تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. ومات في جمادى الأولى. ودفن بسفح قاسيون.

قلت : روى عنه : ابن عساكر ، وابنه البهاء ، وأبو المواهب بن صصريّ ، وأخوه أبو القاسم ، وعبد الخالق بن أسد ، وابنه غالب ، وحمزة بن عبد الوهّاب الكنديّ ، وأحمد بن المسمع ، ومكرم بن أبي الصّقر ، وأبو نصر محمد بن الشّيرازيّ.

وآخر من روى عنه كريمة القرشيّة.

 ـ حرف الخاء ـ

١٥٨ ـ خسرو شاه (١).

سلطان غزنة ، وابن سلاطينها. ولي الملك بعد أبيه الملك بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمد بن سبكتكين.

قال ابن الأثير (٢) : توفّي في رجب من سنة خمس. وكان عادلا حسن السّيرة في رعيّته ، محبّا للخير ، مقرّبا للعلماء ، راجعا إلى أقوالهم. وكان ملكه تسع سنين. وملك بعد ابنه ملك شاه ، فلمّا ملك نزل علاء الدّين ملك الغور فحاصر غزنة ، وكان الثّلج كثيرا ، فلم يمكنه المقام وعاد إلى بلاده.

 ـ حرف الطاء ـ

١٥٩ ـ طاهر بن عثمان بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن.

أبو الطّيّب القرشيّ ، الزّهريّ ، العوفيّ ، البخاريّ ، فاضل ، طريف ،

__________________

(١) انظر عن (خسرو شاه) في : الكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٨ ، والعبر ٤ / ١٥٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٨٩ ، ٣٩٠ رقم ٢٦٣ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٩٨ ، والوافي بالوفيات ١٣ / ٣١٦ ، ٣١٧ رقم ٣٩١ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٢ ، والسلوك ١ / ق ١ / ٨٠ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٣ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٥ ، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة ٤١٨.

(٢) في الكامل.

١٦١

كيّس ، مطبوع الحركات. طلب الحديث وتفقّه ، ووعظ وعظا مليحا.

وسمع من : جدّه محمد بن عبد الحميد العوفيّ ، وعثمان بن إبراهيم الفضيلي ، وبكر بن الرزنجريّ (١).

وتوفّي في رجب وله إحدى وسبعون سنة.

 ـ حرف العين ـ

١٦٠ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور.

أبو عبد الكريم المقدسيّ.

شيخ صالح ، مقرئ. هاجر إلى دمشق قبل الجماعة. وتعلّم بها شيئا من العلم ، ثمّ عاد. وكان كثير الخير ، نظيف الثّياب صالحا. ثمّ جاء ومضى إلى حرّان المرح (٢) ، فأمّ بأهلها ، وعاد مريضا إلى دمشق ، فمات في رجب.

وهو عمّ الحافظ الضّياء.

قال : سألت خالي موفّق الدّين عنه ، فقال : كان أكبر إخوته. انتقل إلى قرية جحا وأمّ بأهلها ، ثمّ قدم علينا بعد أن انتقلنا إلى الجبل من مسجد أبي صالح ، فأسّس له بيتا في الدّير ، وخرج إلى حران المرح.

وسمعت شيخنا العماد إبراهيم بن عبد الواحد قال : كان يخطب في حرّان ، فقال في خطبته : اللهمّ ارحم أمير المؤمنين المقتفي ، بدل أصلح ، فلمّا كان بعد أيّام جاءنا الخبر بموت المقتفي.

١٦١ ـ عبد الرحمن بن أبي سعد محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى.

أبو القاسم الفارسيّ ، ثمّ السّرخسيّ (٣).

__________________

(١) لم أجد هذه النسبة ، وقد تكون : «الزرنجري» بتقديم الزاي.

(٢) قرية بغوطة دمشق.

(٣) السّرخسي : هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها : سرخس ،

١٦٢

فقيه ورع ، قانع ، خيّر. تفقّه على محيي السّنّة البغويّ ، وبعده على عبد الرحمن بن عبد الله النّيهيّ (١) ، وأتقن مذهب الشّافعيّ.

وتوفي في الكهولة بنسا في هذا العام ظنّا.

١٦٢ ـ عبد الرّشيد بن أبي بكر بن أبي الفضل بن ينال.

أبو محمد الهرويّ ، الطّائيّ ، البنّاء. شيخ صالح.

سمع كثيرا من : محمد بن عليّ العميريّ.

روى عنه : عبد الرحيم بن السّمعانيّ وغيره.

توفّي بسجستان في ربيع الأوّل.

١٦٣ ـ عبد الرشيد بن أبي بكر بن ينال (٢).

أبو محمد الهرويّ ، المهندس.

شيخ صالح ، سمع كثيرا من محمد بن عليّ العميريّ وحده ، من ذلك : «العوالي في التّاريخ» لابن عديّ ، رواه عن العميريّ ، عن البوشنجيّ (٣) ، عنه.

سمعه منه السّمعانيّ وقال : مات بسجستان في ربيع الآخر عن ثمانين سنة.

١٦٤ ـ عبد [...] (٤) بن مكيّ بن أيّوب.

أبو محمد التّغلبيّ ، الشّاطبيّ ، فقيه ، حافظ ، شروطيّ حاذق ، شاعر.

ولّي خطّة الشّورى بشاطبة.

__________________

= وسرخس ، وهو اسم رجل من الذّعّار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمره. (الأنساب ٧ / ٦٩).

(١) النّيهي : بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الهاء هذه النسبة إلى نيه ، وهي بلدة بين سجستان وإسفزار ، صغيرة ، (الأنساب ١٢ / ١٨٨).

(٢) هو الّذي قبله.

(٣) بضم الباء الموحّدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون ، وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها بوشنك ، وقد تعرّب فيقال لها : فوشنج. (الأنساب ٢ / ٣٣٢ ، ٣٣٣).

(٤) في الأصل بياض.

١٦٣

وروى عن أبيه ، وأبي عبد الله بن سيف ، وأبي بكر بن مفوّز ، وأبي عليّ بن سكّرة.

١٦٥ ـ عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حمزة بن محمد بن عبد الله (١).

الثّقفيّ ، أبو جعفر قاضي القضاة.

سمع : أبا الغنائم محمد بن عليّ النّرسيّ ، وولّي قضاء الكوفة مدّة. ثمّ ولّاه المستنجد بالله في هذا العام قضاء العراق ، فتوفّي في آخر العام وقد ناهز الثّمانين.

قال أبو سعد السّمعانيّ : [من] بيت القضاء والعلم ، فصيح العبارة ، يحفظ التّواريخ. سمع ببغداد أبا الخطاب بن البطر ، وأبا عبد الله بن البسريّ ، وقال لي : ولدت في صفر سنة ٤٧٩ بالكوفة. وقرأت عليه جزءا من «المحامليّات».

١٦٦ ـ عبد الواحد بن ثابت بن روح بن محمد بن عبد الواحد (٢).

أبو القاسم الصّوفيّ ، الرّارانيّ (٣) ، الأصبهانيّ. وراران قرية.

قال أبو سعد : صالح ، خيّر ، من بيت الحديث والتّصوّف (٤).

سمع : الحافظ سليمان بن إبراهيم ، وطراد بن محمد الزّينبيّ ، وجماعة بأصبهان. وتوفّي في السّابع والعشرين من ذي الحجّة.

١٦٧ ـ عليّ بن حسّان بن عليّ (٥).

__________________

(١) انظر عن (عبد الواحد بن أحمد) في : المنتظم ١٠ / ١٩٦ رقم ٢٨٣ (١٨ / ١٤٣ رقم ٤٢٣٤) ، والعبر ٤ / ١٥٧ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٠٠٨ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٣ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٥.

(٢) (عبد الواحد بن ثابت) في : الأنساب ٦ / ٣٩ ، وتوضيح المشتبه ٤ / ٨٦.

(٣) الراراني : راران بالراءين المفتوحتين المنقوطتين من تحتها بنقطة واحدة (علامة الإهمال). قرية من قرى أصبهان.

(٤) وقال : سمعت منه بأصبهان ، ثم قدم علينا بغداد وكتبت عنه بها شيئا يسيرا.

(٥) انظر عن (علي بن حسان) في : المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣ / ١٢٥ رقم ١٠٠٣ ، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مصوّرة الظاهرية) ورقة ١٩٩ أ.

١٦٤

أبو الحسن بن العلبيّ (١) والد زكريّا. شيخ بغداديّ.

سمع من : طراد الزّينبيّ.

روى عنه : محمد بن مشّق ، وغيره.

توفّي رحمه‌الله في شعبان.

١٦٨ ـ عيسى بن الظّافر إسماعيل بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بالله (٢).

العبيديّ. الفائز بنصر الله أبو القاسم ، خليفة مصر.

بويع بالقاهرة يوم قتل والده وله خمس سنين ، وقيل : بل سنتان ، فحمله الوزير عبّاس على كتفه ، ووقف في صحن الدّار به ، مظهرا الحزن والكآبة ، وأمر أن يدخل الأمراء ، فدخلوا فقال : هذا ولد مولاكم ، وقتل عمّاه مولاكم ، وقد قتلتهما كما ترون به ، والواجب إخلاص الطّاعة لهذا الطّفل. فقالوا

__________________

(١) العلبي : بضم العين المهملة وسكون اللام وكسر الباء الموحّدة. وبعضهم بفتح اللام.

(٢) انظر عن (عيسى بن الظافر : الفائز بنصر الله) في : النكت العصرية ٣٢ و ١٧٠ ، والمنتظم ١٠ / ١٩٦ (١٨ / ١٤٣) ، وتاريخ الفارقيّ (في حاشية ذيل تاريخ دمشق) ٣٦٠ ، ٣٦١ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٥ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٣ ، والمنتقى من تاريخ مصر ١٤٩ ، ١٥٠ ، وكتاب الروضتين ١ / ٣١١ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ٢١٢ ، والمؤنس ٧٢ ، ونزهة المقلتين لابن الطوير ٦٩ ، ٧٠ ، وأخبار الدولة المنقطعة ١٠٦ ، ١٠٨ ـ ١١٠ ، والمغرب في حلى المغرب ٩٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٧ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٣٢٢ ، والدرّ المطلوب (من كنز الدرر) ١١ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٩١ ـ ٤٩٤ ، والعبر ٤ / ١٥٦ ، ودول الإسلام ٢ / ٧١ ، ٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ رقم ٧٧ و ٢٠ / ٤١٥ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٨ ، والدرة المضيّة ٥٧١ (حوادث سنة ٥٥٤ ه‍.) ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤٢ ، والكواكب الدرّية ١٥٨ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٥٢١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، وتاريخ ابن الفرات (مصوّرة التيمورية) ٣ / ١٨١ أ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ٧٥ ، ٧٦ ، والمواعظ والاعتبار ١ / ٣٥٧ ، واتعاظ الحنفا ٣ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٩ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٠٦ ـ ٣١٧ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٠٩ ، وحسن المحاضرة ٢ / ١٨ ، وتحفة الأحباب للسخاوي ٣١١ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٤ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٠ ، وأخبار الدول ١١٩٣.

١٦٥

كلّهم : سمعنا وأطعنا. وضجّوا ضجّة واحدة بذلك ، ففزع الغلام ، وبال على كتف عبّاس من الفزع. وسمّوه الفائز ، وسيّروه إلى أمّه ، واختلّ عقله من تلك الصّيحة فيما قيل ، فصار يتحرّك في بعض الأوقات ويصرع. ولم يبق على يد عبّاس يد ، ودانت له الممالك (١).

وأمّا أهل القصر فإنّهم اطّلعوا على باطن القضيّة ، فأخذوا في إعمال الحيلة في قتل عبّاس وابنه ، فكاتبوا طلائع بن رزيك الأرمنيّ والي منية بني خصيب (٢) ، وكان موصوفا بالشّجاعة والرأي ، فسألوه النّصرة ، وقطعوا شعور النّسوان والأولاد ، وسيّروها في طيّ الكتاب ، وسوّدوا الكتاب. فلمّا وقف عليه اطلع من حوله من الجند عليه ، وأظهر الحزن ، ولبس السّواد ، واستمال عرب الصّعيد ، وحشد وجمع. ثمّ كاتب أمراء القاهرة في الطّلب بدم الظافر ، فوعدوه بما يحبّ فسار إلى القاهرة ، فلمّا قرب خرج إليه الأمراء ، والجند ، والسّودان ، وبقي عباس في نفر يسير ، فهرب هو وابنه وغلمانه والأمير أسامة بن منقذ (٣).

وقيل هو الّذي أشار عليهما بقتل الظّافر (٤) ، والعلم لله.

فنقل ابن الأثير (٥) قال : اتّفق أنّ أسامة بن منقذ قدم مصر ، فاتّصل بعبّاس ، وحسّن له قتل زوج أمّه العادل عليّ بن السّلّار فقتله ، وولّاه الظّافر الوزارة ، فاستبدّ بالأمر ، وتمّ له ذلك (٦).

__________________

(١) أخبار الدول المنقطعة ١٠٨ ، وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٢ ، نزهة المقلتين ٧٠.

(٢) في الكامل : «حصيب» بالحاء المهملة ، والمثبت يتفق مع : أخبار الدول المنقطعة ، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق ، ق ٢ / ٢١ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٩٢ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٤.

(٣) أخبار الدول المنقطعة ١٠٨ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٩٢ ، أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٤ ، نزهة المقلتين ٧٠ ، ٧١.

(٤) نزهة المقلتين ٧٢.

(٥) في الكامل ١١ / ١٩١.

(٦) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٢ ، نزهة المقلتين ٧٢ ، ٧٣.

١٦٦

وعلم الأمراء أنّ ذلك من فعل ابن منقذ ، فعزموا على قتله ، فخلا بعبّاس وقال له : كيف تصبر على ما أسمع من قبيح القول من النّاس : أنّ الظّافر يفعل بابنك نصر؟ وكان من أجمل النّاس ، وكان ملازما للظّافر.

فانزعج لذلك فقال : كيف الحيلة؟

قال : اقتله فيذهب عنك العار.

فاتفق مع ابنه على قتله (١).

وقيل : إنّ الظّافر أقطع نصر بن عبّاس قليوب كلّها ، فدخل وقال : أقطعني مولانا قليوب. فقال ابن منقذ : ما هي في مهرك بكثير. فجرى ما ذكرناه (٢).

وهربوا فقصدوا الشّام على ناحية أيلة في ربيع الأوّل سنة تسع وأربعين (٣).

وملك الصّالح طلائع بن رزّيك ديار مصر من غير قتال ، وأتى إلى دار ابن عبّاس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هي اليوم المدرسة السّيوفيّة الحنفيّة (٤) ، فاستحضر الخادم الصّغير الّذي كان مع الظافر لمّا نزل سرّا ، وسأله عن الموضع الّذي دفن فيه الظّافر ، فعرّفه به ، فقلع البلاطة الّتي كانت عليه ، وأخرج الظّافر ومن معه من المقتولين ، وحملوا ، وقطّعت عليهم الشّعور ، وناحوا عليهم بمصر ، ومشى الأمراء قدّام الجنازة إلى تربة [القصر] (٥). وتكفّل الصّالح بالصّغير ودبّر أحواله.

وأمّا عبّاس ومن معه ، فإنّ أخت الظّافر كاتبت الفرنج بعسقلان الّذين

__________________

(١) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٣.

(٢) الكامل.

(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٢.

(٤) انظر : أخبار مصر لابن ميسر ٢ / ٩٢.

(٥) في الأصل بياض. والمستدرك من : الكامل ١١ / ١٩٣ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٩٣ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٩٤ ، وهي «تربة آبائه» كما في : (نزهة المقلتين لابن الطوير ٧٢).

١٦٧

استولوا عليها من مديدة يسيرة ، وشرطت لهم مالا جزيلا إذا خرجوا عليه وأخذوه. فخرجوا عليه ، فواقعهم ، فقتل عبّاس ، وأخذت أمواله ، وهرب ابن منقذ في طائفة إلى الشّام (١). وأرسلت الفرنج نصر بن عبّاس إلى مصر في قفص حديد ، فلمّا وصل تسلّم رسولهم المال ، وذلك في ربيع الأوّل سنة خمسين. ثمّ قطعت يد نصر ، وضرب ضربا مهلكا وقرض جسمه بالمقاريض ، ثمّ صلب على باب زويلة حيّا ، ثمّ مات. وبقي مصلوبا إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين ، فأحرقت عظامه (٢).

وهلك الفائز سنة خمس ، وهو ابن عشر سنين أو نحوها.

وقيل : إنّ الملك الصّالح ابن رزّيك بعث إلى الفرنج يطلب منهم نصر بن عبّاس ، وبذل لهم أموالا ، فلمّا وصل سلّمه الملك الصّالح إلى نساء الظّافر ، فأقمن يضربنه بالقباقيب واللّوالك أيّاما ، وقطّعن لحمه ، وأطعمنه إيّاه إلى أن مات ، ثمّ صلب.

ولمّا مات الفائز بالله بايعوا العاضد لدين الله أبا محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيديّ ، ابن عمّ الفائز ، وأجلسه الملك الصالح طلائع بن رزّيك على سرير الخلافة ، وزوّجه بابنته (٣). ثمّ استعمل الصّالح على بلد الصّعيد شاور البدويّ الّذي وزر.

 ـ حرف الفاء ـ

١٦٩ ـ فضل بن حسن (٤).

أبو القاسم الأنصاريّ ، الدّمشقيّ ، الكتّانيّ.

__________________

(١) الكامل ١١ / ١٩٤ ، وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٣ ، نزهة المقلتين ٧٣ ، أخبار الدول ١٠٩.

(٢) أخبار الدول المنقطعة ١٠٩ ، وفيات الأعيان ٣ / ٤٩٣.

(٣) الكامل ١١ / ٢٥٥.

(٤) انظر عن (فضل بن حسن) في : تاريخ دمشق ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٢٠ / ٢٧٤ رقم ١٠٥ وفيه : «فضائل».

١٦٨

كان يخرج إلى الغوطة (١) ويقارض الكتّان بالغزل.

روى عن : سهل بن بشر.

روى عنه : الحافظ بن عساكر ، وقال : مات في ذي الحجّة.

١٧٠ ـ الفضل بن الحسن بن عليّ بن محمد.

الخطيب أبو نصر الطّوسيّ ، المقرئ.

قال ابن السّمعانيّ : كان يؤمّ الوزراء. قدم علينا مع الوزير محمود بن أبي توبة ، وخطب بجامع مرو. وكان حسن الصّوت ، عالما ، كثير المحفوظ.

حجّ وسمع أبا القاسم بن بيان ، وأبا الرّضا عليّ بن يحيى النّسفيّ ، وهادي بن إسماعيل الحسينيّ.

وكان قد سمع : أبا تراب عبد الباقي المراغيّ (٢) ، ونصر الله بن أحمد الحسناميّ (٣) على ما ذكر لي يوما ، وما رأيت له أصلا يفرح به.

ولد سنة ستّ وسبعين وأربعمائة ، وتوفّي بمرو في جمادى الآخرة.

قلت : روى عنه : عبد الرحيم.

 ـ حرف القاف ـ

١٧١ ـ القاسم بن الحسين بن القاسم (٤).

أبو بكر الهرويّ ، الحصيري (٥).

__________________

(١) في تاريخ دمشق : «القرى».

(٢) في الأصل : «المرادغي» ، والتصحيح من الأنساب ١١ / ٢٢٤ وفيه : المراغي : بفتح الميم والراء وفي آخرها الغين المعجمة. هذه النسبة إلى القبيلة والبلد. وعبد الباقي المذكور منسوب إلى مراغة البلدة التي من بلاد أذربيجان.

(٣) لم أجد هذه النسبة.

(٤) انظر عن (القاسم بن الحسين) في : التقييد ٤٣١ ، ٤٣٢ رقم ٥٧٨ ، والتحبير ٢ / ٣٩ ، ٤٠ رقم ٦٣٩.

(٥) الحصيري : بفتح أوله وكسر الصاد المهملة ، وسكون المثنّاة تحت ، وكسر الراء. نسبة إلى الحصير. محلّة ببخارى يعمل فيها الحصر. (توضيح المشتبه ٣ / ٢٤٩).

١٦٩

قال عبد الرحيم في «معجمه» : كان شيخا صالحا ، حسن الخطّ ، حملني والدي إليه ليسمّعني منه «صحيح الإسماعيليّ». فسمعت منه.

سمع : أبا عامر محمود بن القاسم الأزديّ ، وإسماعيل بن حمزة الهرويّ ، وأبا أحمد إسماعيل بن عبد الله القهندزيّ (١).

ولد سنة سبع وسبعين (٢) وأربعمائة ، وتوفّي بهراة في رابع جمادى الآخرة.

وقال أبو سعد في «التّحبير» (٣) : سمعت منه «الجامع الصّحيح» للإسماعيليّ بروايتين ، عن إسماعيل بن حمزة بن فضالة العطّار ، ثمّ الحسين بن محمد الباشانيّ (٤) ، عنه. وسمعت منه «الجواهر» لمحمد بن المنذر شكر (٥).

__________________

(١) القهندزي : بضم القاف والهاء وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى قهندز ، بلاد شتّى ، وهي المدينة الداخلة المسوّرة ، وأما قهندز بخارى فهي المدينة الداخلة (الأنساب ١١ / ٢٧٤).

(٢) في التقييد ٤٣١ ، ٤٣٢ سنة سبع وستين. والمثبت يتفق مع التحبير ٢ / ٤٠.

(٣) ج ٢ / ٣٩.

(٤) في التقييد ٤٣١ «الباساني» بالسين المهملة. والمثبت يتفق مع التحبير. وهي : الفاشاني ويقال : باشاني ، بالفاء والباء الموحّدة والشين المعجمة ، نسبة إلى فاشان أو باشان من قرى هراة. (توضيح المشتبه ٧ / ٢١).

(٥) توفي المعروف بشكر في سنة ٣٠٣ ه‍.

وقال ابن السمعاني عن الحصيري القاسم إنه كان سليم الجانب ، مليح المجاورة ، صحب القضاة بهراة ، وكان يكتب الصكاك بجامع هراة. ولما أردت الانصراف من هراة استصحبته وحملته إلى مرو لأسمع منه. (التحبير).

وقال ابن نقطة : حدّث عن إسماعيل بن حمزة بن فضالة ، عن الحسين بن محمد الباشاني بجميع صحيح الإسماعيلي ، وحدّث عن أبي عامر محمود بن القاسم الأزدي ، لا أعلم سمع منه جميع كتاب الجامع لأبي عيسى أو بعضه.

حدّث عنه أبو القاسم بن عساكر في معجم شيوخه. (التقييد).

١٧٠

 ـ حرف الكاف ـ

١٧٢ ـ كريمة بنت أحمد بن عليّ الكوفيّ ، الأبيورديّ (١).

أمّ الحسين العابدة.

نزلت مرو ، وسمعت مع السّمعانيّ (٢). وكانت صوّامة ، قوّامة ، متهجّدة قانتة ، عابدة.

 ـ حرف الميم ـ

١٧٣ ـ محمد المقتفي لأمر الله (٣).

__________________

(١) انظر عن (كريمة بنت أحمد) في : ملحق التحبير ٢ / ٤٣٥ ، ومعجم شيوخ ابن السمعاني ، ورقة ٢٩٨ أ.

(٢) وهو زاد في نسبها : الغازي ، الكوفني ، من أهل أبيورد ، وقال : سكنت مرو في دارنا ، امرأة صالحة ، كثيرة العبادة من الصوم والتهجّد ، وأعمال الخير. تعلّمت قراءة القرآن على كبر السّنّ ، وحفظت التواريخ ، وكانت تديم التلاوة. سمعت : الإمام أبا يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني ، وأبا طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السخيمي ... سمعت منهم بقراءتي عليهم كتبت عنها شيئا يسيرا ... وكانت ولادتها سنة نيّف وثمانين وأربعمائة بكوفن أبيورد ، وماتت بمرو ليلة الخميس الثامن والعشرين من صفر. (معجم الشيوخ).

(٣) انظر عن (المقتفي لأمر الله) في : المنتظم ١٠ / ١٩٧ رقم ٢٨٦ (١٨ / ١٤٤ رقم ٤٢٣٧) ، والتاريخ الباهر ١١٤ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٥٦ ، والنبراس ١٥٦ ، وتاريخ الفارقيّ (ملحق يذيل تاريخ دمشق) ٣٦٠ ، ٣٦١ ، وزبدة التواريخ للحسيني ٢٦٨ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٢٥ ، وكتاب الروضتين ١ / ٣١٠ ، ومفرّج الكروب ١ / ١٣١ ، والفخري ٣١٠ ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني ٢٢٨ ـ ٢٣٢ ، ومرآة الزمان ٨ / ١٤٤ ، وخلاصة الذهب المسبوك ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٧٤ ، وتاريخ مختصر الدول ، له ٢٠٩ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ٣٧ ، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) ٢٥٧ ، ٢٥٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، والاعتبار لابن منقذ ١٧٣ ، ١٧٤ ، وخريدة القصر (قسم العراق) ج ١ ق ١ / ٣٤ ، ٣٥ ، وانظر فهرس الأعلام ٤٠٣ ، ووفيات الأعيان (انظر فهرس الأعلام) ٨ / ٢١٦ ، ٢١٧ ، وآثار البلاد وأخبار العباد ٢٦٧ ، ٤٧٢ ، والعبر ٤ / ١٥٨ ، ودول الإسلام ٢ / ٧١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٩٩ ـ ٤١١ رقم ٢٧٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦٢ ، ٦٣ ، وعيون التواريخ ١٢ / ٥٢١ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، والوافي بالوفيات ٢ / ٩٤ ، ٩٥ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٤١ ، والدرّ المطلوب (من كنز الدرر) ١١ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٥٢٢ ، والجوهر الثمين ١ / ٢٠٧ =

١٧١

أمير المؤمنين أبو عبد الله بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله جعفر بن المعتضد الهاشميّ ، العباسيّ ، رضي‌الله‌عنه.

من سروات الخلفاء ، كان عالما ، ديّنا ، شجاعا ، حليما ، دمث الأخلاق ، كامل السّؤدد ، خليقا للإمامة ، قليل المثل في الأئمّة عليهم‌السلام ، لا يجري في دولته أمر وإن صغر إلّا بتوقيعه. وكتب في خلافته ثلاث ربعات منها ربعة نفدت إلى بلاد فارس.

ووزر له عليّ بن طراد الزّينبيّ ، ثمّ أبو نصر بن جهير ، ثمّ أبو القاسم عليّ بن صدقة ، ثمّ أبو المظفّر يحيى بن هبيرة ، وحجبه أبو المعالي بن الصّاحب ، ثمّ كامل بن مسافر ، ثمّ أبو غالب بن المعوّج ، ثمّ أبو الفتح بن الصّيقل ، ثمّ أبو القاسم عليّ بن الصّاحب.

وكان آدم ، مجدور الوجه ، مليح الشّيبة ، له هيبة عظيمة ، وأمّه حبشيّة.

ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الثّاني والعشرين من ربيع الأوّل ، وبويع بالخلافة في السّادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة ، وقد جاوز الأربعين.

وسمع من مؤدّبه أبي البركات بن أبي الفرج بن السّيبيّ (١).

قال ابن السّمعاني : وأظنّ أنّه سمع «جزء ابن عرفة» من أبي القاسم بن بيان ، مع أخيه المسترشد بالله ، واتّفق أني كتبت قصّة إليه ، وسألته الإنعام بالأحاديث ، والإذن في السّماع منه ، فأنعم وفتّش على الجزء ونفذه إليّ على يد شيخنا أبي منصور بن الجواليقيّ وكان يؤمّ به الصّلوات ، فخرجت من بغداد

__________________

= ٢٠٩ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٣٥ ـ ٤٤ ، والكواكب الدرّية ١٥٧ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٦٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، وتاريخ الخلفاء ٤٣٧ ـ ٤٤٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١١١ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٢ ـ ١٧٤ ، وأخبار الدول ١٧٥ ، ١٧٦.

(١) السّيبي : بالسين المهملة.

١٧٢

قبل أن أسمعه منه ، غير أنّي سمعته من ابن الجواليقيّ ، وكان قد قرأه عليه.

حدّثنا أبو منصور ، ثنا المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين ، أنا أبو البركات أحمد بن عبد الوهّاب ، أنا أبو محمد الصّريفينيّ ، أنا المخلّص ، أنا إسماعيل الورّاق ، ثنا حفص بن عمرو الرّباليّ ، نا أبو سحيم ، عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يزداد الأمر إلّا شدّة ولا النّاس إلّا شحّا ، ولا تقوم السّاعة إلّا على شرار الخلق» (١).

قلت : أنا أبو المعالي الهمذانيّ ، أنا أبو عليّ بن الجواليقيّ ، أنا أبو المظفّر يحيى بن محمد الوزير قال : قرأت على مولانا المقتفي لأمر الله سنة اثنتين وخمسين حدّثكم السّيبيّ ، فذكره.

وأجاز لنا جماعة سمعوه من الكنديّ ، أنا أبو الفتح عبد الله بن البيضاويّ ، أنا أبو محمد بن هزارمرد الصّريفينيّ ، فذكره.

وقد جدّد المقتفي بابا ، واتّخذ من العتيق تابوتا لدفنه. وكان محمود السّيرة ، مشكور الدّولة ، يرجع إلى دين ، وعقل ، وفضل ، ورأي ، وسياسة ، جدّد معالم الإمامة ، ومهّد رسوم الخلافة ، وباشر الأمور بنفسه ، وغزا غير مرّة في جنوده ، وامتدّت أيّامه.

__________________

(١) إسناده ضعيف لضعف أبي سحيم مولى عبد العزيز بن صهيب ، وهو المبارك بن سحيم.

قال الشيخ شعيب الأرنئوط :

وفي الباب عن معاوية عند الطبراني في (المعجم الكبير) ١٩ / ٣٥٧ ، والبيهقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعيّ) ص ٣٠١ ، ورجاله ثقات.

وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد ٨ / ١٤) وقال : رجاله رجال الصحيح.

وعن أبي أمامة عند الحاكم في (المستدرك على الصحيحين) ٤ / ٤٤٠ ، والطبراني في المعجم الكبير ، رقم (٧٧٥٧) ، والبيهقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعيّ) ص ٣٠٢.

وفي سنده عندهم عبد الله كاتب الليث وهو سيّئ الحفظ ، لكن قال البيهقي : تابعه معن بن عيسى ، عن معاوية بن صالح ، وباقي رجاله ثقات. وصحّحه الحاكم ، ووافقه الذهبي.

وله طريق آخر عند الطبراني في (المعجم الكبير) رقم (٧٨٩٤) ، وانظر : مجمع الزوائد ٧ / ٢٨٥ والفقرة الأخيرة من الحديث أخرجها مسلم في صحيحه (٢٩٤٩) من حديث ابن مسعود.

١٧٣

وذكر أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السّميع الهاشميّ في كتاب «المناقب العبّاسيّة» المقتفي ، فقال : كانت أيّامه نضرة بالعدل ، زهرة بفعل الخيرات ، وكان على قدم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه ومعه.

وكان في أوّل عمره متشاغلا بالدّين ، ونسخ [ربعات] (١) وقرأ القرآن إلى أن قال : ولم ير مع سماحته ولين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة في شهامته وصرامته وشجاعته ، مع ما خصّ به من زهده وورعه وعبادته. ولم تزل جيوشه منصورة حيث يمّمت.

قال ابن الجوزيّ (٢) : مات بالتّراقي ، وقيل : دمّل في عنقه ، فتوفّي ليلة الأحد ثاني ربيع الأوّل ، عن ستّ وستّين سنة [إلّا] (٣) ثمانية وعشرين يوما.

قال : ومن العجائب أنّه وافق أباه في علّة التّراقي ، وماتا جميعا في ربيع الأوّل.

وتقدّم موت شاه محمد على موت المقتفي بثلاثة أشهر ، وكذلك المستظهر مات قبله السّلطان محمد بن ملك شاه بثلاثة أشهر. ومات المقتفي بعد الغرق بسنة ، وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة (٤).

وكان من سلاطين دولته السّلطان سنجر صاحب خراسان ، والسّلطان نور الدّين صاحب الشّام.

واستوزر عون الدّين يحيى بن هبيرة. وكان هو الّذي قام بحشمة الدّولة العبّاسيّة ، وقطع عنها أطماع الملوك السّلجوقيّة وغيرهم من المتغلّبين. ومن

__________________

(١) في الأصل بياض.

(٢) في المنتظم ١٠ / ١٩٧ (١٨ / ١٤٤).

(٣) في الأصل : «ست وستين سنة وثمانية». والتصويب من (المنتظم).

(٤) زاد ابن الجوزي : قال لنا عفيف الناسخ ـ وكان رجلا صالحا ـ : رأيت في المنام قبل دخول سنة خمس وخمسين قائلا يقول : إذا اجتمعت ثلاث خاءات كان آخر خلافته. قلت : خلافة من؟ قال : خلافة المقتفي. قلت : ما معنى اجتماع الخاءات؟ قال : سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

١٧٤

أيّام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد الخلفاء ، ولم يبق لهم فيها منازع. وقبل ذلك لعلّ من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلّبين من الملوك ، وليس للخليفة معهم إلّا اسم الخلافة.

وكان رضي‌الله‌عنه كريما ، جوادا ، محبّا للحديث وسماعه ، معتنيا بالعلم ، مكرما لأهله.

وبويع بعده ولده أبو المظفّر يوسف ، ولقّب بالمستنجد بالله.

١٧٤ ـ محمد بن أحمد بن عليّ بن الحسن (١).

أبو المظفر بن التّريكيّ (٢) ، الهاشميّ ، العبّاسيّ ، خطيب جامع المهتدي.

كان من كبار العدول ببغداد ، وله إسناد عال على قلّته (٣).

روى عن : أبي نصر الزّينبيّ ، وعاصم ، ورزق الله.

ولد سنة سبعين وأربعمائة.

روى عنه : أبو سعد السّمعاني ، وعليّ بن هارون الحلّيّ النّحويّ ، وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن (٤) ، والشّطّيّ التّاجر ، وعبد السّلام بن عبد الرحمن بن سكينة ، ويحيى بن أبي المظفّر الحنفيّ مدرّس النّفيسيّة ،

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في : المنتظم ١٠ / ١٩٧ رقم ٢٨٧ (١٨ / ١٤٤ رقم ٤٢٣٨) ، والأنساب ١٠ / ١٩٧ ، واللباب ١ / ٢١٥ ، ومعجم الألقاب لابن الفوطي ١ / ٢٨٩ و ٥٩٩ و ٢ / ٨٤٣ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٩ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٦ رقم ١٧٩٠ ، والعبر ٤ / ١٥٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٥٩ رقم ٢٤٩ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٢٣٨ ، وتبصير المنتبه ١ / ١٤٥ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٣ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٥ ، والدرّ المنضّد في رجال أحمد (مخطوط) ورقة ٧٠ ب.

(٢) التّريكي : بلفظ تصغير الترك. وقد تحرّفت هذه النسبة في (ذيل طبقات الحنابلة) إلى : «البرمكي» ، وفي (شذرات الذهب) إلى : «النويلي».

(٣) وقال ابن رجب : وكان جليل القدر ، وكان من رجالات الهاشميين. ذا أدب وعلم ، وله نظم ، وخطب بجامع له.

(٤) وهو قال : كان يخطب في الجمع والأعياد ، وكان حسن الصورة ، فاضلا. (المنتظم).

١٧٥

وآخرون توفّي في نصف ذي القعدة.

١٧٥ ـ محمد بن عليّ بن عمر.

الخطيب أبو بكر البروجرديّ (١).

قدم بغداد ، وتفقّه على أسعد الميهنيّ. وتفقّه بمرو مدّة حتّى برع في المذهب ، وصار من أئمّة الشّافعيّة. وانقطع إلى صحبة يوسف بن أيّوب الزّاهد ، وتعبّد ولزم الطّاعة ، وحجّ.

روى عنه : أبو سعد السّمعانيّ أناشيد ، وقال : يعرف بالموفّق ، وأثنى عليه وروى عن : أبي منصور محمد بن عليّ الكراعيّ (٢) ، والفقيه عمر بن محمد السرخسيّ ، وجماعة.

وسمع الكثير ، وقرأ بنفسه ببغداد على قاضي المرستان.

ومات في ربيع الأوّل وله ٦١ سنة.

١٧٦ ـ محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن علويّ بن محمد بن محمد بن زيد بن غبرة (٣).

الهاشميّ ، أبو الحسن الحارثيّ ، الكوفيّ ، المعروف بابن المعلّم. أحد عدول الكوفة.

من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب.

__________________

(١) البروجردي : بضمّ الباء والراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بروجرد وهي بلدة حسنة على ثمانية عشر فرسخا من همذان. (الأنساب ٢ / ١٧٤).

(٢) الكراعي : بضم الكاف وفتح الراء وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. (الأنساب ١٠ / ٣٧٣ ، ٣٧٤).

(٣) انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في : سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٣٣ رقم ٢٢٥ ، والمشتبه في الرجال ٢ / ٤٨٢ ، وتبصير المنتبه ٣ / ١٠٣٨.

١٧٦

ولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة ، وسمع سنة خمس وسبعين من العدل أبي الفرج محمد بن أحمد بن علّان ، وأبي عليّ محمد بن محمد بن محمد بن حمدان الخالديّ ، وأبي القاسم الحسين بن محمد بن سليمان الدّهقان ، وأبي غالب بن المنثور الجهنيّ ، وجماعة.

وتفرّد بالرّواية عن بعضهم.

ورحل إليه الطّلبة إلى الكوفة.

قال ابن النّجّار : روى لنا عن جماعة سمعوا منه بالكوفة ، وقد سمع منه : أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، وأبو الفرج بن النّقّور.

وحدّث ببغداد قديما.

مات بالكوفة في سلخ ذي الحجّة سنة خمس. قاله مسعود بن النّادر.

وقال أبو الفضل بن شافع : توفّي في أواخر محرّم سنة ست.

قال : وكان ثقة في روايته ، سمعت عليه بقراءتي الأجزاء الّتي ظهرت له جميعها.

قلت : آخر من روى عنه بالإجازة كريمة الدّمشقيّة.

١٧٧ ـ محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد (١).

أبو الفتوح الطّائيّ ، الهمذانيّ ، صاحب «الأربعين الطّائيّة».

ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة بهمذان.

وسمع : فيد بن عبد الرحمن الشّعرانيّ ، وعبد الرحمن بن حمد الدّونيّ ،

__________________

(١) انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في : العبر ٤ / ١٥٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٦٠ ، ٣٦١ رقم ٢٥١ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٦ رقم ١٧٨٩ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦ / ١٨٨ ، ١٨٩ ، والوافي بالوفيات ١ / ١٤٤ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣١٠ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٣ ، وكشف الظنون ٥٦ ، وشذرات الذهب ٤ / ١٧٥ ، وهدية العارفين ٢ / ٩٣ ، وتاريخ الأدب العربيّ ٦ / ٢٤٧ ، ومعجم المؤلفين.

١٧٧

وظريف بن محمد ، ومحمد بن أبي العبّاس الأبيورديّ الأديب ، وإسماعيل بن الحسن الفرائضيّ ، وعبد الغفّار الشّيروييّ ، وفخر الإسلام عبد الواحد بن إسماعيل الرّويانيّ ، وتاج الإسلام أبا بكر السّمعانيّ ، وشيرويه الدّيلميّ الحافظ ، وابن طاهر المقدسيّ ، وأبا القاسم بن بيان الرّزّاز.

وتفقّه بمرو على محيي السّنّة البغويّ ، وعلى أبي بكر السّمعانيّ.

قال : أبو سعد بن السّمعانيّ : يرجع إلى نصيب من العلوم ، فقه ، وحديث ، وأدب ، ووعظ.

حضرت وعظه بهمذان فاستحسنته.

قلت : روى عنه : محمد بن عبد الله بن البنّاء الصّوفيّ بن الحسن بن الزّبيديّ ، وأخوه الحسن ، وجماعة.

وتوفّي في شوّال بهمذان ، وآخر من روى عنه ابن اللّتّيّ.

١٧٨ ـ محمد بن محمد بن عبد الكريم.

أبو المفضّل بن زنبقة الواسطيّ ، المعدّل (١).

ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة ، وعدّل سنة خمسمائة.

وسمع : أبا تمّام ، وأبا الفضل محمد بن محمد بن السّواديّ (٢) ، وأبي غالب محمد بن حمد.

وسمع «البخاريّ» ببغداد من نور الهدى أبي طالب.

روى عنه : أبو يعلى محمد بن عليّ بن القارئ ، وأبو طالب بن عبد

__________________

(١) المعدّل : بضم الميم ، وفتح العين ، والدال المشدّدة المهملتين ، وفي آخره اللام. هذا اسم لمن عدّل وزكّي وقبلت شهادته عند القضاة. (الأنساب ١١ / ٣٩٦).

(٢) السّوادي : بضم السين المهملة وفتح الواو ، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى سواديزه ، وهي قرية من قرى نخشب ، وكان أهل نسف ينسبون إليها ، ويقولون : السوائي ، والنسبة الصحيحة : السّوادي. (الأنساب ٧ / ١٧٩).

١٧٨

السّميع ، وغيرهما.

وتوفّي في ذي الحجّة.

١٧٩ ـ محمد بن بركة بن بكّا.

شيخ صالح سنّيّ.

سمع : أبا غالب الباقلّانيّ ، وأبا الحسين بن الطّيوريّ.

وعنه : ابن الأخضر.

١٨٠ ـ محمد بن يحيى بن عليّ بن مسلم بن موسى بن عمران (١).

القرشيّ ، اليمنيّ ، الزّبيديّ (٢) ، الواعظ ، أبو عبد الله.

ولد في المحرّم سنة ستّين وأربعمائة (٣) ، وقدم دمشق في حدود سنة ستّ وخمسمائة فوعظ وأخذ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فلم يحتمل طغتكين أتابك له ذلك ، وأخرجه عن دمشق ، فذهب إلى العراق ، ودخلها سنة تسع وخمسمائة (٤) ، ووعظ. وكان له معرفة بالنّحو والأدب. وكان صبورا على الفقر ، متعفّفا.

ثمّ قدم دمشق رسولا من المسترشد بالله في أمر الباطنيّة وعاد. وكان حنفيّ المذهب ، على طريقة السّلف في الأصول.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن يحيى) في : الأنساب ٦ / ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، والمنتظم ١٠ / ١٩٧ ، ١٩٨ رقم ٢٨٨ (١٨ / ١٤٥ رقم ٤٢٣٩) ، ومعجم الأدباء ١٩ / ١٠٦ ـ ١٠٨ ، والكامل في التاريخ ١١ / ٢٦٤ ، ومرآة الزمان ٨ / ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٦٧ رقم ١٧٩١ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣١٦ ـ ٣١٩ رقم ٢١١ ، والوافي بالوفيات ٥ / ١٩٨ ، والبداية والنهاية ، ١٢ / ٢٤٣ ، والجواهر المضيّة ٢ / ١٤٢ ، وفيه ورد «مسلمة» بدل «مسلم» ، وتبصير المنتبه ٢ / ٦٥٤ ، وبغية الوعاة ١ / ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، وهدية العارفين ٢ / ٩٣ ، وذيل تاريخ الأدب العربيّ ١ / ٧٦٤ ، ومعجم المؤلفين ١٢ / ١٠٦ ، ١٠٧.

(٢) الزّبيديّ : بفتح الزاي المشدّدة ، وكسر الباء الموحّدة. نسبة إلى زبيد بلدة باليمن.

(٣) في المنتظم ١٠ / ١٩٧ (١٨ / ١٤٥) : «مولده على التقريب سنة ثمانين وأربعمائة» ، ومثله في : مرآة الزمان ٨ / ٢٣٥.

(٤) في مرآة الزمان ٨ / ٢٣٥ «سنة ٥١٩».

١٧٩

قال أبو الفرج بن الجوزيّ : حدّثني البراندسيّ (١) قال : جلست مع الزّبيديّ من بكرة إلى قريب الظّهر ، وهو يلوك شيئا في فيه ، فسألته ، فقال : لم يكن لي شيء ، فأخذت نواة أتعلّل بها.

قال ابن الجوزيّ (٢) : وكان يقول الحقّ وإن كان مرّا ، ولا تأخذه في الله لومة لائم. ولقد حكي أنّه دخل على الوزير الزّينبيّ وقد خلعت عليه خلع الوزارة ، والنّاس يهنّونه بالخلعة ، فقال هو : هذا يوم عزاء لا يوم هناء. فقيل له ، فقال : أهنّئ (٣) على لبس الحرير!؟

قال أبو الفرج (٤) : وحدّثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال : سمعت محمد بن يحيى الزّبيديّ قال : خرجت إلى المدينة على الوحدة ، فأواني اللّيل إلى جبل ، فصعدت وناديت : اللهمّ إنّي اللّيلة ضيفك. ثمّ نزلت فتواريت عند صخرة ، فسمعت مناديا ينادي : مرحبا يا ضيف الله. لك (٥) مع كلّ طلوع الشّمس تمرّ بقوم [على] (٦) بئر يأكلون خبزا وتمرا ، فإذا دعوك فأجب ، فهذه ضيافتك.

فلمّا كان من الغد سرت ، فلمّا طلعت الشّمس لاحت لي أهداف بئر ، فجئتها ، فوجدت عندها قوما يأكلون خبزا وتمرا ، ودعوني ، فأجبت.

قال ابن السّمعانيّ : كان يعرف النّحو معرفة حسنة ، ويعظ ، ويسمع معنا من غير قصد من القاضي أبي بكر الأنصاريّ ، وغيره. وكان فنّا عجيبا.

وكان في أيّام المسترشد يخضب بالحنّاء ، ويركب حمارا مخضوبا بالحنّاء ، وكان يجلس ويجتمع عليه العوامّ ، ثمّ فتر سوقه. ثمّ إنّ الوزير عون الدّين ابن هبيرة نفق عليه الزّبيديّ ورغب فيه.

__________________

(١) في الأصل : «حدّثني الوزير ابن هبيرة». والتحرير من (المنتظم).

(٢) في المنتظم ١٠ / ١٩٨ (١٨ / ١٤٥).

(٣) في المنتظم : «الهناء».

(٤) في المنتظم.

(٥) في المنتظم : «إنك».

(٦) إضافة من المنتظم.

١٨٠