تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٣٣

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

أبو سعد بن أبي الفرج الشّيرازيّ الواعظ ، المعروف بابن المطبخيّ. له مسجد كبير بدرب القيّار يعرف به.

سمع : أبا الحسن بن مخلد ، وأبا القاسم بن بشران.

روى عنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ. كذا قال ابن النجّار.

وقال ابن السّمرقنديّ : كذا قال ابن النجّار.

وقال ابن السّمرقندي : سألته عن مولده ، فقال : سنة ثمان عشرة وأربعمائة.

قلت : فتبيّن أنّه لم يدرك السّماع من ابن مخلد.

قال شجاع الذّهليّ : توفّي في شوّال سنة ٤٨٧.

٢١٥ ـ آقسنقر قسيم الدّولة (١).

أبو الفتح الحاجب ، مملوك السّلطان ملك شاه.

وقيل : هو لصيق به. وقيل : اسم أبيه اكّ ترغان.

تزوّج داية السّلطان إدريس بن طغان شاه ، وحظي عند السّلطان ملك شاه وقدم معه حلب ، حين قصد تاج الملك أخاه فانهزم ،. وملكها ملك شاه في سنة تسع وسبعين ، وملك أنطاكية ، وقرر نيابة حلب لقسيم الدّولة في أوّل سنة ثمانين ، فأحسن فيها السّياسة ، وأقام الهيبة ، وأباد قطّاع الطّريق ، وتتبّعهم ، وبالغ ، فأمنت البلاد ، وعمّرت حلب ، ووردها التّجّار ، ورغبوا في سكناها للعدل. وعمّر منارة حلب (٢) ، فاسمه منقوش عليها. وبنى مشهد قرنبيا ، ومشهد

__________________

(١) انظر عن (آقسنقر) في : المنتظم ٩ / ٧٧ (١٧ / ٥) ، وتاريخ الفارقيّ ٢٣٣ ، ٢٤٣ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٢ ، ١٢٦ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٣٢ ، والتاريخ الباهر ١٢ ، ١٥ ، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بعصر السلاجقة) ١٦٠ ، وزبدة الحلب ٢ / ١٠٧ ، ١١٠ ـ ١١٢ ، والروضتين ١ / ٦٥ ، ٦٦ ، ومفرّج الكروب ١ / ٢٢ ، ووفيات الأعيان ١ / ٢٤١ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ٦٦ ، ٦٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، والعبر ٣ / ٣١٠ ، ودول الإسلام ٢ / ١٥ ، وسير أعلام النبلاء ١٩ / ١٢٩ ، ١٣٠ رقم ٦٧ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٦ ، والدرّة المضيّة ٣١٥ ، ٣١٦ ، ٤٣٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٤٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٦ ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٤١ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٠.

(٢) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٤ (وتحقيق سويّم) ٢١ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٠ ، والكامل في التاريخ ٧ / ١٨٠ ، وزبدة الحلب ٢ / ١٠٥ ، (حوادث سنة

٢٠١

الدّكّة. وكان أحسن الأمراء سياسة لرعيّته وحفظا لهم. وتحدّث الرّكبان بحسن سيرته. وكان يستغلّ حلب في كلّ يوم ألفا وخمسمائة دينار.

وأمّا تتش فتملّك دمشق. ولمّا كان ربيع الأوّل سنة سبع وثمانين هذه خرج تتش ، وجمع معه خلقا من العرب ، ووافاه عسكر أنطاكية بحماه ، ورعوا ونهبوا ، فاتّصل الخبر بأقسنقر ، فكاتب السّلطان بركياروق ، وخطب له بحلب ، فجمع وحشد ، وأنجده كربوقا صاحب الموصل ، وبزان صاحب الرّها ، ويوسف بن أبق صاحب الرّحبة ، في ألفين وخمسمائة فارس ، وتهيّأ قسيم الدّولة للّقاء ، فقيل إنّه عرض عشرين ألف فارس ، فلمّا التقوا أول من برز للحرب قسيم الدّولة ، وحمي القتال ، فحمل عسكر تتش ، فانهزم العرب الّذين مع قسيم الدّولة ، وكسر كربوقا وبزان ، ووقع فيهم القتل ، وثبت قسيم الدّولة ، فأسر في طائفة من أصحابه وحمل إلى تتش ، فأمر بضرب عنقه وأعناق جماعة من أصحابه (١). وذلك في شهر جمادى الأولى ، ودفن بالمدرسة الزّجاجية داخل حلب ، بعد ما كان دفن مدّة بمشهد قرنبيا. وإنّما نقله ولده زنكي ، وعمل عليه قبّة.

وهو جدّ نور الدّين.

٢١٦ ـ أمة الرحمن بنت عبد الواحد بن حسين (٢).

أمّ الدّلال البغداديّة. عرف أبوها بالجنيد.

زاهدة عابدة.

سمعت : أبا الحسن بن بشران.

وعنها : أبو الحسن بن عبد السّلام ، وأبو بكر بن الزّاغونيّ.

__________________

=٤٨٢) ه) ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٩ وفيه : «قام بعملها القاضي أبو الحسن الخشّاب» ، ومفرّج الكروب ١ / ٢١ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٤ ، والدرّة المضيّة ٤٣١ و ٤٣٤ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٣٥.

وانظر حوادث سنة ٤٨٣ ه‍.

(١) جاء في الحوادث أن آقسنقر أحضر بين يدي تتش ، فقال له : لو كنت ظفرت بي ما كنت تفعل؟ قال : كنت أقتلك! فذبحه صبرا. (انظر الحوادث سنة ٤٨٧ ه‍).

(٢) لم أجد مصدر ترجمتها.

٢٠٢

ومولدها عام أربعمائة.

وماتت في شوّال.

ـ حرف الباء ـ

٢١٧ ـ بلال بن الحسين بن نقيش (١).

أبو الغنائم ، بغداديّ.

روى عن : عبد الملك بن بشران.

توفّي في ربيع الأوّل.

ـ حرف الحاء ـ

٢١٨ ـ الحسن بن أسد (٢).

أبو نصر الفارقيّ (٣) الأديب.

قال القفطيّ : (٤) هو معدن الأدب ، ومنبع كلام العرب (٥) ، وعلّامة زمانه.

__________________

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) انظر عن (الحسن بن أسد) في : تاريخ الفارقيّ ٢٣٢ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ ، وإشارة التعيين ١٣ ، ١٤ ، وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد (قسم شعراء الشام) ٤ / ١٩٨ ـ ٢٠٠ ، ومعجم الأدباء ٨ / ٥٤ ـ ٧٥ رقم ٤ ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني ١٩٩ (في ترجمة «علي بن السند» رقم ١٦٤ ، والأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩) ، وإنباه الرواة ١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٨ رقم ١٩٠ ، وتلخيص ابن مكتوم ٥٣ ، ٥٤ ، والعبر ٣ / ٣١٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٩ / ٨٠ ، ٨١ ، رقم ٤٤ ، وفوات الوفيات ١ / ٣٢١ ـ ٣٢٤ رقم ١١٤ ، والوافي بالوفيات ١١ / ٤٠١ ـ ٤٠٤ رقم ٥٧٩ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، وعقود الجمان للزركشي ٩٠ ، والبلغة في تاريخ أئمة اللغة للفيروزآبادي ٥٤ ، وطبقات ابن قاضي شهبة ١ / ٢٩٨ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٤٠ ، ١٤١ ، وبغية الوعاة ١ / ٥٠٠ رقم ١٠٣٥ ، وكشف الظنون ١٥٦٣ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٠ ، وروضات الجنات ٢٢١ ، وإيضاح المكنون ٢ / ٤٣ ، ومعجم المؤلفين ٣ / ٢٠٦ ، والأعلام ٢ / ١٩٨.

وقد أضاف كل من المرحوم شكري فيصل في (الوافي بالوفيات) ، والشيخ شعيب الأرنئوط في (سير أعلام النبلاء) كتاب «يتيمة الدهر» إلى مصادر صاحب الترجمة.

ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب : «عمر عبد السلام تدمري».

لقد وهم الأستاذان الفاضلان في ذلك ، فالمذكور في «يتيمة الدهر» لا علاقة له بصاحب الترجمة ، فهو : «أبو القاسم الحسين بن أسد العامري ، من رستاق خواف .. بنيسابور»!

(٣) الفارقيّ : بكسر الراء المهملة ، نسبة إلى مدينة ميّافارقين.

(٤) في إنباه الرواة ١ / ٢٩٤.

(٥) زاد في الإنباه : «فاضل مكانه».

٢٠٣

له النّظم الذّائع ، والنّثر الرّائع ، (١) والتّصنيف البديع في شرح «اللّمع» ، وأشياء ليس للأديب في مثلها (٢) طمع.

وكان في أيّام نظام الملك على ديوان آمد. ثمّ صودر.

وله كتاب مشهور في «الألغاز». وكان عزبا مدّة عمره (٣) ، ولمّا صودر أطلق سراحه ، فانتقل إلى ميّافارقين ، وقد باضت الرئاسة في رأسه وفرّخت. واتّفق أنّ ميّافارقين خلت من متولّ ، فأجمع رأي أهلها على تولية رجل من أولاد ابن نباتة ، فأقام أيّاما ، ثمّ اعتزلهم ، فتهيّأ لها ابن أسد ، ونزل القصر وحكم ، ثمّ انفصل غير محمود ، وخاف من الدّولة ، فتسحّب إلى حلب ، فأقام بها. ثمّ حمله حبّ الرّئاسة فعاد إلى الجزيرة ، فلمّا صار بحرّان قبض عليه نائبها ، وشنقه في هذا العام (٤).

__________________

(١) زاد في الإنباه : «والنحو المعرب عن مشكل الإعراب».

(٢) في الإنباه : «مثله».

(٣) زاد في الإنباه ١ / ٢٩٧ : «يكره النّسل. ومما يحكى عن كوهنته أنه كان إذا رأى صغيرا قد لبس وزيّن ، واجتيز به عليه يبالغ في سبّ أبويه ويقول : هما عرضاه لي ، يرغّباني في مثله.

(٤) إنباه الرواة ١ / ٢٩٦ ، وروى الفارقيّ أنه كان في ميّافارقين رجل شاعر أديب وله جمع وتلامذة يعرف بابن أسد ، فرأس الجهّال والسّوقة والرعاع ، وجعل يدور على السور والمدينة ويحفظها.

فلما طال عليهم الأمد اتفقوا على أن يسيروا إلى نصيبين إلى السلطان تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان ... وكان ناصر الدولة قد ملك الجزيرة وسمع بخبر ميافارقين ، فنفذ إلى ابن أسد ، ووعده بالجميل ، فأجابه واستدعاه ، واتفق خلوّ ميّافارقين ، فوصلها في أول سنة ست وثمانين وأربعمائة وتسلّمها ، ونزل الشيخ ابن المحوّر من برج الملك ، ودخلها ناصر الدولة ، واستوزر ابن أسد ولقب محيي الدولة ، وصعد إليه الشيخ أبو الحسن ابن المحوّر ، فأمّنه على نفسه وماله ومن يلوذ به ، واستقر بميّافارقين.

وكان ابن أسد لما ملك السلطان ميّافارقين انهزم واختفى ببعض البلاد مدّة. ثم قصد السلطان وامتدحه بقصيدة يقول فيها بيتا ـ والفأل موكل بالمنطق ـ وهو :

واستحلبت حلب جفنيّ فانهملا

وبشّرتني بحرّ الشوق حرّان

فأعجب السلطان بشعره ، فقيل له : أيعرف مولانا السلطان من هذا؟ فقال : لا ، قال : هذا ابن أسد الّذي أحضر ناصر الدولة بن مروان وملّكه ميّافارقين ، فأمر بضرب عنقه فقتل بحرّان ، فقيل :

وبشّرتني بحرّ القتل حرّان

(تاريخ الفارقيّ ٢٣٢ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ / ٣٩٦ و ٣٩٨ ، ٣٩٩) وحدّث قاضي عسكر نور الدين محمود بن زنكي قال : قدم على ابن مروان صاحب ديار بكر شاعر من العجم يعرف بالغسّاني. وكان من عادة ابن مروان إذا قدم عليه شاعر يكرمه وينزله ، ولا يجتمع به إلى ثلاثة أيام ليستريح من سفره ، ويصلح شعره ، ثم يستدعيه. واتفق أن الغساني لم يكن

٢٠٤

ومن شعره :

ونديمة لي في الظّلام وحيدة

أبدا (١) مجاهدة كمثل جهادي

__________________

= أعدّ شيئا في سفره ، ثقة بقريحته ، فأقام ثلاثة أيام فلم يفتح عليه بعمل بيت واحد ، وعلم أنه يستدعى ولا يليق أن يلقى الأمير بغير مديح ، فأخذ قصيدة من شعر ابن أسد لم يغيّر فيها إلا اسمه. وعلم ابن مروان بذلك ، فغضب من ذلك وقال : يجيء هذا العجمي فيسخر منّا؟ ثم أمر بمكاتبة ابن أسد ، وأمر أن يكتب القصيدة بخطّه ويرسلها إليه ، فخرج بعض الحاضرين فأنهى القضية إلى الغسّاني وكان هذا بآمد. وكان له غلام جلد ، فكتب من ساعته إلى ابن أسد كتابا يقول فيه : إني قدمت على الأمير فأرتج عليّ قول الشعر مع قدرتي عليه ، فادعيت قصيدة من شعرك استحسانا لها وعجبا بها ، ومدحت بها الأمير. ولا أبعد أن نسأل عن ذلك ، فإن سئلت فرأيك الموفق في الجواب. فوصل غلام الغسّاني قبل كتاب ابن مروان ، فجحد ابن أسد أن يكون عرف هذه القصيدة ، أو وقف على قائلها قبل هذا. فلما ورد الجواب على ابن مروان عجب من ذلك وأساء إلى الساعي وشتمه وقال : إنما قصدكم فضيحتي بين الملوك ، وإنما يحملكم على هذا الفعل الحسد منكم لمن أحسن إليه؟ ثم زاد في الإحسان إلى الغسّاني ، وانصرف إلى بلاده ، فلم يمض على ذلك إلا مديدة حتى اجتمع أهل ميّافارقين إلى ابن أسد ، ودعوه إلى أن يؤمّروه عليهم ، ويساعدوه على العصيان ، وإقامة الخطبة للسلطان ملك شاه وحده ، وإسقاط اسم ابن مروان من الخطبة ، فأجابهم إلى ذلك ، وبلغ ذلك ابن أسد أن يكون عرف هذه القصيدة ، أو وقف على قائلها قبل هذا. فلما ورد الجواب على ابن مروان عجب من ذلك وأساء إلى الساعي وشتمه وقال : إنما قصدكم فضيحتي بين الملوك ، وإنما يحملكم على هذا الفعل الحسد منكم لمن أحسن إليه؟ ثم زاد في الإحسان إلى الغسّاني ، وانصرف إلى بلاده ، فلم يمض على ذلك إلا مديدة حتى اجتمع أهل ميّافارقين إلى ابن أسد ، ودعوه إلى أن يؤمّروه عليهم ، ويساعدوه على العصيان ، وإقامة الخطبة للسلطان ملك شاه وحده ، وإسقاط اسم ابن مروان من الخطبة ، فأجابهم إلى ذلك ، وبلغ ذلك ابن مروان ، فحشد له ونزل على ميّافارقين محاصرا فأعجزه أمرها ، فأنفذ إلى نظام الملك والسلطان يستمدّهما ، فأنفذا إليه جيشا ومددا مع الغسّاني الشاعر المذكور آنفا ، وكان قد تقدّم عند نظام الملك والسلطان ، وصار من أعيان الدولة ، وصدقوا في الزحف على المدينة حتى أخذوها عنوة ، وقبض على ابن أسد ، وجيء به إلى ابن مروان فأمر بقتله ، فقام الغسّاني وشدّد العناية في الشفاعة فيه ، فامتنع ابن مروان امتناعا شديدا من قبول شفاعته وقال : إن ذنبه وما أعتمده من شق العصا يوجب أن يعاقب عقوبة من عصى ، وليس عقوبة غير القتل. فقال : بيني وبين هذا الرجل ما يوجب قبول شفاعتي فيه ، وأنا أتكفل به ألّا يجري منه بعد شيء يكره. فاستحيى منه وأطلقه له ، فاجتمع به الغسّاني وقال له : أتعرفني؟ قال : لا والله ، ولكنني أعرف أنك ملك من السماء ، منّ الله بك عليّ لبقاء مهجتي. فقال له : أنا الّذي ادّعيت قصيدتك وسترت عليّ ، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. فقال ابن أسد : ما رأيت ولا سمعت بقصيدة جحدت فنفعت صاحبها أكثر من نفعها إذا ادّعاها غير هذه. فجزاك الله عن مروءتك خيرا ، وانصرف الغسّانيّ من حيث جاء.

وأقام ابن أسد مدّة ساءت حاله ، وجفاه إخوانه ، وعاداه أعوانه ، ولم يقدم أحد على مقاربته ولا مراقدته ، حتى أضرّ به العيش ، فعمل قصيدة مدح بها ابن مروان ، وتوصّل حتى وصلت إليه ، فلما وقف ابن مروان عليها غضب وقال : ما يكفيه أن يخلص منّا رأسا برأس ، حتى يريد منا الرفد والمعيشة ، لقد أذكرني بنفسه ، فاذهبوا به فاصلبوه ، فذهبوا به فصلبوه. (معجم الأدباء ٨ / ٥٧ ـ ٦١).

(١) في معجم الأدباء ، وإنباه الرواة : «مثلي».

٢٠٥

فاللّون لوني ، والدّمع كأدمعي (١)

والقلب قلبي ، والسّهاد سهادي

لا فرق فيما بيننا لو لم يكن

لهبي خفيّا وهو منها بادي (٢)

٢١٩ ـ الحسن بن عبد الملك بن الحسين بن عليّ بن موسى بن إسرائيل (٣).

الحافظ أبو عليّ النسفيّ.

سمع الكثير من : أبي العباس المستغفريّ.

وحدّث ببخارى وسمرقند. ومات بنسف في ثاني وعشرين جمادى الآخرة وله ثلاث وثمانون سنة.

روى عنه خلق بما وراء النّهر ، وكان أبوه القاضي أبو الفوارس مفتي نسف.

روى أبو عليّ أيضا عن : معتمر بن محمد المكحوليّ ، وأبي نعيم الحسين بن محمد ، وخلق لا أعرفهم.

روى عنه : عثمان بن عليّ البيكنديّ ، وأبو ثابت الحسين بن عليّ البزدويّ (٤) ، وأبو المعالي محمد بن نصر ، وعدّة.

وشيخه أبو نعيم سمع من خلف الخيّام.

__________________

(١) في معجم الأدباء : «والدموع كأدمعي» ، وفي إنباه الرواة : «والدموع مدامعي».

(٢) الأبيات في : معجم الأدباء ٨ / ٦٤ ، ٦٥ ، وإنباه الرواة ١ / ٢٩٥ ومن شعره :

يا من هواه بقلبي

مقداره ما يحدّ

طرفي جنى ، ففؤادي

لأيّ شيء يحدّ؟

(تكملة إكمال الإكمال ١٩٩) وانظر بعض شعره في : الخريدة ، ومعجم الأدباء ، وإنباه الرواة ، وعقود الجمان ، وفوات الوفيات ، والوافي بالوفيات ، وغيره.

(٣) انظر عن (الحسن بن عبد الملك) في : سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٤٣ ، ١٤٤ رقم ٧٣ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨١.

(٤) في الأصل : «البردوي» بالراء المهملة. والصحيح ما أثبتناه.

٢٠٦

ـ حرف السين ـ

٢٢٠ ـ ساتكين بن أرسلان (١).

أبو منصور التّركيّ المالكيّ النّحويّ.

له مقدّمة نحو.

توفّي بالقدس في آخر السّنة.

٢٢١ ـ سعد الله بن صاعد الرّحبيّ الخلّال (٢).

من كبار الدّمشقيّين ، له حمّام القصر والدّار الّتي بقربة (٣) الّتي عملها السّلطان نور الدين مدرسة ، وتعرف بالعماديّة.

سمع من : المسدّد الأملوكيّ (٤) ، ومحمد بن عوف المزنيّ.

روى عنه : ابن أخته هبة الله بن المسلم (٥).

حدّث في هذه السّنة. ولم يؤرّخ موته (٦).

ـ حرف العين ـ

٢٢٢ ـ عبد الله بن حيّان بن فرحون (٧).

أبو محمد الأنصاريّ الإشبيليّ.

سكن بلنسية ، وحدّث عن : أبي عمر بن عبد البرّ ، وعثمان بن أبي بكر السّفاقسيّ ، وأبي القاسم الإفليليّ.

__________________

(١) انظر عن (ساتكين بن أرسلان) في : إنباه الرواة ٢ / ٦٩ رقم ٢٩٠ ، والوافي بالوفيات ١٥ / ٧٥ رقم ٩٦ ، وبغية الوعاة ١ / ٥٧٥ رقم ١٢٠١ وفيه «ساتلين» وهو تحريف ، وتهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٤٢.

(٢) انظر عن (سعد الله بن صاعد) في : مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٩ / ٢٣٠ رقم ١٠٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٨٢ واسمه فيهما : «سعد الله بن صاعد بن المرجّى بن الحسين ، أبو المرجّى بن الخلّال الرحبيّ».

(٣) بقصر الثقفيين داخل باب الفرج.

(٤) الأملوكي : بضم الألف ، وسكون الميم.

(٥) وكانت روايته في سنة ٤٨٧ ه‍.

(٦) وكان سمع بدمشق سنة ٤٢٦ ه‍.

(٧) انظر عن (عبد الله بن حيّان) في : الصلة لابن بشكوال ١ / ٢٨٨ رقم ٦٣٤.

٢٠٧

وكان ذا همّة في اقتناء الكتب ، جمع منها شيئا عظيما.

وتوفّي في شوّال.

٢٢٣ ـ عبد الله بن عبد العزيز بن محمد (١).

أبو عبيد البكريّ.

نزل قرطبة ، وحدّث عن : أبي مروان بن حيّان ، وأبي بكر المصحفيّ.

وأجاز له [ابن] عبد البرّ (٢). وكان إماما ، لغويّا ، إخباريا ، متقنا ، علّامة.

صنّف كتابا في أعلام النّبوّة.

روى عنه : محمد بن عمر المالقيّ ، وأبو بكر بن عبد العزيز اللّخميّ.

وصنّف كتاب «اللّالي في شرح نوادر أبي عليّ القالي» ، وكتاب «المقال في شرح كتاب الأمثال» لأبي عبيد ، وكتاب «اشتقاق الأسماء» ، وكتاب «معجم ما استعجم من البلاد والمواضع» ، وكتاب «النّبات» ، وغير ذلك.

توفّي في شوّال. وكان من أوعية العلم وبحور الأدب (٣).

__________________

(١) انظر عن (عبد الله بن العزيز) في : قلائد العقيان للفتح بن خاقان ١٨٩ ـ ١٩١ ، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ق ٢ مجلّد ١ / ٢٣٢ ـ ٢٣٨ ، والصلة لابن بشكوال ١ / ٢٨٧ رقم ٦٣٣ ، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ج ١٢ / الورقة ١٥٨ ، (قسم شعراء المغرب) ٣ / ٤٧٥ ، ٤٧٦ رقم ١٢٨ ، وبغية الملتمس ٤٣٦ رقم ٩٣٠ ، والحلّة السيراء ٢ / ١٨٠ ـ ١٨٧ رقم ١٣٩ ، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة ٤٩٦ و ٥٠٠ ، والمغرب في حلي المغرب ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ رقم ٢٤٩ ، والبيان المغرب ٣ / ٢٤٠ ، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري (مخطوط) ج ١١ / ورقة ٤٢٢ ، ونهاية الأرب ٥ / ١٤٥ ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٢٩٠ ـ ٢٩٢ رقم ٢٤١ ، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة ٣٣٦ ، وبغية الوعاة ٢ / ٤٩ رقم ١٤٠٠ وكشف الظنون ١٦٧ ، ١٠٥٠ ، ١٩٨٠ ، وإيضاح المكنون ١ / ٥٤٠ و ٢ / ٣٩٦ ، وديوان الإسلام لابن الغزي ١ / ٢٩٠ رقم ٤٤٩ ، وهدية العارفين ١ / ٤٥٣ ، وروضات الجنات ٨ / ٣٠٥ ، وتاريخ الفكر الأندلسي ٣٠٩ ـ ٣١١ ، والجغرافية والجغرافيين لحسين مؤنس ١٠٧ ـ ١٤٨ ، ودائرة المعارف الإسلامية ٤ / ٤٨ ـ ٥٠ ، وكنوز الأجداد لمحمد كردعلي ٢٦٤ ـ ٢٦٨ ، ومعجم المؤلفين ٦ / ٧٥ ، وانظر مقدّمة كتابه «معجم ما استعجم» لمصطفى السّقّاء.

(٢) الصلة ١ / ٢٨٧.

(٣) قال ابن بشكوال : وكان من أهل اللغة والآداب الواسعة والمعرفة بمعاني الأشعار والغريب والأنساب والأخبار متقنا لما قيّده ، ضابطا لما كتبه ، جميل الكتب متهمّما بها ، كان يمسكها في سباني في الشرب وغيرها إكراما لها وصيانة. وجمع كتابا في أعلام نبوّة نبيّنا عليه‌السلام.

أخذه الناس عنه إلى غير ذلك من تواليفه. (الصلة ١ / ٢٨٧).

٢٠٨

فأمّا :٢٢٤ ـ البكريّ صاحب القصص ، فهو أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد البكريّ (١).

كان أيضا في هذا الزّمان أو قبله. وإليه المنتهى في الكذب والاختلاق ، ومن طالع تواليفه جزم بذلك (٢).

٢٢٥ ـ عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد بن بكر البغاورديّ (٣).

__________________

= وكان البكري أميرا بساحل كورة لبلة ، وصاحب جزيرة شلطيش ، بلد صغيرة من قرى إشبيلية.

وكان متقدّما من مشيخة أولي البيوت وأرباب النعم بالأندلس ، فغلبه ابن عبّاد على بلده وسلطانه ، فلاذ بقرطبة ، ثم صار إلى محمد بن معن صاحب المريّة ، فاصطفاه لصحبته وآثر مجالسته والأنس به ، ووسّع راتبه. وكان ملوك الأندلس تتهادى مصنّفاته.

ومن شعره :

وما زال هذا الدهر يلحن في الورى

فيرفع مجرورا ويخفض مبتدا

ومن لم يحط بالناس علما فإنني

بلوتهم شتّى مسودا وسيّدا

وكان معاقرا للراح لا يصحو من خمارها يدمنها أبدا ، فلما دخل رمضان قال يخاطب نديمين له :

خليليّ إنّي قد طربت إلى الكاس

وتقت إلى شمّ البنفسج والآس

فقوما بنا نلهو ونستمع الغنا

ونسرق هذا اليوم سرّا من الناس

فإن نطقوا كنّا نصارى ترهّبوا

وإن غفلوا عدنا إليهم من الرأس

وليس علينا في التعلّل ساعة

وإن رتعت في عقب شعبان من باس

(الوافي بالوفيات ١٧ / ٢٩١) وانظر : المغرب في حلي المغرب ١ / ٣٤٨ ، والحلّة السيراء ٢ / ١٨٧.

(١) انظر عن (أحمد بن عبد الله) في : المغني في الضعفاء ١ / ٤٥ رقم ٣٣٨ ، وميزان الاعتدال ١ / ١١٢ رقم ٤٤٠ ، ولسان الميزان ١ / ٢٠٢ رقم ٦٣٩.

(٢) قال المؤلّف الذهبي ـ رحمه‌الله ـ في (ميزان الاعتدال ١ / ١١٢) :

«ذاك الكذّاب الدجّال واضع القصص التي لم تكن قطّ ، فما أجهله وأقلّ حياه. وما روى حرفا من العلم بسند ويقرأ له في سوق الكتبيين كتاب «ضياء الأنوار» و «رأس الغول» و «شرّ الدهر» ، وكتاب «كلندجة» ، «حصن الدولاب» ، وكتاب «الحصون السبعة» ، وصاحبها هضام بن الحجاف ، وحروب الإمام عليّ معه ، وغير ذلك».

زاد ابن حجر :«ومن مشاهير كتبه «الذروة في السيرة النبويّة» ما ساق غزوة منها على وجهها بل كل ما يذكره لا يخلو من بطلان إمّا أصلا وإمّا زيادة» (لسان الميزان ١ / ٢٠٢).

(٣) انظر عن (عبد الله بن عطاء) في : الأنساب ٣ / ٢١٤ ، ٢١٥ (بالحاشية) ، والتقييد لابن نقطة ٣٢٤ رقم ٣٨٨ وفيه : «البغاورداني».

٢٠٩

حدّث ب «التّرمذيّ» ، عن عبد الجبّار الجرّاحيّ.

رواه عنه : أبو نصر اليونارتيّ (١) ، وأبو النّضر الفاميّ ، وجماعة.

قال الكتبيّ : توفّي في رمضان.

وقال السّمعانيّ : هو أبو المظفّر عبد الله بن ظفر. كذا سمّاه (٢).

٢٢٦ ـ عبد الله (٣).

أبو القاسم أمير المؤمنين المقتدي بأمر الله ابن الأمير ذخيرة الدّين أبي العبّاس محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر بن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ.

__________________

(١) اليونارتي : بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح النون وسكون الراء ، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى يونارت ، وهي قرية إلى باب أصبهان. (الأنساب ١٢ / ٤٣٣ ، ٤٣٤).

(٢) وقال المؤتمن الساجي : أبو المظفّر عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد محمد بن بكر بن مسعود بن عبد الصمد بن مسعود بن أبي بكر البغاورداني ، ومن طريقه وطريق البغوي ـ يعني أبا سعيد دون الآخرين ـ وقع لنا سماع التراجم والأبواب من غير شك ، قال عبد الغافر : رأيته مبيّنا في نسخة المؤتمن بن أحمد الساجي. (المنتخب ٣٢٤).

(٣) انظر عن (المقتدي بالله) في : المنتظم ٩ / ٨٤ رقم ١٢٤ (١٧ / ١٤ رقم ٣٦٤٥) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٥٧ (وتحقيق سويم) ٢٣ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ٢٠٥ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٢٥ ، ١٢٦ ، وتاريخ الفارقيّ ٢٦٥ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٩٤ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ٢٢٩ ـ ٢٣١ ، وزبدة التواريخ للحسيني ١٥٧ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، وتاريخ مختصر الدول له ١٩٥ ، والتاريخ الباهر ١٣ ، والروضتين ١ / ٦٦ ، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة ٨٧) ، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) ج ١ / ١٨ ، ٢٤ ـ ٢٦ ، ٨٧ ـ ٩٠ ، ١٢٣ ، ١٣٢ ، ١٣٥ ، ١٤٠ ، ١٨٥ ، و ٢ / ٨٣ ، ١٢٤ ، والفخري ٢٩٦ ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني ٢١٢ ، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي ٢٦٩ ، ونهاية الأرب ٢٣ / ٢٥٢ و ٢٦ / ٣٣٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤ ، والعبر ٣ / ٣١٤ ، ٣١٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٣١٨ ـ ٣٢٤ رقم ١٤٧ وفيه (عبد الله) ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٠ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٥٦٨ ، ٥٦٩ ، و ٢ / ١٣ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢١٩ ، ٢٢٠ رقم ٢٣١ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٤٦ ، والدرّة المضيّة ٤٤٠ ، وشرح رقم الحلل ١٠٨ ، ١١٩ ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٤٦٧ ، ٤٦٩ رقم ٣٨٩ ، وشفاء الغرام ١ / ٣٩٠ ، ٤٣٨ ، ٥٢٩ و ٢ / ٣١٢ ، ٣٦٣ ، والجوهر الثمين ١٨٧ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٠٢ ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٠ و ٥ / ١٥ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١٣٩ ، ١٤٠ ، وتاريخ الخلفاء ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨٠ ، ٣٨١ ، وأخبار الدول (الطبعة الجديدة) ٢ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة ٤ ، ومجلة المجمع العلمي العربيّ بدمشق ٢٠ / ١٩٠.

٢١٠

بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستّين ، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر (١). وتوفّي أبوه الذّخيرة والمقتدي حمل ، وأمّه أمة اسمها أرجوان (٢).

ظهرت في أيّامه خيرات كثيرة ، وآثار حسنة في البلدان.

وتوفّي في ثامن عشر المحرّم ، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأة.

وكان قد ثامن عشر المحرّم ، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأة.

وكان قد أحضر إليه تقليد السّلطان بركياروق ليعلّم عليه ، فقرأه وعلّم عليه ، ثمّ تغدّى وغسل يديه ، وعنده فتاته شمس النّهار ، فقال لها : ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذن؟.

قالت : فالتفتّ ، فلم أر شيئا ، ورأيته قد تغيّر حاله ، واسترخت يداه وسقط. فظننت أنّه غشي عليه. ثمّ تقدّمت إليه ، فرأيت عليه دلائل الموت ، فقلت لجارية عندي : ليس هذا وقت النّعي ، فأن صحت قتلتك. وأحضرت الوزير ، فأخبرته ، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر بالله أحمد (٣).

وعاشت أمّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد بالله (٤).

وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة ، وافرة الحرمة. بخلاف من تقدّمه.

ومن محاسنه أنّه أمر بنفي المغنّيات والخواطي (٥) من بغداد ، وأن لا يدخل أحد الحمّام إلّا بمئزر. وضرب أبراج الحمام صيانة لحرم النّاس.

وكان ديّنا خيّرا ، قويّ النّفس ، عالي الهمّة (٦) ، من نجباء بني العبّاس.

__________________

(١) المنتظم ٨ / ٢٩٠ ، الكامل ١٠ / ٩٤ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٢٠٥ ، وفي الخريدة ١ / ٢٥ مدّة خلافته تسع عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام.

(٢) في الإنباء في تاريخ الخلفاء «الأرجوانية». (٢٠١) ، والمثبت هو الصحيح. وينسب إليها الرباط الأرجواني بدرب زاخا ببغداد ، وهو شارع المتنبي الحالي. وقال ابن النجار إن اسم أمّه «علم». (سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٣).

(٣) انظر : تاريخ الزمان لابن العبري ١٢١ ، والخبر في : سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٣.

(٤) المنتظم ٨ / ٢٩١ ، ٢٩٢ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٣٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٤.

(٥) في العبر ٣ / ٣١٦ : «الحواظي» وهو تحريف.

(٦) المنتظم ٨ / ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، الكامل ١٠ / ٢٣١ ، وقال ابن العمراني : كان المقتدي بأمر الله شهما شجاعا ذا بصيرة وجدّ ، وكان يرجع إلى فضل وافر وعقل كامل. (الإنباء ٢٠١).

٢١١

وقيل إنّ جاريته سمّته.

وقد كان السّلطان ملك شاه صمّم على إخراجه من بغداد ، فحار في نفسه ، وعجز ، وأقبل على الابتهال إلى الله ، فكفاه الله كيد ملك شاه ومات (١).

٢٢٧ ـ عبد الله بن فرح بن غزلون (٢).

أبو محمد اليحصبيّ الطّليطليّ ابن العسّال.

روى عن : مكّيّ بن أبي طالب ، وأبي عمرو الدّانيّ ، وابن أرفع رأسه ، وابن شقّ اللّيل ، وطائفة.

وكان متقنا فصيحا مفوّها ، حافظا للحديث ، خبيرا بالنّحو واللّغة والتّفسير.

وكان شاعرا مفلقا ، وله مجلس حفل (٣).

__________________

= وقال ابن النجار : وكان محبّا للعلوم ، مكرما لأهلها ، لم يزل في دولة قاهرة ، وصولة باهرة ، وكان غزير الفضل ، كامل العقل ، بليغ النثر ، فمنه :

وعد الكرماء ألزم من ديون الغرماء.

الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه الصبيحة ، والضمائر الصحيحة أبلغ من الألسن الفصيحة.

حق الرعية لازم للرعاة.

ويقبح بالولاة الإقبال على السّعاة.

ومن نظمه :

أردت صفاء العيش مع من أحبّه

فحاولني عمّا أروم مريد

وما اخترت بتّ الشمل بعد اجتماعه

ولكنّه مهما يريد أريد

(سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢٤ ، فوات الوفيات ٢ / ٢٢٠).

والبيتان أوردهما ابن السمعاني ، ونقلهما العماد في الخريدة ١ / ٢٥ ، ٢٦ ومن شعره أيضا :

أما والّذي لو شاء غيّر ما بنا

فأهوى بقوم في الثّريّا إلى الثرى

وبدّلنا من ظلمة الجور بعد ما

دجا ليلها صبحا من العدل مسفرا

لئن نظرت عيني إلى وجه غيره

فلا صافحت أجفانها لذّة الكرى

وإن تسع رجلي نحو غيرك ، أو سعت

فلا أمنت من أن تزلّ وتعثرا

فو الله إني ذلك المخلص الّذي

عزيز على الأيام أن يتغيّرا

(خريدة القصر ١ / ٢٦).

(١) المنتظم ٨ / ٢٩٢ ، الفخري ٢٩٦.

(٢) انظر عن (عبد الله بن فرح) في : الصلة لابن بشكوال ١ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ رقم ٦٢٩ وقد تحرّف فيه إلى : «عبد الله بن فرج» بالجيم ، ثم صحّح في أثناء الترجمة إلى «فرح» بالحاء المهملة.

(٣) عبارة ابن بشكوال : كان متفنّنا فصيحا لسنا ، وكان الأغلب عليه حفظ الحديث والأنحاء واللغة والآداب. وكان عارفا بالتفسير ، شاعرا مفلقا ، وكان سنيا ، وكان له مجلس حفيل ، يقرأ عليه فيه التفسير. وكان يتكلّم عليه ، وينصّ من حفظه أحاديث كثيرة. وكان منقبضا ، متصاونا يلزم بيته.=

٢١٢

روى عنه جماعة من مشيخة ابن بشكوال.

مات في عشر التّسعين.

٢٢٨ ـ عبد الله بن أبي طاهر محمد بن محمد بن حسين (١).

أبو محمد الجوينيّ (٢) البغداديّ.

سمع : أحمد بن عبد الله بن المحامليّ ، وأبا القاسم بن بشران.

وعنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ.

قال عبد الوهّاب الأنماطيّ : كان رحمه‌الله ثقة ، وله خلق ميشوم.

٢٢٩ ـ عبد الرحمن بن أحمد بن محمد (٣).

أبو القاسم الواحديّ.

سمع : ابن محمش ، ويحيى بن إبراهيم المزكّي ، وغيرهما.

وعنه : زاهر الشّحّاميّ.

وهو أخو المفسّر أبي الحسن الواحديّ (٤).

وممّن روى عنه : إسماعيل بن محمد الحافظ ، وعبد الخالق ، وعبد الله بن الفراويّ ، وعدّة.

وكان ثقة. أملى زمانا (٥).

٢٣٠ ـ عبد السّيّد بن عتّاب (٦).

__________________

= ذكره ابن مطاهر.

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) الجوينيّ : بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى جوين وهي إلى ناحية كثيرة مشتملة على قرى مجتمعة يقال لها كويان فعرّب وجعل جوين.

وهذه الناحية متصلة بحدود بيهق ، ولها قرى متصلة بعضها ببعض ، ولا يرى فيها خمسة فراسخ خراب أو بادية من عمارتها ، وقرب كل قرية من الأخرى. (الأنساب ٣ / ٣٨٥).

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في : المنتخب من السياق ٣١٤ رقم ١٠٣٠.

(٤) وأبو الحسن علي المفسّر أكبر من المترجم هنا ، وأصلهم من نيسابور. وهم من أولاد التجار.

(٥) قال عبد الغافر : مستور ، صالح .. عقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي قبل الصلاة يوم الجمعة ، وأملى سنين ، وقرئ عليه أكثر مسموعاته.

(٦) انظر عن (عبد السيد بن عتّاب) في : معرفة القراء الكبار ١ / ٤٤٠ ، ٤٤١ رقم ٣٧٧ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦١٩ رقم ٥٠٦٨ ، ونكت الهميان ١٩٢ ، وغاية النهاية ١ / ٣٨٧ رقم ١٦٥٢ أ ، ولسان الميزان ٤ / ١٩ رقم ٥٠.

٢١٣

أبو القاسم البغداديّ الضّرير المقرئ المجوّد.

توفّي في نصف ذي القعدة.

قرأ القراءات على أبي الحسن عليّ بن أحمد بن عمر الحمّاميّ شيخ العراق ، وعلى : أبي العلاء محمد بن عليّ الواسطيّ ، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبيّ ، وأبي بكر محمد بن عليّ بن زلال المطرّز ، والحسين بن أحمد الحربيّ الزّاهد ، وأبي بكر محمد بن عبد الله بن المرزبان الأصبهانيّ صاحب ابن فورك القبّاب ، والحسن بن الفضل الشّرمقانيّ (١) والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار ، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأصبهانيّ الأشعريّ المعروف بابن اللّبّان قاضي إيذج (٢) ، والحسن بن عليّ بن الصّقر الكاتب صاحب زيد بن أبي بلال الكوفيّ ، وعليّ بن أحمد بن داود الرّزّاز ، عن قراءته على أبي بكر بن مقسم.

قرأ عليه : أبو منصور بن خيرون ، وأبو عليّ بن سكّرة الصّدفيّ ، وأبو الكرم المبارك بن الشّهرزوريّ ، وجماعة.

وكان من كبار المقرءين في زمانه (٣).

عاش نيّفا وسبعين سنة أو نحوها.

٢٣١ ـ عطاء بن عبد الله بن سيف (٤).

أبو طاهر الدّارميّ الهرويّ القرّاب.

توفّي في شوّال عن ثلاث وثمانين سنة.

سمع من أصحاب حامد الرّفّاء.

٢٣٢ ـ عليّ بن أبي الغنائم عبد الصّمد بن عليّ بن محمد بن الحسن بن

__________________

(١) الشّرمقاني : بفتح الشين المعجمة ، وسكون الراء ، وفتح الميم والقاف ، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من أسفراين بنواحي نيسابور ، يقال لها «جرمغان» بالجيم ، وقد كانت من أعمال نسا ، (الأنساب ٧ / ٣٢٣).

(٢) إيذج : الذال معجمة مفتوحة ، وجيم ، كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان ، وهي أجلّ مدن هذه الكورة. (معجم البلدان ١ / ٢٨٨).

(٣) وقال شجاع الذهلي : لم يكن ممن يعتمد على قوله. (ميزان الاعتدال ، لسان الميزان).

(٤) لم أجد مصدر ترجمته.

٢١٤

الفضل بن المأمون (١).

أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ.

سمع : أبا عليّ بن شاذان ، وغيره.

وكان المقدّم بعد أبيه في الموكب. وكبر حتّى انقطع عن الخروج.

وكان سالكا نهج أبيه في إيثار الخمول ، وسلوك الطّريقة المثلى ، والتّفرّد والعزلة عن الخلق.

روى عنه : إسماعيل بن السّمرقنديّ.

وتوفّي في المحرّم ، ودفن بقصر بني المأمون.

٢٣٣ ـ عليّ بن محمد بن عليّ بن أحمد بن أبي العلاء (٢) أبو القاسم المصّيصيّ (٣) الأصل ، الدّمشقيّ ، الفقيه الشّافعيّ ، الفرضيّ.

ولد في رجب سنة أربعمائة.

وسمع : محمد بن عبد الرحمن القطّان ، وأبا محمد بن أبي نصر ، وعبد الوهّاب بن جعفر الميدانيّ ، وأبا نصر بن هارون ، وعبد الوهّاب المرّيّ ، وطائفة بدمشق ، وأبا الحسن بن الحمّاميّ ، وأبا عليّ بن شاذان ، وأحمد بن عليّ الباداء ،

__________________

(١) لم أجد مصدر ترجمته.

(٢) انظر عن (علي بن محمد) في : حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) ٣٩ ، ٩٣ ، ١١٠ ، ١١٩ ، ١٢١ ، ١٥١ ، ١٦٣ ، ١٦٥ ، ١٧٣ ، والأنساب ١١ / ٣٥١ ، ٣٥٢ ، والتحبير في المعجم الكبير ١ / ٢٢٨ ، ٢٥٣ ، ٢٦٤ و ٢ / ٢٥٠ ، ٣٨٤ ، ومعجم البلدان ٥ / ١٤٥ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ١٦٤ ، ١٦٥ رقم ٩٠ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٠ ، وسير أعلام النبلاء ١٩ / ١٢ ـ ١٥ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٤٢ رقم ١٥٤٩ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ٣ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ٤١٢ ، ٤١٣ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٠٤ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨١ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٢٢٠.

(٣) المصّيصي : قال ابن السمعاني بكسر الميم ، وقال ياقوت بفتحها. والصاد بالتشديد. أما الأديب أبو تراب علي بن طاهر الكرميني فقال : المصيصي بفتح الميم من غير تشديد. وقال نصر الله بن محمد بن عبد القوي : المصيصي بالكسر والتشديد. وقال الحسن بن محمد المالقي الأندلسي : دخلت هذه البلدة وسمعت أهلها يقولون بالفتح والتخفيف والكسر والتشديد. وقال أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ : هذه البلدة لا تعرف إلّا بالتشديد وكسر الميم ، وهكذا رأيناه في غير موضع بخط أبي بكر الخطيب الحافظ. وأبو علي المالقي لما دخلها كان قد استولى الفرنج عليها ولم يبق فيها أحد من المسلمين ، فعن من سأل ومن ذكر له هذا؟ فالأكثرون على الكسر والتشديد. (الأنساب ١١ / ٣٥١ ، ٣٥٢).

٢١٥

وهبة الله اللّالكائيّ ، وطلحة الكتّانيّ ، وجماعة ببغداد ، وأبا نصر بن البقّال بعكبرا ، ومحمدا وأحمد ابني الحسين بن سهل بن خليفة ببلد ، وأبا عبد الله بن نظيف ، وأبا النّعمان تراب بن عمر ، وجماعة بمصر.

روى عنه : أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه ، والفقيه نصر المقدسيّ ، والخضر بن عبدان ، وأبو الحسن جمال الإسلام ، وهبة الله بن الأكفانيّ ، وأبو القاسم بن مقاتل السّوسيّ ، وأخوه عليّ ، وأبو العشائر محمد بن خليل الكرديّ ، وأبو يعلى حمزة بن الحبوبيّ ، وأبو القاسم الحسين بن البنّ الأسديّ ، وهبة الله بن طاوس ، وأبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق ، وآخرون.

وذكر محمد بن عليّ بن قبيس أنّه ولد بمصر.

وقال ابن عساكر : كان فقيها فرضيّا (١) ، من أصحاب القاضي أبي الطّيّب.

وتوفّي بدمشق في حادي عشر جمادى الآخرة. ودفن بمقبرة باب الفراديس (٢). قلت : كريمة آخر من روى حديثه بعلوّ (٣).

٢٣٤ ـ عليّ بن هبة الله بن عليّ بن جعفر بن عليّ بن محمد بن دلف بن الأمير أبي دلف القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل العجليّ (٤).

__________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٨ / ١٦٥.

(٢) حكى البهجة بن أبي عقيل ، عن ابن أبي العلاء أنه كان بيده دفتر حساب يحاسب رجلا ، ثم نظر إلى فوق ، وقال : ما هذا الوجه؟ هذا صورة شخص قد تمثّل لي. ثم رمى الدفتر ، وأغمي عليه ، ومات. (سير أعلام النبلاء ٩ / ١٣).

(٣) قرأ المصّيصي الجزء الثالث من فضائل الصحابة لخيثمة بن سليمان الأطرابلسي على عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي في جمادى الآخرة سنة ٤١٥ ه‍. والجزء السادس من فضائل أبي بكر الصدّيق ، والجزء العاشر من الرقائق والحكايات. (حديث خيثمة الأطرابلسي ٣٩).

ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عن عبد السلام تدمري» :

لقد نشرت هذه الأجزاء كلّها مع فوائد خيثمة في كتاب بعنوان «من حديث خيثمة بن سليمان الأطرابلسي» ، ثم صدر بعنوان «فضائل الصحابة من أحاديث خيثمة الأطرابلسي» عن دار الكتاب العربيّ ، بيروت ١٤٠٠ ه‍ / ١٩٨٠ م.

(٤) انظر عن (علي بن هبة الله) في : تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج ١٢ / ورقة ٢٨٠ أ ـ ٢٨١ أ ، و (مخطوطة التيمورية) ١٨ / ورقة ٦١٧ ، و (تراجم : عاصم ـ عائذ) ص ١٠٣ (في ترجمة «عالي بن عثمان بن جني») ، والمنتظم ٩ / ٣ رقم ٣ (١٦ / ٢٢٦ رقم ٣٥٢٥) ، ومعجم=

٢١٦

وعجل بطن من بكر بن وائل من أمة ربيعة أخي مضر ابني نزار بن معدّ بن عدنان.

وقد استوفى السّمعانيّ نسبه إلى عدنان.

وقال بعضهم فيه : عليّ بن هبة الله بن عليّ بن جعفر بن علّكان ، بدل عليّ.

أصلهم من جرباذقان (١). بلد بين همذان وأصبهان ، وداره ببغداد ، يلقّب بالأمير أبي نصر.

وقال شيرويه في «طبقاته» : يعرف بالوزير سعد الملك ابن ماكولا. قدم رسولا مرارا ، أوّلها سنة تسع وستّين.

روى عن : أبي طالب بن غيلان ، وعبد الصّمد بن محمد بن مكرم ، وعبيد الله بن عمر بن شاهين ، وأبي بكر محمد بن عبد الملك بن بشران ،

__________________

= الأدباء ١٥ / ١٠٢ ـ ١١١ ، والأنساب ٥١٥ ب ، والتحبير ٢ / ٢١٥ ، والكامل في التاريخ ١٠ / ١٢٨ ، واللباب ٣ / ١٨٢ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٨ / ١٨٤ رقم ١٢١ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٩٤ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٦٩ ـ ٥٧٨ رقم ٢٩٨ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ١٤٠ رقم ١٥٣٤ ، وتذكرة الحفاظ ٣ / ١٢٠١ ، والعبر ٣ / ٣١٧ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٣٨١ ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، ومرآة الجنان ٣ / ١٤٣ ، ١٤٤ ، وفوات الوفيات ٣ / ١١٠ ـ ١١٢ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٣ ، ١٢٤ ، و ١٤٥ ، ١٤٦ ، والوافي بالوفيات ٢٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨٢ رقم ٢٠٨ ، وعقود الجمان للزركشي ٢٣٤ أ ، وطبقات ابن قاضي شهبة (في وفيات سنة ٤٧٥ ه‍) ، والنجوم الزاهرة ٥ / ١١٥ ، ١١٦ ، وطبقات الحفاظ ٤٤٤ ، وكشف الظنون ١٦٣٧ ، ١٧٥٨ ، وشذرات الذهب ٣ / ٣٨١ ، ٣٨٢ ، وهدية العارفين ١ / ٦٩٣ ، وديوان الإسلام ٤ / ٢٧٤ ، ٢٧٥ رقم ٢٠٣٥ ، والرسالة المستطرفة ١١٦ ، وتاريخ الأدب العربيّ ٦ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، وتاريخ آداب اللغة العربية ٣ / ٦٩ ، والأعلام ٥ / ٣٠ ، ومعجم المؤلفين ٧ / ٢٥٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٧ / ١٣٤ ، وكتابنا : الحياة الثقافية في طرابلس الشام ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، وكتابنا : موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧ رقم ١١٢٧ ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين ١٣٣ رقم ٦٩٨.

وانظر مقدّمة كتابه : «الإكمال» ، ومقدّمة كتابه : «تهذيب مستمر الأوهام».

(١) جرباذقان : بالفتح ، والعجم يقولون : كرباذقان. بلدة قريبة من همذان بينها وبين الكرج وأصبهان ، كبيرة ومشهورة. وجرباذقان أيضا : بلدة بين أستراباذ وجرجان من نواحي طبرستان. (معجم البلدان).

٢١٧

وبشر بن الفاتنيّ ، وأبي الطّيّب الطّبريّ.

سمعت منه ، وكان حافظا متقنا. أحد من عني بهذا الشّأن. ولم يكن في زمانه بعد أبي بكر الخطيب أحد أفضل منه ، وحضر مجلسه الكبار من شيوخنا ، وسمعوا منه ، وسمع منهم.

وقال : ولدت بعكبرا في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.

وقال ابن عساكر : (١) وزر أبوه للخليفة القائم ، وولي عمّه قضاء القضاة ، وهو الحسين بن عليّ.

قال : وسمع ابن غيلان ، والعتيقيّ ، وأبا منصور محمد بن محمد السّوّاق ، وأبا القاسم الحنّائيّ ، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصريّ ، وخلقا.

روى عنه : الخطيب شيخه ، والفقيه نصر المقدسيّ ، وعمر الدّهستانيّ.

وولد بعكبرا سنة إحدى وعشرين في شعبان.

قال أبو عبد الله الحميديّ : ما راجعت الخطيب في شيء إلّا وأحالني على الكتاب ، وقال : حتّى أبصره. وما راجعت أبا نصر بن ماكولا في شيء إلّا وأجابني حفظا ، كأنّه يقرأ من كتاب (٢).

وقال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزّعفرانيّ : لمّا بلغ أبا بكر الخطيب أنّ ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه «المؤتنف» ، وصنّف في ذاك تصنيفا ، وحضر عنده ابن ماكولا ، سأله الخطيب عن ذلك ، فأنكر ولم يقرّ به وأصرّ على الإنكار ، وقال : هذا لم يخطر ببالي.

وقيل : إنّ التّصنيف كان في كمّه. فلمّا مات الخطيب أظهره ابن ماكولا.

وهو الكتاب الّذي سمّاه «مستمرّ الأوهام» (٣).

قلت : لي نسخة به ، وهو كتاب نفيس ، يدلّ على تبحّر مصنّفه وإمامته.

__________________

(١) في تاريخ دمشق ١٨ / ٦١٧.

(٢) معجم الأدباء ١٥ / ١٠ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٣ ، ١٢٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٤ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٠٢.

(٣) معجم الأدباء ١٥ / ١٠٣ ، ١٠٤ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١١٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٤ ، وقد نشر هذا الكتاب باسم «تهذيب مستمر الأوهام على ذوي المعرفة وأولي الأفهام» وحقّقه سيّد كسروي حسن ، وصدر عن دار الكتب العلمية ببيروت ١٤١٠ ه‍ / ١٩٩٠ م.

٢١٨

قال ابن طاهر : سمعت أبا إسحاق الحبّال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويثني عليه ، ويقول : دخل مصر في زيّ الكتبة ، فلم نرفع به رأسا ، فلمّا عرفناه كان من العلماء بهذا الشّأن (١).

وقال أبو سعد السّمعانيّ : كان لبيبا ، عالما ، عارفا ، حافظا. ترشّح للحفظ ، حتّى كان يقال له الخطيب الثّانيّ. وصنّف كتاب «المؤتلف والمختلف» وسمّاه كتاب «الإكمال» (٢). وكان نحويّا ، مجوّدا ، وشاعرا مبرّزا جزل الشّعر ، فصيح العبارة ، صحيح النّقل ، ما كان في البغداديّين في زمانه مثله. رحل إلى الشّام ، والسّواحل ، وديار مصر ، والجزيرة ، والجبال ، وخراسان ، وما وراء النّهر. وطاف الدّنيا ، وجال في الآفاق ، ورجع إلى بغداد ، وأقام بها (٣).

وقال ابن النّجّار : أحبّ العلم منذ صباه ، وطلب الحديث ، وكان يحضر المشايخ إلى منزله ، وسمع (٤) منهم. ورحل إلى أن برع في الحديث ، وأتقن الأدب. وله النّظم والنّثر والمصنّفات (٥).

وأنفذه المقتدي بأمر الله رسولا إلى سمرقند وبخارى ، لأخذ البيعة له على ملكها طمغان الخان (٦).

روى عنه : الخطيب ، والفقيه نصر ، والحميديّ ، وأبو محمد الحسن بن أحمد السّمرقنديّ ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق ، وشجاع الذّهليّ ، ومحمد بن طرخان ، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ ، وإسماعيل بن السّمرقنديّ ، وعليّ بن عبد الله بن عبد السّلام ، وآخرون.

وقال هبة الله بن المبارك ابن الدّوانيّ : اجتمعت بالأمير ابن ماكولا ، فقال

__________________

(١) معجم الأدباء ١٥ / ١٠٣ ، ١٠٤ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٤.

(٢) اسمه الكامل هو : «الإكمال في رفع عارض الارتياب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب» وقد حقّقه العلّامة المحروم عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ، وأصدرته دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن في الهند.

(٣) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٥.

(٤) في سير أعلام النبلاء «إلى منزلهم ويسمع».

(٥) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٤ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٥.

(٦) في الأصل : «طغمان» ، والتصحيح من : تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٥ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٥.

٢١٩

لي : خذ جزءين من الحديث ، واجعل متن الحديث الّذي في هذا الجزء على إسناد الّذي في هذا الجزء ، من أوّله إلى آخره ، حتّى أردّه إلى حالته الأولى ، من أوّله إلى آخره (١).

أخبرني أبو عليّ بن الخلّال ، أنا جعفر ، أنا السّلفيّ ، قال : سألت شجاعا الذّهليّ عن ابن ماكولا فقال : كان حافظا ، فهما ، ثقة ، صنّف كتبا في علم الحديث (٢).

وقال المؤتمن السّاجيّ : لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل العلم ، فلم ينتفع بنفسه (٣).

وقال أبو الحسن بن عبد السّلام : لمّا خرج الأمير أبو نصر إلى خراسان في طلب الحديث ، كتب إلى بغداد ، والشّعر له :

قوّض خيامك عن دار أهنت بها

وجانب الذّلّ إنّ الذّلّ يجتنب (٤)

وأرحل إذا كانت الأوطان مضيعة (٥)

فالمنزل (٦) الرّطب في أوطانه حطب (٧)

وللأمير :

ولمّا تواقفنا (٨) تباكت قلوبنا

فممسك دمع يوم (٩) ذاك كساكبه

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ٢٠٥ أسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٥.

(٢) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٥ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٥ ، ٥٧٦ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٠٢.

(٣) المصادر السابقة.

(٤) في : معجم الأدباء ، وتذكرة الحفاظ ، وسير أعلام النبلاء ، والبداية والنهاية : «مجتنب».

(٥) في معجم الأدباء : «منقصة». وفي وفيات الأعيان ، والبداية والنهاية :

وأرحل إذا كان في الأوطان منقصة

(٦) هكذا في الأصل. وفي المصادر : «المندل» ، وهو العود الرطب يتبخّر به أو أجوده.

(٧) البيتان في : معجم الأدباء ١٥ / ١٠٤ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٣٠٦ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٠٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٧٧ ، والبداية والنهاية ١٢ / ١٢٤.

(٨) في معجم الأدباء ، وفوات الوفيات : «تفرقنا». وفي تذكرة الحفاظ : «توافقنا» (بتقديم الفاء على القاف) ، وفي النجوم الزاهرة : «توافينا».

(٩) في معجم الأدباء : «دمع عند».

٢٢٠