تذكرة الفقهاء - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: ٣٨٦

قضاء ، متقربا الى الله تعالى.

أمّا قصد الصلاة فهو واجب إجماعا فلا يكفي فعلها من غير قصدها.

وأمّا التعيين فواجب عند علمائنا أجمع ، فيأتي بظهر ، أو عصر ، أو جمعة. ولا تكفي نية فريضة الوقت عن نيّة الظهر أو العصر مثلا ، وهو أصح وجهي الشافعية ، وفي وجه : الاكتفاء (١).

ولا يصح الظهر بنية الجمعة ، وللشافعية وجه ضعيف (٢). ولا تصح الجمعة بنية مطلق الظهر ، وهل تصح بنية ظهر مقصورة؟ الأقرب المنع ، خلافا للشافعي (٣).

وأما الفرضية أو الندبية فلا بدّ من التعرض لهما عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعي (٤) ـ لأن الظهر مثلا تقع على وجهي الفرض والنفل كصلاة الصبي ، ومن أعادها للجماعة فلا يتخصص بأحدهما إلاّ بالقصد.

وقال أبو حنيفة : تكفي صلاة الظهر عن نية الفرض ـ وبه قال ابن أبي هريرة من الشافعية ـ لأن الظهر لا تكون إلاّ واجبة (٥). وتقدم بطلانه.

وأما الأداء أو القضاء فهو شرط عندنا ـ وهو أحد وجهي الشافعية ـ لأن الفعل مشترك بينهما فلا يتخصص بأحدهما إلاّ بالنيّة إذ القصد بها تمييز بعض‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦١ ، حاشية اعانة الطالبين ١ : ١٢٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣.

(٢) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦١.

(٣) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦١.

(٤) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦١ ، مغني المحتاج ١ : ١٤٩ ، السراج الوهاج : ٤١ ، حاشية اعانة الطالبين ١ : ١٢٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٨ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٣٣ ، اللباب ١ : ٦٣.

١٠١

الأفعال عن بعض ، والآخر : لا يشترط (١) ، لأنّه لو صلّى في يوم غيم ثم بان أنه صلّى بعد الوقت أجزأه وإن لم ينو الفائتة ، وكذا لو اعتقد فوات الوقت فنوى القضاء ثم بان الخلاف.

والفرق ظاهر ، فإنه نوى صلاة وقت بعينه ، وهو ظهر هذا اليوم فكيف وقعت أجزأه ، سواء وقعت أداء أو قضاء لأنه عين وقت وجوبها ، ويجري مجرى من نوى صلاة أمس فإنه تجزئه عن القضاء ، وإنما يتصور الخلاف فيمن عليه فائتة الظهر إذا صلّى وقت الظهر ينوي صلاة الظهر الفريضة فإنّ هذه الصلاة لا تقع بحكم الوقت عندنا ، وتقع عند المجوزين.

وإذا كان نسي أنه صلّى فصلّى ثانيا ينوي صلاة الفريضة فإنّه لا تجزئه عن القضاء عندنا ، وهل تقع نافلة؟ للشافعي وجهان (٢) ، وتجزي عن القضاء عند الآخرين (٣) ، ويلزمهم أنّ من اعتقد دخول الوقت ولم يكن دخل فصلّى ظهره أنها تجزئه عن الفائتة.

وأمّا التقرب الى الله تعالى فلا بدّ منه عندنا ، لأنّ الإخلاص يتحقق به ، وللشافعية وجه آخر : عدم الوجوب ؛ لأن العبادة لا تكون إلاّ لله (٤).

فروع :

أ ـ لو نوى أداء فرض الظهر أجزأه‌ على الأقوى لأنّ الظهر عرفا اسم للصلاة ، وللشافعية وجهان : أحدهما : المنع ؛ لأنه اسم للوقت دون العباد (٥)

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ، السراج الوهاج : ٤١ ، مغني المحتاج ١ : ١٤٩.

(٢) لم نعثر عليهما في المصادر المتوفرة بأيدينا.

(٣) لم نعثر عليهما في المصادر المتوفرة بأيدينا.

(٤) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، مغني المحتاج ١ ، ١٤٩ ، السراج الوهاج : ٤١.

(٥) المجموع ٣ : ٢٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦١ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣.

١٠٢

فلا بدّ وأن يقول : فريضة صلاة الظهر وإلاّ لم يقصد أداء العبادة.

ب ـ لو نوى القضاء لم يصح به الأداء‌ وبالعكس ـ وللشافعي وجهان (١) ـ لأنّ قصد الأداء مع العلم بخروج الوقت والقضاء مع العلم ببقائه عبث وملاعبة بالصلاة.

ج ـ النوافل المقيدة كصلاة الاستسقاء ، والعيد المندوب لا بدّ فيه من نية الفعل‌ والتقييد ، أما غير المقيدة كصلاة الليل ، وسائر النوافل فتكفي نية الفعل عن القيد.

وقال الشافعي : لا بد في الرواتب من تعيين إضافتها إلى الفرائض في وجه. وفي آخر : يشترط في ركعتي الفجر خاصة ، وفي الوتر لا يضيفها الى العشاء (٢) وفي التعرض للنفلية إشكال ينشأ من أصالتها ، والشركة.

د ـ لو نوى الفرض قاعدا وهو قادر على القيام لم تنعقد صلاته‌ فرضا قطعا ولا نفلا ـ وهو أصح وجهي الشافعي (٣) ـ لأنه متلاعب بصلاته ، ولأنه نوى الفرض ولم يحصل له فأولى أن لا يحصل ما لم ينوه ، وكذا في التحريم بالظهر قبل الزوال ، وبالجملة كل حال ينافي الفريضة دون النفلية.

هـ ـ لو نوى في النفل عددا جاز له الزيادة عليه والنقصان منه.

و ـ لا بدّ من نية الائتمام ، فلو صلّى خلفه من غير أن يقتدي به لم تكن صلاة جماعة‌ إجماعا ، ولا يقع منفردا ، وهو أحد وجهي الشافعي (٤).

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٨٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ، السراج الوهاج : ٤١ ، مغني المحتاج ١ : ١٤٩.

(٢) المجموع ٣ : ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.

(٣) المجموع ٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٠.

(٤) المجموع ٤ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٣ ، الوجيز ١ : ٥٧ ، السراج الوهاج : ٧٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٨٣ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٣.

١٠٣

ز ـ لا يجب اشتراط نيّة الإمام للإمامة ، فإذا تقدم وصلّى بقوم ولم ينو الإمامة صحت صلاته إجماعا ، وتكون جماعة أيضا ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ لأن سبب الفضيلة اجتماع القوم على العبادة ، ولهذا تزداد الفضيلة بكثرة العدد وإن لم يقصده الإمام ، وفي الآخر : لا تنعقد جماعة ؛ لأنه لم ينوها (١).

وتظهر الفائدة فيما لو نوى صلاة الجمعة ووقف القوم خلفه ودخلوا معه ولم ينو الإمامة ، فإن قلنا : تصح جماعته صحت جمعته وإلاّ فلا.

ح ـ يشترط في صلاة الجمعة نيّة الإمامة‌ لأنها لا تصح منفردا.

مسألة ٢٠١ : لا يشترط نية عدد الركعات ، لانحصاره شرعا ؛ فلو ذكره على وجهه لم يضر ، ولو أخطأ بأن نوى الظهر ثلاثا لم تصح صلاته.

ولا يشترط نية القصر والتمام ؛ لأنّ الفرض متعين ، ومع التخيير ـ كما لو كان في أحد الأماكن الأربعة ـ لا يتعين أحدهما بالنية بل يجوز أن يقصّر ، وأن يتمّم وإن نوى الضد.

ولا يشترط نية الاستقبال بل الشرط أن يعلم كونه مستقبلا كما لا يشترط أن يقول : وأنا على طهر ، وقال بعض الشافعية : تجب (٢). وليس بشي‌ء.

ولا يشترط تعيين اليوم ؛ فلو نوى ظهر الجمعة صحت صلاته وإن أخطأ ؛ لأنّ الوقت معين شرعا وقد نوى فرضه إلاّ أنه سمّى الوقت بغير اسمه فلا يضره الخطأ في التسمية.

أما في القضاء فيجب أن ينوي اليوم السابق على اللاحق ؛ ولا يجب عليه تعيين اليوم الذي فاتت فيه الصلاة ، فإن عين وأخطأ لم يسقط فرضه ، لأن‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، الوجيز ١ : ٥٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٨١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٣ ، السراج الوهاج : ٧٤.

(٢) المجموع ٣ : ٢٨٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٤٩ ، حاشية اعانة الطالبين ١ : ١٣٠.

١٠٤

وقت الفعل غير متعين له بالشرع وإنما يقضي عن ذمته ، فالواجبة لم ينوها والمنوية ليست واجبة.

وقال الشافعي : يكفيه أن ينوي قضاء فائتة الظهر الى أن يقضي جميع ظهر عليه ، ولا يشترط التقييد بأول فائتة ظهر أو آخرها (١).

مسألة ٢٠٢ : لو فاتته صلاة نسي تعيينها ، قال أكثر علمائنا : يصلّي أربعا ، وينوي إحدى الثلاث ، وصبحا ، ومغربا (٢). وقال بعضهم : يصلّي خمس صلوات (٣). وهو قول أكثر الشافعية (٤).

وقال المزني : يصلّي أربع ركعات ويتشهد عقيب الثانية والثالثة والرابعة ، ويجهر في الأوليين ، وأجزأه ؛ لأنّ الفائتة إن كانت صبحا فقد صلّى ركعتين إلاّ أنه صلّى ركعتين على ظن أن عليه ركعتين فيصير كما لو غلط وقام وصلّى ركعتين بعد ما تشهد ساهيا ، وإن كانت الفائتة المغرب فقد تشهد عقيب الثالثة ، وإن كانت رباعية فقد صلّى أربعا وتشهده بعد الثالثة كأنه سهو (٥).

مسألة ٢٠٣ : لو فاتته رباعية لم يدر أظهر أم عصر أجزأه نية مرددة‌ بينهما عند أكثر علمائنا (٦).

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٤٩.

(٢) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٤ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٢٧ ، والمبسوط ١ : ١٠١ و ١٢٧ ، والصدوق في المقنع : ٣٢ ، وسلاّر في المراسم : ٩١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٢٦ ، والمحقق في المعتبر : ٢٣٧.

(٣) قاله أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٠ ، وابن زهرة في الغنية : ٥٠٠.

(٤) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦١.

(٥) المجموع ٣ : ٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦١.

(٦) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٤ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠١ و ١٢٧ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٢٦ ، وابن إدريس في السرائر : ٥٩.

١٠٥

وقال الشافعي : لا بدّ من الرباعية مرتين (١) ، وهو قول بعض علمائنا وقد سلف.

ولو نواهما جميعا في صلاة واحدة لم تجزئه ؛ لأن تشريكه بينهما يمنع من وقوعها بإحداهما.

ولو دخل بنية إحداهما ثم شك فلم يدر أيتهما نوى لم يجزئه عن إحداهما ، ولو شك هل دخلها بنية ثم ذكرها قبل أن يحدث عملا أجزأته ، أما لو عمل بعد الشك فقد عرى عن النيّة.

ولو صلّى الظهر والعصر وذكر نسيان النية في إحداهما أو تعيين النيّة وجب عليه إعادة رباعية ينوي بها عمّا في ذمته إن ظهرا فظهرا وإن عصرا فعصرا ، وعند الشافعي ، وبعض علمائنا يعيدهما معا (٢).

مسألة ٢٠٤ : وقت النيّة عند التكبير‌ فلو تقدمت عليه بزمان يسير لم تصح صلاته ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأن تكبيرة الإحرام أول أفعال العبادة فيجب أن تقارنها النيّة.

وقال أبو حنيفة ، وأحمد : لو تقدمت بزمان يسير ولم يتعرض بشاغل أجزأه لأنّها عبادة من شرطها النيّة فجاز تقديم النية على وقت الدخول فيها كالصوم (٤).

__________________

(١) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٧٢.

(٢) المجموع ٣ : ٢٨٩.

(٣) الام ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٧٧ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٥٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، مختصر المزني : ١٤ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩ ، حاشية اعانة الطالبين ١ : ١٣٠ ، المغني ١ : ٥٤٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٢٩.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ١٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٩ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٣١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٤ ، الكفاية ١ : ٢٣١ المغني ١ : ٥٤٦ ، العدة شرح العمدة : ٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٢٩ ، المحرر في الفقه ١ : ٥٢.

١٠٦

والفرق جواز تقدم نيّة الصوم بالزمان الكثير.

إذا عرفت هذا فالواجب اقتران النيّة بالتكبير ، بأن يأتي بكمال النيّة قبله ثم يبتدئ بالتكبير بلا فصل ، وهذا تصح صلاته إجماعا.

ولو ابتدأ بالنيّة بالقلب حال ابتداء التكبير باللسان ثم فرغ منهما دفعة فالوجه الصحة ـ وهو أحد وجهي الشافعية ـ (١) لأنه قرن بالنية صلاته ، والآخر : لا تصح لأن التكبير من الصلاة فلا يقدم منه شي‌ء على تمام النيّة ، وبه قال داود (٢).

فروع :

أ ـ لو قدّم النيّة على التكبير فإن استصحبها فعلا حالة التكبير صحت صلاته‌ وإلاّ فلا ، ولو عزبت قبل التكبير لم تنعقد وإن لم يطل الفصل ، خلافا لأبي حنيفة (٣).

ب ـ هل يجب استصحاب النيّة إلى تمام التكبير؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّ الشرط مقارنة النية عند الصلاة ، والعقد لا يحصل إلاّ بتمام التكبير ، ولهذا لو رأى المتيمم الماء قبل انتهاء التكبير بطل تيممه.

ج ـ لا يجب استصحاب النية إلى آخر الصلاة فعلا‌ إجماعا لما فيه من العسر لكن يجب حكما إلاّ في مواضع تأتي ؛ فيمتنع عن القصود المنافية للنية الجازمة.

د ـ تحصل المقارنة بأن يحضر في العلم صفات الصلاة‌ التي يجب‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٧٧ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٤.

(٢) المحلى ٣ : ٢٣٢.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ١٠ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٣١ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٩.

١٠٧

التعرض لها ويقصد فعل هذا الذي أحضره في الذهن ويقرن قصده بأول التكبير ويستديمه الى آخره.

هـ ـ لو فصل بين لفظتي الجلالة في آخر النيّة وابتداء التكبير بقوله : تعالى (١) فإن استصحب النيّة فعلا صحت‌ وإلاّ بطلت لعدم الاقتران.

مسألة ٢٠٥ : يجب استدامة النية حكما‌ حتى يفرغ من صلاته إجماعا فلو قصد ببعض الأفعال كالقيام ، أو الركوع ، أو السجود غير الصلاة بطلت صلاته.

ولو نوى الخروج من الصلاة في الحال ، أو تردد ، أو أنه سيخرج ، قال الشيخ في الخلاف : لا تبطل صلاته (٢) ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لأنها عبادة صح دخوله فيها فلا تفسد إذا نوى الخروج منها كالحج والصوم. ثم قوّى الشيخ البطلان (٤) ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لأنه قطع حكم النية قبل إتمام الصلاة فأشبه إذا سلّم ونوى الخروج ، ونمنع في الصوم ، والحج أن لا يخرج عنه بمحظوراته فهذا آكد.

فروع :

أ ـ لو نوى الخروج في الركعة الثانية ، أو علّقه بما يوجد في الصلاة لا محالة احتمل البطلان‌ ؛ لأنه قطع موجب النيّة الجازمة ، وعدمه في الحال ، فلو رفض هذا القصد قبل البلوغ الى تلك الغاية صحت الصلاة.

__________________

(١) أي ان يقول مثلا : أصلي قربة إلى الله « تعالى » الله أكبر.

(٢) الخلاف ١ : ٣٠٧ مسألة ٥٥.

(٣) المجموع ٣ : ٢٨٦ ، المغني ١ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٢٩.

(٤) الخلاف ١ : ٣٠٧ مسألة ٥٥.

(٥) الأم ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٨٢ و ٢٨٥ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٥٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، المغني ١ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٢٩.

١٠٨

أما لو علق الخروج بما لا يتيقن حصوله في الصلاة كدخول زيد احتمل البطلان في الحال كما لو قصد ترك الإسلام إن دخل فإنه يكفر في الحال ، وعدمه ؛ لأنه ربما لا يدخل فيستمر على مقتضى النية فإن دخل احتمل البطلان قضية للتعليق ، وعدمه ؛ لأنّها إذا لم تبطل حالة التعليق لم يكن للتردد أثر.

ب ـ لو عزم على فعل ما ينافي الصلاة من حدث ، أو كلام ثم لم يفعل لم تبطل صلاته‌ ؛ لأنّه ليس رافعا للنية الاولى ، ويحتمل البطلان ؛ للتنافي بين إرادتي الضدّين.

ج ـ لو شك هل أتى بالنيّة المعتبرة فإن كان في محله استأنفها‌ ، وإن تجاوزه لم يلتفت وبنى على ما هو فيه.

وقال الشافعي : إن مضى مع الشك ركن فعلي كالركوع والسجود بطلت صلاته ، وإن مضى ركن قولي كالفاتحة ، والتشهد ، ولم يطل الزمان فوجهان (١).

د ـ لو شك هل نوى ظهرا أو عصرا ، أو فرضا أو نفلا فإن كان في موضعه استأنف ، وإن تجاوز محل النيّة فإن كان يعلم ما عليه فعله استمر عملا بالأصل وإلاّ استأنف ما يريد.

مسألة ٢٠٦ : لا يجوز نقل النية من صلاة إلى غيرها إلاّ في مواضع مستثناة‌ فلو نقل نيته من صلاة إلى أخرى لم تصح ما نقل عنه حيث قطع حكمه ، ولا ما عدل إليه لأنه لم ينوه في أول صلاته ، أما لو صلّى بنية الظهر ثم نقل الى عصر فائت ذكره كان جائزا ؛ للحاجة إلى استدراك فعل الفائت قبل الحاضر ، ولو نقل الى عصر متأخر بطلت الصلاتان.

ولو نقل من فرض الى تطوع جاز في مواضع الإذن كطالب الجماعة ،

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٨١ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ ـ ٦٤.

١٠٩

وناسي الأذان ، وسورة الجمعة ، ولا يجوز في غير مواضع الإذن ؛ لأنه دخل مشروعا ، ومنع الشافعي ؛ لأن النفل لم ينوه في أول الصلاة (١) ، وهو ممنوع لأنّ عنده النفل يدخل في الفرض ولهذا قال : لو صلّى قبل الوقت انعقدت نافلة (٢).

وسأل عبد الله بن أبي يعفور ، الصادق عليه‌السلام عن رجل قام في صلاة فريضة فصلّى ركعة وهو يرى أنها نافلة فقال : « إذا قمت في فريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة ، وإنما تحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أول صلاته » (٣).

مسألة ٢٠٧ : لو نوى الرياء بصلاته أو ببعضها بطلت صلاته‌ لأنه لم يقصد القربة وهو شرط ، ولو كان ذكرا مندوبا ، أما زيادة على الواجب من الهيئات كالطمأنينة فالوجه البطلان مع الكثرة ، وكذا الحكم لو نوى ببعض الصلاة غيرها.

ولو نوى المحبوس الأداء مع ظنه بالبقاء فبان الخروج أجزأ ، ولو بان عدم الدخول أعاد لمشروعية القضاء دون السبق.

ولو ظن الخروج فنوى القضاء ثم ظهر البقاء فالأقرب الإجزاء مع خروج الوقت ، أما مع بقائه فالأقرب الإعادة.

ولا يجوز نقل النية من النفل الى الفرض فإن فعله بطلت (٤) لأن الفرض أقوى فلا يبنى على الضعيف.

__________________

(١) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٤ ، المغني ١ : ٥٤٦.

(٢) المجموع ٣ : ٢٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٤ ، الوجيز ١ : ٤٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٣ ـ ١٤٢٠ و ٣٨٢ ـ ١٥٩٤.

(٤) في نسخة ( ش ) : بطلتا.

١١٠

وقال بعض الشافعية : تصح نفلا لأنه لم يترك مما قصده شيئا بل طلب زيادة لم تحصل فيبقى ما شرع فيه (١). وهو غلط لاختلاف الوجهين.

ولو فرغ من الصلاة ثم شك هل أدى الظهر أو العصر احتمل أن يصلّي صلاة واحدة ينوي بها ما في ذمته إن كانتا عليه ، والصرف الى ما يجب عليه أولا منهما.

البحث الثالث : التكبير‌

مسألة ٢٠٨ : تكبيرة الإحرام ركن في الصلاة‌ تبطل بتركها عمدا وسهوا ، ولا تنعقد بمجرد النيّة ـ وهو قول عامّة العلماء ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفتتح بالتكبير (٢) الى أن فارق الدنيا ، وقال : ( صلّوا كما رأيتموني أصلي ) (٣) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة فيقول : الله أكبر ) (٤).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سأله زرارة وغيره عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح : « يعيد » (٥).

وقال الزهري : تنعقد بالنيّة خاصة من غير لفظ قياسا على الصوم والحج (٦). والفرق أن الصلاة يعتبر الذكر في أوسطها وآخرها فاعتبر في أولها‌

__________________

(١) حلية العلماء ٢ : ٧٤.

(٢) انظر على سبيل المثال : الفقيه ١ : ٢٠٠ ـ ٩٢١ وصحيح مسلم ١ : ٢٩٢ ـ ٣٩٠.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣ ، عوالي اللئالي ١ : ١٩٨ ذيل الحديث ٨.

(٤) فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، وذكر ابن حجر نحوه وقال : هذا أقرب ما وجدته في السنن الى لفظ الحديث. انظر التلخيص الحبير ٣ : ٢٦٧.

(٥) التهذيب ٢ : ١٤٢ ـ ٥٥٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥١ ـ ١٣٢٥.

(٦) المجموع ٣ : ٢٩٠ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٦٨ ، رحمة الأمة ١ : ٤٠.

١١١

بخلاف الصوم.

مسألة ٢٠٩ : يشترط عين التكبير فلا يجزئ ما عداه‌ وإن تضمن الثناء على الله تعالى ـ وبه قال الشافعي ، والثوري ، وأبو ثور ، وداود ، وإسحاق ، ومالك ، وأحمد ، وأبو يوسف (١) ـ لمداومة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه (٢).

وقال أبو حنيفة ، ومحمد : تنعقد بكل اسم لله تعالى على وجه التعظيم كقوله : الله عظيم ، أو جليل ، أو الحمد لله ، أو سبحان الله ، أو لا إله إلا الله (٣) ـ ولو قال : الله من غير وصف أو الرحمن ففيه عنه روايتان (٤) ، فإن أتى باسم الله تعالى على وجه النداء مثل يا الله لم تنعقد عنده ، وكذا أستغفر الله (٥) وبه قال النخعي ، والحكم بن عيينة (٦) ـ لأن هذا اللفظ ذكر لله تعالى على وجه التعظيم فأشبه التكبير ، كالخطبة فإنه لا يعتبر لها لفظ معين ، وكالإسلام ، وينتقض بقوله : يا الله اغفر لي.

ولأن في قوله : أكبر. معنى العظمة والقدم قبل كلّ شي‌ء ، ولا يحصل‌

__________________

(١) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٥ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٣ ، المغني ١ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٦٨ ، المحلى ٣ : ٢٣٣.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٠١ ـ ٤٠١ ، سنن أبي داود ١ : ١٩٢ و ١٩٣ و ١٩٤ ـ ٧٢٢ و ٧٢٣ و ٧٢٤ و ٧٢٦ و ٧٣٠ و ١٩٨ ـ ٧٤٤ و ١٩٩ ـ ٧٤٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٦٤ ـ ٨٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٦ و ١٢٩ و ١٣٠ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨١ و ٢٨٢.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٣٥ ، اللباب ١ : ٦٧ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٦٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٧ ، شرح العناية ١ : ٢٤٦ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٥ ، المجموع ٣ : ٣٠٢ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٦ ، بدائع الصنائع ١ : ١٣٠ ، الميزان ١ : ١٣٧ ، المغني ١ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٠ ، رحمة الأمة ١ : ٤٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٣ ، نيل الأوطار ٢ : ١٨٥ ، المحلى ٣ : ٢٣٣.

(٤) شرح فتح القدير ١ : ٢٤٦ ، بدائع الصنائع ١ : ١٣١ ، المجموع ٣ : ٣٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ٧٦.

(٥) فتح العزيز ٣ : ٢٦٦ و ٢٦٧.

(٦) الأصل : ١٤ ، مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٣٨.

١١٢

بغيره ، وحذف قولنا : ( من غيره ) ، أو ( من كل شي‌ء ) لعادة العرب بحذف ما يبقى من الكلام ما يدل عليه.

مسألة ٢١٠ : ولا يجزئ من التكبير إلاّ قولنا : الله أكبر‌ ـ وبه قال مالك ، وأحمد (١) ـ لمداومته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه إلى أن فارق الدنيا (٢) ، وهو يدل على منع العدول عنه.

وقال الشافعي : ينعقد بقوله : الله أكبر ، وبقوله : الله الأكبر معرّفا ـ وبه قال الثوري ، وأبو ثور ، وداود ، وإسحاق (٣) وابن الجنيد منّا ، لكن كرهه (٤) ـ لأنه لم يغيره عن لغته ومعناه ، وهو ممنوع ؛ لأنه مع التنكير يكون فيه إضمار أو تقدير ( من ) بخلاف المعرّف.

فروع :

أ ـ لو غير الترتيب فقال : أكبر الله لم تنعقد‌ ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم داوم على قوله : الله أكبر (٥) ، ولأن التقديم لاسم الله تعالى أولى ، والثاني : الجواز لأنه خبر فجاز تقديمه (٦).

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ١٢٣ ، المغني ١ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٢ و ٣٠٢ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، الهداية للمرغيناني ٢ : ٤٧ ، شرح العناية ١ : ٢٤٧ ، المحلى ٣ : ٢٣٣.

(٢) انظر على سبيل المثال الفقيه ١ : ٢٠٠ ـ ٩٢١ وصحيح مسلم ١ : ٢٩٢ ـ ٣٩٠.

(٣) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٢ و ٣٠٢ ، الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٤ السراج الوهاج : ٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩ ، المغني ١ : ٥٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، الهداية ١ : للمرغيناني ١ : ٤٧ ، شرح العناية ١ : ٢٤٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٣.

(٤) حكى قول ابن الجنيد المحقق في المعتبر : ١٦٨.

(٥) انظر على سبيل المثال : الفقيه ١ : ٢٠٠ ـ ٩٢١ وصحيح مسلم ١ : ٢٩٢ ـ ٣٩٠.

(٦) المجموع ٣ : ٢٩٢ ، الوجيز ١ : ٤١ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٤ ، السراج الوهاج : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧.

١١٣

ولو أضاف ( أكبر ) إلى أي شي‌ء كان ، أو قرنه بمن كذلك وإن عمّم وإن كان هو المقصود بطلت.

ب ـ لا يجوز الإخلال بحرف منه‌ ، فلو حذف الراء (١) أو التشديد لم يصح ، وكذا لا يجوز الزيادة فلو قال : « أكبار » لم تصح ؛ لأنه جمع كبر وهو الطبل ، فيبطل لو قصده ، وإلاّ فلا ، وكذا لا يجوز مد الهمزة في لفظة الجلالة ولا لفظة أكبر وإلاّ كان استفهاما.

ج ـ يشترط أن يأتي بهيئة التركيب ، فلو قاله على حد تعديد أسماء العدد بطل ، وكذا لو فصل بين لفظتي الله وأكبر بسكون أو بوصف مثل الله تعالى أكبر ، لأنّ ذلك يغير نظم الكلام ، ولا بأس بالفصل للتنفس ، وللشافعي في قوله : الله الجليل أكبر وجهان (٢).

د ـ يجب الإتيان به قائما كماله‌ ، فلو شرع فيه وفي القيام ، أو ركع قبل انتهائه بطل ، وهل يشترط القيام في النيّة؟ الأقرب ذلك.

هـ ـ يجب أن يقصد بالتكبير الافتتاح ، فالمسبوق لو نوى به الهويّ إلى الركوع لم يجزئ ؛ لقول الصادق عليه‌السلام في الرجل يصلّي ولم يفتتح بالتكبير هل يجزئه تكبيرة الركوع؟ قال : « لا بل يعيد صلاته » (٣).

ولو نواهما لم يصح لاختلاف وجههما ، ولو نذر تكبيرة الركوع ونواهما فكذلك ؛ لاستقلال كلّ من الافتتاح والركوع بالتعليل فيتغاير المعلول ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ خلافا لمن اغتسل بنية الجنابة والجمعة عنده (٥) ، وعند كثير من‌

__________________

(١) في نسخة ( ش ) : الباء.

(٢) المجموع ٣ : ٢٩٢ ، الوجيز ١ : ٤١ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، السراج الوهاج : ٤٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٧ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٣ ـ ٥٦٢ ، الإستبصار ١ : ٣٥٣ ـ ١٣٣٣.

(٤) الام ١ : ١٠١ ، المجموع ٤ : ٢١٤ ، فتح العزيز ٤ : ٣٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦١.

(٥) المجموع ١ : ٣٢٦ ، فتح العزيز ١ : ٣٢٩ و ٣٣٠ و ٤ : ٤٠٠ ، الوجيز ١ : ١٢.

١١٤

علمائنا (١) ، لأنه لو اقتصر على الجنابة حصل له غسل الجمعة ، ولا تنعقد صلاته نفلا ؛ لأنه لم ينوه ، وللشافعي قولان (٢).

و ـ يجب النطق به بحيث يسمع نفسه ، فلو حرّك لسانه ولم يسمع نفسه لم تصح ؛ لأن النطق شرط ، وغير المسموع يكون خاطرا لا لفظا ، وبه قال الشافعي (٣) ، ويستحب للإمام إسماع من خلفه بها ما لم يبلغ صوته حد العلو ، وبه قال الشافعي (٤).

ز ـ التكبير جزء من الصلاة‌ ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لقوله عليه‌السلام : ( إنما هي التكبير ، والتسبيح ، وقراءة القرآن ) (٦) ، ولأن العبادة إذا افتتحت بالتكبير كان منها كالأذان.

وقال الكرخي : الذي يقتضيه مذهب أبي حنيفة أنه ليس منها ؛ لأنه ذكر لم يتقدمه جزء من الصلاة فلا يكون منها كالخطبة (٧). والفرق عدم افتقار الخطبة إلى النيّة.

مسألة ٢١١ : لا تجزئ الترجمة ، ولا غير العربية للعارف‌ عند علمائنا ـ وبه‌

__________________

(١) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٤٠ وابن إدريس في السرائر : ٢٣ والمحقق في المعتبر : ٩٩. وابن حمزة في الوسيلة : ٥٦.

(٢) المجموع ٤ : ٢١٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦١.

(٣) الام ١ : ١٠١ ، المجموع ٣ : ٢٩٥ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩.

(٤) المجموع ٣ : ٢٩٤ و ٢٩٥ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨.

(٥) المجموع ٣ : ٢٨٩ ، فتح الوهاب ١ : ٣٨ ، الميزان ١ : ١٣٦.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ ـ ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩ و ٢٥٠.

(٧) المجموع ٣ : ٢٩٠ ، حلية العلماء ٢ : ٨٠ ، فتح الباري ٢ : ١٧٣.

١١٥

قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأحمد (١) ـ لأن النبيّ عليه‌السلام لم يعدل عن قوله : الله أكبر (٢).

وقال أبو حنيفة : يجوز (٣) لقوله تعالى ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى ) (٤). ولم يفصّل ، وما ذكرناه مخصص.

ولا ينتقض بالتشهد بالفارسية للمنع عندنا وعند الإصطخري من الشافعية (٥) ، وبالفرق فإن المقصود الإخبار عمّا في نفسه من الإيمان وهنا لفظ وضع لعقد الصلاة.

فروع :

أ ـ لو لم يحسن العربية وجب عليه التعلم إلى أن يضيق الوقت‌ فإن صلّى قبله مع التمكن لم تصح ـ وبه قال الشافعي (٦) ـ وإن ضاق كبّر بأي لغة كانت ، ثم يجب عليه التعلم بخلاف التيمم في الوقت إن جوزناه ؛ لأنا لو جوزنا له التكبير بالعجمية في أول الوقت سقط فرض التكبير بالعربية أصلا ؛ لأنه بعد أن صلّى لا يلزمه التعلم في هذا الوقت وفي الوقت الثاني مثله بخلاف الماء فإن وجوده لا يتعلق بفعله ، والبدوي إذا لم يجد في موضعه المعلم‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٩٩ و ٣٠١ ، الوجيز ١ : ٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، المغني ١ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٢.

(٢) انظر على سبيل المثال الفقيه ١ : ٢٠٠ ـ ٩٢١ وصحيح مسلم ١ : ٢٩٢ ـ ٣٩٠.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦ ، المجموع ٣ : ٣٠١ ، المغني ١ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٢.

(٤) الأعلى : ١٥.

(٥) المجموع ٣ : ٣٠١.

(٦) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩ ، المغني ١ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٢.

١١٦

وجب قصد بلدة أو قرية للتعلّم ، ولا تجزيه الترجمة ، وهو أحد وجهي الشافعي (١).

ب ـ باقي الأذكار كالقراءة ، والتشهد ، والتسبيح كالتكبير في اعتبار لفظ العربية‌ ، وبه قال الشافعي (٢).

ج ـ لو لم يكن له نطق كالأخرس وجب أن يحرّك لسانه‌ أقصى ما يقدر عليه ويشير بإصبعه ؛ لأن التحريك جزء من النطق فلا يسقط بسقوط المركب ، وبه قال الشافعي (٣).

ولو كان مقطوع اللسان من أصله وجب استحضاره على الترتيب ، وقال بعض الجمهور : يسقط فرض التكبير ؛ لأن الإشارة وحركة اللسان تبع اللفظ (٤). وهو ممنوع.

د ـ يستحب للأب تعليم ولده الصغير‌ ، ولا يحرم تركه ، أمّا المولى فيحرم عليه المنع من التعليم.

هـ ـ الألثغ يجب عليه التعلّم بقدر الإمكان.

مسألة ٢١٢ : يستحب التوجه بسبع تكبيرات بينها ثلاثة أدعية‌ واحدة منها واجبة وهي تكبيرة الإحرام ، يكبر ثلاثا ويدعو ، ثم يكبر اثنتين ويدعو ، ثم يكبر اثنتين ويتوجه ، ويتخير أيها شاء جعلها تكبيرة الإحرام فيوقع النيّة‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢.

(٢) الام ١ : ١٠٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٨ ـ ٥١٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩ ، فتح الوهاب ١ : ٤٦ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧.

(٣) الام ١ : ١٠١ ، المجموع ٣ : ٢٩٣ و ٢٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، فتح الوهاب ١ : ٣٩.

(٤) حكاه المحقّق في المعتبر : ١٦٨ ، وراجع : المغني والشرح الكبير ١ : ٥٤٣.

١١٧

عندها ، قال في المبسوط : والأفضل الأخيرة (١).

فإن جعلها أولاهن جاز الدعاء بعد تكبيرة الافتتاح مع باقي التكبيرات وكذا وسطاهنّ ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثم ابسطهما بسطا ، ثم كبّر ثلاث تكبيرات ، ثم قل : اللهمّ أنت الملك الحق ـ الى آخره ـ ثم كبّر تكبيرتين ، ثم قل : لبّيك ـ الى آخره ـ ثم كبّر تكبيرتين ، ثم تقول : وجّهت وجهي الى آخره » (٢).

فروع :

أ ـ لو كبّر للافتتاح ، ثم كبر ثانيا له ، ثم كبر ثالثا له انعقدت صلاته بالأولى ، وبطلت بالثانية‌ ؛ لأنه فعل منهيّ عنه فيكون باطلا ومبطلا للصلاة فتنعقد بالثالثة ، هذا إذا لم ينو الخروج من الصلاة قبل الثانية فإن نواه بطلت الاولى ، وصحت الثانية ، وصار حكم الثالثة مع الثانية كحكم الثانية مع الاولى.

ب ـ منع كثير من الجمهور استحباب الدعاء قبل تكبيرة الإحرام‌ (٣) لقوله تعالى ( فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ ) (٤) وليس فيه حجة ؛ لأن الرغبة إليه بالدعاء أعم من التكبير والقراءة.

ج ـ قال الصادق عليه‌السلام : « إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا‌ ، كلّ ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلاّ بتكبيرة واحدة » (٥) وسأله‌

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٤.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٠ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ـ ٩١٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ ـ ٢٤٤.

(٣) المغني ١ : ٥٣٦.

(٤) الانشراح : ٧ و ٨.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٦ ـ ٢٣٩.

١١٨

الحلبي عن أخف ما يكون من التكبير ، قال : « ثلاث تكبيرات » (١).

ومنع الجمهور من استحباب الزائدة على تكبيرة الإحرام (٢) على أنها مخصوصة بهذا الموضع ، بل هو مستحب في هذا الموضع كغيره.

د ـ يستحب التوجه بالسبع في سبعة مواضع في أول كلّ فريضة‌ ، وأول صلاة الليل ، والوتر ، وأول نافلة الزوال ، وأول نوافل المغرب ، وأول ركعتي الإحرام ، والوتيرة ، وعمّم بعض علمائنا الاستحباب (٣).

مسألة ٢١٣ : يستحب رفع اليدين بالتكبير في كل صلاة فرض ونفل ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله ، وكذا الأئمة عليهم‌السلام (٤) ، وقال بعض علمائنا (٥) ، وبعض الجمهور بالوجوب (٦). وهو ممنوع للأصل.

وكذا يستحب عندنا الرفع في كل تكبيرات الصلاة ، واستحبه الشافعي عند الافتتاح ، والركوع ، والرفع منه ـ وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق وأبو ثور ، ومالك في رواية (٧) ـ لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع في هذه‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٨٧ ـ ١١٥١.

(٢) المجموع ٣ : ٣٠٤.

(٣) القائل هو المحقق في المعتبر : ١٦٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٠ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ـ ٩١٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ ـ ٢٤٤ وانظر صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨١ ـ ٨٥٨ ـ ٨٦٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ ـ ١٩٣ ـ ٧٢١ ـ ٧٢٨ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٥ ـ ٢٥٥.

(٥) القائل هو السيد المرتضى في الانتصار : ٤٤.

(٦) المجموع ٣ : ٣٠٥ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٣ ، نيل الأوطار ٢ : ١٨٩ و ١٩٠ ، المحلى ٣ : ٢٣٦.

(٧) المجموع ٣ : ٣٠٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ و ١٦٤ و ١٦٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ و ٨٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٧١ ، المغني ١ : ٥٤٧ و ٥٧٤ و ٥٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٦ و ٥٧٤ و ٥٨١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٣ ، القوانين الفقهية : ٦٢.

١١٩

المواضع (١).

ومنع الشافعي من الرفع في السجدتين (٢) ، وليس بجيد ؛ لأن الحسن قال : رأيت الصحابة يرفعون أيديهم إذا كبّروا ، وإذا ركعوا ، وإذا رفعوا رءوسهم من الركوع كأنها المراوح ، وإنما يكون حال الرفع من الركوع للسجود (٣).

وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وابن أبي ليلى : ترفع في تكبيرة الافتتاح خاصة ـ وهو رواية عن مالك (٤) ـ لأن البراء قال : كان النبيّ عليه‌السلام إذا افتتح الصلاة رفع يديه الى قريب من أذنيه ثم لا يعود (٥). وهو محمول على أنه لا يعود الى رفعهما في ابتداء الركعة الثانية والثالثة ، وضعّف الجمهور (٦) الحديث.

مسألة ٢١٤ : ويبسط كفيه حال الرفع إجماعا ، قال الصادق عليه‌السلام : « إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا » (٧) ويستحب أن يستقبل‌

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨١ ـ ٨٥٨ و ٨٥٩ و ٨٦٠ و ٨٦٣ و ٨٦٧ و ٨٦٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ ـ ١٩٣ ـ ٧٢١ و ٧٢٢ و ٧٢٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٥ ـ ٢٥٥.

(٢) الوجيز ١ : ٤٤ ، فتح العزيز ٣ : ٤٧٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٠ ، السراج الوهاج : ٤٧.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٣٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٧٥.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٩ ، الموطأ برواية الشيباني : ٥٨ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٢ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٩٤ ، القوانين الفقهية : ٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ١٨٨ ، مقدمات ابن رشد ١ : ١١٦ ، المجموع ٣ : ٤٠٠ ، المغني ١ : ٥٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٤.

(٥) سنن أبي داود ١ : ٢٠٠ ـ ٧٤٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٩٣ ـ ٢١ و ٢٩٤ ـ ٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٦.

(٦) سنن أبي داود ١ : ٢٠٠ ذيل الحديث ٧٥٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٦ ، المجموع ٣ : ٤٠٢ ، المغني ١ : ٥٧٥ ـ ٥٧٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣١٠ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ١٩٨ ـ ٩١٧ ، التهذيب ٢ : ٦٧ ـ ٢٤٤.

١٢٠