مجموع رسائل الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام

مجموع رسائل الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام

المؤلف:


المحقق: عبدالله بن محمّد الشاذلي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٨

كتاب البالغ المدرك

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

آمين

قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم :

النظر للعلم بوجود المدبر الحكيم

يجب على البالغ المدرك في بلاد الكفر وغيرها أن ينظر إلى هذه الأعاجيب المختلفات المدركات بالحواس من السماء والأرض ، وما بثّ فيهما من الحيوان ، المجتلبة إلى أنفسها المنافع ، النافرة عن المضار ، أنها محدثة ؛ لظهور الإحداث فيها ، معترفة بالعجز على أنفسها ، أنها لم تصنع أنفسها ولم تشاهد صنعتها ، وتعجز أن تصنع مثلها ، وتعجز أن تصنع ضدها.

فلما شهدت العقول على أن هذا هكذا ، ثبت أن لها مدبرا حكيما دبرها ، ومعتمدا اعتمدها ، وقاصدا قصدها ، ليس له شبيه ولا مثيل ؛ إذ المثل جائز عليه ما جاز على مثله : من الانتقال ، والزوال ، والعجز ، والزيادة ، والنقصان ؛ وأن بإحداثه إياها له المنّة عليها ببقائها ، إذ كانت الرغبة منها في البقاء ونفورها عن الفناء دالة على المنة عليها بالبقاء ، وأن الممتن عليها ببقائها هو المنعم عليها بإحداثه إياها.

وجوب شكر المنعم

فإذا علم البالغ المدرك أن هذا هكذا ، كان عليه أن يشكر المنعم عليه ، فإذا علم أن

٤١

شكر المنعم عليه واجب ، كان عليه أن يشكر المنعم ، وشكر المنعم عليه هو الطاعة له.

معرفة الآخرة

وفي الحكمة التقويم بين المطيع والعاصي ، وفي ذلك إيجاب الثواب والعقاب. فلما تصرمت أعمار المطيعين ولم يثابوا ، وتقضت آجال العاصين ولم يعاقبوا ، وجب على قود التوحيد واطراد الحكمة أن دارا بعد هذه الدار يثاب فيها المطيعون ، ويعاقب فيها المسيئون. وهذه أمور أوجبتها الفطرة ، واستحقت بالإيمان. وقليل من تقررت المعرفة في قلبه إلا باستقرار أدلتها (٣) ، وشهادة بعضها على بعض ، وتضمين كل شيء منها ما قبله وبعده ، واستطراد ذلك كله في العقول.

معرفة أنه لا بد من رسول

فلما أن كان ذلك كذلك ، كان في ضرورة العقل أن لا سبيل له إلى علم كيفية الطاعة من دون الخبر من عند المنعم بكيفية الطاعة ، إذ لا يمكن الخبر من الله ملاقاة لله. فإذا علم أن الخبر لا يمكن من الله مشافهة لله ، علم أن خبر الطاعة لا يمكن إلا برسول من عند المنعم ، باين (٤) من البشر في أعلامه وأفعاله. فمن هاهنا لزم البالغ المدرك أن يعلم أن لله رسولا لا من قبل إخبار الناقلين (٥).

فلما لم يجز إلا بعثة الرسل ، وكانت الرسل من البشر وفي مثل تركيب المبعوث إليهم ، وعبادا لله مثلهم لم يجز تصديقهم على الله إلا بدلالة بينة وحجة قاطعة ، يعلم الخلق بعجزهم عنها أن الله تولى ذلك على أيديهم ، فجاءت الرسل بالآيات التي ليس في قوى

__________________

(٣) أولها. (أ).

(٤) في (أ) : كائن ، وفي (ب) : باين وهو الأظهر.

(٥) يريد عليه‌السلام أن معرفة هذا كائنة بالعقل لا بالنقل.

٤٢

الخلق المجيء بمثلها ، فوجب تصديقهم على الله بعد الحجة والبيان.

فمن أدرك أزمنتهم وشاهدهم في عصورهم ، وقامت عليه حجتهم ، لزمه الإقرار بهم والتسليم لأمرهم ، والقبول لما جاءوا به (٦) ، وسقط عنه كثير من الكلفة في تمييز الأخبار ، وامتحان الناقلين ، وبحسب ما قامت عليه الحجة ، كلفه الله الذب عن دينه والقيام بحجته.

ومن تراخت به الأيام عن لقائهم ، وكان في غير أعصارهم ، كانت الحجة عليه في معرفتهم ، والتصديق (٧) لما جاءوا به ، والديانة لما دعوا إليه ، تواتر (٨) الأخبار التي في مثلها يمتنع الكذب ، ولا يتهيأ بالاتفاق ، ويكون سامعها مضطرا في فطرته (٩) إلى أن ناقليها لا يمكن مثلهم الكذب ، ولا التواطؤ على مقالة : كقوم مختلفي الأجناس ، متبايني الديار ، متقطعي الأسباب ، متفاوتي اللقاء ، متراخي الأزمنة ، ينقلون خبرا واحدا ، متسق النظام ، محروسا من (١٠) الغلط ، محصنا من (١١) الوهم ، ولعله يخرج (١٢) في مال أحدهم وبدنه ، لا

__________________

(٦) في نخ : شرح هذا للإمام أبي طالب زيادة لفظ والديانة لما ادعوا إليه.

(٧) في (ب) : والقبول لما.

(٨) في (ب) : توالي مكان تواتر.

(٩) أي في عقله.

(١٠) في (ب) : عن مكان من.

(١١) في (ب) : عن مكان من.

(١٢) ذكر في شرح البالغ المدرك لأبي طالب عليه‌السلام عند قوله ولعله يخرج في مال أحدهم ما لفظه : هذا الكلام فيه تأخير وتقديم ، وترتيبه : قد كاد يخرج في مال أحدهم وبدنه لا يعارضهم فيه معارض بتكذيب ولعله أن يكون عيانا ؛ هذا أولى في الكلام وأبلغ في التمام وأكثر اتساقا عند النظام الذي أشار إليه هذا الإمام عليه‌السلام ؛ لأن الراوي العدل يروي الخبر ولو خرج في نفسه وماله وأشفى له منه على الهلكة من الظالم لأن الأخبار المروية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعة أقسام إلى آخر ما حكاه في الشرح فليرجع إليه ، وبهذا يتضح المعنى المشكل للمطلع عليه. تمت ا ه من هامش (أ).

٤٣

يعارضهم فيه معارض بتكذيب ، قد كاد يكون ولما أن يكون عيانا.

ورود الأخبار الكاذبة

وقد يجيء بين ذلك أخبار ، بعضها مستحيل كونه في العقول ، ويبعد أن يجيء بمثلها رسول (١٣) ، لما فيها من الكذب والزور ، ولن تجيء هذه الأخبار مجيء إجماع أبدا ، وإنما سبيلها : الشذوذ والغلط في التأويل ، وفي معرفة مخرج الخاص من العام ، وفي معرفة المحكم من المتشابه.

أقسام الأخبار

فمن هذه الأخبار ما هو في أصله منسوخ ، ومنها ما هو في مخرجه عام ، وفي معناه خاص ، ومنها متشابه يحتاج إلى بيان ، ومنها ما حفظ أوله ونسي آخره ، ومنها ما روي مرسلا بلا حجة فيه ولا تبيان لمتدبريه ، ومنها ما دلس على الرواة في كتبهم (١٤). فيا لله كيف حارت العقول ، وقلّدت الأتباع ، وتقسمت الأهواء ، وتفرقت الآراء ، ونبذ القرآن ، وغيرت السنن ، وبدلت الأحكام ، وخولف التوحيد ، وعاد الإسلام غريبا ، والمؤمن وحيدا خائفا ، والدين خاملا!

فتسديدك اللهم وعونك ، فإنا لم نؤت في تفرقنا من قبلك ، ولا في اختلافنا من قدرك ، كذب المدعون ذلك فيك ، وهلك المفترون ذلك عليك ، ونحن الشهود لك على خلقك ، والناصبون لكل من عند عن دينك ، واتهم قضاءك ، وجانب هداك ، وأحال ذنبه عليك ، ونسب جوره إليك ، أو قاسك بمقدار ، أو شبهك بمثال ، وقد قطعت العذر بكتابك المنزل ، وأكملت دينك على لسان نبيك المرسل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١٣) وذلك لأن العقل والرسل حجج احتج الله بها على خلقه ، وحجج الله لا تناقض ، فإذا أحالها العقل دل ذلك على عدم صحتها عن الرسل صلوات الله عليهم.

(١٤) دلس على الرواة : يعني وضعه غيرهم في كتبهم ونسبه إليهم وليس منهم.

٤٤

أمّا بعد : فإن الدين لما عفت آثاره ، وانطمست أعلامه ، واضمحلت أنباؤه ، وسدت مطالعه عند ما فقد من أنصاره والقائمين بحفظه وحياطته نطق الكاظمون (١٥) ، وظهر المرصدون (١٦) ، ولله جل ذكره إلى كل رصد من الباطل طلائع من الحق ، ومع كل داع إلى الضلال بينات من الهدى ، وإلى جنب طريق كل حيرة سبب واضح من الإرشاد ، وفي كل شيء حجة قاطعة.

فأمّا رسل الله صلوات الله عليهم فقد قاموا بحجج البلاغ ، وأدوا وظائف الحقوق ، وبلغوا ما عليهم من فرض النصيحة ، وأنفذوا شرائط الله عليهم في خلقه ، ووقفوا العباد على سبيل النجاة ، وسلكوا بهم منهاج السلامة ، وحذروهم طرق الحيرة ، واحتملوا في جنب مرضاته الصبر في البأساء والضرّاء ، صلوات الله عليهم ورحمته.

ذكر الفترة والعمل فيها

وفيما بين أزمنة الرسل فترات في مثلها يتحير الضّلال ، ويدفن الحق ، ويغمض البرهان بتظاهر الجبارين على أولياء الله ، وهنالك يندب الشيطان ولاته ، ويبث دعاته ، وينصب حبائله ، ويدخل على الناس الشبهة ، ويضطرهم إلى الحيرة ، وليست فترة من الهدى ، ولكنها فترة من الرسل ، وفيها كتبه وحججه ، وبقايا من أهل العلم ، يحيون العلم ويحيون به ، قد وجهوا لله من رغبتهم ، وامتحنهم الله بأهل دهرهم ، قد تمسكوا بنور كتابه ، وعرفوا مواقع حججه في كل بدعة حدثت ، أو شبهة نزلت ، فهم من الناس في أذى وجهد ، ومن

__________________

(١٥) في (ب) : الجاهلون.

(١٦) قال في شرح البالغ المدرك بعد قوله وظهر المرصدون : يعني من كان يرصد قيام أهل الباطل من العلماء الذين مالوا إلى دنياهم وخالفوا أهل البيت عليهم‌السلام في فتواهم واغتنموا الفرصة فجعلوا لهم مذاهب.

٤٥

الله في كلاءة وحفظ ، فهم الأقلون عددا ، والأعظمون عند الله قدرا ، ولن تخلوا أمة من مغتال لها مفرق لجماعتها ، وآخر داع إلى هداها وصلاحها.

فمن نظر ، فاعتدلت فطرته ، وصفت طبيعته ، وكان نظره بعين النصيحة لنفسه ، قد ملّك عقله الحكم على هواه (١٧) ، وقيّد شهواته بإسار الذل تحت سلطان الحكمة ، فأسلمه ذلك إلى مباشرة اليقين بربه ، فاستلان ما استوعر منه المترفون ، واستأنس إلى ما استوحش منه الجاهلون ، وصحب الدنيا أيام حياته ، وقلبه معلق بالمحل الأعلى ، لا تعتريه سآمة ولا فتور من طلب ما أمّل من عيش مقيم ، قد أيقن بالخلف فجاد بالعطية ، دله الله فاستدل ، وخاطبه ففهم عنه أحسن الإرشاد ، طيبة نفسه بكل ما بذل في جنب الله ، لأنه هجم على اليقين ، وأنس بالتقوى ، فضمنت له النجاة ، وخرج من غمرات الشكوك إلى روح الاستيقان ، فأقام الدنيا مقامها الذي أقامها الله [عليه] (١٨) ، واستهان بالعاجلة وآثر العاقبة ، ومهّد لطول المنقلب ... ولن يعدم أن يكون في الخلق من قد استبهم (١٩) عن الفهم ، وولج في مضايق الحيرة ، أعمى حيران يدعو إلى العمى ويقول : أعتزل البدع ؛ وفيها اضطجع ، ويقول : أجتنب الشبهات ؛ وفيها وقع ، متبع لآثار أوليه ، مقتد بآبائه ، أكثر ما عنده تقليد أسلافه ، وائتمان أكابره ، والإنسان على ما جرت به (١٨) تربيته ، والإلف إلى ما سبق إلى اعتقاده ، ضنين (٢١) بفراق عادته ، لم يتقسم التفتيش قلبه ولم يجتز (٢٠) في طرق البحث فكره ، ولم تميّزه المناظرة ، فلم يعتوره الاحتجاج ، ولم يتنسم روائح اليقين ، ولا نظر في العلل التي معرفتها نهاية الاستبصار ، متوسد غمرة الاختلاف ، وحيرة (٢٢) الفرقة ، غفل عن تمييز

__________________

(١٧) في (ب) : على ما يهواه.

(١٨) ما بين المعكوفين من (ب).

(١٩) أي دخل في طبع البهائم. ا ه من هامش (أ).

(٢٠) عليه. نخ.

(٢١) ضنين أي : شحيح بفراق عادته.

(٢٢) يتحرّ.

٤٦

الأمور ؛ فهو عقيم القلب عن (٢٣) لقاح الهدى ، ظمآن إلى مرشد يحسن تبصرته ، ويريه الحق من وجوهه ، وليس على اليقين مما اعتقد ، والظن مستول على قلبه ، والشبهة دواؤه ، والحيرة ثمرته ، نتاج إرادته كثرة الاختلاط. ولكل أمر سبب ، والعلل كثيرة ، والأسباب متفاوتة مجتمعة ومفترقة ، لا يميزها إلا من وطي أوائل الأمور التي بها يهجم على معرفتها ، ولكل شيء منها حد متى تعدي سلّم متعديه إلى الهلكة ؛ لأنه جزع (٢٤) الحدود المضروبة له.

ذكر شروط النظر

فواجب على كل بالغ عاقل أن ينظر في نجاته ، ولن ينتفع ناظر بنظره إلا بسلامة قلبه من الزيغ ، وطهارته من الهوى ، وبرأته من إلف العادة التي عليها جرى. والقصد بإرادته ونيته إلى العدل والنّصفة ، وإعطائه كل أمر من الأمور بقسطه ، والحكم عليه بقدره ، وأخذ نفسه بالوظائف المؤدية له إلى النجاة ، وحراسة قلبه من الأمور المسلّمة له إلى الضلال ، والحائلة بينه وبين حسن الاصطفاء ، واختيار الصواب ، وترك التقليد ، ويكون طالبا لقيام الحجة لازما لمنازل القرآن ، متمسكا به ، مؤثرا له على ما سواه ، ملتمسا للهدي فيه ، فلن يعدم الهدى من قصد قصده ، لأن الله جل ذكره ضمن لمن اتبع هداه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.

فبمثل هذه الشروط يستنير البرهان ، ويستشف (٢٥) الغامض من الصواب ، ويستبين (٢٦)

__________________

(٢٣) في (ب) : (من) مكان (عن).

(٢٤) جاز. نخ.

(٢٥) أي يلحظ بالاجتهاد ، وهو مأخوذ من الشف ، وهو الثوب الرقيق الغامط الذي يعد على الغير مبلغة من الصواب الذي أصيب به الحق. تمت من شرح الإمام أبي طالب عليه‌السلام. ا ه

(٢٦) وتستبين. (ب).

٤٧

دقائق العلوم ، ويهجم على مباشرة اليقين بربه ، فيهتك الشكوك عن قلبه ، يؤيد بنيته ويصعد في درجات اليقين بربه ، أولئك أهل العقول الراجحة ، والفطر الصحيحة ، والآراء السليمة ، وأولئك بقية الله في خلقه ، وخيرته من عباده ، وخلصاؤه من بريته ، وأوتاد أرضه ، ومعادن دينه.

تم الكتاب

٤٨

كتاب فيه معرفة الله عزوجل

من العدل والتوحيد وتصديق الوعد والوعيد وإثبات النبوة والإمامة في النبي وآله عليهم‌السلام

رواية الإمام المرتضى لدين الله عن أبيه الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين

صلوات الله عليهم أجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين ابن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وسلامه :

التوحيد ونفي التشبيه

أول ما يجب على العبد أن يعلم أن الله واحد أحد ، صمد فرد ، ليس له شبيه ولا نظير ، ولا عديل ، ولا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة ، وذلك أن ما وقع عليه البصر فمحدود ضعيف ، محويّ محاط به ، له كلّ وبعض ، وفوق وتحت ، ويمين وشمال ، وأمام وخلف ، وأن الله لا يوصف بشيء من ذلك ، وهكذا قال لا شريك له : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣] ، وقال : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ١ ـ ٤] ، والكفو فهو المثل والنظير والشبيه ، والله سبحانه ليس كمثله شيء ، وقال : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [الحديد : ٤] ، وقال : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦] ، وقال : (ما يَكُونُ

٤٩

مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) [المجادلة : ٧] ، وقال : (وَما كُنَّا غائِبِينَ) [الأعراف : ٧] ، يعني في جميع ذلك أن علمه محيط بهم ، لا أنه داخل في شيء من الأشياء كدخول الشيء في الشيء ، ولا خارج من الأشياء بائن عنها فيغبى عليه شيء من أمورهم ، بل هو العالم بنفسه ، وأنه عزوجل شيء لا كالأشياء ؛ إذ الأشياء من خلقه وصنعه ، وقال عزوجل : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [الأنعام : ١٩] ، فذكر سبحانه أنه شيء ؛ لإثبات الوجود ونفي العدم ، والعدم لا شيء.

العدل

ثم يعلم أنّه عزوجل عدل في جميع أفعاله ، ناظر لخلقه ، رحيم بعباده ، لا يكلفهم ما لا يطيقون ، ولا يسألهم ما لا يجدون ، و (لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٤٠] ، وأنه لم يخلق الكفر ولا الجور ولا الظلم ، ولا يأمر بها ، ولا يرضى لعباده الكفر ، ولا يظلم العباد ، ولا يأمر بالفحشاء ، وذلك أنه من فعل شيئا من ذلك ، أو أراده أو رضي به ، فليس بحكيم ولا رحيم ، وإن الله لرءوف رحيم ، جواد كريم متفضل ، وأنه لم يحل بينهم وبين الإيمان ، بل أمرهم بالطاعة ، ونهاهم عن المعصية ، وأبان لهم طريق الطاعة والمعصية ، وهداهم النجدين ، ومكنهم من العملين ، ثم قال : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩] ، وقال : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [الانشقاق : ٢٠] ، وقال : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٣٩] ، أو يأمرهم بالكفر ؛ ثم يقول : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) [آل عمران : ١٠١]؟ أو يصرفهم عن الإيمان ، ثم يقول : (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس : ٣٢]؟ أو يقضي عليهم بقتل الأنبياء صلى الله عليهم ؛ ثم يقول : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٩١]؟

أفعال العباد

والله عزوجل بريء من أفعال العباد ، وذلك قوله تبارك وتعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ

٥٠

تَذَكَّرُونَ) [النحل : ٩٠] ، وقال سبحانه : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٢٨] ، ثم قال : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) [الأنعام : ١٤٨] ، فأكذبهم الله في قولهم ، ونفى عن نفسه ما نسبوه إليه بظلمهم. وقال سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦] ، فذكر أنه خلقهم للعبادة لا للمعصية ، وكذلك نسب إليهم فعلهم حيث يقول : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢] ، يقول : فعلوه ، ولم يقل : فعله ، بل نسبه إليهم ؛ إذ هم فعلوه.

وقال عزوجل في فعله هو : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الرعد : ١٦ ، الزمر : ٦٢] ، يقول : هو خالق كل شيء يكون منه ، ولم يقل : إنه خلق فعلهم ، بل قال : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) [العنكبوت : ١٧] ، يقول : تصنعون وتقولون إفكا ، كما قال : (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) [النحل : ٦٧] ، يقول : أنتم تجعلونه.

وتبيين الكفر والإيمان من الله عزوجل ، وفعلهما من الآدميين ، ولو لا أنه عزوجل بين لخلقه الكفر والإيمان ؛ ما إذا عرفوا الحق من الباطل ، ولا المعتدل من المائل ، ولكن عرّفهم بذلك ، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في بعض مواعظه : «خلقنا ولم نك شيئا ، وأخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ، فغذانا بلطفه ، وأحيانا برزقه ، وأطعمنا وسقانا ، وكفانا وآوانا ، ووضع عنا الأقلام ، وأزال عنا الآثام ، فلم يكلفنا معرفة الحلال والحرام ، حتى إذا أكمل لنا العقول ، وسهل لنا السبيل ، نصب لنا العلم والدليل ، من سماء ورفعها ، وأرض وضعها ، وشمس أطلعها ، ورتوق فتقها ، وعجائب خلقها ، فعرفنا الخير من الشر ، والنفع من الضر ، والحسن من القبيح ، والفاسد من الصحيح ، والكذب من الصدق ، والباطل من الحق ، أرسل إلينا الرسل ، وأنزل علينا الكتب ، وبين لنا الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، فلما وصلت دعوته إلينا ، وقامت حجته علينا ؛ أمرنا ونهانا ، وأنذرنا وحذرنا ، ووعدنا وأوعدنا ، فجعل لأهل طاعته الثواب ، وعلى أهل معصيته العقاب ، جزاء وافق أعمالهم ، ونكالا بسوء فعالهم ، (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦]».

٥١

وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل ، حيث يقول : (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) [الأعراف : ٤٣] ، وقال النبي صلى الله عليه وعلى أهل بيته : «صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي ، قد لعنوا على لسان سبعين نبيا : القدرية والمرجئة. قيل : وما القدرية يا رسول الله؟ وما المرجئة؟ فقال : أما القدرية فهم الذي يعملون المعاصي ويقولون : إنها من الله قضى بها وقدرها علينا. وأما المرجئة فهم الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل.» ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «القدرية مجوس هذه الأمة».

الوعد والوعيد

ثم يجب عليه أن يعلم أن وعده ووعيده حق ، من أطاعه أدخله الجنة ، ومن عصاه أدخله النار أبد الأبد ، لا ما يقول الجاهلون من خروج المعذبين من العذاب المهين إلى دار المتقين ، ومحل المؤمنين ، وفي ذلك ما يقول رب العالمين : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (٢٧) ، يقول :

(وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) [المائدة : ٣٧] ، ففي كل ذلك يخبر أنه من خل النار فهو مقيم فيها غير خارج منها ، فنعوذ بالله من الجهل والعمى ، ونسأله العون والهدى ، فإنه ولي كل النعماء ، ودافع كل الأسواء.

الإيمان برسالة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ثم يجب عليه أن يعلم أن محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب ، عبد الله ورسوله ، وخيرته من خلقه ، وصفوته من جميع بريته ، خاتم النبيين لا نبي بعده ، قد بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ثم قبضه الله إليه حميدا مفقودا. فصلوات الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين وسلم.

__________________

(٢٧) النساء : ٥٧ ، ١٢٢ ؛ المائدة : ١١٩ ؛ التوبة : ٢٢ ، ١٠٠ ؛ الأحزاب : ٦٥ ؛ التغابن : ٩ ؛ الطلاق : ١١ ؛ الجن : ٢٣ ؛ البينة : ٨.

٥٢

إمامة علي عليه‌السلام

ثم يجب عليه أن يعلم أن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، ووصي رسول رب العالمين ، ووزيره وقاضي دينه ، وأحق الناس بمقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأفضل الخلق بعده ، وأعلمهم بما جاء به محمد ، وأقومهم بأمر الله في خلقه ، وفيه ما يقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) [المائدة : ٥٥] ، فكان مؤتي الزكاة وهو راكع علي بن أبي طالب دون جميع المسلمين. وفيه يقول الله سبحانه : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الواقعة : ١٠ ـ ١٢] ، فكان السابق إلى ربه غير مسبوق ، وفيه يقول الله عزوجل : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [يونس : ٣٥] ، فكان الهادي إلى الحق غير مهدي ، والداعي إلى الصراط السوي ، والسالك طريق الرسول الزكي ، ومن سبق إلى الله ، وكان الهادي إلى غامض أحكام كتاب الله ؛ فهو أحق بالإمامة ؛ لأن أسبقهم أهداهم ، وأهداهم أتقاهم ، وأتقاهم خيرهم ، وخيرهم بكل خير أولادهم ، وما جاء له من الذكر الجميل في واضح التنزيل ؛ فكثير غير قليل.

وفيه أنزل الله على رسوله بغدير خم : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٧] ، فوقف صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقطع سيره ، ولم يستجز أن يتقدم خطوة حتى ينفذ ما عزم عليه في علي ، فنزل تحت الدوحة مكانه ، وجمع الناس ، ثم قال : «أيها الناس ، ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. فقال : اللهم اشهد ، ثم قال : اللهم اشهد ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.» ، والناس كلهم مجتمعون يسمعون كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو رافع بيد علي حتى أبصر بياض آباطهما وهو ينادي بهذا القول.

وفيه يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «علي مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي» ، ويقول : «علي مع الحق ، والحق معه.» ، ويقول : «أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.» ، وقال : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ،

٥٣

وأبوهما خير منهما.» ، وقال : «أنت أخي يا علي في الدنيا والآخرة.» ، وقال : «علي أقضى الخلق وأعلمهم.».

إمامة الحسنين عليهما‌السلام

ثم يجب عليه أن يعلم أن الحسن والحسين ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحبيباه ، وأنهما إماما عدل ، واجبة طاعتهما ، مفترضة ولايتهما ، وفيهما وفي جدهما وأبيهما وأمهما يقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً) [الإنسان : ٥] ، إلى قوله : (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [الإنسان : ٢٩] ، وفيهما ما يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم ، إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما.». فهما ابناه وولداه بفرض الله وحكمه ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه في إبراهيم الخليل صلى الله عليه : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥] ، فذكر أن عيسى من ذرية إبراهيم ، كما موسى وهارون من ذريته ، وإنما جعله ولده وذريته بولادة مريم ، وكان سواء عنده في معنى الولادة والقرابة ، ولادة الابن وولادة البنت ؛ إذ قد أجرى عيسى وموسى مجرى واحدا من إبراهيم صلى الله عليه. وفيهما وفي أبيهما وأمهما ما يقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ أمره بالمباهلة للنصارى ؛ فقال له : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) [آل عمران : ٦١] ، فحضر صلى‌الله‌عليه‌وآله بعلي وفاطمة والحسن والحسين صلى الله عليهم أجمعين.

إمامة أهل البيت عليهم‌السلام وصفات الإمام

ثم يجب عليه أن يعلم أن الإمامة لا تجوز إلا في ولد الحسن والحسين ؛ بتفضيل الله لهما ، وجعله ذلك فيهما ، وفي ذريتهما ، حيث يقول تبارك وتعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي

٥٤

الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤].

فكانت النبوة والإمامة والوصية والملك في ولد إبراهيم صلى الله عليه ، إلى أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وعلى آله فأفضت النبوة إليه ، وختم الله الأنبياء به ، وجعله خاتم النبيين وسيد المرسلين ، وقال : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [هود : ٧٣] ، وقال : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) [الزخرف : ٢٨] ، وقال : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [النساء : ٥٤] ، وقال موسى صلى الله عليه لقومه : (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) [المائدة : ٢٠] ، وقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [الجاثية : ١٦] ، وقال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤] ، فكانت النبوة في إبراهيم ثم أفضت إلى إسماعيل ، ثم إلى إسحاق ، ثم إلى ابنه يعقوب ، ثم إلى ابنه يوسف ، ثم في بني إسرائيل ـ وهو يعقوب ـ الأول فالأول ، حتى كان آخرهم عيسى صلى الله عليهم أجمعين ، ثم حول الله النبوة إلى محمد خاتم النبيين ، فقال سبحانه : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) [الفتح : ٢٩] ، ثم قال : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر : ٧] ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.» ، وقال سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣] ، فبين الأمر سبحانه فيهم وأوضحه ، (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء : ١٦٥] ، ومحمد من ولد إسماعيل بن إبراهيم ، وكذلك ذريته.

ثم قال سبحانه : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) ، فورثة الكتاب :

محمد ، وعلي ، والحسن ، والحسين ، ومن أولدوه من الأخيار. ثم قال في ولدهم : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) [فاطر : ٣٢] ، ففيهم إذ كانوا بشرا ما في الناس.

وقال : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) [هود : ١١٣] ، كما قال في ولد

٥٥

إبراهيم وإسحاق صلى الله عليهما : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) [الصافات : ١١٣].

وكان فيما بين الله عزوجل لخليله إبراهيم صلى الله عليه ؛ إذ قال إبراهيم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) فقال له ربه : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، ثم قال : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود : ١٨] ، وقال : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة : ٤٤] ، و (الظَّالِمُونَ) [المائدة : ٤٥] ، و (الْفاسِقُونَ) [المائدة : ٤٧].

وأن الإمام من بعد الحسن والحسين من ذريتهما من سار بسيرتهما ، وكان مثلهما ، واحتذى بحذوهما ، فكان ورعا تقيا ، صحيحا نقيا ، وفي أمر الله سبحانه مجاهدا ، وفي حطام الدنيا زاهدا ، وكان فهما لما يحتاج إليه ، عالما بتفسير ما يرد عليه ، شجاعا كميا ، بذولا سخيا ، رءوفا بالرعية ، متعطفا متحننا حليما ، مساويا لهم بنفسه ، مشاورا لهم في أمره ، غير مستأثر عليهم ، ولا حاكم بغير حكم الله فيهم ، قائما شاهرا لنفسه ، رافعا لرايته مجتهدا ، مفرقا للدعاة في البلاد ، غير مقصر في تأليف العباد ، مخيفا للظالمين ، مؤمنا للمؤمنين ، لا يأمن الفاسقين ولا يأمنونه ، بل يطلبهم ويطلبونه ، قد باينهم وباينوه ، وناصبهم وناصبوه ، فهم له خائفون ، وعلى إهلاكه جاهدون ، يبغيهم الغوائل ، ويدعو إلى جهادهم القبائل ، متشردا عنهم ، خائفا منهم ، لا يردعه عن أمور الله ولا يمنعه عن الاجتهاد عليهم كثرة الإرجاف ، شمري مشمر ، مجتهد غير مقصر.

ذكر أعلام أهل البيت بعد الحسن والحسين عليهم‌السلام

فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو الإمام المفترضة طاعته ، الواجبة على الأمة نصرته ، مثل من قام من ذريتهما من الأئمة الطاهرين ، الصابرين لله المحتسبين ، مثل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (٢٨) رضي الله عنه إمام المتقين ، والقائم

__________________

(٢٨) هو الإمام أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، فاتح باب الجهاد والاجتهاد ، والغاضب لله في الأرض ، مولده : ٧٥ ه‍ ، على أصح الأقوال ، ـ

٥٦

بحجة رب العالمين ، ومثل ابنه يحيى (٢٩) المحتذي بفعله ، ومثل محمد بن عبد الله بن الحسن بن

__________________

دعا إلى الله في زمن هشام بن عبد الملك الأموي ، وبايعه جمهور أهل الكوفة وكثير من فقهائها ، وأنفذ الدعاة إلى البلدان ، واستجاب له عالم من الناس ، وكان وعد أصحابه للظهور ليلة الأربعاء أول ليلة من صفر عام ١٢٢ ه‍ ، وأحوج إلى الظهور قبل ذلك لوقوف يوسف بن عمر على أمره ، فظهر ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم ، ولم يف له إلا عدد يسير ممن كان بايعه ، فقاتل عليه‌السلام حتى أصيب بسهم في جبينه عشية الجمعة لخمس بقين من المحرم سنة ١٢٢ ه‍ على الأصح ، فدفن في مكان وأجري الماء عليه تعمية لقبره ، فدلّ عليه يوسف بن عمر فأخرجه وصلبه في الكناسة ، وبقي مصلوبا سنة وأشهرا ، وقيل سنتين ، ثم أحرق جسده الشريف وذروه في الفرات ، وإليه تنسب الفرقة الزيدية ، وبسبب رفضه سميت الفرقة الرافضة رافضة ، لرفضهم له ، قال الإمام عبد الله بن الحسن عليه‌السلام : «العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب ، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي.». وله عليه‌السلام في حال صلبه الكرامات العجيبة المشهورة. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ٦٣.

(٢٩) هو الإمام أبو طالب يحيى بن الإمام زيد بن علي عليهم‌السلام ، مولده عليه‌السلام سنة ٩٧ ه‍ على الأرجح ، وكان أبوه عليه‌السلام قد أوصاه حين رمي بقتال الظالمين وأعداء الدين ، فخرج من الكوفة فدخل خراسان ، وانتهى إلى بلخ ، وكان قد أخذه نصر بن سيار فقيّده وحبسه ، وكتب إلى يوسف بن عمر بأمره ، وكتب يوسف إلى الوليد بن يزيد بذلك ، فكتب الوليد يأمره بالإفراج عنه ، وترك التعرض له ولأصحابه ، فخرج من عنده إلى بيهق ، وأظهر الدعوة هناك ، ووقعت له مع الجيوش الأموية وقعات إلى أن اجتمع عليه الجيوش الذين أنفذهم نصر بن سيار لقتاله ، فقاتلهم عليه‌السلام ثلاثة أيام حتى قتل أصحابه وأتته نشابة في جبهته ، وكان قتله عليه‌السلام في شهر رمضان عشية الجمعة ١٢٦ ه‍ ، وعمره ٢٨ سنة ، وصلب على باب مدينة الجوزجان ، فبقي إلى أن ظهر أبو مسلم فأنزله وغسله وكفنه بأمبير ، وقيل في قرية تقابلها ، ومشهده معروف بجوزجان مزور. انظر ـ

٥٧

الحسن بن علي بن أبي طالب (٣٠) ، الذي جاء فيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ، أنه خرج ذات يوم إلى باب المدينة ، فوقف في موضع ومعه جماعة من أصحابه ، فقال لهم : «ألا إنه سيقتل في هذا الموضع رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، واسم أبيه كاسم أبي ، يسيل دمه من هاهنا إلى أحجار الزيت ، وهو النفس الزكية ، على قاتله ثلث عذاب أهل النار.».

ومثل أخويه إبراهيم (٣١) ويحيى (٣٢) ابني عبد الله ، ومثل الحسين بن علي بن الحسن بن

__________________

ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ٧٦.

(٣٠) هو الإمام المهدي أبو القاسم محمد بن أبي الأئمة عبد الله الكامل المحض بن الحسن ابن الحسن السبط عليهم‌السلام ، ورد فيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه خرج ذات يوم إلى باب المدينة فقال : «ألا وأنه سيقتل في هذا الموضع رجل من أولادي اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي يسيل دمه من هاهنا إلى أحجار الزيت ، وهو النفس الزكية ، على قاتله ثلث عذاب أهل النار.». وكان قويا شجاعا إذا حمل على الأعداء سمعت فيهم قصفة كأجيج النار. ظهر عليه‌السلام بالمدينة لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ١٤٥ ه‍ ، وروي في غرة رجب ، وخرج منها إلى مكة ، ووجه أخاه إبراهيم عليه‌السلام إلى البصرة. ووجه إليه أبو جعفر الدوانيقي عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وحاربه إلى أن قتل في شهر رمضان الكريم سنة ١٤٥ ه‍ ، وقيل سنة ١٤٦ ه‍. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ٧٧.

(٣١) هو الإمام أبو الحسن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن السبط عليهم‌السلام ، دعا بعد قتل أخيه سنة ١٤٥ ه‍ ، وبايعته المعتزلة مع الزيدية ، وكاد أن يقضي على آخر الجيوش العباسية فأتاه سهم غائر فأصاب جبينه وذلك يوم الاثنين في أول ذي الحجة سنة ١٤٥ ه‍. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ٩٧.

(٣٢) هو الإمام أبو الحسين يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن السبط عليهم‌السلام. دعا عليه‌السلام بعد قتل الإمام الحسين بن علي الفخي ، وكان في الوقعة التي قتل فيها ،

٥٨

الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (٣٣) ، وهو صاحب فخ ، ومثل محمد (٣٤)

__________________

وأصيب ذلك اليوم ، وخرج عليه‌السلام بعدها إلى اليمن ، فدخل صنعاء ، وأقام فيها شهورا ، وأخذ عنه علماء اليمن ، وجال البلدان فدخل بلاد السودان ووصل بلاد الترك واستقبله ملكها وأسلم على يديه سرا ، ولما استقر في بلاد الديلم ضاقت على هارون الأرض بما رحبت ، فسعى بحيل مذكورة في كتب التاريخ إلى أن استقدمه إليه ، فسمه بعد أن أعطاه أمانا فيه أيمان مغلظة ، وتوفي في حبسه ببغداد. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ١١٢.

(٣٣) هو الإمام أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، كان عليه‌السلام شجاعا سخيا ، ظهر بالمدينة ليلة السبت في إحدى عشرة بقيت من ذي القعدة سنة ١٦٩ ه‍ ، وقيل سنة ١٦٨ ه‍ ، وبايعه جماعة من أهل بيته وكثير من الشيعة ، وخرج إلى مكة ومعه من تبعه وهم زهاء ثلاثمائة ، فلما صاروا بفخ لقيتهم الجيوش العباسية والتقوا في يوم التروية ، وثبت عليه‌السلام في أصحابه يقاتلهم حتى قتل ، وكان له يوم قتل إحدى وأربعون سنة ، وقد كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى في الموضع الذي قتل فيه وبكى ، وأخبر أصحابه فقال : «أخبرني جبريل بأن رجلا من ولدي يقتل بهذا المكان في عصبة من المؤمنين أجر كل شهيد معه أجر شهيدين». انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ١٠٨.

(٣٤) هو الإمام أبو القاسم محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن الوصي علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، دعا في الكوفة سنة ١٩٩ ه‍ في شهر جمادى الأولى ، بعث أخاه الإمام القاسم بن إبراهيم إلى مصر وزيد بن الكاظم بن جعفر إلى البصرة. روى علماء أهل البيت عليهم‌السلام عن الإمام زيد بن علي أنه قال : «يبايع لرجل منا عند قصر العزتين سنة ١٩٩ ه‍ في عشر من جمادى الأولى يباهي الله به الملائكة.». قتل في أيامه عليه‌السلام وأيام الإمام محمد بن محمد بن زيد من جنود العباسية مائتا ألف وخمسون ألفا ، وتوفي عليه‌السلام شهيدا سنة ١٩٩ ه‍ ،

٥٩

والقاسم (٣٥) ابني إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فمن كان كذلك من ذرية الحسن والحسين فهو إمام لجميع المسلمين ، لا يسعهم عصيانه ، ولا يحل لهم خذلانه ، بل يجب عليهم موالاته وطاعته ، ويعذب الله من خذله ، ويثيب من نصره ، ويتولى من يتولاه ، ويعادي من عاداه.

ذكر الإمام زيد بن علي صلوات الله تعالى عليه وقصته مع الرافضة

ومما روى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، قال : أخبرني أبي ، قال : قال جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «إنه سيخرج منا رجل يقال له زيد ، فينتهب ملك السلطان ، فيقتل ، ثم يصعد بروحه إلى السماء الدنيا ، فيقول له النبيون : جزى الله نبيك عنا أفضل الجزاء كما شهد لنا بالبلاغ ، وأقول أنا : أقررت عيني يا بني ، وأديت عني ، ثم يذهب بروحه من سماء إلى سماء حتى ينتهي به إلى الله عزوجل ، ويجيء أصحابه يوم القيامة يتخللون أعناق الناس بأيديهم أمثال الطوامير ، فيقال : هؤلاء خلف الخلف ، ودعاة الحق إلى رب العالمين.».

وفيه ، عن محمد بن الحنفية ، أنه قال : «سيصلب منا رجل يقال له زيد في هذا الموضع

__________________

لليلة خلت من رجب وعمره ٢٦ سنة. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ١٤٤.

(٣٥) هو الإمام أبو محمد نجم آل الرسول وإمام المعقول والمنقول القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط صلوات الله عليهم وسلامه. قام لما سمع بموت أخيه الإمام محمد بن إبراهيم بمصر سنة ١٩٩ ه‍ ، ولبث في دعائه الخلق إلى الله إلى سنة ٢٤٦ ه‍ ، ورد فيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «يا فاطمة إن منك هاديا ومهديا ومستلب الرباعيتين ، لو كان بعدي نبي لكان إياه.». له المؤلفات العظيمة والكثيرة ، وتخرّج عليه كثير من أصحابه العلماء ، وتوفي عليه‌السلام وله ٧٧ سنة في الرس التي انتقل إليها آخر أيامه ، وهي أرض اشتراها عليه‌السلام وراء جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة. انظر ترجمته في التحف شرح الزلف ط / ٣ / ١٤٥.

٦٠