منازل الآخرة والمطالب الفاخرة

الشيخ عباس القمي

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: السيد ياسين الموسوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-223-9
الصفحات: ٣٠٨

ما لا يليق بهم.

* وقد ذكر الشيخ البهائي هذا المثال في الكشكول.

وجاء به منظوماً (١).

روي انّه كان في جبل لبنان رجل من العباد منوزوياً عن الناس في غار في ذلك الجبل ، وكان يصوم النهار ويأتيه كل ليلة لاغيف يفطر على نصفه ويتسحر بالنصف الآخر ، وكان على ذلك الحال مدة طويلة لا ينزل من ذلك الجبل أصلاً ، فاتفق أن انقطع عنه الرغيف ليلة من الليالي ، فأشتد جوعه وقل هجوعه فصى العشاء ين وبات في تلفك الليلة في انتظار شيء يدفع به الجوع فلم يتيسر له شيء ، وكان في أسفل ذلك الجبل قرية سكانها نصارى فعندما أصبح العابد نزل إليهم واسصتطعم شيخاً منهم فأعطاه رغيفين من خبز الشعير ، فأخذهما وتوجه الى الجبل وكان في دار ذلك الشيخ كلب جرب مهزول ، فلحق العابد ونبح عليه وتعلق بأذياله فألقى عليه العابد رغيفاً من ذينك الرغيفين ليشتغل به عنه ، فأكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرّة اُخرى وأخذ في انباح والهرير فألقى إليه العابد الرغيف الآخر فأكله ولحقه تارة ثالثة واشتد هريره وتشبذ بذيل العابد ومزقه فقال العابد سبحان الله! انّي لم أركلباً أقل حياءً منك أن صاحبك لم يعطني إلاّ رغيفين وقد أخذتهما مني ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي ، فأنطق الله تعالى الكلب فقال : لست أنا قليل الحياء اعلم انّي ربيت في دار ذلك النصراني احرس غنمه واحفظ داره واقنع بما يدفعه إلي من خبز أو عظام ، وربما نسيني فأبقى أيّاماً لا أكل شيئاً بل ربما تمضي أيّام لا يجد هو لنفسه شيئاً ولا لي ومع ذلك لم افارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت الى باب غيره ، بل كان دأبي انّه إن حصل شيء شكرت

__________________

(١) قال المؤلف رضي‌الله‌عنه (وانا اكتفي هنا بيظمه ونقله من الكشكول).

ولكننا اكتفينا بنقل المثال بما ذكره الشيخ البهائي نثراً وذلك لأن ترجمة القصيدة سوف تفقد غرضها الموسيقي والأدبي فلذلك فالا فضل الاقتصار على معنى القصيدة باللفظ العربي لاذي كتبه صاحب القصيدة ، وقد ذكره في : الكشكول ـ الشيخ البهائي : ج ١ ، ص ٣٤ ـ ٣٥ ، وأما القصيدة فقد ذكرها في الكشكول : ج ١ ، ص ٢٢٠ ـ ٢٢١.

٢٨١

وإلاّ صبرت ، وأما أنت فبانقطاع اللاغيف عنك ليلة واحدة لم يكن عندك صبر ، ولا كان لك تحمل حتّى توجهت من باب رزاق العباد الى باب نصراني ، وطويت كشحك عن الحبيب ، وصالحت عدوه المريب فقل ايّنا أقل حياءً أنا أم أنت؟

فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه على رأسه وخر مغشياً عليه.

* يقول المؤلّف : كم هو جميل في هذا المقام نقل ما قاله الشيخ سعدي حيث قال :

أجلُّ الكائنات من حيث الظاهر الانسان ، وأذلّ الموجودات الكلب ، وباتفاق العقلاء انّ الكلب الوفيّ خير من الانسان غير الشاكر للنعمة.

سگى را لقمه اى هر گز فراموش

نگردد گرزنى صد نوتبش سنگ

وگر عمرى نوازى سفله اى را

به كمتر چيزى آيد باتو در جنگ

يعني : لو اعطيت لكلب لقمة فانّه سوف لا ينساها أبداً ، حتّى لو رميته بالحجر مائة مرّة.

ولو تلطفت عُمراً على سافل فانّه سوف يحاربك لأجل أقلّ الأشياء.

* ومن المناسب جداً أن نذكر هذا الخبر الشريف هنا لينير القلب ويقرّ العين : روي انّ أبا عبدالله عليه‌السلام كان عنده غلام يمسك بغلته اذا هو دخل المسجد ، فبينما هو جالس ومعه البغلة اذا اقبلت رفقة من خراسان ، فقال له رجل من الرفقة : هل لك يا غلام أن تسأله ان يجعلني مكانك ، وأكون له مملوكاً ، واجعل لك مالي كله ، فانّي كثير المال من جميع الصنوف ، اذثب فاقبضه ، وأنا أقيم معه مكانك؟

فقال : اسأله ذلك.

فدخل على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : جُعلت فداك تعرف خدمتي ، وطول صحبتي ، فان ساق الله اليّ خيراً تمنعنيه؟

قال : اعطيك من عندي ، وامنعك من غيري.

فحكى له قول الرجل ، فقال : إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا ، قبلناه ، وأرسلناك.

٢٨٢

فلما ولّى عنه عاه ، فقال له : انصحك لطول الصحبة ولك الخيار ، فإذاكان يوم القيامة كان رسول الله متعلقاً بنور الله ، وكان أمير المؤمنين متعلقاً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان الأئمة متعلقين بأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا ، ويردون موردنا.

فقال الغلام : بل اقيم في خدمتك ، واوثر الآخرة على الدنيا.

وخرج الغلام الى الرجل ، فقال له الرجل : خرجت اليَّ بغير الوجه الذي دخلت به؟!

فحكى له قوله ، وأدخله على أبي عبد الله عليه‌السلام. فقبل ولاءه وأمر للغلام بألف دينار (١).

* يقول هذا الفقير لصاحب الذات القدسية : يا سيدي انّي مذ عرفت نفسي وجدتها على عتبة بابك ، ونبت لحمي وجلدي من نعمتك. املاً وأنا في أواخر عمري أن تتلطف عليّ بالحفظ ، ولا تبعدني عن هذه الباب ولي طلب اقدمه بلسان الذل والفاقة :

عن حماكم كيف انصرف

وهواكم لي به شرف

سيدي لا عشتُ يوم أُرى

في سوى أبوابكم اقف

* المثال الخامس :

(لبيان دناءة وخسة الجهل والحث على العلم والمعرفة).

ذكر أبو القاسم الراغب الاصفهاني في كتاب (الذريعة) :

(دخل حكيم على رجل فرأى داراً منجّدة ، وفرشاً مبسوطةً ، ورأى صاحبها خلوّاً من الفضيلة ، فبزق في وجهه.

فقال له : ما هذا السفه أيّها الحكيم؟

__________________

(١) الخرائج والجرائح للقب الراوندي : ج ١ي ، ص ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، الباب ١٠ ، (في معجزات الامام الجواد عليه‌السلام) ح ١٧. ونقله في البحار : ج ٥٠ ، ص ٨٧ ، ح ٣.

٢٨٣

قال : بل هذه حكمة. انّ البصاق لير مى في أخس مكان في الدار ، ولم أر في دارك أخس منك) (١).

* يقول المؤلّف : فنبّه هذا الرجل الحكيم بذلك على قباحة ودناءة الجهل ، وانّ القبح والدناءة لا تزول بمجرد اقتناء المنزل الجيد ولبس الألبسة الفاخرة.

ولكن لا يخفى انّ الفضيلة للعلم تكون باقتران العلم فانّ هذه الفضيلة توأم مع تلك الخصلة الشريفة.

ولقد أجاد من قال :

نيست از بهر آسمان ازل

نردبان پايه به زعلم وعمل

علم سوى دَرِ اله برد

نه سوى ملك ومال وجاه برد

هركه را علم نيست گمراه است

دست او زانسراى كوتاه است

كاربى علم تخم در شور است

علم بى كارزنده در گور است

حجّت ايزدى است در گردن

خواندن علم وكار ناكردن

آنچه دانسته اى به كار در آر

خواندان علم جوى از پى كار

تا تو در علم باعمل نرسى

عالمى فاضلى ولى نه كسى

علم در مزبله فرونايد

كه قدم باحدث نمى پايد

چند از اين ترّهات ومحتالى

چشمها درد ولاف كحّالى

دانش آنة خوبتر زبهر بسيج

كه بدانى كه مى دانى هيچ

يعني :

١ ـ ليس هناك سلّم يرتقى به الى سماء الأزل خير من العلم والعمل.

٢ ـ العلم يوصل بك الى الله ، ولا يوصلك الى المُلك والمال والجاه.

٣ ـ كل من ليس له علم فهو ضالّ ويده قاصرة عن الوصول إلى دار الآخرة.

٤ ـ والعمل بلا علم مثل البذر في أرض سبخة ، والعلم بلا كالحي في القبر.

__________________

(١) الذرية الى مكارم الشريعة للراغب الاصفهاني : ص ٤ طبعة مصر.

٢٨٤

٥ ـ حجّة الله قمت على من تعلّم العلم ولم يعمل به.

٦ ـ كلّ تعلّمته من العلم فاعمل به واطلب العلم بقصد العمل به.

٧ ـ مالم تواصل العلم بالعمل ، فانّك سوف تكون عالماً فاضلاً ، ولكنك لست بشخصيّة.

٨ ـ لا ينزل العلم في المزبلة ، فانّ القدم والحدوث لا يجتمعان.

٩ ـ كم من ثذه السخائف والحيل ، والاّدعاء بطبابة العيون مع كونك أرمداً.

١٠ ـ أحسن العلوم علم يهيّئك با ، تعلم بأنّك لا تعلم شيئاً.

* قال عيسى بن مريم عليهم‌السلام : أشقى الناس مَن هو معروف عند الناس بعلمه مجهول بعمله (١).

وقال الحكيم السنائي :

اي هواهاي تو خدا انگيز

وى خدايان تو خدا آزار

ره رها كرده اى از آنى گم

عزّ ندانسته اى از آنى خوار

علم كز تو تورانه بستاند

جهل از آن علم به بود صد بار

غول باشد نه عالم آنكه از او

شنوى گفت ونشنوى كردار

عالمت غافل است وتو غافل

خفته را خفته كى كند بيدار

كى دلا آيد فرشته تانكنى

سگ ز در دور وصورت از ديوار

ده بود آن نه دل كه اندروى

گاو وخر باشد وضياع وعقار

سائق وقائد وصراط إله

به ز قرآن مدان وبه زاخبار

يعني :

١ ـ يامن اتّخذ آلهته هواه والله بريء منك ومن آلهتك!.

٢ ـ تركت الطريق فضلت عنه ، ولم تعرف اعزّ فصرت ذليلاً.

٣ ـ العلم الذي لا يأخذ الأنانية منك فالجهل أفضل من ذلك العلم مائة مرّة.

__________________

(١) مصباح الشريعة : ص ٢٠ ـ ٢١ ، الباب ٨ (في آفة العلماء) ، ح ٢. ونقله في البحار : ج ٢ ، ص ٥٢ ، ح ١٩.

٢٨٥

٤ ـ وانّ ذلك الذي تسمع منه القول ، ولا تسمع عنه العمل انّما هو غول وليس عالماً.

٥ ـ عالِمُكَ غافل ، وأنت غافل ، فمتى كان النائم يوقظ النائم؟

٦ ـ فمتى تدخل عليك الملائكة اذا لم تبعد الكلب عن الباب تمحُ الصورة عن الحائط؟ (١).

٧ ـ انّ ذلك الذي في داخله بقر وحمار وضياع وعقار انّما هو قرية وليس قلباً.

٨ ـ ليس هناك سائق وقائد وصراط إلى الله أفضل من القرآن والسنّة.

تمّ ماكان مقداراً إثباته في هذه الرسالة الشريفة في النصف من شهر رمضان المبارك يوم ذكرى المولد السعيد للسبط الجليل لخير الورى الامام الحسن المجتبى عليه‌السلام سنة ١٣٤٧.

وبما انّ هذه الرسالة تمت في الشهر الشريف فمن المناسب ختمها بهذين الدعاء الشريفين :

* الأول :

روى الشيخ المفيد في كتاب (المقنعة) عن الثقة الجليل القدر علي بن مهزيار

__________________

(١) أقول : ورد في مجموعة من الروايات الشريفة انّ الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب أو صورة ، من ذلك مارواه الكليني في الكافي الشريف : ج ٣ ، ص ٣٩٣ ، ح ٢٧ ، بإسناد عن الامام الصادق عليه‌السلام قال :

« قال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله انّ جبرئيل عليه‌السلام أتاني فقال : إنّا معاشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا تمثال جسد ولا إناء يبال فيه ».

وروى الكليني في الكافي : ج ٣ ، ص ٣٩٣ ، ح ٢٦ عن الامام الباقر عليه السلام انّه قال :

« قال جبرئيل عليه‌السلام : يارسول الله! لا ندخل بيتاً فيه صورة انسان ولا بيتاً يبال فيه ، ولا بيتاً فيه كلب ».

وفي الكافي : ج ٦ ، ص ٥٢٧ ، ح ٣ ، بالإسناد عن الامام الصادق عليه السلام قال :

« انّ الجبرائيل عليه‌السلام قال : انّا لاندخل بيتاً فيه صورة ، ولا كلب ».

يعني : صورة الانسان ، ولا بيتاً فيه تمثال.

٢٨٦

عن الامام أبي جعفر الجواد عليهم‌السلام انّه قال :

يستحب أن تكثر من أن تقول في كل وقت من الليل أو النهار من أول الشهر الى آخره :

« ياذَا الَّذي كانَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، ثُمَّ يَبقى وَيَغنى كُلُّ شَيء ، ياذَا الَّذي لَيسَ كَمِثله شَيءٌ ، وَياذَا الَّذي لَيسَ فِي السَّماواتِ العُلى وَلا فِي الأَرَضينَ السُّفلى ، وفَوقَهُنَّ وَلا تَحتَهُنَّ ولا تَحتَهُنَّ وَلابَينُهنَّ إله يُعبَدُ غَيرُهُ ، لَكَ الحَمدُ حَمداً لا يَقوى عَلى إحصائه إلاّ أنتَ ، فَصَلِّ عَلى مُحمَّدٍ صَلاةً لا يَقوى عَلى إحصائِها إلاّ أنتَ » (١).

* الثاني :

روى الشيخ الكليني وغيره عن الامام جعفر الصادق عليه‌السلام هذا الدعاء الذي علّمه زرارة وأمره أن يدعو به زمان الغيبة وامتحان الشيعة :

« اللّهُمّ عَرِّفني نَفسَكَ فَإنَّكَ إن لَم تُعَرِّفني نَفسَكَ لَم أعرِف يَبِيَّكَ ، اللّهم عَرِّفني رَسُولَكَ فإنَّكَ إن لَم تُعَرِّفني رَسولكَ لَم أعرِف حُجَّتَ : ، اللّهم عَرِّفني حُجَّتَك فَإنَّكَ إن لَم تُعرِّفني حُجَّتَك ضَلَلتُ عَن ديني » (٢).

* واعلم انّ العماء قد ذكروا في كتبهم انّ منم تكاليف العباد في زمن الغيبة الدعاء لصاحب الزمان عليه‌السلام والتصدّق عن وجوده المقدّس.

* ومن جملة تلك الأجعية الواردة تقول دائماً بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي الأكرم وآله عليهم‌السلام :

« اللّهُمَّ كُن لِوَليّكَ الحُجَّة ِ بنِ الحَسَنِ صَلَواتُك عَلَيه وعَلى آباِئه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلّ ساعَةٍ وَليّاً وَحافِظاً وَناصراً وَدَليلاً وَعَيناً حَتّى تُسكِنَهُ أرضَكَ طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ بِها طَويلاً » (٣).

__________________

(١) المقنعة للشيخ المفيد : ص ٥١ ، الطبعة الحجرية طبعة قم.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٣٧ ، كتاب الحجّة ، باب في الغيبة ، ح ٥.

(٣) أقول في الكافي : ج ٤ ، ص ١٦٢ ، ح ٤ ، في حديثه عن محمّد بن عيسى بإسناده عن

٢٨٧

كتبه العبد عباس القمّي

في سنة سبع وأربعين بعد ألف وثلاثمائة

في جوار الروضة الرضويّة لا زالت مهبطاً للفيوضات الربّانية

والحمد لله أوّلاً آخراً ، وصلّى الله على محمّد وآله.

* * *

__________________

الصالحين عليهم‌السلام ( ... ومتى حضرك من دهرك تقول بعد تحميد الله تبارك وتعالى ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ كن لوليك فلان بن فلان في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً ، وناصراً ، ودليلاً وقائداً وعوناً وعيناً حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيه طويلاً).

ورواه الشيخ الطوسي في التهذيب : ج ٣ ، ص ١٠٢ باب ١٣ ، ح ٢٦٥ ، باختلاف يسير بالدعاء : (اللّهمّ كن لوليك فلان بن فلان في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناًَ حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمكنه فيها طويلاً).

ونقله الشيخ الكفعمي في المصباح : ص ٥٨٦ ، الطبعة الحجرية ممع ذكر اسم الامام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف بدل فلان بن فلان ( م ح م د بن الحسن المهدي).

ونقل في مستدرك الوسائل للشيخ النوري : ج ٧ ، ص ٤٨٣ ، كتاب الصيام ، أبواب أحكام شهر رمضان ، باب ٢٥ ، ح ٥ ، عن كتاب ابن أبي قرة بإسناده عن الصالحين عليهم السلام ، قال : (وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً وعلى كل حال ، والشهر كله ، وكيف امكنك ، ومتى حضرك في درك تقول بعتد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام « اللّهمّ كُن لِوَليّكَ القائم بامرك محمّد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً ، وقائداً وناصراً ، ودليلاً ومؤيداً حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طولاً وعرضاً ... الخ).

وقد الفراغ من ترجمة هذه الرسالة الشريفة وتحقيقها والتعليق عليها في ٢٧ شهر ذي القعدة من سنة ١٤١٠ للهجرة النبوية على يد العبد المحتاج الى رحمته تعالى ياسين الموسوي عفا الله تعالى عنه وعن والديه والصلاة على محمّد وآله الطاهرين أولاً وآخراً.

٢٨٨

ذكر عدّة أخبار في وصف الجنّة ونعيمها

(رزقنا تعالى وإيّاك منها)

أضفنا هذا الفصل إلى الكتاب للسبب المتقدّم الّذي ذكرناه في التقديم.

السيّد ياسين الموسوي

٢٨٩

٢٩٠

أبواب الجنّة :

* روى الصدوق بإسناده عن الامام الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن جده عن علي عليه‌السلام قال :

انّ للجنّىة ثمانية أبواب :

باب يدخل منه النبيّون والصدّيقون.

وباب يدخل منه النبيّون والصدّيقون.

وباب يدخل منه الشهداء والصالحون.

وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا ، فلا أزال واقفاً على الصراط ادعو ، وأقول : ربّ سلّم شيعتي ومحبي ، ومن تولاني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بطنان العرش : قد اجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك.

ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ، ونصرني ، وحارب مَن حاربني بفعل أوقول ، في سبعين ألفاً من جيرانه وأقربائه.

وباب يدخل سائر المسلمين ممّن يشهد ان لا إله إلاّ الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت (١).

__________________

(١) الخصال : باب الثمانية ، ح ٦. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ٣٩ ، ح ١٩. وفي : ج ٨ ، ص ١٢١ ، ح ١٢. وفي : ج ٧٢ ، ص ١٥٨ ، ح ٥.

٢٩١

* وروى عن الامام الباقر عليه‌السلام انّه قال :

أحسنوا الظنّ بالله ، واعلموا أنّ للجنّة ثمانية أبواب ، عرض كل باب منها مسيرة أربعين سنة (١).

مكتوب على باب الجنّة :

* روى الصدوق بإسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

مكتوب على باب الجنّة : لا اله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي أخو رسول الله ، قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام » (٢).

* وروي عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

لما اُسري بي الى السماء قال لي جبرئيل عليه‌السلام : قد امرت الجنّة والنار أن تعرض عليك.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيت الجنّة وما فيها من النعيم ، ورأيت النار وما فيها من العذاب.

والجنّة فيها ثمانية أبواب ، على كل باب منها أربع كلمات ، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها ...

فقال لي جبرئيل عليه‌السلام : اقرأ يا محمّد ما على الأبواب.

فقرأت ذلك. أمّا أبواب الجنّة ، فعلى أول باب منها مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ، لكل شيء حيلة ، وحيلة العيش أربع خصال القناعة ، وبذل الحقّ ، وترك الحقد ، ومجالسة أهل الخير. وعلى الباب الثاني مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ، لكل شيء حيلة وحيلة

__________________

(١) الخصالِ : ص ٤٠٨ ، باب الثمانية ، ح ٧. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٣١ ، ح ٣٢.

(٢) الأمالي للصدوق : ص ٧٠ ، المجلس ١٨ ، ح ١. الخصال : ص ٦٣٨ ، باب ( ما بعد ، الألف) ، ح ١١. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٣١ن ح ٣٤. وفي : ج ٢٧ ، ص ٢ ، ح ٢.

٢٩٢

السرور في الآخرة أربع خصال : مسح رؤوس اليتامى ، والتعطّف على الأرامل ، والسعي في حوائج المؤمنين ، والتفقد للفقراء والمساكين.

وعلى الباب الثالث مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ، لكل شيء حيلة وحيلة الصحّة في الدنيا أربع خصال : قلّة الكلام ، وقلّة المنام ، وقلّة المشي ، وقلة الطعام.

وعلى الباب الرابع مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، علي ولي الله ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم والديه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت.

وعلى الباب الخامس مكتوب : لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ، من أراد لا يُظلم فلا يَظلم ، ومن أراد أن لا يُشتم فلا يَشتم ، ومن أراد أن لا يذلّ فلا يُذلّ ، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة فليقل : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، عليّ ولي الله.

وعلى الباب السادس مكتوب : لا إله إلا الله ، محمدّ رسول الله ، عليّ وليّ الله ، من أراد أن يكون قبره وسيعاً فسيحاً فليبن المساجد ، ومن أراد أن لا تأكله الديدان تحت الأرض فليسكن المساجد ، ومن أحبّ أن يكون طريّاً مطّراًَ لا يبلى فليكنس المساجد ، ومن أحب أن يرى موضعه في الجنّة فليكس المساجد بالبسط.

وعلى الباب السابع مكتوب : لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله ، بياض القلب من أربع خصالِ : عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وشراء الأكفان ، وردّ القرض.

وعلى الباب الثامن مكتوب : لا إله إلاّ الله ، عليّ وليّ الله ، من

٢٩٣

أراد الدخول من هذه الأبواب فليتمسك بأربع خصال : السخاء ، وحسن الخلق ، والصدقة ، والكف عن أذى عباد الله تعالى (١).

ملاط (٢) الجنّة :

*روى علي بن ابراهيم في تفسيره بالإسناد ع الامام زين العابدين عليه‌السلام انّه قال :

عليك بالقرآن ، فإن الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك ، وترابها الزعفران ن وحصباءها (٣) اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له : اقرأ وارق ، ومن دخل منهم الجنّة لم يكن في الجنّة أعلى درجة منه ما خلا النبيّون والصديقون (٤).

حلقة باب الجنّة :

* روي عن ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

انّ حلقة باب الجنّة من ياقوته حمراء على صفائح على صفائح الذهب ، فإذا دقّت الحلقة على الصفحة طنت وقالت : يا علي (٥).

غرفة الجنّة :

*روى الشيخ علي بن ابراهيم في تفسيره والشيخ الكليني في الكافي

__________________

(١) البحار : ج ٨ ، ص ١٤٤ ، ح ٦٧.

(٢) الملاط : الطين الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط.

(٣) في المصدر المطبوع (وحصاها) بدل.

(٤) تفسير علي بن ابراهيم : ج ٢ ، ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٣٣ ، ح ٣٩. وفي مستدرك الوسائل : ج ٤ ، ص ٢٥٦ن كتاب الصلاة ، أبواب قراءة القرآن ، باب ١٠ ، ح ١.

(٥) الأمالي للصدوق : ص ٤٧١ن المجلس ٨٦ن ح ١٣. المناقب لا بن شهر آشوب : ج ٢ ، ص ١٦١ باب ( في انّه جواز الصراط وقسيم الجنّة والنار ). ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٢٢ ، ح ١٣. وفي : ج ٣٩ ، ص ٢٠٦ ، ح ٢٣. وفي ج ٣٩ ، ص ٢٣٥ ، ح ١٨.

٢٩٤

بسند معتبر عن الامام الباقر عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : ( غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ ) (١) فقال علي عليه‌السلام :

بماذا بنيت يارسول الله؟

فقال : يا علي تلك غرف بناها الله عزّ وجلّ لأوليائه بالدر والياقوت وازبرجد ، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة ، لكلّ غرفة منها ألف باب من الذهب ، على كل باب منها ملك موكّل به (٢).

أرض الجنّة :

* وروي عن الامام الباقر عليه‌السلام :

انّ أرض الجنّة رخامها فضة ، وترابها الورس (٣) والزعفران ، وكنسها (٤) المسك ، ورضراضها (٥) الدار والياقوت (٦).

أسرّة الجنّة :

* وروي عن الامام الباقر عليه‌السلام انّه قال في وصف أسرّة الجنّة :

انّ أسرّتها من در وياقوت ، وذلك قول الله ( عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ) يعني :

__________________

(١) سورة الزمر : الآية ٢٠. قال تعالى : ( لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ).

(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٩٥ ، ح ٦٩. تفسير علي بن ابراهيم القمّي : ج ٢ ، ص ٢٤٦ ، في تفسير الآية الشريفة ، ٢٠ من سورة الزُّمر.

ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٥٨ ، ح ٩٨. وفي : ج ٨ ، ص ١٢٨ ، ح ٢٩.

(٣) الورس : نبات كالسمسم أصفر يصبغ به وتتخذ منه الغمرة أي الزعفران.

(٤) الكناس : موضع في الشجر يستتر فيه الظباء.

والكناسة بالضم : القمامة.

(٥) الرضراض : ما صغر ، ودقّ من الحصى.

(٦) الاختصاص : للشيخ المفيد : ص ٣٥٧ ، الطبعة المحققة. ونقله في البحار ، ج ٨ ، ص ٢١٨ ، ح ٢٠٩.

٢٩٥

أوساط السرر من قضبان الدر والياقوت ، مضروبة عليها الحجال (١) والحجال من در وياقوت ، أخفّ من الريش ، وألين من الحديد. وعلى السرور من الفرش على قدر ستين غرفة من غرف الدنيا ، بعضها فوق بعض ، وذلك قول الله ( وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ ) ( عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ) يعني بالارائك : السرر الموضونة عليها الحجال » (٢).

فرش الجنّة :

* وروى الكليني بإسناد معتبر عن الامام الباقر عليه‌السلام انّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام في وصف فرش الجنة :

فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباح بألوان مختلفة ، وحشوها المسك والكافور ، والعنبر ، وذلك قول عزّوجلّ ( وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ ) (٣).

لباس الجنة :

* وروي عن الامام الباقر عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في وصف لباس الجنة :

اذا ادخل المؤمن الى منازله في الجنة ، ووضع على رأسه تاج الملك والكرامة ألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر المنظوم في الاكلين تحت التاج ، قال : وألبس سبعين حُلة حرير بألوان مختلفة ، وضروب مختلفة ، منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر ، فذلك قوله عزّوجلّ : ( يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ

__________________

(١) الحجاج : جمع الحجلة ، وهو ستر يضرب للعروس في جوف البيت ، والبيت الذي يزيّن للعروس.

(٢) الاختاص للمفيد : ص ٣٥٧ ، وعنه في البحار : ج ٨ ، ص ٢١٨ ، ح ٢١٠.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٩٥ ، ح ٦٩. تفسير علي بن ابراهيم : ج ٢ ، ص ٢٤٦ ، ٢٤٧. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٢٨ ، ح ٢٩. وفي : ج ٨ن ص ١٥٨ ، ح ٩٨.

٢٩٦

مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) (١).

نخل الجنّة :

* روى الشيخ المفيد عن الامام الباقر عليه‌السلام قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ نخل الجنّة جذوعها ذهب أحمر ، وكربها زبرجد أخضر ، وشماريخها درّ أبيض ، وسعفها حلل خضر ، ورطبها أشدّ بياضاً من الفضة ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم وطول العذق اثنا عشر ذراعاً ، منضودة من أعلاه الى أسفله ، لا يؤخذ منه شيء إلاّ أعاده الله كما كان ، وذلك قول الله : ( لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) وانّ رطبها لأمثال القلال ، وموزها ورمّانها أمثال الدليّ ، وأمشاطهم الذهب ومجامرهم الدرّ (٢).

فاكهة الجنّة :

قال تعالى : ( لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ) (٣).

وقال تعالى : ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ) (٤).

وقال تعالى : ( لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ ) (٥).

وقال تعالى : ( فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ) (٦).

وقال تعالى : ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) (٧).

وقال تعالى : ( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ) (٨).

وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) (٩).

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٩٥ ، ح ٦٩. تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٢٤٧. ونقله في البحار : ج ٨ ، ص ١٢٨ ، ح ٢٩. وفي ج ٨ ، ص ١٥٨ ، ح ٩٨.

(٢) الاختصاص للمفيد : ص ٣٥٧. وعنه في البحار ، ج ٨ ، ص ٢١٩ ، ح ٢١٢.

(٣) سورة يس : الآية ٥٧.

(٤) سورة ص : الآية ٥١.

(٥) سورة الزخرف : الآية ٧٣.

(٦) سورة الرحمن : الآية : ٥٢.

(٧) سورة الرحمن : الآية ٦٨.

(٨) سورة الواقعة ك الآية ٣٢ و ٣٣.

(٩) سورة المرسلات : الآية ٤١ و ٤٢.

٢٩٧

* روى الصدوق بإسناده عن الامام الباقر عليه‌السلام عن جابر بن عبد اله قال :

قيل : يا رسول الله انّك تلثم فاطمة ، وتلزمها ، وتدنيها منك ، وتفعل بها ما لا تفعله بأحدٍ من بناتك؟

فقال : انّ جبرئيل عليه‌السلام أتاني بتفاحة من تفاح الجنّة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ثمّ واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة (١).

* وروى عنه أنس بن مالك :

لما خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الى غزوة الطائف فبينما نحن بغمامة ، فأدخل يده تحتها فأخرج رماناً ، فجعل يأكل ويطعم علياً ، ثمَّ قال لقوم رمقوه بأبصارهم :

هكذا يفعل كلُّ نبي بوصيه ، وفي رواية الباقر عليه‌السلام :

انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ك إنه يذوقها الاّ يذوقها الاّ نبي وصيّ نبيّ (٢).

* وعن محمّد بن أبي عمير ومحمّد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله برمانتين من الجنة فأعطاهما إياه ، فأكل واحدة وكسر الاُخرى وأعطى علياً نصفها فأكله ، ثمّ قال : الرمانة التي أكلتها فهي النبوة ليس لك فيها شيء ، وأما الاُخرى فهي العلم فأنت شريكي فيها (٣).

* وعن عيسى بن الصلت عن الصادق عليه‌السلام في خبر :

فأتوا جبل ذباب (٤) فجلسوا عليه فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه فإذا برمانة مدلاّة ، فتناولها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ففلقها فأكل وأطعم علياً منها ، ثمّ قال : يا أبا بكر

__________________

(١) علل الشرائع للصدوق : ج ١ ، ص ١٨٣. باب ١٤٧ ، ح ١. وعنه في البحارك ج ٤٣ ، ص ٥ ، ح ٤.

(٢) المناقب لابن شهر آشوب : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، باب (في تحف الله عزّوجلّ له عليه‌السلام). وعنه في البحار : ج ٣٩ ، ص ١١٨ ، ح ١.

(٣) المناقب لا بن شهر آشوب : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، باب ( في تحف الله عزّوجلّ له عليه‌السلام). وعنه في البحار : ج ٣٩ ، ص ١١٨ ، ح ١.

(٤) بكسر أوله جبل في المدينة.

٢٩٨

هذه رمانة من رمّان الجنة ، لا يأكلها في الدنيا إلاّ نبي أو وصي نبي (١).

* وروى السيّد ابن طاووس في مهج الدعوات روايةً ظريفة بالاءسناد الى عبد الله بن سلمان الفارسي عن أبيه قال :

خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بعشرة أيّام فلقيني علي ابن أبي طالب عليه‌السلام ابن عم الرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : ياسلمان جفو تنا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى غير أنّ حزني على رسول الله بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طال فهو الذي منعني من زيارتكم فقال عليه‌السلام ك يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فانّها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قد أُتحفت بها من الجنة ، قلت لعلي عليه‌السلام : قد أُتحفت فاطمة عليهما‌السلام بشيء من الجنة بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : نعم بالأمس.

قال سلمان الفارسي : فهرولت إلى منزل فاطمة عليهما‌السلام بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف رأسها ، فلما نظرت إليَّ اعتجرت ثمّ قالت : يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : حبيبتي أأجفاكم؟ قالت : فمه ، اجلس واعقل ما أقول لك.

إنّي كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكر في انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا ، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد ، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الرّاؤون بحسنهن ولا كهيئتهنّ ولا نضارة وجوههنّ ولا أزكى من ريحهن ، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن فقلت : بأبي أنتن من أهل مكّة أم من أهل المدينة؟ فقلن : يابنت محمّد لسنا من أهل مكّة ولا من أهل المدينة ولا من أهلا الأرض جميعاً أننا جوارٍ من الحور العين من دار السلام أرسلنا رب العزة إليك يابنت محمّد إنا إليك مشتاقات.

__________________

(١) المناقب لابن شهر آشوب : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، باب ( في تحف الله عزّوجلّ له عليه‌السلام). وعنه في البحارك ج ٣٩ ، ص ١١٨ ، ح ١.

٢٩٩

فقلت للتي أظن أنها أكبر سناً : ما اسمك؟ قالت :

اسمي مقدودة ، قلت : ولم سمّيت مقدودة؟ قالت : خلقت للمقداد بن الأسود الكندي صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقلت للثانية : ما اسمك؟ قالت ذرّ الغفاري صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقلت للثاثة : ما اسمك؟ قالت : سلمى ، قلت : ولم سميت سلمى؟ قالت : أنا لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قالت فاطمة : ثمّ أخرجن لي رطباً أزرق كأمثال الخشكنانج (١) الكبار أبيض من الثلج وأزكى ريحاً من المسك الأذفر فأحضرته فقالت لي : يا سلمان أفطر عليه عشيتك فإذا كان غداً فجئني بنواه أو قالت : عجمه.

قال سلمان : فأخذت الرّطب فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ قالوا : يا سلمان أمعك مسك؟ قلت : نعم ، فلما كان وقت الافطار أفطرت عليه فلم أجد له عجماً ولا نوى ، فمضيت إلى بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في اليوم الثاني فقلت لها : إنّي أفطرت على ما أتحفتيني به فما وجدت له عجماً ولا نورى ، قالت :

يا سلمان ولن يكون له عجم ولا ونورى وإنّما هو نخل غرسه في دار السلام بكلام علمنيه أبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله كنت أقوله غدوة وعشية.

قال سلمان : قلت ، علّميني الكلام ياسيّدتي ، فقالت إن سرك لا يمسك أذى الحمى ما عشت في دار الدنيا فواظب عليه. ثمّ قال سلمان : علّميني هذا الحرز فقالت :

بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأُمور بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد الله

__________________

(١) خشكنانج معرّب خشكنانه وهو الخُبز السكري الذي يختبز مع الفُستُق واللّوز.

٣٠٠