨

فقال يا محمد خذ ما هناك الله في أهل بيتك قال وما آخذ يا جبرئيل؟ فاقرأه " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " إلى قوله " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " إلى آخر السورة.

وزاد محمد بن علي الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة أنهم عليهم السلام نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام قال وحديث المائدة ونزولها عليهم مذكور في سائر الكتب.

(قال عبد المحمود بن داود) فسئل بعض رواه الحديث عن معنى قوله " إنه مذكور في سائر الكتب " فقال إنه إشارة إلى الكتب المعتبرة التي يعرفها سامع الحديث.

قال وقد روى حديث المائدة المسمى صدر الأئمة أخطب خطباء خوارزم موفق بن أحمد المكي في كتابه وروى الواحدي وهو من أعيان العلماء الأربعة المذاهب في كتاب أسباب النزول أن سبب نزول الآية إيثار علي بن أبي طالب (ع) المسكين واليتيم والأسير وشرح ما رواه في خصوص ذلك (١).

١٦١ ـ ومن ذلك أيضا في تفسير هل أتى ما ذكره الزمخشري في كتابه الكشاف ما هذا لفظه وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الحسن والحسين عليهما السلام مرضا فعادهما رسول الله (ص) في ناس معه فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك وكل نذر ليس له وفاء فليس بنذر فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام شكرا لله تعالى فشفيا وما معهم شئ فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير

__________________

(١) الخوارزمي في المناقب : ١٨٨ ، والواحدي في أسباب النزول : ٣٣١ ، ورواه

ابن المغازلي في المناقب : ٢٧٢ ، وشواهد التنزيل : ٢ / ٣٠٣ والكنجي في كفاية الطالب : ٢٠١ ، وينابيع المودة : ٩٣ ، والبحار : ٣٥ / ٢٤٨.

١٠٩

فطحنت فاطمة عليها السلام صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله (ص) فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرئيل وقال ها يا محمد هناك الله في أهل بيتك فاقرأه السورة (١).

(قال عبد المحمود) : وهذا الزمخشري من أزهدهم وأعلم علمائهم ترك الدنيا عن قدره وجاور مكة وقد رواه عن ابن عباس خبر هذه الآية وقوله حجة على المفسرين ولا يجوز الطعن عليه أحد من المسلمين.

مناقب أصحاب الكساء وفضلهم عليهم السلام

١٦٢ ـ ومن طريف ما رواه رجالهم في فضل علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام ونسلهما ما ذكره شيخ المحدثين ببغداد في المجلد العاشر بإسناده عن أسماء بنت واثلة قالت سمعت أسماء بنت عميس تقول سمعت سيدتي فاطمة عليها السلام تقول ليله دخل بي علي (ع) أفزعني في فراشي قلت : بما أفزعك يا سيدة نساء العالمين؟ قالت سمعت الأرض تحدثه ويحدثها

__________________

(١) الكشاف : ٤ / ١٩٧.

١١٠

فأصبحت وأنا فزعة فأخبرت والدي فسجد سجدة طويلة ثم رفع رأسه وقال يا فاطمة أبشري بطيب النسل فإن الله فضل بعلك على سائر خلقه وأمر به الأرض أن يحدثه بأخبارها وما يجري على وجهها من شرقها إلى غربها (١).

(قال عبد المحمود) : هذا لفظه في كتابه.

١٦٣ ـ ومن طرائف ما وجدته في حديث سفيان الثوري تأليف سليمان بن أحمد الطبراني عن هشام بن عروة عن عائشة قالت كنت أرى رسول الله (ص) يفعل بفاطمة عليها السلام شيئا من التقبيل والألطاف فقلت يا رسول الله تفعل بفاطمة لم أرك تفعله قبل؟ فقال يا حميراء إنه لما كانت ليله أسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فوقفت على شجرة من شجر الجنة لم أر شجرة في الجنة أحسن منها حسنا ولا أنضر منها ورقا ولا أطيب منها ثمرا فتناولت ثمره من ثمرها فأكلتها فصارت نطفة في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا إذا اشتقت إلى الجنة سمعت ريحها من فاطمة يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتل كما يعتللن ـ يعني به الحيض ـ (٢).

١٦٤ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده أن النبي (ص) أخذ بيد الحسن والحسين وقال من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة (٣).

١٦٥ ـ ومن ذلك ما رواه الشافعي ابن المغازلي في كتابه بإسناده إلى جابر ابن الله الأنصاري قال قال رسول الله (ص) ذات يوم بعرفات وعلي عليه

__________________

(١) البحار : ٤١ / ٢٧١.

(٢) الخوارزمي في مقتل الحسين : ٦٣ ، وذخائر العقبى : ٣٦ ، والبحار : ٣٧ / ٦٥.

(٣) ذخائر العقبى : ١٢٣ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ١ / ٧٧ ، وابن المغازلي في المناقب : ٣٧٠.

١١١

السلام تجاهه ادن مني يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة فأنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها فمن تعلق بغصن منها أدخله الله الجنة (١).

١٦٦ ـ ومن ذلك ما رواه الشافعي ابن المغازلي في كتاب المناقب بإسناده إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال سئل النبي (ص) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه(٢).

١٦٧ ـ ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزل قوله تعالى " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (٣) قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودتهم؟ قال علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام (٤).

ورواه الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية بهذه الألفاظ والمعاني (٥).

١٦٨ ـ وروى البخاري في صحيحه في الجزء السادس على حد كراسين ونصف من أوله من النسخة المنقول منها في قوله تعالى " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " بإسناده إلى طاووس عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تعالى " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قال سعيد بن جبير قربى آل محمد (ص) (٦).

١٦٩ ـ وروى مسلم في صحيحه في الجزء الخامس على حد كراسين

__________________

(١) المناقب : ٢٩٧ و ٩٠.

(٢) المناقب : ٦٣ ، وينابيع المودة : ٩٧.

(٣) الشورى : ٢٣.

(٤) ذخائر العقبى عن أحمد : ٢٥ ، وابن المغازلي في المناقب : ٣٠٩.

(٥) إحقاق الحق عنه : ٩ / ٩٢.

(٦) البخاري في صحيحه : ٦ / ٣٧.

١١٢

من أوله من النسخة المشار إليها في تفسير قوله تعالى " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قال وسئل ابن عباس عن هذه الآية فقال ابن جبير : قربى آل محمد (ص) ـ الخبر(١).

ورواه في الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثاني من أجزاء أربعة في تفسير حم من عدة طرق (٢).

١٧٠ ـ وروى الثعلبي في تفسير هذ الآية تعيين آل محمد عليهم السلام من عدة طرق فمنها عن أم سلمة عن رسول الله (ص) أنه قال لفاطمة عليها السلام : ايتني بزوجك وابنيك فأتت بهم فألقى عليهم كساء ثم رفع يديه عليهم فقال اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد فإنك حميد مجيد قالت فرفعت الكساء لأدخل معهم فاجتذبه وقال إنك على خير.

وسيأتي في تفسير قوله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " من رواية أحمد بن حنبل تعيين آل محمد (ص) أيضا وروى الثعلبي نحو ذلك عن مشايخه عن علي بن الحسين المعروف بزين العابدين عليه السلام وعن غيره (٣).

حديث الثقلين

١٧١ ـ ومن ذلك ما صرح النبي (ص) بالوصية الواضحة والدلالة المحققة على من يقوم مقامه بعده ويخلفه في أمته إلى يوم القيامة ولم يجعل لأحد عذرا في

__________________

(١) العمدة : ٢٥ ، والبحار : ٢٣ / ٢٥٠.

(٢) الطبري في تفسيره : ٢٥ / ١٥.

(٣) البحار : ٢٣ / ٢٥٠.

١١٣

مخالفته فروى أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) إني قد تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (١). وقد روى أن أبا بكر قال عترة النبي علي.

١٧٢ ـ ومن ذلك في المعنى ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى إسرائيل بن عثمان بن المغيرة بن ربيعة قال لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده فقلت له سمعت رسول الله يقول إني تارك فيكم الثقلين؟ قال نعم (٢).

١٧٣ ـ ومن ذلك في المعنى ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده إلى زيد بن ثابت قال قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم الثقلين خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (٣).

١٧٤ ـ ومن ذلك في المعنى ما رواه مسلم في صحيحه من عدة طرق فمنها في الجزء الرابع منه من أجزاء ستة في آخر كراس الثانية من أوله من النسخة المنقول منها بإسناده إلى يزيد بن حيان قال انطلقت أنا وحصين بن سبره وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا عنده قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله (ص) وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول

__________________

(١) إحقاق الحق عن أحمد بن حنبل في المناقب : ٩ / ٣١١ ، والبحار : ٢٣ / ١٠٦.

(٢) نفس المصدر عنه : ٩ / ٣٢٢ ، وأحمد بن حنبل في مسنده : ٤ / ٣٧١ ، والبحار ٢٣ / ١٠٧ ، والعمدة : ٣٤.

(٣) أحمد بن حنبل في مسنده : ٥ / ١٨١ ، والبحار : ٢٣ / ١٠٧.

١١٤

الله (ص) قال يا ابن أخي والله لقد كبر سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (ص) فما حدثتكم فاقبلوه وما لا أحدثكم فلا تكلفونيه ثم قال قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد أيها الناس فإنما أنا يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وتارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ـ الخبر (١).

ورواه أيضا مسلم في صحيحه بهذه المعاني في الجزء الرابع المذكور على حد ثانية عشر قائمة من أوله من تلك النسخة (٢)

١٧٥ ـ ومن ذلك في المعنى من كتاب الجمع بين الصحاح الستة من الجزء الثالث من أجزاء أربعة من صحيح أبي داود وهو كتاب السنن ومن صحيح الترمذي بإسنادهما عن رسول الله (ص) قال إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني في عترتي (٣).

١٧٦ ـ ومن ذلك في هذا المعنى ما رواه الفقيه الشافعي ابن المغازلي عن عدة طرق في كتابه بأسانيدها فمنها قال : إن رسول الله (ص) قال إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود

__________________

(١) مسلم في صحيحه ٤ / ١٨٧٣ ، والبحار : ٢٣ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٢) راجع ص ١٨٧٤ ، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده : ٤ / ٣٦٦.

(٣) الترمذي في صحيحه : ١٣ / ٢٠٠ ، والبحار : ٢٣ / ١٠٨ ، والعمدة : ٣٦

١١٥

من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا ماذا تخلفوني فيهما (١).

(قال عبد المحمود) : لقد أثبت في عدة طرق وقد تركت من الحديث بالمعنى مقدار عشرين رواية لئلا يطول الكتاب بتكرارها مسنده من رجال الأربعة المذاهب المشهور حالهم بالعلم والزهد والدين.

(قال عبد المحمود) : كيف خفى عن الحاضرين مراد النبي بأهل بيته (ص) وقد جمعهم لما أنزلت آية الطهارة تحت الكساء وهم وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس.

وقد وصف أهل بيته الذين قد جعلهم خلفا منه بعد وفاته مع كتاب الله تعالى بأنهم لا يفارقون كتاب الله تعالى حتى يردوا عليه الحوض فينظر من كان من العترة معصوما لا يفارق كتاب الله تعالى في سر ولا جهر ولا في غضب ولا رضى ولا غنى ولا فقر ولا خوف ولا أمن فأولئك الذين أشار إليهم جل جلاله.

١٧٧ ـ ومن ذلك بإسناده إلى ابن أبي الدنيا من كتاب فضائل القرآن قال قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وقرابتي. قال : آل عقيل وآل جعفر وآل عباس (٢).

١٧٨ ـ ومن ذلك بإسناده إلى علي بن ربيعة قال لقيت زيد بن أرقم وهو يريد أن يدخل على المختار فقلت بلغني عنك شئ فقال ما هو؟ قلت : سمعت رسول الله (ص) يقول إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي قال اللهم نعم (٣).

__________________

(١) المناقب : ٢٣٥ ، والبحار : ٢٣ / ١٠٨.

(٢) البحار : ٢٣ / ١٠٩.

(٣) نفس المصدر.

١١٦

١٧٩ ـ ومن ذلك بإسناده أيضا قال قال رسول (ص) إني فرطكم على الحوض فأسألكم حين تلقوني عن الثقلين كيف خلفتموني فيهما. فاعتل علينا لا ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين فقال يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما الثقلان؟ قال الأكبر منهما كتاب الله طرف بيد الله تعالى وطرف بأيديكم فتمسكوا به وتزلوا ولا تضلوا والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تغزوهم فإني سألت اللطيف الخبير فأعطاني أن يردا علي الحوض كهاتين ـ وأشار بالمسبحة والوسطى ـ ناصرهما ناصري وخاذلهما خاذلي وعدوهما عدوي ألا وإنه لن تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبيها وتقتل من يأمر بالقسط فيها (١).

(قال عبد المحمود) : فهذه عدة أحاديث برجال متفق على صحه أقوالهم يتضمن الكتاب والعترة ـ فانظروا وانصفوا هل جرى من التمسك بهما ما قد نص عليهما وهل اعتبر المسلمون من هؤلاء من أهل بيته الذين ما فارقوا الكتاب؟ وهل فكروا في الأحاديث المتضمنة إنهما خليفتان من بعده؟ وهل ظلم أهل بيت نبي من الأنبياء مثل ما ظلم أهل بيت محمد (ص) بعد هذه الأحاديث المذكورة المجمع على صحتها؟ وهل بالغ نبي أو خليفة أو ملك من ملوك الدنيا في النص على من يقوم مقامه بعد وفاته أبلغ مما اجتهد فيه محمد رسول الله؟ لكن له أسوة بمن خولف من الأنبياء قبله وله أسوة بالله الذي خولف في ربوبيته بعد هذه الأحاديث المذكورة المجمع على صحتها.

١٨٠ ـ ومن ذلك ما رواه عن المسمى عندهم جار الله فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري بإسناده إلى محمد بن علي بن شاذان قال حدثنا الحسن بن حمزه عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن

__________________

(١) البحار : ٢٣ / ١١٠.

١١٧

محمد بن زياد عن حميد بن صالح يرفع الحديث بأسماء رواته وتركت ذلك اختصارا قال قال النبي (ص) : فاطمة بهجة قلبي وابناها ثمره فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجا ومن تخلف عنهم هوى. هذا لفظ الحديث المذكور (١).

١٨١ ـ ومن ذلك بإسناد الشيخ مسعود السجستاني أيضا في كتابه عن ابن زياد مطرف قال سمعت النبي (ص) يقول من أحب أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي بها وهي جنة الخلد فليتوال علي ابن أبي طالب وذريته من بعده فإنهم لن يخرجوهم من باب الهدى ولن يدخلوهم في باب ضلالة (٢).

١٨٢ ـ وفي رواية أخرى عن السجستاني إلى زيد بن أرقم عن النبي (ص) قال من أحب يتمسك بالقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه الله في جنة عدن فليتمسك بحب علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين (٣).

١٨٣ ـ ومن ذلك بإسناد الحافظ مسعود بن ناصر السجستاني عن ربيعة السعدي قال أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول الله (ص) فقال لي من الرجل؟ قلت ربيعة السعدي فقال لي : مرحبا مرحبا بأخ لي قد سمعت به ولم أر شخصه قبل اليوم حاجتك؟ قلت ما جئت في طلب غرض من الأغراض الدنيوية ولكني قدمت من العراق من عند قوم قد افترقوا خمس فرق فقال حذيفة : سبحان الله تعالى وما دعاهم إلى ذلك والأمر واضح بين وما يقولون؟

__________________

(١) البحار : ٢٣ / ١١٠.

(٢) البحار : ٢٣ / ١١٠.

(٣) البحار : ٢٣ / ١١١.

١١٨

قال قلت فرقة تقول أبو بكر أحق بالأمر وأولى بالناس لأن رسول الله (ص) سماه الصديق وكان معه في الغار وفرقة تقول عمر بن الخطاب لأن رسول الله (ص) قال اللهم أعز الدين بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب. فقال حذيفة الله تعالى أعز الدين بمحمد ولم يعزه بغيره وقال فرقة : أبو ذر الغفاري رضي الله عنه لأن النبي قال ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال حذيفة : إن رسول الله (ص) أصدق منه وخير وقد أظلته الخضراء وأقلته الغبراء وفرقة تقول سلمان الفارسي لأن رسول الله (ص) يقول فيه : أدرك العلم الأول وأدرك العلم الآخر وهو بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت. ثم إني سكت فقال حذيفة : ما منعك من ذكر الفرقة الخامسة؟ قال قلت لأني منهم وإنما جئت مرتادا لهم وقد عاهدوا الله على أن لا يخالفوك وأن ينزلوا عند أمرك.

فقال لي يا ربيعة اسمع مني واعه واحفظه وقه وبلغ الناس عني إني رأيت رسول الله (ص) وقد أخذ الحسين بن علي ووضعه على منكبه وجعل يقي بعقبه وهو يقول أيها الناس إنه من استكمال حجتي على الأشقياء من بعدي التاركين ولاية علي بن أبي طالب (ع) إلا وأن التاركين ولاية علي بن أبي طالب هم المارقون من ديني أيها الناس هذا الحسين بن علي خير الناس جدا وجدة : جده رسول الله سيد ولد آدم وجدته خديجة سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبرسوله وهذا الحسين خير الناس أبا وأما أبوه علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين ووزيره وابن عمه وأمه فاطمة بنت محمد رسول الله وهذا الحسين خير الناس عما وعمة عمه جعفر بن أبي طالب المزين بالجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء وعمته أم هانئ بنت أبي طالب وهذا الحسين خير الناس خالا وخالة خاله القاسم بن رسول الله وخالته زينب بنت محمد رسول الله ثم وضعه عن منكبه ودرج بين

١١٩

يديه ثم قال أيها الناس وهذا الحسين جده في الجنة وجدته في الجنة وأبوه في الجنة وأمه في الجنة وعمه في الجنة وخاله في الجنة وخالته في الجنة وهو في الجنة وأخوه في الجنة ثم قال : أيها الناس إنه لم يعط أحد من ذريه الأنبياء الماضين ما أعطي الحسين ولا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله ثم قال أيها الناس لجد الحسين خير من جد يوسف فلا تخالجنكم الأمور بأن الفضل والشرف والمنزلة والولاية ليست إلا لرسول (ص) وذريته وأهل بيته فلا يذهبن بكم الأباطيل.

قال الشيخ مسعود بن ناصر الحافظ السجستاني : هذا الحديث حسن (١)

(قال عبد المحمود) وقد وقفت على كتاب اسمه كتاب العمدة في الأصول اسم مصنفه محمد بن محمد بن النعمان ويلقب بالمفيد قد أورد فيه الاحتجاج على صحة الإمامة بحديث نبيهم محمد صلى الله عليه وآله " إني تارك فيكم الثقلين " وهذا لفظه : لا يكون شئ أبلغ من قول القائل : قد تركت فيكم فلانا كما يقول الأمير إذا خرج من بلده واستخلف من يقوم مقامه لأهل البلد قد تركت فيكم فلانا يرعاكم ويقوم فيكم مقامي وكما يقول من أراد الخروج عن أهله وأراد أن يوكل عليهم وكيلا يقوم بأمرهم قد تركت فيكم فلانا فاسمعوا له وأطيعوا.

فإذا كان ذلك كذلك هو النص الجلي الذي لا يحتمل غيره إذا خلف في جميع الخلق أهل بيته وأمرهم بطاعتهم والانقياد لهم بما أخبر به عنهم من العصمة وأنهم لا يفارقون الكتاب ولا يتعدون الحكم بالصواب هذا لفظه في المعنى ولعمري إنني أرى عقلي شاهدا إن من نعى نفسه إلى قومه وقال كما قال نبيهم إني بشر يوشك أن أدعى فأجيب ثم قال بعد ذلك " إني تارك

__________________

(١) البحار : ٢٣ / ١١١ ـ ١١٢.

١٢٠