تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٣

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

حدّث بدمشق عن : أبي طالب بن غيلان ، وأبي ذرّ الهرويّ ، وأبي الحسن صخر ، وغيرهم.

روى عنه : الفقيه نصر المقدسيّ ، وهو من أقرانه ، وهبة الله بن طاوس.

وتوفّي في ذي القعدة ، وله ستّ وسبعون سنة (١).

٢٦٣ ـ الحسين بن إسماعيل (٢).

أبو عبد الله العلويّ الحسنيّ النّيسابوريّ فخر الحرمين (٣).

روى عن : عبد الرحمن بن حمدان النّصروييّ ، وناصر بن الحسين العمريّ.

روى عنه : أبو سعد خيّاط الصّوف.

مات في شوّال ، وقد جاوز الثّمانين.

ـ حرف الخاء ـ

٢٦٤ ـ خديجة بنت أبي عثمان إسماعيل الصّابونيّ النّيسابوريّ (٤).

ماتت في رمضان : وكانت صالحة عابدة.

ولدت سنة أربع وأربعمائة ، وسمعت من أصحاب الأصمّ ، ومن : أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة ، والحسين بن فنجويه الثّقفيّ.

وعنها : أبو البركات بن الفراويّ ، وعبد الخالق الشّحّاميّ ، وعمر بن

__________________

(١) وكان مولده سنة ٤١٢ ه‍.

(٢) انظر عن (الحسين بن إسماعيل) في : المنتخب من السياق ٢٠٢ رقم ٦٠١ ، ولسان الميزان ٢ / ٢٧٣ رقم ١١٣٠ وفيه طوّل باسمه.

(٣) وقال عبد الغافر الفارسيّ : كان بينه وبين الوالد صحبة وصداقة في السفر والحضر ومن أيام الشباب حين سمعوا الحديث من أبي الحسين عبد الغافر.

وذكره ابن السمعاني فقال : كان ذا جاه ومال ومنزلة عالية في العلم.

وقال ابن أبي طيِّئ في كتاب «الإمامية» : كان إماميا في الأصول والفروع ويعرف الحديث ، وكان يجلس للعامة ويحدّث. وقد خرّج رجال البخاري ورجال مسلم ، وكان أهل الحديث في زمانه يهابونه ، واجتهدوا في تلفه فلم يقدروا إلا على نسبته إلى التشيّع ، فكان يحمد الله على ذلك. (لسان الميزان ٢ / ٢٧٣).

(٤) انظر عن (خديجة بنت أبي عثمان) في : المنتخب من السياق ٢٤١٩ رقم ٦٨١.

٢٤١

الصّفّار ، وغيرهم.

ماتت في رمضان ، وستأتي أختها ستيك (١).

ـ حرف الراء ـ

٢٦٥ ـ رزق الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد (٢).

الإمام أبو محمد بن أبي الفرج التّميميّ البغداديّ ، رئيس الحنابلة ببغداد.

ولد سنة أربعمائة ، وقيل : سنة إحدى وأربعمائة (٣).

قال السّمعانيّ : هو فقيه الحنابلة وإمامهم. قرأ القرآن ، والحديث ، والفقيه ، والأصول ، والتّفسير ، والفرائض ، واللّغة ، والعربيّة ، وعمّر حتّى صار يقصد من كلّ جانب. وكان مجلسه جمّ الفوائد. وكان يجلس في حلقة أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى. وكان فصيح اللّسان.

قرأ القرآن على أبي الحسن الحمّاميّ.

وسمع منه ، ومن : أبيه ، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيّم (٤) ، وأبي عمر بن مهديّ ، وأبي الحسين بن بشران ، وابن الفضل القطّان ، والحرفيّ ، وابن شاذان ، وجماعة.

__________________

(١) ستأتي ترجمتها في وفيات سنة ٤٩٠ ه‍. برقم ٣٤٨.

(٢) انظر عن (رزق الله بن عبد الوهاب) في : الإكمال ١ / ١٠٩ و ٤ / ٦١ ، والتحبير (انظر : فهرس الأعلام ٢ / ٥١٧) ، والمنتظم ٩ / ٨٨ ، ٨٩ رقم ١٢٩ (١٧ / ١٩ ، ٢٠ رقم ٣٦٥٠) ، ومناقب الإمام أحمد ٥٢٥ ، وطبقات الحنابلة ٢ / ٢٥٠ ، ٢٥١ رقم ٦٨٧ ، ومعجم الأدباء ١١ / ١٣٦ ـ ١٣٨ ، رقم ٣٥ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٥٣ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٤٢ رقم ١٥٥٢ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٠٩ ـ ٦١٥ رقم ٣٢٥ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧ ، ومعرفة القراء الكبار ٤٤١ ، ٤٤٢ رقم ٣٧٨ ، والعبر ٣ / ٣٢٠ ، ٣٢١ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ١١٦ ـ ١١٨ رقم ٧٧ ، والوافي بالوفيات ١٤ / ١١٢ ، ١١٣ رقم ١٤٠ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٥٠ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٧٧ ـ ٨٥ رقم ٣١ ، وغاية النهاية ١ / ٢٨٤ رقم ١٢٧٠ ، والمقصد الأرشد (مخطوط) ورقة ١١١ ، ١١٢ ، والمنهج الأحمد ٢ / ١٦٤ ـ ١٧١ ، والدر المنضّد (مخطوط) ورقة ٥٥ ، وطبقات المفسّرين للداوديّ ١ / ١٧١ ، ١٧٢ رقم ١٦٩ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٤ ، وهدية العارفين ١ / ٣١٧ ، والأعلام ٣ / ١٩.

(٣) طبقات الحنابلة ٢ / ٢٥١ ، ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٧٧ ، المنتظم.

(٤) في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٧٧ : «التميم» ، وهو تحريف.

٢٤٢

روى لنا عنه خلق كثير ، وورد أصبهان رسولا في سنة ثلاث وثمانين. وثنا عنه من أهلها أكثر من ستّين نفسا.

ثمّ قال : أنبا المشايخ ، فذكر ستّين بأصبهان ، وأربعة عشر نفسا من غيرها.

ثم قال : وجماعة سواهم ، قالوا :أنبا رزق الله التّميميّ ، فذكر حديث «من عادى لي وليّا» (١).

وهو حديث انفرد رزق الله بعلوّه.

أنبا أبو المعالي الهمذانيّ ، أنا أبو بكر بن سابور ، أنا عبد العزيز الشّيرازيّ ، أنا رزق الله إملاء ، فذكر مجلسا أوّله هذا الحديث.

قال السّمعانيّ : سمعت أحمد بن سعد العجليّ بهمذان يقول : كان شيخنا أبو محمد التّميميّ إذا روى هذا الحديث قال : (أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (٢)؟! وقال السّلفيّ : فيما أنا الدّمياطيّ ، أنا ابن رواج ، أنا أبو طاهر بن سلفة قال : رزق الله شيخ الحنابلة ، قدم أصبهان رسولا من قبل الخليفة إلى السّلطان ، وإنا إذ ذاك صغير. وشاهدته يوم دخوله. كان يوما مشهودا كالعيد ، بل أبلغ في المزيد. وأنزل بباب القصر ، محلّتنا ، في دار سلطان. وحضرت في الجامع الجورجيريّ مجلسه متفرّجا ، ثمّ لمّا تصدّيت للسّماع ، قال لي أبو الحسن أحمد بن معمر اللنبانيّ (٣) ، وكان من الأثبات : قد استجزته لك في جملة من كتبت اسمه من صبياننا.

__________________

(١) أخرجه البخاري في الرقاق ٧ / ١٩٠ باب التواضع ، عن : محمد بن عثمان بن كرامة ، حدّثنا خالد بن مخلد ، حدّثنا سليمان بن بلال ، حدّثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله قال : من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به ، وبصره الّذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينّه ، ولئن استعاذني لأعيذنّه ، وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت ، وأنا أكثر مساءته».

وقد أورده ابن أبي يعلى الفراء في (طبقات الحنابلة ٢ / ٢٥٠ ، ٢٥١).

(٢) سورة الطور ، الآية : ١٥.

(٣) اللّنباني : بضم اللام ، وسكون النون ، وفتح الباء المنقوطة بواحدة ، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى محلّة كبيرة بأصبهان ، ولها باب يعرف بهذه المحلّة ، يقال له : باب لنبان. (الأنساب ١١ / ٣٢).

٢٤٣

فكتب خطّه بالإجازة.

وقال أبو غالب هبة الله قصيدة أوّلها :

بمقدم الشّيخ رزق الله قد رزقت

أهل أصبهان أسانيدا عجيبات

ثمّ قال السّلفيّ : وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السّلميّ.

قال ابن النّجّار : وقرأ بالرّوايات على الحمّاميّ. وقرأ عليه جماعة من القرّاء. وتفقّه على أبيه ، وعمّه أبي الفضل. وله مصنّفات حسنة (١).

وكان واعظا ، مليح العبارة ، لطيف الإشارة ، فصيحا ، ظريف المعاني. له القبول التّامّ والحرمة الكاملة. ترسّل إلى ملوك الأطراف (٢).

وقال أبو زكريّا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة : سمعت أبا محمد رزق الله الحنبليّ بأصبهان يقول : أدركت من أصحاب ابن مجاهد واحدا يقال له أبو القاسم عبيد الله بن محمّد الخفّاف ، وقرأت عليه سورة البقرة ، وقرأها على أبي بكر بن مجاهد (٣).

وأدركت أيضا أبا القاسم عمر بن تعويذ من أصحاب الشّبليّ ، وسمعته يقول : رأيت أبا بكر الشّبليّ في درب سليمان بن عليّ في رمضان ، وقد اجتاز على البقّال ، وهو ينادي على البقل : يا صائم من كلّ الألوان. فلم يزل يكرّر هذا اللّفظ ويبكي ، ثمّ أنشأ يقول :

خليليّ إن دام همّ النّفوس

على ما أراه سريعا قتل

فيا ساقي القوم لا تنسني

ويا ربّة الخدر غنّي رمل

لقد كان شيء يسمّى السّرور

قديما سمعنا به ما فعل (٤)

وقال السّمعانيّ : أنشدنا هبة الله بن طاوس : أنشدنا رزق الله التّميميّ لنفسه :

__________________

(١) الوافي بالوفيات ١٤ / ١١٣.

(٢) الوافي بالوفيات ١٤ / ١١٣.

(٣) معرفة القراء الكبار ١ / ٤٤٢ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٢ ، ٦١٣ ، ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٧٧ ، ٧٨ ، غاية النهاية ١ / ٢٨٤ ، طبقات المفسّرين ١ / ١٧٢.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٣.

٢٤٤

وما شنأن الشّيب من أجل لونه

ولكنّه حاد إلى البين مسرع

إذا ما بدت منه الطّليعة آذنت

بأنّ المنايا خلفها تتطلّع

فإن قصّها المقراض صاحت بأختها

فتظهر تتلوها ثلاث وأربع

وإن خضبت حال الخضاب لأنّه

يغالب صنع الله والله أصنع (١)

إذا ما بلغت الأربعين فقل لمن

يودّك فيما تشتهيه ويسرع (٢)

هلمّوا لنبكي قبل فرقة بيننا

فما بعدها عيش لذيذ ومجمع

وخلّ التّصابي والخلاعة والهوى

وأمّ طريق الخير فالخير أنفع

وخذ جنّة تنجي وزادا من التّقى

وصحبة مأموم (٣) فقصدك مفزع (٤)

قال أبو عليّ بن سكّرة : رزق الله التّميميّ ، قرأت عليه برواية قالون ختمة ، وكان كبير بغداد وجليلها. وكان يقول : كلّ الطّوائف تدّعيني (٥).

وسمعته يقول : يقبح بكم أن تستفيدوا منّا ثمّ تذكرونا ، فلا تترحّموا (٦) علينا ، فرحمه‌الله.

قلت : وآخر من روى عنه سماعا أبو الفتح بن البطّيّ ، وإجازة أبو الطّاهر السّلفيّ.

قال ابن ناصر : توفّي شيخنا أبو محمد التّميميّ في نصف جمادى الأولى سنة ثمان. ودفن في داره بباب المراتب. ثمّ دفن في سنة إحدى وتسعين إلى جنب قبر الإمام أحمد (٧).

قال أبو الكرم الشّهرزوريّ : سمعته يقول : دخلت سمرقند ، فرأيتهم

__________________

(١) في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٥ «يغالب صبغ الله والله أصبغ» وهو مخالف للقافية.

(٢) في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٨١ «تسرع».

(٣) هكذا في الأصل هنا وفي الأصل من سير أعلام النبلاء ، وفي ذيل طبقات الحنابلة : «مأمون».

(٤) في الأصل : «مفرع» بالراء المهملة. والأبيات في : سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٥ ، وذيل طبقات الحنابلة ١ / ٨٠ ، ٨١.

(٥) ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٧٨.

(٦) في الأصل : «تترحمون».

(٧) طبقات الحنابلة ٢ / ٢٥١ ، المنتظم ٩ / ٨٩ (١٧ / ٢٠).

٢٤٥

يروون «النّاسخ والمنسوخ» لجدّي هبة الله ، عن خمسة ، إليه ، فرويته عن جدّي لهم (١).

__________________

(١) وقال ابن الجوزي : وشهد عند أبي عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا قاضي القضاة في يوم السبت النصف من شعبان هذه السنة ، ولم يزل شاهدا إلى أن ولي قضاء القضاة أبو عبد الله الدامغانيّ بعد موت ابن ماكولا ، فترك الشهادة ترفّعا عن أن يشهد عنده ، فلم يخرج له ، فجاء قاضي القضاة إليه مستدعيا مودّته وشهادته عنده ، فلم يخرج له عن موضعه ، ولم يصحبه مقصوده ، وكان قد اجتمع للتميمي القرآن ، والفقه ، والحديث ، والأدب ، والوعظ ، وكان جميل الصورة ، فوقع له القبول بين الخواص والعام ، وجعل الخليفة رسولا إلى السلطان في مهامّ الدولة ، وله الحلقة في الفقه والفتوى والوعظ بجامع المنصور ، فلما انتقل إلى باب المراتب كانت له حلقة في جامع القصر ، يروي فيها الحديث ويفتي ، وكان يجلس فيها شيخنا ابن ناصر ، وكان يمضي في السنة أربع دفعات في رجب ، وشعبان ، وعرفة ، وعاشوراء ، إلى مقبرة الإمام أحمد ، ويعقد هناك مجلسا للوعظ ، حدّثنا عنه أشياخنا.

وقال ابن عقيل : كان سيد الجماعة من أصحاب أحمد يمنا ورياسة وحشمة أبو محمد التميمي ، وكان أحلى الناس عبارة في النظر وأجرأهم قلما في الفتيا وأحسنهم وعظا.

أنشدنا ابن ناصر قال : أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه :

أفق يا فؤادي من غرامك واستمع

مقالة محزون عليك شفيق

علقت فتاة قلبها متعلق

بغيرك فاستوثقت غير وثيق

فأصبحت موثوقا وراحت طليقة

فكم بين موثوق وبين طليق

(المنتظم ٩ / ٨٨ ، ٨٩ ، ١٧ / ١٩ ، ٢٠).

وقال ياقوت الحموي : أديب شاعر مجيد ، لا أعرف من أمره غير هذا. توفي ببغداد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومن شعره :

بأبي حبيب زارني متنكّرا

فبدا الوشاة له فولّى معرضا

فكأنّني وكأنّه وكأنّهم

أمل ونيل حال بينهما القضا

وقال :

شارع دار الرقيق أرّقني

فليت دار الرقيق لم تكن

به فتاة للقلب فاتنة

أنا فداء لوجهها الحسن

(معجم الأدباء ١١ / ١٣٦ ـ ١٣٨).

وقال السلفي : سألت المؤتمن الساجي عن أبي محمد التميمي ، فقال : هو الإمام علما ونفسا وأبوّة ، وما يذكر عنه فتحامل من أعدائه.

وقال شيرويه الديلميّ الحافظ : هو شيخ الحنابلة ، ومقدّمهم ، سمعت منه وكان ثقة صدوقا فاضلا ذا حشمة.

وقال أبو عامر العبدري : رزق الله التميمي كان شيخا بهيّا ، ظريفا لطيفا ، كثير الحكايات والملح ، ما أعلم منه إلّا خيرا.

وقال أبو علي بن سكّرة في مشيخته : ما لقيت في بغداد مثله ـ يعني التميمي ـ قرأت عليه=

٢٤٦

ـ حرف الشين ـ

٢٦٦ ـ شافع بن عليّ (١).

أبو الفضل الطّريثيثيّ ، الصّوفيّ النّيسابوريّ الزّاهد.

كان عالما عاملا ، قانتا عابدا ، ناسكا كبير القدر ، صاحب مقامات وأحوال. من سكان دويرة أبي عبد الرحمن السّلميّ (٢).

__________________

= كثيرا ، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن وصفه لكماله وفضله.

وقال ابن ناصر : ما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا وهديا ، واستقامة منه ، ولا أحسن كلاما ، وأظرف وعظا ، وأسرع جوابا منه ، فقد كان جمالا للإسلام كما لقّب ، وفخرا لأهل العراق خاصة ، ولجميع بلاد الإسلام عامة ، وما رأينا مثله. وكان مقدّما على الشيوخ والفقهاء وشهود الحضرة ، وهو شاب ابن عشرين سنة ، فكيف به وقد ناهز التسعين سنة؟ وكان مكرما وذا قدر رفيع عند الخلفاء ، منذ زمن القادر ومن بعده من الخلفاء إلى خلافة المستظهر.

وله تصانيف منها «شرح الإرشاد» لشيخه ابن أبي موسى في الفقه والخصال والأقسام.

ومن شعره :

يا ويح هذا القلب ما حاله

مشتغلا في الحيّ بلباله

سكران لو يصحو لعاتبه

وكيف بالعتب لمن حاله

دمع غزير ، وجوى كامن

يرحمه من ذاك عذّاله

ما ينثني باللوم عن حبّه

تغيّرت في الحبّ أحواله

وله :

ولم أستطع يوم الفراق وداعه

يرحمه من ذاك عذّاله

ما ينثني باللوم عن حبّه

تغيّرت في الحبّ أحواله

وله :

ولم أستطع يوم الفراق وداعه

بلفظي فناب الدمع منّي عن القول

وشيّعه صبري ونومي كلاهما

فعدت بلا أنس نهاري ولا ليلي

فلما مضى أقبلت أسعى مولّها

يديّ على رأسي ، وناديت : يا ويلي

تبدّلت يوم البين بالأنس وحشة

وجرّرت بالخسران يوم النوى ذيلي

وله أيضا :

لا تسألاني عن الحيّ الّذي بانا

فإنني كنت يوم البين سكرانا

يا صاحبيّ على وجدي بنعمانا

هل راجع وصل ليلى كالذي كانا؟

أم ذاك آخر عهد للّقاء بها

فنجعل الدهر ما عشناه أحزانا

ما ضرّهم لو أقاموا يوم بينهم

بقدر ما يلبس المحزون أكفانا

ليت الجمال التي للبين ما خلقت

وليت حاد حدا للبين حيرانا

(ذيل طبقات الحنابلة).

(١) انظر عن (شافع بن علي) في : المنتخب من السياق ٢٥٣ رقم ٨١٥ ، وسيعاد في وفيات السنة التالية ٤٨٩ برقم (٣١٢).

(٢) وقال عبد الغافر الفارسيّ : كثير المجاهدة ، من أفراد المشايخ الصوفية المحققين منهم ، المواظبين على حفظ أوقاتهم ، وجمع همهم وأسرارهم ، له المقامات الرضيّة ، والأحوال=

٢٤٧

توفّي في ذي الحجّة.

وقد سمع بمكّة من ابن صخر ، وبالبصرة من إبراهيم بن طلحة بن غسّان.

روى عنه : عبد الله بن الفراويّ ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.

ـ حرف الصاد ـ

٢٦٧ ـ صالح بن أحمد بن رضوان بن محمد بن رضوان بن جالينوس (١).

أبو عليّ التّميميّ البغداديّ المعدّل.

روى عن : عبد الملك بن بشران ، وغيره.

روى عنه : محمد بن عليّ بن عبد السّلام الكاتب.

توفّي في رجب.

ـ حرف العين ـ

٢٦٨ ـ عبد الله بن الحسن بن حمزة بن الحسن بن حمدان بن ذكوان (٢).

أبو محمد البعلبكّيّ. يعرف بابن أبي فجّة (٣).

سمع : عليّ بن محمد الحنّائيّ ، وعبد الرحمن بن ياسر الجوبريّ (٤) ، وعليّ بن السّمسار ، وأحمد بن محمد العتيقيّ ، وأبا نصر بن الحبّان.

وأجاز له الحسين بن أبي كامل صاحب خيثمة (٥).

سمع منه : عبد الرحمن ، وعبد الله ابنا صابر.

قال ابن عساكر : ثنا عنه ابن ابنه عليّ بن حمزة ، والخضر بن عليّ (٦).

__________________

= السنيّة ، لقي المشايخ.

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) انظر عن (عبد الله بن الحسن البعلبكي) في : تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٦ / ٩٧ و ١٢ / ٥٠٦ ، و (٢٠ / ٢٣٦) و ٥٠٦ و ٢٨ / ٤٩٦ و ٣٦ / ٢٨ و ٣٧٦ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٢ / ١١٦ رقم ٧٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٣٦٣ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ١٧٦ رقم ٨٥٨.

(٣) في الأصل : «قجة».

(٤) الجوبري : بفتح الجيم وسكون الواو ، وفتح الباء الموحّدة ، وراء مهملة.

(٥) هو : خيثمة بن سليمان الأطرابلسي المتوفى سنة ٣٤٣ ه‍.

(٦) وهو روى عن أشعث بن محمد الأشعث الفارسيّ المعروف بأبي صيرة ، من طريق أبي عبد الله بن أبي كامل الحسين الأطرابلسي بالإجازة.

٢٤٨

وتوفّي في ذي القعدة (١).

٢٦٩ ـ عبد الله بن طاهر بن محمد شهفور (٢).

أبو القاسم التّميميّ الفقيه ، نزيل بلخ.

من أهل إسفرائين.

قال السّمعانيّ : كان إماما فاضلا نبيلا ، برع في الفقه والأصول ، ودرّس بالمدرسة النّظاميّة ببلخ. حسن الأخلاق ، ظهرت له الحشمة التّامّة حتّى صار من أهل الثّروة.

وكان له مروءة وإحسان ، وتفقّد للفقراء ، وسعي جميل في الحقوق.

سمع بنيسابور : عليّ بن محمد الطّرّازيّ ، وعبد الرحمن النّصروييّ ، وجدّه أبا منصور عبد القاهر البغداديّ.

روى لنا عنه : أبو القاسم بن السّمرقنديّ ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ ، والمبارك بن خيرون الوزّان. سمعوا منه لمّا حجّ.

وثنا عنه بهراة : أبو شجاع البسطامي ، وببلخ : أخوه أبو الفتح محمد البسطاميّ.

٢٧٠ ـ عبد الجبّار بن الحسين بن محمد بن القاسم (٣).

أبو يعلى الهاشميّ البغداديّ الشّروطيّ ، المعروف بابن أبي عيسى. وهم أربعة إخوة : محمد ، وعبد الجبّار ، وعبد السّميع ، وعبد المهيمن.

سمع : أبا عليّ بن شاذان.

وعنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ ، وعليّ بن عبد العزيز بن السّمّاك.

توفّي في شعبان.

__________________

= وروى أيضا عن أبي بكر محمد بن أبي خنبش البعلبكي القاضي.

(١) قال ابن عساكر إنه ولد ببعلبكّ سنة ٤٠٦ وقيل ٤٠٩ ، وكان ثقة في روايته ، متّهما في شهادته ، ولم يكن الحديث من شأنه.

(٢) انظر عن (عبد الله بن طاهر) في : المنتخب من السياق ٢٨٨ رقم ٩٥٢ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٠٤.

(٣) لم أجد مصدر ترجمته.

٢٤٩

٢٧١ ـ عبد الرحيم بن عثمان بن أحمد (١).

أبو القاسم السّنّيّ الحنفيّ النّيسابوريّ.

حدّث عن : أبي سعيد الصّيرفيّ ، وأصحاب الأصمّ ، وعنه : عبد الغافر ، وقال : توفّي في رمضان (٢).

٢٧٢ ـ عبد السّلام بن محمد بن يوسف بن بندار (٣).

أبو يوسف القزوينيّ. شيخ المعتزلة.

نزل بغداد ، وسمع : أبا عمر بن مهديّ الفارسيّ ، وعبد الجبّار بن أحمد الهمذانيّ القاضي المعتزليّ ، ودرس عليه الكلام بالرّيّ.

وسمع بهمذان : أبا طاهر بن سلمة ، وبحرّان : أبا القاسم عليّ بن محمد الزّيديّ ، وبأصبهان : أبا نعيم الحافظ.

وسمع من : أبيه ، وعمّه إبراهيم. وسماعه قبل الأربعمائة.

روى عنه : أبو القاسم بن السّمرقنديّ ، وأبو غالب بن البنّاء ، وهبة الله بن طاوس ، ومحمود بن محمد الرّحبيّ ، وإسماعيل بن محمد الأصبهانيّ الحافظ ،

__________________

(١) انظر عن (عبد الرحيم بن عثمان) في : المنتخب من السياق ٣٢٣ رقم ١٠٦٦.

(٢) وكان مولده سنة ٤٠٣ ه‍.

(٣) انظر عن (عبد السلام بن محمد) في : تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج ١٠ / ١٦٣ ب (ومخطوطة التيمورية) ٢٤ / ١٢٦ ، والمنتظم ٩ / ٨٩ ، ٩٠ رقم ١٣٠ ، (١٧ / ٢١ ، ٢٢ رقم ٣٦٥١) ، والتدوين في أخبار قزوين ٣ / ١٧٨ ـ ١٨٠ ، ومعجم البلدان ٢ / ٣٣٢ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٥٣ ، والروضتين ج ١ ق ١ / ٧٢ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٥ / ١١٧ ، ١١٨ رقم ٩٥ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٤٢ رقم ١٥٥٣ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٦ ـ ٦٢٠ رقم ٣٢٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧ ، والعبر ٣ / ٣٢١ ، وعيون التواريخ (مخطوط) ١٣ / ورقة ٥ ، ٦ ، والدرّة المضيّة ٤٤٧ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٣٠ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٧ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٥٠ ، والجواهر المضيّة ٢ / ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ولسان الميزان ٤ / ١١ ، ١٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٥٦ ، وطبقات المفسّرين للسيوطي ٦٧ ، ٦٨ ، وطبقات المفسّرين للداوديّ ١ / ٣٠١ ، ٣٠٢ ، والطبقات السنية ، رقم ١٢٤٣ ، وكشف الظنون ١ / ٦٣٤ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٥ ، وهدية العارفين ١ / ٥٦٩ ، وديوان الإسلام ٤ / ٤٠١ ، ٤٠٢ رقم ٢٢١٥ ، والأعلام ٤ / ٧ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٣١ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٢٨٦ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ١٣٠ ـ ١٣٤ رقم ٨٠٠٤.

وسيأتي ذكره في ترجمة «محمد بن المظفّر الشامي الحموي» برقم (٢٩١).

٢٥٠

وأبو بكر قاضي المرستان ، وأبو البركات الأنماطيّ ، وأحمد بن محمد أبو سعد البغداديّ ، وآخرون.

قال السّمعانيّ : كان أحد المعمّرين المقدّمين ، جمع «التّفسير الكبير» الّذي لم ير في التّفاسير كتاب أكبر منه ، ولا أجمع للفوائد ، لو لا أنّه مزجه بكلام المعتزلة ، وبثّ فيه معتقده ، وما اتّبع نهج السّلف فيما صنّفه من الوقوف على ما ورد في الكتاب والسّنّة والتّصديق بهما (١).

وأقام بمصر سنين ، وحصّل أحمالا من الكتب ، وحملها إلى بغداد. وكان داعية إلى الاعتزال.

سمعت أبا سعد البغداديّ الحافظ يقول : كان يصرّح بالاعتزال. وقال ابن عساكر : (٢) هو مصنّف مشهور. سكن طرابلس مدّة ، ثمّ عاد إلى بغداد.

سمعت الحسين بن محمد البلخيّ يقول : إنّ أبا يوسف صنّف «التّفسير» في ثلاثمائة مجلّد ونيّف (٣) ، وقال : من قرأه عليّ وهبته النّسخة. فلم يقرأه عليه أحد.

وسمعت هبة الله بن طاوس يقول : دخلت على أبي يوسف ببغداد وقد زمن ، فقال : من أين أنت؟

قلت : من دمشق.

__________________

(١) التدوين للرافعي ٣ / ١٧٨.

(٢) في تاريخ دمشق (الظاهرية) ج ١٠ / ١٦٣ ب (التيمورية) ٢٤ / ١٢٦ ، المختصر ١٥ / ١١٧ ، التهذيب ٢ / ٢٨٦.

(٣) هكذا عند ابن عساكر ، والعبر ٣ / ٣٢١ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٣٠ ، واسمه «حدائق البهجة» كما في كتاب «الروضتين» ج ١ ق ١ / ٧٢.

والمجلّدات الثلاثمائة سبعة منها في الفاتحة.

وقيل هو في أربعمائة مجلّد ، أو سبعمائة مجلّد. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣ / ٢٣٠ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٥٦).

وقيل خمسمائة مجلّد. (طبقات المفسّرين للداوديّ ١ / ٣٠١).

وقيل سبعمائة مجلّد. (المنتظم).

وقال ابن الأثير إنه رأى منه تفسير الفاتحة في مجلّد كبير. (الروضتين ج ١ ق ١ / ٧٢).

٢٥١

قال : بلد النّصب (١).

وقال ابن النّجّار : قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل الفقيه : قدم علينا أبو يوسف القزوينيّ من مصر ، وكان يفتخر بالاعتزال. وكان فيه توسّع في القدح في العلماء الّذين يخالفونه وجرأة. وكان إذا قصد باب نظام الملك يقول لهم :استأذنوا لأبي يوسف القزوينيّ المعتزليّ.

وكان طويل اللّسان بعلم تارة ، وبسفه يؤذي به النّاس أخرى.

ولم يكن محقّقا إلّا في التّفسير ، فإنّه لهج بالتّفاسير حتّى جمع كتابا بلغ خمسمائة مجلّد ، حشى فيه العجائب ، حتّى رأيت منه مجلّدة في آية واحدة ، وهي قوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) (٢) فذكر فيه السّحرة والملوك الّذين نفق عليهم السّحر وأنواع السّحر وتأثيراته (٣).

وقال أبو الحسن محمد بن عبد الملك : ملك أبو يوسف القزوينيّ كتبا لم يملك أحد مثلها. فكان قوم يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدّة الغلاء.

وحدّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية.

وكان يحضر بيع كتب السّيرافيّ ، وهو شاهد معروف بمصر ، وبيعت كتبه في سنتين ، وزادت على أربعين ألف مجلّدة.

قال : وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار ، ويقول : قد بعت رحلي وجميع ما في بيتي.

وكان الرؤساء هناك يواصلونه بالذّهب.

وقيل : إنّه قدم بغداد معه عشرة أحمال كتب ، وأكثرها بالخطوط المنسوبة.

وعنه قال : ملكت ستّين تفسيرا ، منها «تفسير ابن جرير» ، و «تفسير الجبّائيّ» ، و «تفسير ابنه أبي هاشم» ، و «تفسير أبي مسلم بن بحر» ، و «تفسير البلخيّ».

__________________

(١) النّصب : من الناصبة ، وهم الذين يبغضون الإمام عليّا رضي‌الله‌عنه.

(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٠٢.

(٣) المنتظم ٩ / ٩٠ (١٧ / ٢٢).

٢٥٢

قال محمد بن عبد الوهّاب : وأهدى أبو يوسف لنظام الملك أربعة أشياء ما لأحد منها : «غريب الحديث» لإبراهيم الحربيّ في عشر مجلّدات بخطّ أبي عمر بن حيّويه ، و «شعر الكميت» في ثلاث عشرة مجلّدة بخطّ أبي منصور ، و «عهد القاضي عبد الجبّار بن أحمد» بخطّ الصّاحب بن عبّاد وإنشائه ، فسمعت أبا يوسف يقول : كان سبعمائة سطر ، كلّ سطر في ورقة سمرقنديّ ، وله غلاف آبنوس يطبق كالأسطوانة الغليظة. وأهدى له مصحفا بخطّ منسوب واضح ، وبين الأسطر القراءات بالحمرة ، وتفسير غريبه بالخضرة ، وإعرابه بالزّرقة ، وكتب بالذّهب علامات على الآيات الّتي تصلح للانتزاعات في العهود ، والمكاتبات ، والتّعازي ، والتّهاني ، والوعيد. فأعطاه نظام الملك ثلاثمائة دينار. فسمعت من يسأل أبا يوسف عند نظام الملك فقال : أعطيته أكثر ممّا أعطاني ، وإنّما رضيت منه بالإكرام ، وعذرته حين قال : ليس عندي حلال لا شبهة فيه سوى هذا القدر (١).

وسئل عنه المؤتمن السّاجيّ فقال : قطعته رأسا لما كان يتظاهر به من خلاف الطّريق.

وقال محمد بن عبد الملك في «تاريخه» : كان أبو يوسف فصيح العبارة ، حلو الإشارة ، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زيديّ المذهب ، وفسّر بمصر القرآن في سبعمائة مجلّد كبار.

قلت : وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزاليّ ، وجلس بين يديه ، فسأله :من أين أنت؟.

فقال : من المدرسة ببغداد.

وقال الغزاليّ : علمت أنّه ذو اطّلاع ومعرفة ، فلو قلت إنّني من طوس ، لذكر ما يحكى عن أهل طوس من التّغفيل ، من أنّهم توسّلوا إلى المأمون بقبر أبيه ، وكونه عندهم ، وطلبوا منه أن يحوّل الكعبة ، وينقلها إلى عندهم : وأنّه جاء عن بعضهم أنّه سئل عن نجمه ، فقال : بالتّيس. فقيل له في ذلك ، فقال : من

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٨ ، ٦١٩ ، طبقات الشافعية الكبرى ٣ / ٢٣٠ ، لسان الميزان ٤ / ١١ ، ١٢.

٢٥٣

سنين كان بالجدي ، والآن فقد كبر.

قال ابن عساكر : (١) وسمعت من يحكي أنّه كان بأطرابلس ، فقال له ابن البرّاج : (٢) متكلّم الرّافضة : ما تقول في الشّيخين؟

فقال : سفلتان ساقطان.

قال : من تعني؟

قال : أنا وأنت (٣).

وقال أبو عليّ بن سكّرة الصّدفيّ : أبو يوسف القزوينيّ كان معتزليّا داعية ، كان يقول : لم يبق من ينصر هذا المذهب غيري. وكان قد بلغ من السّنّ مبلغا يكاد أن يخفى في الموضع الّذي كان يجلس فيه ، وله لسان شابّ (٤).

ذكر لي أنّ له تفسيرا في القرآن في نحو ثلاثمائة مجلّد ، سبعة منها في سورة الفاتحة. وكان عنده جزء ضخم ، من حديث محمد بن عبد الله الأنصاريّ ، رواية أبي حاتم الرّازيّ ، عنه ، كنت أودّ أن يكون عند غيره بما يشق عليّ.

قرأت عليه بعضه ، رواه عن القاضي عبد الجبّار المعتزليّ ، عنه.

وكان سبب مشيي إليه أنّ شيخنا ابن سوار المقرئ سألني أن أمضي مع ابنيه لأسمعهما عليه ، فأجبته ، وقرأ لهما شيئا من حديث المحامليّ ، وأنا (٥) أنّه سمع ذلك سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، وهو ابن أربع سنين أو نحوها (٦).

__________________

(١) في تاريخ دمشق (الظاهرية) و (التيمورية).

(٢) هو عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج ، من كبار علماء الشيعة ، تولّى قضاء طرابلس عشرين عاما وقيل ثلاثين. توفي سنة ٤٨١ ه‍. ولم يترجم له المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في هذه الطبقة.

انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا : موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ١٤٧ ـ ١٥٢ رقم ٨٢٤.

(٣) وبقية الخبر : «فقيل له في ذلك ، فقال : ما كنت لأجيبه عما سأل ، فيقال إنه تكلّم في أبي بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما».

(٤) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦١٩ ، لسان الميزان ٤ / ١٢.

(٥) اختصار : «أخبرنا».

(٦) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٢٠ ، لسان الميزان ٤ / ١٢.

٢٥٤

قال لي : كنت في سنّ هذا ، يعني ولد شيخنا ابن سوار ، وكنت أعقل من أبيه.

وكان لا يسالم أحدا من السّلف ، وكان يقول لنا : أخرجوا تدخل الملائكة (١). يريد المحدّثين.

قال : ولم أكتب عنه حرفا. يعني ابن سكّرة أنّه لا يحدّث عنه ، وقد روى عنه شعرا ، وذكره في مشيخته.

قال شجاع الذّهليّ : أبو يوسف القزوينيّ أحد شيوخ المعتزلة ، عاش ستّا وتسعين سنة. ذكر لي أنّ مولده في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

وقال ابن ناصر : مات في رابع عشر ذي القعدة ، وقال مرّة : ولدت في نصف شعبان (٢).

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٦٢٠ ، لسان الميزان ٤ / ١٢.

(٢) في مولده ووفاته خلاف. فقيل ولد سنة ٣٩٣ وهو الأصحّ ، وقيل سنة ٣٩١ ، وقيل ٤١١ ه‍. أما وفاته ففي شهر ذي القعدة سنة ٤٨٨ كما ذكر أعلاه. وقيل ١٤ ذي القعدة سنة ٤٨٣ ه‍. كما في (طبقات المفسّرين) وهو يقول إنه مات عن ست وتسعين سنة لأن مولده في شعبان سنة ٣٩٣ وبهذا يتضح أن تأريخ وفاته بسنة ٤٨٣ غير صحيح ، ولعلّ الخطأ من الناسخ.

وعن محمد بن أبي الفضل الهمذاني أنه ذكر في كتابه «المذيّل» على ذيل الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين الّذي ذيّل به «تجارب الأمم» لأبي علي بن مسكويه ، أن القاضي عبد السلام بن محمد القزويني ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

وذكر أبو سعد السمعاني أنه توفي سنة أربع وخمسمائة. وبين القولين تفاوت كثير ، والأقرب الأول. (التدوين ٣ / ١٨٠).

وقال القزويني : قد سمعت أخبار المحاملي ، عن ابن مهدي ، قدم علينا قزوين ، في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، وهو أقصى ذكري ، وسمعت سنن الشافعيّ عن والدي ، وعن ابن المظفر الحافظ ، عن الطحاوي ، عن المزني ، عنه. وكتبه أبو يوسف عبد السلام بمدينة السلام سنة ثمان وسبعين.

ورأيت بخط القاضي عبد الملك بن المعافي : أنشدني القاضي أبو يوسف القزويني :

أليل دجى أم شعرك الفاحم الجعد

أصبح بدا أم وجهك الطالع السعد

أترجّة هاتيك أم تيك مقلة

أتفاحة ذاك المضرج أم خدّ

أهذا الّذي في فيك درّ منضّد

أبيني لنا أم لؤلؤ ضمّه العقد

أموج إذا ولّيت أم كفل يرى

قضيب لجين في الغلايل أم قد

أحقّان من عاج بصدرك ركّبا

لطيفان ، أم هذان ثديان يا هند؟

٢٥٥

٢٧٣ ـ عبد الصّمد بن أحمد ابن الروميّ (١).

أبو القاسم البغداديّ.

سمع : أبا عليّ بن شاذان.

روى عنه : عبد الوهّاب الأنماطيّ ، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلام.

توفّي في صفر.

٢٧٤ ـ عبد الغفّار بن نصر (٢).

أبو طاهر الهمذانيّ المقرئ البزّاز ، ويعرف بابن هاموش.

قال شيرويه : روى عن : ابن عبدان ، وعبد الغافر الفارسيّ ، وأبي حفص ابن مسرور ، والنّيسابوريّين. قرأت عليه القرآن ، وتوفّي المحرّم.

__________________

= وقد أكثر القاضي عبد الملك الرواية والحكاية ، عن القاضي أبي يوسف ، وكتب القاضي أبو يوسف على ظهر كتاب «التصفّح» لأبي الحسين البصري فصلا.

سبكناه وتحسبه لجينا

فأبدى الكير خبث الحديد

(التدوين ١٧٩ ، ١٨٠).

«أقول» : سكن القزويني مدينة طرابلس الشام مدّة وحدّث بها ، فسمعه : إبراهيم بن محمد بن عبد الرزاق أبو طاهر الحيفي الحافظ الّذي حدّث بصور سنة ٤٧٦ ه‍. (معجم البلدان ٢ / ٣٣٢ ، تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ٢٨٦).

وقال ابن تغري بردي : كان عبد السلام إماما في فنون ، فسّر القرآن في سبعمائة مجلّد ـ وقيل في أربعمائة ـ وقيل في ثلاثمائة. وكان الكتاب وقفا في مشهد أبي حنيفة رضي‌الله‌عنه. وكان رحل إلى مصر وأقام بها أربعين سنة ، وكان محترما في الدول ظريفا ، حسن العشرة ، صاحب نادرة. قيل إنه دخل يوما على الوزير نظام الملك ، وكان عنده أبو محمد التميمي [هو رزق الله بن عبد الله الّذي تقدّمت ترجمته قبل قليل] ، ورجل آخر أشعري. قال له القزويني :أيّها الصدر ، قد اجتمع عندك رءوس أهل النار. قال نظام الملك؟ وكيف ذلك؟ قال : أنا معتزلي ، وهذا مشبّه (يعني التميمي الحنبلي) ، وذلك أشعريّ ، وبعضنا يكفّر بعضا. فضحك النظام. (النجوم الزاهرة ٥ / ١٥٦).

ولم يتزوّج القزويني إلّا في آخر عمره. وكانت وفاته ببغداد ، ودفن بمقابر الخيزران عند أبي حنيفة رضي‌الله‌عنه. (تاريخ دمشق ٢٤ / ١٢٦).

و «أقول» : إن سكناه في طرابلس كانت قبل سنة ٤٧٧ ه‍. إذ في هذه السنة عاد إلى بغداد ، وقد التقى بالقاضي ابن البرّاج بطرابلس قبل وفاته سنة ٤٨١ ، وهذا يعني أنه دخل طرابلس في عهد جلال الملك ابن عمّار. كما اجتمع بأبي العلاء المعرّي الشاعر المتوفى سنة ٤٤٩ ويرجّح أن اجتماعه به كان قبل دخوله مصر في الثلاثينات (لسان الميزان ١ / ٢٠٤ ، موسوعة علماء المسلمين ٣ / ١٣٤).

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) لم أجد مصدر ترجمته.

٢٥٦

٢٧٥ ـ عبد الملك بن عبد الله (١).

أبو سهل الدّشتيّ (٢) الفقيه.

نيسابوريّ عالي الإسناد.

سمع : أبا طاهر الزّياديّ ، وعبد الله بن يوسف بن مامويه ، (٣) وأبا عبد الرحمن السّلميّ.

ومات في شوّال.

روى عنه : عبد الغافر الفارسيّ ، وقال : (٤) شيخ من بيت العلم والتّصوّف والثّروة.

وقال السّمعانيّ : (٥) كان شيخا مستورا ، صدوقا من بيت العلم والصّلاح.

ولد سنة ستّ وأربعمائة (٦).

قلت : روى عنه : عبد الخالق بن زاهر ، وعمر بن أحمد الصّفّار ، وأبو البركات بن الفراويّ ، وعبد الرحمن بن الحسن الكرمانيّ ، وآخرون (٧).

٢٧٦ ـ عبيد الله بن عبد الله بن حسكويه (٨).

أبو سعد النّيسابوريّ.

شيخ مسند ، روى عن : أبي بكر الحيريّ ، والطّرازيّ ، والصّيرفيّ.

__________________

(١) انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في : الأنساب ٥ / ١٣٤ ، ٣١٥ ، والمنتخب من السياق ٣٣٠ رقم ١٠٨٩ ، واللباب ١ / ٥٠٢.

(٢) الدّشتي : بفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الجدّ وإلى قرية. فأما النسبة إلى الجدّ فهو أبو سهل عبد الملك ..

(الأنساب) وإنما قيل له : «الدشتي» لأنه من ولد «دشت بن قطن».

(٣) في الأنساب ٥ / ٣١٤ : «بامويه».

(٤) في المنتخب ٣٣٠.

(٥) في الأنساب ٥ / ٣٤١.

(٦) المنتخب ٣٣٠ ، الأنساب ٥ / ٣١٥.

(٧) وقال ابن السمعاني : وكان أبو سهل الدشتي خازنا ومشرفا على حمل السلطان ، وكان ممن يعتمد عليه. (الأنساب ٥ / ٣١٥).

(٨) انظر عن (عبيد الله بن عبد الله) في : المنتخب من السياق ٢٩٧ رقم ٩٨٣ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١٢٠١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٦٩ ، ٢٧٠ (دون رقم).

وقد تقدّم في آخر ترجمة سميّه في الطبقة السابقة (الثامنة والأربعين) برقم (٣٥١).

٢٥٧

روى عنه : وجيه ، وعبد الخالق بن زاهر (١).

وقد مرّ أبوه سنة ثلاث وخمسين.

٢٧٧ ـ عليّ بن أحمد بن عليّ بن زهير (٢).

أبو الحسن التّميميّ المالكيّ.

دمشقيّ مشهور.

روى عن : عليّ بن الخضر ، وعليّ بن السّمسار ، ومحمد بن عبد الله بن بندار ، وأحمد بن الحسن بن الطّيّان ، وأبي عثمان الصّابونيّ ، وجماعة.

روى عنه : جمال الإسلام السّلميّ ، ونصر بن أحمد بن مقاتل ، وناصر بن محمود القرشيّ.

قال أبو محمد بن جابر : لم يكن المالكيّ ثقة.

وكذلك قال أبو القاسم بن جابر ، وقال : أخرج لنا جزءا من حديث ابن زبر ، قد كتب عليه سماعه من ابن السّمسار سنة خمس وثلاثين. ومات ابن السّمسار سنة أربع (٣) وثلاثين.

توفّي في ذي القعدة ، وله ثلاث وسبعون سنة.

٢٧٨ ـ عليّ بن أحمد بن خشنام (٤).

أبو سعيد (٥) الصّيدلانيّ.

شيخ نيسابوريّ صالح.

سمع : محمد بن محمد بن محمش.

وهو أخو شبيب البستيغيّ (٦).

__________________

(١) وقال عبد الغافر الفارسيّ : من أهل بيت التجارة والثروة والمروءة. ولد سنة ٤١١.

(٢) انظر عن (علي بن أحمد) في : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٧ / ١٨٤ رقم ٦٦ ، وميزان الاعتدال ٣ / ١١٢ رقم ٥٧٧٢ ، ولسان الميزان ٤ / ٥١٧.

(٣) في الأصل : «أرر».

(٤) انظر عن (علي بن أحمد) في : التحبير ١ / ٥٥٩ ، والمنتخب من السياق ٣٨٨ رقم ١٣٠٨ ، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة ٦٧ أ ، والتقييد لابن نقطة ٤٠٤ ، ٤٠٥ رقم ٥٣٧.

(٥) في المنتخب : «أبو الحسن».

(٦) البستيغي : بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وكسر التاء المفتوحة باثنتين من

٢٥٨

روى عنه : عمر بن أحمد الصّفّار ، وإسماعيل العصايديّ (١).

٢٧٩ ـ عليّ بن عمرو الحرّانيّ (٢).

الفقيه الحنبليّ ، الرّجل الصّالح.

يكنى أبا الحسن. مات بسروج. وكان من أصحاب القاضي أبي يعلى.

توفّي في شعبان.

٢٨٠ ـ عليّ بن عبد الصّمد بن عثمان بن سلامة (٣).

أبو الحسن العسقلانيّ ، المعروف بطيف.

سمع : أبا عبد الله بن نظيف بمصر ، ومحمد بن جعفر الميماسيّ بغزّة ، وعليّ بن السّمسار بدمشق.

قال غيث بن عليّ : سمعت منه في سنة ثمان وثمانين (٤) ، ما علمت من أمره إلّا خيرا.

٢٨١ ـ عليّ بن عبد الغنيّ (٥).

__________________

= فوقها وسكون الياء المنقوطة بالغين من تحتها وبعدها الغين المعجمة. هذه النسبة إلى بستيغ وهي قرية بسواد نيسابور. (الأنساب ٢ / ٢٠٧) و «شبيب البستيغي» هو شيخ لابن ماكولا ذكره في كتابه الإكمال ، مادّة «بستيغ».

(١) وكان مولده سنة ٣٩٩ ه‍.

(٢) انظر عن (علي بن عمرو) في : ذيل طبقات الحنابلة ١ / ٨٦ ، ٨٧ رقم ٣٤.

(٣) انظر عن (علي بن عبد الصمد) في : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ١٢٨ رقم ٢٩.

(٤) سمعه بعسقلان.

(٥) انظر عن (علي بن عبد الغني) في : جذوة المقتبس للحميدي ٣١٤ ، ٣١٥ رقم ٧١٦ ، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام ق ٤ مجلّد ١ / ٢٤٥ ـ ٢٨٣ ، ومعجم السفر للسلفي ٦٣ ، ١١٠ ، ١١١ ، والصلة لابن بشكوال ٢ / ٤٣٢ ، ٤٣٣ رقم ٩٢٦ ، وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد (قسم شعراء الأندلس) ٢ / ١٨٦ ، وبغية الملتمس للضبّي ، رقم ١٢٢٩ ، ومعجم الأدباء ١٤ / ٣٩ ـ ٤١ ، وأدباء مالقة لابن عسكر ١٥٧ ، والمعجب للمراكشي ٢٠٥ ، والحلّة السيراء لابن الأبّار ٢ / ٥٤ ، ٦٧ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٣٣١ ـ ٣٣٤ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٨ ، والعبر ٣ / ٣٢١ ، وسير أعلام النبلاء ١٩ / ٦ ، ٢٧ رقم ١٦ ، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري (مخطوط) ١١ / ٣٧٥ ، ٤٥٥ ، ٤٦٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ١٧ ، والغيث المسجم للصفدي ١ / ٢٤٤ ، والوافي بالوفيات (مخطوط) ٢٢ / ١٠٠ ، ونكت الهميان ٢١٣ ، ٢١٤ ، وعيون التواريخ (مخطوط) ١٣ / ٦ ـ ١٧ ، والوفيات لابن قنفذ ٢٥٩ ، ٢٦٠ رقم ٤٨٨ ، وغاية النهاية لابن الجزري ١ / ٥٥٠ ، ٥٥١ ، وكشف الظنون ١٣٣٧ ،=

٢٥٩

أبو الحسن الفهريّ المقرئ الحصريّ.

الشّاعر الضّرير. أقرأ النّاس بسبتة وغيرها.

قال ابن بشكوال : (١) ذكره الحميديّ (٢) وقال : شاعر أديب ، رخيم الشّعر (٣) ، دخل الأندلس ولقي (٤) ملوكها ، وشعره كثير ، وأدبه موفور (٥).

قلت : وكان عالما بالقراءات وطرقها.

قال ابن بشكوال : (٦) روى لنا عنه أبو القاسم بن صواب ، أخبرنا عنه بقصيدته الّتي نظمها في قراءة نافع ، وهي مائتا بيت وتسعة أبيات ، قال : لقيته بمرسية (٧).

__________________

= ١٣٤٤ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، وإيضاح المكنون ١ / ١١٠ ، وهدية العارفين ١ / ٦٩٣ ، وديوان الإسلام ٢ / ١٧٦ ، ١٧٧ رقم ٧٩٨ ، والأعلام ٤ / ٣٠١ ، ومعجم المؤلفين ٧ / ١٢٥.

(١) في الصلة ٢ / ٤٣٢.

(٢) في الجذوة ٣١٤.

(٣) زاد في الجذوة : «حديد الهجو».

(٤) في الذخيرة : «ولقي».

(٥) وقال الحميدي : أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد العابدي ، قال : أنشدني علي بن عبد الغني لنفسه ، إلى أبي العباس النحويّ البلنسي من كلمة طويلة :

قامت لأسقامي مقام طبيبها

ذكرى بلنسية وذكر أديبها

حدّثتني فشفيت منّي لوعة

أمسيت محترق الحشا بلهيبها

ما زلت أذكره ولكن زدتني

ذكرا وحسب النفس ذكر حبيبها

أهوى بلنسية وما سبب الهوى

إلّا أبو العباس أنس غريبها

هبّ النسيم ، وما النسيم بطيّب

حتى يشاب بطيبة وبطيبها

أخي المعين على العدو بمسلق

أزرى بوائل في ذكاء خطيبها

إذ قامت الهيجا ولو لا نصره

ما كان يعرف ليثها من ذيبها

غلب العواء على الزئير حميّة

وخبا ضياء الشمس قبل مغيبها

فأقام أحمد في مجادلة العدي

برهان تصديقي على تكذيبها

حتى تبيّن فاضل من ناقص

وانقاد مخطئ حجّة لمصيبها

وأخبرني أنه كان ضريرا ، وأنه دخل الأندلس بعد الخمسين وأربعمائة. (جذوة المقتبس ٣١٤ ، ٣١٥).

(٦) في الصلة ٢ / ٤٣٢.

(٧) في سنة ٤٨١ ه‍.

٢٦٠