نبراس الضياء

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد

نبراس الضياء

المؤلف:

السيّد محمّد باقر المشتهر بمحقّق الداماد


المحقق: حامد ناجي اصفهاني
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٥٢

وتارة اخرى للدلالة بها على العناية القيوميّة والرحمة الفيّاضيّة ، والافاضة الرحمانيّة للقيّوم الواجب بالذات ـ عزّ سلطانه ـ بالنسبة إلى هذا الاقليم من العالم العقليّ بخصوصه ، والاستمساك [ب ـ ٦١] بأنّها من جمع «ل» و «م» فيكون المدلول عليه بها جمع نسبتي الخلق والامر ، أى ترتيب الخلق بواسطة الأمر مناطه حسبان أنّ «م» حرف عالم الخلق. وقد استبان لك سبيل الأمر هنالك.

[ف] :

والفاء : بحسب الأدوار السبعة من جهة اعتبار الطبائع أوّل المدارات في الدور الخامس ، وبحسب الأدوار الثلاثة العدديّة منزلتها في دور عقود العشرات منزلة الحاء في دور الآحاد ، أعني حرف الطبيعة بما هي مضافة ، فعقد الثمانين عروج مرتبة الثمانية وهو عدد زائد ، مزاجه «قو» ، فضل المزاج على صاحب المزاج «كو» ، وذلك مزاج «مو» عدد أجزاء النبوّة فى حديثه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ «الرؤيا الصالحة جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة» (١).

وقد دريت أنّ فضل مزاج «س» على «س» ، «مح» ؛ فضله على عدد أجزاء النبوّة درجة حرف العقل ، أعني «ب». و «س» من حيث درجتها حرف الانسان ، ومن حيث مزاجها زائد حرف مرتبة الحقيقة المحمديّة (٢) الّتي هي كمال مرتبة نوع الانسان ، والنبوّة هي كمال مرتبة القوّة القدسيّة للنفس الانسانيّة.

فاذن تكون «س» مرتبة الحقيقة المحمديّة بحسب فضل مزاجها عليها ، وهو «مح» [الف ـ ٦٢] ، ويكون فضل «مح» ـ أعني مرتبة الحقيقيّة المحمديّة ـ على «مو» ـ أعني عدد أجزاء النبوّة ـ بدرجة حرف العقل ، وهي «ب» دلالة عقليّة ، على أنّ صاحب هذه

__________________

(١) «بحار الانوار» ، ج ٦١ / ١٧٨ و «الصحيح» لمسلم ، كتاب الرؤيا ، ج ٤ / ١٧٧٤ ح ٢٢٦٣.

(٢) حرف هذه المرتبة الحقيقة المحمديّة حقّ روحانية مائة وثمانية ، وهي الحقّ المخلوق به الأشياء ، المسمّى بالمشية المخلوقة بنفسها ، والأشياء بها ؛ وهي كلمة «كن» المطلقة العامة لجميع أسماء الحقيقة الأمرية المسماة بالحقّ الاضافي وبالاضافة الاشراقية وباشراق شمس الحقيقة ، ولها تقدّم على كمال القوة القدسية المسماة بالعقل المستفاد بمرتبتين في وجه من الاعتبار. (نورى).

١٠١

المرتبة الكريمة وهو خاتم النبيّين ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أفضل من زمرة النبيّين بأصيلتهم بما أنّه ـ عليه وآله السلام ـ في آخر سلسلة العود بمنزلة العقل الأوّل في أوّل سلسلة البدء من حيث أنّهما بحسب القرب من نور الأنوار ومبدأ المبادى ـ جلّ سلطانه ـ على نسبة واحدة ؛ فلذلك كان العقل الأوّل نور خاتم النبوّة ، ونطق (١) لسان مرتبة المحمديّة ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ تارة بقوله : «اوّل ما خلق الله العقل» (٢) واخرى بقوله : «اوّل ما خلق الله نورى.» (٣) فليتبصّر!

ثمّ إنّ علاقة الارتباط للفاء بالنسبة الى الالف متكرّرة من الطرفين من حيث أنّ درجة «ا» في دقيقه الفاء ، ودرجة «ب» في دقيقة الالف ، كما للّام وان كانت هي في اللّام أشدّ (٤) وحروف مراتب الفاء هي حروف مراتب الألف بعينها. فلمّا كانت مرتبة «ف» ارتقاء حرف الطبائع بما هي مضافة وملحوظة من حيث استتباع الآثار ومبدأية [ب ـ ٦٢] الأفاعيل ـ أعني «ح» ، وضرب «ح» حرف الطبيعة في «ى» حرف جامعيّة مراتب نظام الوجود كله ، ومسطّح «ب» حرف العقل في «م» حرف عوالم الملكوت وجمع «ل» حرف عالم الأمر و «ن» حرف عالم الامكان بعوالمه وأقاليمه ، وجمع «ك» حرف عالم التكوين و «س» حرف حقيقة الانسان ، وجمع «ع» حرف الصور النوعيّة المجرّدة العقليّة والطبائع المفارقة الكلّيّه ، و «ى» حرف النظام الجملىّ بجميع مراتبه ، وكانت أكيدة العلاقة الارتباطيّة بالنسبة الى «ا» خطّ الأمر الاوّل الايجاديّ وحرف الإفاضة الاولى الابداعية ـ كانت لا محالة محقوقة بأن يكون حرف العناية الاولى السابغة والرحمة الواسعة السابغة على الاطلاق ، وعنها التعبير في اصطلاح الحكماء الراسخين في التألّه ب «الطبيعة الفعّاليّة الكليّة المطلقة» وهي مبدأ المفيض والممسك الحافظ والمقيم المدبّر لنظام الكلّ بقضّه وقضيضه.

__________________

(١) خ ، بطن.

(٢) الوافى ج ١ / ١٧ ـ ١٩ ، «اللآلى المصنوعة» ج ١ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، «حلية الاولياء» ج ٧ / ٣٨ وفي «الكافي» ج ١ / ٢١ : «انّ الله عزوجل خلق العقل وهو اوّل خلق من الروحانيين».

(٣) بحار الانوار ج ١٥ / ٢٤ ، ج ٢٥ / ٢٢ ، ج ١ / ٩٧ و «غوالى اللئالى» ج ٤ / ٩٩ ح ١٤٠.

(٤) من حيث كون التكرّر في اللّام أولى طبقتى الدقيقة من الطرفين. (منه).

١٠٢

ومن باب ضرب الأمثال يعتبرون النظام الجمليّ الّذي هو الانسان الكبير بمنزلة البدن والجسد والعناية الاولى بمثابة النفس والروح ، ومن باب ايراد العقليّات في قالب الحسيّات والقدسيّات في طىّ الهيولانيّات ، نظام الكلّ بمنزلة مادّة الجسم ؛ والعناية الاولى بمثابة جوهر الطبيعة. [الف ـ ٦٣].

ويقولون كلّ ما يقع في أقاليم الوجود وعوالم الموجودات ـ من القسريّات والطبيعيّات والتسخيريّات والاراديّات بالنظر الى النظامات الجزئيّة من صغير وكبير ، وجزئيّ وكليّ ـ فهو طبيعيّ للنظام الجملي الوجوديّ وطباعيّ الانسان الكبير الكليّ. والطبيعة الفعّالة في النظام الجملي بالإرادة الحقّة والاختيار الحقيقي هي العناية ، والعناية هي كون الأوّل تعالى عالما لذاته من ذاته بما عليه الوجود في نظام الخير ، وعلّة لذاته للخير والكمال على حسب استحقاق طباع الإمكان وراضيا به على النحو المذكور ، فيعلم نظام الخير على الوجه الأكمل الأبلغ في الامكان ، فيفيض عنه ما يعلم نظاما وخيرا على الوجه الأبلغ الذي يعلمه فيضانا على أتمّ تأدية الى أقصى النظام بحسب الامكان ؛ فهذا معنى العناية عندهم.

ولقد تكرّر في تضاعيف أبواب «الشفاء» (١) وفنونه إطلاق الطبيعة الكليّة الممسكة لنظام العالم على العناية ، وهذا النمط من التوسّع باب واسع موسوم في علم البلاغة بصنعة المشاكلة وصنعة الازدواج». ومنه اطلاق الطبيعة الخامسة على الطباع الفلكي في «الشفاء» [ب ـ ٦٣] و «الاشارات» (٢) ؛ واطلاق الحاسّة السادسة على القوّة العاقلة في «اثولوجيا» (٣).

وبالجملة لفظ الطبيعة تطلق في الاصطلاحات الصناعية على عدة معان مختلفة :

الأوّل : الطبائع الجسمانيّة والصور النوعيّة الجوهرية المنطبعة ، وهذا المعني هو المدلول عليه بحرفى «د» و «ح» بحسب اعتبارين مختلفين ، والطبيعة والصورة النوعيّة في البسائط متّحدتان بالذات ، مختلفتان بالاعتبار ، وفي المركّبات مختلفتان بالذّات.

__________________

(١) راجع : طبيعيات «الشفاء» ، الفن الأوّل ، المقالة الأولى ، الفصل السابع ، ص ٣٩ ـ ٤٠ ، ط مصر.

(٢) راجع : «الاشارات» ، ترجمة ملكشاهى ، الاصطلاحات ، ج ٢ / ٥٢٤.

(٣) «اثولوجيا» ، آخر الميمر الرابع ، ص ٦٤ ، تحقيق عبد الرحمن بدوى.

١٠٣

الثاني : الطباع المجرّدة الجزئيّة الّتي هي النفوس المدبّرة ، وانّما تدبيرها بالقياس الى أبدان جزئيّة على سبيل التعلّق والتسلطن ، والمختصّ بالدلالة على هذا المعني حرفا «ج» و «و» بحسب اعتبارين.

الثالث : الطبائع الكليّة المقيّدة وهي العقول النوريّة القدسيّة المفارقة الّتي هي مدبّرات عوالم الجسمانيّات وأرباب أنواعها ، وإنّما طبائع الأجسام وصورها النوعيّة المنطبعة في مبدأيّة آثار النوع طلسمات وأظلال لها ؛ فكلّ منها في عنايته وتدبيره بالقياس الى عالم من العوالم بجملته ، ونوع من [الف ـ ٦٤] الأنواع بكليّته ، مثابته مثابة النفس المجرّدة في عنايتها ، وتدبيرها بالقياس الى هويّة شخصيّة بخصوصها وبدن جزئيّ بعينه ، وهذا المعنى يختصّ بالدلالة عليه حرف «ع».

الرابع : الكليّة المطلقة الّتي هي المدبّر الحافظ لنظام الكلّ ومبدأ تدبير الخير في النظام الجمليّ ، وهي العناية الأولى والرحمة السابقة ويختصّ بالدلالة على هذا المعنى حرف «ف».

الخامس : سنخ الماهية لكلّ حقيقة ، فكلّ ماهية بما هي هي يقال لها «الطبيعة المرسلة» ، ويقال للهويّة الشخصيّة الّتي هي فردها «الشيء الطبيعي». فهذا محزّ (١) القول الفصل في هذا الموضوع.

[ص] :

والصاد : المدار الثاني من المدارات الأربعة بحسب الطباع في الدور الخامس وآخر المدارات التسعة في الدور الثاني من الأدوار الثلاثة العدديّة مراتبها من الدرجة الى الرابعة خمس ، وحروفها سبعة. عدد درجتها عدد مجموع مرتبتى الميم ، أعني عقد التسعين الحاصل من ضرب «ه» في «يح» عدد مراتب طبقات الموجودات ، وهو عدد زائد ، مزاجه مائة وأربعة وأربعون ، فضل المزاج على ذى المزاج «ند» ، مزاج هذا الفضل

__________________

(١) محزّ : موضع القطع.

١٠٤

«سو» عدد اسم الذات الحقّة القيّوميّة ، فهذا العقد معراج مرتبة «ط» ، وكماله [ب ـ ٦٤] الظهوريّ بحسب مبدأ دور العقود مبلغ التكسير المساحيّ لسطح الوفق العيسويّ ، كما «ط» كمالها الظهوريّ ـ بحسب مبدأ دور الآحاد القدر المساحيّ لسطح الوفق الآدميّ ، وقوس ربع الدور ، وهي تسعون درجة ـ هي القوس التامّة في العلوم التعليميّة ، ومتمّم كلّ قوس إلى الربع تمام تلك القوس ، لما أنّ حبيب قوس الربع أعظم الجيوب ، والجيوب مقادير القسيّ ، وهي مقدار الزاوية القائمة البالغ كمالها نصاب الاعتدال.

فاذن لمّا كانت «ط» حرف الهيولى بحسب جوهر ذاتها ولا يصحّ للهيولى تأثير بالاضافة الى شيء ، فلا تلحظ ذاتها مضافة الى شيء بالتأثير أصلا ، ولكنّها تكون بحسب نفس ذاتها ملحوظة بالاضافة إلى فاعل ذاتها وجاعل وجودها في سلسلة البدء ، فتكون القابل لنسبة الأمر والابداع في سلسلة العود ؛ اذ الهيولى نفسها من الابداعيّات بتّة ؛ وبحسب ما فيها من الصور والأعراض أيضا تلحظ مضافة إلى الباري الفيّاض فتكون المحلّ القابل لنسب الخلق والصنع والتكوين [الف ـ ٦٥] فتكون «ص» وهي معراج مرتبة «ط» ومرتقاها موضوعة للدلالة بها على الهيولى ، بما أنّ جوهر ذاتها مجتمع النسب الاربع : الابداع والاختراع والصنع والتكوين جميعا على اصطلاح ؛ أو النسب الثلاث : الأمر والخلق والتكوين على اصطلاح آخر. وبما أنّ هويتها الحامة لصور المكوّنات باقية بشخصيتها مع تبدّلات الصور وفساد شخصياتها ، وقد ورد في الحديث التعبير عنها. ب «عجب الذنب (١)» والاشارة الى هذا السرّ. فليفقه!

[ق] :

والقاف : بحسب مرتبة الدرجة أوّل عقود ، آخر الأدوار العدديّة ، وبحسب الطباع

__________________

(١) جاء في «السنن» للنسائى ج ٤ / ١١١ ، كتاب الجنائز : «وفي حديث مغيرة : كلّ ابن آدم يأكله التراب الّا عجب الذنب ، منه خلق وفيه يركّب». وأيضا جاء في «صحيح البخارى» كتاب التفسير ، سورة الزمر ، آية ٦٨ ، ج ٤ / ١٨١٣ ، ح ٤٥٣٦ (تحقيق الدكتور مصطفى ديب البغا) : «ويبلى كلّ شيء من الانسان الّا عجب ذنبه ، فيه يركّب الخلق».

أيضا انظر : «المعجم المفهرس الألفاظ الحديث النبوى» ، ج ٢ / ١٨٩.

١٠٥

ثالث مدارات الدور الخامس ، وهو مربّع «ى» ، ومنتهى معراج كمال العقد الكامل (١) ، أعني العشرة ومرتقاه ، وهو عدد زائد ، فضل مزاجه عليه «يز» ، وتحصّله من جمع «ى» و «ص» ، و «ك» و «ف» ، و «ل» و «ع» ، و «م» و «س» ، ومن ضرب «ب» ، في «ن» ومن تعشير «ى» ؛ فهي محراة (٢) أن تكون حرف القاهرية الاحاطيّة والقيوميّة الايجاديّة لجاعل الذات ومفيض الوجود على الاطلاق الذي هو نور كلّ نور ، ومنه رشح كلّ فيض وظهور كلّ إنّ ، وهو بكلّ شيء محيط (٣) بالنسبة الى جملة نظام الوجود ، وكلّ ذرّة من ذرّات النظام من الجوهر والأعراض في الترتيب النازل طولا وعرضا من أزل آزال المبدأ الى أبد آباد المعاد على الاجمال والتفصيل جميعا بالنظر الى مجد جناب القيّوم الواجب بالذات جلّ [ب ـ ٦٥] ذكره ، حسبما يستوجبه كبرياء حقيقته وسلطان عزّه وجلاله.

[ر] :

والراء مضعّف «ق» بحسب الدرجة ، عدد زائد ، فضل مزاجه عليه «كه» ، فحيث أنّ «ق» حرف قاهرية الاحاطة المطلقة وقيّوميّة الابداع على الاطلاق بالنسبة الى الانسان الكبير الجمليّ ، وشخص النظام المجموعيّ بما عليه من استجماع مراتب الكون ، واعداد الوجود بجملها وتفاصيلها باعتبار جهتى الاجمال والتفصيل معا من حيث كبرياء الذات الأحديّة وسلطان الحقيقة الوجوبيّة.

فيكون على سنّة حكم التضعيف «ر» حرف ربوبيّته سبحانه على أقصى مراتب الاطلاق والشمول والسعة والاحاطة ورجوع نظام الوجود بجملته ، وردّ زمام العوالم بأسرها في اعتبار حيثيّتى الاجمال والتفصيل جميعا الى استيلاء كبرياء قاهريّته الفعّالية وسلطان احاطة تدبيره الفيّاضي في جهتى المبدأ والمنتهى ، واعتبارى الفاعليّة والغائيّة ،

__________________

(١) وفى التنزيل الكريم أيضا وصف عقد العشرة بالكمال ، في قوله عزّ من قائل : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) [البقرة / ١٩٦] (منه).

(٢) محراة : من «حرى» أى مجدرة ، مخلقة.

(٣) اقتباس من فصّلت ، ٥٤ : «ألا إنّه بكلّ شيء محيط».

١٠٦

وحيثيّتى الأوّليّة والآخريّة ؛ وبالنظر الى الجناب الأعلى من حيث قيّاميّته الوجوبيّة وبلحاظ حقائق الجائزات ، أيضا بحسب فاقة طباع الامكان وليسيّة ذوات الممكنات في حدّ أنفسها الهالكة ؛ فسبحان الله الواحد القهّار (١) مبدأ الكلّ ومنتهاه ، واوّل كلّ شيء [الف ـ ٦٦] وآخره ، وفاعل كلّ شيء وغايته ، واليه رجوع كلّ شيء ومصيره من كلّ وجه ، ومردّه ومعاده من كلّ جهة.

فهذه العشرون حرفا امّهات الحروف ، واصول العالم الحرفيّ أربعة عشر ، منها مصدّرة بها فواتح تسع وعشرين سورة كريمة تنزيليّة بعدد أسماء الحروف ، ومضمّنة فيها الستة الباقية ، ومنها تركّبت الأسماء الحسنى الإلهيّة كلّها بحسب جميع الأجزاء ، أو بحسب الباقية ، ومنها تركّبت الأسماء الحسنى الإلهيّة كلّها بحسب جميع الأجزاء ، أو بحسب الجزء الغالب ، وسورة التوحيد لم تتركّب إلّا من ستّة عشر حرفا منها. وهنالك كنوز حقيقيّة من أسرار الحكمة المتعالية ، ضمان الكشف عنها على ذمّة «سدرة المنتهى» وكتاب «تأويل المقطّعات» باذن الله العزيز العليم.

استضاءة

ألم يقرع سمعك أنّ رهطا عرّيفين من علماء الأسرار يتولّعون بكلام روحانيّ في قالب أربعة مصاريع من الشعر ، ينزّلونها في استجلاب الخيرات واستنزال البركات منزلة عظيمة ؛ وقد صدّرنا بها كتاب «الجذوات والمواقيت» وهي :

عينان عينان لم يكتبهما قلم

في كلّ عين من العينين عينان

نونان نونان لم يكتبهما قلم

في كلّ نون من النونين نونان (٢)

__________________

(١) اقتباس من الزمر ، ٤ : «سبحانه هو الله الواحد القهار».

(٢) هنا ننقل الشرح الوارد من العلامة ، السيد احمد العلوى العاملي ايضاحا للمقام :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

بعد حمد الله والصلاة على محمّد وآله خير البرية ، يقول : أحقر عباد الله الغني «أحمد بن زين العابدين العلوي» إنّ بعض إخوان الصفا وخلّان الوفاء التمس منّي شرح مصاريع من علماء الأسرار وعرفاء الكبار ، ينزّلونها في استجلاب الخيرات واستنزال البركات منزلة عظيمة ، قد صدرت عن ينبوع الحكمة ، فحل الفحول ، سهام العقول ، وهو استاذي ومن اليه في جميع العلوم استنادي ، حيث صدّر بها كتاب «الجذوات

١٠٧

فكأنّه قد آن لك أن تتسبّل الى حريم معناه ، ولنا أن نسلك بك سبيل مغزاه.

فنقول : «عينان» حرفيّان ، وهما : «ع» الابداع و «ع» الاختراع ، هما «عينان» ينبوعان [ب ـ ٦٦] «لم يكتبهما قلم» أى عقل فعّال ، لأنّ الممكن الذات الجائز الوجود ليس في منتّه ابداع الذات وجعلها وإعطاء الوجود وافاضته ؛ بل انّ ذلك أمر قد استأثر به جناب القيّوم الواجب بالذات جلّ سلطانه ، اذ ليس ينبع التقرّر والوجود الّا من عين الحقّية وينبوع الوجوب.

«في كلّ عين من العينين عينان» خرّارتان (١) ، [١] : امّا في عين الابداع ، فعالم العقل وعالم النفس ، وهما اقليما عالم الأمر ، وكورتا عالم الملكوت الذي هو عالم حقيقة

__________________

والمواقيت» ، وهي :

عينان عينان لم يكتبهما قلم

وفي كلّ عين من العينين عينان

نونان نونان لم يكتبهما قلم

وفي كلّ نون من النونين نونان

فاسعفت مأموله وانجحت مسئوله. فأقول وبالله التوفيق وبيده أزمّة التحقيق : «عينان» حرفيّان عين الابداع وعين الاختراع «عينان» ينبوعان ، «لم يكتبهما قلم» أى عقل من العقول الفعّالة والجواهر القدسيّة القادسة ، لأنّه مع قدسيّته وفعليته وملكوتيّته في ساهرة الامكان الذاتي ، ويكنفه الليس والبطلان في جوهر ذاته وسنخ حقيقته فلا يكون فى منّته وقدرته اعطاء الوجود الإبداعى وافاضته ، ولا الوجود الاختراعي وافادته ؛ بل انّ ذلك أمر قد استأثر به القيوم الواجب بالذات ؛ لأنّه عين الحقيقة وينبوع الوجود.

«في كلّ عين من العينين عينان» أمّا في عين الابداع عينان ـ هما عالم العقل وعالم النفس ـ وهما عينان تحتويان على ينابيع أنوار مختلفة ، تنبع من كلّ منها الاشعة والاشراقات وجداول التدابير والرشحات.

وأمّا في عين الاختراع فعينان أخريان ، هما : عالم المواد وعالم الصور ، وهما اقليما بسائط عالم الشهود والملك اللذان ينبوعان تنبع من كلّ منهما ينابيع أنواع مختلفة ؛ منها ينبوع ذوات كثيرة وهويات عديدة ، وهو اقليم الطبيعة.

«نونان» حرفيّان ، وهما : نون التكوين ونون التدوين ، هما نونان حوتان سبّاحان في عين الافاضة وبحر الايجاد «لم يكتبهما» كتبة بصنع وايجاد «قلم» عقل مفارق. وفى بعض النسخ : «لم يكنفهما» اى لم ينلهما رقم الايجاد والصنع من المفارق الصرف فضلا عن غيره ، بل ناله من صنع الواجب الحقّ تعالى وصنع مجده ، وانّ ذلك الّا من الشروط.

«في كل نون من النونين نونان» أى نون التكوين ونون التدوين «نونان». [أمّا] في نون التكوين فنونان ؛ أحدهما : الامكان الذاتى ، وثانيهما : الامكان الاستعدادي. وأمّا في نون التدوين ، فنونان ؛ أحدهما ؛ أحكام معالم الدين ، والآخر : علوم حقائق الامكان ومعارف علوم حقائق الكون ومعارف الكيان. والسلام.

لا يخفى أنّ فى شرحه رحمه‌الله ، صدّر المصرع الثاني فى كلّ بيت بحرف «و».

(١) الخرار : الكثير الخرير ، والخرير : صوت الماء.

١٠٨

الحمد وعالم الأنوار العقلية ، فكلّ من ذينك العالمين عين خرّارة ، تحتوى على ينابيع أنواع مختلفة ، تنبع من كلّ منها أنهار الأشعّة والاشراقات والتدابير والفيوضات. [٢] : وامّا في عين الاختراع ، فعالم الموادّ وعالم الصور ، وهما اقليما بسايط عالم الخلق ، وكورتا أصول عالم الملك والشهادة الّذي هو عالم سلطان الطبيعة وعالم الجواهر الجسمانيّة ؛ ففي كلّ من هذين العالمين ينابيع أنواع مختلفة منها نبوع هويّات متكثّرة.

نونان (١) حرفيّان ، وهما «ن» التكوين و «ن» التدوين ، هما «نونان» (٢) حوتان سبّاحان في عين الإفاضة وبحر [الف ـ ٦٧] الإيجاد ، «لم يكتبهما» كتابة فعليّة صنعيّة ، «قلم» عقل فعّال. «في كلّ نون من النونين» ، نونى التكوين والتدوين «نونان» [١] : إمّا في نون التكوين ، فالامكان الذاتىّ والامكان الاستعدادىّ ، [٢] : وإمّا في نون التدوين ، فأحكام (٣) معالم الدين ، وقوانين سنن الشرع المبين ، وعلوم حقايق الكون ، ومعارف عوالم الكيان.

راشحة استضائيّة

هل أنت متذكّر ما في الخبر عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ «انّ المنزل عليه تسعة وعشرون حرفا.» و «ما أنزل الله على آدم الّا تسعة وعشرين حرفا.» و «انّ لام الف حرف واحد قد أنزله الله عزوجل على آدم في صحيفة واحدة ، ومعه ألف ملك ، ومن كذّب ولم يؤمن به فقد كفر بما أنزل الله على محمّد ـ عليه‌السلام ـ.» و «من لم يؤمن بالحروف ـ وهي تسعة وعشرون ـ فلا يخرج من النار أبدا.» (٤) وقد قيل في تفسير قوله سبحانه (الم ذلِكَ الْكِتابُ) (٥) كأنّه قال يا محمّد! هذه الحروف ذلك الكتاب

__________________

(١) النونان الاولان ، هما نونان من الارادة ، أى الارادة الذاتية. (نورى)

(٢) سرّ ذلك : كون النون حرف الامكان والقوة وحرف الارادة المتعلّقة بالأعيان الثابتة ، والامكان غريق في بحر الايجاب والوجوب (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصّلت / ٥٤] وأمّا الارادة فهي غريقة في بحر المشية. (نورى)

(٣) كذا.

(٤) لم نعثر عليها في الجوامع المعتبرة.

(٥) بقرة ، ٢ ـ ٤.

١٠٩

الّذي أنزلته على أبيك آدم.

فاعلمن أنّ الالف اللّينة الساكنة مخرجها وراء مخرج الهمزة وهى الألف المتحرّكة ، فمخرج الهمزة أوّل المخارج وأقدمها وأسبقها وأقصاها ، وهو أقصى الحلق. ومخرج الألف الساكنة من الجوف أعلى الجوّ وقصيا الفضاء في جهة العلو ممّا يلى الحنك. [ب ـ ٦٧] وتغاير الحروف انّما يكون بحسب تغاير المخارج ، اذ ذلك ملاك الاختلاف ومناط التغاير ، فيجب عدّهما حرفين من الحروف الّتي هي عناصر الألفاظ.

واذ أسماء الحروف مصدّرة بمسمّياتها الّتي هي الزبر والدرجات ، ثمّ بعدها أولى مراتب البيّنات ، أعني الدقائق ، وهذا الضابط غير متصحّح الانحفاظ بالقياس إلى الالف اللّينة لاستحالة الابتداء بالساكن أو لاستعساره ، فلم يكن بدّ من أن يعتبر ارتدافها لحرف على الائتلاف ، وينزّل الحاصل من التضامّ (١) ، منزلتها كأنّه هي بعينها ليكون تصدير الاسم بذلك سادّا مسدّ التصدير بها ، وقد دريت بما تلى عليك من قبل أنّ العلاقة الارتباطيّة بين الألف واللّام أشدّ العلاقات وأوكدها من جهات عديدة ، وأيضا هما من حروف اسم الذات الاحديّة ، كان عدد الحروف ، اعنى : «كط» مقوّم عدد «ل» ، والألف الساكنة هي التاسعة والعشرون. فلا جرم كان ضمّ الألف الى اللّام هو الأحقّ بالاعتبار ، فاعتبر «لا» في منزلة «ا» ـ أعني الالف اللينة ـ فجعل لام الف اسما [الف ـ ٦٨] لها ، والألف اسما للهمزة ـ أعني الألف المتحرّكة ـ فلا محالة صارت لام الف بهذا الاعتبار حرفا واحدا.

ومن اعتبر الحروف ثمانية وعشرين ـ وهي عدد منازل القمر ، والمرتبة الثانية من الأعداد التامّة والكمال الظهوريّ للعدد الكامل ولحرف عالم النفس بحسب نسبة التأثير والتدبير ـ عدّ الهمزة والالف اللّينة حرفا واحدا ، ولم يجعل مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون مصحّحا للتغاير ، فكانّه تذاهل عن تغاير السبيل وتعامى عن اختلاف المخرج (٢).

__________________

(١) التضأم : الاجتماع.

(٢) قوله : «فكانّه تذاهل عن تغاير السبيل وتعامى عن اختلاف المخرج» ، تفصيل المقال : أنّ من يجعل الهمزة المتحرّكة والألف الساكنة حرفا واحدا ، ويعتبر الحروف ثمانية وعشرين يتمسّك بأنّ الحركة والسكون من العوارض والتوابع ، وتوارد العوارض المختلفة على موضوع ليس يستوجب تعدّد الموضوع واختلافه بالذات. وأيضا لو استلزم ذلك اختلافا وتعدّدا لزم أن يكون كلّ من الحروف ـ الثمانية والعشرين

١١٠

فهذا أمد (١) الفحص الغائر (٢) ومحزّ (٣) القول الفصل هنالك.

وعامّة آل علم التفسير كان قصاراهم في تحصيل المقام ما قالوا :

[١] : تارة أنّ المسمّيات لمّا كانت حروفا وحدانا ، والأسامى مركّبات روعيت فى التسمية لطيفة في الدلالة على المسمّى بجعله صدر الاسم ، ليكون هو أوّل ما يقرع السمع من اسمه الّا الالف [ب ـ ٦٨] الساكنة الّتي هي المدّة ، كأوسط حروف ، قال : لتعذّر الابتداء بها فاستعيرت الهمزة مكانها ، وهي اسم مستحدث كما البسملة (٤) والحسبلة (٥) والسبحلة (٦) والحوة (٧) والحيعلة (٨). وامّا ما هو اسم للهمزة ـ أى الألف المتحرّكة كما قد يقال الف الوصل ـ فهو على شاكلة سائر الأسامى.

__________________

ـ حرفين مختلفين باختلاف الحركة والسكون ، فيرتقى عدد مجموع الحروف ستّة وخمسين.

ونحن نقول اختلاف العوارض المتواردة غير مصادم لوحدة ذات المعروض ، ولكنّ الاختلاف بالصلوح لقبول عارض بخصوصه وعدم الصلوح له بحسب نفس الذّات دليل اختلاف جوهر ذات المعروض قطعا.

فنقول اذن : إنّ هناك تذاهلا عن الأصل وتعاميا عن الحقّ من سبيلين :

الأوّل : انّ الألف* اللّينة ساكنة بحسب الذّات أبدا غير صالحة لقبول الحركة أصلا ، بخلاف الهمزة ؛ فانّها صالحة لقبول الحركة والسكون على التوارد ، كما سائر الحروف صالحة لقبولهما ، فذلك دليل اختلاف الالف والهمزة بالذات لا مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون.

الثاني : انّ مخرج الهمزة متحرّكة كانت او ساكنة ، وراء مخرج الألف اللّينة الساكنة الغير القابلة للحركة أصلا ، على ما أوضحناه في أصل الكتاب.

فمن هناك يستبين اختلافهما ، اذ الأصل في اختلاف الحروف اختلافهما بحسب المخارج ، لا من مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون فليعلم!. (منه).

* الحقّ الأحقّ أنّ الألف اللّينة وواو العلّة وياءها انّما هي حروف العلّة واشباعات للحركات السلب ، فهي خارجة عن الحروف الصحاح ، هي ثمانية وعشرون حرفا لا غير ، وهي لمّا كانت حرف العليّة والايجادية كانت أجلّ زينة وأرفع شأنا في تلك الحروف الصحاح. وأمّا الألف الهمزه والواو والياء الصحيفة فهي غير حرف العلة وشبحها رتبة. (نورى).

(١) الأمد : الأجل ، الوقت.

(٢) الغائر : الذاهب.

(٣) محزّ : موضع القطع.

(٤) مصدر جعلى من كريمة «بسم الله الرّحمن الرّحيم».

(٥) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من كريمة «حسبنا الله».

(٦) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من شريفة «سبحان الله».

(٧) كذا والمشهور : حوقلة ، مصدر جعلى من شريفة «لا حول ولا قوة الّا بالله».

(٨) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من شريفة «حيّ على الصلاة».

١١١

[٢] : وتارة أنّه ان لم تعدّ الألف حرفا برأسها كانت الأسامي ثمانية وعشرين ، كما المسمّيات. وان عدّت كان عدد حروف المعجم تسعة وعشرين ، وعدد اساميها ثمانية وعشرين ، لكون الألف اسما لوسط جاء ـ أعنى المدّة ـ وللهمزة الّتي في آخرها على سبيل الاشتراك. فبهذا مبلغهم من العلم في هذه العويصة.

ثمّ نقول : لعلّك تكون بما تلوناه عليك غير مستريب في أنّ الألف بحسب المخرج وبحسب ما أنّها من عناصر الألفاظ على ضربين ، ساكنة معبّر عنها ب «الألف اللّيّنة» وموضوع لها لام الف ، ومتحرّكة مسمّاة ب «الهمزة». فأمّا مع عزل النظر عن تينك الجهتين فلا اختلاف بينهما ولا فرقان أصلا ، لا بحسب استحقاق الاسم ولا بحسب الصورة الرّقميّة ، ولا بحسب الدرجة الجسديّة. ولا بحسب الروحانيّة العدديّة.

فاذن عسى أن ينصرح لك (١) انّ الالف مطلقا [الف ـ ٦٩] بما أنّ روح جسدها ومرتبة

__________________

(١) قوله : «فاذن عسى ان ينصرح» الى آخره. لتنافى المقام كلام أتقن واحكم! عسى أن يكون حريّا بالتصديق وحقيقا بأن يسمّى بالتحقيق. وسرّ ذلك هو أن المشرب الأصفى والمنهج الأولى والأحسن الأبهى ـ المستمرّ بالتحقيق الأتمّ كان يحكم بحكم البرهان الباهر ويقول بأمر السلطان القادر بوساطة الأستاذ الماهر ـ أنّ المشية التي خلقت بنفسها ثم خلقت الأشياء بها ، وهي الوجود المطلق والمنبسط المسمّى ب «الحقّ المخلوق به» و «الحقّ الاضافي» و «الاضافة الاشراقية».

واشراق شمس الحقيقة على هياكل الأعيان الامكانية لها أربع مراتب بحسب ترتيل القولوية : [١] : مرتبة النقطة والرحمة. [٢] : ثمّ مرتبة الالف المطلقة ـ وهى الرياح المبشّرة بين يدى الرحمة ، المسمّاة ب «النفس الرحماني» و «النفس الاولى» ، الاولى الذي هو في كل مرتبة ، وفي كلّ شيء بحسبه. [٣] : ثمّ مرتبة الحروف البسائط المسماة ب «السحاب المزجى». [٤] : ثمّ مرتبة الكلمة المركّبة من الحروف البسيطة ، المعبّر عنها بكلمة «كن» ، والمسمّى ب «السحاب الثقال» و «الزكام» و «المتراكم» في الألسنة القرآنية ، وهي «الحقيقة المحمديّة المطلقة» وحقيقة حقائق الأشياء والأعيان الامكانية.

وهذه المراتب الأربع انّما هى أربع بحسب ضرب من التفصيل والتحليل العقلى يسمّى بالترتيل القولوي ، والّا فتلك المشية التي هي أمر الله وحكمه النافذ ، ونوره الساري في السماوات والأرضين أمر بسيط ؛ يعبّر عنها بكاف المشية ، كاف كلمة كن التي نونها نون الارادة المتعلقة بالعين والماهية ، كما أنّ المشية ـ السابقة على الأربعة ـ متعلّقة بالكون والوجود ، أى كون الكاف حرف الوجود ، والنون حرف الماهية والعين الامكانية ؛ والعقد بينهما عقد مناكحة حقيقة الآدميّة واللطيفة الحيوانية.

ثمّ اعلم أنّ تلك الألف المطلقة المسماة ب «الرحمة الواسعة» وب «النفس الرحمانى» وب «الوجود المطلق» المنبسط على هياكل الأشياء كلّها المحيطة بحقائقها ودقائقها ـ أى في الدّرة البيضاء إلى الذرة الهيولى ، ومن الذرة الى الذرة ـ المسماة ب «المحمديّة البيضاء» إنّما هي ظلّ الوحدة الحقّة الحقيقيّة التي هي الذات الاحدية الأقدس تعالى : ونفس العلل الأمري والنور المحمدي الاشراقي ، كما أشرنا أمر واحد بالوحدة

١١٢

درجتها الوحدة العدديّة محقوقة لا محالة ، بأن يدلّ بها على مرتبة الافاضة الإلهيّة

__________________

الحقة الظلية ، الكاشفة عن تلك الأحدية الحقّة الحقيقية الأولى ، وعن وحدانية الله الكبرى ، كما قال سبحانه (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران / ١٨] إذ هي توحيده تعالى نفس ذاته الأقدس ـ جلّ وعلا ـ فذلك الامتداد الالفي النفس الرحماني والنور المحمدي المسبوق بالربوبية الحقّة الأزلية الأولى التي هي مرتبة كنه حضرة الذات الأقدس المسمّى ب «الأزل الأول» و «ازل الآزال» و «أبد الآباد» تعالى ، والسابق على الدرّة المحمدية البيضاء وبعدها طرّا ، بدوا وعودا ، ونزولا وصعودا ، آجالا وادبارا.

انّما هو الألف المطلقة التي هي غير الالف اللينية التي هي الالف المدّة ـ كالالف الوسطى في كلمة «جاء» ـ وتلك المطلقة هي حرف الهاوي أول هوية ، ونزوله تلك فى الالف اللينيّة المدّة ، وثانية حرف الواو المدّة ، وثالثة حرف الياء المدة. والألف المدة التي هي الهواء الأوّل يتحصّل بها عالم روح الارواح الكلية الإلهية عالم الدهر الأيمن الأعلى وهو اعلى عليين ؛ أو الدهر الايمن مطلقا ، سواء كان أعلى أو أسفل.

وحرف الواو المدّة وهي الهوىّ الثاني للألف المطلقة المحيطة بجملة الأشياء ، يتقرر بها عالم سائر الارواح الكلية والجزئية ، الملكوتية المجردة ، عالم الدهر الأيمن الأسفل وما بعده في الدهر الأيسر مطلقا ، أو عالم الأمر الأيسر خاصّة.

وحرف الياء المدّة وهي الهوىّ والنزول الثالث أخيرة مراتب الهوىّ والنزول من الألف المطلقة المسماة ب «حقيقة الآدمية» الاولى وهي «الحقيقة المحمدية المطلقة» ، والرحمة الواسعة التي وسعت كلّ شيء وظهرت في كلّ شيء بحسبه في الدنيا والآخرة ، يتحقّق بها عالم الملك والشهادة ، علوية كانت أم سفلية.

فظهرت واتّضحت من جملة ما أظهرنا [ه] وأشرنا [ه] كون الألف المطلقة التي هي ذات هويات ثلاث فيضا مقدّسا عن التقيّد والتعيّن والتحدّد والتخصّص بمرتبه دون مرتبة ، فانّها أى مرتبة الاحاطة الانبساطية الغير المحدودة. كما قال تعالى (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصّلت / ٥٤] ومن هنا يسمّى ب «الفيض المقدّس» الفائض أوّلا وبالذات عن حضرة الذات الأحدية الأقدس ، كيف لا وهي الوجود المطلق والواحد بالوحدة العدديّة التي هي ما لها ثان من جنسها ، انّما هي الوجود المقيّد والفيض المحدود!؟ فاتضح غاية الاتضاح بكون الألف المطلقه السابقة رتبة على جملة الأشياء المسبوقة بمرتبة كنه حضرة الذات الأقدس بلا واسطة وفاصلة أصلا ، واحدة بالوحدة الحقّة ، ولكن بوجه الظلية (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى / ١١](وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) [الروم / ٢٧] الذي لا مثل ولا ثاني له ، وهو النور المحمدي (ص) والاسم الذي أشرقت به السماوات والارضون ، امام أئمة الأسماء وامام الأئمة في الأسماء الحسنى ، وهو الاسم الجامع لجوامع الأسماء ، كما قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : «اوتيت جوامع الكلم» [«المسند» لاحمد ، ج ٢ / ٢٥٠] لا يتصوّر أن يتعدّد ويتعقّل له ثان من جنسه ، فلا مجانس له ولا مماثل ولا مشابه ولا مشارك أصلا ؛ ويعبّر عن تلك الألف المطلقة الغير المحدودة المحيطة باللام ألف صورتها «لا» وأصلها هكذا «لا» فهي عنصر الحروف مطلقا ، وليست بحسب نفسها من سنخ الحروف. نعم أنّ الف همزه لهي من الحروف الصحاح التي هي ثمانية وعشرون بالهمزة ، حرفا تلك الهمزة المصدّرة الدور الأوّل من الأدوار الايجاديّة هي الواحدة بالوحدة العدديّة المتألّفة منها الأعداد. وأما الألف اللينة المدّة فهي برزخة بين الألف المطلقة ـ وهي اشباع حركة الفتح حقيقة ـ وبين الالف الهمزة ، وهى من حروف العلة المرتفعة صقعها عن عوالم سائر الحروف الصحيحة الحرفية.

هذا هو ما تحقّقته (كذا) ، في المقام وحقّقته بنور البرهان الباهر ، والبرهان هو المطاع القاهر. (على النورى).

والجواب لم يسع حق المقال كما هو حقّه. (نورى).

١١٣

والجاعليّة الفيّاضيّة بالقياس إلى جوهر ذات العقل الاوّل الواحد بالعدد الّذي هو أسبق المجعولات وأوّل الابداعيّان بما هو هو بخصوصه.

ثمّ الألف اللينة الساكنة القارّة ـ المعبّر عنها بلام ألف ـ أحقّ بأن تكون (١) هي لمرتبة نسبة الجاعليّة الحقيقيّة والافاضة الابداعيّة الغير المتكرّرة الّتي هي من المراتب السابقة على ذات المجعول الاوّل ووجوده.

والألف المتحرّكة المعبّر عنها بالهمزة بأن تكون هي لنسبة الجاعليّة الاضافيّة والافاضة النسبيّة المعقولة بالقياس إلى اضافة مجعوليّة المجعول الأوّل ، وصدوره الاضافيّ الّتي حقيقتها النسبة المتكرّرة المتأخّرة في المرتبة عن ذاتى المنتسبين جميعا. فاستيقن ذلك واستحفظ واحتفظ ولا تكوننّ من الغافلين!

تكملة

إنّ فريقا جمّا ، بل السواد الأعظم من آل العلم ، يجعلون أسماء الحروف بأسرها ثلاثيّات ، ويعتبرون في دقيقة كلّ من الباء والهاء والحاء والطاء [ب ـ ٦٩] والياء والفاء والراء ، الهمزة بعد الألف ؛ وفي دقيقة الزاى ، الياء بعدها ؛ فتكون الباء متساوية الدرجة والدقيقة بالعدد ؛ كما السين والهاء بمرتبتيها مساوية لدرجة الزاى ، والزاى عدد مرتبتيها عدد طبقات عالم الامكان ، أعنى الثمانية عشر. والحاء مساوية لدرجة الياء. والطاء أوّل مركّبات الاعداد. والياء أوّل الأعداد الزائدة ، وهو الاثنا عشر. والفاء اثنان وثمانون. والراء عدد الربّ ، كما كانت هي على القول الأوّل عدد مسبّب الأسباب. وعدد درجتها مالك كلّ موجود.

وليعلم أنّ المدّ والتشديد في حيّز جوهر الذات! وأمّا النقاط وحركات عناصر

__________________

(١) قوله : «أحقّ بان يكون» والحقّ الأحقّ هو كون الألف الهمزة ، وهى الألف المصدرية كلمة أبجد واحدا عدديّا ، يتعدّد ويتكثّر باللحاظات والتصورات المتعاقبة المتكرّرة. وأمّا المطلقة المسمّى ب «ريح الرحمن» فهي عنصر العناصر الحرفيّة ، كما قال تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) [هود / ٧] في الواحد بالوحدة الحقية الظلّية ، كما حقّقنا في الحاشية السابقة منا ، فإنّها في الابداع إبداع ، وفي الأمر أمر ، وفي الاختراع اختراع ، وفي التكوين تكوين ، فهي في كلّ بحسبه. (نورى)

١١٤

اللفظ وبسائط التركيب والحركات الاعرابيّة والبنائيّة ، فهي في ازاء مقولات الأعراض ولوازم الماهيات وخواصّ الصور وجبلّات الطبائع وصفات الذوات وعوارض الهويات من فرائض الماهية النوعيّة ـ أى كمالاتها الاولى ـ ونوافل الحقيقة ، أى الكمالات الثانية.

راشحة تشريقيّة (١)

أليس لفظ البداء وهو اسم يسنح وينشأ أخيرا عدده عدد أخير حرفى عالم الطبيعة ـ أعنى «ح» ـ وعدد الفعل الماضى منه ، وهو بدا عدد أخير حرفى عالم النفس ـ أعنى «ز» ـ والفعل المضارع منه ، وهو يبدو عدده «كب» ، وذلك مزاج درجة «ك» ، حرف عالم التكوين. فذلك كلّه يتضمّن اشارات الهيّة وأمارات روحانيّة ، تنبّه من يجد الفطانة مأخوذة بيده ، وتفقّهه أنّ البداء إنّما يكون في عالمى الطبيعة والنفس ، وفي عالم التكوين والتدوين من عالم الخلق بحسب افق ظرف التقضّى والتجدّد والامتداد والسيلان ، والدفعة والبغتة والتدريج والتغيّر ـ وهو الزمان ـ لا في حاقّ عالم الأمر ، ولا بحسب متن نفس الواقع ووعاء صريح الوجود وهو الدهر. ولا بالاضافة الى من هو متعال عن الزمان والمكان والطبيعة والنفس وفوق قلل العوالى وشواهق العوالم كلّها.

ثمّ إنّ المصدر منه وهو البدوّ ، عدده «يب» ، ثاني الأعداد المركّبة ، وأوّل الأعداد الزائدة ؛ وان اعتبر لحاظ التشديد كان عدده «يح» ، الحاصل من ضرب «و» ـ حرف عالم العقل من حيث الإفاضة والاشراق ـ في «ج» ـ حرف عالم النفس [ب ـ ٧٠] من حيث جوهر الذات بما هي هي وبما هي مستضيئة مستفيدة من حريم نور جناب الربوبيّة ـ و «يح» عدد طبقات عوالم النظام الجمليّ.

فأمّا «يب» فمزاجه «يو» مربّع «د» حرف عالم الطبيعة بحسب جوهر الذات بما هي هي وبما هي مولّية وجهها (٢) شطر طوار عالم الافاضة وذو المزاج زائد زوج الفرد وضعف

__________________

(١) [الف ـ ٧٠]

(٢) اقتباس من البقرة ، ١٤٨ : «لكل وجهة هو موليها».

١١٥

اوّل الأعداد التّامة ، ومتحصّل المرتبة من ضرب «ب» في «و» ، وهما حرفا عالم العقل ، ومن ضرب «ج» حرف عالم النفس فى «د» حرف عالم الطبيعة بما هما هما ، وبما وجههما تاجه تجاه طوار عالم الربوبيّة ؛ فالمرتبة الاثنا عشريّة لرتبة فضلها صارت عدد البروج وعدد الشهر وعدد أسماء مراتب الأعداد ، فانّها اثنا عشر اسما من الواحد الى العشرة ، ثمّ المائة ثمّ الألف. ومنها تتحصّل أسماء سائر المراتب والعقود المتوسّطة بالتكرير والتضعيف ، وعدد نقباء بنى اسرائيل (١) ، وعدد أوصياء خاتم النبوّة ـ صلّى الله عليه وعليهم ـ وعدد حروف كلمة الإسلام وهي : «محمّد رسول الله» [الف ـ ٧١] وعدد حروف كلمة ايمان ، وهي : «على وصىّ الرّسول» وكذلك «على مظهر الهدى» ، وكذلك «على امام الورى» ، وكذلك «ورثة سيّد الرسل» وكذلك «سادة أهل الجنّة».

راشحة سماويّة

سنتلو على سمع قلبك من ذى قبل (٢) إن شاء الله العزيز ـ انّ للقضاء والقدر مراتب ، طرفاها القضاء المحض (٣) الذي ليس ـ هو بقدر ـ بشيء من الاعتبارات ، إذ لا قضاء فوقه ؛ والقدر المحض الّذي ليس ـ هو بقضاء ـ بشيء من الاعتبارات أصلا ؛ اذ لا قدر بعده ، والمراتب المتوسّطة الّتي كلّ واحدة منها قدر بالاضافة الى المرتبة المتقدّمة ، وقضاء بالقياس الى المرتبة المتأخّرة.

ومن مراتب القضاء والقدر كتاب المحو والإثبات (٤) ، وامّ الكتاب ، وأنّ كلّا

__________________

(١) قال النبي (ص) : «الخلفاء» بعدي اثنا عشر كعدد نقباء بنى اسرائيل». راجع : «الخصال» ج ٢ / ٤٦٧ ح ٨ «كمال الدين» ج ١ / ٢٧١ ، «عيون الأخبار» ج ١ / ٤٩ ح ١١ ، «بحار الانوار» ج ٣٦ / ٢٣٠ ح ١٠ ، «مجمع الزوائد» ج ٥ / ١٩٠ و «تاريخ الخلفاء» للسيوطى ص ٧.

(٢) رجوع الى مطلب البداء كما مضى. (نورى)

(٣) لو اصطلحنا بلسان الوقت على القضاء المطلق ، والقدر المطلق والقضاء المضاف والقدر المضاف لعلّه كان أصح وأفصح وأبلغ وأوضح عرفا. (نورى)

(٤) إنّ المشهور بين الجهور كون القدر مساوقا لكتاب المحو والاثبات ، كما يكون القضاء مساوقا لأم الكتاب وعلى ما فصّله وحصّله ـ قدس‌سره ـ يكون الوجه ، العموم والخصوص مطلقا ، فلا تغفل! (نورى)

١١٦

منهما له في الاصطلاح الشائع معنيان.

فكتاب المحو والاثبات يطلق :

[١] : تارات على عرش التقضّي والتجدّد ـ أعني الزمان بما فيه من الكيانيّات التدريجيّة المتخصّصة بالحدود الزمانيّة والاوضاع المكانيّة ـ وهو القدر المتمحّض العينيّ الّذي لا يكون هو قضاء باعتبار آخر [ب ـ ٧١] وفي ازائه أمّ الكتاب على متن الدهر بما فيه من نظام الوجود بحسب صريح الحصول في حاقّ الاعيان ، وهو القضاء العينىّ الّذي هو قدر بالنسبة الى القضاء العلميّ ، وقضاء بالنسبة الى الوجودات العينيّة الزمانيّة.

[٢] : وتارات اخرى على القوى المدركة من النفوس السماويّة بما ينطبع فيها من صور ما في القدر من جزئيات عالم الخلق والتكوين ، وهو بهذا المعنى : قضاء علميّ وقدر علمىّ بحسب اختلاف بحسب اختلاف الاضافتين ، وتغاير الاعتبارين. وامّ الكتاب في ازائه هو اللوح المحفوظ (١) ، أعني الجواهر النوريّة العاقلة القدسيّة من المفارقات المحضة والعقول الفعّالة بما فيها من صور الموجودات على الانطباع العقليّ والسبيل التعقليّ.

فليعلم أنّه إنّما البداء بحسب عضة من مراتب القدر ، وفي كتاب المحو والاثبات ، وفي الجزئيّات وفي عالم الطبيعة بقياس المتغيّرات بعضها الى بعض ، لا بحسب القضاء المحض الّذي ليس هو بقدر بشيء من الاعتبارات ، ولا في امّ الكتاب ، ولا في الكلّيّات والطبائع المرسلة ، ولا في عالم الأمر ، ولا بالقياس الى سكّان أرض الحياة واقليم القرار والثبات وانوار عالم الملكوت. فما ظنّك بجناب ربّك القدّوس الاعلى العزيز العليم!.

ثمّ ليكن من المعلوم أنّه كما النسخ العلّى في الأحكام التشريعيّة التكليفيّة [الف ـ ٧٢] والوضعيّة على ضربين اتّفاقا.

[الف] : نسخ الحكم بعد فعله واتيان المكلّف به.

__________________

(١) فكان ذلك اللوح الذي هو القضاء المطلق أم الأمهات في الكتب الإلهية ، وانّه في ام الكتاب ـ لدينا ـ لعليّ حكيم ، أى العلوية العليا (نورى).

١١٧

[ب] : ونسخ الحكم قبل نهوض المكلّف بفعله. لست أقول : قبل حضور وقته ، والتمكّن من الاتيان به ؛ فانّ فيه بين علماء المذاهب خلافا على ما قد استبان في علم اصول الفقه.

فكذلك البداء في الاحكام التكوينيّة والتقديريّة على ضربين :

[الف] : بداء في المكوّن بعد تكوينه ، وافاضة كونه الزمانيّ في الأعيان.

[ب] : وبداء في المقدّر قبل تكوينه في الاعيان وايجاد هويّته العينيّة في الزمان.

وكما في أحكام التشريع والتكليف لا يسمّى انتهاء الحكم الموقوت وانصرامه ـ عند الأمد المضروب والحدّ المحدود بحسب المدى المعتبر في أصل التشريع والغاية المضمّنة في نفس الخطاب ـ نسخا ؛ بل انّما يكون النسخ فيما يرجى دوامه ويظنّ استمراره ، فكذلك في أحكام التكوين والتقدير لا يقال في الانقضاءات العادّية والانصرامات الطبيعيّة أنّ في شيء منها بداء ؛ انّما يصطلحون على استعمال تصاريف البداء في الآجال الاختراميّة دون الطبيعيّ من الأجل ، وفي خوارق العادات الّتي هي على خلاف مذهب الطبيعة دون ما يجرى من متجدّدات الكون والفساد [ب ـ ٧٢] على (١).

__________________

(١) ومن المؤسف عليه أن نسخة المؤلف هاهنا تمّت. وجفّ القلم بما هو كائن! قد تمّت تصحيح هذه الرسالة الأنيقة بيد الأقلّ حامد بن مهدى المشتهر ب «الناجى اصفهانى» تجاوز الله عنهما وختم نشأتيهما بالحسنى ، آمين يا ربّ العالمين.

١١٨
١١٩
١٢٠