تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٣

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

١
٢

٣

٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الطبقة التاسعة والأربعون

سنة إحدى وثمانين وأربعمائة

[استيلاء الفرنج على مدينة زويلة]

فيها استولت الفرنج على مدينة زويلة من بلاد إفريقية ، جاءوا في البحر في أربعمائة قطعة ، فنهبوا وسبوا ، ثمّ صالحهم تميم بن باديس (١) ، وبذل لهم من خزانته ثلاثين ألف دينار ، فردّوا جميع ما حووه (٢).

[وفاة الناصر بن علناس]

وفيها مات النّاصر بن علناس بن حمّاد ، وولي بعده ابنه المنصور ، فجاءته كتب تميم بن المعزّ ، وكتب يوسف بن تاشفين صاحب مرّاكش بالعزاء والهناء (٣).

[وفاة ملك غزنة]

وفيها مات ملك غزنة الملك المؤيّد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين (٤). وكان كريما ، عادلا ، مجاهدا ، عاقلا ، له رأي ودهاء. ومن مخادعته أنّ السّلطان ملك شاه سار بجيوشه يقصده ، ونزل بأسفزار ، (٥) فكتب إبراهيم كتبا إلى جماعة من أعيان أمراء ملك شاه يشكرهم ، ويعتذر لهم بما فعلوه من تحسينهم لملكشاه أن يقصده : ليتمّ لنا ما استقرّ بيننا من الظّفر به ، وتخليصكم من يده. ويعدهم بكلّ جميل. وأمر القاصد بالكتب أن يتعرّض

__________________

(١) هو تميم بن المعزّ بن باديس.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٦.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٦ ، ١٦٧ ، البيان المغرب ١ / ٣٠١.

(٤) مآثر الإنافة ٢ / ٨ ، صبح الأعشى ٤ / ٤٤٨ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٥.

(٥) أسفزار : بفتح الهمزة ، وسكون السين ، والفاء تضم وتكسر ، وزاي ، وألف وراء. مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة. (معجم البلدان ١ / ١٧٨).

٥

لملكشاه في تصيّده. فأخذ وأحضر عند ملك شاه ، فقرّره ، فأنكر ، فأمر بضربه ، فأقرّ وأخرج الكتب ، فلمّا فتحها وقرأها تخيّل (١) من أمرائه ، وكتم ذلك عنهم خوف الوحشة ، ورجع من وجهه.

وكان إبراهيم يكتب في العام ختمة ، ويهديها ويتصدّق بثمنها. وكان يقول : لو كنت بعد وفاة جدّي محمود لما ضعف ملكنا ، ولكنّي الآن عاجز أن أستردّ ما أخذ منّا من البلاد لكثرة جيوشهم (٢).

[ولاية جلال الدّين مسعود الملك]

وقام في الملك بعده ولده جلال الدّين مسعود ، الّذي كان أبوه زوّجه بابنة السّلطان ملك شاه ، وناب نظام الملك في عرسه عليها مائة ألف دينار (٣).

[منازلة متولّي حلب لشيزر]

وفيها جمع آق سنقر متولّي حلب العساكر ، ونازل شيزر ، ثمّ صالحه صاحبها ابن منقذ (٤).

[وفاة الملك أحمد بن ملك شاه]

وفيها مات الملك أحمد بن السّلطان ملك شاه ، وله إحدى عشرة سنة ، وكان قد جعله وليّ عهد أوّل ، ونثر الذّهب على الخطباء في البلاد عند ذكره. فلمّا مات عمل عزاؤه ببغداد سبعة أيّام بدار الخلافة ، ولم يركب أحد فرسا ، وناح النّساء في الأسواق عليه ، وكان منظرا فظيعا (٥).

__________________

(١) في طبعة صادر من «الكامل» ١٠ / ١٦٧ «تحيّل» ، بالحاء المهملة.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ وفيه : «وقيل بل كانت وفاته سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وهو الأقوى ، ولكن تابعنا ابن الأثير وإيراده وفاة المذكور في هذه السنة» ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢١.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٨ ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، مآثر الإنافة ٢ / ٨.

(٤) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٤ (وتحقيق سويّم) ٢١ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، وانظر : الدرّة المضيّة ٤٣١ ، ومفرّج الكروب ١ / ١٩ ، ٢٠ ، الروضتين ١ / ٦١.

(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٦٩.

٦

[توجّه ملك شاه إلى سمرقند]

وفيها توجّه ملك شاه إلى سمرقند ليملكها (١).

__________________

(١) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٤ (وتحقيق سويّم) ٢١ (حوادث سنة ٤٨١ ه‍.) ،

ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١١٩ ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، الدرّة المضيّة ٤٣٠ ، مآثر الإنافة ٢ / ٧.

٧

سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة

[الفتنة بين السّنّة والشيعة]

في صفر كبس غوغاء السّنّة الكرخ ، وقتلوا رجلا وجرحوا آخر ، فأغلق أهل الكرخ أسواقهم ، ورفعوا المصاحف وثياب الرّجلين بالدّماء ، ومضوا إلى دار كمال الملك الدّهستانيّ مستغيثين ، فأرسل إلى النّقيب طراد يطلب منه إحضار الرّجلين القاتلين ، فلم يقدر ، وكفّ النّاس. فلمّا سار السّلطان عادت الفتنة (١).

[تملّك السلطان ما وراء النهر]

وفيها ملك السّلطان ما وراء النّهر ، وذلك لأنّ سمرقند تملّكها ابن أخي تركان زوجة السّلطان ، وكان صبيّا ظلوما غشوما ، كثير المصادرة. فكتبوا إلى السّلطان سرّا يستغيثون به ليتملّك عليهم ، فطمع السّلطان ، وتحرّكت همّته ، وسار من أصبهان بجميع جيوشه ، وعبر النّهر ، وقصد بخارى فملكها (٢) ، وقصد سمرقند ونازلها ، وكاتب أهلها ، ففرح به التّجّار والرّؤساء ، وفرّق صاحبها أحمد خان الأبرجة على الأمراء ، وسلّم برج العيّار (٣) إلى رجل علويّ ، فنصح في القتال. ورمى السّلطان عدّة أماكن من السّور بالمنجنيقات ، فلمّا صعدوا السّور اختفى أحمد خان في بيت عاميّ ، فغمز عليه ، وحمل إلى السّلطان يجرّ بحبل ،

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٤٧ ـ ٤٩ (١٦ / ٢٨١ ـ ٢٨٣) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٠ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٤ (حوادث سنة ٤٨١ ه‍.).

(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢١ ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، مآثر الإنافة ٢ / ٧

(٣) في الأصل بياض ، والمستدرك من (الكامل ١٠ / ١٧٢).

٨

فأكرمه السّلطان وأطلقه ، وأرسله تحت الاحتياط إلى أصبهان. ورتّب لسمرقند أبا طاهر عميد خوارزم.

ثمّ قصد كاشغر (١) ، فبلغ إلى يوزكند (٢) ، وهي بلدة يجري على بابها نهر ، فأرسل رسله إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطبة والسّكّة له ، ويتهدّده إن خالف. فدخل في الطّاعة ، وجاء إلى الخدمة ، فأكرمه السّلطان وعظّمه ، وأنعم عليه ، وردّه إلى بلده. ثمّ ردّ إلى خراسان (٣) ، فوثب عسكر سمرقند بالعميد أبي طاهر ، فاحتال حتّى هرب منهم (٤) ، وكان كبيرهم عين (٥) الدّولة ، ثمّ ندم وخاف ، فكاتب يعقوب (٦) أخا الملك صاحب كاشغر ، فحضر واتّفق معه. وجرت أمور ، فلمّا اتّصلت الأخبار بالسّلطان كرّ راجعا إلى سمرقند ، فهرب يعقوب ، وكان قد قتل عين (٥) الدّولة ، فلحق بفرغانة وهي ولايته. ثمّ هادنه ورجع بعد فصول طويلة (٧).

[وفاة ابنة السلطان]

وكانت ابنة السّلطان زوجة الخليفة أرسلت تشكو من الخليفة لكثرة اطّراحه

__________________

(١) كاشغر : بفتح الكاف وسكون الألف والشين المعجمة وفتح الغين المعجمة ، وفي آخرها راء.

مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي. وهي في وسط بلاد الترك.

(٢) في الأصل : «بئركند» ، والمثبت عن : الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٢ ، ومعجم البلدان ٥ / ٤٥٣ وفيه ، يوزكند : بضم أوله ، وسكون ثانيه ، وفتح الزاي والكاف ، وسكون النون. بلد بما وراء النهر يقال له : أوزكند.

وقال : أوزكند : بالضم ، والواو والزاي ساكنان. بلد بما وراء النهر من نواحي فرغانة ، ويقال :أوزجند. قال ياقوت : وخبّرت أنّ كند بلغة أهل تلك البلاد معناه القرية كما يقول أهل الشام :الكفر. وأوزكند : آخر مدن فرغانة مما يلي دار الحرب. ولها بساتين وقهندز وعدّة أبواب ، وإليها متجر الأتراك. (١ / ٢٨٠). وقد أثبتها محقّق نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٨ «بيوزكند» ، فوهم ، وفي : المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ «بوزكند» وتصححت في : تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣.

(٣) نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٧ ، ٣٢٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، ١١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، ٤.

(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧١ ـ ١٧٣ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٨.

(٥) في نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٨ «عزّ».

(٦) في نهاية الأرب : «يعقوب تكين».

(٧) انظر تفصيل ذلك في (الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٣ ـ ١٧٥) و (نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٨) و (العبر ٣ / ٢٩٩) ، ومرآة الجنان ٣ / ١٣٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٧.

٩

لها ، فأرسل يطلب ابنته طلبا لا بدّ منه ، فأذن لها الخليفة ، ومعها ولدها جعفر ، وسعد الدّولة كوهرائين ، فذهبت إلى أصبهان ، فأدركها الموت في ذي القعدة من السّنة ، وعمل الشّعراء فيها المراثي (١).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٥ ، ١٧٦ ، نهاية الأرب للنويري ٢٣ / ٢٥٠ ، دول الإسلام ٢ / ١١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢١ ، ٣٢٢.

١٠

سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

[تسلّم المصريّين صور وصيدا وعكا وجبيل]

وفيها جاءت عساكر مصر وحاصروا صور ، وكان قد تغلّب عليها القاضي عين الدّولة ابن أبي عقيل ، ثم توفّي ووليها أولاده ، فسلّموها لضعفهم (١).

وسارت العساكر إلى صيداء فتسلّموها (٢).

ثمّ ساروا إلى عكّا ، فحاصروها وضيّقوا على المسلمين فافتتحوها (٣).

وملكوا مدينة جبيل ، ورتّبوا نوّاب المستنصر بها ، ورجعوا إلى مصر

__________________

(١) انظر عن (صور) في : تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٥ (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٢٨ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٦ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍) ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، وتاريخ سلاطين المماليك ٣ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٨ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.). وقد كان بصور «نفيس» وأثنان من إخوته أبناء القاضي ابن أبي عقيل. (الأعلاق الخطيرة لابن شداد ٢ / ١٦٥).

(٢) انظر عن (صيدا) في : ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٢٨ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٦ (وكلها في حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، ودول الإسلام ٢ / ١١ ، والدرّة المضيّة ٤٣٥ ، وتاريخ سلاطين المماليك ٣ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٨.

وكانت صيدا بيد «ثقة الملك بن الطهماني» وقد هرب منها إلى طرابلس في البحر مستجيرا. بجلال الملك ابن عمّار. (ديوان ابن الخيّاط ٥٢).

(٣) انظر عن (عكا) في : ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٢٨ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٦ (وكلها في حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٨ ، ودول الإسلام ٢ / ١١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، وتاريخ سلاطين المماليك ٣ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٢٨.

١١

منصورين ظافرين بعزم أمير الجيوش (١).

[تعاظم الفتنة بين السّنّة والشيعة]

وفيها عظمت البليّة ببغداد بين السّنّة والشّيعة ، وقتل بينهم بشر كثير ، وركب شحنة بغداد ليكفّهم فعجز ، وذلّت الرّافضة بإعانة الخليفة أعوانه عليهم ، وأجابوا إلى إظهار السّنّة ، وكتبوا بالكرخ على أبواب مساجدهم : خير النّاس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ عليّ. فعظم هذا على جهلتهم وشطّارهم ، فثاروا ونهبوا شارع ابن أبي عوف ، وفي جملة ما نهبوا دار المحدّث أبي الفضل بن خيرون ، فذهب مستصرخا ومعه خلق ، ورفعت العامّة الصّلبان ، وهجموا على الوزير وما أبوا ممكنا. وقتل يومئذ رجل هاشميّ بسهم غرب ، فقتلت السّنّة عوضه رجلا علويّا وأحرقوه. وجرت أمور قبيحة ، فطلب الخليفة من صدقة بن مزيد عسكرا ، فبعث عسكرا ، وتتبّعوا المفسدين إلى أن خمدت الفتنة (٢).

[القحط بإفريقية]

وفيها كان بإفريقية قحط وحروب ، ثمّ أمنوا ورخصت الأسعار (٣).

[بناء المدرسة التاجيّة ببغداد]

وفيها عملت ببغداد مدرسة لتاج الملك مستوفي الدّولة بباب أبرز ، ودرّس بها أبو بكر الشّاشيّ ، وتعرف بالمدرسة التّاجيّة (٤).

__________________

(١) انظر عن (جبيل) في : ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٢٨ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٦ (وكلها في حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٨ ، ودول الإسلام ٢ / ١١ ، وتاريخ سلاطين المماليك ٣ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٦.

(٢) المنتظم ٩ / ٤٧ ، ٤٨ (١٦ / ٢٨٢ ـ ٢٨٤) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٦ ، ١٧٧ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، العبر في خبر من عبر ٣ / ٣٠١ ، ٣٠٢ ، دول الإسلام ٢ / ١١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، شذرات الذهب ٣ / ٣٦٧.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٩ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، البيان المغرب ١ / ٣٠٢.

(٤) الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٤ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٠ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، تاريخ دولة آل سلجوق ٧٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.)

١٢

[عمارة منارة جامع حلب]

وفيها عمرت منارة جامع حلب (١)

[إمساك النّحويّ السارق]

وفيها سرق رجل نحويّ أشقر ثيابا ، فأخذ وهمّوا به ، فهرب وذهب إلى بلاد بني عامر ، [وبلاده متاخمة الإحساء] (٢) ، وقال لأميرهم : أنت تملك الأرض ويتمّ لك ، وأنت أجدادك أفعالهم بالحاجّ في التّواريخ. وحسّن له نهب البصرة ، فجمع العربان ، وقصدوا البصرة بغتة ، والنّاس آمنون بهيبة السّلطان ، فملكها ونهبها ، وفعلوا كلّ قبيح ، وأحرقوا عدّة أماكن ، وجاء الصّريخ إلى بغداد ، فانحدر سعد الدّولة كواهرئين ، وسيف الدّولة صدقة بن مزيد ، فوجدوا الأمر قد فات ، ثمّ أخذ ذلك النّحويّ فشهّر ، وصلب ببغداد (٣).

[تعيين مدرّسين في النظامية]

ووصل للنظاميّة مدرّسان ، كلّ واحد معه منشور بها من نظام الملك ، وهما أبو محمد عبد الوهّاب الشّيرازيّ ، وأبو عبد الله الطّبريّ. ثمّ تقرّر الأمر أنّ كلّ واحد يدرّس يوما (٤).

[وفاة ابن جهير]

وفيها مات فخر الدّولة بن جهير (٥).

__________________

= تاريخ الخلفاء ٤٢٥.

(١) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٤ (وتحقيق سويّم) ٢١ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٠ ، وزبدة الحلب ٢ / ١٠٥ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍). وفيه : «وقام بعملها القاضي أبو الحسن الخشاب» ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ ، مفرّج الكروب ١ / ٢١ (حوادث سنة ٤٨٢ ه‍.) ، الدرّة المضيّة ٤٣١ (حوادث ٤٨٢ ه‍.) و ٤٣٤.

(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك بين الحاصرتين من (الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٣.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٣ ، ١٨٤ ، دول الإسلام ٢ / ١١ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٦.

(٤) الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٤ وفيه : «ليزيد العلم بتحرّيهما فيضا» ، المنتظم ٩ / ٥٣ (١٦ / ٢٨٩) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٥ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٧٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٦ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١٣.

(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٢ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٨٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ ،

١٣

[تسلّم رئيس الإسماعيلية قلعة أصبهان]

وفي شعبان تسلّم ابن الصّبّاح رأس الإسماعيليّة قلعة أصبهان ، وذلك أوّل ظهورهم (١). وسيأتي ذكرهم في سنة أربع وتسعين.

__________________

= البداية والنهاية ١٢ / ١٣٦ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٠ وانظر ترجمته في الوفيات برقم (١٠٥).

(١) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ ، دول الإسلام ٢ / ١١.

١٤

سنة أربع وثمانين وأربعمائة

[عزل أبي شجاع عن الوزارة]

فيها عزل عن الوزارة ببغداد أبو شجاع بعميد الدّولة بن جهير وأمر بلزوم داره ، فتمثّل عن نفسه :

تولّاها وليس له عدوّ

وفارقها وليس له صديق (١)

[سجن الصاحب بن عبّاد]

وفيها استولى أمير المسلمين يوسف على بلاد الأندلس قرطبة ، وإشبيلية ، وسجن ابن عبّاد ، وفعل في حقّه ما لا ينبغي لملك ، فإنّ الملوك إمّا أن يقتلوا ، وإمّا أن يسجنوا ، ويقرّر لذلك المحبوس راتب يليق به ، وهذا لم يفعل ذلك ، بل استولى على جمع ممالكه وذخائره ، وسجنه بأغمات (٢) ، ولم يجر على أولاده ما يكفيهم ، فكان بنات المعتمد بن عبّاد يغزلن بأيديهنّ ، وينفقن على أنفسهنّ ، فأبان أمير المسلمين بهذا عن صغر نفس ، ولؤم طبع (٣).

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٥٦ (١٦ / ٢٩٠ ، ٢٩١) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٦ ، ١٨٧ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٧٧ ، ٧٨ ، الفخري لابن طباطبا ٢٩٨ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٢.

(٢) أغمات : ناحية في بلاد البربر من أرض المغرب قرب مرّاكش ، وهي مدينتان متقابلتان كثيرة الخير ، ومن ورائها إلى جهة البحر المحيط السوس الأقصى بأربع مراحل. (معجم البلدان ١ / ٢٢٥).

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٨٧ ـ ١٩٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ ، العبر ٣ / ٣٠٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٢ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ ، مآثر الإنافة ٢ / ٩ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٣.

١٥

[بدء المرابطين]

واتّسعت مملكته واستولى على المغرب وكثير من إقليم الأندلس ، وترك كثيرا من جيوشه بثغور الأندلس ، وطاب لهم الخصب والرّفاهية ، واستراحوا من جبال البربر وعيشها القشب ، ولقّبهم بالمرابطين. وسالمه المستعين بالله ابن هود صاحب شرق الأندلس ، وكان يبعث إليه بالتّحف. وكان هو وأجناده ممّن يضرب بهم المثل في الشّجاعة ، فلمّا احتضر يوسف بن تاشفين أوصى ولده عليّا ببني هود وقال : اتركهم بينك وبين العدوّ ، فإنّهم شجعان (١).

[استيلاء الفرنج على صقلّيّة]

وفيها استولت الفرنج على جميع جزيرة صقلّيّة. وأوّل ما فتحها المسلمون بعد المائتين ، وحكم عليها آل الأغلب دهرا ، إلى أن استولى المهديّ العبيديّ على الغرب. وكان العزيز العبيديّ صاحب مصر قد استعمل عليها الأمير أبا الفتوح يوسف بن عبد الله ، فأصابه فالج ، فاستناب ولده جعفرا ، فضبط الجزيرة ، وأحسن السّيرة إلى سنة خمس (٢) وأربعمائة ، فخرج عليه أخوه عليّ في جمع من البربر والعبيد ، فالتقوا ، فقتل خلق من البربر والعبيد ، وأسر عليّ ، وقتله أخوه ، فعظم قتله على أبيه وهو مفلوج ، وأمر جعفر بنفي كلّ بربريّ بالجزيرة ، فطردوا إلى إفريقية ، وقتلوا سائر العبيد ، واستخدم له جندا من أهل البلاد ، فاختلف عسكره ، ولم تمض إلّا أيّام حتّى أخرجوه وخلعوه ، وأرادوا قتله. وكان ظلوما لهم ، عسوفا ، فعملوا حسبته ، وحصروه في قصره سنة عشر وأربعمائة ، فخرج لهم أبوه أبو الفتوح في محفّة ، فرقّوا لحاله ، وأرضاهم ، واستعمل عليهم ابنه أحمد المعروف بالأكحل. ثمّ جهّز ابنه في البحر في مركب إلى مصر ، وسار هو بعد ابنه ومعهما من العين ستّمائة ألف وسبعون ألف دينار.

وكان ليوسف من الخيل ثلاث عشرة ألف حجرة ، سوى البغال وغيرها.

ومات يوم مات وما له إلّا فرس واحد.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٢ ، ١٩٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤.

(٢) في المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ «إلى سنة عشر».

١٦

وأمّا الأكحل فكان حازما سائسا أطاعه جميع حصون صقلّيّة الّتي للمسلمين. ثمّ إنّ أهل صقلّيّة اشتكوا منه ، وبعث المعزّ بن باديس جيشا عليهم ولده ، فحصروا الأكحل ، ووثب عليه طائفة من البلد ، فقتلوه في سنة تسع (١) وعشرين وأربعمائة. ثمّ رأوا مصلحتهم في طرد عسكر ابن باديس عنهم ، فالتقوا ، فانهزم الإفريقيّون ، وقتل منهم ثمانمائة نفس ، ورجع الباقون بأسوإ حال. فولّى أهل صقلّيّة عليهم الأمير حسنا الصّمصام أخا الأكحل ، فلم يتّفقوا ، وغلب كلّ مقدّم على قلعة ، واستولى الأراذل.

ثمّ أخرجوا الصّمصام ، فانفرد القائد عبد الله بن متكون (٢) بمازر (٣) وطرابنش (٤) ، وانفرد القائد عليّ بن نعمة (٥) بقصريانه (٦) وجرجنت ، وانفرد ابن الثمنة بمدينة سرقوسة (٧) وقطانية (٨) ، وتحارب هو وابن نعمة ، وجرت لهم خطوب ، فانهزم ابن الثمنة ، فسوّلت له نفسه الانتصار بالنّصارى ، فسار إلى مالطة ، وقد أخذتها الفرنج بعد السّبعين وثلاثمائة وسكنوها ، فقال لملكها : أنا أملكك الجزيرة ، وملأ يد هذا الكلب خسايا ، فسارت الفرنج معه في سنة أربع

__________________

(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٥ «سبع».

(٢) في الكامل ١ / ١٩٥ «منكوت» ، ومثله في : المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠١.

(٣) مازر : مدينة بصقلية. (معجم البلدان ٥ / ٤٠) وقال الشريف الإدريسي : ومازر مدينة فاضلة شامخة كاملة لا شبه لها ولا مثال في شرف المحلّ ، والحال إليها لانتهاء في جمال الهيئة والبناء ، وما اجتمع فيها من المحاسن التي لم تجتمع في غيرها من المواطن ، وهي ذات أسوار حصينة شاهقة وديار حسنة فائقة .. وبأصل سورها للوادي المعروف بوادي المجنون توسق منه المراكب .. ومن مازر إلى مرسى علي ثمانية عشر ميلا. (نزهة المشتاق ٢ / ٦٠٠ ، ٦٠١).

(٤) طرابنش : اسم مدينة بجزيرة صقلّيّة. (معجم البلدان ٤ / ٢٦) وقال الشريف الإدريسي : مدينة أزلية قديمة المحلّ على ساحل البحر والبحر يحدق بها من جميع جهاتها وإنما يسلك إليها على قنطرة على باب شرقيها .. وبقربها جزيرة الراهب وجزيرة اليابسة وجزيرة مليطة (نزهة المشتاق ٢ / ٦٠١).

(٥) ويعرف بابن الحواش.

(٦) قصريانه : بالياء المثنّاة من تحت ، وألف ساكنة ثم نون مكسورة وبعدها هاء ساكنة. هي رومية اسم رجل ، وهو اسم لمدينة كبيرة بجزيرة صقلّيّة على سنّ جبل. (معجم البلدان ٤ / ٣٦٥).

(٧) في الأصل : «سرقوس» ، والتصحيح من : معجم البلدان ٣ / ٢١٤ وهي الآن عاصمة جزيرة صقلّيّة. وفي المختصر في أخبار البشر : «سيرقوس».

(٨) قطانية ، ويقال : قطالية : بتخفيف الياء ، مدينة على سواحل جزيرة صقلّيّة ، وهي مدينة كبيرة على البحر من سفح جبل النار وتعرف بمدينة الفيل. (معجم البلدان ٤ / ٣٧٠) وانظر عنها في (نزهة المشتاق ٢ / ٥٩٧ ، ٥٩٧).

١٧

وأربعين وأربعمائة ، فلم يلقوا من يمنعهم ، فأخذوا ما في طريقهم ، وحاصروا قصريانه. وعمل معه ابن نعمة مصافّا ، فهزموه ، فالتجأ إلى القصر ، وكان منيعا حصينا. فرحلوا عنه واستولوا على أماكن كثيرة ، ونزح عنها خلق من الصّالحين والعلماء ، واجتمع بعضهم بالمعزّ ، فأخبره بما النّاس فيه من الويل مع عدوّهم ، فجهّز أسطولا كبيرا ، وساروا في الشّتاء ، فغرّق البحر أكثرهم ، وكان ذلك ممّا أضعف المعزّ ، وقويت عليه العرب ، وأخذت البلاد منه ، وتملّك الفرنج أكثر صقلّيّة (١).

واشتغل المعزّ بما دهمه من العرب الّذين بعثهم صاحب مصر المستنصر لحربه وانتزاع البلاد منه ، فقام بعده ولده تميم في الملك ، فجهّز أسطولا وجيشا إلى صقلّيّة ، فجرت لهم حروب وأمور طويلة ، ورجع الأسطول ، وصحبهم طائفة من أعيان أهل صقلّيّة ، ولم يبق أحد يمنع الفرنج ، فاستولوا على بلاد صقلّيّة ، سوى قصريانه وجرجنت (٢) ، فحاصروا المسلمين مدّة حتّى كلّوا ، وأكلوا الميتة من الجوع ، وسلّم أهل جرجنت بلدهم ، ولبثت (٣) قصريانه بعده ثلاث سنين في شدّة من الحصار ، ولا أحد يغيثهم ، فسلّموا بالأمان ، وتملّك رجار (٤) جميع الجزيرة (٥) ، وأسكنها الروم والفرنج مع أهلها.

وهلك رجار قبل التّسعين وأربعمائة ، وتملّك بعده ابنه ، فاتّسعت ممالكه ، وعمّر البلاد ، وبالغ في الإحسان إلى الرّعيّة ، وتطاول إلى أخذ سواحل إفريقية (٦).

__________________

(١) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠١.

(٢) في الأصل : «جرجنته» والتصحيح من (الكامل ١٠ / ١٩٧).

(٣) في الأصل : «ولبث».

(٤) تحرّف في تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ إلى «رجاز» بالزاي في آخره.

(٥) في سنة ٤٨٤ ه‍. (المختصر في أخبار ٢ / ٢٠١).

(٦) الخبر بطوله في : الكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٣ ـ ١٩٨ ، وهو بأربع كلمات في : نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ ، و ٢٨ / ٢٤٨ ، ومفصّل في : المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، والعبر ٣ / ٣٠٤ بإيجاز شديد ، وكذا في : دول الإسلام ٢ / ١٢ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٣٤ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٣٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ ، ومآثر الإنافة ٢ / ٤ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٥.

١٨

[دخول السلطان بغداد للمرّة الثانية]

وفي رمضان وصل السّلطان إلى بغداد ، وهي القدمة الثانية ، وبادر إلى خدمته أخوه تاج الدّولة تتش صاحب دمشق ، وقسيم الدّولة آقسنقر صاحب حلب ، وغيرهما من أمراء النّواحي (١) ، فعمل الميلاد ببغداد ، وتأنّقوا في عمله على عادة العجم ، وانبهر النّاس ، ورأوا شيئا لم يعهدوه من كثرة النّيران ، حتّى قال شاعرهم (٢) :

وكلّ نار على العشّاق مضرمة

من نار قلبي أو من ليلة الصدق (٣)

نار تجلّت بها الظّلماء فاشتبهت

بسدفة اللّيل فيه غرّة الفلق

وزارت الشّمس فيه البدر واصطلحا

على الكواكب بعد الغيظ والحنق

مدّت على الأرض بسط من (٤) جواهرها

ما بين مجتمع دار ومفترق

مثل المصابيح إلّا أنّها نزلت

من السّماء بلا رجم ولا حرق

أعجب بنار ورضوان يسعرها

ومالك قائم منها على فرق

في مجلس ضحكت روض الجنان له

لمّا جلى (٥) ثغره عن واضح يقق

وللشّموع عيون كلّما نظرت

تظلّمت من يديها أنجم الغسق

من كلّ مرهفة الأعطاف كالغصن

الميّاد ، لكنّه عار من الورق

إنّي لأعجب منها وهي وادعة

تبكي ، وعيشتها من (٦) ضربة العنق (٧)

[بناء جامع السلطان ببغداد]

وفي آخرها أمر السّلطان بعمل جامع كبير له ببغداد ، وعمل الأمراء حوله

__________________

(١) نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠١ ، دول الإسلام ٢ / ١٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٧ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، مآثر الإنافة ٢ / ٢.

(٢) هو «المطرّز» كما في الكامل ١٠ / ١٩٩.

(٣) في المطبوع من الكامل (طبعة صادر) : «السّذق».

(٤) في الكامل : «بسطا».

(٥) في المنتظم : «جلت» ، وفي الكامل : «جلا».

(٦) في المنتظم : «في».

(٧) الخبر والأبيات في : المنتظم ٩ / ٥٧ ، ٥٨ (١٦ / ٢٩٤ ، ٢٩٥) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٩ ، ٢٠٠.

١٩

دورا لهم ينزلونها ، ولم يدروا أنّ دولتهم قد ولّت ، وأيّامهم قد تصرّمت ، نسأل الله خاتمة صالحة (١).

[الزّلزلة بالشّام]

وفيها كانت زلازل عظيمة مزعجة بالشّام ، تخرّب من سور أنطاكية تسعون (٢) برجا ـ وهلك من أهلها عالم كثير تحت الرّدم ، فأمر السّلطان بعمارتها =٣).]

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٧٠ (١٦ / ٢٩٨) (حوادث سنة ٤٨٥ ه‍.) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٠ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٢٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠١ ، ٢٠٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، مآثر الإنافة ٢ / ٣ ، الروضتين ١ / ٦٥ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٥.

(٢) في ذيل تاريخ دمشق «سبعون».

(٣) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٥ (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، ١٢١ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٠ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ ، دول الإسلام ٢ / ١٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٢ ، كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة للسيوطي ١٨١ ، ١٨٢.

٢٠