تذكرة الفقهاء - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: ٣٨٦

واجب ، وعن أحمد روايتان كهذين (١).

وقال أبو حنيفة : إن كان إماما سجد (٢). ونقل عنه إن أسرّ المصلي بما يجهر فلا سجود عليه وإن جهر بما يسرّ فعليه سجود السهو (٣). ثم اختلفوا في قدره فمنهم من اعتبر أن يجهر بقدر ثلاث آيات ، ومنهم من اعتبر الجهر بآية (٤) ، ونقل أبو إسحاق عن الشافعي أنه يسجد لكل مسنون تركه في الصلاة سواء كان ذكرا أو عملا (٥).

مسألة ٣٤٦ : لو سها عن الذكر في الركوع أو السجود فإن كان بعد لم يرفع رأسه سبّح ، وإن كان قد رفع مضى في صلاته‌ لما تقدم ، ولقول علي عليه‌السلام وقد سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا ، قال : « تمت صلاته » (٦) وسئل الكاظم عليه‌السلام عن رجل نسي تسبيحة في ركوعه وسجوده قال : « لا بأس بذلك » (٧).

وهل يسجد للسهو؟ لعلمائنا قولان ، وقال الشافعي : لا يسجد فيها للسهو لأنها ليست أركانا مقصودة بل هيئات لها ؛ وبه قال أبو حنيفة أيضا (٨).

مسألة ٣٤٧ : لو ترك الطمأنينة في الركوع ، أو الرفع منه ، أو في إحدى السجدتين ، أو في الرفع من الأولى ، أو في إكماله ، أو في الرفع من الركوع ، أو في الجلوس للتشهد ، أو ترك عضوا من السبعة لم يسجد عليه فما زاد‌

__________________

(١) المغني ١ : ٧١٩ ـ ٧٢٠ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٠.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢ ، اللباب ١ : ٩٥ ، الكفاية ١ : ٤٤٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٤ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢٠.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٥.

(٥) حكاه الرافعي في فتح العزيز ٤ : ١٤٠.

(٦) التهذيب ٢ : ١٥٧ ـ ٦١٣.

(٧) التهذيب ٢ : ١٥٧ ـ ٦١٤.

(٨) الأم ١ : ١١٥ ، المجموع ٤ : ١٢٦ و ١٢٨ ، مختصر المزني : ١٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٦.

٣٢١

سهوا ، فإن كان في محله أتى به ، وإن انتقل لم يلتفت لأنه عذر في الأفعال فكذا في كيفياتها.

مسألة ٣٤٨ : لا حكم للسهو في السهو‌ لأنه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانيا ، فلا ينفك عن التدارك وهو حرج فيكون منفيا ، ولأنه شرّع لإزالة حكم السهو فلا يكون سببا لزيادته ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « ليس على السهو سهو ، ولا على الإعادة إعادة » (١).

إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال : إن استيقن أنه سها وشك هل سجد للسهو أم لا ، يسجد لأن الأصل أنه لم يسجد ، وكذا إذا سجد وشك هل سجد واحدة أو اثنتين فإنه يأتي بسجدة أخرى ، والنفل أولى (٢).

أما لو شك هل سها أم لا فإنه لا يلتفت ولا شي‌ء عليه لأن الأصل عدم السهو سواء كان في الزيادة أو النقصان.

وقال الشافعي : إن كان في الزيادة مثل أن شك هل زاد في الصلاة سهوا أم لا ، أو هل جرى في صلاته ما يقتضي سجودا أم لا فإنه لا سهو فيه ولا سجود عليه. وإن كان في النقصان فإن كان قد شك في نقصان فعل واجب كسجود وغيره أتى به وسجد للسهو. وإن كان في مسنون يسجد له كالتشهد الأول أو القنوت فإنه يسجد له لأن الأصل عدمه (٣).

مسألة ٣٤٩ : ولا سهو على من كثر سهوه وتواتر‌ بل يبني على وقوع ما شك فيه ، ولا يسجد للسهو فيه لما في وجوب تداركه من الحرج ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك » (٤) وقول الباقر عليه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٩ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٨.

(٢) الأم ١ : ١٣١ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، مختصر المزني : ١٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٧ ـ ١٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤٣ ـ ١٤٢٣.

٣٢٢

السلام : إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك أن يدعك فإنما هو الشيطان » (١).

إذا عرفت هذا فالمرجع إلى العرف في حدّ الكثرة إذ عادة الشرع ردّ الناس إلى عرفهم فيما لم ينص عليه.

وقال بعض علمائنا : حدّه أن يسهو في شي‌ء واحد ، أو فريضة واحدة ثلاث مرات ، أو يسهو في أكثر الصلوات الخمس كالثلاث فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الرابعة (٢).

قال الشيخ في المبسوط : قيل : إنّ حدّ ذلك أن يسهو ثلاث مرات متوالية (٣).

مسألة ٣٥٠ : ولا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام ، وبالعكس‌ عملا بأصالة البراءة ، ولقوله عليه‌السلام : ( ليس على من خلف الإمام سهو ) (٤).

ومن طريق الخاصة قول الرضا عليه‌السلام : « الإمام يحمل أوهام من خلفه إلاّ تكبيرة الافتتاح » (٥) وقول الصادق عليه‌السلام : « ليس على من خلف الإمام سهو » (٦).

ولو اختص المأموم بالسهو فإن كان بالزيادة مثل أن يتكلم ناسيا أو يقوم في موضع قعود الإمام ناسيا أو بالعكس كان وجود سهوه كعدمه ، ولا شي‌ء‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٩ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٤ ـ ٩٨٩ ، التهذيب ٢ : ٣٤٣ ـ ١٤٢٤.

(٢) هو ابن إدريس في السرائر : ٥٢.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٢.

(٤) سنن الدارقطني ١ : ٣٧٧ ـ ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٥ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ ـ ٥٦٣.

(٦) الكافي ٣ : ٣٥٩ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٨.

٣٢٣

عليه عملا بالأحاديث السابقة ـ وهو قول الجمهور كافة (١) ـ لأن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم يأمره بالسجود (٢) ، إلاّ ما نقل عن مكحول : أنه قام مع قعود إمامه فسجد للسهو (٣). ولا عبرة بخلافه مع انقراضه.

وإن كان بالنقصان فإن كان في محلّه أتى به لأنه مخاطب بفعله ولم يحصل فيبقى في العهدة ، وإن تجاوز المحل فإن كان ركنا بطلت صلاته كما لو سها عن الركوع وذكر بعد سجوده مع الإمام ، وإن لم يكن ركنا كالسجدة قضاها بعد التسليم.

ولو كان مما لا يقضى كالذكر في السجود ، أو الركوع فلا سجود للسهو فيه عملا بما تقدم من الأخبار ، ولو قيل : بوجوب السجود في كلّ موضع يسجد للسهو فيه كان وجها لقول أحدهما عليهما‌السلام : « ليس على الإمام ضمان » (٤).

مسألة ٣٥١ : لو انفرد الإمام بالسهو لم يجب على المأموم متابعته‌ لأن المقتضي للسجود ـ وهو السهو ـ منتف عنه فينتفي معلوله.

وقال الشيخ : يجب على المأموم (٥) ـ وهو قول الجمهور كافة ـ لقوله‌

__________________

(١) الام ١ : ١٣١ ، المجموع ٤ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٤ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، الميزان ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٩٧.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ ـ ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٤ ـ ١٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ ـ ٩٣٠ و ٢٤٥ ـ ٩٣١ ، سنن الدارمي ١ : ٣٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩ ، مسند الطيالسي : ١٥٠ ـ ١١٠٥.

(٣) المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠.

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٨ ـ ٣ ، الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ ـ ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٠ ـ ١٦٩٥.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٣ ـ ١٢٤.

٣٢٤

عليه‌السلام : ( ليس على من خلف الإمام سهو ، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه ) (١) ولأن صلاة المأموم تابعه لصلاة الإمام ، وإنما يتم صلاة الإمام بالسجود للسهو ، ونمنع الحديث ، ونمنع التبعية كما لو انفرد بما يوجب الإعادة.

أما لو اشترك السهو بين الإمام والمأموم فإنهما يشتركان في موجبه قطعا لوجود المقتضي في حق كل منهما.

فروع :

أ ـ لو اختص الإمام بالسهو فلم يسجد له لم يسجد له المأموم‌ ـ وبه قال أبو حنيفة ، وإبراهيم النخعي ، وحماد ، والمزني ، وأحمد في رواية (٢) ـ لأنه لم يسه ولم يسجد إمامه فيتابعه.

وقال الشافعي : يسجد المأموم ـ وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وأبو ثور ، وأحمد في رواية (٣) ـ لأن صلاة المأموم تنقص بنقصان صلاة الإمام كما تكمل بكمالها فإذا لم يجبرها الإمام جبرها المأموم. ونمنع المقدمة الأولى.

ب ـ لو اشترك السهو بينهما فإن سجد الإمام تبعه المأموم‌ بنية الائتمام أو الانفراد إن شاء ، ولو لم يسجد الإمام سجد المأموم وبالعكس.

ج ـ لو سها الإمام لم يجب على المسبوق بعده متابعته في سجود‌

__________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٧٧ ـ ١.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ٧٥ ، الكفاية ١ : ٤٤٢ ، شرح العناية ١ : ٤٤٢ ، اللباب ١ : ٩٦ ، المغني ١ : ٧٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣١ ، المجموع ٤ : ١٤٥ و ١٤٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٥ و ١٤٦ ـ ١٤٧ ، الوجيز ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، الشرح الصغير ١ : ١٣٩ ، أقرب المسالك : ٢١ ، المغني ١ : ٧٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣١.

٣٢٥

السهو لعدم الموجب في حقه سواء قلنا : إنّ السجود قبل التسليم ، أو بعده بل ينوي المأموم الانفراد ويسلم ، وإن شاء انتظر إمامه ليسلم معه ـ وبه قال ابن سيرين (١) ـ لأن هذا ليس موضع سجود السهو في حق المأموم.

وقال الجمهور كافة : يتابعه المأموم (٢) لقوله عليه‌السلام : ( إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا ) (٣) ويحمل على سجود الصلاة.

فإن سلم الإمام ثم سجد لم يتابعه المأموم بل قام فأتم صلاته ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ خلافا لأبي حنيفة لأن عنده الإمام يسجد بعد السلام ويعود إلى حكم صلاته فيتابعه فيه (٥).

إذا عرفت هذا فإذا قضى المسبوق ما بقي عليه لم يسجد للسهو عندنا لاختصاص الإمام بموجبه ـ وهو القديم للشافعي (٦) ـ لأن سجود الإمام قد كملت به الصلاة في حق الإمام والمأموم فلا حاجة به إلى السجود كما لو سها المأموم فإنه لا يسجد لأن كمال صلاة الإمام أغناه عن تكميل صلاته بالسجود.

وفي الجديد : أنه يسجد في آخر صلاته لأنه قد لزمه حكم سهو الإمام‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٦ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ، بداية المجتهد ١ : ١٩٧.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٠٦ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٨ ـ ٤١١ و ٣٠٩ ـ ٤١٤ ، سنن أبي داود ١ : ١٦٤ ـ ٦٠٣ ، سنن الترمذي ٢ : ١٩٤ ـ ٣٦١ ، سنن النسائي ٢ : ٨٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٦ ـ ٨٤٦ و ٣٩٢ ـ ١٢٣٨ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٠ ، مسند أحمد ٢ : ٣١٤.

(٤) حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٦) المجموع ٤ : ١٤٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

٣٢٦

فيسجد له موضع السجود ، وما فعله مع الإمام كان متابعا له (١).

إذا ثبت هذا فلو سها هذا المسبوق فيما انفرد به سجد له.

وقال الشافعي : إن كان قد سجد مع إمامه وقلنا : لا يلزمه إعادة السجود سجد لسهوه الذي انفرد به سجدتين ، وإن قلنا : يعيد أو لم يكن سجد مع إمامه سجد سجدتين ، وكفاه عن سهو الإمام وسهو نفسه. ومن الشافعية من قال : يسجد أربع سجدات لاختلاف السهوين (٢).

د ـ لو سها الإمام فيما سبق به المأموم لم يلزمه حكم سهو الإمام‌ لأنه لا يلزمه فيما يتابعه فغيره أولى ـ وهو قول لبعض الشافعية (٣) ـ لأنه كان ، منفردا عنه.

وقال الشافعي ، ومالك : يلزمه حكم سهو الإمام لدخول النقص فيها فيسجد لو سجد إمامه (٤).

وعلى القول الأول لو سجد إمامه ، قال الشافعي : يتبعه وإذا أتم صلاته لا يعيد ، وكذلك إن لم يسجد إمامه لا يلزمه أن يسجد إذا تمم صلاته (٥).

هـ ـ لو قام الإمام إلى الخامسة ساهيا فسبح به المأموم فلم يرجع جاز أن ينوي الانفراد‌ ، والبقاء على الائتمام ، فلا يجوز له متابعة الإمام في الأفعال لأنها زيادة في الصلاة إلا أن صلاة الإمام لا تبطل بها لسهوه ، بل ينتظر قاعدا حتى يفرغ من الركعة ويعود إلى التشهد ويتشهد معه.

فإن سجد الإمام للسهو لم يسجد المأموم ، وقال الشافعي :

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٩.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ـ ٩٩ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٥) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨.

٣٢٧

يسجد (١). وإن لم يسجد الإمام لم يسجد المأموم أيضا ، وقال الشافعي : يسجد (٢).

فلو كان المأموم مسبوقا بركعة وقام الإمام إلى الخامسة فإن علم المأموم أنها خامسة لم يكن له المتابعة ، وإن لم يعلم وتابعه احتسب له الركعة.

و ـ لو صلى ركعة فأحرم إمام بالصلاة فنوى الاقتداء به احتمل البطلان والصحة ، والقولان للشافعي (٣) ، وسيأتي ، فإن سوغناه وكان قد سها المأموم فيما انفرد به ثم سها إمامه فيما يتبعه فيه فلما فارق الإمام وأراد السلام وجب عليه أربع سجدات إن قلنا بالمتابعة وإلاّ فسجدتان عما اختص به.

ز ـ لو ترك الإمام سجدة وقام سبح به المأموم فإن رجع ، وإلاّ فللمأموم متابعته‌

بعد أن يسجد لأن صلاة الإمام صحيحة.

وقال الشافعي : لا يجوز له متابعته لأن فعل الإمام بعد ذلك غير معتد به (٤). وهو ممنوع.

فإن أخرج نفسه عن متابعة الإمام جاز سواء كان قبل أن يبلغ الإمام حد الراكعين أو زاد عليه ولا يسجد المأموم.

وقال الشافعي : إن أخرج قبل أن يبلغ الإمام حد الراكعين أو زاد عليه لزمه أن يسجد للسهو لأنه فارق إمامه بعد استقرار حكم السهو في صلاته (٥).

__________________

(١) حلية العلماء ٢ : ١٤٤.

(٢) حلية العلماء ٢ : ١٤٤.

(٣) المجموع ٤ : ٢٠٨ و ٢٠٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٠.

(٤) المجموع ٤ : ٢٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٤.

(٥) انظر المجموع ٤ : ١٤٦.

٣٢٨

فإن أراد أن ينتظره فإن كان المأموم قد رفع رأسه من السجدة الأولى فإن أراد أن ينتظره في الجلسة لم يجز لأن الجلسة ركن قصير فلا يجوز تطويلها ، فلو أراد أن يسجد السجدة الثانية وينتظره فيها كره له ذلك لأنه يكره للمأموم أن يسجد قبل إمامه إلاّ أنه لو فعل ذلك لم تبطل صلاته.

ثم إذا سجد الإمام فيصبر المأموم ساجدا إلى أن يرفع الإمام رأسه من السجدتين جميعا إن أراد ، وإن أراد أن يرفع رأسه من السجود بعد ما رفع الإمام رأسه من السجدة الأولى جاز لأن المحسوب للإمام السجدة الأولى على ظاهر المذهب.

ولو رفع رأسه من السجود قبل أن يسجد الإمام بطلت صلاته ، لأن الإمام ما شرع في السجدة الثانية وهو قد فرغ منها ، والمأموم إذا سبق الإمام بركن كامل بطلت صلاته.

ثم إذا رفع الإمام رأسه وكان قد ترك السجود من الركعة الأولى فأراد الإمام أن يجلس للتشهد الأول فالمأموم لا يتابعه في التشهد ولكن ينتظره قائما فإذا صلّى ركعة أخرى فقد تمت للمأموم ركعتان وهو موضع التشهد إلاّ أن الإمام يعتقد ذلك ثالثة فلا يقعد للتشهد ويترك المأموم التشهد أيضا متابعة له.

فإذا صلّى ركعة أخرى فاعتقاد الإمام أن صلاته قد تمت فيقعد للتشهد والمأموم لا يتابعه بعد ذلك ، فإن تابعه بطلت صلاته ، فإن أحسّ بقيامه وبعد لم يرفع رأسه من السجدة الأولى ، فأراد أن ينتظره فيها جاز ؛ لأن السجود ركن ممتد.

ثم إذا أراد الإمام أن يسجد فعلى المأموم أن يرفع رأسه ثم يسجد معه لأن الإمام قد فرغ من سجدة فالمحسوب له السجدة الاولى ، فلو لم يرفع رأسه حتى زاد الإمام ولكن سجد معه السجدة الثانية لم يجز لأن الثانية زائدة ولو فعل بطلت صلاته. وهذا كله ساقط عندنا.

ح ـ لو ظن المأموم أن الإمام قد سلم فسلم ثم بان له أنه لم يسلم‌ بعد‌

٣٢٩

احتمل خروجه عن الصلاة باستيفاء أفعاله وسلامه ، وخطؤه ليس بمفسد لشي‌ء من أفعاله ، وأن يسلم مع الإمام فيسجد إن قلنا به فيما ينفرد به وإلاّ فلا ، لأنه سهو في حالة الاقتداء ، وبه قال الشافعي (١).

ولو ذكر في التشهّد أنه ترك الفاتحة لم يلتفت عندنا ، وقال الشافعي : إذا سلّم الإمام قام إلى ركعة أخرى ولا يسجد للسهو ، لأن سهوه كان خلف الإمام وكذا لو ذكر أنه ترك ركوعا (٢) وعندنا تبطل صلاته لأنه ركن.

ولو سلّم الإمام فسلم المسبوق ناسيا ثم تذكّر بنى على صلاته وسجد للسهو ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ سلامه وقع بعد انفراده ، ولو ظنّ المسبوق أن الإمام سلم لصوت سمع فقام ليتدارك ما عليه وفعله وجلس ، ثم علم أن الإمام لم يسلم احتسب ما فعله لأنه بقيامه نوى الانفراد وله ذلك.

وقال الشافعي : لا يحسب ما فعله لأن وقت انقطاع القدوة إما بخروج الإمام عن الصلاة أو بقطع القدوة حيث يجوز ذلك ولم يوجد واحد منهما ، فلا يسجد للسهو بما أتى به لبقاء حكم الاقتداء (٤).

ولو تبين له في القيام أن الإمام لم يسلّم فإن أراد أن يستمر على التدارك وقصد الانفراد فهو مبني على أن المقتدي هل له قطع القدوة؟ فإن منعناه رجع ، وإن جوّزناه فوجهان :

أحدهما : ذلك لأن نهوضه غير معتد به ثم ليقطع القدوة إن شاء.

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

٣٣٠

والثاني : لا يجب لأن الانتهاض ليس متعينا لعينه ، وإنما المقصود القيام وما بعده فصار كما لو قصد القطع في ابتداء النهوض.

وإن لم يقطع القدوة تخير بين أن يرجع أو ينتظر قائما سلام الإمام ، فإذا سلم اشتغل بتدارك ما عليه.

ط ـ إن قلنا بالتحمل ـ كما هو قول الشيخ (١) والشافعي (٢) ـ فإنما يكون لو كانت صلاة الإمام صحيحة‌

فلو تبيّن كون الإمام جنبا لم يسجد لسهوه ولا يتحمل هو عن المأموم ، ولو عرف أن الإمام مخطئ فيما ظنه من السهو فلا يوافقه إذا سجد.

ي ـ كل موضع يلحقه سهو الإمام فإنه يوافقه‌ ، فإن ترك عمدا ففي إبطال الصلاة نظر ـ وجزم به الشافعي (٣) ـ ولو رأى الإمام يسجد في آخر صلاته سجدتين فعلى المأموم أن يتابعه حملا على أنه قد سها ، وإن لم يعرف سهوه.

يا ـ لو اعتقد الإمام سبق التسليم على سجدتي السهو فسلم واعتقد المأموم خلافه لم يسلّم‌ بل يسجد ولا ينتظر سجود الإمام لأنه فارقه بالسلام ، وهو وجه للشافعي ، وله اثنان : أن يسلم معه ويسجد معه ، وأنه لا يسلم ، فإذا سجد سجد معه ثم يجلس معه ، فإذا فرغ من تشهده سلّم معه (٤).

يب ـ لو سجد الإمام آخر صلاته عن سهو اختص به بعد اقتداء المسبوق لم يتبعه على الأقوى‌ ، وعلى الآخر : يتبعه ـ وبه قال الشافعي ـ لأن عليه متابعته.

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٤ و ١٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨.

٣٣١

وفيه وجه آخر : أنه لا يسجد معه لأن موضعه آخر الصلاة (١).

وإذا سجد معه فهل يعيد في آخر صلاته؟ له قولان :

أصحهما : الإعادة ، لأن المأتي به كان للمتابعة وقد تعدى الخلل إلى صلاته بسهو الإمام ومحل الجبر بالسجود آخر الصلاة.

والعدم ؛ لأنه لم يسه ، والمأتي به سببه المتابعة وقد ارتفعت بسلام الإمام (٢).

يج ـ لو اشترك الإمام والمأموم في نسيان التشهّد أو سجدة رجعوا ما لم يركعوا‌

فإن رجع الإمام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم لأنه خطأ ، فلا يتبعه فيه وينوي الانفراد ، ولو ركع المأموم أوّلا قبل الذكر رجع الإمام وتبعه المأموم إن نسي سبق ركوعه ، وإن تعمد استمر على ركوعه وقضى السجدة وسجد للسهو.

يد ـ المسبوق إذا قضى ما فاته مع الإمام لا يسجد للسهو‌ إذ المقتضي وهو السهو منفي هنا ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فأتموا ) (٤) ولم يأمر بالسجود.

وحكي عن ابن عمر ، وابن الزبير ، وأبي سعيد الخدري أنهم قالوا : يسجد للسهو ثم يسلّم لأنه زاد في الصلاة ما ليس من صلاته مع إمامه (٥) ،

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، السراج الوهاج : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المجموع ٤ : ١٤٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٦٣.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٦٣ و ١٦٤ و ٢ : ٩ ، صحيح مسلم ١ : ٤٢٠ و ٤٢١ ـ ٦٠٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٤٩ ـ ٣٢٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٥٥ ـ ٧٧٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٧ و ٢٣٩ و ٢٧٠ و ٤٥٢.

(٥) المجموع ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٢ ، سنن أبي داود ١ : ٣٩ ذيل الحديث ١٥٢.

٣٣٢

وهو غلط لأن الزيادة إنما تفتقر إلى الجبران لو نقصت صلاته ، وهذه الزيادة واجبة فلا يجبرها إذا فعلها.

مسألة ٣٥٢ : لا حكم للسهو في النافلة‌ فلو شك في عددها بنى على الأقل استحبابا ، وإن بنى على الأكثر جاز ، ولا يجبر سهوه بركعة ، ولا سجود عند علمائنا أجمع لأن النافلة لا تجب بالشروع فيقتصر على ما أراد ، وبه قال ابن سيرين (١).

وقال الشافعي : يسجد للنافلة كالفريضة لأن السجود لترك ما اقتضاه الإحرام ، أو لفعل شي‌ء يمنع منه الإحرام وهو موجود في النفل كالفرض (٢) ، ونمنع اقتضاء مطلق الإحرام بل الواجب.

البحث الثالث : فيما يوجب التلافي.

كلّ ساه أو شاك في شي‌ء وإن كان ركنا وهو في محله فإنه يأتي به على ما تقدم ، وإن تجاوز المحل فمنه ما يجب معه سجدتا السهو إجماعا منّا ، وهو نسيان السجدة أو السجدتين وتذكر قبل الركوع ، ونسيان التشهد كذلك ، ومنه ما لا يجب على خلاف ، ونحن نذكر ذلك كلّه إن شاء الله تعالى.

مسألة ٣٥٣ : لو ترك سجدة في الأولى ساهيا ثم ذكر قبل الركوع في الثانية رجع فسجد ثم قام فاستقبل الثانية‌ ـ وبالرجوع قال العلماء ـ ولأن القيام ليس ركنا يمنع عن العود إلى السجود ، ولقول الصادق عليه‌السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام ، قال : « فليسجد ما لم يركع » (٣).

وكذا لو ترك سجدة في الثانية فذكر قبل أن يركع في الثالثة ، أو في الثالثة فذكر قبل أن يركع في الرابعة ، ويجب عليه بعد ذلك سجدتا السهو‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٦١ ، المغني ١ : ٧٣٤.

(٢) الام ١ : ١٣٢ ، المجموع ٤ : ١٦١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦١.

٣٣٣

لقول الكاظم عليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : « إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ، ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه » (١).

وهل تجب جلسة الفصل قبل السجود إن لم يكن قد جلس ، أو كان نيته جلسة الاستراحة؟ إشكال ينشأ من عدم النص ، وقيام القيام مقامه في الفصل ، وأصالة البراءة ، ومن أنها واجبة فيأتي بها.

وكذا لو نسي السجدتين معا وذكر قبل الركوع فإنه يرجع ويسجدهما ثم يقوم لأن محل السجود قبل الركوع باق وإلاّ لما صح الرجوع إلى السجدة الواحدة ، ويسجد أيضا سجدتي السهو.

أما لو ذكر بعد الركوع أنه نسي سجدة واحدة من السابقة فإنه يتم الصلاة ويقضيها بعد التسليم ، ويسجد سجدتي السهو ، ولا يرجع إلى السجود لما فيه من تغيير هيئة الصلاة ، وزيادة الركن ، ولقول الصادق عليه‌السلام : « إذا ذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض في صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنها قضاء » (٢).

ولو ذكر بعد الركوع ترك سجدتين من السابقة بطلت صلاته لأنّه أخلّ بركن.

وقال الشافعي : إذا ذكر وهو قائم في الثانية أو بعد ركوعها قبل أن يسجد للثانية نسيان سجدة من الأولى أتى بها كما يذكر.

ثم إن لم يجلس عقيب السجدة المأتي بها فيكفيه أن يسجد عن قيام ، أو يجلس مطمئنا ثم يسجد؟ وجهان :

أحدهما : أن القيام كالجلسة لأن الغرض الفصل بين السجدتين.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٤ ـ ٦٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ ـ ١٣٦١.

٣٣٤

وأصحهما عنده : أنه يجلس مطمئنا ثم يسجد ، لأن مقصود الجلسة وإن كان هو الفصل فالواجب الفصل بهيئة الجلوس.

وإن كان قد جلس ، إن جلس على قصد الجلسة بين السجدتين ، فإن اكتفينا في الصورة السابقة بأن يسجد عن قيام فهنا أولى ، وإن قلنا : يجلس ثم يسجد فقد قيل بمثله هنا لينتقل من الجلوس إلى السجود ، والأصح : أنه يكفيه أن يسجد عن قيامه فإنه الذي تركه.

وإن قصد بتلك الجلسة الاستراحة فوجهان : من حيث ان السنة لا تقوم مقام الفرض ، وأن ظن الاستراحة بتلك الجلسة لا يقدح.

وإن ذكر بعد أن سجد للثانية فإن السجدة التي سجدها تقع عن الاولى ويبطل عمله في الثانية وتحصل له ركعة ملفقة.

وإن ذكر بعد فراغه من الثانية فإن لم يقيّد سجوده في الثانية بنيّة تمت الاولى بسجود الثانية ولغت أعماله في الثانية ، وإن نوى أنها للثانية فأكثرهم على تمام الاولى بسجوده لأن نية الصلاة تشتمل على جميع أفعالها وقد فعل السجود حال توجه الخطاب عليه بفعله (١).

وقال ابن سريج : لا يتم الاولى بهذه السجدة لأن نية الصلاة يجب استدامتها حكما وقد وجدت نية حقيقية تخالفها فكانت الحقيقية أغلب.

وقال أبو حنيفة : إن ذكر نسيان السجدة الأولى قبل ركوعه في الثانية عاد إليها كما قلناه نحن ، وإن كان بعد ركوعه أو سجوده في الثانية سجد ثلاث سجدات متواليات فتلتحق سجدة بالأولى واثنتان عن الركعة الثانية وتتم له الركعتان ، وإن ذكر بعد اشتغاله بالتشهد سجد سجدة كما تذكر وتلتحق بالركعة الأولى (٢).

__________________

(١) مختصر المزني : ١٧ ، المجموع ٤ : ١١٨ ـ ١١٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٩ ـ ١٥١ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١١٣ ـ ١١٤ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٠ ـ ١٥١.

٣٣٥

وقال مالك : إن لم يكن قد ركع عاد إلى السجود ـ كما قلناه ـ وإن كان قد ركع لغت الاولى وصار الحكم للثانية فيتمها بسجدتين (١).

فروع :

أ ـ إذا ذكر نسيان سجدة بعد سجدتي الثانية فقد بيّنا أنه يستمر ويقضي المنسية‌ ، وعند الشافعي يلفق فيجعل سجدة منهما للأولى ويبطل المتخلل بينهما ، وأيّ السجدتين تحتسب له بها؟ أكثر أصحابه على أنها تتم بالأولى وتلغو السجدة الثانية سواء كان قد جلس أولا للفصل أو لا (٢) ، وعلى قول أبي إسحاق : يتم ركعته بالسجدة الثانية لأن عليه أن ينتقل إليهما من القعود (٣).

ب ـ لو ترك أربع سجدات من أربع ركعات ، فإن ذكر قبل التسليم سجد واحدة عن الركعة الأخيرة‌ لأنّ المحل باق ثم يعيد التشهد ويسلم ويقضي السجدات الثلاث لفوات محلّها ، ويسجد سجدتي السهو لكلّ سهو ، وإن ذكر بعد التسليم قضى السجدات الأربع ولاء ، ويسجد السهو أربع مرات لفوات المحل.

وقال الشافعي : يتم الأولى بما في الثانية ، والثانية بما في الثالثة ، والثالثة بما في الرابعة فتصح له ركعتان لأن السجود الأول من الثانية يحسب عن الاولى ، ويبطل المتخلل بينهما ، والثالثة تحسب ثانية ، وسجود الرابعة يكمل الثالثة ثانية ، هذا إن كان قد جلس للفصل.

__________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٣٤ ـ ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ١٤١ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٠.

(٢) المجموع ٤ : ١١٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٣) حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

٣٣٦

وإن ترك الجلسة أيضا فإن كان جلس للتشهد الأول صحت له ركعتان إلاّ سجدة لأن التشهد الأول قام مقام جلسة الفصل للركعة الاولى ووقعت السجدة الاولى في الركعة الثالثة تمامها فصحت له ركعة بالثالثة ، وصحت له الرابعة بسجدة واحدة فيبني على ذلك.

وإن لم يجلس للتشهّد الأول صحّت له ركعة إلا سجدة إن كان جلس في الرابعة فيسجد أخرى ويتم له ركعة ويبني عليها ، ومن اجتزأ بالقيام في الفصل حصل له ركعتان ، وإن ذكر بعد التسليم ولم يطل الفصل فكما لو ذكر قبله ، وإن طال وجب الاستئناف (١).

وقال مالك : تصح الرابعة إلاّ سجدة ويبطل ما قبلها (٢). وعن أحمد روايتان ، إحداهما : كقول مالك ، والأخرى : بطلان الصلاة (٣).

وقال أبو حنيفة : يأتي في آخر صلاته بأربع سجدات ويتم صلاته. وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري (٤) وحكى الطحاوي عن الحسن بن صالح بن حي : أنّه لو نسي ثمان سجدات أتى بهن متواليات لأن الركعة إذا سجد فيها فقد أتى بأكثرها ، والحكم يتعلق بالأكثر في صحة البناء كما إذا أدرك الركوع مع الإمام ، والسجود متكرر فلا يعتبر فيه الترتيب كأيام رمضان (٥).

ج ـ لو صلّى الظهر فنسي سجدة وذكر أنّها من الأولى أتم صلاته وقضاها بعد التسليم وسجد للسهو ، وقال الشافعي : تمت الأولى بالثانية‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ١١٩ و ١٢٠ و ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥١ ـ ١٥٢ ، الوجيز ١ : ٥٠ ، المغني ١ : ٧٢٧ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٧ و ١٣٩.

(٢) المجموع ٤ : ١٢٢ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، المغني ١ : ٧٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٢ ، المغني ١ : ٧٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٥.

(٤) المجموع ٤ : ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٤ ، المغني ١ : ٧٢٧ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٣ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٥) المغني ١ : ٧٢٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

٣٣٧

وتصير الثالثة ثانية (١) والرابعة ثالثة (٢) ، وتبقى عليه ركعة ، وكذا لو كانت من الثانية أو الثالثة (٣).

ولو لم يعلم من أي ركعة هي حمل على أحسن الأحوال عنده ، وهو أنه تركها من ركعة قبل الرابعة ، فلا تصح الركعة التي بعدها فيأتي بركعة لتتم الصلاة بيقين.

ولو نسي سجدتين من الرباعية ولا يدري كيف تركهما أخذ بأسوإ الأحوال ويجعل كأنه ترك من الأولى سجدة ، ومن الثالثة سجدة فيتم الأولى بالثانية ، والثالثة بالرابعة وتحصل له ركعتان.

ولو نسي ثلاث سجدات جعل كأنه ترك من الأولى سجدة ولم يترك من الثانية شيئا فتمت الأولى بالثانية ، وترك من الثالثة سجدة ، ومن الرابعة سجدة فتحصل من مجموعها ركعتان.

ولو نسي أربع سجدات قدر كأنه ترك من الأولى سجدة ، ومن الثانية لم يترك شيئا ومن الثالثة ترك سجدة ، وما سجد شيئا من الرابعة فتحصل له ركعتان إلاّ سجدة.

ولو ترك خمس سجدات جعل كأنه ترك من الأولى سجدة ، ومن الثانية سجدتين ، ومن الثالثة سجدتين ، ولم يترك من الرابعة شيئا فتمت الاولى بالرابعة وحصل له ركعة (٤).

وعلى مذهبنا أنه إذا ترك سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته على ما تقدم ، وإن لم يعلم أهما من ركعة أو ركعتين؟ رجحنا جانب الاحتياط ، وأبطلنا الصلاة ، لاحتمال أن يكونا من ركعة فتبطل الصلاة لفوات ركن فيها ، وكذا لو علم أنهما من ركعة ولم يعلم أهما من الرابعة أو مما سبق؟

__________________

(١) في نسخة ( ش ) : ثانيته.

(٢) في نسخة ( ش ) : ثالثته.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٠ ـ ١٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٠ ـ ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

٣٣٨

د ـ لو نسي جميع السجود بطلت صلاته عندنا ، وقال الشافعي : صح له القيام ، والقراءة ، والركوع الأول (١). وقال بعض أصحابه : بل الركوع الأخير.

مسألة ٣٥٤ : لو نسي التشهّد الأول ، ثم ذكر قبل الركوع رجع إليه وتشهد ، ثم قام فاستقبل الثالثة ، وفي سجود السهو قولان ، ولو لم يذكر حتى ركع مضى في صلاته ، وقضاه بعد التسليم ، وسجد للسهو ـ وبه قال الحسن البصري (٢) ـ لقول الصادق عليه‌السلام وقد سأله سليمان بن خالد عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأولتين ، فقال : « إن ذكر قبل أن يركع فليجلس ، وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلّم ويسجد سجدتي السهو » (٣) ولأنه قبل الركوع في محل التشهد كالسجود.

وقال الشافعي : إن ذكر قبل انتصابه عاد إليه ، وإن ذكر بعد انتصابه لم يعد (٤) لقوله عليه‌السلام : ( إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس ، وإذا استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو ) (٥).

وقال مالك : إن فارقت أليتاه الأرض مضى ولا يرجع (٦). وقال‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٨ ـ ٦١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ـ ١٣٧٤.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٢ و ١٣٠ و ١٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٦ و ١٥٨ ، الوجيز ١ : ٥٠ و ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، السراج الوهاج : ٥٩ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨١ ـ ١٢٠٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥٤.

(٦) المنتقى للباجي ١ : ١٧٨ ، الشرح الصغير ١ : ١٤٢ ، المجموع ٤ : ١٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

٣٣٩

النخعي : يرجع ما لم يستفتح القراءة (١). وقال أحمد : إن ذكر قبل أن يستوي قائما وجب أن يرجع ، وإن ذكر بعد أن يستوي قائما وقبل القراءة تخيّر والأولى أن لا يرجع (٢).

فروع :

أ ـ إذا ذكر قبل انتصابه رجع إلى التشهّد عندنا‌ وعند الشافعي (٣) ، وكذا يرجع عندنا قبل الركوع وإن أنهى القراءة.

وهل يسجد للسهو؟ قولان :

أحدهما : الوجوب لما تقدم من وجوبهما لكل زيادة ونقصان ـ وبه قال أحمد ، والشافعي في أحد القولين (٤) ـ لأنه زاد في الصلاة من جنسها على وجه السهو فأشبه زيادة سجود.

والثاني : عدمه ـ وبه قال الشافعي أيضا ، والأوزاعي ، وعلقمة ، والأسود (٥) ـ لقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد : « يرجع فيتشهد » قلت : أيسجد سجدتي السهو؟ فقال : « ليس في هذا سجدتا السهو » (٦).

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٢) المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٧ و ١٣٠ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، المغني ١ : ٧١٣ و ٧١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٥) المجموع ٤ : ١٢٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٥٨ ـ ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ ـ ١٣٧٦.

٣٤٠