تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وآخر من روى عنه : إسحاق بن طرخان الشّاغوريّ.

وآخر من روى عنه «الموطّأ» من رواية يحيى بن بكير : مكرم بن أبي الصّقر.

وقد طلب بنفسه وكتب الحديث بخطّه.

 ـ حرف الخاء ـ

٢٣٩ ـ خلف بن محمد بن خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون (١).

أبو القاسم الأندلسيّ ، الأوريوليّ.

سمع : أباه أبا بكر.

وتفقّه بأبي عليّ بن سكّرة ، وسمع منه.

وأجاز له جدّه أبو القاسم خلف المذكور في سنة خمس وخمسمائة.

وقرأ على أبي بكر بن عمّار.

وكتب إليه أبو عبد الله الخولانيّ ، وغيره.

وولّي قضاء مرسية ، ثمّ قضاء أوريولة.

قال أبو عبد الله الأبّار : كان من قضاة العدل ، صارما ، مهيبا.

توفّي في جمادى الأولى وله اثنتان وستّون سنة ، وثكله أهل بلده ، وبكوه دهرا.

 ـ حرف الزاي ـ

٢٤٠ ـ [زمرّد] (٢) بنت الأمير جاولي بن عبد الله (٣).

__________________

(١) انظر عن (خلف بن محمد) في : تكملة الصلة لابن الأبّار.

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من المصادر.

(٣) انظر عن (زمرّد) في : تاريخ دمشق (مخطوط) ٤٨ / ٢٣٨ ، (والمطبوع) تراجم النساء ١١٢ رقم ٢٩ ، وبغية الطلب لابن العديم (قسم تراجم السلاجقة) ٢٢٢ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٤١ ، ٢٤٢ ، والعبر ٤ / ١٦٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٣ ، والوافي بالوفيات ١٤ / ٢١٣ ، ٢١٤ رقم ٢٩٦ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، ومختصر تنبيه الطالب ٨٦ ، وشذرات الذهب =

٢٢١

الخاتون الجهة ، صفوة الملك ، أخت الملك دقاق لأمّه ، وزوجة الملك بوري تاج الملوك ، وأمّ الملك إسماعيل شمس الملوك ، ومحمود.

سمعت من : أبي الحسين بن قبيس المالكيّ ، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ الفقيه ، واستنسخت الكتب ، وقرأت القرآن على : أبي محمد هبة الله بن طاوس ، والقرطبيّ.

وبنت المسجد الكبير الّذي في [صنعاء] (١) دمشق ووقفته مدرسة على الحنفيّة ، وهي من كبار مدارسهم وأجودها معلوما.

وكانت كبيرة القدر ، وافرة الحرمة ، ولمّا خافت من ابنها شمس الملوك دبّرت الحيلة في قتله حتّى قتل في حضرتها. وأقامت في الملك أخاه شهاب الدّين محمود.

ثمّ تزوّجها الأتابك قسيم الدّولة زنكيّ والد السّلطان نور الدّين وسارت إليه إلى حلب سنة اثنتين وثلاثين. فلمّا مات عادت إلى دمشق. ثمّ حجّت على درب بغداد ، وجاورت إلى أن ماتت بالمدينة ، ودفنت بالبقيع.

قاله أبو القاسم بن عساكر (٢) بمعناه.

* * *

وأمّا خاتون بنت معين الدّين أنر فتأخّرت ولها مدرسة بدمشق وخانكاه غربيّ البلد.

__________________

= ٤ / ١٧٨ ، وأعلام النساء ٢ / ٣٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ٢ ج ٥ / ١٧٧ ، ١٧٨ رقم ١٥٤٥.

(١) في الأصل بياض. والمستدرك من مرآة الزمان ٨ / ٢٤٢.

(٢) في تاريخ دمشق.

٢٢٢

 ـ حرف السين ـ

٢٤١ ـ سعد [الله] (١) بن محمد بن عليّ بن أحمد بن حمدي.

أبو البركات ، أخو الحسين.

بغداديّ ، صالح ، خيّر ، يتّجر في البرّ عند باب النّوبيّ.

سمع : نصر بن البطر ، والحسين بن أحمد النّعاليّ ، وأبا بكر الطّريثيثيّ.

روى عنه : أبو سعد السّمعانيّ ، وقال : توفّي في رابع شعبان.

وروى عنه : أبو الفرج بن الجوزيّ (٢) ، وابن سكينة المقري ، وجماعة.

ومات ابنه إسماعيل سنة أربع عشرة ، وسيأتي.

٢٤٢ ـ سهل بن محمد بن سهل (٣).

الكمّونيّ (٤) ، أبو القاسم السّرخسيّ ، ثمّ المروزيّ.

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من : المنتظم ١٠ / ٢٠٤ رقم ٢٩٤ (١٨ / ١٥٣ ، ١٥٤ رقم ٤٢٤٥) ، ومن ترجمة ابنه التي ستأتي في وفيات سنة ٦١٤ ه‍.

(٢) وهو قال : سمع أبا الخطاب الكلوذاني ، وأبا عبد الله بن طلحة ، وأبا بكر الشاشي ، وكان خيّرا. وسمعت عليه كتاب «السّنّة» للّالكائي ، عن الطريثيثي ، عنه.

(٣) انظر عن (سهل بن محمد) في : الاستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب : الكمّوني والكنوني ، وتوضيح المشتبه ٧ / ٣٣٩.

(٤) جاء في (توضيح المشتبه) : «الكمّوني : بتشديد الميم : أبو القاسم بن محمد بن عبد الله الكمّوني السرخسي ، كان بعض أجداده يبيع الكمّون ، وكان فقيها شافعيا ، توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة.

وأبو القاسم سهل بن محمد بن سهل الكمّوني ، سمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدّقّاق بمصر ، شدّده ابن نقطة».

وقد علّق محقّق «التوضيح» السيد «محمد نعيم العرقسوسي» في الحاشية رقم (٥) بقوله :

«ولا أدري أهو الّذي قبله نفسه أم لا فأبو القاسم الأول اسمه سهل أيضا».

ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :

لقد اعتمد السيد «العرقسوسي» في أنّ أبا القاسم الأول اسمه «سهل» أيضا ، على كتاب «الأنساب» لابن السمعاني ١٠ / ٤٧١ ، ٤٧٢ الّذي جاء فيه في مادّة : «الكموني» (من غير تشديد الميم) : «بفتح الكاف وضم الميم وفي آخرها النون .. وأبو القاسم سهل بن محمد بن عبد الله الكموني السرخسيّ ، والظنّ أنه قيل له الكموني ، لأن بعض أجداده كان يبيع =

٢٢٣

شيخ صالح خيّر متواضع.

سمع : أبا نصر محمد بن محمد الماهانيّ ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق.

وتوفّي في رمضان وله سبعون سنة.

روى عنه : أبو المظفّر عبد الرحيم.

٢٤٣ ـ [سهل] (١) بن محمد بن محمد بن عليّ.

__________________

= الكمّون ، وهو من الحبوب. كان إماما فاضلا ، ورعا ، سديد السيرة ، تفقّه على أبي طاهر السنجي ، وتخرّج عليه. وجرى بينه وبين شريكه أبي الفضل التميمي وحشة ومنافرة ، فمدّ أبو الفضل يده إلى السكين وجذبه ، فأمسك أبو القاسم ، وقرأ عليه هذه الآية (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) (سورة المائدة ، الآية ٢٨). فسمع أستاذهما أبو طاهر بالقصّة ، فأخرج التميمي من البلد ونفاه. وسمع الحديث الكثير ، وحدّث باليسير روى لي عنه أبو سعد ناضر بن سهل البغدادي بنوقان. وخرج في محنة الإمام جدّي موافقة له ولسائر الأئمّة إلى طوس ، فمرض بميهنة ، وتوفي بها في سنة ثمان وستين وأربعمائة ، أظنّ في شهر رمضان ، وزرت قبره بها».

ويقول خادم العلم «عمر» :

كيف يكون الاثنان اللذان ذكرهما ابن ناصر الدين في «التوضيح» واحدا ، والأول قد توفي سنة ٤٦٨ ه‍. كما يؤكد ابن السمعاني ، وابن ناصر الدين نفسه ، بينما الثاني توفي سنة ٥٥٧ ه‍.

أي بعده بنحو تسعين عاما؟! وكيف لم يتنبّه السيد «العرقسوسي» إلى الفرق بين الاسمين؟ فالأول اسمه «سهل بن محمد بن عبد الله» ، والثاني : «سهل بن محمد بن سهل» رغم اتفاقهما بالكنية ، والنسبة ، والبلد. ولدينا أهمّ من هذا وذاك .. فإذا كان الأول أبو القاسم سهل بن محمد بن عبد الله توفي سنة ٤٦٨ ه‍. فكيف يكون سماعه من أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق بمصر المتوفى سنة ٥١٦ ه‍؟ أو من محمد بن محمد الماهاني المتوفى قريبا من الدقّاق؟

ثم إنّ الأول كان معاصرا لجدّ صاحب «الأنساب» ، وزار ابن السمعاني قبره كما يقول في كتابه ، بينما نجد الثاني ـ وهو صاحب الترجمة هنا ـ حيّا ، حيث يروي عنه أبو المظفّر عبد الرحيم ابن مصنّف «الأنساب». والّذي أخلص إليه هو أنّ ابن ناصر الدين قد أصاب عند ما جعلهما اثنين. وكان على السيد «العرقسوسي» أن يتحقّق من ذلك بالطريقة التي يتطلّبها «التحقيق» فعلا ، دون الاكتفاء بطرح التساؤلات التي لا تغني عن الحقيقة.

(١) في الأصل بياض.

٢٢٤

أبو محمد المروزيّ ، الخيّاط ، الزّاهد. من صلحاء مريدي الشّيخ يوسف الهمذانيّ.

قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ : كان صالحا ، خيّرا ، ورعا ، كثير العبادة ، متواضعا ، يأكل من الخياطة. حملني أبي إليه في سنة خمس وخمسين عائدا وزائرا ، وقرأ عليه حديثين وحكاية.

 ـ حرف الشين ـ

٢٤٤ ـ [شجاع] (١).

الفقيه الحنفيّ.

مدرّس مشهد أبي حنيفة ببغداد.

وتفقّه عليه جماعة. وتوفّي في ذي القعدة.

قاله أبو الفرج بن الجوزيّ (٢).

 ـ حرف الصاد ـ

٢٤٥ ـ صدقة بن الحسين بن أحمد بن محمد بن وزير (٣).

__________________

(١) في الأصل بياض. والمستدرك من المنتظم ١٠ / ٢٠٤ رقم ٢٩٥ (١٨ / ١٥٤ رقم ٤٢٤٦) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ١١٢ ، ١١٣ رقم ١٢٤ ، والجواهر المضية ٢ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ رقم ٦٤٠ ، وكتائب أعلام الأخيار ، رقم ٣٧٦ ، والطبقات السنية ، رقم ٩٦٦ ، والفوائد البهية ٨٣.

(٢) وهو قال : جيّد الكلام في النظر.

وقال ابن أبي الوفاء القرشي : شجاع بن الحسن بن الفضل البغدادي أبو الغنائم. أحد المبرّزين من الفقهاء ، مع دين اشتهر به .. تفقّه عليه ولده عبد الرحمن بن شجاع. كان عالما بالمذهب والخلاف ، متديّنا ، حسن الطريقة. روى شيئا من الأناشيد عن الشريف أبي طالب الزينبي ، والكيا عليّ بن محمد الهرّاسي. روى عنه أحمد بن طارق.

أنشد شجاع ما أنشده أبو طالب الزينبي وقد دخل عليه الموفق رسول ملك غزنة :

يا نازحا شطّ المزار به

شوقي إليك يزيد عن وصفي

أغفي لكي ألقاك في حلمي

ومن العجائب عاشق يغفي

وكان مولده سنة ٤٧٩ ه‍.

(٣) انظر عن (صدقة بن الحسين) في : المنتظم ١٠ / ٢٠٤ رقم ٢٩٦ (١٨ / ١٥٤ رقم ٤٢٤٧) ،

٢٢٥

أبو الحسين (١) الواسطيّ ، الواعظ.

قال ابن الدّبيثيّ (٢) : كان أبوه من تنّاء (٣) قرية خسرو (٤) ، بها ولد صدقة ، وأحبّ العلم ، وأقبل عليه.

وقرأ القراءات على : المبارك بن زريق الحدّاد ، وغيره.

وطلب الحديث فسمع في حدود الخمسين بالبصرة من إمامها إبراهيم بن عطيّة.

وبالكوفة من : أبي الحسن بن غبرة.

وببغداد من : أبي الوقت ، وأبي جعفر العبّاسيّ ، وأحمد بن قفرجل ، وجماعة.

وتكلّم في الوعظ ، وحصل له القبول ، وأخذ نفسه بالمجاهدة والرياضة وإدامة الصّوم والتّعبّد. وله أتباع من أهل الخير.

وسكن بغداد ، وأكثر من طلب الحديث ، وبنى له رباطا بقراح القاضي (٥) وسكن فيه جماعة ، فكان يخدمهم بنفسه ، ويأخذ نفسه بكثرة المجاهدة.

سمع منه : الشّيخ أحمد بن أبي الهيّاج الّذي خلفه بعد موته ، وأحمد بن مبشّر ، وعمر بن محمد المقري ، وجماعة.

أنا عمر بن محمد بن هارون ، نا صدقة ، أنا محمد بن حمزة بن أبي

__________________

= والكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٩ ، ومعجم الألقاب ٥ / رقم ٨٣ و ١ / ٤٧٠ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، وتاريخ إربل ١ / ١٣٨ ، ٣٩ و ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٣ (دون ترجمة) ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٢ / ١٠٦ ، ١٠٩ رقم ٧٢٧ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ١١٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٩١ ، ٢٩٢ رقم ٣٢٢.

(١) في الوافي : «أبو الحسن».

(٢) في المختصر المحتاج إليه ٢ / ١٠٧ ، ١٠٨.

(٣) تناء : مثل عمّال. مفردها التاني ، وهو رئيس القرية أو الضيعة.

(٤) هي قرية خسرو سابور ، والعامّة تقول : خسّابور. قرية معروفة قرب واسط بينهما خمسة فراسخ معروفة بجودة الرمّان.

(٥) قراح القاضي : محلّة من محالّ شرقيّ بغداد. (معجم البلدان).

٢٢٦

الصّقر بمكّة ، أنا ابن قبيس : أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، نا جدّي ، نا الخرائطيّ ، فذكر حديثا من مساوىء الأخلاق.

وقد روى [عن] (١) ابن أبي الصّقر : محمد بن عبد الهادي ، وعاش بعد صدقة مائة (٢) سنة وأشهرا (٣).

وقال ابن الجوزيّ في «المنتظم» (٤) : دخل صدقة بن وزير إلى بغداد ، ولازم التّقشّف زائدا في الحدّ ووعظ. وكان يصعد إلى المنبر وليس عليه فرش. وأخذ قلوب العوامّ بثلاثة أشياء ، أحدها التّقشّف الخارج ، والثّاني التّمشعر ، فإنّه كان يميل إلى مذهب الأشعريّ ، والثّالث الرّفض ، فإنّه كان

__________________

(١) إضافة من المختصر ٢ / ١٠٩.

(٢) في المختصر ٢ / ١٠٩ «ثمانين سنة».

(٣) وقال مكي بن الخطيب بخسرسابور : أنشدنا أبو الحسن (كذا) صدقة بن وزير الزاهد لنفسه من قصيدة طويلة في طريق مكة :

الحمد لله حمدا لا نفاد له

حتى الممات ويوم الحشر آمله

مهيمن جلّ عن شبه وعن صفة

بلا نظير ولا حدّ يشاكله

دعا الأنام إلى البيت الحرام فمن

هدي أجاب ولم يشغله شاغله

من كل برّ تقيّ مخلص ورع

صفت سرائره عفّت شمائله

ومن مخدّرة عفّت وزيّنها

طرف جريح بدمع فاض هاطله

كم فدفد قد قطعناه وكم حدب

أعيت ركائبنا منه جنادله

وفي منى بلغ الأحباب منيتهم

والحب محبوبه الأدنى مواصله

وفي آخرها :

يا خسرسابور لا نابتك نائبة

ولا عداك من الوسميّ هاطله

لا زلت في سعة ، لا زلت في دعة

لا باد ربعك واخضرّت منازله

وأنشد الشيخ صدقة لنفسه :

أخيّ لو لا اشتياقي لم أزرك فإن

تبعد فما دنوّي منك إرباح

أبدي الجميل تكافيني بمحزنة

كأنني طائر كافاه تمساح

(تاريخ إربل ١ / ٣٨٨ ، ٣٨٩).

(٤) ج ١٠ / ٢٠٤ (١٨ / ١٥٤).

٢٢٧

يقول (١) : سلّموه إلى أصحابي. فتمّ له ما أراد ، وبنى رباطا اجتمع فيه جماعة.

وتوفّي في ثامن ذي القعدة (٢).

 ـ حرف العين ـ

٢٤٦ ـ عبد الرحمن بن مروان بن سالم (٣).

أبو محمد التّنوخيّ ، المعرّيّ ، المعروف بابن المنجّم ، الواعظ. كان

__________________

(١) في المنتظم بعدها : «أنا لا آخذ».

(٢) زاد ابن الجوزي : وبنى يزدن في رباطه منارة ، وتعصّب لهم لأجل ما كان يميل إليه من التشيّع ، فصار رباطه مقصودا بالفتوح.

وقال أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العزّ الواسطي : سمعت الشيخ الإمام صدقة بن وزير الخسروسابوري على الكرسي في مجلس وعظه ببغداد ينشد ، وقد رفعت إليه رقعة فيها شكاية من يهوديّ يدعى ابن كمّونة متولّي دار الضرب بها ، والمستنجد بالله يسمع وعظه من حيث لا يرى. قال : ولا أعلم أهي له أم لغيره :

يا ابن الخلائف من قريش والّذي

طهرت مناسبه من الأدناس

ولّيت أمر المسلمين عدوّهم

ما هكذا كان بنو العباس

ما العذر إن قالوا غدا : هذا الّذي

ولّى اليهود على رقاب الناس

في موقف ما فيه إلّا خاضع

أو مهطع أو مقنع للرأس

أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم

نار وحاكمهم شديد الباس

إن كنت ماطلت الديون مع الغنى

فغدا تؤدّيها مع الإفلاس

أنشد : «مطلت» رباعيا فقدّم الألف ، ثم قال : يا ابن هاشم ، أذكر غدا يوم يكون الحاكم الله والشهود الجوارح ، وأخذ في وعظه ثم نزل ، فما أحسّ إلا وقطب الدين قد أوثق اليهودي كتافا. وأتى به إلى الشيخ صدقة وقال له : مر فيه بأمرك. فأمر به أن يعزل وتكفّ يده. فقال قطب الدين : أنفعل به زيادة على ما أمرت؟ فقال : أنتم أخبر. فأخذ جميع ماله ولم يبق له شيء. (تاريخ إربل ١ / ١٣٨ ، ١٣٩).

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن مروان) في : تاريخ دمشق ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٥ / ٣٦ رقم ٣٠ ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) ٢ / ٩٢ ـ ٩٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٣ (دون ترجمة) ، وفوات الوفيات ٢ / ٣٠٠ ، ٣٠١ ، والوافي بالوفيات ١٨ / ٢٦٦ ، ٢٦٧ رقم ٣٢٤ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٨ ، ١٧٩.

٢٢٨

أبوه ينجّم بدمشق ، وكان هو يمشي على الدّكاكين ينشد في الأسواق بصوت مطرب. خرج عن دمشق ورجع بعد مدّة ، فكان يعظ في الأعزية ، ثمّ وعظ على الكرسيّ ورزق القبول.

ثمّ سافر إلى العراق وتزهّد ، وظهر له بها سوق. ثمّ رجع إلى دمشق فوعظ ، وأقبلوا عليه.

قال ابن عساكر (١) : وكان يظهر لكلّ طائفة أنّه منهم حرصا على التّحصيل ، وطلع صبيّ يتوب فحمله وقال : هذا صغير ما أتى صغيرة فهل كبير ركب الكبائر. فضجّ النّاس وبكوا.

وحضرنا عزاء أمير المؤمنين المتّقي ، فقام ورثاه بأبيات ، فخلع عليه القاضي أبو الفضل ابن الشّهرزوريّ ثوبه ، وقال في ذلك اليوم : أبا المعرّي لا المعزّي.

وذكر أشياء أضحك منها الحاضرين.

وقال ابن النّجّار : قدم بغداد ، قبل الأربعين وخمسمائة وعليه مسح مثل السّيّاح ، وصار له ناموس عظيم ووعظ. ازدحموا عليه ، وجلس بدار السّلطان ، فحضر السّلطان مجلسه ، وصار له الجاه العظيم. ونفّذه الخليفة رسولا إلى الموصل. ومشى أمره.

وكان مستهترا بنكاح الأبكار وأكثر من ذلك ، حتّى قيلت فيه الأشعار في الأسواق ، وصار له جوار ومغنّين. وفرّ من بغداد هاربا من الغرماء ، وأقام بدمشق.

وله ديوان شعر رأيته في مجلّدة. وأنشدنا عنه ابن سكينة.

ومن شعره :

يا ساهرا عبراته ذرف

في الحدّ إلّا أنّها علق

__________________

(١) في تاريخ دمشق.

٢٢٩

أتقيم بعدها وقد رحلوا

ومطيّتاك الشّوق والقلق

وله :

أرى حبّ ذات الطّوق يزداد لوعة

إذا نخت أو ناح الحمام المطوّق

وقلبي على جمر الوداع مودّع

وإنسان عيني بالمدامع يطرق

٢٤٧ ـ عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان (١).

الإشبيليّ ، شيخ الأطبّاء. له مصنّفات في الطّبّ.

أخذ عن والده ، وتقدّم في الطّبّ ، وشاع ذكره ، ولحق بأبيه أبي العلاء ابن زهر في الصّناعة ، وأقبل الأطبّاء على حفظ مصنّفاته.

وكان فاضلا عند عبد المؤمن ، عالي القدر ، صنّف له «التّرياق السّبعينيّ» ونال من جهته دنيا عريضة. ومن أجلّ تلامذته أبو الحسين بن سدون المصدوم ، وأبو بكر بن الفقيه ابن قاضي إشبيلية ، والزّاهد أبو عمران بن أبي عمران.

ومات بإشبيليّة.

٢٤٨ ـ عديّ بن مسافر بن إسماعيل بن موسى (٢).

__________________

(١) انظر عن (عبد الملك بن زهر) في : عيون الأنباء ١ / ٦٦ ، ٦٧ ، وتكملة الصلة لابن الأبار ٢ / ٦١٦ ، والعبر ٤ / ١٩٣ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٩ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٢ ، وكشف الظنون ٥٢٠ ، وهدية العارفين ١ / ٦٢٦ ، ٦٢٧ ، والأعلام ٤ / ٣٠٣ ، ومعجم المؤلفين ٦ / ١٨٢.

(٢) انظر عن (عديّ بن مسافر) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٩٨ ، وتاريخ إربل ١ / ١١٤ ، ١١٥ رقم ٤١ ، وفيه «عديّ بن سافر» ، ووفيات الأعيان ٣ / ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، والحوادث الجامعة ٢٧١ ـ ٢٧٤ ، وبهجة الأسرار ١٠٠ ـ ١٠٥ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٤٠ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٤٢ ـ ٣٤٤ رقم ٢٣٣ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٧ رقم ١٧٩٦ والعبر ٤ / ١٦٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٩ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٠٠ ـ ١٠٣ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٩ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٣ ، وروضة المناظر ١٢ / ٦٨ ، والكواكب الدرّية ٢ / ٩٣ ، والنجوم

٢٣٠

الزّاهد الشّاميّ ، ثمّ الهكّاريّ (١) سكنا ، وذكره الحافظ عبد القادر فسمّاه عديّ بن صخر الشّاميّ ، وقال : ساح سنين كثيرة ، وصحب المشايخ ، وجاهد أنواعا من المجاهدات. ثمّ إنّه سكن بعض جبال الموصل في موضع ليس به أنيس ، ثمّ آنس الله تلك المواضع به ، وعمّرها ببركاته حتّى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السّبيل ، وارتدع جماعة من مفسدي الأكراد ببركته. وعمّره الله حتّى انتفع به خلق ، وانتشر ذكره (٢).

وكان معلّما للخير ، ناصحا ، متشرّعا ، شديدا في أمر الله ، لا تأخذه في الله لومة لائم.

عاش قريبا من ثمانين سنة (٣) ما بلغنا أنّه باع شيئا قطّ ، ولا اشترى ، ولا تلبّس بشيء من أمر الدّنيا.

كانت له غليلة يزرعها بالقدّوم في الجبل ويحصدها ، وصار يتقوّت منها. وكان يزرع القطن ويكتسي منه. ولا يأكل من مال أحد شيئا ، ولا يدخل منزل أحد. وكان يجيء إلى الموصل فلا يدخلها.

وكان له أوقات لا يرى فيها محافظة على أوراده. وقد طفت معه أيّاما في سواد الموصل ، فكان يصلّي معنا العشاء ، ثمّ لا نراه إلى الصّبح. ورأيته إذا أقبل إلى القرية يتلقّاه أهلها من قبل أن يسمعوا كلامه تائبين ، رجالهم ونساؤهم ، إلّا من شاء الله منهم. ولقد أتينا معه على دير فيه رهبان ، فتلقّاه منهم راهبان ، فلمّا وصلا إلى الشّيخ كشفا رأسيهما وقبّلا رجليه وقالا : ادع

__________________

= الزاهرة ٥ / ٢٦١ ، والطبقات الكبرى للشعراني ١ / ٨١ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٩ ، وجامع كرامات الأولياء للنبهاني ٢ / ١٤٧ ، وهدية العارفين ١ / ٦٦٢ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ٢ ج ٢ / ٣١٣ ، ٣١٤ رقم ٦٦٩ ، والأعلام ٥ / ١١ ، وفهرس دار الكتب المصرية ٢ / ٧٢.

(١) الهكّاري : نسبة إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل.

(٢) الكامل ١١ / ٢٨٩.

(٣) في تاريخ إربل ١ / ١١٤ عاش تسعين سنة.

٢٣١

لنا ، فما نحن إلّا في بركاتك. وأخرجا طبقا فيه خبز وعسل فأكل الجماعة.

وأوّل مرّة خرجت إلى زيارته مع طائفة ، فلمّا أقبلنا أخذ يحادثنا ويسائل الجماعة ويؤانسهم ، وقال : رأيت البارحة في النّوم كأنّنا في نجوم ، ونحن ينزل علينا شيء مثل البرد. ثمّ قال : الرحمة. فنظرت إلى فوق ، فرأيت ناسا ، فقلت : من هؤلاء؟ فقيل : أهل السّنّة والصّيت الحنابلة. وسمعت شخصا يقول : يا شيخ ، لا بأس بمداراة الفاسق؟ فقال : يا أخي ، دين مكتوم دين ميشوم.

وكان يواصل الأيّام الكثيرة على ما اشتهر عنه ، حتّى أنّ بعض النّاس كان يعتقد أنّه لا يأكل شيئا قطّ. فلمّا بلغه ذلك أخذ شيئا ، وأكله بحضرة النّاس.

واشتهر عنه من الرّياضات ، والسّير ، والكرامات ، والانتفاع به ما لو كان في الزّمان القديم لكان أحدوثة.

ورأيته قد جاء إلى الموصل في السّنة الّتي مات فيها ، فنزل في مشهد خارج الموصل ، فخرج إليه السّلطان وأصحاب الولايات والمشايخ والعوامّ ، حتّى آذوه ممّا يقبّلون يده فأجلس في موضع بينه وبين النّاس شبّاك ، بحيث لا يصل إليه أحد ، فكانوا يسلّمون عليه وينصرفون. ثمّ رجع إلى زاويته فمات على أحسن حالاته.

وقال القاضي ابن خلّكان (١) : أصله من قرية بيت فار من بلاد بعلبكّ ، والبيت الّذي ولد فيه من بيت فار يزار إلى اليوم. وتوجّه إلى جبل الهكّارية من أعمال الموصل ، وانقطع فيه. وبنى هناك له زاوية ، ومال إليه أهل البلاد ميلا لم يسمع بمثله ، وساد ذكره في الآفاق ، وتبعه خلق ، وجاوز اعتقادهم فيه الحدّ حتّى جعلوه قبلتهم الّتي يصلّون إليها ، وذخيرتهم في الآخرة الّتي يعوّلون عليها.

__________________

(١) في وفيات الأعيان.

٢٣٢

صحب الشّيخ عقيل المنبجيّ ، والشّيخ حمّاد الدّبّاس ، وغيرهما. وقبر بزاويته ، وقبره من كبار المزارات عندهم.

وعاش تسعين سنة.

وتوفّي سنة سبع ، وقيل : سنة خمس وخمسين.

قلت : قرأت بخطّ الحافظ الضّياء. سمعت الشّيخ نصر يقول : قدم الشّيخ عديّ الموصل سنة ستّ وخمسين ، وفيها : أخذ من شعري.

وتوفّي يوم عاشوراء وقت طلوع الشّمس سنة سبع (١).

٢٤٩ ـ [علي] (٢) بن محمد بن عبد العزيز.

أبو القاسم العجليّ ، البندكانيّ (٣) ، المروزيّ.

__________________

(١) وقال الشيخ حمّاد بن محمد بن جسّاس : ما رأيت أحسن سيرة ولا أكثر هيبة ، ولا أكثر خشوعا ، ولا أغزر دمعة من عديّ. وكان حمّاد هذا من أصحابه.

وقال حمّاد : ركب عديّ جوادا ما نزل عنه حتى مات ، ما أفطر في النهار ، ولا نام في الليل ، ولا أكل وشرب غذاء أحد ، ولا أخذ أحد عليه سوء خلق.

وقال البلهثي : جاء رجل أعمى إلى عديّ يزوره ، فقلت له : كل خطوة حسنة. فقال عديّ : بل كل خطوة حجّة ، أورد ذلك ـ أدام الله سلطانه ـ على طريق الإنكار له ، ومدح العلماء وذمّ الجهّال.

وذكر أحمد بن شجاع بن منعة ، عن الخضر بن عبد الله القلانسي قال : سمعت الشيخ عديّا يقول وقد ذكرنا عنده قلعة إربل ـ فقال : بها وليّان ، أحدهما بالباب الغربي ، والآخر بالباب الشرقي ، في السور كلاهما ، كان بالباب الغربي موضع تنذر له النذور ، تزعم النصارى أنه الشهيد الّذي كان في حبس القلعة المعروف الآن بحبس الحلبي ، وهو الّذي أشار إليه عديّ ، وهو أولى. وعديّ هو الّذي نبّه على القبر الّذي بعقبة داران.

وقال ابن المستوفي : وحدّثني أبو سعيد كوكبوري قال : رأيت بالموصل عديّا ـ وأنا صغير وهو رجل قصير ، أسمر.

وقال ابن المستوفي : أخبرني حسن بن عديّ أنّ عديّا توفي سنة ٥٥٥!

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من : الأنساب ٢ / ٣١٢ ، ٣١٣ ، ومعجم البلدان ١ / ٤٩٩.

(٣) البندكاني : بضم الباء الموحّدة وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها النون.

٢٣٣

وبندكان : على بريد من مرو.

سمع : الإمام أبا المظفّر السّمعانيّ.

روى عنه : عبد الرحيم السّمعانيّ.

وتوفّي في عاشر رمضان (١).

٢٥٠ ـ [عليّ] (٢) بن موجود (٣) بن حسين.

أبو الحسن النّظريّ (٤) ، الكشانيّ (٥). وكشانيّة من سغد سمرقند.

إمام ، مناظر ، علّامة. تفقّه ببخارى على البرهان عبد العزيز ، وبمرو على محمد بن الحسين (٦) النّسفيّ (٧) ، وسمع من جماعة.

وعاش سبعين وسبع سنين.

مات في ربيع الأوّل. قاله السّمعانيّ (٨).

٢٥١ ـ [عمر] (٩) بن محمد بن واجب.

__________________

(١) وقال ابن السمعاني : كان يدخل البلد أحيانا ، وكان مليح الشيبة ، جميل الظاهر.

سمعت منه مجالس من أماليه. (الأنساب).

(٢) في الأصل بياض ، والمثبت من : الأنساب ١٠ / ٤٣٣ ، والتحبير ١ / ٥٩٢ ، ٥٩٣ رقم ٥٨١ ، واللباب ٣ / ٤٢ ، والجواهر المضية ٢ / ٦١٦ ، ٦١٧ رقم ١٠١٦ ، وكتائب أعلام الأخيار ، رقم ٣٤٧ ، والطبقات السنية ، رقم ١٥٨٠ ، والفوائد البهية ١٣٨ ، ١٣٩.

(٣) في الفوائد البهية : «مودود».

(٤) النظري : بالتحريك.

(٥) كشانية : بضم الكاف ، والشين المعجمة ، وفي آخرها النون.

(٦) في الأصل : «الحسن».

(٧) في الجواهر المضية : «الأرسابندي».

(٨) قال في (الأنساب) : إمام ، فاضل ، مناظر فحل ، واعظ ، قوّال بالحق ، سمع عمّه مسعودا ، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن فاعل السّرخكتي ، وغيرهما. تولّى التدريس بالمدرسة الخاقانية بمرو وسكنها ، لقيته بمرو ثم ببخارى ، ثم بسمرقند وكتبت عنه شيئا يسيرا بمرو ، وكانت بيني وبينه صداقة أكيدة. وورّخ ولادته في (التحبير) سنة ٤٨٠ ه‍.

(٩) في الأصل بياض ، والمستدرك من : تكملة الصلة لابن الأبّار.

٢٣٤

أبو حفص القيسيّ ، البلنسيّ.

شيخ المالكيّة ، وصاحب الأحكام ببلنسية.

سمع من : أبيه ، وأبي محمد بن خيرون ، وأبي بحر بن العاص ، وأبي محمد البطليوسيّ. وتفقّه بأبي محمد بن سعيد ، وعرض عليه مختصر «المدوّنة».

وكان بصيرا بالأحكام ، مفتيا ، إماما كبيرا. نوظر عليه في حياة أبيه وبعده وكان متواضعا ، نزها ، قانعا ، متعفّفا ، منقبضا عن السّلطان ، حسن السّمت. ولّي قضاء دانية ، وكان مولده في حدود سنة ستّ وسبعين وأربعمائة.

روى عنه : حفيده أبو الخطّاب أحمد بن واجب ، وأبو عمر بن عيّاد ، وأبو عبد الله بن سعادة ، وأبو محمد بن سفيان.

وتوفّي في سلخ رمضان.

قال الأبّار : وهو آخر حفّاظ المسائل بشرق الأندلس ، رحمه‌الله.

 ـ حرف الكاف ـ

٢٥٢ ـ [الكيا] (١) الصّبّاحيّ (٢).

صاحب الألموت ، ومقدّم الإسماعيليّة ورئيس الضّلّال الباطنيّة.

هلك في هذا العام ، وقام بعده ابنه فأظهر التّوبة وألزم الإسماعيليّة الّذين عنده الصّلوات وصوم رمضان ، وبعثوا إلى قزوين يطلبون من يصلّي بهم ويعلّمهم حدود الإسلام ، والله أعلم بالنّيّات (٣).

__________________

(١) في الأصل بياض ، والمستدرك من المصدر.

(٢) انظر عن (الكيا الصبّاحي) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٨ ، واللباب ٣ / ٢٣٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٣ (دون ترجمة).

(٣) الكامل ١١ / ٢٨٨ ، ٢٨٩.

٢٣٥

 ـ حرف الفاء ـ

٢٥٣ ـ [فضل الله] بن محمد بن إبراهيم.

أبو بكر المروزيّ ، الفقيه ، الأديب ، العالم ، العابد ، الصوّام.

أخذ عنه السّمعانيّ وعاش نيّفا وسبعين سنة.

مات في المحرّم.

 ـ حرف الميم ـ

٢٥٤ ـ محمد بن أحمد بن تغلب (١).

أبو عبد الله البغداديّ ، التّاجر ، السّفّار.

تأدّب على ابن الجواليقيّ.

وحدّث عن : أبي القاسم بن بيان ، وابن نبهان بدمشق ، وغيرهما.

روى عنه : الحافظ ابن عساكر ، وابنه القاسم.

وقال الحافظ : بلغني أنّه توفّي سنة ثمان وخمسين.

وقال ابن مشّق : توفّي سابع وعشرين ذي القعدة سنة سبع وخمسين.

٢٥٥ ـ محمد بن أحمد بن الحسين بن محمود (٢).

أبو نصر العراقيّ الأوانيّ (٣) ، الكاتب المعروف بالفروخي.

كان مستوفيا على السّواد من قبل الوزير ابن هبيرة ، وله يد طولى في النّظم والنّثر والرسائل (٤).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أحمد بن تغلب) في : الأنساب ١ / ١٠٥ ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٢١ / ٢٦٤ رقم ١٦٨ ، والمقفى الكبير للمقريزي ٥ / ١٤٩ ، ١٥٠ ، رقم ١٦٨٨.

(٢) انظر عن (محمد بن أحمد بن الحسين) في : تاريخ إربل ١ / ٦٩ ، ٧٠ (في ترجمة عمر بن شمّاس الخزرجي) ، ومعجم الألقاب لابن الفوطي ١ / ١٩٦ ، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار (مخطوط أسعد أفندي ٢٣٢٣ ـ ٢٣٣٠) ج ٣ ورقة ٢٣٨ ، والمحمدون من الشعراء للقفطي ٥٦ ، وفوات الوفيات ٤ / ١٦٨ ، والوافي بالوفيات ٢ / ١٠٩.

(٣) الأواني : بفتح الهمزة والواو المخففة وفي آخرها النون هذه النسبة إلى أوانا هي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة. (الأنساب ١ / ٣٧٩).

(٤) وقال عمر بن شمّاس الخزرجي : اجتازني العميد ابن الأواني وقد خلع عليه ورتّب عميدا فقلت : =

٢٣٦

٢٥٦ ـ محمد بن الحسين بن عليّ بن صدقة.

أبو العزّ بن الوزير أبي عليّ.

سمع «المقامات» من أبي محمد الحريريّ ، وسمع من أبي سعد بن الطّيوريّ.

روى عنه إبراهيم بن محمود الشّعّار.

انقطع إلى العبادة وصحب الصّوفيّة ، ومات ـ رحمه‌الله ـ كهلا.

٢٥٧ ـ محمد بن الحسن بن محمد بن محمد.

أبو الفتح الأنباريّ ، الخطيب ، المعدّل.

سمع : أبا الحسين عليّ بن محمد بن محمد الأنباريّ.

روى عنه : عمر بن عليّ القرشيّ ، وأحمد بن الحسين العاقوليّ.

حدّث في هذه السّنة ، ولم تحفظ وفاته.

٢٥٨ ـ محمد بن حمزة بن أحمد (١).

__________________

= رأيت نجل الأواني

في خلعة مختالا

قد رتّبوه عميدا

يثمّر الأموالا

والناس طرّا حواليه

يهرعون عجالا

وأنفه فوق روقيه

، قد ترامى وطالا

فقلت : لا تتدانى

فأنت ثور ولالا

قد رتّبوك لكي

منك يقطّعوا الأوصالا

(تاريخ إربل)

(١) انظر عن (محمد بن حمزة) في : معجم السفر (نشره شير محمد زمان ، بإسلام آباد ١٩٨٨) ص ٣٤١ رقم ١١٩٤ ، والتكملة لوفيات النقلة ٣ / ٢٣٦ ، وملء العيبة للفهري ٢ / ٢٤١ ، والمقفّى الكبير للمقريزي ٥ / ٦١٠ ، ٦١١ رقم ٢١٧٣ ، وطبقات المفسّرين للداوديّ ٢ / ٢٤٨ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق ٢ ج ٤ / ١٢ ، ١٣ رقم ٩٩٥ ، وانظر كتابنا : «لبنان» في العصر الفاطمي ـ القسم الحضاريّ ، أعلام من عرقة» طبعة دار الإيمان بطرابلس.

وورد في الأصل : «محمد بن حمزة بن محمد» ، والتصويب من المصادر.

٢٣٧

العرقيّ (١) ، التّنوخيّ ، المقرئ (٢). من شيوخ السّلفيّ.

قال : ولد بمصر سنة خمس وستّين وأربعمائة.

وذكر أنّه سمع من الخلعيّ ، وغيره.

وقرأ اللّغة على ابن القطّاع (٣).

٢٥٩ ـ محمد بن طاهر بن عبد الله بن عليّ بن إسحاق.

أبو بكر الطّوسيّ رئيس نيسابور.

صدر كبير. سمع في أيّام عمّه النّظّام بأصبهان من ابن شكرويه ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن ماجة ، وسليمان الحافظ.

أخذ عنه السّمعانيّ.

ومات في أوائل العام.

٢٦٠ ـ محمد بن محمد بن عبد الرحمن.

أبو الفتح البخاريّ ، ثمّ المروزيّ ، الصّفّار ، الفقيه.

تفقّه على القاضي عبد الرحمن بن عبد الرحيم.

__________________

(١) العرقي : بكسر العين المهملة ، وسكون الراء ، وكسر القاف. نسبة إلى عرقة ، مدينة وحصن مهم كان على مسافة نحو عشرين كيلومترا إلى الشمال الشرقي من طرابلس الشام ، اندثرت في أوائل العهد العثماني.

(٢) كنيته : أبو البركات.

(٣) زاد السّلفي : وسمع عليّ كثيرا هو وأخوه أبو الحسن أحمد بالإسكندرية ، وكان لي بهما أنس تامّ ، وعلقت عنهما فوائد أدبية. (معجم السفر).

أقول : وهو القاضي ، وليّ الدولة ، المعدّل ، كان أبوه يتولّى قضاء القضاة بديار مصر لبدر الجمالي ، وأخوه هو أبو الحسن أحمد وكان أديبا ، توفي قبله بالإسكندرية ، فصلّى عليه بعد أن حمل تابوته إلى مصر. (انظر عنه في : معجم السفر ، بتحقيق بهيجة الحسني ، بغداد ج ١ / ١٢٩ ، ١٣٠ رقم ١٧ ، ومعجم البلدان ٤ / ١٠٩ ، وإنباه الرواة ١ / ٤٠ ، تلخيص ابن مكتوم (مخطوط) ١١ ، ورفع الإصر عن قضاة مصر ، للسخاوي ق ١ / ٢١٧ ـ ٢١٩ ، وكتابنا : موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ١ ج ٢ / ١٨٥).

وقال المقريزي : ولأبي البركات هذا أخ اسمه محمد وكنيته أبو عبد الله ، يروي عن ابن القطّاع ، وعنه أبو العباس أحمد بن عبد الله ابن الأستاذ الحلبي. (المقفى ٥ / ٦١١).

٢٣٨

وسمع منه ، ومن سعد بن محمد الباهليّ.

أخذ عنه : السّمعانيّ ، وقال : مات بخوارزم في رجب في عشر الثّمانين.

٢٦١ ـ محمد بن مفضّل بن سيّار.

أبو نصر.

ولد سنة سبع وثمانين. وسمع من : أبي عطاء المليحيّ ، وصاعد بن سيّار القاضي.

روى عنه : عبد الرحيم بن السّمعانيّ.

وبقي بعد أخيه المذكور في سنة ٤٨.

وجدت وفاته في «التحبير» (١) للسّمعانيّ في ربيع الأوّل هذه السّنة.

٢٦٢ ـ محمد بن النّعمان بن محمد بن أبي عاصم.

أبو الفتح الباقلّانيّ ، المروزيّ ، ويعرف بأبي حنيفة.

كان كثير التلاوة ، ملازما لصلاة الجماعة ، غير أنّه كان يشرب الخمر ، ويعرف النّجوم. قاله ابن السّمعانيّ.

سمع : أبا المظفّر بن السّمعانيّ ، وإسماعيل بن محمد الزّهريّ.

ولد سنة ستّ وسبعين.

ومات بهراة في شوّال أو ذي القعدة.

روى عنه : عبد الرحيم بن السّمعانيّ.

٢٦٣ ـ محمد بن أبي بكر بن أبي الخليل.

أبو بكر التّميميّ ، الأندلسيّ ، المرينيّ.

أخذ القراءات عن شريح.

وروى عن : ابن خلصة النّحويّ ، وأبي عبد الله بن أبي الخصال. وكان

__________________

(١) لم أجده في (التحبير) كما قال المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ.

٢٣٩

ذا فهم ومعرفة :

أخذ عنه : أبو عبد الله بن نوح الغافقيّ ، وغيره.

٢٦٤ ـ محمود بن المبارك بن أبي غالب.

أبو [...] (١) البوّاب. بغداديّ.

روى عن : أبي الحسن بن العلّاف ، وابن الطّيوريّ.

روى عنه : أبو محمد بن الأخضر.

وتوفّي في رمضان.

٢٦٥ ـ المؤيّد (٢) بن محمد بن عليّ (٣).

أبو سعيد الألوسيّ (٤) الشّاعر.

كان منقطعا إلى الوزير ابن هبيرة.

وكان بزيّ الأجناد. وله ديوان شعر. وقد أكثر من الهجاء والغزل ، وجرت له أقاصيص ، وسجن مدّة ، ثمّ أخرج عن بغداد.

وتوفّي بالموصل في رمضان وهو في عشر السّبعين (٥).

__________________

(١) في الأصل بياض. ولم أقف على صحّته.

(٢) في الأصل «محمد» والتصويب من مصادر ترجمته.

(٣) انظر عن (المؤيّد بن محمد) في : الأنساب ١ / ٣٤٣ (بالحاشية) ، ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ رقم ٦٩ وفيه : «المؤيّد بن عطّاف بن محمد بن علي بن محمد» ، ومعجم البلدان ١ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، واللباب ١ / ٨٣ ، وتاريخ إربل ١ / ٥٨ ووفيات الأعيان ٥ / ٣٤٦ ـ ٣٥٠ رقم ٧٥٣ ، وخريدة القصر (قسم العراق) ٢ / ١٧٢ ـ ١٧٩ ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣ / ١٩٨ رقم ١٢٢٣ ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (مخطوطة كمبرج ١٠ / ١٤٠٣) ورقة ٤٢٨ ، وفوات الوفيات ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٥ رقم ٣٢٨ ، وفيه «عطاف بن محمد بن علي» ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٤ وحياة الحيوان الكبرى للدميري (طبعة إيران) ٢٧٧ ، وشرح نهج البلاغة ١ / ٣٠٨ ، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مخطوطة الظاهرية) ورقة ١٣٩ أ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٨٥ وفيه : «المؤيد محمد الألوسي».

(٤) تقرأ في الأصل : «الأنوشي».

(٥) وقال ياقوت : ولد بألوس سنة أربع وتسعين وأربعمائة ، ونشأ بدجيل واتّصل بخدمة ملك شاه مسعود بن محمد السلجوقي فعلا ذكره وتقدّم وأثرى ، ودخل بغداد في أيام المسترشد فصار =

٢٤٠