تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٣

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال : سمعت شيخ الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول : أبو عبد الله بن مندة سيّد أهل زمانه.

وقال شيخ الإسلام في بعض كتبه : أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهانيّ أحفظ من رأيت من البشر.

وقال ابن طاهر : سمعت أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول : كتاب أبي عيسى التّرمذيّ عندي أفيد من كتاب البخاريّ ومسلم.

قلت : لم؟

قال : لأنّ كتاب البخاريّ ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا من يكون من أهل المعرفة التّامّة ، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيّنها ، فيصل إلى فائدته كلّ واحد من النّاس من الفقهاء ، والمحدّثين ، وغيرهم (١).

قال ابن السّمعانيّ : سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله الأنصاريّ ، فقال : إمام حافظ (٢).

وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل (٣). كان على حظّ تامّ من معرفة العربيّة ، والحديث ، والتّواريخ ، والأنساب ، إماما كاملا في التّفسير ، حسن السّيرة في التّصوّف ، غير مشتغل بكسب ، مكتفيا بما يباسط به المريدين (٤) والأتباع من أهل مجلسه في السّنة مرّة أو مرّتين على رأس الملأ ، فيحصل على ألوف من الدّنانير ، وأعداد من الثّياب والحليّ ، فيجمعها ، ويفرّقها على القصّاب والخبّاز ، وينفق منها ، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئا. وقلّ ما يراعيهم ، ولا يدخل عليهم ، ولا يبالي بهم. فبقي عزيزا مقبولا أتمّ من الملك ، مطاع الأمر ، قريبا من ستّين سنة ، من غير مزاحمة.

__________________

(١) في الأصل : «وغيرهما» ، والمثبت عن : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٥٩.

وانظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٨٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥١٣.

(٢) المصدران المذكوران.

(٣) قوله ليس في (المنتخب من السياق) ، وهو في : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٦٤ باختلاف يسير في الألفاظ.

(٤) في الأصل : «المؤيّدين» ، والمثبت عن : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٦٤.

٦١

وكان إذا حضر المجلس لبس الثّياب الفاخرة وركب الدّوابّ الثّمينة ، ويقول : إنّما أفعل هذا إعزازا للدّين ، ورغما لأعدائه ، حتّى ينظروا إلى عزّي وتحمّلي ، ويرغبوا في الإسلام ، ثمّ إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المرقّعة ، والقعود مع الصّوفيّة في الخانقاه ، يأكل معهم ، ولا يتميّز في المطعوم ولا الملبوس.

وعنه أخذ أهل هراة ، التّكبير بالصّبح ، وتسمية أولادهم في الأغلب بالعبد المضاف إلى أسماء الله ، كعبد الهادي ، وعبد الخلّاق ، وعبد المعزّ (١).

قال ابن السّمعانيّ : كان مظهرا للسّنّة ، داعيا إليها ، محرّضا عليها. وكان مكتفيا بما يباسط به المريدين ، ما كان يأخذ من الظّلمة والسّلاطين شيئا. وما كان يتعدّى إطلاق ما ورد في الظّواهر من الكتاب والسّنّة ، معتقدا ما صحّ ، غير مصرّح بما يقتضيه من تشبيه (٢).

نقل عنه أنّه قال : (٣) من لم ير مجلسي وتذكيري وطعن فيّ ، فهو في حلّ ومولده سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة (٤).

وقال أبو النّضر الفاميّ : توفّي رحمه‌الله في ذي الحجّة.

__________________

(١) انظر : الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٦٥.

أما قول عبد الغافر في (المنتخب ١ / ٢٨٥) فهو : «شيخ الإسلام بهراة ، صاحب القبول في عصره ، والمشهور بالفضل وحسن الوعظ والتذكير في دهره ، لم ير أحد من الأئمّة فيه حلما ما رآه عيانا من الحشمة الوافرة القاهرة ، والرونق الدائم ، والاستيلاء على الخاص والعامّ في تلك الناحية ، واتّساق أمور المريدين والأتباع والغالين في حقّه ، وانتظام المدارس والأصحاب والخانقاه».

(٢) انظر تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٠ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥١٤.

(٣) المصدران السابقان.

(٤) وقال ابن الجوزي : ولد في ذي الحجّة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. وكان كثير السهر بالليل ، وحدّث وصنّف ، وكان شديدا على أهل البدع ، قويّا في نصرة السّنّة. وقال : كان لا يشدّ على الذهب شيئا ، ويتركه كما يكون ، ويذهب إلى قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا توكي فيوكى عليك» ، وكان لا يصوم رجب ، وينهى عن ذلك ويقول : ما صحّ في فضل رجب وفي صيامه شيء عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكان يملي في شعبان وفي رمضان ، ولا يملي في رجب. (المنتظم).

٦٢

وقد جاوز أربعا وثمانين سنة.

١٣ ـ عبد العزيز بن طاهر بن الحسين بن عليّ (١).

أبو طاهر البغداديّ الصّحراويّ.

زاهد ، عابد ، قانت. لازم التّفرّد والعزلة.

روى شيئا يسيرا عن : أبي الحسن بن رزقويه ، وعثمان بن دوست العلّاف.

توفّي في شعبان.

١٤ ـ عبد الكريم بن أبي حنيفة بن العبّاس (٢).

أبو المظفّر الأندقيّ (٣) البخاريّ ، شيخ الحنفيّة في زمانه.

ولد بما وراء النّهر.

تفقّه على الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوائيّ (٤).

وسمع من : محمد بن علي بن أحمد الإسماعيليّ ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن محمد المزكّي ، وجماعة.

روى عنه : عثمان بن عليّ البيكنديّ ، وغيره.

توفّي في شعبان عن نحو ثمانين سنة. وأندقى قرية من قرى بخارى.

١٥ ـ عبد الملك بن أحمد (٥) أبو طاهر بن السّيوريّ (٦).

__________________

(١) انظر عن (عبد العزيز بن طاهر) في : المنتظم ٩ / ٤٥ رقم ٦٨ (١٦ / ٢٧٩ رقم ٣٥٩٠) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٩.

(٢) انظر عن (عبد الكريم بن أبي حنيفة) في : الأنساب ١ / ٣٦٣ ، ومعجم البلدان ١ / ٢٦١ ، واللباب ١ / ٨٨ ، ٨٩.

(٣) الأندقي : بفتح الألف وسكون النون وفتح الدال المهملة وفي آخرها القاف هذه النسبة إلى أندقى وهي قرية من قرى بخارى على عشرة فراسخ. (الأنساب).

(٤) وقال ابن السمعاني : من أهل أندقى ، كان إماما فاضلا زاهدا ورعا حسن السيرة متواضعا ، .. روى لنا عنه أبو عمرو عثمان بن علي البيكندي ببخارا ولم يحدّثنا عنه سواه. ولد بعد الأربعمائة.

(٥) انظر عن (عبد الملك بن أحمد) في : المنتظم ٩ / ٤٥ رقم ٦٧ (١٦ / ٢٧٩ رقم ٣٥٨٩) ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار ١٥ / ١٤ ـ ١٧ رقم ٤.

(٦) السّيوريّ : بضم السين المهملة والياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الراء. هذه النسبة

٦٣

شيخ صالح ، بغداديّ.

سمع : أبا القاسم بن بشران ، وبشر بن الفاتنيّ ، وعثمان بن دوست.

روى عنه : عبد الوهّاب الأنماطيّ ، وجماعة.

توفّي في جمادى الآخرة.

وروى عنه أبو محمد سبط الخيّاط (١).

١٦ ـ عثمان بن محمد بن عبيد الله (٢).

أبو عمرو المحميّ (٣) النّيسابوريّ المزكّي.

حدّث عن : أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفرائينيّ ، وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكّي ، وأبي عبد الله الحاكم ، وجماعة.

روى عنه : محمد بن طاهر المقدسيّ ، وعبد الغافر بن إسماعيل ، وعبد الله بن الفراويّ (٤) ، وهبة الرحمن القشيريّ ، وعبد الخالق بن زاهر ، ومحمد بن جامع الصّيرفيّ ، وعبد الكريم بن الحسن الكاتب ، وأخوه أحمد ، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ ، وعبد الرحمن بن يحيى النّاصحيّ وأخوه أبو نصر أحمد ، وخلق كثير.

__________________

= إلى عمل السيور ، وهي جمع السير ، وهي أن تقطع الجلود الدقاق ويحاط بها السروج. (الأنساب ٧ / ٢٣٢).

(١) وقال ابن النجار : وخرّج له أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون فوائد عن شيوخه وحدّث بها ، فسمعها منه أبو بكر ابن الخاضبة .. وكان شيخا صالحا. (ذيل تاريخ بغداد ١٥ / ١٥).

(٢) انظر عن (عثمان بن محمد) في : المنتخب من السياق ٣٧٣ رقم ١٢٤٢ وفيه «عثمان بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن النضر المحمي» ، والتقييد لابن نقطة ٣٩٩ ، ٤٠٠ رقم ٥٢٧ ، والعبر ٣ / ٢٩٨ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٣٩ رقم ١٥٢٦ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٩ ، ٥٨٠ رقم ٣٠٠ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٣٤٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٧ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٦٦.

(٣) المحميّ : بالحاء المهملة الساكنة بين الميمين أولاهما مفتوحة. هذه النسبة إلى محم ، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم المحمية.

(٤) الفراوي : بضم الفاء وفتح الراء بعدهما الألف وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى فراوة وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم يقال لها رباط فراوة بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون. (الأنساب ٩ / ٢٥٦).

٦٤

قال عبد الغافر : (١) سمع المشايخ والصّدور ، وأدرك الإسناد العالي ، وحضر الوقائع.

وكان شيخا حسن الصّحبة والعشرة.

وتوفّي في صفر.

قلت : روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ.

وقيل : هو عثمانيّ.

١٧ ـ عطاء بن الحسن (٢).

أبو خالد الخراسانيّ.

توفّي في ذي الحجّة.

١٨ ـ عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمرويه (٣).

أبو الحسن (٤).

نيسابوريّ مستور.

روى عن : الحيريّ ، وأبي سعيد الصّيرفيّ ، وأبي عبد الله بن فنجويه.

وتوفّي في نصف شوّال (٥).

١٩ ـ عليّ بن منصور بن الفرّاء (٦).

أبو الحسن القزوينيّ ، ثمّ البغداديّ المؤدّب.

سمع : أبا عليّ بن شاذان ، وأبا بكر البرقانيّ ، واللّالكائيّ.

ونسخ بخطّه الكثير. وكان صالحا خيّرا (٧).

__________________

(١) عبارته ليست في (المنتخب) ، والّذي فيه : الرئيس ، جليل مشهور من بيت الرئاسة المعروفة بالمحمية بنيسابور.

(٢) لم أجد مصدر ترجمته.

(٣) انظر عن (علي بن الحسين) في : المنتخب من السياق ٣٨٩ رقم ١٣١٤ ، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة ٦٧ ب.

(٤) في المختصر الأول للسياق : «أبو الحسين».

(٥) وكان مولده سنة ٤١٤ ه‍.

(٦) انظر عن (علي بن منصور) في : التدوين في أخبار قزوين ٣ / ٤٢٤ ، ٤٢٥ وفيه «علي بن منصور بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الفرّاء القزويني».

(٧) وقال القزويني الرافعي : وكان من أهل الفقه والحديث.

٦٥

روى عنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ ، وأبو الكرّام الشّهرزوريّ ، وأبو منصور محمد ولده.

٢٠ ـ عمر بن الحسين الدّونيّ (١).

الصّوفي الفقيه ، السّفيانيّ المذهب. نزيل صور.

سمع من : السّكن بن جميع (٢).

وعنه : الأرمنازيّ (٣).

مات في ذي الحجّة ، وقد جاوز الثّمانين (٤).

ـ حرف الغين ـ

٢١ ـ غانم بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم (٥).

أبو شكر الأصبهانيّ ، الفقيه الشّافعيّ إمام جامع أصبهان.

أحد العلماء.

سمع : محمد بن إبراهيم الجرجانيّ.

روى عنه : مسعود الرّستميّ ، وجماعة.

توفّي في ثالث رجب.

ـ حرف الفاء ـ

٢٢ ـ الفضل بن عبد الله بن عليّ بن عمر الأذيوجانيّ (٦).

__________________

(١) انظر عن (عمر بن الحسين) في : تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ١٠ / ٢٥٥ و ٣٠ / ٥١٤ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ٢٥٨ رقم ١٧٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ٣٧٨ ، ٣٧٩ رقم ١١٤٨ (تأليفنا).

(٢) هو السكن بن جميع الصيداوي المتوفى سنة ٤٣٦ ه‍.

(٣) هو : غيث بن علي الأرمنازي خطيب صور.

(٤) قال ابن عساكر : حدّثني عنه شيخنا غيث بن علي قال : مات عشيّة ليلة السبت الثامن عشر ذي الحجة ودفن سحر الإثنين سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. حضرت دفنه والصلاة عليه ، وكان شيخا صالحا يذهب مذهب سفيان الثوري ، وسمعت منه حديثا كثيرا عن ابن عجلان ، وسليم الفقيه.

كنيته أبو حفص. وسمع بصور أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن برهان الغزّال.

(٥) انظر عن (غانم بن عبد الواحد) في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٨ ، ٩.

(٦) لم أقف على مصدر ترجمته ، ولا على النسبة.

٦٦

أبو سعد المعروف بالقاضي.

قال شيرويه : قدم همذان في رجب للتحديث.

وروى عنه : عبيد الله بن أبي حفص بن شاهين ، وأبي منصور محمد بن محمد السّوّاق ، وأبي محمد الخلّال ، وجماعة.

انتخب عليه. وكان ثقة له أصول مقيّدة بخط أبي بكر الخطيب وغيره.

ـ حرف القاف ـ

٢٣ ـ القاسم بن عليّ (١).

أبو عدنان القرشيّ الشّريف ، العميد الهرويّ.

روى عن : أبي منصور محمد بن محمد القاضي ، وأبي الحسن الدّيناريّ ، وغيرهما (٢).

ـ حرف الميم ـ

٢٤ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن (٣).

أبو بكر بن ماجة الأبهريّ ، أبهر أصبهان لا زنجان وهي قرية كبيرة. ولد سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة.

روى «جزء لوين» عن أبي جعفر بن المرزبان ، وطال عمره ، وأكثروا عنه.

توفّي في هذه السّنة.

روى عنه : ابن طاهر المقدسيّ ، وأبو سعد البغداديّ ، وأبو القاسم التّيميّ ، ومحمود بن محمد بن ماشاذة ، وأبو منصور عبد الله بن محمد الكسائيّ ، وعبد المغيث بن أبي عدنان ، وأبو الغنائم مسعود بن إسماعيل ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي ، وأبو الخير محمد بن أحمد الباغبان ، ومحمود بن عبد الكريم بن فورجة (٤) ، وأبو الغنائم محمد بن عبد المؤمن ، وأبو رشيد أحمد بن

__________________

(١) انظر عن (القاسم بن علي) في : المنتخب من السياق ٤٢١ رقم ١٤٣٧.

(٢) قال عبد الغافر : فقيه أديب من أهل هراة ، قدم نيسابور وسمع من مشايخ بلده.

(٣) انظر عن (محمد بن أحمد الأبهري) في : العبر ٣ / ٢٩٨ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٣٩ رقم ١٥٢٧ ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٨١ ، ٥٨٢ رقم ٣٠٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٣٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٧ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٦٦.

(٤) في السير ١٨ / ٥٨٢ : «يورجه».

٦٧

حمد الخرقيّ ، وعبد المنعم بن محمد بن سعدويه ، والحسن بن رجاء بن سليم ، والأديب محمد بن أبي القاسم الصّالحانيّ ، وغيرهم.

٢٥ ـ محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن جعفر (١).

أبو الحسن الباقر حيّ (٢) البغداديّ الصّيرفيّ (٣).

سمع : ابن المتيّم ، وابن رزقويه ، وغيرهما.

روى عنه : محمد بن ناصر.

٢٦ ـ محمد بن الحسين بن عليّ بن محمد بن محمود (٤).

أبو يعلى الهمذانيّ السّرّاج.

سمع بمكّة «صحيح البخاريّ» من كريمة المروزيّة.

وبمصر من القاضي أبي عبد الله محمد القضاعيّ.

وببغداد من الجوهريّ.

وكان صدوقا ، حسن السّيرة كثير الصّدقة.

توفّي في صفر.

٢٧ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أحمد (٥).

أبو بكر النّيسابوريّ الماورديّ الصّوفيّ الحنفيّ. صوفيّ ، نظيف ، ظريف ، ورع (٦).

__________________

(١) انظر عن (محمد بن إسحاق) في : الأنساب ٢ / ٤٨ ، ٤٩ ، والمنتظم ٩ / ٤٦ رقم ٧٠ (١٦ / ٢٨٠ رقم ٣٥٩٢ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٨ ، ١٦٩ ، واللباب ١ / ١١٢ ، ومعجم البلدان ١ / ٣٢٧.

(٢) الباقرحي : بفتح الباء والقاف وسكون الراء وفي آخرها الحاء المهملة ، هذه النسبة إلى باقرح وهي قرية من نواحي بغداد. (الأنساب).

(٣) قال ابن السمعاني : كان من بيت العلم والحديث والقضاء والعدالة ، وكان من ملاح البغداديين. وقال : كانت ولادته في شعبان سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، وتوفي في شهر رمضان. (الأنساب).

(٤) انظر عن (محمد بن الحسين) في : المنتظم ٩ / ٤٦ رقم ٧٢ (١٦ / ٢٨٠ رقم ٣٥٩٤).

(٥) انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في : المنتخب من السياق ٦٦ رقم ١٣٥.

(٦) وزاد عبد الغافر الفارسيّ : «وضيّ الوجه ، حسن الخلق ، حنفي المذهب ، ولكنه شافعيّ الأخلاق والمعاشرة من منتابي التذكير للإمام زين الإسلام عنده للحديث عن القاضي أبي العلاء صاعد ، ولكن لم يكن كثير السماع كثير الرواية».

٦٨

روى عن : أبي العلاء صاعد بن محمد.

وعنه : عبد الغافر بن إسماعيل ، وهو وصفه.

٢٨ ـ محمد بن محمد بن بشير (١).

أبو عبد الله المعافريّ القرطبيّ الصّيرفيّ المقرئ. صاحب مكّيّ روى عنه أبو عليّ الغسّانيّ ، وقال : كان رجلا صالحا ، طلب الأدب عند أبي بكر مسلم بن أحمد الأديب. وقرأ القرآن على مكّيّ بن أبي طالب. وحجّ ، وكتب «صحيح مسلم» بمصر ، عن أبي محمد بن الوليد (٢) ، وكان رجلا منقبضا ، مقبلا على ما يعنيه.

وتوفّي في رمضان.

٢٩ ـ محمد بن هشام بن محمد بن عثمان بن نصر (٣).

أبو بكر القيسيّ الوزير القرطبيّ ، ويعرف بابن المصحفيّ.

روى عن : أبيه ، وعن : ثابت بن محمد الجرجانيّ ، وأبي الحسن التّبريزيّ ، وأبي عبد الله بن فتحون ، وصاعد بن الحسن اللّغويّ ، وأبي عمر بن عفيف.

روى عنه : أبو عليّ الغسّانيّ ، وقال : كان من المتحقّقين بالأدب ، الدّائبين على طلبه مدّة عمره. وكان ذا صيانة وجلالة. أكثر النّاس عنه.

وقال ابن بشكوال : أنبا عنه غير واحد.

وقال أبو الحسن بن مغيث : كان حافل الأدب ، متّسع المعرفة ، من بيت نباهة ووجاهة ، دمث الأخلاق (٤) ، مثابرا على المطالعة. وكانت كتبه في غاية الإتقان والتّقييد.

__________________

(١) انظر عن (محمد بن محمد بن بشير) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٥٥٥ رقم ١٢١٩.

(٢) في (الصلة) : وتبنّاه أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن المعروف بابن الصابوني ، وقرأ عليه ودرّبه ، وكتب الحديث عن شيوخ مصر في وقته.

(٣) انظر عن (محمد بن هشام) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٥٥٦ ، ٥٥٧ رقم ١٢٢١.

(٤) زاد في الصلة : «سهل الحديث».

٦٩

توفّي الوزير أبو بكر في ثالث جمادى الأولى (١) ، وله ثمانون سنة.

٣٠ ـ محمد بن يبقى (٢).

أبو عبد الله الأندلسيّ اللّخميّ. من أهل المريّة.

كان فقيها عالما بالأثر. اختلف إلى الشّيوخ كثيرا.

ورّخه أبو القاسم بن مدير ، وقال : ما تركت (٣) بالمريّة أحدا فوقه.

٣١ ـ مسعود بن سعيد بن عبد العزيز النّيلي (٤).

أبو الفضل النّيسابوريّ الطّبيب (٥).

قال السّمعانيّ : ولد سنة أربع وأربعمائة ، وتوفّي في سنة نيّف وثمانين.

يروي عن الحسين بن فنجويه الثّقفيّ.

ثنا عنه : أبو البركات بن الفراويّ ، وغيره. وعبد الخالق الشّحّاميّ.

٣٢ ـ معلّى بن حيدرة (٦).

الأمير حصن الدولة أبو الحسن الكناني.

تغلّب على إمرة دمشق في شوّال سنة إحدى وستّين بعد هروب أمير

__________________

(١) وحضر جنازته المأمون الفتح بن محمد بن عبّاد ، وصلّى عليه القاضي عبيد الله بن أدهم. ووجد بخطّه بعد موته : ولد محمد بن هشام يوم الجمعة لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

(٢) انظر عن (محمد بن يبقى) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٥٥٥ رقم ١٢١٨.

(٣) في الصلة : «ما ترك».

(٤) انظر عن (مسعود بن سعيد) في : المنتخب من السياق ٤٣٣ ، ٤٣٤ رقم ١٤٧٠ ، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة ٧٨ أ.

(٥) قال عبد الغافر الفارسيّ : الإمام فاضل معروف محترم ، من أولاد الأئمة والأفاضل ، من بيت العلم والحكمة والطب والفضل. عمّه أبو عبد الرحمن النيلي ، وأبوه أبو سهل النيلي ، وهو من عقلاء الرجال والمتديّنين والثقات الأثبات ، من أهل المروءة. قرأ الطب على أبيه ، وعلى أبي القاسم بن أبي صادق ، وغيرهما ، وصنّف على تصنيف والده ، سمع الكثير من أصحاب الأصمّ ومن بعده ، ومن أمالي عمّه وأبيه.

(٦) انظر عن (معلّى بن حيدرة) في : تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ٩٥ ، وأمراء دمشق في الإسلام ٨٥ رقم ٢٥٨ ، ٤٣ / ٣٧ ، وتاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (تأليفنا) ج ١ / ٣٦٩.

وقد مرّ في حوادث سنة ٤٦١ ه‍.

٧٠

الجيوش بدر ، وبعد بارزطغان ، فأساء السّيرة ، وصادر النّاس وعذّبهم. وزعم أنّ التّقليد وصل إليه من المستنصر صاحب مصر. وعمّ بلاؤه إلى أن خربت أعمال البلد ، وجلا كثير من النّاس ، ووقعت بينه وبين العسكر وحشة فخافهم وهرب إلى بانياس في آخر سنة سبع وستّين ، وأراح الله منه. ثمّ خاف من عسكر قدم من مصر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة ، وهرب إلى صور ، ومنها إلى طرابلس ، فأخذ منها ، وحمل أسيرا إلى مصر ، وبقي بها إلى أن قتل في هذه السّنة.

ـ حرف الهاء ـ

٣٣ ـ هبة الله بن عليّ (١).

أبو سعد الكوّاز (٢) القارئ.

توفّي ببغداد في رجب.

يروي عن : عبد الملك بن بشران.

يروي عن : عبد الملك بن بشران.

وعنه : إسماعيل بن السمرقنديّ ، وإسماعيل الطّلحيّ.

٣٤ ـ هبة الله بن محمد بن محمد بن مخلد (٣).

أبو المفضّل (٤) بن الجلخت (٥) الأزديّ الواسطي الزاهد ، المقرئ.

سمع : عليّ بن عبد الله الطرسوسي ، وأبا تمّام عليّ بن محمد العبدريّ ، وعمر بن علي الميمونيّ.

روى عنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ ، وغيره.

قال خميس الحوزيّ : (٦) أبو المفضّل شيخنا يقصر الوصف عمّا كان عليه

__________________

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) الكوّاز : بفتح الكاف والواو المشدّدة بعدها الألف وفي آخرها الزاي. هذه النسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية. (الأنساب ١٠ / ٤٩١).

(٣) انظر عن (هبة الله بن محمد) في : الأنساب ٣ / ٣٠١ ، ٣٠٢ ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي ٩٢ ، ٩٣ رقم ٧٣ ، وانظر الصفحات : ٤٤ و ٤٨ و ٥٧ و ٦٩ و ٦٤ و ٧٥ و ٧٧ و ٧٨ و ٨٠ و ٨١ و ٨٤ و ٨٦ و ٩٧ و ١١٣ و ١٢١.

(٤) في الأنساب : «أبو الفضل».

(٥) الجلخت : بفتح الجيم واللام وسكون الخاء.

(٦) في السؤالات ٩٢.

٧١

من خشونة الطّريقة وحسنها (١). صام وقته كلّه ، ولازم الجامع (٢) معتكفا. يقرئ القرآن ويحدّث (٣). وكان حسن المعرفة (٤) بالفقه والحديث ، جمّاعة لخلال الخير (٥) ، ذا جاه عظيم عند السّلطان (٦).

توفّي في أوّل السّنة ، ودفن بداره ، وله سبع وخمسون سنة.

الكنى

٣٥ ـ أبو يعلى بن عبد الواحد بن أحمد المليحيّ الهرويّ.

اسمه (٧).

__________________

(١) في السؤالات زيادة : «وما كان ينطوي عليه من الزهد والاجتهاد في العبادة».

(٢) في السؤالات : «ولازم المسجد الجامع».

(٣) في السؤالات : «ويملي الحديث».

(٤) في السؤالات : روى عن أبي الحسن العجمي والميموني ، وكان كثير المشيخة ، حسن المعرفة بالحديث والفقه والفرائض وطرق القراءات والحساب.

(٥) زاد في السؤالات : وقرأ القرآن على أبي المرجّى بن ورقاء البزّاز ، وأبي علي بن علّان ، وغيرهما ، لم يبلغ الستين.

(٦) زاد في السؤالات : «وفي أعين العوامّ».

(٧) هكذا في الأصل ، ولم يجد اسمه.

٧٢

سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة

ـ حرف الألف ـ

٣٦ ـ أحمد بن عمر بن أحمد بن عليّ (١).

أبو بكر الهمذانيّ الصّندوقيّ (٢) البزّاز المعبّر.

روى عن : أبي طاهر بن سلمة ، وأبي سعيد بن شبابة ، ومحمد بن عيسى وأكثر عنه ، وابن المحتسب ، وجعفر الأبهريّ ، وطاهر بن أحمد الإمام ، وعليّ بن أحمد ، وعليّ بن شعيب ، وأبي نصر بن الكسّار ، وأبي الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد الهرويّ ، ومنصور بن رامش ، وأبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرّازيّ الفقيه ، وخلق كثير.

قال شيرويه : سمعت منه كثيرا ، وكان ثقة صدوقا ، عارفا بأحوال البلد وأهلها ، وبأخبار المشايخ. وكان أحد دهاة الفرس ، حسن السّيرة ، اعتكف في الجامع نيّفا وأربعين سنة.

توفّي في ذي الحجّة ، وتولّيت غسله.

٣٧ ـ أحمد بن محمد بن أحمد (٣).

__________________

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) الصندوقي : بضم الصاد المهملة ، وسكون النون ، وضم الدال المهملة ، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى «الصندوق» وعمله. (الأنساب ٨ / ٩٠).

(٣) انظر عن (أحمد بن محمد الجرجاني) في : المنتظم ٩ / ٥٠ رقم ٧٦ (١٦ / ٢٨٥ رقم ٣٥٩٨) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٣١ ، وطبقات الشافعيّ الوسطى ، له (مخطوط) ورقة ٤١ ب ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١ / ٢٦٧ رقم ٢٢٢ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ٦٣ ، وكشف الظنون ٢٥٣ ، ٣٥٨ ، ١٠٢٣ ، ١٥١١ ، ١٧٣٠ ، ١٧٤٧ ، وفهرس المخطوطات المصوّرة ١ / ٢٩٥ ، وتاريخ الأدب العربيّ (الطبعة الأجنبية) ١ / ٢٨٨ ، والأعلام=

٧٣

أبو العبّاس الجرجانيّ الفقيه ، قاضي البصرة وشيخ الشّافعيّة بها.

وهو مذكور في أعيان الأدباء ، له تصانيف.

وسمع من : أبي طالب بن غيلان ، وأبي الحسن القزوينيّ ، والصّوريّ.

روى عنه : الحسين بن عبد الملك الأديب بأصبهان.

وله كتاب سمّاه كتاب «الأدباء» ، أورد فيه نفائس من النّظم والنّثر ، وكان من أجلاد العالم.

تفقّه على الشّيخ أبي إسحاق.

وقد روى عنه أبو عليّ بن سكّرة الحافظ ، وأثنى عليه.

وروى عنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ.

٣٨ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر (١).

أبو الفتح الأصبهانيّ الوبريّ (٢) المقرئ.

قرأ بالروايات على أبي المظفّر عبد الله بن شبيب ، والباطرقانيّ.

وسمع من : أبي نعيم ، وجماعة.

وروى اليسير ، وكان مقريء أصبهان في وقته.

٣٩ ـ أحمد بن محمد بن صاعد بن محمد (٣).

أبو نصر القاضي الصاعديّ ، رئيس نيسابور وقاضيها.

أجرى رئاسة بلده ورسومها على أحسن مجاريها. وكان معظّما عند

__________________

(١) / ٢٠٧ ، ومعجم المؤلفين ١ / ٦٦ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ١ / ٣٨١ رقم ١٩٧.

(١) انظر عن (أحمد بن محمد الأصبهاني) في : المنتظم ٩ / ٥٠ رقم ٧٥ (١٦ / ٢٨٥ رقم ٣٥٩٧).

(٢) الوبريّ : بفتح الواو والباء الموحّدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى الوبر والصوف. وهذا المنتسب كان ثعالبيا يعمل الفراء. (الأنساب ١٢ / ٢١٩).

(٣) انظر عن (أحمد بن محمد بن صاعد) في : تاريخ نيسابور (مخطوط) رقم ٢٤٦ ، والمنتخب من السياق ١١٢ ـ ١١٤ رقم ٢٤٦ ، والمنتظم ٩ / ٤٩ ، ٥٠ رقم ٧٤ (١٦ / ٢٨٤ رقم ٣٥٩٦) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٠ ، والعبر ٣ / ٢٩٩ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٤ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٣٣ ، والجواهر المضيّة ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨١ رقم ٢٠٧ ، وكتائب أعلام الأخيار ، رقم ٢٨٢ ، والطبقات السنية ٢ / رقم ٣٢٤ ، والفوائد البهية ٣٤ ، ٣٥ ، ٣ / ٣٦٦ وشذرات الذهب ٣ / ٣٦٦.

٧٤

السلطان. وله معرفة بالفروسيّة ورمي القوس. وكان من أعيان الحنفيّة.

سمع من : جدّه أبي العلاء صاعد بن محمد القاضي ، والقاضي أبي بكر الحيريّ ، ومحمد بن موسى الصّيرفيّ ، وعليّ بن محمد الطّرّازيّ ، ويحيى بن إبراهيم المزكّي.

وسمع ببغداد في الكهولة من القاضي أبي الطّيّب الطّبريّ ، وغيره.

وكان مولده في سنة عشر وأربعمائة.

روى عنه : إسماعيل بن محمد الحافظ ، وأبو سعد البغداديّ ، وسفيان بن مندة ، وزاهر روجيه ابنا الشّحّاميّ ، ومنصور بن محمد حفيده ، وعبد الله بن الفراويّ ، وعبد الخالق بن زاهر ، وأبو الغنائم منصور بن محمد الكشميهنيّ ، وإسماعيل العصائديّ ، وأحمد بن عليّ المقرئ البيهقيّ ، ومحمد بن عليّ بن دوست ، وآخرون.

قال السّمعانيّ : تعصّب بأخرة في المذهب ، حتّى أدّى إلى إيحاش العلماء ، وأغرى بعض الطّوائف على بعض ، حتّى غيّرت الخطباء ، وشرع اللّعن على أكثر الطّوائف من المسلمين ، فانتهى الأمر إلى السّلطان ألب أرسلان ، والوزير نظام الملك ، فأبطل ذلك ، ولزم القاضي أبو نصر بيته مدّة إلى دولة ملك شاه ، ففوّض القضاء إليه. وكان العدل والإنصاف في أيّامه.

وعقد مجلس الإملاء في خمسيات رمضان. وكان يحضر إملاءه من دبّ ودرج (١).

__________________

(١) وقال عبد الغافر الفارسيّ : قاضي القضاة الرئيس ، شيخ الإسلام ، صدر المحافل ، المقدّم ، العزيز من وقت صباه في بيته وعشيرته الفائق أقرانه بوفور حشمته.

ربّي في حجر الإمامة ، وكان من أوجه الأحفاد عند القاضي الإمام صاعد. وكان في عهد الصبا مخصوصا برجولية في طبعه وميل إلى الاشتغال بالفروسية والرمي. وكان من أجمل شبّان زمانه ، حتى اضطرب الزمان وانقرضت عن خراسان دولة محمود وأولاده ، وتحرّكت رياح آل سلجوق في حوالي سنة ثلاثين وأربعمائة ، صار رئيس الرؤساء بها إلى نيّف وأربعين وأربعمائة حتى مال بعد ذلك بعض الميل إلى التعصّب في المذهب ، وأخذ بزمام اختياره إلى ما لا يليق بالكبار من المبالغة في العناد ومطاولة الأقران من سائر الفرق ، حتى أدّى إلى إيحاش العلماء ، فكان ذلك غضا عن منصب حشمته إلى سنيّ نيّف وخمسين ، حتى انتهت نوبة الولاية إلى=

٧٥

توفّي في ثامن رمضان ، وكان أحد من يقال له شيخ الإسلام.

٤٠ ـ أحمد بن محمد بن محمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن شجاع (١).

الأستاذ أبو حامد الشّجاعيّ (٢) السّرخسيّ ، ثمّ البلخيّ ، الفقيه.

كان إماما مبرّزا كبير القدر.

تفقّه على : أبي عليّ السّنجيّ.

ودرّس مدّة ، وله أصحاب.

__________________

= السلطان ألب أرسلان والوزير الميمون نظام الملك ، فانجلت تلك السحابة عن العدل.

وكان هذا الصدر خاليا عن العمل برهة ، مشتغلا بأمور نفسه مع ما فيه من الأبّهة والحشمة والنعمة.

وقد بعث رسولا إلى ما وراء النهر (بغية) استصلاحه للأمور الجسيمة ، فبقي على ذلك مدّة إلى ابتداء الدولة الملكشاهية أدّى الحال إلى تفويض القضاء بنيسابور إلى هذا الصدر ، وصار قاضي القضاة على الإطلاق ، وصار مجلسه للخيرات مجمعا و (...) صالحة في الأمور.

وعقد مجلس الإملاء عشيّات الخميس في رمضان في الجامع القديم على رسم أسلافه ، وكان يحضر من دبّ ودرج من الفرق ، ويتقرّب إليه المشايخ والأئمّة بالحضور ، ولم يزل يرتفع أمره إلى أربع عشرة سنة من ابتداء قضائه.

وكان صدوق اللهجة ، يحبّ كل من ظهر عنده ، ويبغض الكذب وأهله أشدّ البغض ، إلى أن أدركه قضاء الله .. (المنتخب من السياق ١١٢ ، ١١٣).

ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :وقع في (الجواهر المضيّة ١ / ٢٨٠) : «قال أبو نصر : دخلت على المتوكل أمير المؤمنين ، وهو يمدح الرّفق ، فأكثر في مدحه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أنشدني الأصمعي بيتين. فقال :هاتهما ، فقلت :

لم أر مثل الرّفق في لينه

قد أخرج العذراء من خدرها

من يستعن بالرفق في أمره

يستخرج الحيّة من جحرها

قال : فكتبها الخليفة بيده».

وقد وضع محقّق الكتاب الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو إشارة فوق «الأصمعي» ، وقال في الحاشية : «لعلّ المصنّف اختصر سند المترجم إلى الأصمعي».

وهذا صحيح ، إذ لم يدخل أبو نصر على المتوكل ، كما لم يسمع من الأصمعي وبينه وبينهما نحو مائتي سنة. وقد أثبت عبد الغافر الفارسيّ السند في (المنتخب ١١٣ ، ١١٤).

(١) انظر عن (أحمد بن محمد الشجاعي) في : الأنساب ٧ / ٢٩١ ، والمنتخب من السياق ١١٦ رقم ٢٥٣ وفيه «أحمد بن محمد بن محم» ، والإعلام بوفيات الأعلام ١٩٨ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٤ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٣٣ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٩.

وسيعاد باختصار برقم (٣٣٦).

(٢) الشجاعي : بضم الشين المعجمة ، وفتح الجيم ، وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى شجاع ، وهو اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب).

٧٦

سمع الحديث من : اللّيث بن الحسن اللّيثيّ ، وغيره.

روى عنه : ابن أخيه محمد بن محمود السّره مرد (١) بسرخس ، وأبو حفص عمر بن محمد بن القاسم القاضي الشّهرزوريّ ، وآخرون.

سمع منهم : أبو سعد السّمعانيّ.

وتوفّي رحمه‌الله ببلخ.

وقع لنا مجلس من أماليه.

٤١ ـ إبراهيم بن سعيد بن عبد الله (٢).

الحافظ أبو إسحاق النّعمانيّ ، مولاهم المصريّ ، المعروف بالحبّال (٣).

قال أبو عليّ بن سكّرة : أخبرني أنّ مولده في سنة إحدى وتسعين (٤) وثلاثمائة ، وأنّه سمع من الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة. وأنّ عبد الغنيّ توفّي سنة ثمان (٥).

قلت : سمع : أحمد بن عبد العزيز بن ثرثال (٦) صاحب المحامليّ ، وهو أكبر شيخ له ، وعبد الغنيّ المذكور ، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطّان ، ومحمد بن ذكوان التّنّيسيّ سبط عثمان السّمرقنديّ ، وأحمد بن الحسين بن جعفر النّخاليّ (٧) العطّار ، وقال : ما أقدّم عليه أحدا من شيوخي في الثّقة وجميع

__________________

(١) جوّد ضبطه السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى ٦ / ٣٩٥) : بفتح السين والراء المهملتين ، وسكون الهاء ، وفتح الميم ، وسكون الراء الثانية ، بعدها دال. لقب.

(٢) انظر عن (إبراهيم بن سعيد) في : الإكمال لابن ماكولا ٢ / ٣٧٩ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٤٠ رقم ١٥٣٠ ، ودول الإسلام ٢ / ١١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٥ ـ ٥٠٣ رقم ٢٥٩ ، والعبر ٣ / ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩١ ـ ١١٩٦ ، ومرآة الجنان ٣ / ٣٦٦ ، والوافي بالوفيات ٥ / ٣٥٥ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦ ، وفيه «إبراهيم بن سعد» ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٩ ، وطبقات الحفّاظ ٤٤٢ ، وحسن المحاضرة ١ / ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٦٦.

(٣) تحرّفت في (اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦) إلى : «الخيال».

(٤) وقع في (اتعاظ الحنفا) : «وسبعين».

(٥) والصحيح أن عبد الغني بن سعيد توفي سنة ٤٠٩ ه‍.

(٦) ثرثال : بفتح أوله ، وقد تحرّف في (تذكرة الحفاظ) إلى : «شرثال» ، وفي (شذرات الذهب) إلى : «بريال».

(٧) النخالي : بضم النون وفتح الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى النّخالة وهي ما يستخرج من الدقيق. (الأنساب ١٢ / ٥٨).

٧٧

الخصال الّتي اجتمعت فيه ، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس ، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيليّ ، ومنير بن أحمد ، والخصيب (١) بن عبد الله ، ومحمد بن محمد النّيسابوريّ صاحب الأصمّ ، وابن نظيف ، وخلقا سواهم.

وجمع لنفسه عوالي سفيان بن عيينة ، وغير ذلك.

وكان يتّجر في الكتب ، ولهذا حصّل من الأصول والأجزاء ما لا يوصف.

وكان متقنا ، ثقة ، حافظا متحرّيا ، صادقا.

روى عنه : أبو عبد الله الحميديّ ، وإبراهيم بن الحسن العلويّ المصريّ النّقيب ، وعبد الكريم بن سوار التككيّ (٢) ، وعطاء بن هبة الله الإخميميّ (٣) ، ووفاء بن ذبيان النّابلسيّ ، ويوسف بن محمد الأردبيليّ (٤) ، سمع السّلفّي من خمستهم ، ومحمد بن محمد بن جماهر الطّليطليّ ، ومحمد بن إبراهيم البكريّ الطّليطليّ ، وأبو الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسيّ ، وأبو الفضل محمد بن بنان (٥) الأنباريّ ، وعليّ بن الحسين الموصليّ الفرّاء ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المرستان.

وآخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.

وكان خلفاء مصر الرّافضة قد منعوه من التّحديث وأخافوه ، قاتلهم الله ، فلهذا انقطع حديثه بوقت.

قال أبو عليّ بن سكّرة : منعت من الدّخول إليه ، فلم أدخل عليه إلّا بشرط

__________________

(١) تحرّف في (تذكرة الحفاظ) إلى : «الخطيب».

(٢) التّككيّ : بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين ، وفتح الكاف ، وفي آخرها كاف أخرى. هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكّة. (الأنساب ٣ / ٦٨).

(٣) الإخميمي : بكسر الألف وسكون الخاء المعجمة والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الميمين المكسورتين. هذه النسبة إلى إخميم وهي بلدة من ديار مصر من الصعيد على طريق الحاج. (الأنساب ١ / ١٥٥).

(٤) الأردبيلي : بفتح الألف وسكون الراء وضم الدال المهملة وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها اللام ، هذه النسبة إلى بلدة يقال لها أردبيل مما يلي أذربيجان لعلّه بناها أردبيل بن أميني بن لنطي بن يونان فنسبت إليه. (الأنساب ١ / ١٧٧).

(٥) في الأصل ، وتذكرة الحفاظ «بيان». والمثبت عن : تبصير المنتبه ١ / ١٠٥ حيث ضبطه بضم الباء الموحّدة ونونين.

٧٨

أن لا يسمعني ، ولا يكتب إجازة ، فأوّل ما فاتحته الكلام خلّط في كلامه ، وأجابني على غير سؤالي حذرا أن أكون مدسوسا عليه ، حتّى بسطته ، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد الحجّ ، فأجاز لي لفظا ، وامتنع من غير ذلك (١).

وقال ابن ماكولا : (٢) كان الحبّال مكثرا ثقة ، ثبتا ، ورعا ، خيّرا. ذكر أنّه مولى لابن النّعمان قاضي قضاة مصر.

وحدّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبّته في غير شيء.

وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة ، ثمّ قال : وحدّثني عنه أبو عبد الله الحميديّ (٣).

وقد أتى الحبّال بعض الطّلبة ، قبل أن يمنعه بنو عبيد من الرّواية ، ليسمعوا منه جزءا ، فأخرج به عشرين نسخة ، وناول كلّ واحد نسخة يعارض بها (٤).

وقال الحافظ محمد بن طاهر : سمعت أبا إسحاق الحبّال يقول : كان عندنا بمصر رجل يسمع معنا الحديث ، وكان متشدّدا. وكان يكتب السّماع على الأصول ، ولا يكتب اسم رجل حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء ، ولم يذهب عليه منه شيء.

وسمعته يقول : كنّا نقرأ على شيخ جزءا ، فقرأنا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يدخل الجنّة قتّات» (٥). وكان في الجماعة رجل ممّن يبيع القتّ ، وهو علف الدّوابّ ، فقام وبكى ، وقال : أتوب إلى الله من بيع القتّ. فقيل : ليس هو الّذي يبيع القتّ ، ولكنّه النّمّام الّذي ينقل الحديث من قوم إلى قوم.

فسكن بكاؤه وطابت نفسه (٦).

__________________

(١) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٢ ، ١١٩٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٧.

(٢) في الإكمال ٢ / ٣٧٩.

(٣) انظر : تذكرة الحافظ ٣ / ١١٩٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٨.

(٤) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٩.

(٥) أخرجه الإمام أحمد من حديث حذيفة في المسند ٥ / ٣٨٢ و ٣٨٩ و ٣٩٢ و ٣٩٧ و ٤٠٢ و ٤٠٤ ، والبخاري في الأدب ١٠ / ٣٩٤ باب : ما يكره من النميمة ، ومسلم في الإيمان (٢١٠٥) باب : بيان غلظ تحريم النميمة ، وأبو داود (٤٨٧١) ، والترمذي (٢٠٢٦).

(٦) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٩.

٧٩

قال ابن طاهر : كان شيخنا الحبّال لا يخرج أصله من يده إلّا بحضوره ، يدفع الجزء إلى الطّالب ، فيكتب منه قدر جلوسه ، فإذا قام أخذ الأصل منه.

وكان له بأكثر كتبه عدّة نسخ. ولم أر أحدا أشدّ أخذا منه ، ولا أكثر كتبا منه.

وكان مذهبه في الإجازة أن يقدّمها على الإخبار.

يقول : أجاز لنا فلان ، أنا فلان ، ولا يقول : أنا فلان إجازة.

يقول : ربّما تترك إجازة ، فيبقى إخبارا ، فإذا ابتدئ بها ، لم يقع الشّكّ فيه (١).

وسمعته يقول : خرّج أبو نصر السّجزيّ الحافظ على أكثر من مائة شيخ ، لم يبق منهم غيري (٢).

قال ابن طاهر : كان قد خرّج له عشرين جزءا في وقت الطّلب ، وكتبها في كاغد عتيق ، فسألت الحبّال عن الكاغد ، فقال : هذا من الكاغد الّذي كان يحمل إلى الوزير من سمرقند ، وقعت إليّ من كتبه قطعة ، فكنت إذا رأيت ورقة بيضاء قطعتها ، إلى أن اجتمع هذا القدر ، فكنت أكتب فيه هذه الفوائد (٣).

قال ابن طاهر : لمّا دخلت مصر قصدت الحبّال ، وكان قد وصفوه لي بحليته وسيرته ، وأنّه يخدم نفسه ، فكنت في بعض الأسواق لا أهتدي إلى أين أذهب. فرأيت شيخا على الصّفة الّتي وصف بها الحبّال ، واقفا على دكّان عطّار ، وكمّيه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي أنّه هو ،

فلمّا ذهب سألت العطّار : من هذا الشيخ؟ فقال : وما تعرفه ، هذا أبو إسحاق الحبّال! فتبعته وبلّغته رسالة سعد بن عليّ الزّنجانيّ ، فسألني عنه ، وأخرج من جيبه جزءا صغيرا ، فيه الحديثان المسلسلان اللّذان كان يرويهما. أحدهما. وهو أوّل حديث سمعته منه ، فقرأهما عليّ. وأخذت عليه الموعد كلّ يوم في جامع عمرو بن العاص إلى أن خرجت رحمه‌الله (٤).

__________________

(١) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٣ ، ١١٩٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٠٠.

(٢) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٠٠.

(٣) المصدران السابقان.

(٤) انظر : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٩٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٠٠ ، ٥٠١.

٨٠