تذكرة الفقهاء - ج ٤

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٤

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: ٤٧٨

ولأنّه سأل عن نفسه.

ويمكن اختصاصه بحال تسقط عنه صلاة العيد ، فلا تسقط في حقّ غيره.

والجامع الذي ذكروه مع الاستسقاء ينتقض بالجنازة والمنذورة ، مع أنّه وصف سلبي والاشتراك في السلوب لا يقتضي الاشتراك في الأحكام.

مسألة ٤٣٥ : شرائط الجمعة هي شرائط العيدين‌ إلاّ الخطبتين.

وتجبان على كلّ من تجب عليه الجمعة عند علمائنا أجمع ـ وبه قال أبو حنيفة وأحمد في رواية ، والشافعي في القديم (١) ـ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صلاّها مع شرائط الجمعة ، وقال عليه‌السلام : ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) (٢).

ولأنّ كلّ من أوجبها على الأعيان اشترط ذلك ، وقد ثبت الوجوب ، فيجب الاشتراط ، لعدم الفارق.

ولقول الباقر عليه‌السلام : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلاّ مع إمام » (٣).

ولأنّها صلاة عيد ، فأشبهت الجمعة ، لأنّها أحد العيدين.

وقال الحسن والشافعي في الجديد ، وأحمد في رواية : ليس لها‌

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٥ ، المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الام ١ : ٢٤٠ ، مختصر المزني : ٣٠ ، المجموع ٥ : ٣ و ٢٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥ و ٩.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدار قطني ١ : ٣٤٦ ـ ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٥٩ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١٢٨ ـ ٢٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٣ ، ثواب الأعمال : ١٠٣ ـ ٣.

١٢١

شرط ، فيصلّيها المنفرد والعبد والمسافر والنساء ، لأنّ الاستيطان ليس شرطا فيها ، فلم تكن من شرطها الجماعة (١).

والصغرى ممنوعة ، فإنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يصلّها في سفره ولا خلفاؤه.

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشيخ قال في المبسوط : صلاة العيدين فريضة عند حصول شرائطها ، وشرائطها شرائط الجمعة سواء في العدد والخطبة وغير ذلك (٢).

وفي هذه العبارة نظر.

إذا ثبت هذا ، فلو امتنع من إقامتها مع الشرائط ، قهر عليه ، ولو امتنع قوم من أدائها ، قوتلوا لإقامتها ، لأنّها واجبة.

مسألة ٤٣٦ : لو فقدت الشرائط أو بعضها ، سقط وجوبها‌ دون استحبابها ، بل يستحبّ الإتيان بها جماعة وفرادى ، سفرا وحضرا ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّها عبادة فات شرط وجوبها ، فاستحبّ الإتيان بها كالحجّ.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « من لم يشهد الجماعة في العيدين فليغتسل وليتطيّب بما وجد ، وليصلّ وحده كما يصلّي في الجماعة » (٤).

ومنع أبو حنيفة من فعلها إلاّ مع الجماعة (٥).

__________________

(١) الام ١ : ٢٤٠ ، مختصر المزني : ٣١ ، المجموع ٥ : ٢٦ ، فتح العزيز ٥ : ٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٩٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٠ ، المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٨ ، الإنصاف ٢ : ٤٢٤ و ٤٢٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٦٩.

(٣) فتح العزيز ٥ : ٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٩٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٠ ، المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٨.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٦٣ ، التهذيب ٣ : ١٣٦ ـ ٢٩٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ ـ ١٧١٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٧ ، اللباب ١ : ١١٥ ، فتح العزيز ٥ : ٩ ، رحمة الأمة ١ : ٨٦ ـ ٨٧ ، المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٨.

١٢٢

وعن أحمد روايتان كالجمعة (١).

والفرق : أنّها بدل عن الظهر ، فمع فوات الشرط ينتقل إلى المبدل ، بخلاف العيد.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يصلّيها كما يصلّيها لو كانت واجبة. ولو صلاّها في جماعة ، استحبّت الخطبة كما تجب في الواجبة. ولو صلاّها منفردا ، فالأقرب : أنّه لا يخطب.

قال الشيخ في المبسوط : وقد روي أنّه إن أراد أن يصلّيها أربع ركعات ، جاز (٢).

مسألة ٤٣٧ : هل يشترط بين فرضي العيدين بعد فرسخ كما قلنا في الجمعة؟ إشكال‌ ينشأ : من اتّحادهما في الشرائط. ومن كونه شرطا ، فإنّ علماءنا عدّوا الشروط ولم يذكروه شرطا بالنصوصية وإن حكموا بالبطلان مع الاقتران وصحّة السابق منهما.

مسألة ٤٣٨ : ووقت صلاة العيدين من طلوع الشمس إلى الزوال‌ عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، خرج في يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام ، فقال : إنّا كنّا قد فرغنا ساعتنا هذه ، وذلك حين صلاة التسبيح (٤).

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « ليس في الفطر ولا الأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، فإذا طلعت خرجوا » (٥).

__________________

(١) المغني ٢ : ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الإنصاف ٢ : ٤٢٤.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٦٩ ، وانظر التهذيب ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٥ ، والاستبصار ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٥.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٥ ، المجموع ٥ : ٤ ، الوجيز ١ : ٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٧ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٥ ، السراج الوهاج : ٩٥.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٤١٨ ـ ١٣١٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦ ـ ١١٣٥.

(٥) الكافي ٣ : ٤٥٩ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٦ ، ثواب الأعمال : ١٠٣ ـ ١٠٤ ـ ٧ وفيها عن الإمام الباقر عليه‌السلام.

١٢٣

وقال أحمد : حين ترتفع قدر رمح ، لأنّ النافلة تكره قبل ذلك (١). وقد بيّنا وجوبها.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحبّ تأخيرها إلى أن تنبسط الشمس ليتوفّر الناس على الحضور.

وسأل سماعة الصادق عليه‌السلام ، عن الغدوّ إلى المصلّى في الفطر والأضحى ، فقال : « بعد طلوع الشمس » (٢).

قال الشيخ في المبسوط : وقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت ، فإن كان يوم الفطر أصبح بها أكثر ، لأنّ من المسنون يوم الفطر أن يفطر أوّلا على شي‌ء من الحلاوة ، ثم يصلّي وفي يوم الأضحى لا يذوق شيئا حتى يصلّي ويضحّي ، ويكون إفطاره على شي‌ء ممّا يضحّي به (٣).

ولأنّ الأفضل إخراج الفطرة قبل الصلاة ، فيؤخّرها ليتّسع الوقت لذلك ، والأضحى يقدّمها ليضحّي بعدها ، فإنّ وقتها بعد الصلاة.

مسألة ٤٣٩ : وهي ركعتان كالصبح ، إلاّ أنّه يزيد فيها خمس تكبيرات في الاولى ، وأربعا في الثانية غير تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوعين ، فيكون الزائد تسعا عند أكثر علمائنا (٤) ، لأنّ البراء بن عازب قال : كبّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في العيد تسعا : خمسا في الاولى ، وأربعا في الثانية (٥).

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « التكبير في الفطر والأضحى اثنتا عشرة تكبيرة : يكبّر في الاولى ، ثم يقرأ ، ثم يكبّر بعد القراءة‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٤.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٩.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٦٩.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٧٠ ، وابن إدريس في السرائر : ٧٠ ، والمحقق في المعتبر : ٢١٠.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٢١١.

١٢٤

خمس تكبيرات ، والسابعة يركع بها ، ثم يقرأ في الثانية ويكبّر أربعا ، والخامسة يركع بها » (١). ومثله عن الكاظم عليه‌السلام (٢).

وقال المفيد والمرتضى : يكبّر في الأولى خمسا زائدة على تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع ، ويقوم إلى الثانية مكبّرا ، ثم يقرأ ويكبّر ثلاث مرات ويركع بالرابعة (٣).

وقال الشافعي والأوزاعي وإسحاق : الزائد على تكبيرة الإحرام وتكبيرتي الركوعين اثنتا عشرة تكبيرة : سبع في الاولى ، وخمس في الثانية ، لقول عائشة : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يكبّر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح (٤) (٥).

ولعلّه وهم من عائشة في العدد بواحد (٦).

وقال أحمد : يكبّر في الأولى ستّا غير تكبيرة الإحرام والركوع ، وفي الثانية خمسا غير تكبيرة النهوض والركوع. وهو مروي عن فقهاء المدينة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٦.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٧ ، الإستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٧.

(٣) المقنعة : ٣٢ ، المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٣٩ ، المسألة ١١١.

(٤) سنن الدار قطني ٢ : ٤٦ ـ ١٢ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٩٨.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٧ ، المجموع ٥ : ١٧ و ١٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦ ، المغني ٢ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.

(٦) إشارة إلى الحديث المشهور عن عائشة من أنّ رسول الله ٦ ، كبّر في الفطر والأضحى سبعا وخمسا سوى تكبيرتي الركوع ، حيث يصبح المجموع اثنتي عشرة تكبيرة مع تكبيرة الافتتاح. انظر : سنن أبي داود ١ : ٢٩٩ ـ ١١٤٩ و ١١٥٠ ، والمغني ٢ : ٢٣٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٤٦.

وفي هذا الحديث استثنت عائشة ـ في قولها ـ تكبيرة الافتتاح من العدد ، فيصبح معها ثلاث عشرة تكبيرة فلا حظ.

١٢٥

السبعة (١) ، وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والمزني (٢).

وقال أبو حنيفة والثوري : في كلّ من الاولى والثانية ثلاث ثلاث ، لأنّ أبا موسى روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه كان يكبّر في الأضحى ، والفطر أربعا تكبيرة على الجنازة (٣) (٤).

وضعّفها الخطّابي (٥) ، فلا يعتدّ بها.

وقال ابن عباس وأنس والمغيرة بن شعبة وسعيد بن المسيب والنخعي : يكبّر سبعا سبعا (٦).

مسألة ٤٤٠ : موضع التكبيرات الزائدة بعد القراءة قبل الركوع‌ في الركعتين معا عند أكثر علمائنا (٧) ، لأنّه قنوت في صلاة فرض ، فيكون بعد القراءة كالفرائض اليومية.

ولقول الصادق عليه‌السلام ، وقد سأله معاوية بن عمّار عن صلاة العيدين ، فقال : « ركعتان يفتتح ثم يقرأ ، ثم يكبّر خمس تكبيرات ، ثم يكبّر ويركع بالسابعة ، ثم يقوم فيقرأ ، ثم يكبّر أربع تكبيرات » قال : « وكذا صنع‌

__________________

(١) وهم : عروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسعيد بن المسيب وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر وسليمان بن يسار. انظر : تهذيب التهذيب ١٢ : ٣٤ ـ ٣٥ ، الأعلام للزركلي ٢ : ٦٥ ، الموسوعة الفقهية ١ : ٣٦٤.

(٢) المغني ٢ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٧ ، بلغة السالك ١ : ١٨٧ ، الشرح الصغير ١ : ١٨٧ ، المجموع ٥ : ٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦ ، المحلّى ٥ : ٨٣.

(٣) سنن أبي داود ١ : ٢٩٩ ـ ١١٥٣ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠.

(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ٨٦ ، اللباب ١ : ١١٦ ، المغني ٢ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٧ ، المحلّى ٥ : ٨٣.

(٥) معالم السنن ٢ : ٣١ ، والمغني ٢ : ٢٣٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٥٤.

(٦) المجموع ٥ : ٢٠ ، المغني ٢ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٧.

(٧) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٥٦ ـ ٥٧ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٧٠ ، والمحقق في المعتبر : ٢١١.

١٢٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

وقال بعض علمائنا : أنّه في الأولى قبل القراءة ، وفي الثانية بعدها (٢) ـ وبه قال أبو حنيفة ، وهو رواية عن أحمد ، وعن ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى والحسن وابن سيرين والثوري (٣) ـ لما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان يوالي بين القراءتين (٤).

ومن طريق الخاصة : رواية هشام بن الحكم عن الصادق عليه‌السلام في صلاة العيدين ، قال : « تصل القراءة بالقراءة » (٥).

وقال الشافعي ومالك : يكبّر قبل القراءة في الركعتين معا ـ وعن أحمد روايتان (٦) ـ لرواية عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه كبّر قبل القراءة فيهما (٧) (٨).

وما ذكرناه أولى ، لموافقتها لباقي الصلوات.

إذا عرفت هذا ، فإنّ القائلين بالتقديم اختلفوا ، فقال الشافعي : يكبّر للإحرام ثم يدعو بعدها بدعاء الاستفتاح ، ثم تكبيرات العيد ، ثم يتعوّذ ، ثم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٣.

(٢) هو ابن الجنيد كما في المعتبر : ٢١١.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٨ ، اللباب ١ : ١١٦ ـ ١١٧ ، المغني ٢ : ٢٣٥ ، الميزان للشعراني ١ : ١٩٥ ، رحمة الأمّة ١ : ٨٧.

(٤) أوردها ابنا قدامة في المغني ٢ : ٢٣٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٤٧ عن أبي موسى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقالا : رواه أبو داود. وليس في سنن أبي داود [ ١ : ٢٩٩ ـ ١١٥٣ ] أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والى بين القراءتين.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٧ ، الإستبصار ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٤.

(٦) المغني ٢ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٣.

(٧) سنن أبي داود ١ : ٢٩٩ ـ ١١٥٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٨٦.

(٨) المهذّب للشيرازي ١ : ١٢٧ ، المجموع ٥ : ١٧ و ١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦ و ٥٠ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٨ ، المغني ٢ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.

١٢٧

يقرأ ـ وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن (١) ، ولا نعرف لأبي حنيفة في ذلك شيئا ـ لأنّ أبا سعيد الخدري قال : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان يتعوّذ قبل القراءة (٢).

ولأنّ التعوّذ تابع للقراءة ، فلا يفصل بينهما (٣).

وعن أحمد رواية : أنّ الاستفتاح بعد التكبيرات. وهو قول الأوزاعي (٤).

وقال أبو يوسف : يتعوّذ قبل التكبير ، لأنّه عقيب دعاء الاستفتاح في جميع الصلوات (٥).

مسألة ٤٤١ : ويقنت عقيب كلّ تكبيرة‌ ، ويدعو بما شاء ـ والأفضل ما نقل عن أهل البيت عليهم‌السلام. وباستحباب الدعاء قال الشافعي وأحمد (٦) ـ لأنّ ابن مسعود قال للوليد بن عقبة وقد سأله عن كيفية الصلاة : يكبّر ، ويحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧).

ومن طريق الخاصة : قول محمد بن مسلم : سألت أحدهما عليهما‌السلام ، عن الكلام الذي يتكلّم به بين التكبيرتين في العيدين ، فقال : « ما‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٦ ، المجموع ٥ : ٢١ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٤٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٧.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٣٥.

(٣) المجموع ٥ : ١٧ ـ ١٨ و ٢١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٦ ، المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٤) المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، المجموع ٥ : ٢١.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٧ ، المجموع ٥ : ٢٠ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٦ ، المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٥.

(٦) المجموع ٥ : ١٧ و ٢١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨ و ٤٩ ، المغني ٢ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥١.

(٧) سنن البيهقي ٣ : ٢٩١ ـ ٢٩٢.

١٢٨

شئت من الكلام الحسن » (١).

ولأنها تكبيرات متكرّرة في حال القيام ، فاستحبّ أن يتخلّلها الذكر ، كتكبيرات الجنازة.

ونقل عن مالك أنّه قال : يقف بين كلّ تكبيرتين ولا يذكر شيئا (٢).

وقال أبو حنيفة : يوالي بين التكبيرات ، لأنّ الدعاء لو كان مسنونا ، لنقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما نقل عنه التكبير.

ولأنّه ذكر مسنون في محلّ واحد متكرّر ، فكان متواليا ، كالتسبيح في الركوع والسجود (٣).

والنقل موجود ، والتسبيح ذكر يخفى ولا يظهر ، بخلاف التكبيرات.

مسألة ٤٤٢ : وأفضل ما يقال ما نقل عن أهل البيت عليهم‌السلام ، لأنّهم أعرف بكيفيات العبادات وما يناجى به الربّ ، لاستفادة علومهم من الوحي.

قال الباقر عليه‌السلام : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كلّ تكبيرتين : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اللهم أهل الكبرياء والعظمة ، وأهل الجود والجبروت ، وأهل العفو والرحمة ، وأهل التقوى والمغفرة ، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ذخرا ومزيدا ، أن تصلّي على محمد وآل محمد ، كأفضل ما صلّيت على عبد من عبادك ، وصلّ على ملائكتك ورسلك ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك المرسلون ، وأعوذ بك‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٣.

(٢) كما في فتح العزيز ٥ : ٤٩ ، وحكاه عنه القفّال الشاشي في حلية العلماء ٢ : ٢٥٨ ، وراجع : الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٨.

(٣) المغني ٢ : ٢٣٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٨.

١٢٩

ممّا استعاذ منه عبادك المرسلون » (١).

ومثله عن الصادق عليه‌السلام (٢) ، لكن لم يذكر الشهادتين.

وقال الشافعي : يقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وصلّى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلّم تسليما (٣).

مسألة ٤٤٣ : اختلف علماؤنا في التكبيرات الزائدة ، والقنوت بينها هل هو واجب ، أو مستحب؟

قال الشيخ في التهذيب : من أخلّ بالتكبيرات ، لم يكن مأثوما ، لكن يكون تاركا فضلا (٤).

وقال في الخلاف : يستحبّ أن يدعو بين التكبيرات بما يسنح له (٥).

ويدلّ عليه قول أحدهما عليهما‌السلام ، وقد سئل عن الكلام الذي يتكلّم به بين التكبيرتين في العيدين ، فقال : « ما شئت من الكلام الحسن » (٦). وبه قال الشافعي (٧).

وقال بعض علمائنا : بالوجوب (٨) ، اتّباعا لما فعله النبي عليه‌السلام ، وتنزيلا لفعله عليه‌السلام على الواجب ، وللفرق بين هذه الصلاة وبين الفرائض اليومية.

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يأتي بالدعاء بين تكبيرة الافتتاح والتكبير للعيد إن‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٤٠ ـ ٣١٥.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٩ ـ ٣١٤.

(٣) الام ١ : ٢٤١ ، المجموع ٥ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣١١.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٤ ذيل الحديث ٢٩٠.

(٥) الخلاف ١ : ٦٦١ المسألة ٤٣٣.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٣.

(٧) المجموع ٥ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٠ ، المغني ٢ : ٢٣٨.

(٨) ذهب إليه السيد المرتضى في الانتصار : ٥٧ ، وهو الظاهر من قول أبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٤ حيث قال : ويلزمه أن يقنت بين كلّ تكبيرتين.

١٣٠

قلنا بالتقديم ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّ الذكر من سنّة تكبير العيد ، وتكبيرة الافتتاح لا يختص بالعيد.

تذنيب : لو نسي التكبير وقلنا بالتقديم حتى شرع في القراءة ، فإن قلنا بوجوبه ، قطع القراءة وكبّر ثم استأنف القراءة ، وإن ذكر بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع كبّر.

وهل يعيد القراءة؟ إشكال ينشأ : من أنّها وقعت موقعها ، ومن تقديم التكبير.

وللشافعي قولان : ففي القديم : لا يسقط التكبير لو نسيه ، ويقطع القراءة ويكبّر ، ثم يستأنف القراءة ، ولا يبني ، لأنّه قطع القراءة بغيرها متعمّدا ، وإن ذكر بعد الفراغ كبّر ، ولا تجب إعادة القراءة لكن تستحبّ ، لتكون القراءة بعد التكبيرات.

وفي الجديد : يسقط التكبير (٢).

إذا عرفت هذا ، فعلى ما اخترناه من تأخير التكبير لو نسيه أو بعضه ثم ذكر قبل الركوع أتى به ، لأنّه محلّه. وإن ذكر بعد الركوع ، لم يلتفت ، لفوات محلّه ، ولا يقضيه ، سواء قلنا بوجوبه أو استحبابه ، عملا بالأصل ، وبه قال الشافعي (٣).

وقال أبو حنيفة : يأتي بها راكعا (٤).

وقال الشيخ : يقضيها (٥). والوجه : ما تقدّم.

__________________

(١) المجموع ٥ : ١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٦١ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٧.

(٣) المجموع ٥ : ١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٦١ ، السراج الوهاج : ٩٥ ـ ٩٦ ، مغني المحتاج ١ : ٣١١.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٥ : ٦١ ، المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٦.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٧١.

١٣١

مسألة ٤٤٤ : ويستحب رفع اليدين مع كلّ تكبيرة‌ عند علمائنا ، وبه قال عطاء وأبو حنيفة والشافعي وأحمد (١) ـ لأن النبي عليه‌السلام قال : ( لا ترفع الأيدي إلاّ في سبعة مواطن ) وذكر من جملتها تكبيرات العيد (٢).

ومن طريق الخاصة : قول يونس : سألته عليه‌السلام عن تكبير العيدين ، فقال : « يرفع يديه مع كلّ تكبيرة » (٣).

ولأنّه تكبير في الصلاة ، فاستحبّ رفع اليدين به (٤) ، كاليومية.

وقال مالك والثوري : لا يرفعهما في غير تكبيرة الإحرام ، لأنّها تكبيرات في أثناء الصلاة ، فأشبهت تكبيرات السجود (٥).

والحكم في الأصل ممنوع ، كما تقدّم.

فروع :

أ : لو شك في عدد التكبير وهو قائم بنى على اليقين.

ب : لو قدّمها على القراءة ناسيا ، أعاد على الرواية الأخرى (٦) ، لأنّ موضعها باق.

ج : لو أدرك المأموم بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه قبل أن يركع‌ ثم يدرك الإمام ، فإن خاف فوت ركوع الإمام كبّر بغير قنوت ، فإن خاف الفوت تركها وقضى بعد التسليم عند الشيخ (٧). وعلى ما اخترناه فلا قضاء.

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٩ ، الام ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٥ : ٢١ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥١ ، السراج الوهاج : ٩٥ ، المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٩.

(٢) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية المتوفرة لدينا ، وجاء في الهداية للمرغيناني ١ : ٨٦ ، والمبسوط للسرخسي ٢ : ٣٩.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ـ ٨٦٦.

(٤) في « ش » والطبعة الحجرية زيادة : مع كل تكبيرة.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ١٦٩ ، الشرح الصغير ١ : ١٨٨ ، المجموع ٥ : ٢١ ، فتح العزيز ٥ : ٥١.

المغني ٢ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٩.

(٦) وهي رواية معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ، وتقدّمت في المسألة ٤٤٠.

(٧) المبسوط للطوسي ١ : ١٧١.

١٣٢

وقال الشافعي : إذا أدرك مع الإمام البعض كبّر ما فاته على القديم من أنّه لا يسقط التكبير لو نسيه حتى قرأ ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ وكذا لو أدركه وهو يقرأ فإنّه يكبّر ، وعلى الجديد : لا يكبّر ما فاته (٢).

د : لو أدرك الإمام وهو راكع ، كبّر وركع معه‌ ، ولا يقضي التكبير ـ وبه قال الشافعي وأحمد وأبو يوسف (٣) ـ لأنّه ذكر فات محلّه ، فيفوت بفواته ، كذكر الركوع.

وعلى قول الشيخ : يقضي. وبه قال أبو حنيفة ومحمد.

لكن الشيخ يقول : يقضي بعد الصلاة التكبير (٤). وأبو حنيفة ومحمد يقولان : يقضيه في الركوع ، لأنّ الركوع بمنزلة القيام ، لأنّه يدرك به الركعة (٥).

وهو ممنوع ، لتغاير الفعلين.

هـ : لو كبّر تكبيرات العيد قبل القراءة‌ عند من قال بالتقديم ، ثم شكّ هل نوى مع التكبيرة الأولى نية الافتتاح أم لا ، فالوجه : أنّه لا يلتفت ، لأنّه شكّ في شي‌ء بعد انتقاله عنه.

وقال الشافعي : لم يكن داخلا في الصلاة ، فيكبّر وينوي الافتتاح (٦).

فإن شك هل نوى مع الأولى أو مع الأخيرة ، بنى على أنّه نوى مع الاولى ، لما تقدّم.

__________________

(١) بدائع الصنائع ١ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٥ : ٦١.

(٢) المجموع ٥ : ١٩ ، فتح العزيز ٥ : ٦١ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٧‌

(٣) المجموع ٥ : ١٩ ، فتح العزيز ٥ : ٦١ ، المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٨.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٧١.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٥ : ٦١.

(٦) الام ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٥ : ١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١.

١٣٣

وعند الشافعي يبني على أنّه نوى مع الأخيرة (١).

مسألة ٤٤٥ : وتتعيّن الفاتحة في كلّ ركعة إجماعا‌ ممّن يوجبها في الصلوات ، وتجب سورة أخرى في كلّ ركعة ولا يجب تعيينها إجماعا كغيرها من الصلوات ، لكن اختلفوا في الأفضل ، فلعلمائنا قولان :

أحدهما : أنّه يقرأ في الأولى بعد الحمد « الأعلى » وفي الثانية بعدها « الشمس » (٢) ، لقول الباقر عليه‌السلام : « يقرأ في الأولى : سبّح اسم ربّك الأعلى ، وفي الثانية : والشمس وضحاها » (٣).

والثاني : في الأولى بـ « الشمس » وفي الثانية بـ « الغاشية » (٤) ، لرواية معاوية بن عمّار قال : سألته ، إلى أن قال : « ثم يقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يقرأ : والشمس وضحاها » ثم قال : « ثم يقوم فيقرأ : فاتحة الكتاب ، وهل أتاك حديث الغاشية » (٥).

وللشيخ كالقولين (٦).

وقال الشافعي : في الأولى بـ « ق » وفي الثانية بـ « القمر » لقول أبي واقد لمّا سأله عمر عن قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في العيدين : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقرأ بـ « ق والقرآن المجيد » و « اقتربت‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١.

(٢) قال به الصدوق في الفقيه ١ : ٣٢٤ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١١١ ، وابن إدريس في السرائر : ٧٠.

(٣) التهذيب ٣ : ١٣٢ ـ ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ـ ١٧٣٨.

(٤) قال به المفيد في المقنعة : ٣٢ ، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل ضمن رسائله ٣ : ٤٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٢٢ ، وابن زهرة في الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٤٩٩ ـ ٥٠٠.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ـ ١٧٣٣.

(٦) ذهب إلى القول الأوّل في المبسوط ١ : ١٧٠ ، والنهاية : ١٣٥. وإلى القول الثاني في الخلاف ١ : ٦٦٢ المسألة ٤٣٤.

١٣٤

الساعة » (١) (٢).

وقال مالك وأحمد : يقرأ في الأولى بـ « سبّح اسم » وفي الثانية بـ « الغاشية » لرواية نعمان بن بشير : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان يقرأ بذلك في العيدين والجمعة (٣) (٤).

وقال أبو حنيفة : ليس بعض السور أولى من بعض ، لقوله تعالى : ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ ) (٥) (٦).

وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير ما ذكرناه لا ينافي ما قلناه من الاستحباب. والمراد من الآية : صلّوا ما تيسّر من الصلاة.

مسألة ٤٤٦ : ويستحبّ الجهر بالقراءة في العيد إجماعا‌ ، لأنّ النبي عليه‌السلام فعل ذلك.

ونقل الجمهور عن علي عليه‌السلام : أنّه كان إذا قرأ في العيد أسمع من يليه ، ولم يجهر ذلك الجهر (٧).

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « يجهر الإمام‌

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٠٧ ـ ٨٩١ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ ـ ١١٥٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٨ ـ ١٢٨٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٤١٥ ـ ٥٣٤ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٤ ، موطإ مالك ١ : ١٨٠ ـ ٨ ، سنن الدار قطني ٢ : ٤٥ ـ ١١ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٩٤.

(٢) الام ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٥ : ١٨ ، مختصر المزني : ٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٥ ، السراج الوهاج : ٩٦ ، المغني ٢ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٢.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٨ ـ ١٢٨١ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٧ ، سنن الترمذي ٢ : ٤١٣ ـ ٥٣٣ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٤ و ١٩٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٩٤.

(٤) بداية المجتهد ١ : ٢١٧ ، المغني ٢ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠.

(٥) المزمل : ٢٠.

(٦) بدائع الصنائع ١ : ٢٧٧ ، المغني ٢ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٠.

(٧) المغني ٢ : ٢٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٨٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٩٥.

١٣٥

بالقراءة » (١).

ولأنّها صلاة عيد ، فأشبهت الجمعة.

ويستحبّ أن يدعو بدعاء الاستفتاح عقيب تكبيرة الإحرام ، وهو : « وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض » إلى آخره ، كغيرها من الفرائض ، فإذا فرغ تعوّذ ثم قرأ.

مسألة ٤٤٧ : تجب الخطبتان بعد الصلاة ، وقد أجمع المسلمون كافّة على أنّهما بعد الصلاة إلاّ بني أميّة ، فإنّ عثمان ومروان وابن الزبير خطبوا قبل الصلاة (٢). وهو خلاف الإجماع ، ومخالفة لسنّة النبي عليه‌السلام ، وسنّة خلفائه.

وروى طارق بن شهاب قال : قدّم مروان الخطبة قبل الصلاة ، فقام رجل فقال : خالفت السنّة ، كانت الخطبة بعد الصلاة. فقال : ترك ذاك يا أبا فلان ، فقال أبو سعيد الخدري : أمّا هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فلينكره بيده ، فمن لم يستطع فلينكره بلسانه ، فمن لم يستطع فلينكره بقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) (٣).

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « الخطبة بعد الصلاة ، وإنّما أحدثها قبل الصلاة عثمان » (٤).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٠ ـ ٢٨٢.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٢٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٩٦ وانظر المغني ٢ : ٢٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٢ ، المنتقى للباجي ١ : ٣١٦.

(٣) مسند أبي داود الطيالسي : ٢٩٢ ـ ٢١٩٦.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٠ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ ـ ٢٧٨.

١٣٦

فروع :

أ ـ الخطبتان هنا كما هي في الجمعة‌ بإجماع العلماء إلاّ أنّه ينبغي أن يذكر في خطبته ما يتعلّق بالفطرة ووجوبها ، وشرائطه ، وقدر المخرج ، وجنسه ، ومستحقّه ، ووقته. وفي الأضحى : حال الأضحية وما يتعلّق بها ، واستحبابها ، وما يجزئ فيها ، ووقت ذبحها ، وكيفية تفريقها ، وغير ذلك ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال في خطبته : ( من ذبح قبل أن يصلّي فإنّما هو شاة لحم عجّله لأهله ، ليس من النسك في شي‌ء ، ومن ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها اخرى ، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمّ نسكه ، وقد أصاب سنّة المسلمين ) (١).

ب ـ ينبغي أن يخطب قائما‌ ، لأنّ جابرا قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يوم فطر أو أضحى ، فخطب قائما ثم قعد ثم قام (٢).

ومن طريق الخاصة : قول أحدهما عليهما‌السلام : « الصلاة قبل الخطبتين ، يخطب قائما ، ويجلس بينهما » (٣).

ولأنّها صلاة عيد ، فأشبهت خطبة الجمعة.

ج ـ يجلس بينهما‌ ، لما تقدّم من الحديثين (٤).

وهل القيام والجلوس بينهما واجبان؟ إشكال ينشأ : من أصالة البراءة ، ومن الأمر بالقيام ، وهو ظاهرا للوجوب.

وقد روى الجمهور عن علي عليه‌السلام ، أنّه صلّى يوم عيد فبدأ‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢١ و ٧ : ١٢٨ و ١٣٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٥١ ـ ١٩٦٠ و ١٥٥٢ ـ ١٩٦١ و ١٥٥٣ ـ ٧ ، سنن النسائي ٧ : ٢٢٤ ، مسند أحمد ٤ : ٢٨٢ و ٣١٣ ، وانظر المغني ٢ : ٢٤١.

(٢) سنن النسائي ٣ : ١٨٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٩ ـ ١٢٨٩.

(٣) المعتبر : ٢١٤.

(٤) تقدّما في الفرع « ب ».

١٣٧

بالصلاة قبل الخطبة ، ثم خطب على دابته (١).

د ـ ينبغي للإمام إذا صعد المنبر أن يبدأ بالسلام‌ كما قلنا في الجمعة ، فإذا سلّم فهل يجلس جلسة خفيفة قبل الخطبة؟ احتمال ينشأ : من المساواة لخطبة الجمعة فيجلس للاستراحة عن تعب الصعود ، وللتأهّب للخطبة وتأهّب الناس لاستماعها. ومن أنّ الجلوس في الجمعة لانتظار الأذان ، وهو منفي هنا.

هـ ـ قال أصحابنا : الخطبة هنا كالخطبة في الجمعة.

وظاهره : عدم استحباب التكبير وإن كان التكبير في نفسه حسنا ، إلاّ أنّ المنع من اعتقاد مشروعيته هنا بالخصوصية.

وقال الشافعي : أول ما يبدأ في الخطبة الأولى بالتكبير تسع مرات ، وفي الثانية سبع مرات نسقا (٢).

قال أصحابه : وليس التكبير من الخطبة (٣).

و ـ الخطبتان واجبتان كما قلنا‌ ، للأمر ، وهو للوجوب.

وقال الجمهور : بالاستحباب (٤).

ز ـ لا يجب حضورهما ولا استماعهما إجماعا‌ ـ ولهذا أخّرتا عن الصلاة ليتمكّن المصلّي من تركهما ـ بل يستحبّ.

روى عبد الله بن السائب أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال بعد صلاته : ( إنّا نخطب ، فمن أحبّ أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحبّ أن يذهب‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٢٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٨ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٨٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٩٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٧ ، المجموع ٥ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٨.

(٣) المجموع ٥ : ٢٣ ، وراجع : حلية العلماء ٢ : ٢٥٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٧ ، المجموع ٥ : ٢٢ ، المغني ٢ : ٢٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥٧.

١٣٨

فليذهب ) (١).

ح ـ يستحب للنساء استماع الخطبتين‌ كالرجال ، لأنّ النبي عليه‌السلام ، لمّا صلّى العيد قام متوكّئا على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وحثّ على طاعته ، ووعظ الناس فذكّرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهنّ وذكّرهن (٢).

ومن طريق الخاصة : ما روت أمّ عطية ، قالت : كنّا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر والحيّض يرجون بركة ذلك اليوم (٣).

إذا عرفت هذا ، فالأولى بالشوابّ أن لا يخرجن من بيوتهنّ ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا يخرجن ، وليس على النساء خروج ، أقلّوا لهنّ من الهيئة حتى لا يسألن الخروج » (٤).

وقد وردت رخصة بذلك للتعرّض للرزق.

روى عبد الله بن سنان قال : إنّما رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، للعواتق في الخروج في العيدين للتعرّض للرزق (٥).

__________________

(١) سنن النسائي ٣ : ١٨٥ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ ـ ١١٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١٠ ـ ١٢٩٠ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٩٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٠ ـ ٣٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٠١.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٢٣ و ٢٦ و ٢٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٠٣ ـ ٨٨٥ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٦ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩٧ ـ ١١٤١.

(٣) أوردها المحقّق في المعتبر : ٢١٢ بعد نقل حديث من طريق الخاصة بعنوان ما روي.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ـ ٨٧٢.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٧ ـ ٨٥٨.

١٣٩

المطلب الثاني : في سننها ولواحقها‌

مسألة ٤٤٨ : يستحبّ الغسل يوم الفطر والأضحى‌ ـ وقد تقدّم (١) ـ بلا خلاف ، لأنّ عليا عليه‌السلام كان يغتسل في الفطر والأضحى (٢).

ووقته بعد طلوع (٣) الفجر ، لأنّه مضاف إلى اليوم ، وهو أحد قولي الشافعي وأحمد.

والثاني لهما : يجوز قبل الفجر ، لأنّ الصلاة تفعل بعد طلوع الشمس ، فيضيّق وقته ، بخلاف الجمعة (٤).

ونمنع التضيّق.

وللشافعي قولان على التقديم : هل يجوز من أول الليل أو بعد نصفه؟ (٥).

ونحن عندنا يستحبّ غسلان : أحدهما ليلا ، والثاني نهارا.

ويستحبّ لمن يريد حضور العيد ومن لا يريده إجماعا ، لأنّه يوم زينة ، بخلاف الجمعة عند من خصّصه بالحضور ، لأنّه للاجتماع خاصة.

مسألة ٤٤٩ : ويستحبّ أن يتطيّب ويلبس أحسن ثيابه‌ ، ويتعمّم شتاء وصيفا بالإجماع.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده ) (٦).

__________________

(١) تقدّم في المسألة ٢٧٤ من كتاب الطهارة.

(٢) ترتيب مسند الشافعي ١ : ١٥٢ ـ ٤٤٠ ، وانظر : الام ١ : ٢٣١.

(٣) كلمة « طلوع » لم ترد في « ش ».

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٦ ، المجموع ٥ : ٧ ، فتح العزيز ٥ : ٢١ ، المغني ٢ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٧.

(٥) المجموع ٥ : ٧ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٤.

(٦) أورده نصّا ابنا قدامة في المغني ٢ : ٢٢٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٣٠ ، وفي سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٨ ـ ١٠٩٥ و ١٠٩٦ ، وسنن أبي داود ١ : ٢٨٢ ـ ١٠٧٨ ، والموطأ ١ : ١١٠ ـ ١٧ بدون ( وعيده ).

١٤٠