الملل والنّحل - ج ١

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني

الملل والنّحل - ج ١

المؤلف:

أبي الفتح محمد بن عبدالكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني


المحقق: أمير علي مهنا و علي حسن فاعور
الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٠٧

الثالثة : قالت إن الحسن قد مات ، وأوصى إلى جعفر أخيه ، ورجعت الإمامة إلى جعفر.

الرابعة : قالت إن الحسن قد مات ، والإمام جعفر ، وإنا كنّا مخطئين في الائتمام به ؛ إذ لم يكن إماما ، فلما مات ولا عقب له تبينا أن جعفر كان محقا في دعواه ، والحسن مبطلا.

الخامسة : قالت إن الحسن قد مات ، وكنا مخطئين في القول به ، وإن الإمام كان محمد بن علي أخا الحسن وجعفر ؛ ولما ظهر لنا فسق جعفر وإعلانه به ؛ وعلمنا أن الحسن كان على مثل حاله إلا أنه كان يتستر ، عرفنا أنهما لم يكونا إمامين ، فرجعنا إلى محمد ، ووجدنا له عقبا ، وعرفنا أنه كان هو الإمام دون أخويه.

السادسة : قالت إن الحسن كان له ابن ، وليس الأمر على ما ذكروا أنه مات ولم يعقب ، بل ولد له ولد قبل وفاة أبيه بسنتين فاستتر خوفا من جعفر وغيره من الأعداء ، واسمه محمد (١) وهو الإمام ، القائم ، الحجة ، المنتظر.

السابعة : قالت إن له ابنا ، ولكنه ولد بعد موته بثمانية أشهر ، وقول من ادعى أنه مات وله ابن باطل ، لأن ذلك لو كان لم يخف ، ولا يجوز مكابرة العيان.

الثامنة : قالت صحت وفاة الحسن ، وصح أن لا ولد له ، وبطل ما ادعى من الحيل في سرية له ، فثبت أن الإمام بعد الحسن غير موجود ، وهو جائز في المعقولات أن يرفع الله الحجة عن أهل الأرض لمعاصيهم ، وهي فترة وزمان لا إمام فيه ، والأرض اليوم بلا حجة كما كانت الفترة قبل مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

__________________

(١) في فرق الشيعة (ص ١٠٢) : «قالت فرقة : إن للحسن ابنا سماه محمدا ولد سنة ٢٥٥ ه‍. وأمه نرجس أو ريحانة أو صقيل ، أو سوسن. وكنيته أبو القاسم وألقابه كثيرة : منها صاحب الزمان ، وصاحب الدار ، والغريم والقائم والمهدي ، والهادي ، والصاحب. وقد قطعوا على إمامته ، وزعموا أنه مستور ، وأنها إحدى غيباته وله غيبتان إحداهما من يوم وفاة أبيه وهي الصغرى. والثانية الكبرى وابتداؤها من وفاة السمري آخر السفراء ولا يعلم انتهاؤها إلّا الله عزوجل. هذا هو اعتقاد الإمامية الاثني عشرية» كما جاز أن لا يكون قبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. (راجع فرق الشيعة ص ١٠٥).

٢٠١

التاسعة : قالت إن الحسن قد مات ، وصح موته ، وقد اختلف الناس هذه الاختلافات ولا ندري كيف هو؟ ولا نشك أنه قد ولد له ابن ، ولا ندري قبل موته أو بعد موته؟ إلا أن نعلم يقينا أن الأرض لا تخلو من حجة ، وهو الخلف الغائب ، فنحن نتولاه ونتمسك به باسمه حتى يظهر بصورته.

العاشرة : قالت نعلم أن الحسن قد مات ، ولا بد للناس من إمام ، فلا تخلو الأرض من حجة ، ولا ندري : من ولده؟ أم من ولد غيره؟.

الحادية عشرة : فرقة توقفت في هذا التخابط وقالت : لا ندري على القطع حقيقة الحال ، لكنا نقطع في الرضا ونقول بإمامته ، وفي كل موضع اختلفت الشيعة فيه ، فنحن من الواقفة في ذلك إلى أن يظهر الله الحجة ، ويظهر بصورته ، فلا يشك في إمامته من أبصره ، ولا يحتاج إلى معجزة وكرامة وبينة ، بل معجزته اتباع الناس بأسرهم إياه من غير منازعة ولا مدافعة.

فهذه جملة الفرق الإحدى عشرة قطعوا على كل واحد واحدا ، ثم قطعوا على الكل بأسرهم.

ومن العجب أنهم قالوا : الغيبة قد امتدت مائتين ونيفا وخمسين سنة ، وصاحبنا قال: إن خرج القائم وقد طعن في الأربعين فليس بصاحبكم ، ولسنا ندري كيف تنقضي مائتان ونيف وخمسون سنة في أربعين سنة؟ وإذا سئل القوم عن مدة الغيبة كيف تتصور؟ قالوا : أليس الخضر وإلياس عليهما‌السلام يعيشان في الدنيا من آلاف سنين ، لا يحتاجان إلى طعام وشراب؟ فلم لا يجوز ذلك في واحد من آل البيت؟ قيل لهم : ومع اختلافكم هذا كيف يصح لكم دعوى الغيبة؟ ثم الخضر عليه‌السلام ليس مكلفا بضمان جماعة ، والإمام عندكم ضامن ، مكلف بالهداية والعدل ، والجماعة مكلفون بالاقتداء به والاستنان بسنته ، ومن لا يرى كيف يقتدى به؟.

فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول ، وبالمشبهة في الصفات ، متحيرين تائهين.

٢٠٢

وبين الإخبارية منهم والكلامية سيف وتكفير ، وكذلك بين التفضيلية والوعيدية قتال وتضليل ، أعاذنا الله من الحيرة.

ومن العجب أن القائلين بإمامة المنتظر مع هذا الاختلاف العظيم الذي بينت لا يستحيون فيدعون فيه أحكام الإلهية ، ويتأولون قوله تعالى عليه : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) (١).

قالوا : هو الإمام المنتظر الذي يردّ إليه علم الساعة ، ويدّعون فيه أنه لا يغيب عنا ، وسيخبرنا بأحوالنا ، حين يحاسب الخلق ، إلى تحكمات باردة ، وكلمات عن العقول شاردة.

لقد طفت في تلك المعاهد كلّها

وسيّرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلّا واضعا كفّ حائر

على ذقن أو قارعا سنّ نادم(٢)

أسامي الأئمة الاثني عشر عند الإمامية :

المرتضى ، والمجتبى ، والشهيد ، والسّجّاد ، والباقر ، والصّادق ، والكاظم ، والرضي ، والتقي ، والنقي ، والزكي ، والحجة القائم المنتظر.

٤ ـ الغالية

هؤلاء هم الذين غلوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية ، وحكموا فيهم بأحكام الإلهية ، فربما شبهوا واحدا من الأئمة بالإله ، وربما شبهوا الإله بالخلق ، وهم على طرفي الغلو والتقصير ، وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية (٣) ، ومذاهب التناسخية (٤) ، ومذاهب اليهود والنصارى ، إذ اليهود شبهت

__________________

(١) سورة التوبة : الآية ١٠٥.

(٢) في وفيات الأعيان ٤ : ٢٧٤ أنهما لأبي بكر محمد بن باجة المعروف بابن الصائغ الأندلسي. وقيل إن البيتين لأبي علي ابن سينا.

(٣) هم في الفرق بين الفرق (ص ٢٥٤) : «عشر فرق كلّها كانت في دولة الإسلام وغرض جميعها القصد إلى إفساد القول بتوحيد الصانع».

والحلول في رأي الحكماء هو اختصاص شيء بشيء بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما عين الإشارة إلى الآخر ، وحلول الشيء في الشيء وعبارة عن نزوله فيه. (تعريفات ص ٦٣).

(٤) التناسخ عبارة عن تعلق الروح بالبدن بعد المفارقة من بدن آخر من غير تخلل زمانين بين التعلقين للتعشّق الذاتي بين الروح والجسد. (تعريفات ص ٦٧).

٢٠٣

الخالق بالخلق ، والنصارى شبهت الخلق بالخالق فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة ، حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة. وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعة ، وإنما عادت إلى بعض أهل السنّة بعد ذلك وتمكن الاعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول ، وأبعد من التشبيه والحلول.

وبدع الغلاة محصورة في أربع : التشبيه ، والبداء ، والرجعة ، والتناسخ ، ولهم ألقاب ، وبكل بلد لقب ، فيقال لهم بأصبهان : الخرّميّة ، والكوذكيّة ، وبالري : المزدكية والسنباذية ، وبأذربيجان الدقولية ، وبموضع المحمرة ، وبما وراء النهر : المبيضة.

وهم أحد عشر صنفا :

(أ) السّبائية (١) : أصحاب عبد الله (٢) بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه : أنت ، أنت ، يعني أنت الإله ، فنفاه إلى المدائن ، زعموا أنه كان يهوديا فأسلم ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهما‌السلام مثل ما قال في عليّ رضي الله عنه ، وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة عليّ رضي الله عنه ومنه انشعبت أصناف الغلاة.

زعم أن عليا حي لم يمت (٣) ، ففيه الجزء الإلهي ، ولا يجوز أن يستولى عليه ، وهو الذي يجيء في السحاب ، والرعد صوته ، والبرق تبسمه ، وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٣٣ والتبصير ص ٧١ ومقالات الإسلاميين ١ : ٨٥ وشرح عقيدة السفاريني ١ : ٨٠).

(٢) راجع الفرق بين الفرق ص ٢٢٥ بالهامش والتعريفات للسيد الشريف الجرجاني ص ٧٩.

(٣) غلا ابن سبأ في عليّ حتى زعم أنه إله ودعا إلى ذلك قوما من غواة الكوفة. ورفع خبرهم إلى علي فأمر بإحراق قوم منهم في حفرتين حتى قال بعض الشعراء في ذلك :

لترم بي الحوادث حيث شاءت

إذا لم ترم بي في الحفرتين

ثم إنه خاف من إحراق الباقين منهم فنفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن فلما قتل علي زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليا وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورة علي وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه‌السلام وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه. ـ

٢٠٤

وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال عليّ رضي الله عنه واجتمعت عليه جماعة ، وهم أول فرقة قالت بالتوقف ، والغيبة ، والرجعة ، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد عليّ رضي الله عنه ، قال : وهذا المعنى مما كان يعرفه الصحابة وإن كانوا على خلاف مراده ، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم ورفعت القصة إليه : ما ذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله؟ فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك.

(ب) الكاملية (١) : أصحاب أبي كامل (٢) ، أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه ، وطعن في علي أيضا بتركه طلب حقه ، ولم يعذره في القعود ، قال : وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق ، على أنه غلا في حقه وكان يقول : الإمامة نور يتناسخ من شخص إلى شخص ، وذلك النور في شخص يكون نبوة ، وفي شخص يكون إمامة ، وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوة ، وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت.

والغلاة على أصنافها كلهم متفقون على التناسخ والحلول ، ولقد كان

__________________

ـ وكان ابن سبأ مع بعض أتباعه يزعمون أن عليا في السحاب وأن الرعد صوته ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال : عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي قصيدته التي برئ فيها من الخوارج والروافض والقدرية ومنها :

برئت من الخوارج لست منهم

من الغزّال منهم وابن باب

ومن قوم إذا ذكروا عليا

يردّون السلام على السحاب

ولكني أحبّ بكل قلبي

وأعلم أن ذاك من الصواب

رسول الله والصديق حبّا

به أرجو غدا حسن الثواب

(راجع الفرق بين الفرق ص ٢٣٣ وما بعدها).

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٥٤ والتبصير ص ٢١) ولم يذكر الأشعري في مقالات الإسلاميين الكاملية بين فرق الرافضة.

(٢) هو القائل بتكفير الصحابة بترك نصرة عليّ وتكفير عليّ بترك طلب حقّه. وفي الشفاء : الكميلية بتصغير كامل على كميل. ونسبوا إليه خلاف القياس ، تصغير تحقير. والكاملية شرّ الروافض. (التاج ٨ : ١٠٤).

٢٠٥

التناسخ مقالة لفرقة في كل ملة تلقوها من المجوس المزدكية ، والهند البرهمية ، ومن الفلاسفة والصابئة ، ومذهبهم أن الله تعالى قائم بكل مكان ، ناطق بكل لسان ، ظاهر في كل شخص من أشخاص البشر ، وذلك بمعنى الحلول.

وقد يكون الحلول بجزء ، وقد يكون بكل ، أما الحلول بجزء ، فهو كإشراق الشمس في كوة ، أو كإشراقها على البلّور.

أما الحلول بكل فهو كظهور ملك بشخص ، أو شيطان بحيوان.

ومراتب التناسخ أربع : النسخ ، والمسخ ، والفسخ ، والرسخ (١) ، وسيأتي شرح ذلك عند ذكر فرقهم من المجوس على التفصيل (٢) ، وأعلى المراتب مرتبة الملكيّة أو النبوة ، وأسفل المراتب الشيطانية أو الجنية.

وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهرا من غير تفصيل مذهبه.

(ج) العلبائية (٣) : أصحاب العلباء بن ذراع الدوسي ، وقال قوم : هو الأسدي ، وكان يفضل عليا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وزعم أنه بعث محمدا ، يعني عليا ، وسماه إلها ، وكان يقول بذم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه ، ويسمون هذه الفرقة الذميمة.

__________________

(١) في شرح المواقف ٢ : ٤٤٤ : أن «النفوس الناقصة التي بقي شيء من كمالاتها ، فإنها تتردّد في الأبدان الإنسانية ، وتنتقل من بدن إلى آخر حتى تبلغ النهاية فيما هو كمالها من علومها وأخلاقها. فحينئذ تبقى مجردة مطهّرة عن التعلّق بالأبدان. ويسمّى هذا الانتقال نسخا.

وقيل : ربما تنازلت إلى الأبدان الحيوانية فتنتقل من البدن الإنساني إلى بدن حيواني يناسبه في الأوصاف كبدن الأسد للشجاع والأرنب للجبان ويسمّى مسخا.

وقيل : ربما تنازلت إلى الأجسام النباتية ويسمّى رسخا.

وقيل : إلى الجمادية كالمعادن والبسائط أيضا ويسمّى فسخا.

(٢) لم يشرح أو يفصّل مراتب التناسخ الأربع كما ذكر عند الحديث عن فرقهم من المجوس.

(٣) سماها عبد القاهر في الفرق بين الفرق ص ٢٥١ : الذميّة ، وقال : «هم قوم زعموا أن عليا هو الله وشتموا محمدا ... وهذه خارجة عن فرق الإسلام لكفرها بنبوّة محمد من الله تعالى». (راجع في شأن هذه الفرقة التبصير ص ٧٥).

٢٠٦

ومنهم من قال بإلهيتها جميعا ، ويقدمون عليا في أحكام الإلهية ، ويسمونهم العينية.

ومنهم من قال بإلهيتهما جميعا ، ويفضلون محمدا في الإلهية ويسمونهم الميمية.

ومنهم من قال بالإلهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء (١) : محمد ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وقالوا خمستهم شيء واحد. والروح حالة فيهم بالسّويّة ، لا فضل لواحد منهم على الآخر ، وكرهوا أن يقولوا فاطمة بالتأنيث ، بل قالوا فاطم ، بلا هاء ، وفي ذلك يقول بعض شعرائهم :

تولّيت بعد الله في الدّين خمسة

نبيّا ، وسبطيه ، وشيخا ، وفاطما

(د) المغيريّة (٢) : أصحاب المغيرة بن سعيد (٣) ، العجلي ، ادعى أن الإمامة بعد محمد بن عليّ بن الحسين في : محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ، الخارج بالمدينة ، وزعم أنه حي لم يمت.

وكان المغيرة مولى لخالد (٤) بن عبد الله القسري ، وادعى الإمامة لنفسه بعد

__________________

(١) عن أم سلمة ، قالت : جاءت فاطمة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تحمل خزيرة لها ، فقال : «أدعي زوجك وابنيك». فجاءت بهم فطعموا. ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا فقال : «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا». فقلت : يا رسول الله وأنا معهم أنا من أهلك ، قال : «تنحي ، فإنك إلى خير». فأنزل الله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : نزلت هذه الآية في خمسة : فيّ وفي عليّ وحسن ، وحسين وفاطمة. (راجع مجمع البيان ٤ : ٣٥٧ وإرشاد العقل السليم ٤ : ٢١١).

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٣٨ والتبصير ص ٧٣ ومقالات الإسلاميين ١ : ٦٨ والبدء والتاريخ ٥ : ١٣٠ وتاريخ ابن الأثير ٥ : ٨٢ والنجوم الزاهرة ١ : ٢٨٣).

(٣) المغيرة بن سعيد البجلي الكوفي أبو عبد الله : دجّال مبتدع يقال له الوصاف. قالوا إنه جمع بين الإلحاد والتنجيم. كان مجسما ويقول بتأليه عليّ وتكفير الصحابة إلّا من ثبت مع عليّ. ويزعم أنه هو أو علي (في رواية الذهبي) لو أراد أن يحيى عادا وثمودا لفعل. توفي سنة ١١٩ ه‍ / ٧٣٧ م. (راجع ميزان الاعتدال ٣ : ١٩١ وتاريخ الإسلام للذهبي ٥ : ١).

(٤) خالد بن عبد الله القسري : كان أمير العراقين لهشام بن عبد الملك. توفي سنة ١٢٦ ه‍. (ابن خلكان ١ : ٢١١).

٢٠٧

الإمام محمد ، وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه ، واستحل المحارم ، وغلا في حق عليّ رضي الله عنه غلوا لا يعتقده عاقل ، وزاد على ذلك قوله بالتشبيه فقال : إن الله تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء (١) ، وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور ، وله قلب تنبع منه الحكمة ، وزعم أن الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالاسم الأعظم ، فطار فوقع على رأسه تاجا. قال : وذلك قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٢).

ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه ، فغضب من المعاصي فعرق ، فاجتمع من عرقه بحران : أحدهما مالح ، والآخر عذب ، والمالح مظلم ، والعذب نير ، ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله ، فانتزع عين ظله فخلق منها الشمس والقمر ، وأفنى باقي ظله وقال : لا ينبغي أن يكون معي إله غيري. قال : ثم خلق الخلق كله من البحرين فخلق المؤمنون من البحر النير ، وخلق الكفار من البحر المظلم ، وخلق ظلال الناس أول ما خلق ، وأول ما خلق هو ظل محمد عليه الصلاة والسلام وظل عليّ قبل خلق ظلال الكل ، ثم عرض على السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة (٣) ، وهي أن يمنعن عليّ بن أبي طالب من الإمامة ، فأبين ذلك.

ثم عرض ذلك على الناس ، فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك ، وضمن له أن يعينه على الغدر به شرط أن يجعل الخلافة له من بعده ، فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين ، فذلك قوله تعالى : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ

__________________

(١) فالألف منها مثال قدميه ، والعين على صورة عينه ، وشبّه الهاء بالفرج. (الفرق بين الفرق ص ٢٣٩).

(٢) سورة الأعلى : الآية ١.

(٣) قال ابن عباس : أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها على عباده. عرضها على السموات والأرض والجبال على أنهم إذا أدّوها أثابهم وإن ضيّعوها عذّبهم.

وقال ابن مسعود : الأمانة أداء الصلوات وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت وصدق الحديث وقضاء الدّين والعدل وأشدّ من هذا كلّه الودائع .. (لباب التأويل ٥ : ٢٢٩).

٢٠٨

كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (١) وزعم أنه نزل في حق عمر قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ* فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) (٢).

ولما أن قتل المغيرة اختلف أصحابه ، فمنهم من قال بانتظاره ورجعته ، ومنهم من قال بانتظار إمامة محمد ، كما كان يقول هو بانتظاره ، وقد قال المغيرة بإمامة أبي جعفر محمد بن عليّ رضي الله عنهما ، ثم غلا فيه وقال بإلهيته فتبرأ منه الباقر ولعنه ، وقد قال المغيرة لأصحابه : انتظروه ، فإنه يرجع ، وجبريل وميكائيل يبايعانه بين الركن والمقام وزعم أنه يحيي الموتى.

(ه) المنصوريّة (٣) : أصحاب أبي منصور (٤) العجلي ، وهو الذي عزا نفسه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر في الأول ، فلما تبرأ منه الباقر وطرده زعم أنه هو الإمام ، ودعا الناس إلى نفسه ، ولما توفي الباقر قال : انتقلت الإمامة إليّ وتظاهر بذلك وخرجت جماعة منهم بالكوفة في بني كندة حتى وقف يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في أيام هشام بن عبد الملك على قصته وخبث دعوته ، فأخذه وصلبه.

زعم أبو منصور العجلي أن عليا رضي الله عنه هو الكسف الساقط من السماء. وربما قال : الكسف الساقط من السماء هو الله تعالى. وزعم حين ادعى

__________________

(١) سورة الأحزاب : الآية ٧٢.

(٢) سورة الحشر : الآية ١٦.

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٤٣ وفرق الشيعة ص ٣٤ ومقالات الإسلاميين ١ : ٧٤ والتبصير ص ٧٣).

(٤) أبو منصور العجلي : رجل من عبد القيس كان يسكن الكوفة. كان أميا لا يقرأ ونشأ بالبادية ، فلما مات أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ادّعى أبو منصور هذا أن أبا جعفر فوّض إليه أمره وجعله وصيّة من بعده ثم تجاوز ذلك فادعى نفسه أنه نبي ورسول ، وأن جبريل يأتيه بالوحي من عند الله ، وزعم أن الله تعالى أرسل محمداصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتنزيل ، وأرسله هو بالتأويل ، واستمرت فتنة هذا الضال المخرق حتى وقف على عوراته يوسف بن عمر الثقفي فأخذه وصلبه. ثم قام من بعده ابنه الحسين بن أبي منصور فتنبأ وادعى مرتبة أبيه فقتله المهدي العباسي مع جماعة من أصحابه وصلبهم. (راجع فرق الشيعة ص ٣٨ والفرق بين الفرق ص ٢٤٣).

٢٠٩

الإمامة لنفسه أنه عرج به إلى السماء ، ورأى معبوده فمسح بيده رأسه ، وقال : يا بني ، انزل فبلّغ عني. ثم أهبطه إلى الأرض. فهو الكسف الساقط من السماء.

وزعم أيضا أن الرسل لا تنقطع أبدا ، والرسالة لا تنقطع. وزعم أن الجنة رجل أمرنا بموالاته ، وهو إمام الوقت. وأن النار رجل أمرنا بمعاداته ، وهو خصم الإمام. وتأول المحرمات كلها على أسماء رجال أمرنا الله تعالى بمعاداتهم. وتأول الفرائض على أسماء رجال أمرنا بموالاتهم. واستحل أصحابه قتل مخالفيهم وأخذ أموالهم ، واستحلال نسائهم. وهم صنف من الخرّمية. وإنما مقصودهم من حمل الفرائض والمحرمات على أسماء رجال : هو أن من ظفر بذلك الرجل وعرفه فقد سقط عنه التكليف ، وارتفع الخطاب إذ قد وصل إلى الجنة وبلغ الكمال.

ومما أبدعه العجلي أنه قال : إن أول ما خلق الله تعالى هو عيسى ابن مريم عليه‌السلام ، ثم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

(و) الخطّابيّة (١) : أصحاب أبي الخطاب محمد (٢) بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد ، وهو الذي عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه. فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه تبرأ منه ولعنه ، وأمر أصحابه بالبراءة منه. وشدد القول في ذلك ، وبالغ في التبري منه واللعن عليه ، فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه.

زعم أبو الخطاب أن الأئمة أنبياء ثم آلهة. وقال بإلهية جعفر بن محمد ، وإلهية آبائه رضي الله عنهم. وهم أبناء الله وأحباؤه. والإلهية نور في النبوة ، والنبوة نور في الإمامة. ولا يخلو العالم من هذه الآثار والأنوار. وزعم أن جعفرا هو الإله

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٤٧ والتبصير ص ٧٣ ومقالات الإسلاميين ١ : ٧٥ والحور العين ص ١٦٩ ودائرة المعارف للبستاني ١ : ٤٨٣ وخطط المقريزي ١ : ٣٥٢).

(٢) يكنى أيضا أبا إسماعيل وأبا الظبيان. كان يقول إن لكل شيء من العبادات باطنا. قتله عيسى بن موسى سنة ١٤٣ ه‍. (راجع فرق الشيعة ص ٤٢).

٢١٠

في زمانه ، وليس هو المحسوس الذي يرونه. ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها.

ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة. وافترقت الخطابية بعده فرقا.

فزعمت فرقة أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له معمر (١) ، ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. وزعموا أن الدنيا لا تفنى ، وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية. وأن النار هي التي تصيب الناس من شر ومشقة وبلية. واستحلّوا الخمر والزنا ، وسائر المحرمات. ودانوا بترك الصلاة والفرائض. وتسمى هذه الفرقة المعمرية.

وزعمت طائفة أن الإمام بعد أبي الخطاب : بزيغ (٢) ، وكان يزعم أن جعفرا هو الإله ؛ أي ظهر الإله بصورته للخلق. وزعم أن كل مؤمن يوحى إليه من الله ، وتأول قول الله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٣) أي يوحى إليه من الله. وكذلك قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) (٤) وزعم أن من أصحابه من هو أفضل من جبريل وميكائيل. وزعم أن الإنسان إذا بلغ الكمال لا يقال له إنه قد مات ، ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل رجع إلى الملكوت. وادعوا كلهم معاينة أمواتهم ، وزعموا أنهم يرونهم بكرة وعشية. وتسمى هذه الطائفة البزيغية.

__________________

(١) هو معمر بن خيثم أبو بشار الشعيري. ادعى الألوهية وقد خرج ابن اللبان يدعو إليه وقال إنه الله عزوجل وصلى له وصام وأحل الشهوات كلّها ما حلّ منها وما حرم وزعم أن كل شيء أحلّه الله في القرآن وحرمه فإنما هو أسماء رجال. (فرق الشيعة ص ٤٣ و ٤٤).

(٢) هو بزيغ بن موسى الحائك وقد لعنه الصادق ولعن جماعة معه ، وقد زعمت فرقته أنه نبي رسول وقد أرسله جعفر وشهد لأبي الخطاب بالرسالة وبرئ أبو الخطاب وأصحابه من بزيغ كما برئ منه جعفر وشهد أنه كافر شيطان. (فرق الشيعة ص ٤٣ و ٤٤).

(٣) سورة يونس : الآية ١٠٠.

(٤) سورة النحل : الآية ٦٨.

٢١١

وزعمت طائفة (١) أن الإمام بعد أبي الخطاب : عمير (٢) بن بيان العجلي ، وقالوا كما قالت الطائفة الأولى ، إلا أنهم اعترفوا بأنهم يموتون ، وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة يجتمعون فيها على عبادة الصادق رضي الله عنه. فرفع خبرهم إلى يزيد (٣) بن عمر بن هبيرة ، فأخذ عميرا فصلبه في كناسة الكوفة. وتسمى هذه الطائفة العجلية والعميرية أيضا.

وزعمت طائفة (٤) أن الإمام بعد أبي الخطاب مفضل (٥) الصيرفي. وكانوا يقولون بربوبية جعفر دون نبوته ورسالته. وتسمى هذه الفرقة المفضلية.

وتبرأ من هؤلاء كلهم جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه وطردهم ولعنهم ، فإن القوم كلهم حيارى ، ضالون ، جاهلون بحال الأئمة تائهون.

(ز) الكيّاليّة : أتباع أحمد (٦) بن الكيال ، وكان من دعاة واحد من أهل البيت بعد جعفر بن محمد الصادق ، وأظنه من الأئمة المستورين.

ولعله سمع كلمات علمية فخلطها برأيه القائل ، وفكره العاطل ، وأبدع مقالة في كل باب علمي على قاعدة غير مسموعة ، ولا معقولة ، وربما عاند الحسن في بعض المواضع.

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (التبصير ص ٧٤ ومقالات الإسلاميين ١ : ٧٨ والفرق بين الفرق ص ٢٤٩).

(٢) عمير بن بيان العجلي ، وقيل : عمرو بن بيان العجلي رئيس العمروية وهم من الفرق الخارجة عن فرق الإسلام. عبدوا جعفرا وسموه ربا وقالوا بإلهيته وبتكذيب الذين قالوا منهم إنهم لا يموتون وقالوا : إنّا نموت ، ولكن لا يزال خلف منّا في الأرض أئمة أنبياء. (راجع التبصير ص ٧٤ والفرق بين الفرق ص ٢٤٩).

(٣) قتله خازم بن خزيمة سنة ١٣٢ ه‍. (راجع ابن خلكان ٢ : ٢٦٧ والمعارف ص ١٤٠).

(٤) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٥٠ والتبصير ص ٧٤ والمقالات ١ : ٧٨).

(٥) مفضل الصيرفي ، زعيم المفضلية الذين قالوا بإلهية جعفر دون نبوته وتبرءوا من أبي الخطاب لبراءة جعفر منه. (الفرق بين الفرق ص ٢٥٠).

(٦) أحمد الكيال الملحد. وقد كان ضالا مضلا وقد صنّف كتابا في الضلالة والترهات. (اعتقادات ص ٦١).

٢١٢

ولما وقفوا على بدعته تبرءوا منه ولعنوه وأمروا شيعتهم بمنابذته وترك مخالطته. ولما عرف الكيال ذلك منهم صرف الدعوة إلى نفسه ، وادعى الإمامة أولا ، ثم ادعى أنه القائم ثانيا.

وكان من مذهبه أن كل من قدر الآفاق على الأنفس ، وأمكنه أن يبين مناهج العالمين ؛ أعني عالم الآفاق وهو العالم العلوي ، وعالم الأنفس ؛ وهو العالم السفلي ، كان هو الإمام ، وأن كل من قرر الكل في ذاته ، وأمكنه أن يبين كل كلي في شخصه المعين الجزئي ، كان هو القائم ، قال : ولم يوجد في زمن من الأزمان أحد يقرر هذا التقرير إلا أحمد الكيال ، فكان هو القائم.

وإنما قتله من انتمى إليه أولا على بدعته ذلك أنه هو الإمام ، ثم القائم ، وبقيت من مقالته في العالم تصانيف عربية وعجمية ، كلها مزخرفة مردودة شرعا وعقلا.

قال الكيال : العوالم ثلاثة : العالم الأعلى ، والعالم الأدنى ، والعالم الإنساني.

وأثبت في العالم الأعلى خمسة أماكن : الأول : مكان الأماكن وهو مكان فارغ لا يسكنه موجود ، ولا يدبره روحاني ، وهو محيط بالكل. قال : والعرش الوارد في الشرع عبارة عنه ، ودونه : مكان النفس الأعلى ، ودونه : مكان النفس الناطقة ، ودونه : مكان النفس الإنسانية.

قال : وأرادت النفس الإنسانية الصعود إلى عالم النفس الأعلى ، فصعدت وخرقت المكانين : أعني الحيوانية ، والناطقة. فلما قربت من الوصول إلى عالم النفس الأعلى : كلّت وانحسرت ، وتحيرت وتعفنت ، واستحالت أجزاؤها فأهبطت إلى العالم السفلي. ومضت عليها أكوار (١) وأدوار (٢) ، وهي في تلك الحالة من

__________________

(١) الأكوار جمع كور مأخوذ من تكوير الليل والنهار أن يلحق أحدهما الآخر ، أو يدخل أحدهما على الآخر ، والمعنى تعاقب الأيام والليالي. (راجع اللسان).

(٢) أدوار ، الفصيح أطوار. والله يقول : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً). معناه ضروبا وأحوالا مختلفة. (راجع اللسان).

٢١٣

العفونة والاستحالة ، ثم ساحت عليها النفس الأعلى ، وأفاضت عليها من أنوارها جزءا ، فحدثت التراكيب في هذا العالم ، وحدثت السماوات والأرض ، والمركبات من المعادن والنبات والحيوان ، والإنسان ووقعت في بلايا هذه التراكيب تارة سرورا ، وتارة غما ، وتارة فرحا ، وتارة ترحا ، وطورا سلامة وعافية ، وطورا بلية ومحنة حتى يظهر القائم ، ويردها إلى حال الكمال ، وتنحل التراكيب ، وتبطل المتضادات ، ويظهر الروحاني على الجسماني ، وما ذلك القائم إلا أحمد الكيال.

ثم دل على تعيين ذاته بأضعف ما يتصور ، وأوهى ما يقدر ، وهو أن اسم أحمد مطابق للعوالم الأربعة ، فالألف من اسمه في مقابلة النفس الأعلى ، والحاء في مقابلة النفس الناطقة ، والميم في مقابلة النفس الحيوانية ، والدال في مقابلة النفس الإنسانية ، قال : والعوالم الأربعة هي المبادئ والبسائط ، وأما مكان الأماكن فلا وجود فيه البتة.

ثم أثبت في مقابلة العوالم العلوية : العالم السفلي الجسماني ، قال : فالسماء خالية ، وهي في مقابلة مكان الأماكن ، ودونها الهواء ، ودونه الأرض ، ودونها الماء ، وهذه الأربعة في مقابلة العوالم الأربعة.

ثم قال : الإنسان في مقابلة النار ، والطائر في مقابلة الهواء ، والحيوان في مقابلة الأرض ، والحوت في مقابلة الماء وكذلك ما في معناه ، فجعل مركز الماء أسفل المراكز ، والحوت أخس المركبات.

ثم قابل العالم الإنساني الذي هو أحد الثلاثة ، وهو عالم الأنفس ، مع آفاق العالمين الأولين : الروحاني والجسماني ، قال : الحواس المركبة فيه خمس :

فالسمع في مقابلة مكان الأماكن ، إذ هو فارغ ، وفي مقابلة السماء.

والبصر في مقابلة النفس الأعلى من الروحاني ، وفي مقابلة النار من الجسماني ، وفيه إنسان العين لأن الإنسان مختص بالنار.

٢١٤

والشم في مقابلة الناطق من الروحاني ، والهواء من الجسماني. والحيوان مختص بالأرض ، والطعم بالحيوان.

واللمس في مقابلة الإنساني من الروحاني ، والماء من الجسماني ، والحوت مختص بالماء واللمس بالحوت ، وربما عبر عن اللمس بالكتابة.

ثم قال : أحمد ، هو ألف ، وحاء ، وميم ، ودال. وهو في مقابلة العالمين.

أما في مقابلة العالم العلوي الروحاني فقد ذكرناه.

وأما في مقابلة العالم السفلي الجسماني ؛ فالألف تدل على الإنسان ، والحاء تدل على الحيوان ، والميم على الطائر ، والدال على الحوت ، فالألف من حيث استقامة القامة كالإنسان ، والحاء كالحيوان لأنه معوج منكوس ، ولأن الحيوان من ابتداء اسم الحيوان ، والميم تشبه رأس الطائر ، والدال تشبه ذنب الحوت.

ثم قال : إن الباري تعالى إنما خلق الإنسان على شكل اسم أحمد ، فالقامة : مثل الألف ، واليدان مثل الحاء ، والبطن مثل الميم ، والرجلان مثل الدال.

ثم من العجب أنه قال : إن الأنبياء هم قادة أهل التقليد ، وأهل التقليد عميان ، والقائم قائد أهل البصيرة ، وأهل البصيرة أولو الألباب ، وإنما يحصلون البصائر بمقابلة الآفاق والأنفس.

والمقابلة كما سمعتها من أخس المقالات ، وأوهى المقابلات ، بحيث لا يستجيز عاقل أن يسمعها فكيف يرضى أن يعتقدها؟!.

وأعجب من هذا كله تأويلاته الفاسدة ، ومقابلاته بين الفرائض الشرعية والأحكام الدينية. وبين موجودات عالمي الآفاق والأنفس وادعاؤه أنه متفرد بها ، وكيف يصح له ذلك؟ وقد سبقه كثير من أهل العلم بتقرير ذلك ، لا على الوجه المزيف الذي قرره الكيال ، وحمله الميزان على العالمين ، والصراط على نفسه ، والجنة على الوصول إلى علمه من البصائر ، والنار على الوصول إلى ما يضاده؟!.

٢١٥

ولما كانت أصول علمه ما ذكرناه ، فانظر كيف يكون حال الفروع؟!.

(ح) الهشاميّة (١) : أصحاب الهشامين : هشام (٢) بن الحكم صاحب المقالة في التشبيه ، وهشام (٣) بن سالم الجواليقي الذي نسج على منواله في التشبيه.

وكان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة ، وجرت بينه وبين أبي الهذيل مناظرات في علم الكلام ، منها في التشبيه ، ومنها في تعلق علم الباري تعالى.

حكى ابن الراوندي عن هشام أنه قال : إن بين معبوده وبين الأجسام تشابها ما ، بوجه من الوجوه ، ولو لا ذلك لما دلت عليه.

وحكى الكعبي عنه أنه قال : هو جسم ذو أبعاض ، له قدر من الأقدار ولكن لا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبهه شيء.

ونقل عنه أنه قال : هو سبعة أشبار بشبر نفسه ، وأنه في مكان مخصوص ، وجهة مخصوصة ، وأنه يتحرك ، وحركته فعله ، وليست من مكان إلى مكان.

وقال : هو متناه بالذات ، غير متناه بالقدر. وحكى عنه أبو عيسى الوراق (٤) أنه قال : إن الله تعالى مماس لعرشه ، لا يفضل منه شيء عن العرش ، ولا يفضل من العرش شيء عنه.

__________________

(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٦٥ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٠٢ وما بعدها والتبصير ص ٢٣).

(٢) هو أبو محمد : متكلم مناظر كان شيخ الإمامية في وقته. صنف كتبا منها «الإمامة» و «القدر» توفي نحو سنة ١٩٠ ه‍ / نحو ٨٠٥ م. (راجع منهج المقال ص ٣٥٩ وسفينة البحار ٢ : ٧١٩).

(٣) هو مولى بشر بن مروان كنيته أبو محمد وأبو الحكم كان من سبي الجوزجان روى عن الإمامين أبي عبد الله وأبي الحسن وهو من شيوخ الرافضة. (راجع فهرست الطوسي ص ١٧٤ وابن النديم ص ٢٠٥ والانتصار ص ٦).

(٤) هو محمد بن هارون الوراق أبو عيسى. له تصانيف على مذهب المعتزلة وكان من نظاريهم ثم خلط وقال بالمنانية ونصر الثنوية ووضع لها الكتب يقوي مذهبها ويؤكد قولها. نفته المعتزلة وطردته عنها. توفي سنة ٢٤٧ ه‍. (لسان الميزان ٥ : ٤١٢ والانتصار ص ١٤٩ وما بعدها).

٢١٦

ومن مذهب هشام أنه قال : لم يزل الباري تعالى عالما بنفسه ، ويعلم الأشياء بعد كونها بعلم ، لا يقال فيه إنه محدث ، أو قديم ، لأنه صفة ، والصفة لا توصف. ولا يقال فيه : هو هو ، أو غيره أو بعضه.

وليس قوله في القدرة والحياة كقوله في العلم ، إلا أنه لا يقول بحدوثهما. قال : ويريد الأشياء ، وإرادته حركة ليست هي عين الله ، ولا هي غيره.

وقال في كلام الباري تعالى : إنه صفة للباري تعالى ولا يجوز أن يقال هو مخلوق أو غير مخلوق.

وقال : الأعراض لا تصلح أن تكون دلالة على الله تعالى ، لأن منها ما يثبت استدلالا ، وما يستدل به على الباري تعالى يجب أن يكون ضروري الوجود لا استدلالا ، وقال : الاستطاعة كل ما لا يكون الفعل إلا به كالآلات ، والجوارح ، والوقت ، والمكان.

وقال هشام بن سالم إنه تعالى على صورة إنسان ، أعلاه مجوف ، وأسفله مصمت. وهو نور ساطع يتلألأ ، وله حواس خمس ، ويد ، ورجل ، وأنف ، وأذن ، وفم ، وله وفرة (١) سوداء ، هي نور أسود ، لكنه ليس بلحم ولا دم. وقال هشام بن سالم : الاستطاعة بعض المستطيع ، وقد نقل عنه أنه أجاز المعصية على الأنبياء مع قوله بعصمة (٢) الأئمة ، ويفرق بينهما بأن النبي يوحى إليه فينبه على وجه الخطأ فيتوب عنه. والإمام لا يوحى إليه فتجب عصمته.

وغلا هشام بن الحكم في حق علي رضي الله عنه حتى قال : إنه إله واجب الطاعة ، وهذا هشام بن الحكم صاحب غور (٣) في الأصول ، لا يجوز أن يغفل عن

__________________

(١) الوفرة : الشعر المجتمع على الرأس وقيل ما سال على الأذنين من الشعر. (راجع اللسان مادة وفر).

(٢) راجع أصول الدين ص ٢٧٧.

(٣) أي متعمق النظر فيها.

٢١٧

إلزاماته على المعتزلة ، فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ، ودون ما يظهره من التشبيه ، وذلك أنه ألزم العلاف فقال : إنك تقول : الباري تعالى عالم بعلم ، وعلمه ذاته ، فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ، ويباينها في أن علمه ذاته ، فيكون عالما لا كالعالمين ، فلم لا تقول : إنه جسم لا كالأجسام ، وصورة لا كالصور ، وله قدر لا كالأقدار ، إلى غير ذلك؟

ووافقه زرارة (١) بن أعين في حدوث علم الله تعالى ، وزاد عليه بحدوث قدرته ، وحياته ، وسائر صفاته ، وأنه لم يكن قبل حدوث هذه الصفات : عالما ، ولا قادرا ، ولا حيا ، ولا سميعا ، ولا بصيرا ، ولا مريدا ، ولا متكلما.

وكان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ، فلما فاوضه في مسائل ، ولم يجده بها مليا رجع إلى موسى بن جعفر ، وقيل أيضا إنه لم يقل بإمامته إلا أنه أشار إلى المصحف وقال : هذا إمامي ، وإنه كان قد التوى على عبد الله بن جعفر بعض الالتواء.

وحكى عن الزرارية (٢) أن المعرفة ضرورية. وأنه لا يسع جهل الأئمة. فإن معارفهم كلها فطرية ضرورية. وكل ما يعرفه غيرهم بالنظر فهو عندهم أوّليّ ضروري وفطرياتهم لا يدركها غيرهم.

(ط) النّعمانية (٣) أو الشيطانيّة : أصحاب محمد (٤) بن النعمان أبي جعفر الأحول ، الملقب بشيطان الطاق. وهم الشيطانية أيضا.

__________________

(١) هو زرارة بن أعين الشيباني بالولاء أبو الحسن : رأس الفرقة «الزرارية» من غلاة الشيعة ونسبتها إليه. كان متكلما شاعرا ، له علم بالأدب. وهو من أهل الكوفة قيل : اسمه «عبد ربه» وزرارة لقبه. من كتبه «الاستطاعة والجبر». (راجع نهاية الأرب ص ٢٢٤ والمحبر ص ٢٤٧).

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٧٠ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٠٠ والتبصير ص ٢٤ وفهرست ابن النديم ومنهاج السنة لابن تيمية ١ : ٢٩٨ ط بولاق).

(٣) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٧١ وسماها الشيطانية ومقالات الإسلاميين ١ : ١٠٧ والتبصير ص ٢٤).

(٤) نسب إلى سوق في طاق المحامل بالكوفة. كان يجلس للصرف بها. ولما بلغ هشام بن الحكم شيخ الرافضة أنهم لقّبوه شيطان الطاق سماه هو ، مؤمن الطاق ، ودرجت على ذلك الشيعة. له مع أبي حنيفة مناظرات. كان شاعرا لكنه اشتغل بالكلام عن الشعر. له كتب. (راجع لسان الميزان ٥ : ٣٠٠ وفهرست الطوسي ص ١٣١).

٢١٨

والشيعة تقول : هو مؤمن الطاق.

وهو تلميذ الباقر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم. وأفضى إليه أسرارا من أحواله وعلومه ، وما يحكى عنه من التشبيه فهو غير صحيح.

قيل : وافق هشام بن الحكم في أن الله تعالى لا يعلم شيئا حتى يكون.

[قال شيطان الطاق وكثير من الروافض إن الله عالم في نفسه ليس بجاهل ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها ، فأما من قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها. لا لأنه ليس بعالم ، ولكن الشيء لا يكون شيئا حتى يقدره وينشئه بالتقدير] (١) والتقدير عند الإرادة ، والإرادة فعله تعالى.

وقال إن الله تعالى نور على صورة إنسان رباني ، ونفى أن يكون جسما لكنه قال : قد ورد في الخبر «إنّ الله خلق آدم على صورته» و «على صورة الرّحمن» ، فلا بد من تصديق الخبر. ويحكى عن مقاتل بن سليمان مثل مقالته في الصورة ، وكذلك يحكى عن داود الجواربي ، ونعيم بن حماد المصري وغيرهما من أصحاب الحديث أنه تعالى ذو صورة وأعضاء.

ويحكى عن داود أنه قال : اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك ؛ فإن في الأخبار ما يثبت ذلك.

وقد صنف ابن النعمان كتبا جمة للشيعة منها : لم فعلت؟ ومنها : افعل ، لا تفعل (٢) ؛ ويذكر فيها أن كبار الفرق أربعة : الفرقة الأولى عنده : القدرية ، الفرقة الثانية عنده : الخوارج. الفرقة الثالثة عنده : العامة. الفرقة الرابعة عنده : الشيعة.

ثم عين الشيعة بالنجاة في الآخرة من هذه الفرق.

__________________

(١) ما بين القوسين نقلناه عن «مقالات الإسلاميين» لأبي الحسن الأشعري ٢ : ٤٩٣ تحقيق ريتر ط استامبول سنة ١٩٣٠ وبه يستقيم المعنى.

(٢) منها كتاب الردّ على المعتزلة في إمامة المفصول ، وكتاب الجمل في أمر طلحة والزبير ، وكتاب إثبات الوصية. (راجع فهرست الطوسي ص ١٣٢).

٢١٩

وذكر عن هشام بن سالم ، ومحمد بن النعمان أنهما أمسكا عن الكلام في الله ، ورويا عمن يوجبان تصديقه أنه سئل عن قول الله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (١) قال : إذا بلغ الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا ، فأمسكا عن القول في الله ، والتفكر فيه حتى ماتا ، هذا نقل الوراق.

ومن جملة الشيعة :

(ي) اليونسيّة (٢) : أصحاب يونس (٣) بن عبد الرحمن القمّي مولى آل يقطين. زعم أن الملائكة تحمل العرش ، والعرش يحمل الرب تعالى ، إذ قد ورد في الخبر : أن الملائكة تئط أحيانا من وطأة عظمة الله تعالى على العرش.

وهو من مشبهة الشيعة ، وقد صنف لهم كتبا في ذلك.

(ك) النّصيريّة (٤) ، والإسحاقيّة (٥) : من جملة غلاة الشيعة. ولهم جماعة

__________________

(١) سورة النجم : الآية ٤٢.

(٢) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٧٠ ومقالات الإسلاميين ١ : ١٠٦ والتبصير ص ٢٤).

(٣) هو يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين ، أبو محمد : فقيه إمامي عراقي ، من أصحاب موسى بن جعفر. كان علي بن موسى (الرضا) يشبهه بسلمان الفارسي. ولد أيام هشام بن عبد الملك. له نحو ثلاثين كتابا منها : الدلالة على الخير ، والشرائع ، وجوامع الآثار ، والردّ على الغلاة ... توفي سنة ٢٠٨ ه‍ / ٨٢٣ م. (راجع منه. ج المقال ص ٣٧٧ وفهرست الطوسي ص ١٨١).

(٤) تكلم النوبختي في كتابه فرق الشيعة عن فرقة من غلاة الشيعة تنتسب إلى محمد بن نصير النميري فقال في ص ٧٨ : «وقد شذّت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد في حياته فقالت بنبوة رجل يقال له محمد بن نصير النميري ، وكان يدعي أنه نبي بعثه أبو الحسن العسكري. وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية ويقول بالإباحة للمحارم ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم ويزعم أن ذلك من التواضع والتذلل وأنه من الشهوات والطيبات وأن الله عزوجل لم يحرم شيئا من ذلك. وكان يقوي أسباب هذا النميري محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات». (راجع شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٣٠٩ وتعريفات ص ١٦٣).

(٥) هي التي أحدثها إسحاق بن زيد بن الحارث وكان من أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان يقول بالإباحة وإسقاط التكليف ويثبت لعلي شركة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم صارت الإسحاقية مثل النصيرية فقالوا إن الله حلّ في عليّ. (راجع ابن أبي الحديد ٢ : ٣٠٩ وتعريفات ص ١٧).

٢٢٠