الملل والنّحل - ج ١

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني

الملل والنّحل - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني


المحقق: أمير علي مهنا و علي حسن فاعور
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٠٧

المسألة سمي هو وأصحابه ، أصحاب المعاني ، وزاد على ذلك فقال : الحركة إنما خالفت السكون لا بذاتها ، بل بمعنى أوجب المخالفة ، وكذلك مغايرة المثل المثل ومماثلته ، وتضاد الضد الضد ، كل ذلك عنده بمعنى.

ومنها ، ما حكى الكعبي عنه أن الإرادة من الله تعالى للشيء غير الله ، وغير خلقه للشيء ، وغير الأمر : والإخبار ، والحكم ، فأشار إلى أمر مجهول لا يعرف ، وقال ليس للإنسان فعل سوى الإرادة ، مباشرة كانت أو توليدا ، وأفعاله التكليفية من القيام والقعود ، والحركة ، والسكون في الخير والشر كلها مستندة إلى إرادته ؛ لا على طريق المباشرة ، ولا على طريق التوليد ، وهذا عجب ، غير أنه إنما بناه على مذهبه في حقيقة الإنسان ، وعنده ، الإنسان معنى أو جوهر غير الجسد ، وهو عالم ، قادر ، مختار ، حكيم ليس بمتحرك ، ولا ساكن ، ولا متكون ، ولا متمكن ، ولا يرى ؛ ولا يمس ، ولا يحس ، ولا يجس ، ولا يحل موضعا دون موضع ، ولا يحويه مكان ، ولا يحصره زمان (١) ، لكنه مدبر للجسد ، وعلاقته مع البدن علاقة التدبير والتصرف. وإنما أخذ هذا القول من الفلاسفة ، حيث قضوا بإثبات النفس الإنسانية أمرا ما ، هو جوهر قائم بنفسه. لا متحيز ولا متمكن ، وأثبتوا من جنس ذلك موجودات عقلية مثل العقول المفارقة. ثم لما كان ميل معمر بن عباد إلى مذهب الفلاسفة ميز بين أفعال النفس التي سماها إنسانا ، وبين القالب الذي هو جسده ؛ فقال : فعل النفس هو الإرادة فحسب. والنفس إنسان ، ففعل الإنسان هو الإرادة ؛ وما سوى ذلك من الحركات والسكنات والاعتمادات فهي من فعل الجسد.

ومنها : أنه يحكى عنه أنه كان ينكر القول بأن الله تعالى قديم ؛ لأن قديم أخذ من قدم يقدم فهو قديم ؛ وهو فعل كقولك أخذ منه ما قدم وما حدث. وقال أيضا : هو يشعر بالتقادم الزماني ، ووجود الباري تعالى ليس بزماني.

__________________

(١) وصف الإنسان بما يوصف به الإله سبحانه لأنه وصفه بأن عالم قادر مختار حكيم وهذه الأوصاف واجبة لله تعالى. ثم نزّه الإنسان عن أن يكون متحركا أو ساكنا أو متلونا ... والله سبحانه منزّه عن هذه الأوصاف.

٨١

ويحكى عنه أيضا أنه قال : الخلق غير المخلوق ، والإحداث غير المحدث.

وحكى جعفر بن حرب عنه أنه قال : إن الله تعالى محال أن يعلم نفسه ؛ لأنه يؤدي إلى ألا يكون العالم والمعلوم واحدا ، ومحال أن يعلم غيره ، كما يقال محال أن يقدر على الموجود من حيث هو موجود ، ولعل هذا النقل فيه خلل ؛ فإن عاقلا ما لا يتكلم بمثل هذا الكلام الغير (١) معقول.

لعمري لما كان الرجل يميل إلى الفلاسفة ، ومن مذهبهم : أنه ليس علم الباري تعالى علما انفعاليا ، أي تابعا للمعلوم ، بل علمه علم فعلي ؛ فهو من حيث هو فاعل عالم ، وعلمه هو الذي أوجب الفعل ، وإنما يتعلق بالموجود حال حدوثه لا محالة ، ولا يجوز تعلقه بالمعدوم على استمرار عدمه ، وأنه علم وعقل ، وكونه عقلا ، وعاقلا ، ومعقولا شيء واحد ، فقال ابن عباد : لا يقال : يعلم نفسه ، لأنه قد يؤدي إلى تمايز بين العالم والمعلوم. ولا يعلم غيره ؛ لأنه يؤدي إلى كون علمه من غيره يحصل ، فإما أن لا يصح النقل ، وإما أن يحمل على مثل هذا المحمل ، ولسنا من رجال ابن عباد فنطلب لكلامه وجها.

٧ ـ المرداريّة (٢)

أصحاب عيسى بن صبيح (٣) المكنى بأبي موسى ، الملقب بالمردار (٤). وقد تلمذ لبشر بن المعتمر ، وأخذ العلم منه وتزهد ، ويسمى راهب المعتزلة. وإنما انفرد عن أصحابه بمسائل :

الأولى منها : قوله في القدر إن الله تعالى يقدر على أن يكذب ويظلم ، ولو كذب وظلم كان إلها كاذبا ظالما ، تعالى الله عن قوله (٥).

__________________

(١) الصحيح أن يقال : غير المعقول.

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة : التبصير ص ٤٧ والفرق بين الفرق ص ١٦٤.

(٣) هو أبو موسى : عيسى بن صبيح ، ولقبه المردار وفي طبقات المعتزلة «ابن المردار» قال ابن الإخشيد : هو من علماء المعتزلة ومن المقدمين فيهم ، وكان ممن أجاب بشر بن المعتمر ، ومن جهة أبي موسى انتشر الاعتزال في بغداد ، توفي في حدود سنة ٢٢٦ ه‍. (راجع طبقات المعتزلة ص ٧٠ ـ ٧١).

(٤) هذا القول لا يليق إلّا بدينه الرقيق الذي ليس له تحقيق. (التبصير ص ٤٧).

٨٢

والثانية : قوله في التولد مثل قول أستاذه ، وزاد عليه بأن جوّز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد (١).

الثالثة : قوله في القرآن إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ، ونظما ، وبلاغة (٢) ، وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن ، وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قديمين ، وكفر أيضا من لا بس السلطان ، وزعم أنه لا يرث ولا يورث ، وكفر أيضا من قال إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى ، ومن قال إنه يرى بالأبصار وغلا في التكفير حتى قال هم كافرون في قولهم : لا إله إلا الله ، وقد سأله إبراهيم بن السندي (٣) مرة عن أهل الأرض جميعا فكفرهم ، فأقبل عليه إبراهيم وقال : الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك؟ فخزي ولم يحر جوابا.

وقد تلمذ له أيضا الجعفران (٤) ، وأبو زفر ، ومحمد بن سويد ، وصحب أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي ، وعيسى بن الهيثم ، وجعفر بن حرب الأشج ، وحكى الكعبي عن الجعفرين أنهما قالا : إن الله تعالى خلق القرآن في اللوح المحفوظ ، ولا يجوز أن ينقل إذ يستحيل أن يكون الشيء الواحد في مكانين في حالة واحدة ، وما نقرأه فهو حكاية عن المكتوب الأول في اللوح المحفوظ ، وذلك فعلنا وخلقنا.

__________________

(١) حكى أبو زفر عن المردار أنه أجاز وقوع فعل واحد من فاعلين مخلوقين على سبيل التولد ، مع إنكاره على أهل السنّة ما أجازوه من وقوع فعل من فاعلين أحدهما خالق والآخر مكتسب. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٦).

(٢) هذا عناد منه لقول الله عزوجل في سورة الإسراء : الآية ٨٨ : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ* وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٥).

(٣) هو إبراهيم بن السندي بن شاهك ولي الكوفة والجاحظ يروي عنه كثيرا في كتبه. وأبوه كان على الجسرين وقد نعت الجاحظ إبراهيم بأنه مولى أمير المؤمنين. (راجع عيون الأخبار ص ١٢١ والجهشياري ص ٢٣٦ ورسائل الجاحظ ص ٤٧).

(٤) تقدمت ترجمتهما.

٨٣

قال : وهو الذي اختاره من الأقوال المختلفة في القرآن.

وقال في تحسين العقل وتقبيحه : إن العقل يوجب معرفة الله تعالى بجميع أحكامه وصفاته قبل ورود الشرع ، وعليه يعلم أنه إن قصر ولم يعرفه ولم يشكره عاقبه عقوبة دائمة ، فأثبتنا التخليد واجبا بالعقل.

٨ ـ الثّمامية (١)

أصحاب ثمامة بن أشرس (٢) النميري ، كان جامعا بين سخافة الدين وخلاعة (٣) النفس ، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة ، وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين ، وانفرد عن أصحابه بمسائل :

منها قوله : إن الأفعال المتولّدة لا فاعل لها ؛ إذ لم يمكنه إضافتها إلى فاعل أسبابها حتى يلزمه أن يضيف الفعل إلى ميت ، مثل ما إذا فعل السبب ومات ووجد المتولد بعده ولم يمكنه إضافتها إلى الله تعالى ، لأنه يؤدي إلى فعل القبيح ، وذلك محال ، فتحير فيه وقال المتولدات أفعال لا فاعل لها.

ومنها قوله في الكفار والمشركين والمجوس ، واليهود والنصارى والزنادقة والدهرية : إنهم يصيرون في القيامة ترابا ، وكذلك قوله في البهائم والطيور وأطفال المؤمنين.

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٧٢ والتبصير ص ٤٨).

(٢) هو أبو معن. من كبار المعتزلة. كان له اتصال بالرشيد ثم بالمأمون. من تلاميذه الجاحظ. عدّه المقريزي في رؤساء الفرق الهالكة. قال ابن حزم : كان ثمامة يقول : إن العالم فعل الله بطباعه. وقال الجاحظ : ما علمت أنه كان في زمانه قروي ولا بلدي بلغ من حسن الإفهام مع قلّة عدد الحروف ولا من سهولة المخرج مع السلامة من التكلّف ما كان بلغه. توفي سنة ٢١٣ ه‍ / ٨٢٨ م. (راجع لسان الميزان ٢ : ٨٣ والبيان والتبيين ١ : ٦١).

(٣) قال أبو محمد : «ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله تعالى. ومن المحفوظ عنه المشهور أنه رأى قوما يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة فقال انظروا إلى البقر انظروا إلى الحمير ثم قال لرجل من إخوانه : ما صنع هذا العربي بالناس؟. (راجع تأويل مختلف الحديث ص ٦٠).

٨٤

ومنها قوله : الاستطاعة هي السلامة وصحة الجوارح وتخليتها من الآفات ، وهي قبل الفعل.

ومنها قوله : إن المعرفة متولدة من النظر ، وهو فعل لا فاعل له كسائر المتولدات.

ومنها قوله : في تحسين العقل وتقبيحه ، وإيجاب المعرفة قبل ورود السمع مثل قول أصحابه غير أنه زاد عليهم فقال : من الكفار من لا يعلم خالقه وهو معذور ، وقال : إن المعارف كلها ضرورية ، وإن من لم يضطر إلى معرفة الله سبحانه وتعالى فليس هو مأمورا بها ، وإنما خلق للعبرة والسخرة كسائر الحيوان.

ومنها قوله : لا فعل للإنسان إلا الإرادة ، وما عداها فهو حدث لا محدث له ، وحكى ابن الراوندي عنه أنه قال : العالم فعل الله تعالى بطباعه ، ولعله أراد بذلك ما تريده الفلاسفة من الإيجاب بالذات دون الإيجاد على مقتضى الإرادة ، لكن يلزمه على اعتقاده ذلك ما لزم الفلاسفة من القول بقدم العالم ؛ إذ الموجب لا ينفك عن الموجب.

وكان ثمامة في أيام المأمون ، وكان عنده بمكان.

٩ ـ الهشاميّة (١)

أصحاب هشام (٢) بن عمرو الفوطي ، ومبالغته في القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه ، وكان يمتنع من إطلاق إضافات أفعال إلى الباري تعالى وإن ورد بها التنزيل.

منها قوله : إن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين ، بل هم المؤتلفون باختيارهم وقد ورد في التنزيل : (ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) (٣).

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ١٥٩).

(٢) هو هشام بن عمرو الشيباني. ذكره ابن المرتضى آخر من ذكر من أهل الطبقة السادسة وحكى عن يحيى بن أكثم أن المأمون العباسي كان إذا دخل عليه هشام هذا يتحرك له حتى إنه ليكاد يقوم توفي سنة ٢٢٦ ه‍. (راجع طبقات المعتزلة ص ٦١).

(٣) سورة الأنفال : الآية ٦٣.

٨٥

ومنها قوله : إن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين ، ولا يزينه في قلوبهم ، وقد قال تعالى: (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (١) ومبالغته في نفي إضافات الطبع والختم والسد وأمثالها أشد وأصعب. وقد ورد بجميعها التنزيل ، قال الله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (٢) وقال : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (٣) وقال : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) (٤) وليت شعري! ما يعتقده الرجل؟ إنكار ألفاظ التنزيل وكونها وحيا من الله تعالى؟ فيكون تصريحا بالكفر. أو إنكار ظواهرها من نسبتها إلى الباري تعالى ووجوب تأويلها؟ وذلك عين مذهب أصحابه.

ومن بدعه في الدلالة على الباري تعالى قوله إن الأعراض لا تدل على كونه خالقا ، ولا تصلح الأعراض دلالات ؛ بل الأجسام تدل على كونه خالقا ، وهذا أيضا عجب.

ومن بدعه في الإمامة قوله إنها لا تنعقد في أيام الفتنة واختلاف الناس ، وإنما يجوز عقدها في حال الاتفاق والسلامة ، وكذلك أبو بكر الأصم من أصحابه كان يقول الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم ، وإنما أراد بذلك الطعن في إمامة عليّ رضي الله عنه إذا كانت البيعة في أيام الفتنة من غير اتفاق من جميع الصحابة ، إذ بقي في كل طرف طائفة على خلافه.

ومن بدعه أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن ، إذ لا فائدة في وجودهما وهما جميعا خاليتان ممن ينتفع ويتضرر بهما ، وبقيت هذه المسألة منه اعتقادا للمعتزلة ، وكان يقول بالموافاة ، وأن الإيمان هو الذي يوافي الموت ، وقال : من أطاع الله

__________________

(١) سورة الحجرات : الآية ٧.

(٢) سورة البقرة : الآية ٧.

(٣) سورة النساء : الآية ١٥٥.

(٤) سورة يس : الآية ٩.

٨٦

جميع عمره ، وقد علم الله أنه يأتي بما يحبط أعماله ولو بكبيرة لم يكن مستحقا للوعد ، وكذلك على العكس ، وصاحبه عباد (١) من المعتزلة ، وكان يمتنع من إطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر ، لأن الكافر كفر ، وإنسان ، والله تعالى لا يخلق الكفر ، وقال النبوة جزاء على عمل ، وإنها باقية ما بقيت الدنيا.

وحكى الأشعري (٢) عن عباد أنه زعم أنه لا يقال إن الله تعالى لم يزل قائلا ولا غير قائل ، ووافقه الإسكافي على ذلك ، قال ولا يسمى متكلما.

وكان الفوطي يقول إن الأشياء قبل كونها معدومة ؛ ليست أشياء ، وهي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء. ولهذا المعنى كان يمنع القول بأن الله تعالى قد كان لم يزل عالما بالأشياء قبل كونها ، فإنها لا تسمى أشياء. قال : وكان يجوز القتل والغيلة على المخالفين لمذهبه ، وأخذ أموالهم غصبا وسرقة لاعتقاده كفرهم ، واستباحة دمائهم وأموالهم (٣).

١٠ ـ الجاحظية (٤)

أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ (٥) ، كان من فضلاء المعتزلة

__________________

(١) هو أحد رجال الطبقة السابعة من المعتزلة ، بينه وبين عبد الله بن سعيد مناظرة وكان في أيام المأمون وقد زعم أن بين اللفظ والمعنى طبيعة مناسبة فردوا عليه ذلك وقد أخذ عن هشام الفوطي وكان الجبائي يصفه بالحذق وقد ملأ الأرض كتبا وخلافا وخرج عن حدّ الاعتزال إلى الكفر والزندقة. يظن أنه توفي في حدود سنة ٢٥٠ ه‍. (راجع لسان الميزان ٣ : ٢٢٩ والتبصير ص ٤٦).

(٢) في «مقالات الإسلاميين» أن عبادا كان يقول : هو عالم قادر حي ، ولا أثبت له علما ، ولا قدرة ولا حياة ، ولا أثبت له سمعا ، ولا أثبت له بصرا. وأقول : هو عالم لا بعلم ، وقادر لا بقدرة ، حي لا بحياة وسميع لا بسمع. وكذلك سائر ما يسمّى به من الأسماء التي يسمى بها ، لا لفعله ولا لفعل غيره. وكان ينكر أن يقال إن للباري وجها ويدين وعينين وجنبا ... وكان إذا سئل عن القول عزيز ، قال : إثبات اسم الله ، ولم يقل أكثر من هذا. وكذلك جوابه في عظيم ، مالك ، سيّد.

(٣) كان أهل السنّة يقولون في الفوطي وأتباعه : إن دماءهم وأموالهم حلال للمسلمين وفيه الخمس ، وليس على قاتل الواحد منهم قود ، ولا دية ولا كفّارة ، بل لقاتله عند الله تعالى القربى والزلفى. (راجع الفرق بين الفرق ص ١٦٤).

(٤) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٤٩ والفرق بين الفرق ص ١٧٥).

(٥) توفي الجاحظ سنة ٢٥٠ ه‍. ويقال سنة ٢٥٥ ه‍. (راجع طبقات المعتزلة ص ٦٧ والعبر ١ : ٤٥٦ وابن خلكان الترجمة ٤٧٩).

٨٧

والمصنفين لهم. وقد طالع كثيرا من كتب الفلاسفة ، وخلط وروّج كثيرا من مقالاتهم بعباراته البليغة ، وحسن براعته اللطيفة. وكان في أيام المعتصم والمتوكل ، وانفرد عن أصحابه بمسائل :

منها قوله : إن المعارف كلها ضرورية طباع ، وليس شيء من ذلك من أفعال العباد. وليس للعبد كسب سوى الإرادة ، وتحصل أفعاله منه طباعا (١) كما قال ثمامة ، ونقل عنه أيضا أنه أنكر أصل الإرادة وكونها جنسا من الأعراض فقال : إذا انتفى السهو عن الفاعل ، وكان عالما بما يفعله فهو المريد على التحقيق ، وأما الإرادة المتعلقة بفعل الغير فهو ميل النفس إليه ، وزاد على ذلك بإثبات الطبائع للأجسام كما قال الطبيعيون من الفلاسفة وأثبت لها أفعالا مخصوصة بها ، وقال باستحالة عدم الجواهر ؛ فالأعراض تتبدل ، والجواهر لا يجوز أن تفنى.

ومنها قوله : في أهل النار إنهم لا يخلدون فيها عذابا ، بل يصيرون إلى طبيعة النار. وكان يقول النار تجذب أهلها إلى نفسها من غير أن يدخل أحد فيها ، ومذهبه مذهب الفلاسفة في نفي الصفات ، وفي إثبات القدر خيره وشره من العبد مذهب المعتزلة. وحكى الكعبي عنه أنه قال : يوصف الباري تعالى بأنه مريد بمعنى أنه لا يصح عليه السهو في أفعاله ، ولا الجهل ولا يجوز أن يغلب ويقهر.

وقال إن الخلق كلهم من العقلاء عالمون بأن الله تعالى خالقهم ، وعارفون بأنهم محتاجون إلى النبي ، وهم محجوجون بمعرفتهم ، ثم هم صنفان : عالم بالتوحيد ، وجاهل به فالجاهل معذور ، والعالم محجوج. ومن انتحل دين الإسلام ، فإن اعتقد أن الله تعالى ليس بجسم ولا صورة ، ولا يرى بالأبصار ، وهو عدل لا يجوز ، ولا يريد المعاصي ، وبعد الاعتقاد واليقين أقر بذلك كله ، فهو مسلم حقا ،

__________________

(١) إذا كانت أفعاله طباعا لا كسبا لزم أن لا يكون له عليها ثواب ولا عقاب إذ لا يثاب ولا يعاقب على ما لا يكون كسبا له ، كما لا يثاب ولا يعاقب على لونه وتركيب بدنه إذ لم يكن ذلك من كسبه ، وهذا يخالف قوله تعالى : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ).

٨٨

وإن عرف ذلك كله ثم جحده وأنكره ، وقال بالتشبيه والجبر ، فهو مشرك كافر حقا ، وإن لم ينظر في شيء من ذلك كله ، وأعتقد أن الله تعالى ربه ، وأن محمدا رسول الله ، فهو مؤمن لا لوم عليه ، ولا تكليف عليه غير ذلك.

وحكى ابن الراوندي عنه أنه قال : إن للقرآن جسدا يجوز أن يقلب مرة رجلا ، ومرة حيوانا. وهذا مثل ما يحكى عن أبي بكر الأصم أنه زعم أن القرآن جسم مخلوق. وأنكر الأعراض أصلا. وأنكر صفات الباري تعالى ، (ومذهب الجاحظ هو بعينه مذهب الفلاسفة ، إلا أن الميل منه ومن أصحابه إلى الطبيعيين منهم أكثر منه إلى الإلهيين).

١١ ـ الخيّاطيّة (١) والكعبيّة (٢)

أصحاب أبي الحسين بن أبي عمرو الخياط (٣) ، أستاذ أبي القاسم بن محمد الكعبي (٤). وهما من معتزلة بغداد على مذهب واحد ، إلا أن الخياط غالى في إثبات المعدوم شيئا وقال (٥) : الشيء ما يعلم ويخبر عنه ، والجوهر جوهر في العدم ، والعرض عرض في العدم ، وكذلك أطلق جميع الأجناس والأصناف حتى قال : السواد سواد في العدم ، فلم يبق إلا صفة الوجود أو الصفات التي تلزم الوجود والحدوث ، وأطلق على المعدوم لفظ الثبوت (٦) ، وقال في نفي الصفات عن الباري

__________________

(١) راجع في شأن الخياطيّة. (التبصير ص ٥١ والفرق بين الفرق ص ١٧٩).

(٢) راجع في شأن الكعبية. (التبصير ص ٥١ والفرق بين الفرق ص ١٨١).

(٣) هو أبو الحسين : عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة الثامنة وقال عنه: أستاذ أبي القاسم البلخي عبد الله بن أحمد وكان أبو علي يفضل البلخي على أستاذه وله كتب كثيرة في النقص على ابن الراوندي. وكان أبو الحسين فقيها صاحب حديث واسع الحفظ لمذاهب المتكلّمين ، توفي سنة ٣٠٠ ه‍. (راجع طبقات المعتزلة ص ٨٥).

(٤) تقدمت ترجمته.

(٥) قال عبد القاهر إنه انفرد بقول لم يسبق إليه في المعدوم راجعه ص ١٧٩.

(٦) قد زاد في قوله على جميع القدرية ، فوصف المعدوم بأنه جسم فيلزمه أن يجوز كون المعدوم رجلا راكبا جملا وبيده سيف مسلط ، يصول عليه ويلقنه مثل هذه البدع ، والقدرية وإن قالوا في المعدوم إنه شيء وجوهر وعرض وسواد وبياض فإنهم لا يقولون إنه جسم وإنه قابل للأعراض. وهذا القول منه يوجب كون الأجسام قديمة ويفضي به إلى نفي الصانع. (راجع التبصير ص ٥١).

٨٩

مثل ما قاله أصحابه. وكذا القول في القدر والسمع ، والعقل ، وانفرد الكعبي عن أستاذه بمسائل (١) :

منها قوله : إن إرادة الباري تعالى ليست صفة قائمة بذاته ، ولا هو مريد لذاته ، ولا إرادته حادثة في محل أو لا في محل ، بل إذا أطلق عليه أنه مريد فمعناه أنه عالم ، قادر ، غير مكره في فعله ، ولا كاره ، ثم إذا قيل هو مريد لأفعاله ، فالمراد به أنه خالق لها على وفق علمه ، وإذا قيل هو مريد لأفعال عباده ، فالمراد به أنه آمر بها راض عنها ، وقوله في كونه سميعا بصيرا راجع إلى ذلك أيضا ، فهو سميع بمعنى أنه عالم بالمسموعات ، وبصير بمعنى أنه عالم بالمبصرات.

وقوله في الرؤية كقول أصحابه نفيا وإحالة (٢). غير أن أصحابه قالوا : يرى الباري تعالى ذاته ، ويرى المرئيات ، وكونه مدركا لذلك زائد على كونه عالما وقد أنكر الكعبي ذلك ؛ قال : معنى قولنا : يرى ذاته ويرى المرئيات : أنه عالم بها فقط.

١٢ ـ الجبّائية (٣) والبهشميّة (٤)

أصحاب أبي عليّ محمد بن عبد الوهاب الجبّائي (٥) ، وابنه أبي هاشم عبد السلام (٦) ، وهما من معتزلة البصرة ؛ انفردا عن أصحابهما بمسائل ، وانفرد أحدهما عن صاحبه بمسائل ، أما المسائل التي انفردا بها عن أصحابهما. :

__________________

(١) تكلّم عبد القاهر عن الكعبية وقال : هؤلاء أتباع أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي ، خالف البصريين من المعتزلة في أحوال كثيرة. (راجعها ص ١٨٠).

(٢) قال كثير منهم إنه لا يرى شيئا ولا يبصر بحال وليس معبودهم على هذا القول إلّا كما نهى إبراهيم الخليل عليه‌السلام أباه عن عباده حيث قال : (إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا). (التبصير ص ٣٧).

(٣) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٥٢ والفرق بين الفرق ص ١٨٣).

(٤) انظر في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٥٣ والفرق بين الفرق ص ١٨٤).

(٥) تقدمت ترجمته.

(٦) تقدمت ترجمته.

٩٠

فمنها ، أنهما أثبتا إرادات حادثة لا في محل ، يكون الباري تعالى بها موصوفا مريدا. وتعظيما لا في محل إذا أراد أن يعظم ذاته ، وفناء لا في محل إذا أراد أن يفنى العالم ، وأخص أوصاف هذه الصفات يرجع إليه من حيث إنه تعالى أيضا لا في محل ، وإثبات موجودات هي أعراض ، أو في حكم الأعراض لا محل لها كإثبات موجودات هي جواهر ، أو في حكم الجواهر لا مكان لها ، وذلك قريب من مذهب الفلاسفة حيث أثبتوا عقلا هو جوهر لا في محل ولا في مكان ، وكذلك النفس الكلية (١) ، والعقول المفارقة (٢).

ومنها : أنهما حكما بكونه تعالى متكلما بكلام يخلقه في محل ، وحقيقة الكلام عندهما أصوات مقطعة ، وحروف منظومة ، والمتكلم من فعل الكلام ، لا من قام به الكلام ، إلا أن الجبائي خالف أصحابه خصوصا بقوله : يحدث الله تعالى عند قراءة كل قارئ كلاما لنفسه في محل القراءة ، وذلك حين ألزم أن الذي يقرؤه القارئ ليس بكلام الله. والمسموع منه ليس من كلام الله ، فالتزم هذا المحال من إثبات أمر غير معقول ولا مسموع ، وهو إثبات كلامين في محل واحد.

واتفقا على نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار ، وعلى القول بإثبات الفعل للعبد خلقا وإبداعا ، وإضافة الخير والشر ، والطاعة والمعصية إليه استقلالا واستبدادا ، وأن الاستطاعة قبل الفعل ، وهي قدرة زائدة على سلامة البنية وصحة الجوارح ، وأثبتا البنية شرطا في قيام المعاني التي يشترط في ثبوتها الحياة.

واتفقا على أن المعرفة وشكر المنعم ومعرفة الحسن والقبح واجبات عقلية ، وأثبتا شريعة عقلية وردّا الشريعة النبوية إلى مقدرات الأحكام ومؤقتات الطاعات التي

__________________

(١) راجع موسوعة الفلسفة ٢ : ٥٠٥ و ٥٠٦.

(٢) العقول المفارقة عشرة : تسع منها مدبرات النفوس التسعة المزاولة ، وواحد هو العقل الفعّال. ولكل كرة متحركة محرك مفارق غير متناهي القوة ، يحرك كما يحرك المشتهي والمعشوق. فالمحركات المفارقة تحرك على أنها مشتهاة ، والمحركات المزاولة تحرك على أنها مشتهية عاشقة. (راجع موسوعة الفلسفة ص ٧٢ ـ ٧٤).

٩١

لا يتطرق إليها عقل ، ولا يهتدي إليها فكر ، وبمقتضى العقل والحكمة يجب على الحكيم ثواب المطيع وعقاب العاصي ، إلا أن التأقيت والتخليد فيه يعرف بالسمع.

والإيمان عندهما اسم مدح ، وهو عبارة عن خصال الخير التي إذا اجتمعت في شخص سمي بها مؤمنا ، ومن ارتكب كبيرة فهو في الحال يسمى فاسقا ، لا مؤمنا ، ولا كافرا ، وإن لم يتب ومات عليها فهو مخلد في النار.

واتفقا على أن الله تعالى لم يدخر عن عباده شيئا مما علم أنه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة والتوبة من الصلاح والأصلح واللطف ، لأنه قادر ، عالم جواد ، حكيم لا يضره الإعطاء ، ولا ينقص من خزائنه المنح ، ولا يزيد في ملكه الادخار ، وليس الأصلح هو الألذ ، بل هو الأعود في العاقبة ، والأصوب في العاجلة وإن كان ذلك مؤلما مكروها ، وذلك كالحجامة والفصد ، وشرب الأدوية ، ولا يقال إنه تعالى يقدر على شيء هو أصلح مما فعله بعبده ، والتكاليف كلها ألطاف ، وبعثة الأنبياء ، وشرع الشرائع ، وتمهيد الأحكام والتنبيه على الطريق الأصوب ، كلها ألطاف.

ومما تخالفا فيه : أما في صفات الباري تعالى فقال الجبّائي : الباري تعالى عالم لذاته. قادر حي لذاته ، ومعنى قوله : لذاته أي لا يقتضي كونه عالما صفة هي علم ، أو حال توجب كونه عالما :

وعند أبي هاشم : هو عالم لذاته ، بمعنى أنه ذو حالة هي صفة معلومة وراء كونه ذاتا موجودا ، وإنما تعلم الصفة على الذات لا بانفرادها ، فأثبت أحوالا هي صفات لا موجودة ولا معدومة ، ولا معلومة ولا مجهولة ، أي هي على حيالها لا تعرف كذلك بل مع الذات قال : والعقل يدرك فرقا ضروريا بين معرفة الشيء مطلقا ، وبين معرفته على صفة ، فليس من عرف الذات عرف كونه عالما. ولا من عرف الجوهر عرف كونه متحيزا قابلا للعرض ، ولا شك أن الإنسان يدرك اشتراك الموجودات في قضية ، وافتراقها في قضية ، وبالضرورة يعلم أن ما اشتركت فيه غير ما افترقت به.

٩٢

وهذه القضايا العقلية لا ينكرها عاقل ، وهي لا ترجع إلى الذات ، ولا إلى أعراض وراء الذات ، فإنه يؤدي إلى قيام العرض بالعرض فتعين بالضرورة أنها أحوال ، فكون العالم عالما حال هي صفة وراء كونه ذاتا ، أي المفهوم منها غير المفهوم من الذات ، وكذلك كونه قادرا ، حيا ، ثم أثبت الباري تعالى حالة أخرى أوجبت تلك الأحوال ، وخالفه والده وسائر منكري الأحوال في ذلك ، وردوا الاشتراك والافتراق إلى الألفاظ وأسماء الأجناس ، وقالوا : أليست الأحوال تشترك في كونها أحوالا وتفترق في خصائص؟ كذلك نقول في الصفات. وإلا فيؤدي إلى إثبات الحال للحال ، ويفضي إلى التسلسل ، بل هي راجعة إما إلى مجرد الألفاظ إذ وضعت في الأصل على وجه يشترك فيها الكثير ، لا أن مفهومها معنى أو صفة ثابتة في الذات على وجه يشمل أشياء ويشترك فيها الكثير ، فإن ذلك مستحيل أو يرجع ذلك إلى وجوه واعتبارات عقلية هي المفهومة من قضايا الاشتراك والافتراق.

وتلك الوجوه : كالنّسب والإضافات ، والقرب والبعد وغير ذلك مما لا يعد صفات بالاتفاق. وهذا هو اختيار أبي الحسين (١) البصري ، وأبي الحسن الأشعري ورتبوا على هذه المسألة : مسألة أن المعدوم شيء ، فمن يثبت كونه شيئا كما نقلنا عن جماعة من المعتزلة ، فلا يبقى من صفات الثبوت إلا كونه موجودا ، فعلى ذلك لا يثبت للقدرة في إيجادها أثرا ما سوى الوجود ، والوجود على مذهب نفاة الأحوال لا يرجع إلا إلى اللفظ المجرد ، وعلى مذهب مثبتي الأحوال هو حالة لا توصف بالوجود ولا بالعدم وهذا كما ترى من التناقض والاستحالة.

ومن نفاة الأحوال من يثبته شيئا ولا يسميه بصفات الأجناس. وعند الجبائي أخص وصف الباري تعالى هو القدم ، والاشتراك في الأخص يوجب الاشتراك في

__________________

(١) هو محمد بن علي الطيب ، أبو الحسين ، البصري : أحد أئمة المعتزلة. قال الخطيب البغدادي : له تصانيف وشهرة بالذكاء والدّيانة على بدعته. ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي بها. توفي سنة ٤٣٦ ه‍ / ١٠٤٤ م. (راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٨٢ وتاريخ بغداد ٣ : ١٠٠).

٩٣

الأعم ، وليت شعري! كيف يمكنه إثبات الاشتراك والافتراق ، والعموم والخصوص حقيقة وهو من نفاة الأحوال؟ فأما على مذهب أبي هاشم فلعمري هو مطرد ، غير أن القدم إذا بحث عن حقيقته رجع إلى نفي الأولية ، والنفي يستحيل أن يكون أخص وصف الباري.

واختلفا في كونه سميعا بصيرا ، فقال الجبائي : معنى كونه سميعا بصيرا أنه حي لا آفة به.

وخالفه ابنه وسائر أصحابه ، أما ابنه فصار إلى أن كونه سميعا حالة ، وكونه بصيرا حالة ، وكونه بصيرا حالة سوى كونه عالما ؛ لاختلاف القضيتين والمفهومين ، والمتعلقين ، والأثرين.

وقال غيره من أصحابه : معناه كونه مدركا للمبصرات ، مدركا للمسموعات.

واختلفا أيضا في بعض مسائل اللطف ، فقال الجبائي فيمن يعلم الباري تعالى من حاله أنه لو آمن مع اللطف لكان ثوابه أقل لقلة مشقته ، ولو آمن بلا لطف لكان ثوابه أكثر لكثرة مشقته : إنه لا يحسن منه أن يكلفه مع اللطف ، ويسوى بينه وبين من المعلوم من حاله أنه لا يفعل الطاعة على كل وجه إلا مع اللطف ، ويقول : إذ لو كلفه مع عدم اللطف لوجب أن يكون مستفسدا حاله ، غير مزيح لعلته.

ويخالفه أبو هاشم في بعض المواضع في هذه المسألة ، قال : يحسن منه تعالى أن يكلفه الإيمان على أشق الوجهين بلا لطف.

واختلفا في فعل الألم للعوض ، فقال الجبائي : يجوز ذلك ابتداء لأجل العوض ، وعليه بني آلام الأطفال ، وقال ابنه : إنما يحسن ذلك بشرط العوض والاعتبار جميعا.

وتفصيل مذهب الجبائي في الأعواض على وجهين :

٩٤

أحدهما أنه يقول : يجوز التفضل بمثل الأعواض غير أنه تعالى علم أنه لا ينفعه عوض إلا على ألم متقدم.

والوجه الثاني أنه إنما يحسن ذلك لأن العوض مستحق ، والتفضل غير مستحق والثواب عندهم ينفصل عن التفضل بأمرين :

أحدهما : تعظيم وإجلال للمثاب يقترن بالنعيم.

والثاني : قدر زائد على التفضل بزيادة مقدار ولا بزيادة صفة.

وقال ابنه : يحسن الابتداء بمثل العوض تفضلا ، والعوض منقطع غير دائم.

وقال الجبائي : يجوز أن يقع الانتصاف من الله تعالى للمظلوم من الظالم بأعواض يتفضل بها عليه إذا لم يكن للظالم على الله عوض لشيء ضره به.

وزعم أبو هاشم أن التفضل لا يقع به انتصاف ، لأن التفضل ليس يجب عليه فعله.

وقال الجبائي وابنه : لا يجب على الله شيء لعباده في الدنيا إذا لم يكلفهم عقلا وشرعا. فأما إذا كلفهم فعل الواجب في عقولهم ، واجتناب القبائح ، وخلق فيهم الشهوة للقبيح والنفور من الحسن ، وركب فيهم الأخلاق الذميمة ؛ فإنه يجب عليه عند هذا التكليف إكمال العقل ، ونصب الأدلة ، والقدرة ، والاستطاعة ، وتهيئة الآلة ؛ بحيث يكون مزيحا لعللهم فيما أمرهم ، ويجب عليه أن يفعل بهم ادعى الأمور إلى فعل ما كلفهم به ، وأزجر الأشياء لهم عن فعل القبيح الذي نهاهم عنه. ولهم في مسائل هذا الباب خبط طويل(١).

* * *

وأما كلام جميع المعتزلة البغداديين في النبوة والإمامة فيخالف كلام

__________________

(١) من ضلالات الجبائي أنه سمى الله مطيعا لعبده إذا فعل مراد العبد. وكان سبب ذلك أن قال يوما لأبي الحسن الأشعري : ما معنى الطاعة عندك؟ فقال : موافقة الأمر. وسأله عن قوله فيها فقال الجبائي : حقيقة الطاعة عندي موافقة الإرادة. وكل من فعل مراد غيره فقد أطاعه ، فقال له أبو الحسن : يلزمك على هذا الأصل أن يكون الله مطيعا لعبده إذا فعل مراده فالتزم ذلك. فقال له ـ

٩٥

البصريين. فإن من شيوخهم من يميل إلى الروافض ، ومنهم من يميل إلى الخوارج.

والجبائي وأبو هاشم قد وافقا أهل السنّة في الإمامة ، وأنها بالاختيار ، وأن الصحابة مترتبون في الفضل ترتبهم في الإمامة ، غير أنهم ينكرون الكرامات أصلا للأولياء من الصحابة وغيرهم (١). ويبالغون في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام عن الذنوب كبائرها وصغائرها ، حتى منع الجبائي القصد إلى الذنب إلا على تأويل. والمتأخرون من المعتزلة مثل القاضي عبد الجبار (٢) وغيره انتهجوا طريقة أبي هاشم. وخالفه في ذلك أبو الحسين البصري وتصفح أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والإبطال ، وانفرد عنهم بمسائل : منها نفي الحال ، ومنها نفي المعدوم شيئا. ومنها نفي الألوان أعراضا. ومنها قوله : إن الموجودات تتمايز بأعيانها ، وذلك من توابع نفي الحال. ومنها رده الصفات كلها إلى كون الباري تعالى عالما ، قادرا ، مدركا. وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم في أن الأشياء لا تعلم قبل كونها. والرجل فلسفي المذهب. إلا أنه روّج كلامه على المعتزلة في معرض الكلام فراج عليهم لقلة معرفتهم بمسالك المذاهب.

__________________

ـ أبو الحسن : خالفت إجماع المسلمين وكفرت بربّ العالمين. ولو جاز أن يكون الله مطيعا لعبده لجاز أن يكون خاضعا له ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. (راجع المختصر للرسعني ص ١٢١).

(١) لئن أنكروا الكرامات ، لقد أثبتها الموحّدون لاستفاضة الخبر عن صاحب سليمان في إتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف إليه. ومنها رؤية عمر على منبره بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال يا سارية الجبل وسمع سارية ذلك الصوت على مسافة زهاء خمسمائة فرسخ حتى صعد الجبل وفتح منه الكمين للعدو وكان ذلك سبب الفتح.

ومنها قصة سفينة مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع الأسد ، وقصة عمير الطائي مع الذئب حتى قيل له كليم الذئب. وقصة أهبان بن صيفي وأبي ذرّ الغفاري مع الوحش وما أشبه ذلك كثير مما حرمه أهل القدر بشؤم بدعتهم وليس في جوازها قدح في النبوات ، لأن الناقض للعادة فيه دلالة على الصدق فتارة يدلّ على الصدق في دعوى النبوّة ، وتارة يدل على الصدق في الحال. (راجع أصول الدين ص ١٨٤).

(٢) هو عبد الجبّار بن أحمد الهمذاني القاضي المتكلم. كان من غلاة الشيعة وكان فقيها شافعيا. ولي قضاء الريّ وصنّف في مذهبه وذبّ عنه ودعا إليه وقد صنّف دلائل النبوة فأجاد فيه. وكان شافعيا في الفروع معتزليا في الأصول توفي سنة ٤١٥ ه‍. (راجع لسان الميزان ص ٣٨٦ وطبقات الشافعية ٣ : ٢١٩).

٩٦

الفصل الثاني

الجبرية

الجبر هو نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى. والجبرية أصناف. فالجبرية الخالصة : هي التي لا تثبت للعبد فعلا ولا قدرة على الفعل أصلا. والجبرية المتوسطة : هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلا. فأما من أثبت للقدرة الحادثة أثرا ما في الفعل ، وسمى ذلك كسبا فليس بجبريّ.

والمعتزلة يسمون من لم يثبت للقدرة الحادثة أثرا في الإبداع والإحداث استقلالا جبريا. ويلزمهم أن يسموا من قال من أصحابهم بأن المتولدات أفعال لا فاعل لها جبريا. إذ لم يثبتوا للقدرة الحادثة فيها أثرا. والمصنفون في المقالات عدوا النّجّارية والضّرارية من الجبرية. وكذلك جماعة الكلابية من الصفاتية. والأشعرية سموهم تارة حشويّة ، وتارة جبرية. ونحن سمعنا إقرارهم على أصحابهم من النّجّارية والضّرارية فعددناهم من الجبرية. ولم نسمع إقرارهم على غيرهم فعددناهم من الصفاتية.

١ ـ الجهميّة (١)

أصحاب جهم (٢) بن صفوان ، وهو من الجبرية الخالصة. ظهرت بدعته بترمذ (٣) ، وقتله سلم (٤) بن أحوز المازني بمرو (٥) في آخر ملك بني أمية. وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية ، وزاد عليهم بأشياء.

منها قوله : لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه ، لأن

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٦٢ والفرق بين الفرق ص ٢١١).

(٢) تقدمت ترجمته.

(٣) ترمذ : اسم مدينة على نهر جيحون. (راجع معجم ثامن ص ٣٨٢).

(٤) وقع في العبر ١ : ٦٦ «سلم بن أحور» بالراء المهملة ، وهو في كلّ كتب المقالات بالزاي وهو من قواد نصر بن سيّار في خراسان في أواخر بني أميّة. (راجع مقالات الإسلاميين والتبصير).

(٥) مرو : هي مرو العظمى أشهر مدن خراسان. والنسبة إليها مروزي. (راجع معجم ٨ : ٣٣).

٩٧

ذلك يقضي تشبيها. فنفي كونه حيا عالما. وأثبت كونه : قادرا ، فاعلا ، خالقا (١) ؛ لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة ، والفعل ، والخلق.

ومنها إثباته علوما حادثة للباري تعالى (٢) لا في محل. قال : لا يجوز أن يعلم الشيء قبل خلقه ؛ لأنه لو علم ثم خلق ، أفبقي علمه على ما كان أم لم يبق؟ فإن بقي فهو جهل ، فإن العلم بأن سيوجد غير العلم بأن قد وجد. وإن لم يبق فقد تغير ، والمتغير مخلوق ليس بقديم. ووافق في هذا المذهب هشام بن الحكم كما تقرر. قال : وإذا ثبت حدوث العلم فليس يخلو : إما أن يحدث في ذاته تعالى ، وذلك يؤدي إلى التغير في ذاته ، وأن يكون محلا للحوادث ، وإما أن يحدث في محل فيكون المحل موصوفا به ، لا الباري تعالى ، فتعين أنه لا محل له. فأثبت علوما حادثة بعدد الموجودات المعلومة.

ومنها قوله في القدرة الحادثة : إن الإنسان لا يقدر على شيء ، ولا يوصف بالاستطاعة ، وإنما هو مجبور في أفعاله ؛ لا قدرة له ، ولا إرادة ، ولا اختيار. وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات ، وتنسب إليه الأفعال مجازا كما تنسب إلى الجمادات ، كما يقال : أثمرت الشجرة ، وجرى الماء ، وتحرك الحجر ، وطلعت الشمس وغربت ، وتغيمت السماء وأمطرت ، واهتزت الأرض وأنبتت ، إلى غير ذلك (٣). والثواب والعقاب جبر ، كما أن الأفعال كلها جبر. قال : وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضا كان جبرا.

__________________

(١) مقال : إنما يقال في وصفه أنه قادر وموجد وفاعل وخالق ومحيي ومميت ، لأن هذه الأوصاف مختصّة به وحده. (راجع الفرق بين الفرق ص ٢١٢ والتبصير ص ٦٤).

(٢) قال جهم : «إن علم الله محدث ، هو أحدثه فعلم به وأنه غير الله ، وقد يجوز عنده أن الله يكون عالما بالأشياء كلّها قبل وجودها بعلم يحدثه قبلها. وحكى عنه حاك خلاف هذا ... (راجع مقالات الإسلاميين للأشعري ٢ : ٤٩٤).

(٣) هذا القول خلاف ما تجده العقلاء في أنفسهم ، لأن كل من يرجع إلى نفسه يفرق في نفسه بين ما يرد عليه من أمر ضروري لا اختيار له فيه وبين ما يختاره ويضيفه لنفسه. فالعاقل يفرق بين حركة ضرورية ـ

٩٨

ومنها قوله : إن حركات أهل الخلدين تنقطع. والجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل الجنة بنعيمها ، وتألم أهل النار بجحيمها ؛ إذ لا تتصور حركات لا تناهي آخرا ، كما لا تتصور حركات لا تتناهى أولا. وحمل قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها) على المبالغة والتأكيد دون الحقيقة في التخليد ، كما يقال خلد الله ملك فلان. واستشهد على الانقطاع بقوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) (١). فالآية اشتملت على شريطة واستثناء ، والخلود والتأييد لا شرط فيه ولا استثناء (٢).

ومنها قوله : من أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده ، لأن العلم والمعرفة لا يزولان بالجحد ، فهو مؤمن ، قال : والإيمان لا يتبعض أي لا ينقسم إلى : عقد ، وقول وعمل. قال : ولا يتفاضل أهله فيه ، فإيمان الأنبياء ، وإيمان الأمة على نمط واحد ، إذ المعارف لا تتفاضل. وكان السلف كلهم من أشد الرادّين عليه ، ونسبته إلى التعطيل المحض. وهو أيضا موافق للمعتزلة في نفي الرؤية ، وإثبات خلق الكلام ، وإيجاب المعارف بالعقل قبل ورود السمع.

__________________

ـ كحركة المرتعش ، وحركة المختار. وأنه ليجد فرقا بينهما. ومن أنكر هذه التفرقة لا يعدّ من العقلاء ، فله ما ورد في القرآن من قوله يعملون ، ويعقلون ويكسبون حجة عليهم ، وكذا قوله : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) ولو لم يكن للعبد اختيار ، كان الخطاب معه محالا والثواب والعقاب عنه ساقطين كالجماد.

وقد ردّ الله على الجبرية والقدرية حيث قال : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. ومعناه وما رميت من حيث الخلق إذ رميت من حيث الكسب. ولكن الله رمى من حيث الخلق والكسب ، خلقه خلقا لنفسه ، كسبا لعبده ، فهو مخلوق لله تعالى من وجهين. (راجع التبصير ص ٦٣).

(١) سورة هود : الآية ١٠٨.

(٢) من ضلالاته قوله إن الجنة والنار تفنيان كما تفنى سائر الأشياء. لكنه عزوجل قادر بعد فنائهما على أن يخلق أمثالهما. وعقيدة أهل السنّة إنهم قالوا بتأييد الجنة ونعيمها وتأييد جهنّم وعذابها وأكفروه في قوله. (راجع الفرق بين الفرق ص ٢١١ والتبصير ص ٦٤).

٩٩

٢ ـ النّجّارية (١)

أصحاب الحسين (٢) بن محمد النّجار ، وأكثر معتزلة الري وما حواليها على مذهبه. وهم وإن اختلفوا أصنافا إلا أنهم لم يختلفوا في المسائل التي عددناها أصولا. وهم : برغوثية (٣) وزعفرانية (٤) ومستدركة (٥). ووافقوا المعتزلة في نفي الصفات من العلم ، والقدرة ، والإرادة ، والحياة ، والسمع ، والبصر. ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال.

قال النجار : الباري تعالى مريد لنفسه كما هو عالم لنفسه ، فألزم عموم التعلق ، فالتزم وقال : هو مريد الخير والشر ، والنفع والضر ، وقال أيضا : معنى كونه مريدا أنه غير مستكره ولا مغلوب. وقال : هو خالق أعمال العباد ، خيرها وشرها ، حسنها وقبيحها ، والعبد مكتسب لها. وأثبت تأثيرا للقدرة الحادثة ، وسمى ذلك كسبا على حسب ما يثبته الأشعري. ووافقه أيضا في أن الاستطاعة مع الفعل. وأما في مسألة الرؤية فأنكر رؤية الله تعالى بالأبصار وأحالها ؛ غير أنه قال : يجوز أن يحوّل الله تعالى القوة التي في القلب من المعرفة إلى العين ، فيعرف الله تعالى بها فيكون ذلك رؤية ، وقال بحدوث الكلام لكنه انفرد عن المعتزلة بأشياء منها :

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٧ والتبصير ص ٦١ ومقالات الإسلاميين ١ : ٣١٥).

(٢) هو أبو عبد الله : رأس الفرقة النجارية من المعتزلة. كان حائكا ، وقيل : كان يعمل الموازين من أهل قم ، وهو من متكلّمي «المجبرة» وله مع النظام عدة مناظرات. وأكثر المعتزلة في الريّ وجهاتها من النجارية. له عدة كتب. توفي نحو سنة ٢٢٠ ه‍ / نحو ٨٣٥ م. وقيل إن سبب موته أنه تناظر يوما مع النظام فأفحمه النظام ، فقام محموما ومات عقب ذلك ، وقد ذكر ابن النديم هذه المناظرة. (راجع فهرست ابن النديم : الفن الثالث من المقالة الخامسة واللباب ٣ : ٢١٥).

(٣) نسبة إلى محمد بن عيسى الملقب ببرغوث.

(٤) هي فرقة من النجارية ينتمون إلى رئيس لهم يقال له الزّعفراني ، ومن مذهبهم أن القرآن محدث وأن كلام الله غيره فهو مخلوق ، ويقولون مع ذلك أن القول بخلق القرآن كفر فيعتقدون المتناقض. (راجع اللباب ص ٥٠٣).

(٥) المستدركة ، قوم من الزعفرانية ، سموا بهذا الاسم لأنهم زعموا أنهم استدركوا على أسلافهم ما خفي عليهم. (راجع التبصير ص ٦٢).

١٠٠