تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٣

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

سنة خمس وثمانين وأربعمائة

[وقعة جيّان بالأندلس]

فيها وقعة جيّان (١) بالأندلس.

كانت بعد وقعة الزّلّاقة ، وتقاربها في الكبر ، فإنّ الأذفونش جمع جموعا عظيمة ، وقصد بلاد جيّان ، فالتقاه المرابطون فانهزم المسلمون ، وأشرف النّاس على خطّة صعبة ، ثمّ أنزل الله النّصر ، فثبتوا وهزموا الكفّار ، ووضعوا السّيف فيهم ، ونجا الأذفونش في نفر يسير (٢).

[نسخة كتاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى هرقل]

ثمّ تهيّأ في العام القابل ، وأغار على القرى ، وحرّق الزّرع ، وبقي النّاس معه في بلاء شديد. وشاخ وعمّر ، وكان من دهاة الرّوم ، وهو أكبر ملك للفرنج ، تحت يده عدّة ملوك ، وجعل دار مملكته طليطلة ، فبقي مجاورا لبلاد الإسلام. وهو من ذرّيّة هرقل. وكان عنده كتاب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى جدّه.

قال اليسع بن حزم : حدّثنا الفقيه أبو الحسن بن زيدان قال : لمّا توجّهنا إلى ابن بنته رسلا أنا وفلان ، أمر فأخرج سفط فيه حقّ ذهب ، مرصّع بالياقوت والدّرّ ، فاستخرج منه الكتاب كما نصّه في «صحيح البخاريّ» ، فلمّا رأيناه بكينا ، فقال : ممّ تبكون؟

فقلنا : تذكّرنا به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) جيّان : بالفتح ثم التشديد ، وآخره نون. مدينة لها كورة واسعة بالأندلس تتصل بكورة ألبيرة مائلة عن ألبيرة إلى ناحية الجوف في شرقي قرطبة. (معجم البلدان ٢ / ١٩٥).

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٢ ، العبر في خبر من غبر ٣ / ٣٠٧ ، دول الإسلام ٢ / ١٢ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢.

٢١

فقال : إنّما هذا الكتاب شرفي وشرف آبائي من قبلي.

[تسيير عسكر السلطان ملك شاه لفتح بلاد الساحل]

وفيها أمر السّلطان ملك شاه لقسيم الدّولة وبوران وغيرهما أن يسيرا في خدمة أخيه تتش ، حتّى يستولوا على ما بيد المستنصر العبيديّ بالسّواحل ، ثمّ يسيرون بعد ذلك إلى مصر فيفتحونها (١) ، فساروا إلى أن نزلوا على حمص ، وبها صاحبها ابن ملاعب ، وكان كثير الأذيّة للمسلمين ، فأخذوا منه البلد بعد أيّام (٢).

ثمّ ساروا إلى حصن عرقة ، فأخذوه بالأمان (٣).

ثمّ نازل طرابلس ، فرأى صاحبها جلال الملك ابن عمّار جيشا لا قبل له به ، فأرسل إلى الأمراء الّذين مع تتش ، ووعدهم ليصلحوا حاله ، فلم ير فيهم مطمعا ، ثمّ سيّر لقسيم الدّولة ثلاثين ألف دينار وتقادم ، فسعى له عند تتش هو وكاتبه ، فغضب تتش وقال : هل أنت إلّا تابع لي. فخلّاه في اللّيل ، ورحل إلى حلب ، فاضطرّ تتش إلى التّرحّل عن طرابلس (٤) وانتقض ما قرّر لهم السّلطان من الفتوح (٥).

[فتح اليمن للسلطان]

وفيها افتتح للسّلطان اليمن. كان فيمن حضر إلى خدمته ببغداد جنق (٦) أمير التّركمان صاحب قرميسين ، فجهّزه السّلطان في جماعة أمراء من التّركمان

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٢ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٦٥ (طبعة مصر ١٩٠٠) ، دول الإسلام ٢ / ١٣ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١١.

(٢) تاريخ الفارقيّ ٢٣٣ (باختصار) ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥.

(٣) نهاية الأرب ٢٧ / ٦٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥.

(٤) في الأصل : «عن حلب» ، وهو سهو ، والصحيح ما أثبتناه.

(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٦ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١١ وفيه الخبر يعتوره نقص في أوله ، وهو في : مفرّج الكروب ١ / ٢١ ، ٢٢ ، والدرّة المضيّة ٤٣١ ، ٤٣٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٣٢ ، وانظر كتابنا : تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج ١ / ٣٧١ ، ٣٧٢.

(٦) في الكامل ١٠ / ٢٠٣ «جبق».

٢٢

إلى الحجاز واليمن ، وأن يكون أمرهم إلى سعد الدّولة كوهرائين (١) ، فاستعمل عليهم كوهرائين عوضه ترشك. فساروا إلى اليمن ، واستولوا عليها ، فظلموا وعسفوا وفسقوا فأسرفوا ، وملكوا عدن ، وظهر على ترشك جدريّ أهلكه بعد جمعة من وصوله إلى عدن. وعاش سبعين سنة. فنقله أصحابه معهم ، ودفن ببغداد عند مشهد أبي حنيفة (٢).

[وفاة السلطان]

قال صاحب «المرآة» : في غرّة رمضان توجّه السّلطان من أصبهان إلى بغداد عازما على تغيير الخليفة ، فوصل بغداد في ثامن عشر رمضان ، فنزل داره ، ثمّ بعث إلى الخليفة يقول : لا بدّ أن تترك لي بغداد ، وتذهب إلى أيّ بلد شئت.

فانزعج الخليفة وقال : أمهلني ولو شهرا.

فقال : ولا ساعة.

فبعث الخليفة إلى وزير السّلطان تاج الملك ، فطلب المهلة عشرة أيّام. فاتّفق مرض السّلطان وموته ، وعدّ ذلك كرامة للخليفة (٣).

[مقتل الوزير نظام الملك]

وفي عاشر رمضان قتل نظام الملك الوزير بقرب نهاوند. أتاه شابّ ديلميّ من الباطنيّة في صورة مستغيث فضربه بسكّين عند ما أخرجت محفّته إلى خيمة

__________________

(١) في نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٠ «كوهراتين».

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٣ ، ٢٠٤ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٠ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، دول الإسلام ٢ / ١٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١١.

(٣) المنتظم ٩ / ٦٢ (١٦ / ٢٩٩ ، ٣٠٠) ، تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٦ (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، تاريخ الفارقيّ ٢٢٩ ، زبدة الحلب ٢ / ١٠٦ ، الجوهر الثمين ١٩٨ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٤ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٥ ، أخبار الدولة للقرماني ٢ / ١٦٥. وفي تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٠ : غادر السلطان خراسان إلى بغداد ، وحصل خلاف بينه وبين الخليفة. ذلك أنه سأل الخليفة أن يخلفه ابنه الّذي ولدته زوجته ابنة السلطان ، فتمنّع. فأرسل السلطان يقول : يجب أن تغادر بغداد. فقال الخليفة : إني ممتثل أمرك ، فتمهّل عليّ عشرة أيام ريثما أتهيّأ للرحيل. وفي اليوم التاسع أدركت السلطان حمّى محرقة قضت على حياته. وقيل إن عبده كرديك سقاه سمّا فمات.

٢٣

حرمه بعد إفطاره. وتعس الباطنيّ فلحقوه وقتلوه (١).

وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة (٢).

وقيل إنّ السّلطان هو الّذي دسّ عليه من قتله ، لأن ابن ابن نظام الملك كان شابّا طريّا ، ولي نظر مرو ومعه شحنة للسّلطان ، فعمد وقبض عليه. فغضب السّلطان ، وبعث جماعة إلى نظام الملك يعنّفه ويوبّخه ويقول : إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم! وهؤلاء أولادك قد استولى كلّ واحد على كورة كبيرة ، ولم يكفهم حتّى تجاوزوا أمر السّياسة.

فقوّى نفسه ، ولقد يمتّ بأمور ما أظنّ عاقلا يقولها ، ويقول : إن كان ما علم أنّي شريكه فليعلم (٣).

[وفاة السلطان ملك شاه]

فازداد غضب السّلطان ملك شاه ، وعمل عليه ، ولكنّه ما متّع بعده ، إنّما

__________________

(١) وقال الموفّق النظامي في مرثيّته له التي أولها :

مصاب أصاب جميع الأمم

فأثّر في عربها والعجم

ويستطرد فيها بذكر الجماعة بقوله :

وشارك عثمان في قتله

فكلّ بقتلته متّهم

(الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٠٥) والخبر في : الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٤ ، وتاريخ حلب للعظيميّ (يتحقيق زعرور) ٣٥٦ ، (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٤ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢١ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٢٩ ، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) ٨٦ ـ ٩٣ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٣٩ ، ١٤٠ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٨١ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ و ٢٦ / ٣٣٠ ، وآثار البلاد وأخبار العباد ٤١٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٢ ، العبر ٣ / ٣٠٧ ، دول الإسلام ٢ / ١٣ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩ و ١٤٠ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٧ ، ٤٧٨ و ٥ / ١١ ، ١٢ ، التاريخ الباهر ٩ ، ١٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، والدرّة المضيّة ٤٣٦ ، الروضتين ٦٢ ـ ٦٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٦ ، ١٣٧.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٣ وفيه : «وعاش النظام سبعا وسبعين سنة» ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٧.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٥ ، وانظر : بغية الطلب (تراجم السلاجقة) ٨٩ ، وزبدة التواريخ للحسيني ١٤٠ ـ ١٤٢ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣١ ، ٣٣٢ ، دول الإسلام ٢ / ١٣ ، مآثر الإنافة ٢ / ٣.

٢٤

بقي خمسة وثلاثين يوما ومات (١).

[سلطنة محمود بن ملك شاه]

فلمّا مات السّلطان كتمت زوجته تركان ، موته ، وأرسلت إلى الأمراء سرّا ، فاستحلفتهم لولدها محمود ابن السّلطان ، وهو في السّنة الخامسة من عمره.

فحلفوا له ، (٢) وأرسلت إلى المقتدي بالله في أن يسلطنه ، فأجاب ، وخطب له ، ولقّب ناصر الدّنيا والدّين (٣). وأرسلت في الحال تركان إلى أصبهان من قبض على بركياروق (٤) أكبر أولاد السّلطان ، فقبض عليه (٥).

[خلاف بركياروق]

فلمّا اشتهر موت أبيه وثب المماليك بأصبهان ، وأخرجوه وملّكوه بأصبهان (٦). وطالبت العساكر الوزير بالأرزاق ، فوعدهم ، فلمّا وصل إلى قلعة

__________________

(١) الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٥ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢١ ، تاريخ الفارقيّ ٢٢٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٠٦ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٠ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٤٧ ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٦ (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، زبدة الحلب ٢ / ١٠٦ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٨٠ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ و ٢٦ / ٣٣٣ ـ ٣٣٥ و ٢٧ / ٦٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، دول الإسلام ٢ / ١٣ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٩ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٨ و ٥ / ١٣ ، التاريخ الباهر ١٠ ـ ١٢ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، مفرّج الكروب ١ / ٢٢ ، الدرّة المضيّة ٤٣٦ ـ ٤٣٨ ، مآثر الإنافة ٢ / ٣ و ٧ ، الروضتين ١ / ٦٤ ، السلوك ج ١ ق ١ / ٣٣ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٤ ، ١٣٥ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٥٢.

(٢) تاريخ دولة آل سلجوق ٨١ ، الفخري لابن طباطبا ٢٩٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، مآثر الإنافة ٢ / ٣ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٥.

(٣) وقال ابن العبري : ونادوا بابنها محمود بن ملك شاه سلطانا في بغداد وهو في الخامسة من سنيه ، ووصف بعضهم رزانته فقال : أرسل الخليفة ووشّحه ببزّة ملكيّة وأجلسه على العرش. فلم يمدّ يده ولا رجله ، ولم يغمض عينيه ، ولم يتحرّك ، ولم يتّكئ ، بل ظلّ هامدا كالصخر حتى أدهش الحاضرين. (تاريخ الزمان ١٢١).

(٤) في تاريخ الزمان ١٢١ «تركياروق» ، وفي الكامل ١٠ / ٢١٥ «بركيارق».

(٥) تاريخ الفارقيّ ٢٣٠ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٤ ، ٢١٥ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، زبدة الحلب ٢ / ١٠٦ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٥ ، ٣٣٦.

(٦) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٦ (وتحقيق سويّم) ٢٢ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٥٦ ، ١٥٧ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٨١ ، تاريخ ابن خلدون ٤ / ٤٧٩.

٢٥

برجين (١) التي فيها الخزائن صعد إليها ليفرّق فيهم ، فأغلقها وعصى على تركان فنهبت العساكر أثقاله ، وذهبت هي إلى أصبهان. فندم ولحقها ، وزعم أنّ متولّي القلعة حبسه ، وأنّه هرب منه ، فقبلت عذره (٢).

وأمّا بركياروق (٣) ففارق أصبهان ، وبادر إلى الرّيّ ، وانضمّ إليه فرقة من العسكر ، وأكثرهم من المماليك النّظامية ، لبغضهم لتاج الملك لأنّه كان عدوّا لمولاهم ، وهو المتّهم بقتله ، فنازلوا قلعة طبرك ، وأخذوها عنوة (٤).

[انهزام عسكر تركان وأسر تاج الملك]

وجهّزت تركان عساكرها لحربهم ، فالتقى الجمعان بناحية بروجرد ، فخامر طائفة ، والتفّوا أيضا على بركياروق (٥) ، واشتدّ الحرب. ثمّ انهزم عسكر تركان ، وساق بركياروق في أثرهم ، فنازل أصبهان في آخر السّنة (٦).

وأسر بعد الوقعة تاج الملك ، فأتي به بركياروق وهو على أصبهان ، فأراد أن يستوزره (٧).

[مقتل تاج الملك]

وأخذ تاج الملك في إصلاح كبار النّظامية ، وفرّق فيهم مائتي ألف دينار ،

__________________

(١) في الأصل : «بزحين» ، ولم أجدها في معاجم البلدان.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٥ ، زبدة التواريخ ١٥٧ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩.

(٣) في الروضتين ١ / ٦٥ «بكياروق» والمثبت هو الصحيح ، وقد جوّده ابن خلّكان فقال بركياروق :

بفتح الباء الموحّدة ، وسكون الراء والكاف ، وفتح الياء المثنّاة من تحتها ، وبعد الألف راء مضمومة ، وواو ساكنة وقاف. (وفيات الأعيان ١ / ٢٦٨ ، ٢٦٩).

(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٥ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥.

(٥) تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، ويقال : «بركيارق». بحذف الواو. (مآثر الإنافة ٢ / ٤ ، صبح الأعشى ٤ / ٤٤٧).

(٦) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٥ ، ٢١٦ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٦ ، المختصر في أخبار البشر ٤ / ٢٠٣ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٥ ، ٦.

(٧) الكامل ١٠ / ٢١٦ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣.

٢٦

وبلغ ذلك عثمان بن نظام الملك (١) ، فشغب عليهم سائر الغلمان الصّغار ، وقال :هذا قاتل أستاذكم. ففتكوا به ، وقطّعوه في المحرّم سنة ستّ (٢).

وكان كثير المحاسن والفضائل وإنما غطّى ذلك ممالأته على قتل نظام الملك ، ولأنّ مدّته لم تطل. وعاش سبعا وأربعين سنة (٣).

[إيقاع عرب خفاجة بالركب العراقي]

وأمّا عرب خفاجة فطمعوا بموت السّلطان ، وخرجوا على الركب العراقيّ ، فأوقعوا بهم ، وقتلوا أكثر الجند الّذين معهم ، ونهبوا الوفد ، ثمّ أغاروا على الكوفة ، فخرجت عساكر بغداد وتبعتهم حتّى أدركتهم ، فقتل من خفاجة خلق ، ولم تقو لهم شوكة بعدها (٤).

[حريق بغداد]

وفيها كان الحريق المهول ببغداد ، وكان من الظّهر إلى العصر.

قال صاحب «الكامل» : واحترق من النّاس خلق كثير ، واحترق نهر معلّى ، من عقد الحديد إلى خزانة (٥) الهرّاس ، إلى باب دار الضّرب ، واحترق سوق الصّاغة ، والصّيارف ، والمخلّطين ، والرّيحانيّين. وركب الوزير عميد الدولة (٦) بن جهير وأتى ، فما زال راكبا حتّى أطفئ (٧).

__________________

(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٦ : «عثمان نائب نظام الملك».

(٢) المنتظم ٩ / ٦٣ (١٦ / ٣٠١) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٦ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩ و ٥ / ١٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٦ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣.

(٤) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٦ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، المنتظم ٩ / ٦٣ (١٦ / ٣٠١) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٧ ، العبر في خبر من غبر ٣ / ٣٠٧ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٢ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩.

(٥) هكذا في الأصل ، وفي المنتظم : «خرابة» ، وفي الكامل : «خربة».

(٦) في الأصل : «عميد الله». والتصحيح من : المنتظم ، والكامل.

(٧) المنتظم ٩ / ٦١ (١٦ / ٢٩٩) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٧ ، ٢١٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩.

٢٧

[وقوع البرد بالبصرة]

وفيها وقع بالبصرة برد عظيم كبار ، أهلك الحرث والنّسل. كانت البردة من خمسة أرطال إلى عشرة أرطال (١).

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٦١ (١٦ / ٣٠١) ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٩.

٢٨

سنة ست وثمانين وأربعمائة

[وزارة عزّ الملك]

استهلّت وبركياروق منازل أصبهان ، فخرج إليه جماعة من أولاد نظام الملك ، فاستوزر عزّ الملك بن نظام الملك الّذي كان متولّي خوارزم (١).

[استيلاء تاج الدولة تتش على الرحبة ونصيبين]

وأمّا تاج الدّولة تتش صاحب دمشق ، فلمّا علم بموت أخيه ملك شاه جمع الجيوش وأنفق الأموال ، وسار يطلب السّلطنة ، فمرّ بحلب وبها قسيم الدّولة آقسنقر ، فصالحه وصار معه ، وأرسل إلى ياغي سيان صاحب أنطاكية ، وإلى بوزان صاحب الرّها وحرّان ، يشير عليهما بطاعة تتش ، فصاروا معه ، وخطبوا له في بلادهم ، وقصدوا الرّحبة ، فملكوها في المحرّم سنة ستّ (٢). ثمّ سار بهم ، وحاصر نصيبين ، فسبّوه ونالوا منه ، فغضب وأخذها عنوة ، وقتل بها خلقا ونهبها (٣). ثمّ سلّمها إلى محمد بن شرف الدّولة العقيلي ، وقصد الموصل (٤).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٩ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩ ، تاريخ ابن الرودي ٢ / ٦.

(٢) المنتظم ٩ / ٧٧ (١٦ / ٥) ، تاريخ الفارقيّ ٢٣٦ ، الفخري لابن طباطبا ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٥.

(٣) تاريخ الفارقيّ ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٣ ، العبر ٣ / ٣١٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٢ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦.

(٤) تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٠ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، العبر ٣ / ٣١٠ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٤ ، التاريخ الباهر ١٢ ، مفرّج الكروب ١ / ٢٣ ، الدرّة المضيّة ٤٣٢ ، ٤٣٣.

٢٩

[وزارة ابن جهير]

واستوزر الكافي ابن فخر الدّولة بن جهير ، أتاه من جزرة ابن عمر (١).

[وقعة المضيّع]

وكان قد تغلّب على الموصل إبراهيم بن قريش أخو شرف الدّولة ، فعمل معه مصافّا ، وتعرف بوقعة المضيّع (٢) ، فكان هو في ثلاثين ألفا ، وكان تتش في عشرة آلاف ، فتمّت الكسرة على جيش إبراهيم ، وأخذ أسيرا. ثمّ قتل صبرا (٣).

وقيل إنّ تقدير القتلى من الفريقين عشرة آلاف ، وامتلأت الأيدي من السّبي والغنائم ، حتّى أبيع الجمل بدينار ، وأمّا الغنم فقيل : أبيعت مائة شاة بدينار. ولم يشاهد أبشع من هذه الوقعة. وقتل بعض نسوان العرب أنفسهنّ خوف الفضيحة (٤) ، ومنهنّ من غرّقت نفسها.

وأقرّ تتش على الموصل الأمير عليّ بن شرف الدّولة وأمّه صفيّة (٥) ، وهي عمّة تتش (٦) ، ثمّ بعث إلى بغداد يطلب تقليدا بالسّلطنة ، وساعده كوهرائين (٧) ، فتوقّفوا قليلا (٨).

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٧٧ (١٦ / ٥) ، تاريخ الفارقيّ ٢٣٦ ، الفخري لابن طباطبا ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٥.

(٢) في الأصل : «المصنع» ، وهو تحريف. والتصحيح من : الكامل ١٠ / ٢٢١ وفيه : «المضيّع من أعمال الموصل». ومثله في : التاريخ الباهر ١٢ ، وفي المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ «المضيّح» بالحاء المهملة. ولم يذكره ياقوت في معجم البلدان ، بل ذكر «المضيّح» : جبل بنجد ، أو هضب ماء بأرض اليمن. (معجم البلدان ٥ / ١٤٦) ، وفي مرآة الجنان ٣ / ١٤٢ «المصنع».

(٣) تاريخ الفارقيّ ٢٣٣ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٣ / ٣١٠ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٢.

(٤) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٢ ، ١٢٣ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢١ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، مفرّج الكروب ١ / ٢٤ ، الدرّة المضيّة ٤٣٣.

(٥) تحرّف اسمها في تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ إلى : «ضيفة».

(٦) نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، العبر ٣ / ٣١٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٢ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦.

(٧) في العبر ٣ / ٣١٠ : «كوهرابين».

(٨) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢١ ، ٢٢٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ ، ٤٨١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦.

٣٠

[استقامة الأمور لتاج الدولة تتش]

وسار تتش فملك ميّافارقين ، (١) وديار بكر ، وقصد أذربيجان (٢) ، وغلب على بعضها ، فبادر بركياروق ليدفع عمّه تتش عن البلاد ، وقصده ، فالتقيا ، فقال قسيم الدّولة لبوزان : إنّما أطعنا هذا لننظر ما يكون من أولاد السّلطان ، والآن فقد ظهر ابنه هذا ، وينبغي أن نكون معه. ففارقا تتش (٣) وتحوّلا بعسكرهما إلى بركياروق ، فلمّا رأى ذلك تتش ضعف ورجع إلى الشّام ، واستقام دست بركياروق (٤).

[تملّك عسكر مصر مدينة صور]

وفيها في جمادى الآخرة جاء عسكر المصريّين ، فتملّكوا مدينة صور بمخامرة أهلها ، وأخد متولّيها إلى مصر ، فقتل هو وجماعة (٥).

[امتناع الحجّ العراقي]

ولم يحجّ أحد من العراق ، بل خرج ركب من دمشق ، فنهبهم أمير مكّة محمد بن أبي هاشم ، وخرجت عليهم العربان غير مرّة ونهبوهم ، وتمزّقوا ، وقتل جماعة ، ورجع سلم في حال عجيب.

__________________

(١) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٣ ، ١٢٤ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٢ ، التاريخ الباهر ١٢ ، تاريخ الفارقيّ ٢٣٦ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨١ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الروضتين ١ / ٦٥.

(٢) تاريخ الفارقيّ ٢٤٣ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٢ ، التاريخ الباهر ١٣.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٢ التاريخ الباهر ١٣ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٧ ، ٦٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٣ / ٣١٠ ، ٣١١ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤١٨ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الروضتين ١ / ٦٥.

(٤) تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٦ (تحقيق سويّم) ٢٣ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٤ ، أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٢٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٣ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٤ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الدرّة المضيّة ٤٣٨ (حوادث سنة ٤٨٥ ه‍.) ، اتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٨.

(٥) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٦ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٥ ، العبر ٣ / ٣١١ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٢ ، مآثر الإنافة ٢ / ٦ ، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) ٢ / ٣٦٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٨.

٣١

[الفتنة بين السّنّة والرافضة]

وأمّا بغداد فهاجت فيها فتنة مزعجة على العادة بين السّنّة والرّافضة (١).

[دخول صدقة بن مزيد في خدمة السلطان ملك شاه]

وسار سيف الدولة صدقة بن مزيد أمير العرب ، فلقي السّلطان بركياروق بنصيبين ، وسار في خدمته إلى بغداد ، فوصلها في ذي القعدة. وخرج عميد الملك بن جهير الوزير والنّاس معه إلى لقائه (٢).

[وفاة جعفر بن المقتدي بالله]

ومات جعفر بن المقتدي بالله ، وله ستّ سنين ، وهو سبط السّلطان ملك شاه (٣).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٦.

(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٦.

(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٧ وفيه : «وإليه تنسب الجعفريات» ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٥.

٣٢

سنة سبع وثمانين وأربعمائة

[الخطبة لبركياروق بالسلطنة]

في أوّلها خطب للسّلطان بركياروق ، ولقّب «ركن الدّولة» ، وعلّم الخليفة على تقليده (١).

[وفاة الخليفة المقتدي]

ومات الخليفة المقتدي من الغد فجأة (٢).

[خلافة المستظهر]

وبويع بالخلافة ولده المستظهر (٣).

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٨٠ ، (١٣ / ١٠) ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٩ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٣ / ٣١٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ (حوادث سنة ٤٨٦ ه‍.) ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، مآثر الإنافة ٢ / ٤ و ١٢.

(٢) تارخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٥ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٥ ، ١٢٦ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٦٥ ، المنتظم ٩ / ٨ (١٧ / ١٠) ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، تاريخ مختصر الدول ، له ١٩٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٢٩ ـ ٢٣١ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٥٧ ، مختصر التاريخ لابن الكازروني ٢١٢ ، الفخري لابن طباطبا ٢٩٦ ، خلاصة الذهب المسبوك للإربلي ٢٦٩ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥٢ و ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٣ / ٣١٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٦ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٦ ، الجوهر الثمين ١٨٧ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٥ ، التاريخ الباهر ١٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الدرّة المضيّة ٤٤٠ ، تاريخ الخميس ٢ / ٤٠٢ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٧ ، الروضتين ١ / ٦٦ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٣٩ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٦.

(٣) المنتظم ٩ / ٨١ (١٧ / ١٢١) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣١ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن

٣٣

[قتل تتش لآقسنقر صاحب حلب]

وأمّا تاج الدّولة تتش فإنّه رجع وشرع يجمع العساكر. وصار قسيم الدّولة وبوزان ضدّا له ، وأمدّهما بركياروق بعسكر ، فكان بينهما مصافّ بتلّ السّلطان (١) ، على بريد من حلب ، فانهزم ، جمع آقسنقر صاحب حلب ، وثبت هو ، فأخذ أسيرا ، وأحضر بين يدي تتش ، فقال له : لو كنت ظفرت بي ما كنت تفعل بي؟ قال : كنت أقتلك. فذبحه صبرا (٢).

[تغلّب تتش على حلب وغيرها]

وساق إلى حلب وقد دخلها المنهزمون ، فحاصرها حتّى ملكها ، وأخذ الأميرين بوزان وكربوقا أسيرين. فقتل بوزان (٣) ، ثمّ بعث برأسه إلى حرّان والرّها ، فخافوه ، وسلّموا إليه البلدين (٤) ، وسجن كربوقا بحمص. ثمّ سار إلى بلاد الجزيرة فملكها ، ثمّ ملك خلاط وغيرها. ثمّ سار فافتتح أذربيجان جميعها ،

__________________

= العمراني ٢٠٥ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٥ ، ١٢٦ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، تاريخ مختصر الدول ، له ١٩٥ ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، زبدة التواريخ ١٥٧ ، مختصر التاريخ ٢١٥ ، الفخري ٣٠٠ ، خلاصة الذهب المسبوك ٢٧٠ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥٣ و ٢٦ / ٣٣٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٦ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٦ ، الجوهر الثمين ١٩٩ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٥ ، التاريخ الباهر ١٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الدرّة المضيّة ٤٤١ ، تاريخ الخميس ٢ / ٤٠٢.

(١) تل السلطان : موضع قريب من حلب ، فيه خان ومنزل للقوافل. قال ابن الأثير : بينه وبين حلب نحو ستة فراسخ. (التاريخ الباهر ١٥).

(٢) تاريخ الفارقيّ ٢٤٣ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٦ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٢ ، بغية الطلب لابن العديم (تراجم السلاجقة) ١٠٠ ، زبدة الحلب ٢ / ١١٠ ـ ١١٢ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، العبر ٣ / ٣١٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١٦ ، التاريخ الباهر ١٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، مفرّج الكروب ١ / ٢٤ ، الدرّة المضيّة ٤٣٣ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٢ ، الروضتين ١ / ٦١ و ٦٦.

(٣) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٧ ، تاريخ الفارقيّ ٢٤٣ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٢ ، زبدة الحلب ٢ / ١١٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، ٢٠٥ وفيه : «بوازار» وهو غلط ، العبر ٣ / ٣١٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٥ وفيه «بوران» ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨١ وفيه «توران» ، الروضتين ١ / ٦٦.

(٤) ذيل تاريخ دمشق ١٢٧ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٢ ، زبدة الحلب ٢ / ١١٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الروضتين ١ / ٦٦.

٣٤

وكثرت جيوشه واستفحل أمره (١).

[سلطنة بركياروق على أصبهان]

وسار بركياروق في طلب عمّه (٢) ، فبيّته ليلة عسكر تتش ، فانهزم بركياروق في طائفة يسيرة ، ونهبت أثقاله ، فقصد أصبهان لمّا بلغه موت امرأة (٣) أبيه تركان ، ففتحوا له خديعة ، وقبضوا عليه ، وأرادت الأمراء أن يكحّلوه ، فاتّفق أنّ أخاه محمود بن السّلطان ملك شاه جدّر ، فقال لهم الطّبيب (٤) : ما رأيته يسلم ، فلا تعجلوا بكحل هذا ، وأنتم تكرهون أن يملك تاج الدّولة تتش. فدعوا هذا حتّى تنظروا في أمركم. فمات محمود في سلخ شوّال وله سبع سنين ، فملّكوا بركياروق ، ووزر له مؤيّد الملك بن نظام الملك ، لأنّ أخاه الوزير عزّ الملك مات بناحية الموصل مع السّلطان. فأخذ مؤيّد الملك يكاتب له الأمراء ويتألّفهم ، فقوي سلطانه وتمّ (٥).

[وفاة المستنصر بالله العبيدي]

وفيها مات المستنصر بالله الرّافضيّ صاحب مصر (٦).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٣ ، بغية الطلب (تراجم السلاجقة) ١٠٣ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، العبر ٣ / ٣١٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، الروضتين ١ / ٦٦.

(٢) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣.

(٣) في الأصل : «امرأت».

(٤) هو : أمين الدولة ابن التلميذ الطبيب ، كما في (الكامل ١٠ / ٢٣٤) و (نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٨).

(٥) تاريخ الفارقيّ ٢٦٤ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٥ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٥٩ ، تاريخ دولة آل سلجوق ٨١ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٨ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، ٧.

(٦) انظر عن وفاة (المتنصر بالله) في : تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، وأخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٣١ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٨ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٦٧ ، (حوادث سنة ٤٨٩ ه‍.) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٥ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٧ ، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٧٧ ، والمغرب في حلى المغرب ٧٧ و ٧٨ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٠ ـ ٢٤٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، ودول الإسلام ٢ / ١٥ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٥ و ١٤٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٧ ، والدرّة المضيّة ٤٤١ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٣٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٤٠ ، وحسن المحاضرة ٢ / ١٤ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٦ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٠.

٣٥

[خلافة المستعلي بالله]

وقام بعده ابنه المستعلي (١).

[وفاة بدر أمير الجيوش]

وفيها مات بدر أمير الجيوش قبل المستنصر بأشهر (٢).

[وفاة أمير مكة]

ومات محمد بن أبي هاشم الحسيني (٣) أمير مكّة ، وقد نيّف على السّبعين ، وكان ظالما قليل الخير ، أمر بنهب الرّكب في هذا العام (٤).

[قتل تكش عمّ السلطان بركياروق]

وفيها قتل السّلطان بركياروق عمّه تكش وغرّقه. وكان محبوسا مكحولا بقلعة تكريت ، لأنّه اطّلع منه على مكاتبات (٥).

[وفاة الخاتون تركان]

وكانت تركان الخاتون قد بعثت جيشا مع الأمير أنر (٦) لأخذ فارس من

__________________

(١) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٣٤ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٥ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٨ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٧ ، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٨٢ ، المغرب في حلى المغرب ٨٢ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، الدرّة المضيّة ٤٤٣ ، الإشارة إلى من نال الوزارة ٦٠ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ١١.

(٢) انظر عن وفاة (بدر الجمالي) في : أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٣٠ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٦٧ ، (في حوادث سنة ٤٨٨ ه‍.) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٧ ، ١٢٨ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٥ ، والمغرب في حلى المغرب ٧٨ ، ونهاية الأرب ٢٨ / ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٤٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٧ ، والدرّة المضيّة ٤٣٩ (حوادث ٤٨٦ ه‍.) ، وتاريخ سلاطين المماليك ٢٣١ ، والإشارة إلى من نال الوزارة ٥٦ ، واتعاظ الحنفا ٢ / ٣٢٩.

(٣) في الأصل : «الحسين».

(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، ٧ مآثر الإنافة ٢ / ٢١ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٠.

(٥) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٩ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٥ ، دول الإسلام ٢ / ١٦ وفيه «تتش» بدل «تكش» وهو تصحيف.

(٦) في الأصل : «أنز» بالزاي ، والتصحيح من المصادر.

٣٦

الملك توران شاه بن قاروت بك ، فانهزم توران شاه ، وعمل معه مصافّا ، فانهزم أنر. ومات توران شاه من سهم أصابه ، ومرضت تركان وهي بنت طمغان خان (١) أحد ملوك التّرك ، وكان لها هيبة وصولة ، وأمر مطاع ، لأنّها بنت ملك كبير ، ولأنّ زوجها سلطان الوقت كان ، وابنها وليّ عهد ، وهي حماة المقتدر بالله ، إلى غير ذلك. وكانت قد تجهّزت تريد المسير إلى تاج الدّولة لتتزوّج به ، فأدركها الأجل ، وأوصت بولدها إلى الأمير أنر ، ولم يكن بقي له سوى أصبهان (٢).

[دخول الروم بلنسية]

وفيها دخلت الروم لعنهم الله بلنسية (٣) صلحا بعد حصار عشرين شهرا ، (٤) فلا قوّة إلّا بالله.

__________________

(١) في الكامل : «طنغاج» (١٠ / ٢٤٠).

(٢) انظر عن وفاة (تركان) في : تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٠ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، وزبدة التواريخ للحسيني ١٥٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٧.

(٣) بلنسية : السين مهملة مكسورة ، وياء خفيفة. كورة ومدينة مشهورة بالأندلس متصلة بحوزة كورة تدمير ، وهي شرقي تدمير وشرقي قرطبة ، وهي برّية بحرية. (معجم البلدان ١ / ٤٩٠) «أقول» : إليها ينسب البرتقال «البلنسي» المعروف في طرابلس الشام.

(٤) البيان المغرب ٤ / ٣١ ، دول الإسلام ٢ / ١٦ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٦.

٣٧

سنة ثمان وثمانين وأربعمائة

[قتل صاحب سمرقند]

في المحرّم قتل أحمد خان صاحب سمرقند ، وكان قد كرهه جنده واتّهموه بالزّندقة ، لأنّ السّلطان ملك شاه لمّا تملك سمرقند وأسر أحمد خان وكلّ به جماعة من الدّيلم ، فحسّنوا له الانحلال ، وأخرجوه إلى الإباحة. فلمّا عاد إلى سمرقند كان يظهر منه الانحلال ، وعصى طغرل ينال بقلعة له ، فسار لحصاره ، فتمكّن الأمراء وقبضوا عليه ، ورجعوا به ، وأحضروا الفقهاء ، وأقاموا له خصوما ادّعوا عليه بالزّندقة ، فأنكر ، فشهدوا عليه ، فأفتى العلماء بقتله ، فخنقوه ، وملّكوا ابن عمّه (١).

[انتهاب ابن أبق باجسرى وبعقوبا]

وفي صفر بعث تتش شحنة لبغداد ، وهو يوسف بن أبق التّركمانيّ ، فجاء صدقة بن مزيد صاحب الحلّة ومانعه ، فسار نحو طريق خراسان ، ونهب باجسرى (٢) ، وبعقوبا (٣) أفحش نهب ، ثمّ عاد إلى بغداد ، وقد راح منها صدقة ،

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٦ ، العبر ٣ / ٣١٨ ، دول الإسلام ٢ / ١٧ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧ ، تاريخ الخلفاء ٤٢٦.

(٢) في الأصل : «باجسرى» ، والمثبت عن : المنتظم في الطبعة القديمة ٩ / ٨٤ ، وفي الطبعة الجديدة منه (١٧ / ١٥) «باجسري» وهو غلط. قال ياقوت : باجسرى : بكسر الجيم ، وسكون السين ، وراء ، والقصر بليدة في شرقي بغداد ، بينها وبين حلوان ، على عشرة فراسخ من بغداد. (معجم البلدان ١ / ٣١٣).

(٣) بعقوبا : بالفتح ثم السكون ، وضم القاف ، وسكون الواو ، والباء الموحّدة ، ويقال لها : باعقوبا أيضا. قرية كبيرة كالمدينة بينها وبين بغداد عشرة فراسخ ، من أعمال طريق خراسان. (معجم البلدان ١ / ٤٥٣).

٣٨

فدخلها وأراد نهبها ، فمنعه أمير معه ، فجاء الخبر بقتل تتش ، فترحّل إلى الشّام (١).

[مقتل تاج الدولة تتش]

وذلك أن تتش لمّا هزم بركياروق ، سار بركياروق فحاصر همذان ، ثمّ رحل عنها ، ومرض بالجدريّ. وقصد تتش أصبهان ، وكاتب الأمراء يدعوهم إلى طاعته ، فتوقّفوا لينظروا ما يكون من بركياروق. فلمّا عوفي فرحوا به ، وأقبلت إليه العساكر ، حتّى صار في ثلاثين ألفا ، والتقى هو وتتش بقرب الرّيّ ، فانكسر عسكر تتش ، وقاتل هو حتّى قتل ، قتله مملوك لقسيم الدّولة ، وأخذ بثأر مخدومه (٢).

[تفرّد بركياروق بالسلطنة]

وانفرد بركياروق بالسّلطنة ، ودانت له الممالك بعد أن انهزم من عمّه بالأمس في نفر يسير إلى أصبهان ، ولو اتّبعه عشرون فارسا لأسروه ، لأنّه بقي على باب أصبهان أيّاما ، ثمّ خدعوه وفتحوا له ، ثمّ قبضوا عليه وهمّوا بكحله ، فحمّ أخوه محمود وجدّر ومات ، فملّكوه عليهم ، وشرعت سعادته (٣).

[تملّك رضوان بن تتش حلب]

وقد كان تتش بعث إلى ولده رضوان يأمره بالمجيء إلى بغداد ، وينزل بدار السّلطنة ، فسار في عسكر كبير ، فلمّا قارب هيت (٤) جاءه نعي أبيه ، فردّ إلى

__________________

(١) المنتظم ٩ / ٨٤ (١٧ / ١٥) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٤ ، دول الإسلام ٢ / ١٧.

(٢) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، المنتظم ٩ / ٨٥ (١٧ / ١٥) ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٠ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، تاريخ الفارقيّ ٢٤٤ ، زبدة التواريخ للحسيني ١٦٠ ، ١٦١ ، زبدة الحلب ٢ / ١١٩ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٩ و ٢٧ / ٦٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٦ ، العبر ٣ / ٣١٩ ، دول الإسلام ٢ / ١٧ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٥ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٨ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ١٦ ، ١٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧ ، الدرّة المضيّة ٤٤٤ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٩ ، ٢٠ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٥٥.

(٣) تاريخ الفارقيّ ٢٤٤ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٥ ، زبدة التواريخ ١٦١ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٣٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧.

(٤) هيت : بالكسر. بلدة على الفرات من نواحي بغداد.

٣٩

حلب ، وتملّكها بعد أبيه (١) ، وجعل زوج أمّه جناح الدّولة حسين بن أيدكين (٢) أتابكه ومدبّر دولته ، فأحسن السّياسة (٣).

وصالحهم صاحب أنطاكية ياغي سيان التّركمانيّ ، فقصدوا ديار بكر ، والتفّ عليهم نوّاب الأطراف الّذين لتتش ، فساروا (٤) يريدون سروج ، فسبقهم إليهم الأمير سقمان بن أرتق ، فحكم عليها (٥).

ثمّ ملك رضوان الرّها ، ووهبها لصاحب أنطاكية. ثمّ وقع بينهم اختلاف ، فسار جناح الدّولة مسرعا إلى حلب ، ثمّ قدم رضوان (٦).

[تملّك دقاق دمشق]

وأمّا أخوه دقّاق الملك فإنّه كان في خدمة عمّه السّلطان ملك شاه ، وهو صبيّ قد خطب ابنة السّلطان. وسار بعد موت عمّه مع تركان إلى أصبهان. ثمّ خرج إلى بركياروق ، فصار معه ، ثمّ هرب إلى أبيه. وحضر مقتل أبيه ، وهرب مع بعض المماليك إلى حلب ، فبقي مع أخيه ، فراسله الخادم ساوتكين متولّي قلعة دمشق سرّا ، يدعوه ليملّكه ، فهرب ، وأرسل أخوه وراءه فوارس ، فلم يدركوه ، وفرح الخادم بقدومه ، وتملّك دمشق (٧).

__________________

(١) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٦ ، مرآة الجنان ٣ / ١٤٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧.

(٢) في الكامل ١٠ / ٢٤٦ «أيتكين» ، ومثله في نهاية الأرب ٢٧ / ٧٠.

(٣) بغية الطلب لابن العديم (تراجم تاريخ السلاجقة) ١٢١ و ١٣٨ ، زبدة الحلب ٢ / ١٢٠ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٦٩ ، ٧٠ ، دول الإسلام ٢ / ١٧ ، الدرّة المضيّة ٤٤٤.

(٤) في الأصل : «فسار».

(٥) نهاية الأرب ٢٧ / ٧٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٦.

(٦) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٤ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٢ ، تاريخ الفارقيّ ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٧٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧.

(٧) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويّم) ٢٣ ، ٢٤ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٠ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، تاريخ الفارقيّ ٢٤٥ ، زبدة الحلب ٢ / ١٢٠ ، ١٢١ ، بغية الطلب (مخطوط) ٨ / ١٧٦ ، نهاية الأرب ٢٧ / ٧١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٧ ، العبر ٣ / ٣١٩ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٨ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٧ ، ٨ ، الدرّة المضيّة ٤٤٤.

٤٠