مجموع رسائل الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام

مجموع رسائل الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم عليهم السلام

المؤلف:


المحقق: عبدالله بن محمّد الشاذلي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٨

وقدر.

فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي ، ما أرى لي من الأجر شيئا.

فقال علي (ع) : بلى أيها الشيخ قد عظم الله لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون ، وعلى منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرين.

فقال الشيخ : فكيف والقضاء والقدر ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا.

فقال علي عليه‌السلام للشيخ : لعلك ظننت قضاء لازما ، وقدرا حتما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من الله والنهي ، ولما كانت تأتي من الله محمدة لمحسن ، ولا مذمة لمسيء ، ولما كان المحسن بثواب الإحسان أولى من المسيء ، ولا المسيء بعقوبة الإساءة أولى من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وخصماء الرحمن ، وشهود الزور ، وأهل العمى عن الصواب في الأمور ، قدرية هذه الأمة ومجوسها. إن الله أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وكلف يسيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرسل هزؤا ، ولم ينزل القرآن عبثا ، ولم يخلق السماوات والأرض وعجائب الآيات باطلا ، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص : ٢٧].

فقال الشيخ : ما القضاء والقدر اللذان ما وطئنا موطئا إلا بهما؟

فقال عليه‌السلام : الأمر من الله والحكم ، ثم تلى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].

فنهض الشيخ مسرورا بما سمع وهو يقول شعرا :

أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته

يوم النشور من الرحمن رضوانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه إحسانا

نفسي الفداء لخير الناس كلهم

بعد النبي علي الحبر مولانا

نفى الشكوك مقال منك متضح

وزاد ذا العلم والإيمان إيمانا

فليس معذرة في فعل فاحشة

يوما لراكبها ظلما وعدوانا

لا لا ولا قائل ناهية أوقعه

فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

٢١

انتهى.»

ولو تتبعنا ذلك لطال الكلام ، ومن أراد الاستكثار راجع كتاب نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي رحمه‌الله من كلامه عليه‌السلام.

وبعده عليه‌السلام كان سبطا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القائمين بهذا الدور ، حتى استشهدا على أيدي شرار خلق الله.

وبعدهما عليهما‌السلام كان لذريتهما الدور الذي رضيه الله منهم في تبليغ أحكام الله ورد الضلال ، وهذا علي بن الحسين عليه‌السلام في أشد المحنة ، يتصدى لرد قول المجبرة ، الذي ورد على لسان أميرهم في ذلك الوقت عند ما قال ابن زياد لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : ما اسمك؟.

قال : أنا علي بن الحسين بن علي.

قال : ابن زياد : أو لم يقتل الله عليا مع أبيه؟

فقال له علي بن الحسين : ذاك أخي قتله الناس.

ذكر هذا الإمام عبد الله بن حمزة عليه‌السلام في الشافي ج ١ / ص ٦٣.

وكذلك الحسن بن الحسن عليهما‌السلام ، الذي حاول في أيام الحجاج إرجاع الحق إلى نصابه ، وإبادة الظلم ، وإشعال أنوار الحق ، فمال عنه ابن الأشعث ، ومات مسموما ، سمه الوليد بن عبد الملك بن مروان.

يقول مولانا وحجة عصرنا / مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى في كتابه (التحف شرح الزلف) الطبعة الثالثة ص ٦٧ في ترجمته للإمام زيد بن علي عليهم‌السلام :

«ولما ظهرت الضلالات ، وانتشرت الظلمات ، وتفرقت الأهواء ، وتشتت الآراء في أيام الأموية ـ وإن كان قد نجم الخلاف في هذه الأمة من بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أنها عظمت الفتن ، وجلت المحن في هذه الدولة ـ وصار متلبسا بالإسلام من ليس من أهله ، وادعاه من لا يحوم حوله ، وقام لرحض الدين ، وتجديد ما أتى به رسول رب العالمين ، الإمام زيد بن علي ، يقدم طائفة من أهل بيته وأوليائهم ، وهي الطائفة التي وعد الله الأمة على لسان نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنها لن تزال على الحق ظاهرة ، تقاتل عليه إلى يوم الدين ، أعلن أهل البيت صلوات الله عليهم الاعتزاء إلى الإمام زيد بن

٢٢

علي ؛ بمعنى أنهم يدينون الله بما يدينه من التوحيد والعدل والإمامة ، ليظهروا للعباد ما يدعونهم إليه من دين الله القويم ، وصراطه المستقيم ، وكان قد أقام الحجة ، وأبان المحجة ، بعد آبائه صلوات الله عليهم ، فاختاروه علما بينهم وبين أمة جدهم.

قال الإمام الكامل عبد الله بن الحسن بن الحسن : «العلم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب ، والعلم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي».

وقال ابنه الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية : «أما والله لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين ، وأقام عمود الدين إذ اعوجّ ، ولن نقتبس إلا من نوره ، وزيد إمام الأئمة» انتهى ، فلم يزل دعاء الأئمة ، ولا يزال على ذلك إن شاء الله إلى يوم القيامة.» انتهى.

وقال أيده الله في التحف أيضا تحت عنوان الرافضة ص ٦٨ الطبعة الثالثة :

«وحال الإمام الرضي ، السابق الزكي الهادي المهدي ، زيد بن علي ، وقيامه في أمة جده ، طافح بين الخلق ، ولم يفارقه إلا هذه الفرقة الرافضة التي ورد الخبر الشريف بضلالها ، وسبب مفارقتهم له مذكور في كتاب معرفة الله للإمام الهادي إلى الحق وغيره من مؤلفات الأئمة والأمة ، فإن الأمة اجتمعت على أن الرافضة هم الفرقة الناكثة على الإمام زيد بن علي ولكنها اختلفت الروايات في سبب نكثهم عليه ، وأهل البيت أعلم بهذا الشأن إلى آخر ما ذكره أيده الله فيها.»

وقد كان للإمام زيد عليه‌السلام الفضل الكبير ، والجهد العظيم ، في إنارة الحق ، وكشف شبه الضلال ، وله مناظرات مهمة ومؤلفات عظيمة مثل :

١. كتاب المناظرات.

٢. المجموعان الحديثي والفقهي.

٣. كتاب الرد على المرجئة.

٤. كتاب الخطب والتوحيد.

٥. كتاب الاحتجاج في القلة والكثرة جمع فيه الآيات القرآنية في مدح القلة وذم الكثرة ، واحتج به على الشامي لما ناظره واحتج بأنهم الكثير.

٦. كتاب الإيمان.

٢٣

٧. كتاب الرسالة في إثبات الوصاية ، وغيرها.

وكذلك كان في عصره أخوه باقر علم الأنبياء عليهم‌السلام ، وكذلك كامل أهل البيت عبد الله بن الحسن وأخوته وأولاده السابقون إلى الله بالجهاد في سبيله ، والقائمون بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد أزهقت أرواحهم في سبيل الله عليهم رحمة الله وسلامه ، وكذلك الإمام يحيى بن زيد ، والإمام الصادق جعفر بن محمد عليهم‌السلام ، كل هؤلاء كان لهم ما تعجز عن صفته الأقلام في نشر الدين وإيضاح الحق ، وذلك معروف عند من له علم بالتاريخ.

وكذلك الإمام الحسين بن علي الفخي عليه‌السلام.

وكذلك الإمام أبو عبد الله أحمد بن عيسى بن زيد فقيه آل محمد صاحب الأمالي المعروفة بعلوم آل محمد.

وكذلك الإمام السابق محمد بن إبراهيم الذي ورد فيه عن الباقر عليه‌السلام : إن الله يباهي به الملائكة.

وكذلك الإمام نجم آل الرسول ، وإمام المعقول والمنقول ، القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم‌السلام قام بالدعوة إلى الله ، وتشرّد في البلاد هربا من الظالمين فلم يعقه ذلك عن نشر العلوم ، وإبانة الحق ، بل كان ينشرها في حال التشرد والخوف ، كما في مناظرته مع الملحد ، وقد استقرّ في بلاد الرس فملأ الدنيا علوما ، وقصد محل هجرته كثير من طلاب العلم النبوي ، فأرشد الكثير وأفادهم ، وتخرج عليه الكثير من العلماء والفقهاء.

وإنما ذكرت لك فيمن ذكرت لتعلم أنهم صلوات عليهم سلسلة متصلة بسيد الأوصياء ، وخاتم الأنبياء صلوات الله عليهم ، لم يختلط بها جهل ولا انقطاع ، بل كانت علومهم يلقيها الأول إلى الآخر تلقينا في الصغر واستدلالا في الكبر.

من قولهم مسند عن قول جدهم

عن جبرئيل عن الباري إذا قالوا

فهم كما ترى في كل عصر كوكبة تنير الظلم ، وتحفظ الدين ، وترد كيد الكائدين ، لا تحتاج إلى التنقيب عن عدالتهم ، بل هم مشهورون بالعلم والزهد والفضل ، ولم يتجهوا إلى الدنيا مع اقتدارهم عليها ، بل أعرضوا عنها ، فلم يظن بهم اتباع هوى ، ولا اقتراف ذنب ،

٢٤

ولا ميل عن حق.

ومع ذلك شهادة الصادق المصدوق لهم صلوات الله عليه وعليهم في حثه للأمة في الخبر المتواتر على التمسك بهم حين قال : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى».

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم».

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن عند كل بدعة يكاد بها الإسلام وليا من أهل بيتي موكلا ، يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين ، فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله».

وفيهم من كلام الله وكلام رسوله ما قد ملأ الأسفار ، واشتهر اشتهار الشمس وسط النهار ، ولمعرفة المزيد من ذلك عليك بمراجعة :

* كتاب الشافي للإمام عبد الله بن حمزة عليه‌السلام.

* تخريج كتاب الشافي للمولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي رحمه‌الله.

* كتاب ينابيع النصيحة للأمير الحسين عليه‌السلام.

* لوامع الأنوار لحجة عصرنا المولى مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى وأطال بقاه.

* شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني.

* كتاب فضائل الخمسة من الصحاح الستة.

وغيرها كثير ، فإنك إذا تصفحتها رأيت ما يبهرك من كثرة المناقب والفضائل والدلائل الدالة على حجيتهم ، ووجوب اتباعهم.

وبذلك علمت أنه لا يعرض عنهم إلا معرض عن دين الله ، ولا يعاديهم إلا محادّ لله.

قال مولانا الحجة شيخ الإسلام وإمام أهل البيت الكرام / مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله في كتابه (التحف شرح الزلف) في أثناء ترجمته للإمام الهادي عليه‌السلام

٢٥

١٧٨ ، الطبعة الثالثة] بعد تعديده مؤلفات الإمام الهادي عليه‌السلام ما لفظه : «قلت فانظر إلى هذا مع اشتغاله بإظهار الدين الحنيف ، وضربه بذي الفقار رءوس أهل الزيغ والتحريف ، وقد كان ابتداؤهم في التأليف من عصر الوصي عليه‌السلام ، فقد كانوا يكتبون ما يمليه عليهم من العلوم الربانية والحكم البالغة التي خص الله بها أهل هذا البيت الشريف ، ومؤلفاتهم بين ظهراني الأمة قد ملئوها بحجج العقول ، وأكدوها بصحاح المنقول ، أما التوحيد والعدل فإمامهم فيه والدهم الوصي ، الذي خطب به ، وبلغ الخلق على رءوس المنابر ، ولقنه أولاده الوارثين له كابرا عن كابر ، وأمّا سنّة جدهم فمن باب المدينة دخلوا ، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ، ولقد حفظ بعضهم عن باقر علم الأنبياء محمد بن علي سبعين ألف حديث.

وأما علوم اللغة فمنها ارتضعوا ، وفيها دبّوا ودرجوا ، ومن زلالها كرعوا ، يتلقونها أبا عن أب ، لم تدنسها ألسنة العجم ، ولا غيرتها تحاريف المولّدين ، بل تربّوا في حجور آبائهم الطاهرين ليس لهم همّ إلا تعريفهم ما أنزل الله من الفرائض ، وتبيين ما ضل عن الخلق من الغوامض ، لم يكن بينهم وبين أبيهم أمير المؤمنين ، وأخي سيد المرسلين ـ من كلامه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق ، من احتذت على آثاره فصحاء الأمة ، واقتبست من أنواره بلغاء الأئمة ـ إلا إمام سابق ومقتصد لاحق ، وهم العرب الصميم ، وأرباب زمزم والأباطح والحطيم ، فلو لا أن ما نقلته النقلة من أهل اللغة موافق لكلام الله وكلام رسوله ، وأهل بيته لما قبلناه منهم ، ولما أخذناه عنهم ، فهو معروض على هذه الأصول الحكيمة ، والقواعد الراسخة القويمة ، ومن له عناية في اقتفاء آثار أهل بيت نبيه أمكنه أن يأخذ من كلامهم متون اللغة وإعرابها ، وتصريفها ، ومعانيها ، وبيانها ، وبديعها ، وتأليفها ، وحقائق التأويل ، وطرائق التنزيل ، فلم يأتمنهم الله على دينه إلا وهم أهل لحمله وتلقينه ، (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤].» انتهى.

ومن هنا يظهر لنا سبب تفرّق الأمة ، وأنه تركها لقادتها ، واتباعها لغيرهم ، بل وقتلهم إياهم ، وتشريدهم وتطريدهم. ومن خالف دليله أو قتله في وسط المفازة المغوية ضلّ بلا شك ولا ريب ، وقد أنبأنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن التمسك بهم أمان من الضلال. ويظهر أيضا السبب الذي يمكن للأمة لو تركت الأهواء أن تتوحد حوله ، لا ما

٢٦

يروّقه البعض من أن الدوافع للوحدة تساهل الناس في دينهم ، وإهمالهم لبعض عقائدهم ، لأن الاعتصام يجب أن يكون بحبل الله ، وهم والقرآن حبل الله ، وهم تراجمة كتابه ، فيجب على كل دعاة الوحدة الإسلامية الدعوة إلى الالتفاف حول كتاب الله وحول تراجمته ، ليكون التوحد على الحق ، وعلى ما أراد الله.

ولو أننا نظرنا في تاريخهم وسيرهم بغض النظر عن ما جاء فيهم ، لكان ذلك كافيا لنا في أنهم أهل الدين وحرّاسه ، وعموده وأساسه ، وأن من أراد الحق كان تابعا لهم صلوات الله عليهم ، وأن من جانبهم أو عاداهم ما جانبهم ولا عاداهم إلا اتباعا لهواه ، طاعة لحقد دفين عليهم ، أو حسدا في صدره عليهم (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [النساء : ٥٤].

وبهذا يظهر لك عدم صحة ما يتقوله من ينسبهم إلى المعتزلة ، مع أن المعتزلة يفتخرون بانتسابهم إليهم ، ويسندون مذهبهم إلى علي عليه‌السلام ، وهؤلاء المتقولون ليس لهم دليل ولا ما يشبهه على نسبة مذهب أهل البيت عليهم‌السلام إلى المعتزلة إلا توافقهم في العدل والتوحيد.

ويكفي في الرد عليهم تصريح المعتزلة بإسنادهم لمذهبهم إلى علي عليه‌السلام ، وأيضا السلسلة التي ذكرناها من أهل البيت متصلة إلى علي عليه‌السلام ، يأخذ كل عالم من عالم أو علماء من أهله ، لم تحصل فترة انقطاع حتى يأخذوا فيها عن غير أهلهم.

يقول الإمام أبو طالب عليه‌السلام في كتابه (الدعامة) ـ الذي طبعه الدكتور ناجي حسن تحت عنوان الزيدية للصاحب بن عبّاد وهو للإمام أبي طالب عليه‌السلام ـ ص (٢٤٢) الطبعة الأولى (١٩٨٦ م) ، طبع (الدار العربية للموسوعات) في الاستدلال على إمامة الإمام زيد عليه‌السلام ما لفظه :

«فمنها [أي من خصال الإمامة فيه عليه‌السلام] اختصاصه عليه‌السلام بعلم الكلام ، الذي هو أجلّ العلوم وطريق النجاة ، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه ، والتقدم فيه والاشتهار عند الخاص والعام. هذا أبو عثمان الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به ، ويشهد له بنهاية التقدم فيه ، وجعفر بن حرب يصفه في كتاب الديانة ، وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبد الله الإسكافي ، وغيره ينتسبون إليه في كتبهم ويقولون : نحن

٢٧

زيدية ، وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه مع أنها تنظر إلى سائر الناس بالعين التي تنظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلا ، فلو لا ظهور علمه وبراعته وتقدمه عليه‌السلام كل أحد في فضيلته لما انقادت المعتزلة له ، وإذا أردت تحقيق ما قلناه فسم بعض تلامذتهم أو متوسطيهم أن ينسب إلى غيره من أهل البيت عليهم‌السلام ممن بعد ، ممن لا تحصيل له في رتبة زيد عليه‌السلام ، لتسمع منه العجائب.» انتهى.

المؤلف

وامتدادا لهذا النور وتواصلا لهذه السلسلة المباركة كان وجود الإمام الأعظم ، إمام اليمن ، محيي الفرائض والسنن ، وليس محتاجا إلى تعريف فهو أعرف من المعرفة وأشهر من نار على علم ، عرفه الخاص والعام ، والعالم والجاهل ، والمخالف والمؤلف ، قام في اليمن باحياء الفرائض والسنن ، وأباد البدع والمبتدعين ، مقارعة بالحجة والبيان ، وجهادا بالسيف والسنان ، لم تزل كراماته إلى هذا الزمن تترى ، يعرفها العامة والعلماء ، ونحن سنذكر هنا شيئا من أحواله وفضائله تبركا بذلك فنقول :

هو الإمام الهادي إلى الحق أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام.

أمه أم الحسن بنت الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام.

ولد بالمدينة المنورة سنة خمس وأربعين ومائتين.

وكان له أهمية كبيرة بين أهله عليهم‌السلام منذ مولده لما فيه من الأخبار والبشارات به لديهم.

فقد حمل حين ولد إلى جده القاسم عليه‌السلام فوضعه في حجره المبارك وعوّذه وبرّك عليه ، ودعا له ، ثم قال لأبيه بم سميته؟.

قال يحيى ، وقد كان للحسين أخ لأبيه وأمه يسمى يحيى توفي قبل ذلك ، فبكى القاسم عليه‌السلام حين ذكره وقال : هو والله يحيى صاحب اليمن.

٢٨

قال الإمام أبو طالب عليه‌السلام في كتابه الإفادة في تاريخ الأئمة السادة بعد حكاية هذه القصة : وإنما قال ذلك [يعني القاسم عليه‌السلام] لأخبار رويت بذكره وظهوره باليمن ، وقد ذكرها العباسي المصنف لسيرته عليه‌السلام.

وكذلك في حال كبره كانت له بين أهله المكانة المرموقة ، يروي مصنف سيرته علي بن محمد العباسي العلوي عن أبيه محمد بن عبيد الله رضي الله عنهم أنه كان مع الهادي عليه‌السلام ومعه أبوه الحسين بن القاسم وعمّاه محمد والحسن وأخوه عبد الله بن الحسين عليهم‌السلام وجماعة فتيانهم ، وأنه كان في مسجد قدّام المنزل الذي كانوا فيه قال : فلما حضرت صلاة العتمة قمنا إلى الصلاة ، فقال الهادي إلى الحق لعمه محمد بن القاسم : تقدم يا عم صلّ بنا ، فقال : سبحان الله يا بني لا يجوز أن أتقدم عليك!

فقال الهادي إلى الحق : قد جعلت الأمر إليك ، فتقدم فصل بنا.

فتقدم محمد بن القاسم صلى الله عليه ، فصلى بنا العتمة ، فلما فرغ من صلاته وسلم ، التفت إلى الهادي إلى الحق ، فقال له : يا ابن أخي استغفر لي ، فإني قد تقدمت عليك ، وصلّيت بك ، وكنت أحقّ بالتقدم مني ، فقال له الهادي إلى الحق : غفر الله لك يا عم. انتهى من سيرة الهادي عليه‌السلام ص (٣٧) بتصرف.

ومن الأخبار الواردة فيه صلوات عليه ما نقله صاحب الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية تأليف الفقيه الأجل العالم حسام الدين حميد بن أحمد المحلي ، قال : وقد روينا عن بعض علمائنا رحمهم‌الله تعالى رواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «يخرج في هذا النهج ـ وأشار بيده إلى اليمن ـ رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، يحيي الله به الحق ويميت به الباطل» انتهى.

هذا وورعه وشجاعته وزهده وعبادته شهيرة ظاهرة بين أهل النقل ، حتى بين المخالفين ، ولو نقلنا ذلك لاحتجنا إلى نقل كلام كثير ، ومن أراد الاطلاع على ذلك فليراجع :

* سيرته عليه‌السلام ، تأليف علي بن محمد بن عبيد الله العلوي تحقيق الدكتور سهيل زكار طبعة دار الفكر.

* الشافي للإمام عبد الله بن حمزة عليه‌السلام.

٢٩

* شرح أنوار اليقين للإمام الحسن بن بدر الدين.

* الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية تأليف حميد بن أحمد المحلي رحمه‌الله.

* الإفادة في تاريخ الأئمة السادة للإمام أبي طالب عليه‌السلام.

* التحف شرح الزلف للمولى الحجة مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله.

وغيرها فإنك إذا راجعت سيرته ، وعرفت أحواله ، عرفت أنها سيرة أئمة الهدى الذين يسيرون سيرة علي المرتضى ، والنبي المصطفى ، عليهم صلوات الله وسلامه.

أما علمه عليه‌السلام فلا يحتاج إلى استشهاد ، لانتشار مؤلفاته وأقواله ، بل لقد كان سباقا في معرفة علوم المخالفين وفقههم ، مبرزا فيه حتى على علمائهم ، يقول أبو بكر بن يعقوب عالم أهل الري وحافظهم ، حين ورد عليه اليمن فيما رواه عنه الإمام أبو طالب عليه‌السلام في كتاب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة :

«قد ضل فكري في هذا الرجل ـ يعني يحيى بن الحسين عليه‌السلام ـ فإني كنت لا أعترف لأحد بمثل حفظي لأصول أصحابنا ، وأنا الآن إلى جنبه جذع ، بينا أجاريه في الفقه وأحكي عن أصحابنا قولا ، إذ يقول : ليس هذا يا أبا بكر قولكم فأرادّه ، فيخرج إليّ المسألة من كتبنا على ما حكى وادعى ، فقد صرت إذا ادعى شيئا عنّا أو عن غيرنا لا أطلب معه أثرا.».

جهاده

أما جهاده عليه‌السلام فقد قام في أرض اليمن وظهر سلطانه ، وطرد جنود المسودة بعد وقعات كثيرة كانت اليد له فيها عليهم سنة ثمانين ومائتين.

وله عليه‌السلام مع القرامطة نيف وسبعون وقعة ، كانت له اليد فيها عليهم ، وله ليلة معهم تشبه ليلة جده علي بن أبي طالب عليهم‌السلام التي تسمى ليلة الهرير ، لم يحص هو ولا غيره كم قتل فيها ، وكان موصوفا من حال صباه بفضل القوة والشدة والبأس والشجاعة ، وكان يضرب ضربات جده أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٠

صفته عليه‌السلام

كان أسديا أنجل العينين ، غليظ الساعدين ، بعيد ما بين الصدر والمنكبين ، خفيف الساقين والعجز ، كالأسد.

مؤلفاته عليه‌السلام

أما مؤلفاته ففيها العلوم الواسعة في شتى فنون العلم منها غير ما في هذا المجموع :

١. الأحكام في بيان الحلال والحرام جزءان مطبوع.

٢. المنتخب مما سأل عنه محمد بن سليمان الكوفي يحيى بن الحسين عليه‌السلام مطبوع.

٣. وكتاب المزارعة.

٤. وكتاب أمهات الأولاد.

٥. وكتاب العهد.

٦. وكتاب تفسير القرآن ستة أجزاء.

٧. ومعاني القرآن سبعة أجزاء.

٨. وكتاب الفوائد جزءان.

٩. وكتاب مسائل نصارى نجران.

١٠. وكتاب بوار القرامطة.

١١. وكتاب الرد على الإمامية.

١٢. وكتاب الخشية.

١٣. وكتاب النهي.

١٤. وكتاب تثبيت الإمامة.

١٥. وكتاب الفنون.

١٦. وكتاب الرضاع.

٣١

قال المولى الحجة العلامة / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي في كتاب التحف شرح الزلف ص ١٧٢ الطبعة الثالثة :

«وما نشر الله في أقطار الدنيا أنواره ، وبث في اليمن الميمون بركاته وآثاره منذ أحد عشر قرنا ، إلا لشأن عظيم ، ولقد ملأ اليمن أمنا وإيمانا وعلما وعدلا ، ومساجد ومعاهد ، وأئمة هدى ، وما أصدق قول القائل فيه عليه‌السلام :

فسائل الشهب عنه في مطالعها

والفجر حين بدا والصبح حين أضا

سل سنة المصطفى عن نجل صاحبها

من علم الناس مسنونا ومفترضا

وكراماته المنيرة ، وبركاته المعلومة الشهيرة ، مشرقة الأنوار ، دائمة الاستمرار على مرور الأعصار ، وما أحقه بقول القائل في جده الحسين السبط صلوات الله :

أرادوا ليخفوا قبره عن وليه

فطيب تراب القبر دل على القبر

وفاته عليه‌السلام

قبضه الله إليه شهيدا بالسم وعمره ثلاث وخمسون سنة ، ليلة الأحد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين ، ودفن يوم الاثنين في قبره الشريف المقابل لمحراب جامعه الذي أسسه بصعدة.

الكتاب

أما الكتاب فهو جنة كثيرة الأشجار ، متنوعة الثمار ، دانية القطوف ، فيه كتب كثيرة الفائدة ، وهذه الكتب تحف مرصعة بجواهر الأدلة العقلية والنقلية ، وفيها شفاء لكثير من أدواء هذه الأمة ، التي كان أهل هذا البيت عليهم‌السلام أحرص الناس على وقايتها من ما وقع عليها منها ، وعلى شفائهم مما أصيبوا به منها ، أسوة منهم صلوات الله عليهم بجدهم

٣٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتب هذا المجموع هي (١) :

١. كتاب البالغ المدرك :

وفيه يشرح الإمام عليه‌السلام ما يجب على البالغ المدرك من النظر بعقله في أعاجيب المخلوقات ، ليعرف أن لها مدبرا حكيما ، ثم يعرف نعمه عليه ، ثم وجوب شكرها عليه ، ثم معرفة أن دارا بعد هذه الدار يثاب فيها المطيعون ، ويعاقب العاصون ، ثم معرفة أنه لا بد من رسول مؤيد بالمعجزات لينبئ عن الله بما يجب شكره به ، ثم ما يلزم من أدرك الرسل ، وما يلزم من تراخت به الأيام عن عصرهم ، وبيّن فيه أقسام الأخبار ، ثم بين فيه الفترات التي بين الرسل التي يتحير في مثلها الضلال ، وذكر أيضا النظر الصحيح وشروطه ، وجعل الاستدلال فيها عقليا.

٢. وكتاب معرفة الله عزوجل من العدل والتوحيد وإثبات النبوة في النبي عليه وآله السلام :

شرح فيه عليه‌السلام هذه الأصول وذكر أدلتها ، وشروط الإمام ، وذكر فيه سبب رفض الرافضة للإمام زيد بن علي عليه‌السلام ، وذكر فيه مفاهيم متفرقة يوردها المجبرة شبها للقول بالجبر ؛ مثل : الهدى والضلال والإثم والإرادة ونحوها ، وكذلك فسّر عليه‌السلام فيه معاني متفرقة للكفر ؛ والشرك ؛ والمحكم ؛ والمتشابه ؛ وغيرها ، وذكر فيه أيضا تنزيه الأنبياء عليهم‌السلام.

٣. كتاب التوحيد :

وفيه يذكر وحدانية الله وتنزيهه عن مشابهة خلقه ، وعن أن يرى بالأبصار ، وذكر فيه العلم والقدرة والسمع والبصر ، وما يوصف الله به ، ونفي البداء عنه ، وأن العقل حجة على أهل الفترة ، وأنه لا يغضب على من لم يغضبه ، ولا يرضى على من لم يرضه.

__________________

(١) الترتيب المذكور هنا هو حسب ترتيبها في الأصل المنسوخ عنه.

٣٣

٤. جواب مسألة الرجل من أهل قم :

وفيها سأله عن معرفة الله تبارك وتعالى ما تصرفها في الخلق ، وكيف تكوينها في العباد ، وما محلها في الأجساد ، وهل هي من أفعال المخلوقين ، أم هي خلق لأحسن الخالقين.

وأجابه عليه‌السلام بأنها كمال العقل ، وأنها متفرعة منه ، محتاجة إليه ، وأطال في الاستدلال على ذلك ، وأورد إيرادات وأجاب عنها ، وسأله عن الدليل على أن الله خلق الأشياء لا من شيء ، وعن العلة في بعثة الرسل.

٥. وجواب مسائل الحسين بن عبد الله الطبري :

وحاصلها التباس على السائل في وجه بعض ما فعله الهادي عليه‌السلام من السيرة ؛ من الزيادة على الحد ، وخرص الثمار ، وأخذ المال من الرعية ، وكذلك سأله عن جواز العشر لآل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك كيفيّة قسم الزكاة على أصنافها ، وسأله بم تثبت الإمامة في الإمام من آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فأجاب عن ذلك ، وكشف المشكل وحله ، وضرب الأمثال ، وكذلك الدليل على نبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيه وجه الكلام إلى من يقر بالتوحيد ، وذكر معجزات له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتواترها ، وأنه يحصل العلم بالمتواتر.

٦. وكتاب الجملة وفيه ذكر جملة أصول الدين :

وأصول الشرائع ، وكثير من الشرائع على سبيل التعديد والجمل.

٧. وكتاب المنزلة بين المنزلتين :

وفيه ذكر الدليل على أن الحق في يديه هو ومن معه دون غيرهم ، فقسم الأمة إلى أصنافها ، ثم ذكر كل أصل خولف فيه ، فأثبت شهادتهم على كل أصل وبقاءه عليه ، وخروج المخالف عن الأصل بأسلوب عجيب.

ثم ذكر فيه أبوابا يبين ذكر الله لكل أصل منها في كتابه ، ويورد في ذلك الباب ما في ذلك الأصل من الآيات مثل : التوحيد ، وخلق القرآن ، وعدل الله في كتابه ، وذكر قضاء الله في كتابه ، وذكر قدر الله في كتابه ، وذكر الإرادة في الكتاب ، وذكر المشيئة في الكتاب ، وذكر المحبة في الكتاب ، وذكر الرضى في الكتاب ، وذكر أعمال العباد في كتاب

٣٤

الله ، وذكر مشيئة العباد وإرادتهم في كتاب الله ، وذكر العبادة في الكتاب ، وذكر أن الله لم يفعل فعل عباده في الكتاب ، وذكر الاستطاعة في الكتاب ، وذكر عدم تعذيب الله الأطفال والمجانين ولا من ليس له ذنب في الكتاب ، وذكر حسن نظر الله لعباده في الكتاب ، وذكر المؤمنين في الكتاب ، وذكر الأعمال الصالحة في الكتاب ، وباب ذكر الوعيد في الكتاب ، وباب ذكر أهل الكبائر وبراءتهم من الكفر ، وباب ذكر الأحكام في الكفار ، وباب ذكر المنافقين في كتاب الله ، وباب ذكر المنزلة بين المنزلتين في الكتاب ، وباب ذكر القيام بالقسط في الكتاب.

٨. وكتاب تفسير العرش والكرسي :

وفيه يذكر المشبهة ، وشيئا من أقوالهم ، ثم يذكر تفسير العرش والكرسي ، وشرح ذلك ، واستدل عليه.

٩. وجوابه لأهل صنعاء على كتاب كتبوه إليه عند قدومه البلد :

وفيه يذكر جملة ما يدين الله به في كثير من مسائل الشريعة.

١٠. وكتاب أصول الدين :

وفيه يذكر ما يدين الله به مع الأدلة من التوحيد ، وعدل الله ، والوعد والوعيد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفيمن تكون الإمامة.

١١. وكتاب الرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه :

وفيه يفند قول هذا القائل ، ويورد عليه الإلزام.

١٢. وكتاب فيه جواب مسائل متفرقة سأله عنها ابنه المرتضى عليهما‌السلام :

وفي آخره مسألتان من مسائل علي بن محمد العلوي.

١٣. ومسائل محمد بن عبيد الله :

فيها مسائل متفرقة.

٣٥

١٤. ومسألة في الرد على سليمان بن جرير في الرضى والسخط.

١٥. وموعظة عند آخر حروبه بنجران :

وفيها من الوعظ وضرب الأمثال الكثير الطيب ، وفيها من الوعظ ما يذكّر بكلام جده علي عليهما‌السلام. وفي آخره وصف لبعض سيرة الهادي عليه‌السلام من محمد بن سعيد اليرسمي وزير الهادي عليه‌السلام.

١٦. وكتاب دعوة وجه بها إلى أحمد بن يحيى بن زيد :

ومن قبله ، وفيه مواعظ ، وحث على الجهاد ، وتبيين لمن يكون معه الجهاد من الأئمة ، ومعرفة الإمام.

١٧. ومسألة لأبي القاسم محمد بن يحيى عليهما‌السلام :

سأله عمن قذف مملوكة هل حده كحد من قذف حرة ، وعن معنى : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ ...) [المائدة : ١٠٣].

١٨. وكتاب القياس :

وفيه يورد تساؤلا عن سبب افتراق الأمة في الحلال والحرام ، وأنه مخالفتهم لأهل البيت عليهم‌السلام ، وضرب في ذلك مثالا ، وتكلم وبين معنى أن كل شيء موجود في الكتاب والسنة ، ويذكر شروط العالم ، وكيف يكون علمه حتى يتمكن من الاستنباط.

والذي يظهر من كلامه عليه‌السلام أنه لم يرد بالقياس هنا القياس المصطلح عليه عند الأصوليين ، بل استخراج كل ما ليس فيه نص صريح سواء كان بالقياس أو غيره ، وفيه يذكر تفاضل العلماء في علمهم ، وأن أهل البيت عليهم‌السلام أولى الناس بفهم أحكام رب العالمين ، ويذكر فضلهم وعلمهم ووجوب الرد إليهم ، والأدلة على اصطفائهم واختيارهم.

وبيّن القياس الباطل ، ثم بين من يجب اتباعه من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبيّن أين يقع الاختلاف بينهم ، وكيف المخرج منه ، وكيف يميز؟

٣٦

١٩. ومسائل أبي القاسم الرازي رحمه‌الله تعالى :

وفيه يجيب عن سؤال في المساواة والتفضيل في العقل ، وعن كيفية أخذ الوحي عن الله ، وعن كيفية الحساب ، ومعناه يوم المعاد ، وعن معنى يوم القيامة ، وعن من تجب عليه الهجرة في سبيل الله ، وعن معنى كلام الله لموسى عليه‌السلام ، وعن معنى النفخ في الصور ، وعن الروح ما هي؟ وعن فضل الملائكة على الأنبياء ، وعن معنى قول الله سبحانه : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر : ٦٧] وعن معنى قول الله سبحانه : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدثر : ٣٨] وعن الفرق بين الاسم والمسمى ، وعن وسوسة إبليس كيف تكون منه إلى الآدمي ، وعن خلق الملائكة والشياطين من أي شيء خلقت؟ وعن معنى قول الله سبحانه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [إبراهيم : ٤٨] وعن أهل القبلة من أين يلزمهم الكفر ، وعن إقامة الحق عن من لم يشمله عطاء الإمام ، وعن معنى قول الله سبحانه : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٤٤] وعن متى يعلم العبد أنه صادق عند ربه ، وعن العقل ما هو؟ وعن رياضة النفس ما هي؟ وكيف تكون؟ وعن متى يعلم العبد أنه مجتهد في رضاء الله ، وعن علم العبد أنه قد استوجب الجنة ، وعن مساواة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحق بين الغني والفقير ، وعن أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجزية من العروض ، وعن كيفية تكليم أهل الجنة لأهل النار ، وعن اجتماع أهل البيت الواحد في الجنة ، وعن المناصفة بين العباد في الآخرة ، وعن خروج أكثر من إمام في عصر واحد ، وعن قول الله سبحانه : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ ...) [الأعراف : ٤٦] ، وعن رفع اليدين في الصلاة ، وعن صلاة التراويح في شهر رمضان ، وعن الرجل يتزوج امرأة لا تعرف الدين ، ومذهبها على خلاف مذهبه ، وعن مصالحة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنصارى بني تغلب ، وعن معراج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى السماء ، وعن قول الله سبحانه : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٩] ، وعن الأعجمي لا يحسن إلا سورة أو سورتين ، وعن تعلم النساء.

٢٠. وكتاب خطايا الأنبياء عليهم‌السلام :

وفيه يذكر الهادي عليه‌السلام خطايا الأنبياء التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن ،

٣٧

ويورد قصصها ويبين فيه نزاهة الأنبياء عليهم‌السلام عما رماهم به الجاهلون ، وفي آخره مسائل عن آيات موسى التسع ، وعن معنى قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصفات : ٩٦] وعن ما كان عليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل البعثة ، وعن تفسير : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وعن تفسير : العرش والكرسي ، وعن الرجل يكتفي باليسير ولا يطلب العلم ، وعن الرجل لا يستطيع الهجرة مخافة التلف ، وعن معنى قول الله سبحانه : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) [آل عمران : ٢٦].

٢١. وكتاب الرد على المجبرة القدرية :

وفيه يفنّد قول أهل الجبر ، ويورد عليهم آيات من كتاب الله يسألون عنها ، ويلزمهم فيها القول بالعدل أو الكفر بما أنزل الله ورده.

٢٢. وكتاب العرش والكرسي للهادي عليه‌السلام :

يبين فيه معنى العرش والكرسي ، مع ما فيه من الصعوبة.

٢٣. وكتاب الرد على الحسن بن محمد بن الحنفية :

رد الإمام عليه‌السلام على ثلاثة وأربعين مسألة أورد فيها السائل كل ما يمكن للمجبرة أن يوردوه ، فرد الإمام عليه‌السلام وبين التفسير الصحيح للآيات التي استدل بها السائل داعما تفسيره بآيات القرآن الكريم واللغة العربية والعقل ، ولم نعرف أحدا رد على هذه المسائل غير الإمام الهادي عليه‌السلام.

٢٤. وكتاب الرد على المجبرة القدرية :

مما أجاب به صلوات الله عليه ابنه المرتضى لدين الله محمد بن يحيى ، وهو كتاب ذكر فيه ما تحتج به المجبرة ، وأبطل احتجاجها ، وبين التفسير الصحيح للآيات التي احتجوا بها ، وذكر الآيات التي تشهد بعدل الله ونفي الجبر ، ثم ذكر شواهد العقل على نفي الجبر

٣٨

وإثبات العدل (٢).

هذا ، وقد حاولنا إخراج هذا الكتاب سليما من الأغلاط قدر الجهد ، وقد اعتمدنا على أربع نسخ ، وهي :

١ ـ نسخة وقع الصف عليها ، وقد رمزت إليها ب (أ) ، وهي واضحة الخط قليلة الأغلاط ، ويظهر أنها قد قرأت على مولانا العلامة المجتهد / مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله تعالى عام ١٣٥٩ ه‍ ، إذ فيها تعليق في الهامش من إملائه مؤرخ بهذا التاريخ ، وهي مصورة على نسخة من مكتبة السادة آل الهاشمي ، وهي بخط أحمد بن عبد الله بن أحمد بن علي مشحم ، نسخها للسيد إسماعيل بن عبد الله الهاشمي رحمه‌الله ، وتاريخ الانتهاء من كتابتها هو سنة ١٣٣٥ ه‍.

٢ ـ نسخة صورتها مكتبة اليمن الكبرى عنوانها (المجموعة الفاخرة) وهي جيدة الخط ، وفيها بعض التصحيف ، وشيء من النقص في بعض الجمل أو بعض الكلمات ، وفي آخرها ما لفظه : (كان تمام زبر هذا الكتاب المبارك في يوم الجمعة لعله ثامن شهر الحجة الحرام سنة ألف وسبعة وتسعين ، وذلك بعناية سيدي الصنو القاضي ضياء الدين يحيى بن الحسين السحولي حفظه الله تعالى بخط العبد الفقير إلى الله الفقيه حسين بن علي حثيث وفقه الله) وقد رمزت إليها ب (ب).

٣ ـ ونسخة مخطوطة من كتب السادة آل العنثري وهي واضحة الخط قليلة الأغلاط.

٤ ـ ونسخة مصورة من مكتبة السيد العزيز عبد الحميد سراج الدين عدلان حفظه الله تعالى ، وهي جيدة الخط قليلة الأغلاط.

هذا بالإضافة إلى رسائل العدل والتوحيد دراسة وتحقيق الدكتور محمد عمارة.

__________________

(٢) النسخة (أ) المعتمدة في هذين الكتابين هي رسائل العدل والتوحيد دراسة وتحقيق الدكتور محمد عمارة الطبعة الثانية ١٤٠٨ ه‍ دار الشروق ـ القاهرة. (ب) هي نفس النسخة (ب) في الكتب المتقدمة.

٣٩

هذا وقد جعلنا ما كان منا إضافته بين معكوفين ، هكذا [ ] ، ولم نزد فيها شيئا ، ولم ننقص سوى العناوين. وقد نقلنا هوامش من نسخة «أ» ، ونبهنا على ذلك بقولنا : تمت هامش «أ».

وأرجو من كل من وجد خطأ أن ينبهني عليه أو يصلحه ، فالنقد عمل إيجابي لا يجوز أن ندعو الناس إلى تركه ونتّهم من مارسه بأنه صار عبئا على المجتمع ؛ كما يقوله بعض المحققين الذين عمدوا إلى التلاعب بكتب الزيدية ـ حرسها الله ـ بدعوى التحقيق.

هذا ، وأتقدم بجزيل الشكر إلى كل من قدم لي العون والمساعدة من المشايخ ، والطلاب ، والزملاء ، والأصدقاء حفظهم الله ، وجزاهم الله خيرا كثيرا.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، والحمد لله أولا وآخرا.

عبد الله بن محمد الشاذلي

مركز أهل البيت (ع) للدراسات الإسلامية

اليمن ـ صعدة ـ ص ب (٩١٠٦٤)

٤٠