تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

سنة تسع وخمسين وخمسمائة

 ـ حرف الألف ـ

٣٠١ ـ أحمد بن محمد بن هذيل (١).

أبو العبّاس الأنصاريّ ، البلنسيّ.

سمع : أبا الوليد بن الدّبّاغ ، وابن النّعمة.

وتفقّه عند أبي محمد بن عاشر.

ورحل فلقي بقرطبة أبا عبد الله بن الحاجّ ، وغيره.

وولّي قضاء بلده ، فلم تحمد سيرته. وكان عارفا بالأدب والكتابة (٢).

توفّي كهلا.

٣٠٢ ـ أحمد بن مسعود بن سعد بن عليّ.

أبو الرّضا بن النّاقد ، الجصّاص (٣).

__________________

(١) انظر عن (ابن هذيل) في : تكملة الصلة لابن الأبّار ١ / ٦٧ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج ١ ق ٢ / ٥٢٥ ، ٥٢٦ رقم ٧٧٥.

(٢) وقال المراكشي : وكان فقيها ، حافظا للنوازل ، بصيرا بعقد الشروط ، مائلا إلى الأدب ، ضاربا في نظم الشعر بسهم ، حسن الخط ، نحى فيه منحى شيخه أبي عبد الله بن أبي الخصال فقاربه. ولّي قضاء باغة ، ثم ولّي قضاء استجه ، فأقام على ذلك إلى أن قتل ابن الحاج فانصرف إلى بلده ، فولّي قضاء لارده وشبرانه وغيرهما من بلاد الثغر الشرقي في الدولة اللمتونية ، فلم تحمد سيرته .. ثم ولّي خطة الشورى ببلنسية لأبي العباس بن الحلال ولأخيه زيادة الله ، ثم ولّي بأخرة خطّة المواريث وأحكامها ببلنسية في إمارة محمد بن سعد فامتحن وضرب وغرّب إلى جزيرة شقر ، وهنالك توفي مضيّقا عليه في ذي القعدة سنة تسع وخمسين وخمسمائة ، ودفن بقبليّ جامعها. ومولده سنة أربع وخمسمائة.

(٣) الجصّاص : بفتح الجيم والصاد المشدّدة المهملة ، وفي آخرها صاد أخرى. هذه النسبة إلى

٢٨١

بغداديّ ، ثقة جليل.

سمع : أبا غالب الباقلّانيّ ، وأبا سعد بن خشيش ، وأبا الحسن العلّاف.

فروى عنه : أحمد بن طارق ، وعبد العزيز بن الأخضر ، وابنه عبد العزيز بن أحمد.

وتوفّي في ذي الحجّة.

سقط من بناء للدّولة فمات صائما.

٣٠٣ ـ أحمد بن موهوب بن عليّ بن حمزة (١).

أبو إسحاق المقصّص السّلميّ ، الدّمشقيّ.

سمع من : أبي الحسن عليّ بن الحسن بن الحزوّر ، وإبراهيم بن يونس المقدسيّ ، ونصر بن أحمد الهمذانيّ المؤدّب.

سمع من المؤدّب في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.

وكان شيخا مباركا من قرّاء السّبع الكبير.

سمع منه : الحافظ ابن عساكر ، وابنه أبو المواهب ، وأخوه أبو القاسم.

ودفن بمقبرة باب الصّغير.

 ـ حرف السين ـ

٣٠٤ ـ سعد بن إسماعيل بن حسين.

العميد ، أبو الفتح النّسويّ ، المستوفي.

ساكن وقور متّصل بالدّولة.

سمع «التّرغيب» لحميد بن زنجويه من أبي بكر بن خزيمة.

روى عنه : عبد الرحيم بن السّمعانيّ.

وتوفّي في ذي الحجّة.

__________________

= العمل بالجص وتبييض الجدران.

(١) انظر عن (أحمد بن موهوب) في : مشيخة ابن عساكر.

٢٨٢

٣٠٥ ـ سليمان بن محمد بن الفضل.

أبو القاسم الكندوج الأصبهانيّ.

توفّي في الثّاني والعشرين من شوّال.

وكان عدلا متميّزا.

سمع الرئيس بن الثّقفيّ.

أخذ عنه : السّمعانيّ ، وغيره.

٣٠٦ ـ [سعد الله] بن محمد بن عليّ بن أحمد بن حمدي (١).

أبو البركات البغداديّ ، الدّقّاق ، البزّاز.

روى عن : أبي عبد الله بن طلحة النّعاليّ ، ونصر بن البطر ، وأحمد بن عليّ الطّريثيثيّ.

وكان من أهل الخير.

روى عنه : أبو سعد بن السّمعانيّ ، وعبد الخالق بن أسد ، وأبو الفرج ابن الجوزيّ. وجماعة.

توفّي في شعبان.

 ـ حرف الضاد ـ

٣٠٧ ـ الضّرغام بن عامر بن سوار (٢).

الملك المنصور ، فارس المسلمين ، أبو الأشبال اللّخميّ ، المنذريّ ، الّذي استولى على الدّيار المصريّة ، وهرب منه شاور إلى نور الدّين يستنجد به عليه ، فسيّر معه أسد الدّين شيركوه ، فدخلوا مصر في رجب من هذا العام ، فوجدوا الضّرغام قد قتل في الثّامن والعشرين من جمادى الآخرة من السّنة.

__________________

(١) مر ذكره في وفيات سنة ٥٥٧ ، ص ٢٢٣ ، رقم ٢٤١.

(٢) انظر عن (الضرغام بن عامر) في : مرآة الجنان ٣ / ٣٤١ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٣٦٥ ، ٣٦٦ رقم ٣٩٨.

٢٨٣

قتل عند قبر السّتّ نفيسة ، وطافوا برأسه ، وبقيت جثّته حتّى أكلتها الكلاب ، ثمّ دفن وبني عليه قبّة معروفة عند بركة الفيل [بها] (١) القلندريّة.

وفي التّاريخ وهم ، لأنّ الضّرغام ما قتل إلّا بعد دخول أسد الدّين (٢).

 ـ حرف الطاء ـ

٣٠٨ ـ [طاهر] بن معاوية بن خليف.

أبو السّعادات الحربيّ ، الخيّاط ، الصّالح ، ساكن من أهل القرآن والصّلاح.

سمع : أبا سعد بن خشيش ، وأبا عليّ محمد بن محمد بن المهتدي ، وغيرهما.

قال ابن السّمعانيّ : كتبت عنه ، وكان كخير الرجال.

وقال ابن مشّق : توفّي في سابع جمادى الآخرة.

وكان مولده سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

قلت : روى عنه : أحمد بن سلمان السّكّريّ.

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : الوافي بالوفيات.

(٢) وقال ابن قلاقس يرثيه :

أصابت سهام اليأس قلب المطامع

وصابت بغيث اليأس سحب الفجائع

وما أرسل الناعي به يوم موته

سوى صمم أصمى صميم المسامع

وقد خلّفت فينا أياديه روضة

سقاها سحاب الوجد غيث المدامع

فكم لبيوت الشعر من دوحة بها

وكم للقوافي من حمام سواجع

وكم جفن ضيف سائل الدمع ساهر

وكم جفن سيف جامد الدّم هاجع

وكم منيّات الظّبى بيمينه

فقد أمنت من جورها المتتابع

وأحسب أن الموت وافاه سائلا

فبلّغه ما رامه غير مانع

وما كنت أخشى غيره وقد انقضى

فكلّ مصاب بعده غير فاجع

وأقسم لو مات امرؤ قبل وقته

لكنت على الأعقاب أول تابع

عجبت لقبر بات بين ضلوعه

يقال له سقّيت غيث الهوامع

وهل تنفع الأنواء في سقي تربة

تفيض بمتن اللّجّة المتدافع

٢٨٤

 ـ حرف العين ـ

٣٠٩ ـ عبد الرحمن بن هبة الرحمن بن عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيريّ (١).

أبو خلف. نيسابوريّ ورع ، عالم ، خيّر ، مليح الوعظ. ولّي خطابة ، نيسابور بعد والده. وكان ضريرا.

سمع : أعمام أبيه ، وعليّ بن عبد الله بن أبي صادق ، وعبد الغفّار الشّيرازيّ ، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ.

روى عنه : عبد الرحيم بن السّمعانيّ.

وتوفّي بنيسابور يوم عاشوراء.

٣١٠ ـ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عليّ ابن الإخوة.

أبو الفتح بن أبي الغنائم البغداديّ ، البيّع ، اللّغويّ ، الأديب.

نزيل أصبهان.

روى عن أبي الحسن بن فتحان الشّهرزوريّ مجلسا من أمالي ابن بشران ، سمعه منه ابن السّمعانيّ ، وقال : شابّ ، له معرفة تامّة باللّغة والأدب. توفّي في صفر.

٣١١ ـ [عبد الوهّاب] (٢) بن الحسن بن عبد الله (٣).

أبو سعد الكرمانيّ. [خاتمة أصحاب أبي بكر بن خلف] (٤).

شيخ صالح من أهل نيسابور.

__________________

(١) انظر عن (عبد الرحمن بن هبة الرحمن) في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٢٤٩.

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من المصادر.

(٣) انظر عن (عبد الوهاب بن الحسن) في : العبر ٤ / ١٦٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٧ رقم ١٧٩٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٣٩ رقم ٢٣٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٧.

(٤) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل.

٢٨٥

سمع : أبا بكر بن خلف الشّيرازيّ ، وأبا المظفّر موسى بن عمران ، وأبا سهل عبد الملك بن عبد الله الدّشتيّ ، وغيرهم.

وولد في ربيع الأوّل سنة ثمانين وأربعمائة ، وهو آخر من روى عن هؤلاء الثّلاثة فيما أعلم.

روى عنه : أبو سعد بن السّمعانيّ ، وابن عبد الرحيم ، ومحمد بن ناصر بن سلمان الأنصاريّ ، وجماعة.

٣١٢ ـ عليّ بن حمزة بن إسماعيل بن حمزة بن حمزة بن محمد بن السّيّد (١).

أبو الحسن العلويّ الموسويّ ، الهرويّ.

قال ابن السّمعانيّ : كان سيّدا ، عالما ، زاهدا ، عفيفا ، مواظبا على الجماعات. سمع الكثير بهراة من أبي عبد الله محمد بن عليّ العميّريّ ، ونجيب بن ميمون ، ومحمود بن القاسم الأزديّ ، والحافظ عبد الله بن يوسف الجرجانيّ ، وصاعد بن سيّار الكنانيّ ، وجماعة وخرّج له أبو النّصر عبد الرحمن الفاميّ جزءا ضخما عن شيوخه.

وحدّث بمرو ، وهراة ، وحدّث بكتاب «العوالي» لابن عديّ ، وهو مجلّد.

وولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة.

قلت : وقد ذكره في كتاب «ذيل تاريخ الخطيب» ، فقال : علويّ ، حسن السّيرة ، مرضيّ ، جميل الظّاهر والباطن ، كثير العبادة والخير ، يتفقّد الفقراء ويراعيهم ، محترم عند أهل بلده.

__________________

(١) انظر عن (علي بن حمزة) في : التحبير ١ / ٥٦٨ ، والعبر ٤ / ١٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٤ ، ٣٩٥ رقم ٢٦٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٧.

٢٨٦

قلت : روى عنه هو وابنه وعبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأنصاريّ ، وحفيده محمد بن إسماعيل الموسويّ ، وحفيده عليّ بن محمد الموسويّ ، ويحيى بن محمد بن عبد اللّطيف المروزيّ ، وأبو روح عبد المعزّ الهرويّ ، وآخرون.

وعاش إحدى (١) وتسعين سنة. وكان مسند هراة في عصره.

سمع «الجامع» لأبي عيسى ، من أبي عامر الأزديّ.

٣١٣ ـ عمر بن عليّ بن نصر (٢).

أبو المعالي الصّيرفيّ ، البغداديّ ، الخفّاف.

سمع : رزق الله التّميميّ ، وغيره.

روى عنه : القاضي الصّوفيّ القصّار ، وآخرون.

وآخر من روى عنه بالإجازة : كريمة بنت عبد الوهّاب.

توفّي في شهر ربيع الأوّل.

وآخر من روى عنه بالسّماع : إسماعيل بن باتكين.

 ـ حرف الميم ـ

٣١٤ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عمر (٣).

الأصبهانيّ ، المقدّر (٤) ، البنّاء ، أبو الخير الباغبان (٥).

__________________

(١) في الأصل : «أحد».

(٢) انظر عن (عمر بن علي) في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٧٩ (دون ترجمة) ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣ / ١٠١ رقم ٩٤٣ ، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مخطوطة باريس ٢١٢١) ورقة ١١٥ أ.

(٣) انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد) في : التحبير ٢ / ٧٧ رقم ٧٨ ، والأنساب ٢ / ٤٤ ، والتقييد لابن نقطة ٥٦ رقم ٣٤ ، والعبر ٤ / ١٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٧٨ ، ٣٧٩ رقم ٢٥٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٧ رقم ١٧٩٩ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٠ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٤ ، والوافي بالوفيات ٢ / ١١١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٧.

(٤) المقدّر : يقال هذا لمن يعلم الفرائض والمقدّرات والحساب. (اللباب ٣ / ٢٤٦).

(٥) الباغبان : حافظ الباغ وهو البستان.

٢٨٧

شيخ مسند ، عالي الإسناد ، مشهور.

سمع : أبا عمرو بن مندة ، وأبا عيسى بن زياد ، والمطهّر البزّانيّ ، وأبا بكر بن ماجة ، وحكيم بن محمد الأسفرائينيّ ، حدّث عنه (بمسند الشّافعيّ) ، بسماعه من جدّه لأمّه عليّ بن محمد السّقّاء.

روى عنه : ابن السّمعانيّ ، وجامع بن خمارتاش ، وصالح بن أحمد ، ومحمد بن أحمد بن أبي الفتح النّجّار ، ومحمد بن مكّيّ الحنبليّ ، وأحمد بن صالح بن أحمد الهرويّ ، وداود بن معمر ، وأحمد بن عبيد الله المستملي الخانيّ ، وعبد البرّ بن أبي العلاء ، ومحمود بن أحمد المعلّم ، ومعمر بن محمد بن مبشّر ، وأبو الوفاء محمود بن مندة الأصبهانيّون.

وآخر من روى عنه بالإجازة : كريمة ثمّ عجيبة الباقداريّة.

قال أبو مسعود الحاجّيّ : توفّي في ثاني عشر شوّال.

وقال ابن نقطة (١) : كان ثقة ، صحيح السّماع ، حدّث بحضرة أبي العلاء الحافظ ، وسمع منه «مسند الشّافعي» أشياخنا أبو مسلم أحمد بن شيرويه ، وعليّ ومحمد ابنا عبد الرشيد بن نبهان ، وعبد السّلام بن شعيب الوطيسيّ ، وغيرهم بهمذان.

٣١٥ ـ محمد بن أحمد بن عامر (٢).

أبو عامر البلويّ الطّرطوشيّ ، السّالميّ. من مدينة سالم ، سكن مرسيّة.

وكان عالما ، أديبا ، مؤرّخا ، لغويا ، صنّف في اللّغة كتابا مفيدا.

وله كتاب في الطّبّ سمّاه : «الشّفا». وكتاب في التّشبيهات.

قال الأبّار : روى عنه : عبد المنعم بن الفرس ، وأبو القاسم بن البراق.

__________________

(١) في التقييد ٥٦.

(٢) انظر عن (محمد بن أحمد بن عامر) في : بغية الملتمس للضبّي ٤٣ ، وتكملة الصلة لابن الأبّار ٢١٣ ، والوافي بالوفيات ٢ / ١١١ ، ١١٢ ، وبغية الوعاة ١ / ١٢ ، وكشف الظنون ١٠٥٥ ، ١٤٠٤ ، ومعجم المؤلفين ٨ / ٢٧٢.

٢٨٨

٣١٦ ـ محمد بن أحمد بن عليّ بن محمود (١).

أبو الفتوح الزّوزنيّ ، الصّوفيّ ، ابن أبي سعد أحمد بن محمد.

ولد سنة ثلاث وسبعين ، وحدّث.

وتوفّي في الخامس والعشرين من جمادى الآخرة (٢).

٣١٧ ـ محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عليّ بن إبراهيم بن عبد الله بن يعقوب (٣).

الحافظ ، العلّامة ، أبو عبد الله البنجديهيّ (٤) ، الزّاغوليّ (٥) ، الأ [رزيّ] (٦).

وزاغول من عمل بنجديه ، وقيل من عمل مروالرّوذ ، بها قبر المهلّب بن أبي صفرة الأمير.

ذكره أبو سعد بن السّمعانيّ فقال : ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في : الأنساب ٦ / ٣٢٢ ، ٣٢٣.

(٢) قال ابن السمعاني : كتبت عنه ، وكان سماعه عن الشيوخ بقراءة والدي رحمه‌الله.

(٣) انظر عن (محمد بن الحسين الزاغولي) في : الأنساب ٦ / ٢٢١ ، واللباب ٢ / ٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٩٢ ، ٤٩٣ رقم ٣١١ ، والوافي بالوفيات ٢ / ٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٩٢ ، ٤٩٣ رقم ٣١١ ، والوافي بالوفيات ٢ / ٣٧٣ ، وطبقات الشافعية الكبرى ٦ / ٩٩ ، ١٠٠ ، وطبقات الشافعية الوسطى للسبكي (مخطوط) ورقة ٧٤ أ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ١١٥ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٣٢٩ ، ٣٣٠ رقم ٢٩٦ ، وكشف الظنون ١٣٦٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٧ ، ١٨٨ ، وهدية العارفين ٢ / ٩٤ ، والأعلام ٦ / ٣٣٣.

(٤) البنجديهي : بسكون النون. نسبة إلى بنج ديه : معناه بالفارسية الخمس قرى ، وهي كذلك خمس قرى متقاربة من نواحي مروالروذ ثم من نواحي خراسان ، عمّرت حتى اتصلت العمارة بالخمس قرى وصارت كالمحالّ بعد أن كانت كل واحدة مفردة. وقد تعرّب فيقال لها : فنج ديه ، وينسبون إليها : فنجديهي. (معجم البلدان ١ / ٤٩٨).

(٥) الزاغولي : بفتح الزاي بعدها الألف والغين المعجمة المضمومة بعدها الواو وفي آخرها اللام ، هذه النسبة إلى قرية من قرى بنج ديه من مروالروذ ، مدينة بخراسان. (الأنساب ٦ / ٢٢١).

(٦) في الأصل بياض ، والمستدرك من مصادر الترجمة.

و «الأرزّي» : بفتح الألف وبضم الراء وكسر الزاي وتشديدها. وبعضهم يقول : الرزّي.

٢٨٩

ببنجديه ، وسكن مرو ، وتفقّه على والدي وعلى : الموفّق بن عبد الكريم الهرويّ.

وسمع : أبا الفتح نصر بن أحمد بن إبراهيم الحنفيّ ، وعيسى بن شعيب السّجزيّ ، ومحيي السّنّة أبا محمد البغويّ.

وكان فقيها صالحا ، حسن السّيرة ، خشن العيش ، تاركا للتكلّف ، قانعا باليسير ، عارفا بالحديث وطرقه ، اشتغل بطلبه وجمعه طول عمره ، وجمع كتابا مطوّلا أكثر من أربعمائة مجلّدة ، مشتملة على التّفسير ، والحديث ، والفقه ، واللّغة ، سمّاه «قيد (١) الأوابد».

وسمع جماعة كثيرة. وسمعت بإفادته. ووفاته بقرية بوس كارنجان (٢) في ثاني عشر جمادى الآخرة.

قلت : روى عنه هو وابنه عبد الرحيم بن أبي سعد.

٣١٨ ـ محمد بن طاهر بن عبد الله أخي نظام الملك الحسين ابني عليّ بن إسحاق بن العبّاس.

الرئيس أبو بكر الطّوسيّ ، الزّادكانيّ.

حمله أبوه أيّام عمّه النّظام إلى أصبهان ، وسمّعه من الكبار.

وكان مولده في سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

حدّث عن : أبي بكر بن ماجة الأبهريّ ، وأبي منصور محمد بن شكرويه ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ ، وأبي الحسن عليّ بن أحمد المؤدّب.

قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ : سمعت منه «جزء لوين».

وتوفّي في بسردة من سواد نيسابور ، في أحد الربيعين أو الجمادين.

وبخطّ الضّياء : مات سنة سبع كما مرّ.

__________________

(١) تقرأ في الأصل : «مبيد».

(٢) لم أجدها.

٢٩٠

٣١٩ ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأشعر (١).

الأمويّ ، الدّاني ، المقرئ ، نزيل سبتة.

أخذ القراءات عن : أبي الحسن بن أبي الحسن بن شفيع ، وأبي محمد بن إدريس.

قال الأبّار (٢) : أقرأ القرآن ، وكان عالي الرواية ، فاضلا ، مجاب الدّعوة.

أخذ عنه أبو الصّبر أيّوب بن عبد الله ، وقال : توفّي رحمه‌الله في جمادى الآخرة.

٣٢٠ ـ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله (٣).

أبو الفتح الحمدويّ (٤) ، المروزيّ ، البنجديهيّ ، الفقيه.

سمع «جامع» التّرمذيّ من أبي سعيد الدّبّاس.

وقد سمعه منه السّمعانيّ.

وسمع من : هبة الله الشّيرازيّ ، والمظفّر بن منصور البرازيّ.

ولد سنة بضع وستّين.

ومات بمرو في جمادى الآخرة في تاسعه سنة تسع (٥).

قاله أبو سعد.

٣٢١ ـ محمد بن عليّ بن أبي منصور (٦).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن) في : تكملة الصلة لابن الأبّار ٢ / ٤٩٤ ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي ٦ / ٢٨٤ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٤٨ رقم ٤٩٥ ، وغاية النهاية ٢ / ١٨٠.

(٢) في التكملة.

(٣) انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في : الأنساب ٤ / ٢١٦ ، ٢١٧.

(٤) الحمدوييّ : بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وضم الدال المهملة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى حمدويه ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.

(٥) وكانت ولادته بعد سنة ٤٧٠ بمرست إحدى القرى الخمس.

(٦) انظر عن (محمد بن علي بن أبي منصور) في : المنتظم ١٠ / ٢٠٩ ، رقم ٣٠١ (١٨ / ١٦١ رقم ـ

٢٩١

الصّاحب جمال الدّين أبو جعفر الأصبهانيّ ، الملقّب بالجواد.

وزير صاحب الموصل أتابك زنكي بن آقسنقر.

استعمله زنكيّ على ولاية نصيبين والرّحبة ، وجعله مشرف مملكته ، واعتمد عليه. وكان نبيلا رئيسا ، دمث الأخلاق ، حسن المحاضرة ، محبوب الصّورة ، سمحا ، كريما.

ومدحه محمد بن نصر القيسرانيّ بقصيدته الّتي أوّلها :

سقى الله بالزّوراء من جانب الغربي

مها وردت ماء (١) الحياة من القلب

قال القاضي ابن خلّكان (٢) : وكان يحمل في السّنة إلى الحرمين أموالا وكسوة تقوم بالفقراء سنتهم كلّها. وتنوّع في أفعال الخير ، حتّى جاء في زمنه غلاء عظيم ، فواسى النّاس حتّى لم يبق له شيء وباع بقياره ، وعرف بالجواد. وأجرى الماء إلى عرفات أيّام الموسم ، وبنى سور مدينة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وبالغ في أنواع البرّ والقرب (٣) ، ولمّا قتل أتابك زنكيّ على قلعة جعبر رتّبه سيف الدّين غازي ابن زنكيّ وزيره إلى أن مات. ثمّ وزر بعده لقطب الدّين مودود وأخيه.

ثمّ إنّه استكثر إقطاعه ، وثقل عليه ، فقبض عليه سنة ثمان وخمسين.

ومات محبوسا مضيّقا عليه في سنة تسع. وكان يوم جنازته يوما مشهودا من

__________________

= ٤٢٥٢ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٣٠٦ ـ ٣١٠ ، والتاريخ الباهر ٢٢٧ ـ ١٣٠ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ١٩٣ ـ ١٩٥ ، وتاريخ إربل ١ / ٦١ والروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٤٨ ـ ٣٥٦ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٤٨ ـ ٢٥١ ، ووفيات الأعيان ٥ / ١٤٣ ـ ١٤٧ والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤١ ، ٤٢ ، والعبر ٤ / ١٦٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٤٩ ، ٣٥٠ رقم ٢٣٦ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠٥ ، والوافي بالوفيات ٤ / ١٥٩ ـ ١٦١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، والعقد الثمين ٢ / ٢١٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٥ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٥.

(١) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٤ : «وردت عين الحياة».

(٢) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٤ ، ١٤٥.

(٣) قال ابن الجوزي : إلا أن تلك الأموال ، فيما يذكر ، أكثرها من المكوس.

٢٩٢

ضجيج الضّعفاء والأيتام حول جنازته. ودفن بالموصل ، ونقل بعد سنة إلى مكّة في تابوت ، فوقفوا به وطافوا بتابوته ، ثمّ ردّوه فدفنوه بالمدينة النّبويّة.

قلت : خالفوا السّنّة بما فعلوا.

ولمّا دخل تابوته الكوفة ذكره الخطيب (١) وأثنى عليه وقال :

سرى نعشه فوق الرّقاب وطالما

سرى برّه (٢) فوق الركاب ونائله

فتى مرّ بالوادي فانثنت رماله (٣)

عليه وبالنّادي فحنّت (٤) أرامله (٥)

فضجّ النّاس بالبكاء ، وكانت ساعة عجيبة.

قال ابن خلّكان (٦) : وكان ابنه جلال الدّين عليّ من بلغاء الأدباء ، له ديوان رسائل أجاد فيه. وكان الصّدر مجد الدّين أبو السّعادات المبارك بن الأثير في صباه كاتبا بين يديه ، فكان يملي عليه الإنشاء. وتوفّي سنة أربع وسبعين. وقد ولّي وزارة الموصل ، ومات بدنيسر (٧) ، ودفن عند أبيه.

وقد حكى ابن الأثير (٨) في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فالله يرحمه (٩).

__________________

(١) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦ : الشخص الّذي كان مرتبا معه.

(٢) في الوفيات : سرى جوده.

(٣) في الكامل ، والوفيات : «يمرّ على الوادي فتثني رماله».

(٤) في الوفيات : «فتبكي» ، وفي الكامل «فتثني».

(٥) الكامل في التاريخ ١١ / ٣٠٧ ، التاريخ الباهر ١ / ١٢٧ ، وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٥٠ ، الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٤٩.

(٦) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦.

(٧) دنيسر : بضم الدال المهملة وفتح النون وسكون الياء المثنّاة من تحتها وفتح السين المهملة ، وهي لفظ مركّب عجمي ، وأصله دنيا سر. ومعناه : رأس الدنيا. وعادة العجم في الأسماء المضافة أن يؤخّروا المضاف عن المضاف إليه. وسر بالعجمي : رأس.

(٨) في الكامل ١١ / ٣٠٧ ـ ٣١٠.

(٩) وقال سبط ابن الجوزي : وكان فصيحا ، أديبا لبيبا ، عارفا وشاعرا ، ولما حبس قال :

أين اليمين وأين ما عاهدتني

ما كان أسرع في الهوى ما خنتني

وتركتني حيران حيّا مدنفا

أرعى النجوم وأنت ترقد هني=

٢٩٣

٣٢٢ ـ محمد بن مهديّ بن الحسين بن عمر.

أبو الحسين الطّبريّ الصّوفيّ ، نزيل بغداد. وبها نشأ.

ومولده سنة ستّ وثمانين وأربعمائة.

وأسمعه أبوه من محمد بن عبد السّلام الأنصاريّ ، وثابت بن بندار.

٣٢٣ ـ محمد بن أبي زيد بن جمكا.

الأصبهانيّ.

الرجل الصّالح ، والد حفصة.

توفّي في نصف شوّال بأصبهان.

 ـ حرف النون ـ

٣٢٤ ـ نصر بن خلف (١).

السّلطان أبو الفضل ، صاحب سجستان.

قال ابن الأثير (٢) : عمّر مائة سنة ، وتملّك ثمانين سنة.

قلت : لا أعلم في الإسلام بقي ملكا هذه المدّة سوى هذا ، وبعده تملّك ابنه شمس الدّين أبو الفتح أحمد بن نصر.

قال : وكان أبو الفضل ملكا عاقلا ، عفيفا عن رعيّته ، وله آثار حسنة في نصرة السّلطان سنجر في غير موقف.

توفّي رحمه‌الله في سنة تسع هذه.

__________________

= فلأرفعنّ إلى إلهي قصّتي

بلسان مظلوم وأنت ظلمتني

ولأدعونّ عليك في غسق الدّجى

فعساك تبلى بالذي أبليتني

(مرآة الزمان ٨ / ٢٥١).

وقد طوّل أبو شامة ترجمته في كتاب الروضتين.

(١) انظر عن (نصر بن خلف) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٣١٣ ، والعبر ٤ / ١٦٩ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٤٢ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٨.

(٢) في الكامل.

٢٩٤

 ـ حرف الياء ـ

٣٢٥ ـ يحيى بن عليّ بن خطّاب.

أبو شجاع البغداديّ ، المقرئ. وليس هذا بالخيميّ. ذاك يأتي سنة أربع وستّين.

وهذا ورّخه ابن مشّق في شعبان.

٢٩٥

سنة ستين وخمسمائة

 ـ حرف الألف ـ

٣٢٦ ـ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام (١).

أبو العبّاس بن الخطيئة (٢) اللّخميّ ، الفاسيّ ، المقرئ ، النّاسخ ، الشّيخ.

إمام صالح كبير القلب ، مقرئ بارع مجوّد ، من أعلام المقرءين. نسخ الكثير بالأجرة. وكان مليح الخطّ ، جيّد الضّبط.

ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بمدينة فاس ، وحجّ ودخل الشّام ولقي الكبار. ثمّ استوطن مصر بجامع راشدة خارج الفسطاط.

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن عبد الله الحطيئة) في : إنباه الرواة ١ / ٣٩ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٧٠ ، ١٧١ ، والعبر ٤ / ١٦٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٤٤ ـ ٣٤٨ رقم ٢٣٤ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥٢٦ ، ٥٢٧ ، رقم ٤٧٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٨ رقم ١٨٠٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٠ ، وتلخيص ابن مكتوم ١١ ، والوافي بالوفيات ٧ / ١٢١ ، وغاية النهاية ١ / ٧١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٧٠ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٥٣ ، و ٤٩٥ ، وسلّم الوصول ٨٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٨.

(٢) الحطيئة : بضم الحاء المهملة وفتح الطاء المهملة وسكون الياء المثنّاة التحتية وبعد الهمزة هاء. (وفيات الأعيان ١ / ١٧١).

وقد ورد في الأصل : «الخطية» بالخاء المعجمة ، ويرد في بعض المصادر «الحطيّة» بياء مشدّدة. (شذرات الذهب).

وفي العبر ٤ / ١٦٩ «الحطئة». وقال محقّقه الدكتور صلاح الدين المنجد في الحاشية : «وفي النجوم» «الحطيئة» خطأ». بل هو الصواب.

٢٩٦

وكان لأهل مصر فيه اعتقاد كبير لا مزيد عليه.

قرأت بخطّ أبي الطّاهر بن الأنماطيّ : سمعت شيخنا أبا الحسن شجاعا المدلجيّ ، وكان من خيار عباد الله يقول : كان شيخنا ابن الحطيئة شديدا في دين الله ، فظّا غليظا على أعداء الله. لقد كان يحضر مجلسه داعي الدّعاة مع عظم سلطنته ونفوذ أمره ، فلا يحتشمه ولا يكرمه ، ويقول : أحمق النّاس في مسألة كذا الرّوافض ، خالفوا الكتاب والسّنّة وكفروا بالله.

وكنت عنده يوما في مسجده بشرف مصر ، وقد حضر بعض وزراء المصريّين ، أظنّ ابن عبّاس ، فاستسقى في مجلسه ، فأتاه بعض غلمانه بإناء فضّة ، فلمّا رآه ابن الحطيئة وضع يده على فؤاده ، وصرخ صرخة ملأت المسجد وقال : وا حرّاها على كبدي ، أتشرب في مجلس يقرأ فيه حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في آنية الفضّة؟ لا والله لا تفعل ، وطرد الغلام ، فخرج ، ثمّ طلب كوزا ، فجاء بكوز قد تثلّم فشرب ، واستحيا من الشّيخ ، فرأيته والله كما قال الله تعالى : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) (١).

أتى رجل إلى شيخنا ابن الحطيئة بمئزر ، وحلف بالطّلاق ثلاثا لا بدّ أن يقتله. فوبّخه على ذلك وقال : علّقه على ذاك الوتد. قال لنا شجاع وغيره :

فلم يزل على الوتد حتّى أكله العتّ وتساقط.

وكان ينسخ بالأجرة ، ولا يقبل لأحد قطّ هديّة. وكان له على الجزية في الشهر ثلاثة دنانير. ولقد عرض عليه غير واحد من الأمراء أن يزيد جامكيّته فما قبل.

وكان له من الموقع في قلوبهم ، مع كثرة ما يهينهم ما لم يكن لأحد سواه ، وعرضوا عليه القضاء بمصر فقال : لا والله لا أقضي لهم.

قال شيخنا شجاع : وكتب «صحيح مسلم» كلّه بقلم واحد.

__________________

(١) سورة إبراهيم ، الآية : ١٧.

٢٩٧

وسمعته يقول وقال له إنسان : فلان رزق نعمة ومعدة ، فقال : حسدتموه على التّردّد إلى الخلاء.

وسمعته يقول : إذا ذكر عمر بن الخطّاب : طويت سعادة المسلمين في أكفان عمر رضي‌الله‌عنه.

قلت : وقرأ بالرّوايات على أبي القاسم بن الفحّام بالإسكندريّة ، وعلّم زوجته وابنته الكتابة ، فكانا يكتبان مثل خطّه سواء. فإذا شرعوا في نسخ كتاب أخذ كلّ واحد منهم جزءا من الكتاب ونسخوه ، فلا يفرّق بين خطوطهم إلّا الحاذق.

ووقع بمصر الغلاء ، فأتاه جماعة وسألوه قبول شيء فامتنع ، فخطب الفضل بن يحيى الطّويل ابنته وتزوّجها. ثمّ سأل أباها أن تكون أمّها عندها لتؤنسها ، ففعل. فما أحسن ما تلطّف هذا الرجل في برّ أبي العبّاس. وبقي أبو العبّاس وحده ينسخ ويقتنع.

قرأ عليه جماعة منهم : شجاع بن محمد بن سيدهم المدلجيّ ، وأبو الطّاهر محمد بن محمد بن بنان الأنباريّ ثمّ المصريّ وجماعة سواهم.

وحدّث عنه السّلفيّ ، وهو أكبر منه ، وقال : توفّي في آخر المحرّم بمصر ، قال : وكان رأسا في القراءات. سمع الحديث من أبي عبد الله الحضرميّ ، وأبي الحسن بن مشرّف. وسمعته يقول : ولدت بفاس ، ودخلت الشّام.

قلت : وروى عنه صنيعة الملك هبة الله بن يحيى بن حيدورة ، والأمير إسماعيل بن أحمد اللّمطيّ (١) ، والنّفيس أسعد بن قادوس. وهو آخر من حدّث عنه. وقبره يزار بالقرافة الصّغرى. وطلب لقضاء مصر فأبى.

__________________

(١) اللّمطيّ : بفتح اللام ثم سكون الميم ، وطاء مهملة. نسبة إلى لمطة : أرض لقبيلة من البربر بأقصى المغرب من البرّ الأعظم يقال للأرض وللقبيلة معا لمطة. (معجم البلدان ٥ / ٢٣).

٢٩٨

قرأت بخطّ ابن الأنماطيّ الحافظ : حكى لنا أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم قال : كان الشّيخ أبو العبّاس قد أخذ نفسه بتقليل الأكل ، بحيث بلغ في ذلك إلى الغاية. وكان يعجب ممّن يأكل ثلاثين لقمة ويقول : لو أكل النّاس من الضارّ ما أكل من النّافع ما اعتلّوا.

وحكى لي شجاع أنّ أبا العبّاس ولدت له ابنته هند وكبرت ، وقرأت عليه بالسّبع ، وقرأت عليه الصّحيحين ، وغير ذلك. وكتبت الكثير ، وتعلّمت عليه كثيرا من علوم القرآن ، والحديث ، وغير ذلك. ولم ينظر إليها قطّ. فسألت شجاعا أكان ذلك عن قصد؟ فقال : كان في أوّل العمر اتّفاقا ، لأنّه كان يشتغل بالإقراء إلى المغرب ، ثمّ يدخل إلى بيته وهي في مهدها ، وتمادى الحال إلى أن كبرت فصارت عادة. وزوّجها ودخلت بيتها والأمر على ذلك ، ولم ينظر إليها قطّ إلى أن توفّي رحمه‌الله تعالى (١).

٣٢٧ ـ أحمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان.

الحمّاميّ ، البخاريّ ، أبو العبّاس ، الأديب ، من مشيخة أبي سعد السّمعانيّ.

قال : كان فقيها ، زاهدا ، عارفا باللّغة ، كثير الاجتهاد والتّعبّد.

سمع : عبد الواحد بن عبد الرحمن الزّبيريّ ، والقاضي محمد بن الحسن النّسفيّ ، وجماعة.

مولده سنة تسع وثمانين.

ومات في ربيع الأوّل سنة ستّين. وكان إمام النّاس في الجمعة.

__________________

(١) وقال الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في (معرفة القراء) : وبلغنا أن الناس بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة ، ثم وقع اختيار الدولة على أبي العباس ابن الحطيئة ، فاشترط عليهم أن لا يقضي بمذهبهم ، فلم يمكنوه من ذلك إلّا أن يحكم على مذهب الشيعة وولّوا غيره.

٢٩٩

٣٢٨ ـ إبراهيم بن محمد.

أبو إسحاق الموصليّ ، الحنبليّ ، الفقيه.

نزل دمشق ، ودرّس بالصّادريّة ، وناب في الحكم للقاضي الزّكيّ.

وتوفّي في هذه السّنة.

٣٢٩ ـ [أمير ميران] (١) بن أتابك بن زنكي بن آق سنقر.

التّركيّ ، أخو السّلطان نور الدّين.

كان شجاعا مقداما.

[مرض] (٢) صاحب الشّام نور الدّين أخوه ، فكاتب هو الأمراء ليملّكوه ، فلمّا عوفي نور الدّين سار إليه ، وأخذ منه حرّان بعد الخمسين وطرده ، فمضى إلى صاحب الروم ، وجيّش الجيوش في العام الماضي. وكان نور الدّين نازلا على رأس الماء ، فالتقوا ، فكسره نور الدّين. وقتل في الوقعة جماعة منهم ابن الدّاية الأمير ، وردّ أمير ميران إلى صاحب حصن كيفا.

ثمّ اصطلح هو وأخوه. وأصابه سهم في عينه على بانياس فقتله. مات منه بدمشق.

 ـ حرف الحاء ـ

٣٣٠ ـ حسّان بن تميم بن نصر (٣).

أبو النّدى الزّيّات.

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : ذيل تاريخ دمشق ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٥٢ ، والعبر ٤ / ١٦٩ ، والوافي بالوفيات ٩ / ٣٨٤ ، ٣٨٥ رقم ٤٣١١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٧ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٨.

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من : مرآة الزمان.

(٣) انظر عن (حسّان بن تميم) في : تاريخ دمشق ، ومختصره ٦ / ٢٨٩ رقم ١٦٧ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٥٣ ، وزبدة التواريخ للحسيني ٢٢٢ ، والعبر ٤ / ١٧٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٣٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٨ رقم ١٨٠١ وفيهما : «حسّان بن إبراهيم» ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٧ رقم ٢٧١ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٧٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٨ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٤ / ١٢٧.

٣٠٠