تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وسمعت جماعة يحكون عنه أشياء السّكوت عنها أولى.

ثمّ قال : وقيل لي إنّه يذهب إلى مذهب السّالميّة ، ويقول إنّ الأموات يأكلون ويشربون وينكحون في قبورهم ، والسّارق والشّارب للخمر والزّاني لا يلام على فعله لأنّه يفعل بقضاء الله.

وسمعت عليّ بن عبد الملك الأندلسيّ يقول : زاد الزّبيديّ في أسماء الله تعالى أسامي ، ويقول : هو المتمّم ، والمبهم ، والمظهر ، والزّارع.

وقال أبو البركات عبد الوهّاب الأنماطيّ : حمل إليّ الزّبيديّ جزءا صنّفه وذكر فيه أنّ لكلّ ميّت بيتا في الجنّة وبيتا في النّار ، فإذا دخل الجنّة هدم بيته الّذي في النّار ، وإذا دخل النّار هدم بيته الّذي في الجنّة.

قلت : وحفيداه اللذان رويا «الصّحيح» هما الحسن والحسين ابنا المبارك بن محمد.

وقال ابن عساكر : قال ولده إسماعيل : كان أبي في كلّ يوم وليلة من أيّام مرضه يقول : الله الله ، قريبا من خمسة عشر ألف مرّة ، وما زال يقول الله الله حتّى لقي رحمة الله. توفّي في ربيع الآخر.

وقال أحمد بن صالح بن شافع : كان له في علم الأصول وعلم العربيّة حظّ وافر ، وقد صنّف كتبا في فنون العلم تزيد على مائة مصنّف. ولم يضيّع شيئا من عمره.

ثمّ بالغ الجيلي في تعظيمه وقال : كان يخضب بالحنّاء ويعتمّ متلحّيا دائما. حكيت لي عنه من جهات صحيحة غير كرامة ، منها رؤيته للخضر وجماعة من الأولياء.

١٨١ ـ محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد (١).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أبي بكر) في : التحبير ٢ / ٢٥٨ ، ٢٥٩ ، والأنساب ٧ / ٢٨ ، ومعجم البلدان ٣ / ١٨٣ ، واللباب ٢ / ٩٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٨٦ رقم ١٩٣ ، والمشتبه في =

١٨١

أبو طاهر السّبخيّ (١) ، البزدويّ ، البخاريّ ، الصّابونيّ ، الفقيه الزّاهد.

سمّعه أبوه بقرية وركي (٢) أجزاء من الإمام المعمّر أبي محمد عبد الواحد بن عبد الرحمن الزّبيريّ.

وسمع القاضي : أبا اليسر محمد بن محمد بن الحسين البزدويّ ، وعليّ بن أحمد بن خدام ، وأبا صادق أحمد بن الحسين الزّنديّ (٣) ، وجماعة.

ولد بعد الثّمانين وأربعمائة. وكان فقيها صالحا صحب يوسف الهمذانيّ الزّاهد ، وإبراهيم الصّفّار الزّاهد واختصّ به (٤).

__________________

= الرجال ١ / ٩٤ و ١ / ٣٤٨ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦ / ١٨٨ ، والجواهر المضيّة ٢ / ٣٥ ، وتبصير المنتبه ٢ / ٧١٩ ، وتوضيح المشتبه ١ / ٦١٥ و ٥ / ٣٠.

(١) السّبخيّ : بالسين المهملة ، والباء الموحّدة المفتوحتين ، والخاء المعجمة. (الأنساب ، اللباب ، الجواهر المضيّة تبصير المنتبه).

وفي (المشتبه في الرجال) ضبطها المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ : «السّبحي» بضم السين المهملة وفتح الموحّدة وبالحاء المهملة. وقد علّق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله : ضبطه السمعاني بفتحتين وخاء معجمة ، وهو أعرف بشيخه. (تبصير المنتبه).

و «السّبخة» نسبة إلى الدباغة بالسبخة. وهي التراب المالح الّذي لا ينبت فيه النبات. وقد تصحّفت في (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي) إلى «السنجي» بالنون والجيم.

(٢) الوركي : بالفتح ثم السكون ، وكاف ، من قرى بخارى. (معجم البلدان ٥ / ٣٧٣).

(٣) الزّندي : بفتح الزاي ، وسكون النون ، وفي آخرها الدال المهملة هذه النسبة إلى قرية ببخارى. (الأنساب ٦ / ٣١٥).

(٤) وجاء في (توضيح المشتبه لابن ناصر الدين ج ٥ / ٣٠) في مادّة «السّبحيّ» ، وهو ينقل عن المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في كتابه «المشتبه ١ / ٣٤٨» قال : «وأبو طاهر محمد بن أبي بكر عثمان البخاري الصوفي السّبحي الصابوني. يروي عن عبد الواحد الوركي ، وعنه أبو سعيد السمعاني ، وابنه عبد الرحيم ، مات سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

قلت : كذا نقلته من خط المصنّف ، وفيه وهمان :

أحدهما : أنه جعل والد أبي طاهر عثمان ، وكنيته أبا بكر ، وليس كذلك ، بل هو ابن أبي بكر بن عثمان ، فعثمان جدّه ، ومحمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد بن أحمد بن إسماعيل البزدوي الصابوني ، وكناه أبو العلاء الفرضيّ : أبا عبد الله.

والثاني : أن المصنف جعله السّبحي ، بمهملتين ، الأولى مضمومة ، والحاء مكسورة ، بينهما موحّدة مفتوحة ، وإنما هو السّبخي ، بفتح المهملة والموحّدة معا ، وكسر الخاء المعجمة ، =

١٨٢

روى عنه : أبو سعد السّمعانيّ ، وابنه.

* * *

أبو طاهر محمد بن أبي بكر المروزيّ المؤذّن ، ويشتبه بأبي طاهر محمد بن أبي بكر السّبخيّ هذا ، فينبغي أن يتفطّن له (١).

__________________

= ذكره كذلك ابن السمعاني ، وهو أعرف بشيخه ، وهي نسبة ـ عند ابن السمعاني على ما سمع ـ إلى الدّباغ بالسّبخة ، ولم يجوّده ابن نقطة (في الإستدراك ، باب السبحي والسبخي) ، فقاله السّنجي ، بالمهملة المكسورة ، ثم نون ساكنة ، ثم جيم مكسورة ، وقد ذكره المصنّف على الصواب في نسبه ونسبته في حرف الموحّدة ، فقال في ترجمة الثيابي : ونسبة إلى حفظ الثياب في الحمّام ، أبو بكر محمد بن عمر الثيابي البخاري ، حدّث عنه محمد وعمر ابنا أبي بكر بن عثمان السّبخي البخاري. انتهى. كذا وجدته بخط المصنّف ، وضبط السّبخي ، وصحّح فوقه ، وهو الصواب.

ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إن المؤلف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ قد أثبت اسم صاحب الترجمة «محمد بن أبي بكر بن عثمان» في تاريخه هنا ، وفي (سير أعلام النبلاء) على الصحيح ، فلعلّ لفظ «بن» بين «أبي بكر» و «عثمان» سقط سهوا من كتابه «المشتبه» ، والله أعلم.

(١) وقال ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه ٥ / ٣٢ ـ ٣٤) معقّبا على قول المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في (المشتبه ١ / ٣٤٩) في مادّة «السّنجي» :

قال : والحافظ محمد بن أبي بكر السّنجي ، رحل وسمع نصر الله بن أحمد الخشنامي وخلقا ، وعنه عبد الرحيم بن السمعاني.

قلت : هو الشيخ الفقيه الزاهد أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد بن أحمد بن إسماعيل السّنجي البزدوي الصابوني ، من أهل مدينة بخارى ، هكذا نسبه أبو سعد عبد الكريم بن السمعاني في «ثبت» ولده أبي المظفر عبد الرحيم ، وقد ذكره المصنّف قبل مختصرا ، فوهم في إعادته هنا ونسبته أيضا ، وقد ذكره في ثلاثة مواضع من الكتاب ، فالأول وهو الصواب قيّد نسبته في حرف الموحّدة : السّبخي ، فتح السين المهملة والموحّدة معا ، وذكره بخاء معجمة وصحّح فوقه ، والثاني ذكره قريبا في ترجمة السّبحي ، بضم السين المهملة ، وفتح الموحّدة ، تليها حاء مهملة ، وهذا خطأ ، وتقدّم التنبيه على ذلك قريبا ، والثالث جعله هنا في ترجمة السّنجي بكسر السين المهملة ، ثم نون ساكنة ، ثم جيم ، وهو خطأ أيضا ، وقد نقلت نسبته مجوّدة كما ذكرها المصنّف على الصواب في حرف الموحّدة من خط الحافظ الضياء محمد بن عبد الواحد المقدسي في «ثبت» شيخه الإمام أبي المظفّر عبد الرحيم بن السمعاني فيما قرأه عليه في سنة تسع وست مائة بمرو ، توفي أبو طاهر السّبخي هذا ببخارى في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمس مائة فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني ، وقال : كان والده من الفقهاء الورعين ، وكان يكتب مجالس الإملاء التي كانت =

١٨٣

١٨٢ ـ المبارك بن المبارك بن هبة الله بن معطوش (١).

أبو القاسم بن أبي المعالي البغداديّ ، التّاجر ، السّفّار.

سمع : أبا العزّ محمد بن المختار ، وحدّث (٢).

قال أخوه أبو طاهر المبارك بن المعطوش : توفّي أخي بدمشق سنة خمس وخمسين.

قلت : وسمع من : ابن بيان أيضا.

روى عنه : داود بن الفاخر.

١٨٣ ـ المبارك بن هبة الله بن عليّ بن العقّاد (٣).

أبو المعالي البغداديّ ، المؤدّب.

سمع من : طراد الزّينبيّ ، وأبي الحسن الأنباريّ الأقطع ، وابن طلحة النّعاليّ.

وقد سمّاه السّمعانيّ في «الذّيل» : المبارك بن الحسين ، وإنّما هو ابن أبي الحسين.

روى عنه : أبو الحسن الشّهرستانيّ ، وأبو محمد بن الأخضر.

__________________

= للأئمة في وقته حسبة وديانة ، وكان يحضر ولديه : محمدا هذا ، وأخاه عمر في أكثر المجالس ، انتهى.

وأما أبو طاهر السّنجي بكسر السين المهملة ، وسكون النون تليها جيم مكسورة ، فهو أول شيخ ذكره أبو سعد ابن السمعاني في «ثبت» ابنه أبي المظفّر ، وهو أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي سهل بن أبي طلحة المؤذّن الخطيب ، ولد في سنة اثنتين أو سنة ثلاث وستين وأربع مائة بقرية سنج ، وتوفي بمرو في شوال سنة ثمان وأربعين وخمس مائة ، وكان فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني ديّنا ثقة مكثرا متواضعا قانعا بما هو فيه ، رحمه‌الله.

(١) انظر عن (المبارك بن المبارك) في : المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣ / ١٧٦ رقم ١١٥١.

(٢) سمع منه : عمر القرشي.

(٣) ترجمة (المبارك بن هبة الله) في : الذيل على تاريخ بغداد لابن السمعاني ، وهو ضائع.

١٨٤

مات في صفر سنة خمس ، وله خمس وثمانون سنة.

١٨٤ ـ المبارك بن أبي الفضل (١).

البغداديّ ، الطّبّاخ ، المؤدّب.

سمع : أبا الفضل بن خيرون.

وتوفّي في ذي القعدة.

روى عنه : عمر القرشيّ الدّمشقيّ ، وغيره.

١٨٥ ـ مجاهد الدّين (٢).

واقف المدرسة المجاهديّة. واسمه بزان. وقد ذكر.

١٨٦ ـ مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العبّاس بن الحصين (٣).

أبو منصور بن أبي الفرج الشّيبانيّ ، الكاتب.

بغداديّ جليل. حدّث عن : أبي الخطّاب بن البطر ، وطبقته.

قال ابن السّمعانيّ : كتبت عنه. ولا أعرف من حاله شيئا. وسمعته يقول : ولدت سنة سبع وستّين وأربعمائة. وتوفّي في أواخر ذي الحجّة.

قلت : وأخبرونا عن ابن المقيّر أنّ مسعود بن الحصين أجاز له. أنا أبو الخطّاب عليّ بن عبد الرحيم بن الجرّاح.

وقد سمع أيضا من : رزق الله ، وأبي الحسن الأنباريّ ، وطراد (٤).

__________________

(١) انظر عن (المبارك بن أبي الفضل) في : المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣ / ١٨٠ رقم ١١٦٣.

(٢) تقدّمت ترجمته باسم «بزان بن مامين» رقم (١٥٥).

(٣) انظر عن (مسعود بن عبد الواحد) في : الإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٩ وفيه : «مسعود بن الحصين» ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٦٢ (دون ترجمة) ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٥١٩ ، ٥٢٠ رقم ٤٦٢.

(٤) وقال المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في (معرفة القراء) : روى عنه ابن الأخضر ، وأحمد بن صدقة ، وداود بن يونس الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عمر الغزال.

١٨٥

وقرأ القراءات على أبي منصور الخيّاط. وطلب ، وكتب ما لا يوصف.

وكان ثقة.

١٨٧ ـ ملك شاه بن السّلطان محمود بن محمد السّلجوقيّ (١).

توفّي بأصبهان في ربيع الأوّل. قاله ابن الجوزيّ (٢). فقيل إنّه سمّ ، وسبب ذلك أنّه لمّا كثر جمعه بأصبهان في السّنة الماضية أرسل إلى بغداد وطلب أن تقطع خطبة عمّه سليمان شاه بن محمد ، وتقام له الخطبة ، ويعيدوا (٣) القواعد القديمة. فوضع ابن هبيرة الوزير خادما اسمه غلبك (٤) الكوهرائيّ (٥) فمضى واشترى جارية بألف دينار ، وباعها لملكشاه ، وقرّر معها أن تسمّه ، ووعدها أمورا عظيمة ، فسمّته في لحم مشويّ ، فأصبح ميّتا ، فضربت فأقرّت. وملك أصبهان بعده عمّه سليمان شاه ، فلم تطل مدّته ، ومات بعد سنة (٦).

__________________

= وقال أحمد بن شافع : كان قديما للتلاوة ، قرأ بالروايات العالية ، وسمع ما لا يدخل تحت الحصر ، إلّا أنّ أكثره على كبر السّنّ ، وتفقّه وتميّز ، وهو من بيت الكتابة والحديث ، ما أظنّ أنّ أحدا من أهل بيته مثله زهادة وخيرا ودينا ، وكان ثقة ، فهما.

(١) انظر عن (ملك شاه) في : المنتظم ١٠ / ١٩٨ رقم ٢٨٩ (١٨ / ١٤٥ رقم ٤٢٤٠) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٣ ، وتاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٢ و ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٢ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٧ ، ٣٨.

(٢) في المنتظم.

(٣) في الأصل : «يعيدون» ، وهو غلط نحوي.

(٤) في الكامل : «أغلبك».

(٥) في الأصل : «اللوهراني».

(٦) الخبر في الكامل ١١ / ٢٦٣. وقال العماد باختصار البنداري : وكان مغرورا بالشباب مشبوب الغرار ، مقدار للآمن آمنا من الأقدار ، فلم ينقض عليه شهر حتى اشتهر أنه قضى ومضى ، وأن برقه ويومه مضى ، وذلك في يوم الإثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول من غير مرض سبق ، ولا عرض عرض. بل كانت له مغنيّة قد استهوته واستغوته ، وخبلت خلبه ، وسلبت لبّه ، فصار يأكل من يدها ويشرب ، ويجيء بحبّها ويذهب. وقيل إنها بغت موته فمات بغتة. وقيل : بل أصابه سكتة ، وأنها قد رغّبت حتى سقته سمّا ، وكان قدرا حتما ، قد أحاط الله به علما. (تاريخ دولة آل سلجوق ٢٧٠).

١٨٦

١٨٨ ـ منصور بن محمد بن سعيد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود (١).

أبو المظفّر بن أبي الفضل المسعوديّ ، المروزيّ.

قال ابن السّمعانيّ : كان أحد الفضلاء المبرّزين ، وأحد الدّهاة الأجلاد وكان كثير المحفوظ ، مليح الشّغر.

سمع : الإمام أبا المظفّر جدّي ، وإسماعيل النّاقديّ ، وأبا جعفر أحمد بن الحسين الخزاعيّ.

وبنيسابور : أبا بكر الشّيرويّيّ ، وغيره.

روى عنه : ابن السّمعانيّ ، وابنه عبد الرحيم ، وآخرون.

وولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

وتوفّي في أواخر رجب.

 ـ حرف الياء ـ

١٨٩ ـ يحيى بن سعيد بن مظفّر (٢).

القاضي أبو ألوفا البغداديّ. عرف بابن المرخّم.

اشتغل بالطّبّ والنّجوم ومذهب الأوائل ، حتّى انطفأ نور إيمانه ، وتقدّم ، ورأس إلى أن ناب في القضاء عن عليّ بن الحسين الزّينبيّ ، وعلا شأنه. ثمّ ولّي أقضى القضاة ، وظلم ، وعسف ، وارتشى. وكان من سيئات المقتفي.

وكان يتظاهر بالفلسفة ، فلمّا مات مخدومه واستخلف المستنجد سجنه مديدة ، ثمّ أخرج من السّجن ميّتا في شوّال سنة خمس.

وله نظم جيّد.

__________________

(١) انظر عن (منصور بن محمد) في : الأنساب ١١ / ٣٠٩ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٣١٢.

(٢) انظر عن (يحيى بن سعيد) في : المنتظم ١٨ / ٤٨ و ٥٦.

١٨٧

ذكره عليّ بن أنجب في قضاة بغداد.

١٩٠ ـ يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن رافع (١).

أبو اليمن ابن تاج القرّاء الطّوسيّ ، أخو عليّ.

سمع : البانياسيّ ، وأبا الحسن الأنباريّ ، ورزق الله.

وعنه : ابن سكينة ، وابن الأخضر.

ولد سنة ٤٧٧ ـ ومات رحمه‌الله في ربيع الآخر.

__________________

(١) انظر عن (يحيى بن عبد الرحمن) في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٦٢ (دون ترجمة).

١٨٨

سنة ست وخمسين وخمسمائة

 ـ حرف الألف ـ

١٩١ ـ أحمد بن ظفر.

أبو الوفاء الثّقفيّ ، الأصبهانيّ ، المعدّل.

مات في أوّل السّنة.

١٩٢ ـ أحمد بن كبيرة بن مقلّد.

أبو بكر الأزجيّ ، الخزّاز ، الصّالح ، العابد.

سمع : أبا القاسم بن بيان ، وابن ملّة المحتسب.

روى عنه : أحمد بن يحيى بن هبة الله ، وعبد العزيز بن الأخضر.

توفّي في ربيع الأوّل.

١٩٣ ـ أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن محمد بن قفرجل (١).

القطّان الذّهبيّ ، أبو القاسم البغداديّ.

شيخ مسند ، مستور.

سمع : عاصم بن الحسين ، وطراد بن محمد الزّينبيّ ، ورزق الله

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن المبارك) في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٥٦ ، ٣٥٧ رقم ٢٤٦ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٨ (وفيات سنة ٥٥٤ ه‍) ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٦ رقم ١٧٨٥ (وفيات ٥٥٤ ه‍) ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣١ في وفيات ٥٥٤ ه‍ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٠ (وفيات ٥٥٤ ه‍).

١٨٩

التّميميّ ، والفضل ابن أبي حرب الجرجانيّ ، وأبا الغنائم بن أبي عثمان ، وابن خيرون ، وأبا طاهر الباقلّانيّ ، وغيرهم.

روى عنه : أبو سعد بن السّمعانيّ ، وسعد بن طاهر البلخيّ ، وزيد بن يحيى البيّع ، وأبو هريرة محمد بن ليث الوسطانيّ ، وجماعة.

وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقيّر.

وكان له أخ اسمه باسمه أحمد حدّث أيضا بشيء عن شيوخ أخيه ، وتوفّي قديما (١).

١٩٤ ـ أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهّاب.

أبو المحاسن بن أبي نصر ابن الدّبّاس. من أرباب البيوتات الكبار ببغداد ، ومن ذرّية القاسم بن عبيد الله الوزير.

أديب ، كاتب ، شاعر ، قعد به الوقت ، وصار ينسخ بالأجرة.

سمع : النّعاليّ ، وطراد الزّينبيّ.

روى عنه : ابن سكينة ، ويوسف بن المبارك الخفّاف.

وتوفّي رحمه‌الله في المحرّم.

١٩٥ ـ أحمد بن هبة الله بن محمد (٢).

أبو عبد الله بن الفرضيّ ، بسكون الراء (٣). البغداديّ المقرئ.

قرأ بالروايات على : أبي ياسر الحمّاميّ ، وثابت بن بندار ، وعبد العزيز بن عليّ الخبّاز ، ومحمد بن أحمد الوقاياتيّ (٤) ، وجماعة.

__________________

(١) توفي قبل عشر سنين من وفاة أخيه.

(٢) انظر عن (أحمد بن هبة الله) في : الاستدراك (الفرضيّ) ، والمشتبه في الرجال ٢ / ٥٠٦ ، وتوضيح المشتبه ٧ / ٨٠.

(٣) وضم الفاء.

(٤) الوقاياتي : بكسر الواو وفتح القاف والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة ، ويقال لمن يبيعها

١٩٠

وسمع من : رزق الله التّميميّ ، وعليّ بن قريش ، وجماعة.

روى عنه : أحمد بن طارق ، وابن الأخضر ، وجماعة.

وقرأ عليه بالرّوايات أبو الفتوح بن الحصريّ. وكان عالي الإسناد في القراءات. سكن الدّسكرة وخطب بها. وكان القرّاء يقصدونه لعلوّ روايته.

وكان صالحا ، خيّرا ، مسنّا.

توفّي في جمادى الآخرة. ذكره ابن الدّبيثيّ ، والمحبّ بن النّجّار.

١٩٦ ـ إبراهيم بن دينار بن أحمد (١).

أبو حكم النّهروانيّ (٢) ، الفقيه الحنبليّ ، من علماء بغداد.

كان من المشهورين بالزّهد والورع ، والحلم الزّائد ، وإليه كان المرجع في علم الفرائض. أنشأ مدرسة من ماله بباب الأزج ، وانقطع بها للعلم والعمل. وكان يؤثر الخمول والتّواضع والعيش الخشن ، ويقتات من خياطة يده ، فيأخذ على القميص حبّتين فقط.

ولقد اجتهد جماعة في إغضابه وإضجاره فلم يقدروا.

وكان صبورا على خدمة الفقراء والعجائز والزّمنى ، ولم ير عابسا قطّ.

سمع : أبا الحسن العلّاف ، وابن بيان الرّزّاز ، وغيرهما.

__________________

= الوقاياتي. (الأنساب ١٢ / ٢٨٢).

(١) انظر عن (إبراهيم بن دينار) في : المنتظم ١٠ / ٢٠١ ، ٢٠٢ رقم ٢٩٠ (١٨ / ١٤٩ ، ١٥٠ رقم ٤٢٤١ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٣٦ ، والعبر ٤ / ١٥٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٦ رقم ٢٧٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٩ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، والوافي بالوفيات ٥ / ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤١ رقم ٢٣٩ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٦٠ ، والدرّ المنضّد في رجال أحمد للعليمي (مخطوط) ورقة ٧٠ ب و ٧١ أ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٦ ، وهدية العارفين ١ / ٩ ، ومعجم المؤلفين ١ / ٣١.

(٢) النهرواني : بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بلدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة يقال لها النهروان. (الأنساب ١٢ / ١٧٤).

١٩١

روى عنه : أبو الفرج بن الجوزيّ ، وابن الأخضر ، وأبو نصر عمر بن محمد المقرئ.

وكان صدوقا ، صحيح السّماع. ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة (١).

وسمع أيضا من أبي الخطّاب الكلوذانيّ. وتفقّه على صاحبه أبي سعد بن حمزة ، وقرأ عليه كثيرا.

وقال ابن الجوزيّ (٢) : أعدت درسه بمدرسة ابن الشّمحل ، فلمّا توفّي درّست بعده بها. وكان يضرب به المثل في الحلم والتّواضع. قرأت عليه القرآن والمذهب.

وقرأت بخطّه على ظهر جزء له :

رأيت ليلة الجمعة عاشر رجب سنة خمس وأربعين فيما يرى النّائم ، كأنّ شخصا في وسط داري ، فقلت له : من أنت؟ قال : الخضر ، وقال :

تأهّب للّذي لا بدّ منه

من الموت الموكّل بالعباد

ثمّ كأنّه علم أنّني أريد أن أقول له : هل ذلك عن قرب ، فقال : قد بقي من عمرك اثنتا عشرة سنة تمام سنيّ أصحابك. وعمري يومئذ خمس وستّون (٣) سنة.

قال ابن الجوزيّ (٤) : فكنت أترقّب صحّة هذا ، ولا أفاوضه ، فمرض اثنين وعشرين ، وتوفّي في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين.

__________________

(١) في المنتظم ١٠ / ٢٠١ (١٨ / ١٤٩) : «ولد سنة ثمانين وأربعمائة» ، ومثله في مرآة الزمان ٨ / ٢٣٦.

(٢) في المنتظم ١٠ / ٢٠١ (١٨ / ١٤٩ ، ١٥٠).

(٣) في المنتظم ١٠ / ٢٠١ (١٨ / ١٥٠) : «خمس وسبعون» ، والمثبت هو الصحيح لأنه ولد سنة ٤٨٠ ورأى المنام سنة ٥٤٥ ه‍. فيكون عمره عندئذ ٦٥ سنة.

(٤) في المنتظم.

١٩٢

قلت : إنّما يكون اثنتي عشرة سنة إذا حسبنا السّنة الّتي رأى فيها والّتي توفّي فيها (١).

١٩٧ ـ إبراهيم بن محمد بن عليّ.

أبو إسحاق الهمذانيّ الخطيب.

ولد سنة خمس وسبعين.

وسمع من : نصر بن محمد بن زيرك المقرئ.

كتب عنه : السّمعانيّ.

__________________

(١) وقال ابن القطيعي : سمعت ابن الجوزي يقول : كان الشيخ أبو حكيم تاليا للقرآن ، يقوم الليل ويصوم النهار ، ويعرف المذهب والمناظرة ، وله الورع العظيم ، وكان يكتب بيده فإذا خاط ثوبا فأعطي الأجرة مثلا قيراطا ، أخذ منه حبّة ونصفا وردّ الباقي ، وقال : خياطتي لا تساوي أكثر من هذا. ولا يقبل من أحد شيئا.

وقال ابن رجب : وقد صنّف أبو حكيم تصانيف في المذهب والفرائض ، وصنّف شرحا للهداية ، كتب منه تسع مجلّدات ، ومات ولم يكمله.

وقال ابن القطيعي : أنشدني أحمد التاجر ، أنشدني إبراهيم بن دينار الفقيه لنفسه :

يا دهر إن جارت صروفك واعتدت

ورميتني في ضيقة وهوان

إني أكون عليك يوما ساخطا

وقد استفدت معارف الإخوان

قال القطيعي : وقرأت في كتاب أبي حكيم النهرواني بخطه :

وإني لأذكر غور الكلام

لئلّا أجاب بما أكره

أصم عن الكلم المحفظات

وأحكم والحكم بي أشبه

إذا ما آثرت سفاه السفيه

عليّ ، فإنّي أنا الأسفه

فكم من فتى يعجب الناظرين

له ألسن وله أوجه

ينام إذا حضر المكرمات

وعند الدناءة يستنبه

قال : وقرأت في كتابه بخطّه :

عجبا وقد مررت بآثارك

إني اهتديت نهج الطريق

أتراني أنسيت عهدك

فيها؟ صدقوا ، ما لميت من صديق

وقد امتدحه الصرصري في قصيدته اللامية ، التي مدح فيها الإمام أحمد وأصحابه ، فقال :

وبالحلم والتقوى وصفة الرضا

أبو الحكيم غدا للفقه أكبر مجمل

(ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤١).

١٩٣

 ـ حرف الحاء ـ

١٩٨ ـ حاتم بن شافع بن صالح.

أبو الفتح الجيليّ (١). بوّاب دار الخلافة. أخو صالح بن شافع.

روى عن : جعفر بن الحكّاك ، وأبي منصور الخيّاط.

وعنه : ابن الأخضر ، وداود بن معمّر ، وغيرهما.

مات فجأة في ربيع الآخر سنة ستّ وخمسين ، وله سبعون سنة.

١٩٩ ـ [الحسين] (٢) بن الحسين.

الملك علاء الدّين الغوريّ صاحب الغور.

توفّي بعد رجوعه من محاصرة مدينة غزنة. وكان من أجود الملوك سيرة.

وكان قد كثر في جبالهم الإسماعيليّة ، فأخرجهم من تلك الأرض ، ونظّفها منهم ، وراسل الملوك وهاداهم ، واستمال صاحب نيسابور المؤيد أي أبه وهادنه.

٢٠٠ ـ حمزة بن عليّ بن طلحة (٣).

أبو الفتوح (٤) البغداديّ.

__________________

(١) الجيلي : بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها كيل وكيلان فعرّب ونسب إليها وقيل جيلي وجيلاني. (الأنساب ٣ / ٤١٤).

(٢) بياض في الأصل. والمستدرك من : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٧١ ، والعبر ٤ / ١٦٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٦ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٤٩.

(٣) انظر عن (حمزة بن علي) في : المنتظم ١٠ / ٢٠٢ رقم ٢٩١ (١٨ / ١٥٠ رقم ٤٢٤٢) ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٨٠ ، ٢٨١ ، وتلخيص مجمع الآداب ج ٥ رقم ٣٤٠ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني ٤٥ بالحاشية ، وتاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة باريس) ورقة ٢٠٢ ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٢ / ٤٨ ، ٤٩ رقم ٦٣٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٥ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ١٧٩ ، ١٨٠ رقم ٢٠٧.

(٤) في مرآة الزمان : أبو الفتح.

١٩٤

روى عن : أبي القاسم بن بيان.

وولي حجبة الباب ، ثمّ الخزانة. وكان قريبا من المسترشد ، وولي المقتفي وهو على ذلك.

وبنى مدرسة إلى جانب داره ، وحجّ ، وتزهّد ، وانقطع في بيته حتّى توفّي (١) ، وكان محترما يزوره الأكابر والدّولة (٢).

 ـ حرف السين ـ

٢٠١ ـ سليمان شاه بن السّلطان محمد بن السّلطان ملك شاه (٣).

السّلطان السّلجوقيّ.

كان فاسقا ، مدمن الخمر ، أهوج ، أحمق.

__________________

(١) قال ابن الجوزي ، وابن الأثير : انقطع في بيته نحوا من عشرين سنة.

وعند ما عاد من الحج وتزهّد أنشده أبو الحسين ابن الخلّ الشاعر :

يا عضد الإسلام يا من سمت

إلى العلى همّته الفاخرة

كانت لك الدنيا فلم ترضها

ملكا فأخلدت إلى الآخرة

(المنتظم) و (الكامل).

(٢) قال ابن الدبيثي في تاريخه : «كان أحد الأماثل الأعيان وممن رزق الحظوة عند السلطان ، وتخصّص بالقرب من خدمة الإمام المسترشد بالله ـ رضي‌الله‌عنه ـ فولّاه حجابته في أواخر سنة اثنتي عشرة. وفي صفر سنة أربع عشرة وخمسمائة جعله صاحب مخزنة ووكّله وكالة جامعة شرعية شهد عليه بها ، ولم تزل حاله عنده عالية ومنزلته وافية مدّة خلافته وكذلك من بعده في أيام المقتفي لأمر الله ـ قدّس الله روحه ـ إلى أن حجّ واستعفى من الخدمة في سنة سبع أو ست وثلاثين وخمسمائة فأعفي ولزم بيته منقطعا إلى الاشتغال بالخير وأسبابه. وكان كثير الحج والمجاورة بمكة ـ شرّفها الله ـ وبنى مدرسة للفقهاء الشافعيين مجاورة لداره بباب العامة المحروس ووقف عليها ثلث أملاكه ، ورتب فيها أبا الحسن محمد بن الخلّ مدرّسا. وقد سمع الحديث من الإمام المسترشد بالله ، ومن أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان ، وغيرهما. وحدّث عنهم». (مخطوطة باريس ، ورقة ٢٠٢).

(٣) انظر عن (سليمان شاه) في : تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٢ ، ٢٧٣ و ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، وزبدة التواريخ للحسيني ١٧١ و ١٧٤ و ٢١٩ و ٢٢١ و ٢٣٩ و ٢٤٠ و ٢٥٣ ـ ٢٥٨ ، والعبر ٤ / ١٦٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٧ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٩.

١٩٥

قال ابن الأثير (١) : شرب الخمر في رمضان نهارا ، وكان يجمع المساخر ، ولا يلتفت إلى الأمراء ، فأهمل العسكر أمره ، وصاروا لا يحضرون بابه. وكان قد ردّ الأمور إلى الخادم شرف الدّين كردباز (٢) ، أحد مشايخ الخدم السّلجوقيّة ، وكان الخادم يرجع إلى دين وعقل ، فاتّفق أنّ سليمان شرب يوما بظاهر همذان ، فحضر عنده كردباز فكشف له بعضهم سوأته ، فخرج مغضبا. ثمّ إنّه بعد أيّام عمد إلى مساخر سليمان شاه فقتلهم ، وقال : إنّما أفعل هذا صيانة لملكك. فوقعت الوحشة.

ثمّ إنّ الخادم عمل دعوة حضرها السّلطان ، فقبض الخادم على السّلطان بمعونة الأمراء ، وعلى وزيره محمود بن عبد العزيز الحامديّ في شوّال سنة خمس وخمسين ، وقتلوا الوزير ، وجماعة من خاصّة سليمان شاه ، وحبسه في قلعة ، ثمّ بعث من خنقه في ربيع الآخر سنة ستّ. وقيل : بل سمّه.

وقد ذكرنا من أخباره في الحوادث.

 ـ حرف الطاء ـ

٢٠٢ ـ طلائع بن رزّيك (٣).

__________________

(١) في الكامل ١١ / ٢٦٦.

(٢) في تاريخ دولة آل سلجوق ٢٦٣ «كردبازو» ومثله في الكامل.

(٣) انظر عن (طلائع بن رزّيك) في : أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٤ ـ ٩٧ ، والنكت العصرية ١ / ٣٢ وما بعدها ، والمنازل والديار لابن منقذ ١ / ١٥٤ ، والإعتبار ، له ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٤٣ ، وخريدة القصر (قسم مصر) ١ / ١٧٣ ـ ١٨٥ ، والكامل في التاريخ ١١ / ١٧٤ ، ونزهة المقلتين لابن الطوير ٧٠ ـ ٧٢ ، ٩٠ ، ١٢٢ ، وكتاب الروضتين ١ / ٣١١ ، ٣١٦ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٥٢٦ ـ ٥٣٠ ، وأخبار الدول المنقطعة ٨٥ ، ١٠٨ ـ ١١٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٨ ، ٣٩ ، وبدائع البداية ١٨٥ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٦٠ ، ٣٩٢ ، ومرآة الزمان ٨ / ١٤٦ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٣٢٤ ـ ٣٢٨ ، والدرّ المطلوب (من كنز الدرر) ١٦ ، والعبر ٤ / ١٦٠ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٧ ـ ٣٩٩ رقم ٣٧٢ ، والمشتبه في الرجال ١ / ٣٣٧ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٩ ، وعقود الجمان للزركشي (مخطوط) ١ / ورقة ١٤١ ب ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٥٠٣ ـ ٥٠٦ رقم ٥٥٢ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٣ ، والمغرب في حلى المغرب ٢١٧ ـ ٢٢٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ومرآة =

١٩٦

الأرمنيّ ، ثمّ المصريّ ، الشّيعيّ ، الرّافضيّ ، أبو الغارات ، وزير الدّيار المصريّة ، الملقّب بالملك الصّالح.

كان واليا على الصّعيد ، فلمّا قتل الظّاهر سيّر أهل القصر إلى ابن رزّيك واستصرخوا به ، فحشد وأقبل وملك ديار مصر ، كما ذكرنا في ترجمة الفائز (١) ، واستقلّ بالأمور.

وكانت ولايته في سنة تسع وأربعين. وكان أديبا ، شاعرا ، سمحا ، جوادا ، محبّا لأهل الفضائل ، وله ديوان شعر صغير (٢).

ولمّا مات الفائز وبويع العاضد استمرّ ابن رزّيك في وزارته ، وتزوّج العاضد بابنته. وكان العاضد من تحت قبضته ، فاغترّ بطول السّلامة ، وقطع أرزاق الخاصّة ، فتعاقدوا على قتله ، ووافقهم العاضد ، وقرّر مع أولاد الراعي قتله ، وعيّن لهم موضعا في القصر يكمنون فيه ، فإذا عبر أبو الغارات قتلوه ، فخرج من القصر ليلة ، فقاموا إليه ، فأراد أحدهم أن يفتح الباب فأغلقه ، وما علم لتأخير الأجل. ثمّ جلسوا له يوما آخر ، ووثبوا عليه عند دخوله القصر نهارا وجرحوه عدّة جراحات ، ووقع الصّوت ، فدخل حشمه ، فقتلوا أولئك ، ثمّ حملوه إلى داره جريحا ، ومات ليومه في تاسع عشر رمضان ، وخرجت الخلع لولده العادل رزّيك بالوزارة (٣).

__________________

= الجنان ٣ / ٣١١ ، ٣١٢ ، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق ١ / ٥٦ و ٢ / ٤٥ ، والكواكب الدرّية ١٥٩ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، وتبصير المنتبه ٢ / ٢٤٣ ، وتحفة الأحباب للسخاوي ٧٤ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٤٥ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، وحسن المحاضرة ٢ / ٢٠٥ ـ ٢١٥ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٢٤٦ ، والمواعظ والاعتبار ٢ / ٢٩٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١١٢ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٧ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٣١ ، ومعجم الأنساب والأسرات ، الحاكمة ١٥٠ ، وأخبار الدول ٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، وأعيان الشيعة ٣٦ / ٣٢٨ ـ ٣٣٥ ، والأعلام ٣٢ / ٣٢٩ ، ٣٣٠ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٤١ و «رزّيك» : بضم الراء وتشديد الزاي المكسورة وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها كاف.

(١) انظر الترجمة رقم (١٦٨) من هذا الجزء.

(٢) وقال ابن خلّكان : وقفت على ديوان شعره وهو في جزأين.

(٣) وفيات الأعيان ٢ / ٥٢٨.

١٩٧

ورثاه عمارة اليمنيّ بعدّة قصائد (١).

ومن شعر أبي الغارات :

ومهفهف ثمل القوام سرت إلى

أعطافه النّشوات (٢) من عينيه

ماضي اللّحاظ كأنّما سلّت يدي

سيفا (٣) غداة الروع من جفنيه

قد قلت إذ خطّ (٤) العذار بمسكة (٥)

في خدّه (٦) إلفيه لا لاميه

ما الشعر دبّ (٧) بعارضيه ، وإنّما

أصداغه تقبّضت (٨) على خدّيه

النّاس طوع يدي وأمري نافذ

فيهم وقلبي الآن طوع يديه

فأعجب لسلطان يعمّ بعدله

ويجور سلطان الغرام عليه (٩)

وله أشعار كثيرة في أهل البيت تدلّ على تشيّعه ، وسوء مذهبه (١٠) ، حتّى قال الشّريف الجوانيّ : كان في نصر المذهب كالسّكّة المحماة ، لا يفرى فريّة ، ولا يبارى عبقريّة ، وكان يجمع العلماء من الطّوائف ، ويناظرهم على الإمامة.

قلت : وكان يرى القدر ، وصنّف كتابا سمّاه : «الاعتماد في الرّدّ على أهل العناد» يقرّر فيه قواعد الرّفض ، وتعظيم بني عبيد (١١).

__________________

(١) انظر كتابه «النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية».

(٢) في المغرب : «الفترات».

(٣) في ديوان ابن رزّيك ، وخريدة القصر : «سيفي» ، والمثبت يتفق مع : المغرب في حلى المغرب.

(٤) في المغرب : «إذ كتب».

(٥) في المغرب : «بخدّه».

(٦) في المغرب : «في ورده».

(٧) في المغرب : «لاح».

(٨) في الديوان ، والخريدة : «نفضت».

(٩) ديوان ابن رزّيك ٧٤ ، خريدة القصر (شعراء مصر) ١ / ١٧٧ ، وفيات الأعيان ٢ / ٥٢٦ ، ٥٢٧ ، والمغرب في حلى المغرب ٢١٩ ، ٢٢٠.

(١٠) المغرب : ٢٢٢.

(١١) زاد المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ في (سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٩) : «ولقد قال لعليّ بن الزّبد لما ضجّت الغوغاء يوم خلافة العاضد وهو حدث : يا عليّ ، ترى هؤلاء القوّادين دعاة الإسماعيلية يقولون : ما يموت الإمام حتى ينصّها في آخر ، وما علموا أني من ساعة كنت أستعرض لهم خليفة كما أستعرض الغنم!».

١٩٨

وقال عمارة (١) : دخلت عليه قبل قتله بثلاثة أيّام ، فناولني قرطاسا (٢) فيه بيتان من شعره ، وهما :

نحن في غفلة ونوم ، وللموت

عيون يقظانة لا تنام

قد دخلنا إلى الحمّام سنينا (٣)

ليت شعري متى يكون الحمام؟ (٤)

وقد كان أبو محمد بن الدّهان النّحويّ نزيل الموصل شرح بيتا من شعر ابن رزّيك وهو هذا :

تجنّب سمعي ما تقول العواذل

وأصبح لي شغل ، من الغرّ شاغل

فبلغه ذلك ، فبعث إليه هديّة سنيّة.

ولمّا قتل رثاه عمارة اليمنيّ ، فأبلغ وأجاد حيث يقول :

خزّت ربوع (٥) المكرمات لراحل

عمرت به الأجداث وهي قفار

شخص الأنام إليه تحت جنازة

خفضت برفعة قدرها الأقدار

وكأنّه (٦) تابوت موسى أودعت

في جانبيه سكينة ووقار

وتغاير الحرمان والهرمان (٧) في

تابوته وعلى الكريم يغار (٨)

أنبأني أحمد بن سلامة ، عن علي بن نجا الواعظ قال : قرأت على الملك الصّالح طلائع لنفسه :

قولوا لمغرور بطول العمر :

ويحك ، ما عرفت صرف الدّهر

__________________

(١) في النكت العصرية ٤٨ ، ٤٩.

(٢) في الأصل : «قرطاس».

(٣) في مرآة الزمان : «قد دخلنا الحمّام عاما ودهرا».

(٤) النكت العصرية ٤٩.

(٥) في الأصل : «الربوع».

(٦) في النكت : «وكأنها».

(٧) في النكت : «للهرمان والحرمان».

(٨) النكت العصرية ٦٣ ، ٦٤.

١٩٩

نحن قعود والزّمان يجري

والموت يغدو نحونا ويسري

يطرق في غسق وفجر

وبعده أهوال يوم الحشر

طوبى لمن جانب طرق الشرّ

ومرّ جذلان خفيف الظّهر

يمضي ويبقى منه حسن الذّكر

 ـ حرف العين ـ

٢٠٣ ـ عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد (١).

أبو الفرج الموسياباذيّ (٢) ، الهمذانيّ ، الصّوفيّ.

سمع : عبدوس بن عبد الله ، والفضل بن أحمد الزّجّاجيّ.

مات في رمضان عن اثنتين وثمانين سنة.

أخذ عنه السّمعانيّ.

٢٠٤ ـ [عبد العزيز] (٣) بن محمد بن عمر بن محمد.

أبو محمد البغويّ (٤) الخطيب ، من أهل بغشور (٥).

شيخ صالح ، ورع ، تقيّ ، قانت لله. ولّي خطابة بغشور مدّة ، وكان النّاس يتبرّكون به.

__________________

(١) انظر عن (عبد الحميد بن إسماعيل) في : معجم شيوخ ابن السمعاني.

(٢) الموسياباذي : بضم الميم ، وكسر السين المهملة ، وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها ، وفتح الباء المنقوطة بواحدة بين الألفين ، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى موسياباذ وهي إحدى قرى همذان ، (الأنساب ١١ / ٥٢٠) وضبطت في (معجم البلدان ٥ / ٢٢٢) بفتح السين المهملة.

(٣) في الأصل بياض.

(٤) البغويّ : بالتحريك. نسبة إلى بغ ، وهي على غير قياس. ويقال لها بغشور. (معجم البلدان ١ / ٤٦٨) وهي بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة. (الأنساب ٢ / ٢٥٤) وفي (المشتبه ١ / ٨٥) للمؤلّف ـ رحمه‌الله ـ : «البغوي من بغشور : بين هراة وسرخس».

وتعقبه ابن ناصر الدين الدمشقيّ فقال : هي قصبتان بغ وبغشور. (توضيح المشتبه ١ / ٥٦٦) فخالفه وخالف ابن السمعاني وياقوت.

(٥) بغشور : بضم الشين المعجمة ، وسكون الواو ، وراء. بليدة بين هراة ومروالروذ. ويقال لها : بغ ، أيضا. (معجم البلدان ١ / ٤٦٧).

٢٠٠