تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

[مصرع الإسماعيلية الخراسانية]

وفيها مصرع الإسماعيلية الخراسانيّين. وذلك أنّهم نزلوا في ألف وسبعمائة رجل على زوق (١) كبير للتركمان ، فلم يجدوا به الرّجال ، فسبوا الذّرّية ، وحازوا الزّوق ، وقتلوا الرجال وأحرقوا الأشياء الثّقيلة. وبلغ الخبر عسكر التركمان ، فأسرعوا فأدركوا الإسماعيلية لعنهم الله ، وهم يقتسمون الغنيمة ، فأحاطوا بهم ، ووضعوا فيهم السّيف ، وألقى الله الذّلّ على الإسماعيليّة ، واستولى عليهم القتل والأسر ، فلم ينج منهم إلّا تسعة أنفس.

قاله ابن الأثير (٢).

[غارة جيش مصر على غزّة وعسقلان]

وفي صفر خرج جيش من مصر فأغاروا على غزة ، وعسقلان ، ونواحيها ، فالتقاهم الفرنج ، فانتصر المصريّون ، ووضعوا في الفرنج السّيف بحيث لم يفلت إلّا الشّريد ، ورجعوا بالغنائم (٣).

[غارة نور الدين على صيدا]

وخرج نور الدين من دمشق بآلات الحرب مجدّا في جهاد الفرنج ، وأغار عسكره على أعمال صيدا ، فقتلوا خلقا (٤).

[السّيل الأحمر]

وفي أوّل تمّوز جاء سيل أحمر ببرد كما يجيء في الشتاء ، وكثر التعجب منه (٥).

__________________

(١) هكذا بالزاي في الأصل ، ومعناه البلد أو الناحية. وفي دول الإسلام «روق» بالراء المهملة ، وهي الخيام التي بها المتاع والذراري. وقد تصحّفت في مرآة الجنان ٣ / ٣٠٣ إلى : «رزق» ، وفي شذرات الذهب ٤ / ١٦٦ «روق» بالراء المهملة.

(٢) في الكامل ١١ / ٢٣٨ ، دول الإسلام ٢ / ٦٩ ، ٧٠ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١ العبر ٤ / ١٥١ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٠٣ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥٠٦ ، الكواكب الدرّية ١٥٥.

(٣) ذيل تاريخ دمشق ٣٥١ ، أخبار مصر لابن ميسر ٢ / ٩٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٣٨ ، كتاب الروضتين ١ / ٢٨٨ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ٤١١.

(٤) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٢ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٠.

(٥) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٢ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٠ وكان هذا السيل بالبقاع ، الكواكب الدرّية ١٥٥.

٢١

[نجاة نور الدين بعد انهزام عسكره]

ثمّ التقى نور الدّين الفرنج ، فانهزم عسكره ، وثبت هو ساعة ، ثم ولّى العدوّ خوفا من كمين يكون للمسلمين ، ونجّى الله نور الدين وسلّمه (١).

[تحريض نور الدين على فرض الرسوم]

وفي رجب تجمّع قوم من الظّلمة وعزموا على تحريض نور الدّين على إعادة ما كان أبطله ، وتملك دمشق من رسوم دار البطّيخ (٢) والأنهار ، وضمنوا القيام بعشرة آلاف دينار حتّى أجيبوا إلى ما راموه ، وعسفوا النّاس ، ثمّ أبطل نور الدّين ذلك كلّه بعد أربعين يوما (٣).

[خروج ملك القسطنطينية لقتال المسلمين]

وفيها بدر ملك الروم من القسطنطينيّة بجيوشه ، وقصد ممالك الإسلام ، ووصلت خيله غائرة على أعمال أنطاكية ، فتأهّب المسلمون للجهاد (٤).

__________________

(١) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٣٨ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٠ ـ ٢ ـ ٣ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١.

(٢) في الأصل : «دار بطيخ» ، والتصحيح من ذيل تاريخ دمشق.

(٣) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٢ ، ٣٠٣.

(٤) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٤ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١.

٢٢

سنة أربع وخمسين وخمسمائة

[الرضا عن ترشك]

فيها وقع ترشك ولم يشعر به إلّا وقد ألقى نفسه تحت التّاج ومعه كفن ، فوقع الرضا عنه (١).

[انتهاب الغزّ نيسابور]

وفيها عاد الغزّ ونهبوا نيسابور ، وكان بها ابن أخت سنجر ، فهرب إلى جرجان (٢).

[وقوع الخليفة]

وفيها سافر الخليفة إلى واسط ، فرماه فرسه ، وشجّ جبينه بقبيعة السّيف (٣).

[وقوع البرد]

ووقع برد كبار أهلك أماكن.

وذكر أنّه كان في البرد ما وزنه خمسة أرطال ونحو ذلك (٤).

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ١٨٩ (١٨ / ١٣٤) ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٢.

(٢) المنتظم ٦٠ / ١٨٩ (١٨ / ١٣٤) ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٣٦ (حوادث ٥٥٣ ه‍) ، دول الإسلام ٢ / ٧٠ ، العبر ٤ / ١٥٣ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١.

(٣) المنتظم ١٠ / ١٨٩ (١٨ / ١٣٤) ، العبر ٤ / ١٥٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٠ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧.

(٤) المنتظم ١٠ / ١٨٩ (١٨ / ١٣٥) ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٠ ، شذرات الذهب ٤ / ١٦٩.

٢٣

وقيل إنّهم رأوا بردة فيها تسعة أرطال (١).

وفيها كان الغرق ببغداد ، ووقع بعض سورها ، وسقطت الدّور (٢).

قال ابن الجوزيّ (٣) : لم نعرف دربنا إلّا بمنارة المسجد ، فإنّها لم تقع.

وغرقت مقبرة الإمام أحمد ، وخرجت الموتى على وجه الماء ، وكانت آية عجيبة (٤).

[أخذ عبد المؤمن المهديّة بالأمان]

وفيها سار عبد المؤمن في نحو مائة ألف فنازل المهديّة ، فحاصرها برّا وبحرا سبعة أشهر ، وأخذها بالأمان (٥).

[غرق الفرنج]

وركب الفرنج في البحر قاصدين صقلّيّة في الشّتاء ، فغرق أكثرهم.

وكان ملك الفرنج قال : إن قتل عبد المؤمن نصارى المهديّة فلأقتلنّ من عندي من المسلمين بصقلّية. ولعلّ أكثر رعيّته بصقليّة مسلمون ، فأهلك الله النصارى بالغرق. وكان مدّة ملكهم للمهديّة اثنتي عشرة سنة ، ودخلها عبد المؤمن يوم عاشوراء سنة خمسين فبقي بها أيّاما. وكان قد افتتح تونس ، فنازلها أسطوله في البحر ستون شينيا ، وأخذها بالأمان على مشاطرة أهلها أموالهم ، لكونه عرض عليهم أولا التّوكيد والأمان ، فأبوا عليه. وبعدها افتتح المهديّة (٦).

__________________

(١) عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧ ، الكواكب الدرّية ١٥٧ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٣٢.

(٢) تاريخ مختصر الدول ٢٠٩ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧.

(٣) في المنتظم ١٠ / ١٩٠ (١٨ / ١٣٥).

(٤) البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٠ ، الكواكب الدرّية ١٥٧ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٣٢ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٣٢٩ ، شذرات الذهب ٤ / ١٦٩.

(٥) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٤١ وما بعدها ، آثار البلاد وأخبار العباد ٢٧٦ ، ٢٧٧ وفيه أخذها سنة ٥٥٥ ه‍. المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٤ ، دول الإسلام ٢ / ٧٠ ، العبر ٤ / ١٥٣ ، ١٥٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٠ ، الدرّة المضيّة ٥٧٠ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٠٧ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١٠٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٠.

(٦) انظر الخبر مطوّلا في : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٤١ ـ ٢٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١٢ ، وشذرات الذهب ٤ / ٦٩.

٢٤

[القتال بين العلويّة والشافعية]

وكان رئيس نيسابور هو نقيب العلويّين ذخر الدّين زيد بن الحسن الحسيني ، فقتل بعض أصحابه أبو الفتوح الفستقاني الشافعيّ ، فبعث إلى رئيس الشّافعيّة مؤيّد الدّين الموفّقي يطلب منه القاتل ليقتصّ منه ، فامتنع المؤيّد وقال : إنّما حكمك على العلويّة. فخرج النّقيب وقصد الشّافعيّة ، فاقتتلوا وقتل جماعة ، وأحرق النّقيب سوق العطّارين وسكّة معاد ، وعظم البلاء. ثمّ جمع المؤيّد جموعا وجيّش ، والتقى هو والعلويّة في شوّال سنة أربع ، واشتدّ الحرب ، وأحرقت المدارس والأسواق. واستمرّ القتل بالشّافعية ، فالتجأ المؤيّد إلى قلعة فرخك ، وخربت نيسابور بسبب هذه المصيبة الكبرى. وأمّا المؤيّد أبه الأمير فإنّه جرت له فصول وأسر ، ثمّ هرب ، وقدم نيسابور ، فنزل إليه المؤيّد رئيس الشّافعيّة ، وتحصّن العلويّ بنيسابور ، واشتدّ الخطب على المعترّين الرّعية ، وتمنّوا الموت ، وسفكت الدّماء ، وهتكت الأستار ، وخرّبوا ما بقي من البلد ، وبالغ الشافعية في الانتقام ، وخرّبوا مدرسة الحنفيّة ، واستؤصلت نيسابور ، فلا حول ولا قوة إلّا بالله. هذا ملخّص ما نقله ابن الأثير في «كامله» (١).

[الخلاف بين قطب الدين مودود وأمير ميران]

ومرض نور الدّين في آخر الماضية وأوّل سنة أربع وضعف ، فعهد بالأمر بعده لأخيه قطب الدّين مودود صاحب الموصل. وقال : ابن أخي أمير ميران لا أرتضيه لتولية أمور المسلمين لسوء أفعاله وأخلاقه. فحلفت له الأمراء وكاتب جماعة من الكبار أمير ميران يحثونه على المجيء ليستولي على الشام ، فبادر وقطع الفرات ، فبعث أسد الدّين عسكرا فردّوه. وبلغ صاحب الموصل الخبر ، فبعث وزيره كمال الدّين محمد بن عليّ الجواد ، فدخل

__________________

(١) ١١ / ٢٥٠ ، العبر ٤ / ١٥٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٠٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٣٧ (حوادث سنة ٥٥٣ ه‍) ، الكواكب الدرّية ١٥٦ ، ١٥٧.

٢٥

دمشق في أحسن زيّ ، وأبهى تجمّل ، وهو حميد الخلال ، كثير الإنفاق في وجوه البرّ ، فصادف نور الدّين قد عوفي (١).

[الزلازل بدمشق]

وجاءت بدمشق زلازل مهولة صعبة ، فسبحان من حرّكها وسكّنها (٢).

[مصالحة نور الدين ملك القسطنطينية]

وصالح نور الدّين ملك الروم القادم من القسطنطينيّة وأجيب ملك الروم إلى ما التمسه من إطلاق مقدّمي الفرنج ، فأطلقهم نور الدّين ، فبعث لنور الدّين عدّة أثواب مثمّنة وجواهر ، وخيمة من الدّيباج ، وخيلا ، وردّ إلى بلاده ، ولم يؤذ أحدا. واطمأنّ المسلمون (٣).

[إقامة نور الدين سماطا لقطب الدين]

وجاء الخبر إلى دمشق بأنّ الملك نور الدّين صنع لأخيه قطب الدّين ولجيشه الّذين قدموا للجهاد في يوم جمعة سماطا عظيما هائلا ، تناهى فيه بالاستكثار من ذبح الخيل والبقر والأغنام ، بحيث لم يشاهد مثله. وقام ذلك بجملة كثيرة. وفرّق من الخيل العربيّة جملة ، ومن الخلع شيئا كثيرا. وكان يوما مشهودا (٤).

[تسليم حرّان لزين الدين]

ثم توجّه إلى حرّان وانتزعها من يد أخيه أمير ميران ، وسلّمها إلى الأمير زين الدّين عليّ إقطاعا له.

إلى هنا زدته من «تاريخ ابن القلانسيّ» (٥).

__________________

(١) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٥ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٥١ ، ٢٥٢ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٣٢ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١.

(٢) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٧ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٧.

(٣) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٧ و ٣٠٨ ، الكواكب الدرّية ١٥٦.

(٤) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٨ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٨.

(٥) ذيل تاريخ دمشق ٣٥٨ ، كتاب الروضتين ١ / ٣٠٨ ، ٣٠٩.

٢٦

[أسر ابن أخت ملك الروم]

وفيها جمع ملك الروم جمعا عظيما ، وقصد الشّام ، فضاق بالمسلمين الأمر ، فنصر الله تعالى ، وأسر ابن أخت ملكهم ، وغنم المسلمون ، وعادوا خائبين (١).

[موت محمد شاه]

وفيها مات محمد شاه ابن السّلطان محمود الّذي (٢) حاصر بغداد. مات بهمذان (٣).

[خروج عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية]

قال عبد المنعم بن عمر المغربي في أخبار ابن تومرت : وفي سنة أربع وخمسين توجّه أمير المؤمنين عبد المؤمن إلى بلاد إفريقية ، فتجهّز في مائة ألف فارس محصاة في ديوانه ، ومعهم من السّوقة والصّناع والأتباع أضعافهم مرارا.

قال : وكان هذا الجمع الحفل يمشون بين الزّروع في الطرق الضّيّقة ، فلا يكسرون سنبلة ، ولا يطئونها من هيبة الأمير ، وكان حملهم وأسواقهم مسافة فرسخين ، وكلّهم يصلّون الخمس وراء إمام واحد بتكبيرة واحدة ، ولا

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ١٩٠ (١٨ / ١٣٥ ، ١٣٦) ، دول الإسلام ٢ / ٧٠ ، العبر ٤ / ١٥٤ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥١٧.

(٢) في الأصل : «الذين» ، وهو غلط.

(٣) انظر عن وفاة محمد شاه في : المنتظم ١٠ / ١٩١ رقم ٢٨١ (١٨ / ١٣٧ رقم ٤٢٣٢) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٠ ، ٢٥١ ، ووفيات الأعيان ٤ / ٢٧٠ ، وتاريخ مختصر الدول ٢٠٩ ، ومفرّج الكروب ١ / ٣٢٠ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٤ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٠ ، والعبر ٤ / ١٥٥ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٧٦ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٠ ، ٦١ ، والدرّة المضيّة ٥٧٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٠ ، ٢٤١ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٥١٨ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٠٨ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٨ ، ٣٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٠٨ ، وأخبار الدول للقرماني ٢٧٥ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٠.

٢٧

يتخلّف أحد عن الصّلاة إذا قامت ، كائنا من كان من أصناف الجيش والسّوقة وغيرهم.

وكان عبد المؤمن يسير وحده منفردا أمام الجيوش ليس معه فارس إلّا ابنه وليّ عهده وراءه. وحوله من عبيده السّودان ألوف بالرماح والدّرق.

قال : ولم يكن في دولته أحد يسمّى بالأمير ولا بالوالي ، وإنّما يسمّون الطّلبة لأنّها دولة مبنية على العلم ، ومن دون الطّلبة يسمّون الحفّاظ. وأمّا أولاد أمير المؤمنين فيسمّون بالسّادة. ولا يجتمع النّاس عنده فينصرفون إلّا عن دعاء منه ، ويؤمّن الحاضرون. وما لبس إلّا ثياب الصّوف طول عمره (١).

__________________

(١) انظر : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١١.

٢٨

سنة خمس وخمسين وخمسمائة

[سلطنة سليمان شاه]

فيها أفرج عليّ كوجك عن سليمان شاه بن محمد وسلطنه وخطب له ، وبعثه إلى همذان ، وذهب ابن أخيه ملك شاه بن محمود إلى أصبهان طالبا للملك (١) ، فمات بها.

[منع المحدثين من السماع بجامع القصر]

وفيها منع المحدثون من السّماع في جامع القصر لأنّ بعض الأحداث قرءوا شيئا من الصّفات وأتبعوه بذمّ المناوئين (٢) ، فمنعوا.

[وفاة المقتفي لأمر الله]

وفي ثاني ربيع الأوّل توفّي المقتفي لأمر الله ، وطلبت النّاس نصف النّهار لبيعة المستنجد بالله ، فأوّل من بايعه عمّه أبو طالب ثمّ أخوه أبو جعفر ، وكان أسنّ من أخيه المستنجد ، ثمّ بايعه ابن هبيرة ، وقاضي القضاة (٣).

__________________

(١) في المنتظم ١٠ / ١٩٢ (١٨ / ١٣٨) : «للأجمة» ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٤ ، زبدة التواريخ ٢٥٥ ، ٢٥٦ ، راحة الصدور للراوندي ٣٨٣ ، دول الإسلام ٢ / ٧١ ، العبر ٤ / ١٥٦ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، شذرات الذهب ٤ / ١٧٢.

(٢) في المنتظم ١٠ / ١٩٢ (١٨ / ١٣٨) : «المتأولين».

(٣) المنتظم ١٠ / ١٩٢ (١٨ / ١٣٩) ، تاريخ الفارقيّ (ملحق بذيل تاريخ دمشق) ٣٦٠ ، ٣٦١ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٦ ، زبدة التواريخ ٢٦٨ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٢٥ ، التاريخ الباهر ١١٤ ، مفرّج الكروب ١ / ١٣١ ، الفخري ٣١٠ ، مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٢٨ ـ ٢٣٢ ، كتاب الروضتين ١ / ٣١٠ ، النبراس ١٥٦ ، مرآة الزمان ٨ / ١٤٤ ، خلاصة =

٢٩

[الخطبة لرسلان شاه] (١)

وفي شوّال اتّفق الأمراء. بهمذان على القبض على سليمان شاه وخطبوا لرسلان شاه ابن طغرل (٢).

[العفو عن عليّ كوجك]

وفيه ورد عليّ كوجك إلى بغداد قاصدا للحجّ ، فخلع عليه وعفي عنه ما أسلف من حصار بغداد مع محمد شاه (٣).

[وفاة قاضي القضاة الثقفي]

وولي قضاء القضاة أبو جعفر الثّقفي ، وعزل أبو الحسن عليّ بن أحمد الدّامغانيّ فلم يبق الثّقفيّ إلا أشهرا ومات ، فولي مكانه ولده جعفر (٤).

[موت الفائز]

وفيها مات الفائز خليفة مصر ، وعاش عشر سنين أو أكثر ، وكان [صبيّا] (٥). وقام بعده العاضد آخر خلفاء الباطنيّة.

__________________

= الذهب المسبوك ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٧ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٧٤ ، تاريخ مختصر الدول ، له ٢٠٩ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٩ ـ ٤١٢ رقم ٢٧٣ ، العبر ٤ / ١٥٨ ، دول الإسلام ٢ / ٧١ ، مرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، ٦٣ ، عيون التواريخ ١٢ / ٥٢١ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٩٤ ، ٩٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤١ ، الدرّ المطلوب ١١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٥٢٢ ، مآثر الإنافة ٢ / ٣٥ ـ ٤٤ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٦٢ ، الجوهر الثمين ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ ، الكواكب الدرّية ١٥٧ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، تاريخ الخلفاء ٤٣٧ ـ ٤٤٢ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١١١ ، شذرات الذهب ٤ / ١٧٢ ـ ١٧٤ ، أخبار الدول ١٧٥ ، ١٧٦.

(١) زبدة التواريخ ٢٥٧ ، راحة الصدور ٣٩٦ ، ٣٩٧ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٦.

(٢) المنتظم ١٠ / ١٩٦ (١٨ / ١٤٢ ، ١٤٣).

(٣) العبر ٤ / ١٥٦ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١٥.

(٤) المنتظم ١٠ / ١٩٦ (١٨ / ١٤٣) ، مرآة الجنان ٣ / ٣٠٨.

(٥) في الأصل بياض ، والمستدرك من : المنتظم ١٠ / ١٩٦ (١٨ / ١٤٣) وتاريخ الفارقيّ (في

٣٠

[عمارة المؤيّد نيسابور]

وأمّا نيسابور فشرع في عمارتها المؤيّد أي أبه ، واستقلّ بمملكتها ، وأحسن إلى النّاس ، فتراجعت بعض الشّيء (١).

__________________

= حاشية ذيل تاريخ دمشق) ٣٦٠ ، ٣٦١ ، وكتاب الروضتين ١ / ٣١١ ، والمؤنس ٧٢ ، والمنتقى من تاريخ مصر ١٤٩ ـ ١٥٧ ، ونزهة المقلتين لابن الطوير ٦٩ ، ٧٠ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٥ ، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة ٩٣ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ٢١٢ ، وأخبار الدول المنقطعة ١٠٦ ، ١٠٨ ـ ١١٠ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٣٢٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٧ ، والعبر ٤ / ١٥٦ ، ودول الإسلام ٢ / ٧١ ، ٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ و ٢٠ / ٤١٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، والدرّة المضيّة ٥٧١ (حوادث ٥٥٤ ه‍.) ، والدرّ المطلوب ١١ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٢ ، والكواكب الدرّية ١٥٨ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٥٢١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ٧٥ ، ٧٦ والمواعظ والاعتبار ١ / ٣٥٧ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٠٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٤ ، وأخبار الدول ١٩٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣١٧ ، ٣١٨ ، وحسن المحاضرة ٢ / ١٨ ، وتحفة الأحباب للسخاوي ٣١١ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٠.

(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٩.

٣١

سنة ستّ وخمسين وخمسمائة

[قطع خطبة سليمان شاه]

في المحرّم قطعت خطبة سليمان شاه من المنابر ، ثمّ خطب لأرسلان شاه (١).

[الخطبة لأرسلان شاه]

قال ابن الأثير (٢) : لمّا قتل سليمان شاه أرسلوا إلى إيلدكز صاحب أرّان وأكثر أذربيجان ، فطلبه الأمير كردباز (٣) ليخطب لأرسلان الّذي معه. وكان إيلدكز قد تزوّج بأمّ أرسلان ، وولدت له البهلوان بن إيلدكز. وكان إيلدكز أتابكه وأخوه لأمّه البهلوان حاجبه.

وكان إيلدكز مملوكا للسّلطان مسعود ، فأقطعه أرّان وبعض أذربيجان ، ووقع الاختلاف ، فلم يحضر إيلدكز عند فرقتهم أصلا. وعظم شأنه ، وجاءته الأولاد من أمّ السّلطان أرسلان فسار إيلدكز في العساكر ، وهم نحو من عشرين ألفا ، ومعه أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملك شاه فتلقّاهم ابن كردباز ، وأنزله بهمذان في دار السّلطنة ، وخطب لأرسلان (٤).

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ١٩٨ (١٨ / ١٤٦) ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٣.

(٢) في الكامل ١١ / ٢٦٦ وما بعدها.

(٣) في الكامل : «كردبازو» ، ومثله في : زبدة التواريخ للحسيني ٢٥٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٦ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ووردت فيه الصيغتان.

(٤) زيدة التواريخ للحسيني ٢٥٦ ـ ٢٥٨ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٦ ، ٣٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢.

٣٢

ثمّ بعثوا إلى بغداد يطلبون له السّلطنة ، فأهين رسولهم.

وكان قد تغلّب على الرّيّ الأمير إينانج ، وقوي حاله ، فصالحه ، إيلدكز ، وزوّج ولده البهلوان بابنة إينانج وزفّت إليه بهمذان (١).

[انهزام البهلوان]

ثمّ التقى البهلوان وصاحب مراغة آقسنقر ، فانهزم البهلوان فجاء إلى همذان على أسوأ حال (٢).

[النهب والإحراق بنيسابور]

وفيها كثر اللّصوص والحراميّة بنيسابور ، ونهبوا دور النّاس نهارا جهارا ، فقبض المؤيّد على نقيب العلويّين أبي القاسم زيد الحسينيّ وعلى جماعة ، وقتل جماعة ، وخرّبت نيسابور. وممّا خرّب (٣) سبع عشرة مدرسة للحنفيّة (٤) ، وأحرقت خمس خزائن للكتب ، ونهبت سبع خزائن ، وبيعت بأبخس الأثمان. وخرب مسجد عقيل (٥).

[الخوف من الفتنة بين الرافضة والسّنّة]

وانتشر في هذه الأيّام ، وقت عاشوراء ، الرّفض والتّسنّن حتّى خيف من فتنة تقع.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٧ ، ٢٦٨.

(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٨.

(٣) في الأصل : «حرق».

(٤) في الكامل : «وخرّب أيضا من مدارس الحنفية ثماني مدارس ، ومن مدارس الشافعية سبع عشرة مدرسة».

(٥) انظر الخبر في الكامل ١١ / ٢٧٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٣ ، والكواكب الدرّية ١٥٩.

٣٣

[ركوب المستنجد للصيد]

وفيه ركب المستنجد بالله وراح إلى الصّيد ، ثمّ بعد أيّام خرج أيضا إلى الصّيد (١).

[الرخص ببغداد]

وكان الرخص كثيرا ببغداد ، فأبيع اللّحم أربعة أرطال بقيراط ، والبيض كلّ مائة بقيراط (٢).

[مقتل الصالح طلائع بن رزّيك]

وفيها كان مقتل الملك الصّالح طلائع بن رزّيك ، واستولى على مصر شاور (٣).

__________________

(١) سيعاد هذا الخبر في السنة التالية ، وهو في : العبر ٤ / ١٥٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤١٥.

(٢) المنتظم ١٠ / ٢٠٠ (١٨ / ١٤٨) ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، الكواكب الدرّية ١٥٩.

(٣) انظر عن مقتل ابن رزّيك في : النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية ، لعمارة اليمني ٣٢ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٧٤ ، وخريدة القصر (قسم مصر) ١ / ١٧٣ ـ ١٨٥ ، ونزهة المقلتين ٧٠ ـ ٧٢ ، ٩٠ ، ١٢٢ ، وأخبار الدول المنقطعة ٨٥ ، ١٠٨ ـ ١١٣ ، وكتاب الروضتين ١ / ٣١١ ، ٣١٦ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٥٢٦ ـ ٥٣٠ ، والإعتبار لأسامة بن منقذ ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٣٤ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٨ ، ٣٩ ، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة ٢١٧ ـ ٢٢٣ ، والمنازل والديار ١٥٤ ، ١٥٥ ، وبدائع البدائه لابن ظافر ١٨٥ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٦٠ ، ٣٩٢ ، ومرآة الزمان ٨ / ١٤٦ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٣٢٤ ـ ٣٢٨ ، والدرّ المطلوب ١٦ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٢ ، والعبر ٤ / ١٦٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٧ ـ ٣٩٩ رقم ٢٧٢ ، والمشتبه في الرجال ١ / ٣٣٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣٩٧ ـ ٣٩٩ رقم ٢٧٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١١ ، ٣١٢ ، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق ١ / ٥٦ و ٢ / ٤٥ ، والكواكب الدرية ١٥٩ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، وتبصير المنتبه ٢ / ٢٤٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٤٥ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، وتحفة الأحباب ٧٤ ، وحسن المحاضرة ٢ / ٢٠٥ ـ ٢١٥ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٢٤٦ ، والمواعظ والاعتبار ٢ / ٢٩٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١١٢ وشذرات الذهب ٤ / ١٧٧ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٣١.

٣٤

سنة سبع وخمسين وخمسمائة

[رجوع الحاجّ العراقي]

فمن الحوادث فيها أنّ الحاجّ العراقيّ وصلوا مكّة ، فلم يدخل أكثرهم لفتن جرت ، وإنّما دخلت شرذمة ، ورجع أكثر النّاس بلا حجّ (١).

[خروج الخليفة للصيد]

وفيها خرج الخليفة للصّيد على طريق واسط (٢).

[الحريق ببغداد]

ووقع فيها حريق عظيم ببغداد ، احترق سوق الطّير ، والبزوريّين وإلى سوق الصفر والخان ، واحترق كثير من الطّيور (٣).

[انتصار المسلمين على الكرج]

وفيها كان مصاف كبير وحرب شديد بين جيوش أذربيجان ، وأرمينية ، وبين الكرج ، فنصر المسلمون ، وغنموا ما لا يحدّ ولا يوصف (٤).

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ٢٠٢ ، ٢٠٣ (١٨ / ١٥٢) ، الكامل في التاريخ ١١ ، ٢٨٧ ، ٢٨٨ ، العبر ٤ / ١٦٢ ، مرآة الجنان ٣ / ٣١٢ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٩ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٤ ، الكواكب الدرّية ١٦٠ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٤١.

(٢) المنتظم ١٠ / ٢٠٣ (١٨ / ١٥٢) ، دول الإسلام ٢ / ٧٢.

(٣) المنتظم ١٠ / ٢٠٣ (١٨ / ١٥٢) ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٨.

(٤) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٦ ، ٢٨٧ ، دول الإسلام ٢ / ٧٢ ، العبر ٤ / ١٦١ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٩ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٤.

٣٥

سنة ثمان وخمسين وخمسمائة

[عودة الحجيج]

جاءت الأخبار بما تمّ على الحجيج ، عاث عبيد مكّة في الركب ، فثار عليهم أصحاب أمير الحاجّ ، فقتلوا منهم جماعة ، فردّوا إلى مكّة وتجمّعوا ، ثمّ أغاروا على جمال الحاجّ ، فانتهبوا نحوا من ألف جمل ، فركب أمير الحاجّ وجنده بالسّلاح ، ووقع القتال وقتل طائفة. ثم جمع الأمير النّاس ، ورجع بهم ولم يطوفوا (١).

[بناء كشك الخليفة والوزير]

وفيها بني ببغداد كشك للخليفة وكشك للوزير ، وأنفق عليهما مبلغ عظيم (٢).

[ثورة بني خفاجة]

وثارت بنو خفاجة بالعراق ، فعاثت وأفسدت. وكانت القوافل تؤخذ إلى باب الحربيّة (٣).

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ٢٠٥ (١٨ / ١٥٥) ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٨ (حوادث ٥٥٧ ه‍) ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٩ ، الكواكب الدرّية ١٦٠.

(٢) المنتظم ١٠ / ٢٠٥ (١٨ / ١٥٦).

(٣) المنتظم ١٠ / ٢٠٦ (١٨ / ١٥٦) : وانظر عن بني خفاجة في : البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٤ (حوادث سنة ٥٥٦ ه‍).

٣٦

[قتل العادل بن الصالح طلائع]

وفيها قتل العادل بن الصّالح طلائع بن رزّيك ، وقام بعده شاور (١).

[استيلاء المؤيّد على بسطام ودامغان]

وفيها سار المؤيّد أي أبه صاحب نيسابور ، فاستولى على بسطام ، ودامغان ، واستعمل عليهما مملوكه تنكز (٢).

[انتصار المؤيّد على صاحب مازندران]

وفيها التقى المؤيّد وصاحب مازندران وانتصر المؤيّد.

[الخلع للمؤيّد]

وفيها بعث السلطان أرسلان بن طغرل خلعا وألوية معقودة وتقادم إلى المؤيّد ، وأمره أن يهتمّ باستيعاب بملك خراسان ، فلبس الخلع.

وكان السّبب في ذلك شمس الدّين إيلدكز أتابك السلطان. وكان إيلدكز هو الكلّ ، وبينه وبين المؤيّد ودّ وإخاء. وكانت الخطبة في مرو ، وبلخ ، وهراة وهذه البلاد للغزّ سوى هراة ، فإنّها بيد أيتكين وهو مسالم للغزّ (٣).

__________________

(١) انظر عن مقتل العادل بن طلائع في : النكت العصرية ٤٩ و ٥٣ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٠ ، ٢٩١ ، وخريدة القصر (قسم مصر) ١ / ١٨٠ ، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة ٩٤ ، وكتاب الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٣١ ، وأخبار الدول المنقطعة ٨٥ ، ١١٢ ـ ١١٤ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٠ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، والدرّ المطلوب ٢٥ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٢ ، والوافي بالوفيات ١٤ / ١١٨ رقم ١٤٩ ، والكواكب الدرّية ١٦٣ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٢٥١ ـ ٢٥٤ و ٢٥٧ ـ ٢٥٩ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٦٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٦٣ ، وحسن المحاضرة ٢ / ١٢٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١١٣.

(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٢ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١.

(٣) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٧.

٣٧

[مقتل صاحب الغور]

وفيها قتل صاحب الغور سيف الدين محمد (١).

[نجاة نور الدين عند حصن الأكراد]

وفيها جمع نور الدّين جيشه ، وسار لغزو الفرنج ، ونزل تحت حصن الأكراد ومن عزمه محاصرة طرابلس ، فتجمعت الفرنج وكبسوا المسلمين ، فلم يشعر التّرك إلّا بظهور الصّلبان من وراء الجبل ، فبعثوا إلى نور الدّين يعرّفونه ، وتقهقروا فرهقتهم الفرنج بالجملة فهربوا ، والفرنج في أقفية التّرك ، إلى المخيم النّوريّ ، فلم يستمكن المسلمون من الأهبة ، فوقع فيهم القتل والأسر ، وقصدوا خيمة السّلطان نور الدّين وقد ركب فرسه ، وطلب النّجاة ، فلدهشته ركب والشّبحة في رجل الفرس ، فنزل كرديّ فقطعها ، فنجا نور الدّين ، وقتل ذلك الكرديّ. ونزل نور الدين على بحيرة حمص وقال : والله لا أستظلّ بسقف حتّى آخذ بالثأر. وأحضر الأموال والأمتعة ، ولم شعث عساكره (٢).

[القضاء على بني أسد]

وفيها أمر المستنجد بقتال بني أسد أصحاب الحلّة وإجلائهم عن العراق ، فتجمّع لحربهم عدّة أمراء وخلق من العسكر ، فخذلت بنو (٣) أسد وزالت دولتهم ، وقتل منهم نحو أربعة آلاف ، وتفرّق الباقون ، وقطع دابرهم.

ولم يبق في هذا الوقت أحد يعرف بالعراق من الأسديّين (٤).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، دول الإسلام ٢ / ٧٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٦.

(٢) التاريخ الباهر ١١٦ ـ ١١٨ ، الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ، كتاب الروضتين ١ / ٣١٨ ـ ٣٢٠ ، ٤٢٢ ، زبدة الحلب ٢ / ٣١٣ ، تاريخ الزمان ١٧٦ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ ، دول الإسلام ٢ / ٧٣ ، العبر ٤ / ١٦٣ ، سير أعلام النبلاء ٤١٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٧ ، الإعلام والتبيين (حوادث سنة ٥٥٧ ه‍.) ، الكواكب الدرّية ١٦١ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٦ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١١٤ ، وكتابنا : تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ ١ / ٥١١ ـ ٥١٣.

(٣) في الأصل : «بتوا».

(٤) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، دول الإسلام ٢ / ٧٣ ، العبر ٤ / ١٦٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٦ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٧ ، شذرات الذهب ٤ / ١٨١.

٣٨

سنة تسع وخمسين وخمسمائة

[مقتل بعض اللصوص]

فيها خرج ببغداد تسعة من اللّصوص فقتلوا (١).

[كسرة الفرنج]

وفيها كسر نور الدّين الفرنج كسرة هائلة وأخذ الإبرنس والقومّص أسيرين (٢).

[قتل الملك المنصور ضرغام]

وفيها جهّز نور الدّين جيشا عليهم أسد الدّين شيركوه إلى مصر نجدة لشاور ، لكونه قصده واستجار به. فأوّل دخولهم قتل الملك المنصور ضرغام الّذي كان قد قهر شاور ، وأخذ وزارة مصر منه في آخر العام الماضي (٣).

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ٢٠٨ (١٨ / ١٦٠).

(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ٣٠١ ـ ٣٠٤ ، التاريخ الباهر ١٢٢ ـ ١٢٦ ، كتاب الروضتين ١ / ق ٢ / ٣٣٩ ـ ٣٤٣ ، زبدة الحلب ٢ / ٣١٩ ، مفرّج الكروب ١ / ٢٤٤ ، سنا البرق الشامي ٦١ ، ٦٢ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، تاريخ الزمان ١٧٦ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٣٣٢ ، العبر ٤ / ١٦٦ ، دول الإسلام ٢ / ٧٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٨ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٤١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٧ ، تاريخ ابن الفرات ٨ / ٧٩ ، الكواكب الدرّية ١٦٦ ـ ١٦٨ ، مشارع الأشواق ٢ / ٩٣٤ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١١٥ ، تاريخ طرابلس ١ / ٥١٣.

(٣) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٨ ، أخبار الدول المنقطعة ١١٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، الدرّ المطلوب ٢٦ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٦٧ ـ ٢٧٢ ، دول الإسلام ٢ / ٧٣ ، العبر ٤ / ١٦٧ ،=

٣٩

[تمكّن شاور من مصر]

ثمّ تمكّن شاور ولم يلتفت على شيركوه ، فاستولى على بلبيس وأعمال الشرقيّة (١).

[استنجاد شاور بالفرنج]

وأرسل شاور يستنجد بالفرنج ، فسارعوا إليه ، وبذل لهم ذهبا عظيما ، فجاءوا من القدس والسواحل ، والتجأ شيركوه وعسكر الشام إلى بلبيس ، وجعلها ظهرا له ، وحصروه ثلاثة أشهر ومنعته مع قصر سورها وعدم خندق لها. فبينا هم كذلك إذ أتاهم الفرنج أنّ نور الدّين أخذ حصن حارم منهم وسار إلى بانياس ، فسقط في أيديهم ، فهمّوا بالعودة إلى بلادهم ليحفظوها ، وطلبوا الصّلح مع شيركوه ، فأجابهم لقلّة الأقوات عليه ، وسار إلى الشام سالما (٢).

[وقعة حارم]

وفيها وقعة حارم ، وذلك أنّ نجم الدّين [ألبى] (٣) الأرتقيّ صاحب ماردين نازل حارم ونصب عليها المجانيق ، فجاءتها نجدات الفرنج من كلّ

__________________

= المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ تاريخ مختصر الدول ٢١٢ ، الكواكب الدرّية ١٦٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٧ ، ٢٤٨.

(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٨ ـ ٣٠١ ، كتاب الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٩ ، النوادر السلطانية ٢٩ ، التاريخ الباهر ١١٩ ـ ١٢٢ ، تاريخ مختصر الدول ٢١٢ ، تاريخ الزمان ١٧٦ ، زبدة الحلب ٢ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، النجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة ٩٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، المختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ ، العبر ٤ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، دول الإسلام ٢ / ٧٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٤١ ، الكواكب الدرّية ١٦٤ ـ ١٦٦ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٦٦ ـ ٢٧٥ ، تاريخ ابن سباط ١ / ١١٤ ، ١١٥.

(٢) الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٣٣٤ ، دول الإسلام ٢ / ٧٣ ، العبر ٤ / ١٦٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٤٨ ، كتاب الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، تاريخ الزمان ١٧٧ ، تاريخ مختصر الدول ٢١٢ ، النجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة ٩٤ ، الكواكب الدرية ١٦٥ ، ١٦٦.

(٣) في الأصل بياض ، والمستدرك من الكامل.

٤٠